بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:
(المتن)
قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:
الْإِقْرَار المعتبر فِي الزِّنَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» أَيْ انْتَقَلَ مِنْ النَّاحِيَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَجْهَهُ «فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْت؟» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ تَزَوَّجْت «قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْحَدِيثُ اشْتَمَلَ عَلَى مَسَائِلَ:
الْأُولَى: أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ إقْرَارٌ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى أَرْبَعًا أَوْ لَا؛ ذَهَبَ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ وَهُمْ الْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُد وَآخَرُونَ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي سَائِرِ الْأَقَارِيرِ كَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ، وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُنَيْسٍ: «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ تَكْرَارَ الِاعْتِرَافِ فَلَوْ كَانَ شَرْطًا مُعْتَبَرًا لَذَكَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ وَلَا يُؤَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى أَرْبَعُ مَرَّاتٍ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ مَاعِزٍ هَذَا.
(الشرح)
قياسًا أيضًا عَلَى الشهود, كما أَنَّه يقام الحد بشهادة أربعة شهود, فكذلك الاعتراف لابد فيهِ من الإقرار أربع مرات قياسًا عليه.
(المتن)
وَأُجِيبَ عَنْهُمْ بِأَنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ هَذَا اضْطَرَبَتْ فِيهِ الرِّوَايَاتُ فِي عَدَدِ الْإِقْرَارَاتِ فَجَاءَ فِيهَا أَرْبَعُ مَرَّاتٍ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْد مُسْلِمٍ، وَوَقَعَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ عِنْدَهُ أَيْضًا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى فَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
(الشرح)
المقصود أَنَّه قَالَ: هذا اضطراب, مرة كذا ومرة كذا.
(المتن)
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «قَدْ شَهِدْت عَلَى نَفْسِك أَرْبَعَ مَرَّاتٍ» حِكَايَةٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ فَالْمَفْهُومُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَمَا كَانَ ذَلِكَ إلَّا زِيَادَةً فِي الِاسْتِثْبَاتِ وَالتَّبَيُّنِ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ هُوَ شَارِبُ خَمْرٍ وَأَمَرَ مَنْ يَشُمَّ رَائِحَتَهُ وَجَعَلَ يَسْتَفْسِرُهُ عَنْ الزِّنَى كَمَا سَيَأْتِي بِأَلْفَاظٍ عَدِيدَةٍ كُلُّ ذَلِكَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ الَّتِي عُرِضَتْ فِي أَمْرِهِ، وَلِأَنَّهَا قَالَتْ الْجُهَنِيَّةُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْت مَاعِزًا فَعُلِمَ أَنَّ التَّرْدِيدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِقْرَارِ.
وَبَعْدُ فَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا اضْطِرَابَ وَأَنَّهُ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَهَذَا فِعْلٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا طَلَبِهِ لِتَكْرَارِ إقْرَارِهِ، بَلْ فَعَلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ لَا عَلَى شَرْطِيَّتِهِ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى أَرْبَعَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ وَاضِحُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي الْمَالِ عَدْلَانِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ يَكْفِي مَرَّةً وَاحِدَةً اتِّفَاقًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: دَلَّتْ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِفْصَالِ عَنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَجِبُ مَعَهَا الْحَدُّ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، فَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ: «أَشَرِبْت خَمْرًا؟ قَالَ: لَا، وَأَنَّهُ قَامَ رَجُلٌ يَسْتَنْكِهُهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ رِيحًا».
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت» وَفِي رِوَايَةٍ: «هَلْ ضَاجَعْتهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ بَاشَرْتهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: هَلْ جَامَعْتهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنِكْتَهَا؟» لَا يُكَنِّي, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنِكْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: دَخَلَ ذَلِكَ مِنْك فِي ذَلِكَ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: تَدْرِي مَا الزِّنَى؟ قَالَ: نَعَمْ أَتَيْت مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ حَلَالًا, قَالَ: فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ قَالَ: تُطَهِّرُنِي، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» فَدَلَّ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِفْصَالِ وَالتَّبَيُّنُ، وَأَنَّهُ يُنْدَبُ تَلْقِينُ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ، وَأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمُوَاقَعَةِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تَلْقِينُ الْمُقِرِّ كَمَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ شُرَاحَةَ فَإِنَّهُ قَالَ لَهَا عَلِيٌّ: «اُسْتُكْرِهْت؟ قَالَتْ: لَا, قَالَ: فَلَعَلَّ رَجُلًا أَتَاك فِي نَوْمِك؟» الْحَدِيثَ, وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُلَقَّنُ مَنْ اُشْتُهِرَ بِانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ.
وَفِي قَوْلِهِ: «أَشَرِبْت خَمْرًا» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ، وَفِيهِ خِلَافٌ, وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ رَجْمِهِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَحَفَرَ لَهُ حَفِيرَةً وَفِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهَا لَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ "حَتَّى مَاتَ".
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي حِينَ أُخْبِرَ بِهَرَبِهِ: «هَلَّا رَدَدْتُمُوهُ إلَيَّ» وَفِي رِوَايَةٍ: «تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَأَخَذَ مِنْ هَذَا الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّهُ يَصِحُّ رُجُوعُ الْمُقِرِّ عَنْ الْإِقْرَارِ فَإِذَا هَرَبَ تُرِكَ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّهُ يَتُوبُ» إشْكَالٌ لِأَنَّهُ مَا جَاءَ إلَّا تَائِبًا يَطْلُبُ تَطْهِيرَهُ مِنْ الذَّنْبِ؛ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ الْآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ فِيهَا».
(الشرح)
التوبة مطهر والحد مطهر, وهل الأفضل له أن يأتي ويعترف أو يتوب فيما بينه وبين الله؟ الأفضل: يتوب فيما بينه وبين الله ولا يأتي, والتوبة تطهر من الذنب, وإذا أُقيم عليه الحد فهو طهارة, الحد طهارة, كما في حديث عبادة لما ذكر البيعة فَقَالَ: «فمن وفى فأجره عَلَى الله ومن أتى من ذلك شَيْئًا فعوقب بِهِ في الدنيا فهو كفارةٌ له, ومن لم يفعل فأمره إِلَى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه» كما جاء في الحديث, المقصود: أن التوبة طهارة وحدها, والحد طهارة.
ولهذا فيهِ إشكال قوله: «ألا تركتموه يتوب لعل الله يتوب عليه» هو جاء تائبًا.
(المتن)
وَلَعَلَّهُ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ عَنْ إقْرَارِهِ وَيَتُوبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَغْفِرُ لَهُ أَوْ الْمُرَادَ يَتُوبُ عَنْ إكْذَابِهِ نَفْسَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: «فَأَمَرَ بِهِ فَرَجَمُوهُ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْضُرْ الرَّجْمَ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَرْجُمَ الْإِمَامُ فِيمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالْإِقْرَارِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادِي وَالْأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَغَى عَلَيْهَا وَلَدُهَا أَوْ كَانَ اعْتِرَافٌ فَالْإِمَامُ أَوَّلُ مَنْ يَرْجُمُ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَالشُّهُودُ أَوَّلُ مَنْ يَرْجُمُ».
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت» بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ فَزَايٍ، فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ فُسِّرَ الْغَمْزُ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِالْإِشَارَةِ كَالرَّمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا الْجَسُّ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوْ لَمَسْت عِوَضًا عَنْهُ, «أَوْ نَظَرْت قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, وَالْمُرَادُ اسْتِفْهَامُهُ هَلْ هُوَ أَطْلَقَ لَفْظَ الزِّنَى عَلَى أَيِّ هَذِهِ مَجَازًا وَذَلِكَ كَمَا جَاءَ: «الْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ» وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى التَّثَبُّتِ وَتَلْقِينِ الْمُسْقِطِ لِلْحَدِّ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الزِّنَى بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ.
(الشرح)
عَلَى كل حال: إذا لم يثبت عليه الحد فَإِنَّهُ يُعزر, ليس المراد أَنَّه إذا وُجد رجل مع امرأة أنه يُترك لا, يُعزر, إذا وُجد معها في مكان يُعزر بالسجن والجلد, ويجتهد الحاكم الشرعي في تحديد الجلدات الَّتِي يُجلدها, وفي تحديد السجن, وَلَكِن إقامة الحد وهو الرجم هذا لا يقام إِلَّا بثبوت وإقرار بالشهود.
فإن قيل: لو وُجد حمل؟.
الحمل سيأتي إذا وُجدت امرأة حامل وليس لديها زوج هذا دليل عَلَى الزنا.