الشرح
أما بعد : فهذا المبحث مبحث أهل الكبائر ما حكمهم والكبائر جمع كبيرة ما حكم أهل الكبائر من فعل كبيرة من أهل الإيمان يقول المؤلف رحمه الله وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل لا نكفر أهل القبلة بذنوبهم ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل الكبائر جمع كبيرة وأصح ما قيل في تعريف الكبيرة أنها كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة واختلف العلماء في حد الكبيرة منهم من قال هي سبع ومنهم من قال سبع عشرة ومنهم من قال هي للسبعين أقرب ومنهم من قال كل ما نهى الله عنه ومنهم من قال هي ذهاب الأبناء والأولاد وأصح ما قيل في تعريف الكبيرة هو أن الكبيرة هي كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة من نار أو اللعنة أو الغضب كل حد ما ترتب عليه حد في الدنيا مثل السرقة فيها قطع اليد إذا كبيرة ومثل شرب الخمر فيه الجلد حد حده الجلد والقذف حده الجلد كبيرة هذا ترتب حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة في النار أو اللعنة أو الغضب كالقتل توعد الله به النار وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِیمࣰا هذا القتل من كبائر الذنوب وكذلك أكل مال اليتيم توعد الله عليه بالنار إِنَّ ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ أَمۡوَ ٰلَ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ نَارࣰاۖ وَسَیَصۡلَوۡنَ سَعِیرࣰا وألحق بعضهم ما نفي عن صاحبه الإيمان كحديث مثل حديث : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه أو قال فيه النبي ﷺ ليس منا كقوله عليه الصلاة والسلام: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية من حمل علينا السلاح ليس منا من غش فليس منا يقول حمل السلاح والغش وضرب الخدود وشق الجيوب من الكبائر أو بريء منه النبي ﷺ كحديث بريء النبي ﷺ من الصالقة والحالقة والشاقة فالصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة هذه هي الكبيرة ما ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو لعنة أو غضب أو نفي عن صاحبه الإيمان أو قال فيه النبي ﷺ ليس منا أو تبرأ منه النبي ﷺ ما حكم من فعل الكبيرة وهو من أهل الإيمان مؤمن موحد لكنه فعل كبيرة عقيدة أهل السنة والجماعة كما قال المؤلف رحمه الله أنهم لا يكفرون أهل القبلة بذنب والمراد بأهل القبلة من اتجه إلى القبلة في الصلاة والذكر والذبح والتزم بأحكام الإسلام هذا يقال لهم أهل القبلة المسلم الذي التزم بأحكام الإسلام واتجه إلى القبلة في الصلاة والذكر والذبح إذا كان من أهل القبلة لا نكفره لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ولو كان كبيرا ما لم يستحله إلا إذا استحله ورأى أنه حلال مثل من استحل الخمر قال الخمر حلال الخمر كبيرة من كبائر الذنوب شرب الخمر فإذا استحله واعتقد أنه حلال كفر لأنه استحل أمر معلوم من الدين بالضرورة أو استحل الربا أو استحل عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم أو رأى أن الحكم بغير ما أنزل الله حلال كالحكم بالقوانين الوضعية ففي هذه الحال يكفر وإلا فإنه لا يكفر ولكنه يكون عند أهل السنة والجماعة ضعيف الإيمان ناقص الإيمان وهو في الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له بذنوبه وتوحيده وإيمانه وإسلامه وأدخله الجنة من أول وهلة وإن شاء سبحانه عذبه على قدر جرائمه ثم يخرج منها يخرج من النار بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين فأهل الكبائر عند أهل السنة والجماعة ناقصو الإيمان صاحب الكبيرة ناقص الإيمان وضعيف الإيمان فلا يثبت له الإيمان المطلق ولا ينفى عنه مطلق الإيمان بل لابد من التقييد في النفي والإثبات فيقال لصاحب الكبيرة الزاني والسارق وشارب الخمر يقال أنه مسلم لكن لا يقال أنه مؤمن بإطلاق بل يقال مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو مؤمن عاصي أو مؤمن ناقص الإيمان وكذلك لا ينفى عنه الإيمان فلا يقال ليس بمؤمن بل لا بد من القيد بل يقال ليس بمؤمن حقا ليس بصادق الإيمان فصاحب الكبيرة يسمى مسلما ولا يسمى مؤمنا عند أهل السنة والجماعة يسمى مسلما ولا يسمى مؤمنا بإطلاق إنما يطلق اسم الإيمان على المؤمن الذي أدى الواجبات وترك المحرمات يقال هذا مؤمن كما قال الله تعالى في المؤمنين إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِیَتۡ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ هؤلاء هم المؤمنون حقا أدوا الواجبات وتركوا المحرمات قال سبحانه : إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ یَرۡتَابُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ هؤلاء هم الصادقون في إيمانهم فالمؤمن المستقيم على طاعة الله المنتهي عما حرم الله عليه هذا يسمى مؤمن بإطلاق يقال مسلم بإطلاق ويقال مؤمن بإطلاق أما المؤمن العاصي الذي ارتكب الكبيرة فعل الزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم أو تعامل بالربا ولم يتب فهذا لا يسمى مؤمن بإطلاق ولا يثبت له الإيمان بإطلاق ولا ينفى عنه الإيمان بإطلاق ولكن يثبت له الإسلام لأن الإسلام يطلق على العاصي يقال مسلم ولا يقال مؤمن بإطلاق فإذا قلت عند هل السنة والجماعة على العاصي والسارق هو مؤمن تكون قد غلطت أخطأت وإذا قلت ليس بمؤمن أخطأت إذا ماذا أقول قيد في الإثبات وفي النفي في الإثبات تقول مؤمن ناقص الإيمان أو ضعيف الإيمان أو مؤمن عاصي أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وفي النفي قيد أيضا لا تقل ليس بمؤمن بل تقول ليس بمؤمن حقا ليس بصادق الإيمان هذا في الدنيا وأما في الآخرة حكمه هذا يعني أهل الكبائر هذا في حكم مرتكب الكبيرة إذا لم يتب إذا لم يتب أما من تاب, تاب الله عليه من تاب توبة نصوح تاب الله عليه لكن إذا لم يتب هذا حكمه في الدنيا ويقام عليه الحد إذا كانت الكبيرة التي فعلها وثبت عليه ثبت عليه فعل الكبيرة يقام عليه الحد الزاني يجلد أو يرجم وشارب الخمر يجلد والقاذف يجلد والقاتل يقتل وأما في الآخرة فهو تحت مشيئة الله قد يعذب قد تصيبه قد يعذب في القبر كما في قصة الرجلين في حديث ابن عباس أنه قال أن النبي ﷺ مر بقبرين فقال : إنههما ليعذبان وما يعذبان في كبيرة أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة وشقها نصفين وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا وقد تصيبه أهوال وشدائد في موقف القيامة وقد يستحق دخول النار ثم يشفع فيه فلا يدخل وقد يدخل النار ثم يعذب بقدر جرائمه ومعاصيه وقد يغفر الله له كما قال تعالى : إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَغۡفِرُ أَن یُشۡرَكَ بِهِۦ وَیَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَ ٰلِكَ لِمَن یَشَاۤءُۚ وقد يغفر الله له فلا يعذبه يغفر له بتوحيده وإسلامه وقد يعذب مدة ثم يشفع فيه الأنبياء أو الرسول ﷺ أو الأفراد فيشفعهم الله فيخرج من النار وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة ويخرجهم رب العالمين برحمته ثبت أن نبينا ﷺ يشفع أربع شفاعات أربع مرات في كل مرة يحد الله له حدا يخرجه من النار وهم العصاة عصاة الموحدين أهل الكبائر هذا مات يكون على غيبة من غير توبة هذا مات على النميمة هذا مات على عقوق الوالدين هذا مات على قطيعة الرجم هذا مات على التعامل بالربا هذا مات على الزنا من غير توبة هذا مات على السرقة هذا مات على النياحة من غير توبة وبعض العصاة يطول مكثه في النار بسبب كثرة جرائمه ومعاصيه أو بسبب غلظها وفحشها ولكن في النهاية لا بد أن يخرج ولا يبقى في النار لا بد أن يخرج من النار بإيمانه وتوحيده وإسلامه ولا يبقى في النار إلا الكفرة هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في الدنيا حكمه يقام عليه الحد إن كان عليه حد ولا يكفر لا يكفره أهل السنة والجماعة لا يقولون كافرا لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله إلا إذا استحله إذا استحله واعتقد أنه حلال كفر لأنه يكون مكذب لله قال الزنا حلال اعتقد أن الزنا حلال والله تعالى يقول : وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَسَاۤءَ سَبِیلࣰا إذا اعتقد حله معناه كذب الله ومن كذب الله كفر قال الزنا حلال أو الربا حلال أو عقوق الوالدين حلال كفر وإلا فإنه يكون مؤمن عاصي ناقص الإيمان ضعيف الإيمان في الدنيا وعليه الوعيد في الآخرة قد يعفى عنه وقد يعذب ولكن لا يمكن يبقى في النار مستمر لا بد أن يخرج العصاة الموحدين بالتوحيد والإيمان والمراد من مات على التوحيد الخالص لم يقع في عمله شرك أكبر ولا كفر أكبر ولا نفاق أكبر ولا ظلم أكبر ولا فسق أكبر وإنما مات على كبيرة دون الشرك من غير توبة وفي الآخرة تحت مشيئة الله أما أهل البدع فإن عقيدتهم في أهل الكبائر على طرفي نقيض الخوارج والمعتزلة على طرف و المرجئة على طرف فالخوارج يرون أن مرتكب الكبيرة كافر حلال الدم والمال يكفرونه ويستحلون دمه وماله لأنهم أخذوا النصوص التي جاءت في الكفار فوضعوها على العصاة وكفروهم فقالوا أن العاصي الزاني كافر والسارق كافر وشارب الخمر كافر وهو مخلد في النار وأنكروا الشفاعة نصوص الشفاعة مع أن نصوص الشفاعة فيها الكبائر متواترة ومع ذلك أنكروها وقالوا يجب على الله أن يعذب مرتكب الكبيرة ويخلده في النار وقالوا إذا فعل الكبيرة خرج من الإيمان ودخل في الكفر الزاني عندهم كافر والسارق كافر وشارب الخمر كافر والمرابي كافر وهكذا جميع الكبائر يكفرون صاحبها ويخلدونهم في النار يرون أنه يخلد في النار كالكفار نعوذ بالله وقد يقولون أنهم في درجة دون درجة الكفار ولكن هو مخلد هو مخلد في النار والعياذ بالله شبهتهم أول شبهتهم نصوص الوعيد نصوص الوعيد النصوص التي ورد فيها الوعيد مرتكب الكبيرة مثل قوله تعالى : وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا قالوا هذا دليل على أن القاتل كافر ومخلد في النار ومثل قوله تعالى : إِنَّ ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ أَمۡوَ ٰلَ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ نَارࣰاۖ وَسَیَصۡلَوۡنَ سَعِیرࣰا من أكل مال اليتيم متوعد بالنار فهو كافر مخلد في النار وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن هذا من باب الوعيد يتوعد بالنار لكن لا يلزم من هذا أن يكون كافرا هو متوعد بالنار قد ينفذ فيه الوعيد وقد لا ينفذ فيه الوعيد الواحد بعينه لكن لا بد أن يدخل النار جملة من الكبائر لكن هذا الشخص بعينه لا نجزم بأنه معذب قد يعفو الله عنه قد يكون مثلا معذور بجهله قد يكون له حسنات ماحية تمحوا هذه الكبيرة قد يصاب بمصائب وأمراض ونكبات يكفر الله بها هذه الكبيرة الواحد بعينه ما نجزم بأنه معذب لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء كما أننا لا نجزم لا نجزم بأن كل بأن المؤمن بأن كل مؤمن بعينه لا نشهد للواحد بعينه من المؤمنين أنه في الجنة إلا من شهدت له النصوص أما فلان ابن فلان لا نشهد له بالجنة ولو كان مستقيما على طاعة الله ما نشهد ما ندري ما حاله الله أعلم الله هو الذي أعلم بالسرائر والظواهر فإذا رأينا الشخص مستقيما على طاعة الله نرجو له الخير ولا نجزم وإذا رأينا الشخص من أهل القبلة عاصي يفعل المعاصي والكبائر نخاف عليه من النار ولا نجزم بأنه يعذب في النار هذه عقيدة أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن ويخافون على المسيء الخوارج يكفرون صاحب الكبيرة ويخلدونه في النار يقولون خرج من الإيمان ودخل في الكفر والعياذ بالله والمعتزلة يوافقونهم في كونه مخلد في النار ولكنهم يخالفونهم في قولهم في قولهم في التكفير يقولون المعتزلة مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان لكنه لم يدخل في الكفر فصار في منزلة بين المنزلتين في منزلة بين الإيمان والكفر يسمى الفاسق لا مؤمن ولا كافر عند المعتزلة وفي الآخرة يوافقون الخوارج على أنه مخلد في النار ومن ثمرة الخلاف بينهما بين المعتزلة والخوارج في الدنيا أن الخوارج يكفرونه ويستحلون دمه وماله دمه حلال وماله حلال والمعتزلة لا يستحلون دمه وماله لأنه ما دخل في الكفر خرج من الإيمان لكنه لم يدخل في الكفر لكن في الآخرة يوافقون الخوارج في تخليده في النار وهذا مذهب باطل مذهب فاسد مصادم للنصوص والخوارج بدعهم أهل السنة والجماعة وضللوهم وصاحوا بهم وأنكر عليهم الصحابة وقاتلوهم لما استحلوا دماء المسلمين وقاتلوا الصحابة هذا مذهب فاسد مذهب باطل ويقال للخوارج لو كان مرتكب الكبيرة كافر لوجب قتله الزاني شارب الخمر يجلد ولا يقتل لو كان كافرا كما تقولون لوجب قتله لأن المرتد يقتل لقوله النبي ﷺ : من بدل دينه فاقتلوه ولو كان مرتكب الكبيرة كافر لما ورث من أقاربه المسلمين مرتكب الكبيرة يرث ويورث ولا ما ورثه المسلمون إذا مات مرتكب الكبيرة يرثه أبوه وجده ويرثه أبناؤه ويرثه إخوته إذا لم يكن له أبناء فلو كان كافرا لا يورث المسلم لا يرث الكافر, الطائفة الثانية المرجئة الذين يقولون أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان والمرجئة كما سبق طبقات في المرجئة المحضة الغلاة وهم الجهمية يرون أن الإيمان هو التصديق مجرد التصديق بالقلب مجرد معرفة الرب بالقلب ولو فعل جميع الكبائر والمنكرات لا يضر إيمانه بل هو مؤمن كامل الإيمان عكس الخوارج مؤمن كامل الإيمان ولو فعل جميع الكبائر والمنكرات بل حتى لو فعل عند الجهمية لو فعل أنواع الردة كلها ما دام أنه يعرف ربه بقلبه فهو مؤمن كامل الإيمان وأما في الآخرة فإن غلاتهم المرجئة يقابلون الخوارج فإذا كان الخوارج يقولون أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار لأنه خرج من الإيمان ليس عنده إيمان فخلد في النار فإن المرجئة يقولون الغلاة إن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ويدخل الجنة من أول وهلة يدخل الجنة فعلى طرفي نقيض على طرفي نقيض ما هي حجتهم وشبهتهم حجتهم وشبهتهم نصوص الوعد نصوص الوعد كحديث من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وحديث البطاقة قالوا هذا دليل على أنه إذا نطق بالشهادتين يكفي ويدخل الجنة من أول وهلة فالمرجئة حجتهم نصوص الوعد الذي فيه ترتيب الثواب على الموحد مثل حديث عثمان : فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله وفي من قال لا إله إلا الله خالصا وفي نص مخلصا وفي لفظ صادقا مثل من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه فالمرجئة استدلوا بنصوص الوعد نصوص الوعد الثواب على أن الكبائر وشعب الكفر لا تضر بالإيمان لا تؤثر فيه ما دام أنه مصدق فهو مؤمن كامل الإيمان ويدخل الجنة من أول وهلة والخوارج في الطرف الثاني يقولون إن مرتكب الكبيرة كافر يخرج من ملة الإسلام ويستحلون دمه وماله وهو مخلد في النار وحجتهم نصوص الوعيد نصوص الوعيد , وعيد العصاة في النار أو غيره فهما على طرفي نقيض الخوارج والمعتزلة يكفرونه ويخلدونهم في النار والمرجئة يقولون إنه مؤمن كامل الإيمان وهو في الجنة هؤلاء احتجوا بنصوص الوعيد وهؤلاء احتجوا بنصوص الوعد فهما أهل زيغ وضلال والقاعدة أن أهل الزيغ والضلال يأخذون ببعض النصوص ويتركون البعض الآخر فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد ولكنهم أغمضوا أعينهم عن نصوص الوعد والمرجئة أخذوا بنصوص الوعيد وأغمضوا أعينهم عن نصوص الوعد أخذوا ببعض النصوص وتركوا البعض الآخر وهذا علامة الزيغ علامة أهل الزيغ أنهم يأخذون بالمتشابه ويتركون المحكم وهو الذي قال الله تعالى : هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰتࣱ مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتࣱۖ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمۡ زَیۡغࣱ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَاۤءَ تَأۡوِیلِهِۦۖ وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّ ٰسِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ یَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلࣱّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( إن رسول الله ﷺ قال : إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم وهدى الله أهل السنة والجماعة إلى الحق فأخذوا فعملوا بنصوص الوعد وبنصوص الوعيد أخذوا نصوص الوعيد التي استدل بها الخوارج وصفعوا بها وجوه المرجئة فأبطلوا مذهبهم وأخذوا نصوص الوعد التي احتج بها المرجئة فصفعوا بها وجوه الخوارج والمعتزلة فأبطلوا مذهبهم فبطل مذهب الخوارج بطل مذهب الخوارج بأدلة المرجئة وبطل مذهب المرجئة بأدلة الخوارج وأخذ أهل السنة وعملوا بالنصوص من الجانبين أخذوا نصوص الوعد التي استدل بها الخوارج قال هذه حق وهى دليل على أن الكبيرة تضعف الإيمان وتنقصه وتؤثر فيه لكنه لا يكفر بدليل نصوص الوعد وأخذوا نصوص الوعد التي استدل بها المرجئة واستدلوا بها على أن الكبائر لا تقضي على الإيمان بالمرة ولا يكفر صاحبها ولكنها تؤثر في الإيمان بدليل نصوص الوعيد فخرج مذهب أهل السنة صافيا نقيا من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين . . نعم .
( المتن )
ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين
( الشرح )
المؤلف رحمه الله يقول المؤلفان يقولان وأهل الكبائر في مشيئة الله معنى في مشيئة الله أي تحت مشيئة الله لا نجزم بأنهم يعذبون لا ندري هذا إلى الله عز وجل والدليل على أنهم في مشيئة الله قوله تعالى : إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَغۡفِرُ أَن یُشۡرَكَ بِهِۦ وَیَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَ ٰلِكَ لِمَن یَشَاۤءُۚ والله تعالى خص وعلق خص الشرك بعدم المغفرة وعلق ما دونه أهل الكبائر إذا ماتوا من غير توبة محل نزاع إذا ماتوا من غير توبة أما من تاب’ تاب الله عليه من تاب تاب الله عليه والتوبة تجب ما قبلها لكن من مات بغير توبة ولقي الله بغير توبة هذا إلى الله منهم من يغفر الله له ومنهم من لا يغفر له منهم من يغفر له ومنهم من يعذب وهذا إلى الله عز وجل قد يغفر الله له بعض الكبائر بالتوحيد والإيمان والإسلام وقد يعذب وقد يسلم من العذاب بسبب يعذب في القبر فيسلم من عذاب الآخرة وقد تصيبه أهوال وشدائد وقد يعذب في النار ولكنه لا يخلد فيها ولهذا قال المؤلف رحمه الله وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم أهل القبلة كما سبق من صلى إلى القبلة واتجه إلى القبلة في الصلاة والتزم بأحكام الإسلام الظاهر ثم فعل كبيرة لا نكفره ما نقول أنه كافر ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل السريرة لا يعلم بها إلا الله عز وجل .. نعم .
( المتن )
ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان.
( الشرح )
يقول المؤلف رحمه الله ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان إننا نعتقد فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان وسواء كانوا أبرار أو فجارا يعني عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي وإقامة الحج والجهاد مع الإمام إمام المسلمين والخليفة ورئيس الدولة لا يجوز الخروج عليه بالمعاصي عند أهل السنة والجماعة بل يجب السمع والطاعة له في طاعة الله عز وجل وفي الأمور المباحة أما المعاصي فلا يطاع فيها أحد فأهل السنة والجماعة يرون أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمر بالمعاصي فإذا فعل ولي الأمر معصية أو كبيرة فلا يجوز الخروج عليه لإنكار هذه المعصية ولكن النصيحة تكون مبذولة من أهل الحل والعقد من أهل العلم والبصيرة يقدمون النصيحة بأسلوب مناسب لولاة الأمور فإن قبلوا فالحمد الله وإن لم يقبلوا فقد أدى الناس ما عليهم كما قال النبي ﷺ لما قال بين سيكون أمراء تعرفون وتنكرون قالوا يا رسول الله فما تأمرنا إن أدركنا ذلك قال أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم وقال للأنصار ستجدون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فمن عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي والكبائر والظلم بل الصبر بل الواجب الصبر يصبر واجب على الإنسان أن يصبر على جور الولاة وظلمهم ولا يجوز له الخروج عليهم لكن النصيحة مبذولة النصيحة مبذولة من قبل أهل الحل والعقد فإن قبلوا فالحمد الله وإن لم يقبلوا فقد أدى الإنسان ما عليه ولا يجوز الخروج على ولي الأمر لأن الخروج على ولي الأمر ومنابذته يؤدي إلى مفسدة أكبر يؤدي إلى مفاسد فإذا كان ولي الأمر فسق يعمل المعاصي يشرب الخمر أو ظلم بعض الناس أو قتل بعض الناس بغير حق أو سجن بعض الناس بغير حق أو أخذ ماله هذه معاصي معاصي و ظلم لكنها لا توجب كفره لا يكفر ولا يجوز الخروج عليه ولا ننزع اليد من طاعته بل إن الخروج عليه ونزع اليد من طاعته من كبائر الذنوب كبيرة من كبائر الذنوب كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال : من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية رواه الإمام مسلم في صحيحة إذا مات وقد خلع ولي الأمر ولم يكن في عنقه بيعة فميتته ميتة جاهلية وهذا وعيد شديد يدل على أنه مرتكب كبيرة من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبر فانه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية وذلك أن الخروج على ولي الأمر و على ولاة الأمور لإنكار المنكر يترتب عليه منكر أعظم يترتب عليه منكر أشد فأنت الآن تريد أن تنكر المنكر تريد أن تنكر المنكر على ولي الأمر تنكر عليه تنكر شرب الخمر أو تنكر ظلم بعض الناس أو وجود بعض المعاصي والمنكرات تنكر عليه بالخروج عليه إذا أنكرت عليه بالخروج عليه حصل مفسدة أكبر وهي أنه يحصل اختلال في الأمن وولي الأمر لا يترك من يخرج عليه لا بد أن يقاتله فيحصل إراقة الدماء واختلال الأمن وتربص الأعداء بدوائر المسلمين اختلال أحوال الناس المعيشية الاقتصاد والزراعة والتجارة والتعليم وإراقة الدماء ويحصل فتن تقضي على الأخضر واليابس لا أول لها ولا آخر هذه مفاسد أعظم أيهما أعظم وأشد مفسدة ظلم بعض الناس أو مثلا وجود بعض المعاصي أو مفسدة إراقة الدماء واختلال الأمن وتدخل الأعداء والدول الأجنبية و حصول الفوضى والاضطراب؟ أيها أشد مفسدة مفسدة الخروج أشد والقاعدة قاعدة الشريعة أنه إذا وجد مفسدتان لا يمكن درئهما معا فإننا نرتكب المفسدة الصغرى وتدفع بها الكبرى فعندنا الآن مفسدة صغرى ومفسدة كبرى ما نستطيع دفعهما المفسدة الصغرى الظلم أو الفسق من بعض الولاة قتل بعض الناس بغير حق أو ظلم بعض الناس أو حصول بعض المعاصي كالتبرج مثلا أو الربا أو غير ذلك هذه معاصي لكن في الخروج على ولاة الأمور يحصل مفسدة أكبر إراقة الدماء واختلال الأمن والفوضى والاضطراب والنهب والسلب فأيهما أعظم هذه مفسدة كبرى فلا ترتكب المفسدة الكبرى لأجل دفع الصغرى ولهذا توعد النبي ﷺ من خرج على ولاة الأمور بهذا الوعيد الشديد وأنه مرتكب الكبيرة قال من رأى من أميره شيء فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية فأنت تريد أن تنكر المنكر لكن لا تنكر المنكر بمنكر أشد إذا رأيت منكرا فإنك مأمور بأي شيء بإنكاره قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان لكن هذا المنكر الذي تريد أن تغيره له أحوال الحالة الأولى أن يزول هذا المنكر بدون منكر فهذا مطلوب أن تزيله بما تستطيع بيدك أو بلسانك الحالة الثانية أن يزول هذا المنكر لكن يحل محله منكر أشد منه فهذا لا تنكره الحالة الثالثة أن يزول المنكر لكن يحل محله منكر أخف فهذا تنكره الحالة الرابعة أن يزول هذا المنكر ويحل محله منكر مثله فهذا محل تأمل فالخروج على ولاة الأمور من أي الأنواع النوع الأول الخروج على ولاة الأمور بسبب المعاصي أو الظلم يترتب عليه منكر أشد وهو إراقة الدماء واختلال الأمن والفوضى والاضطراب فلا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي ولكن النصيحة تبذل بلغ أنت إذا كنت طالب علم أو تستطيع أن تنصح بالأسلوب المناسب وتبين لولاة الأمور كما قال بعض السلف لما قيل له بعض الصحابة قيل له لو كلمت أمير المؤمنين عثمان في عقبة بن الوليد بن معيط كان والي على الكوفة وكان يشرب الخمر فقال أترون أني لا أكلمه إلا وأنتم تسمعون أني أكلمه فيما بيني وبينه من غير أن أفتتح باب الشر أو كما قال فالنصيحة تكون لولاة الأمور سرا بالأسلوب المناسب وإذا كنت تستطيع بلغ أهل العلم أما الخروج والمنابذة والقتال هذا يترتب عليه فساد وشرور هذه عقيدة أهل السنة والجماعة لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي أبدا بل الصبر كما في الحديث : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية والنصيحة مبذولة وأنت عليك الصبر والتحمل وأهل السنة والجماعة يرون كما قال المؤلف يرون الحج والجهاد مع ولي الأمر برا كان أو فاجرا لأن الحج والجهاد فرضان يتعلقان بالسفر فلا بد من سائس يسوس فيهما فالحج يكون الإمام يقيم الحج الإمام ونائبه للناس ولو كان عنده بعض المعاصي ولو كان عنده بعض الفسق أهل السنة والجماعة يرون إقامة الحج مع ولي الأمر برا كان أو فاجرا وكذلك يرون الجهاد مع ولي الأمر إذا جاهد الكفار يقاتلون معه ولو كان عاصيا ولو كان عنده بعض المعاصي هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أما أهل البدع فإن الخوارج يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي لأن ولي الأمر إذا فعل كبيرة كفر عند الخوارج فيجب قتله وخلعه يجب خلعه من الإمامة وقتله وإزالته لأنه كافر هذا باطل هذا مذهب باطل مذهب فاسد مصادم للنصوص كما سمعتم من الحديث من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية وكذلك المعتزلة يرون الخروج على ولاة الأمر بالمعاصي لأن المعتزلة عندهم أصول الدين عندهم خمسة : التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل أصل من هذه الأصول بنوا تحته معنى فاسدا فالتوحيد ستروا تحته معنى فاسدا ستروا تحته القول بنفي الصفات والقول أن القرآن مخلوق وأن الله لا يرى في الآخرة هذا يسمون التوحيد عندهم والعدل التكذيب بالقدر والقول بأن الله لا يخلق المعاصي والمنزلة بين المنزلتين يقولون مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر وهو منزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد وهذا الأصل الرابع يقولون يجب على الله أن يعذب العاصي ولا يعفو عنه ويخلده في النار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستروا تحته الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي يسمونه النهي عن المنكر فإذا المعتزلة يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي لأنه أصل من أصولهم النهي عن المنكر وكذلك الرافضة الرافضة يرون الخروج على ولي الأمر بالمعاصي لأنهم يرون لأن الإمامة لا تكون إلا للإمام المعصوم الإمام الإمامة لا تكون إلا للإمام المعصوم وهل هناك أحد معصوم ما في أحد معصوم إلا الأنبياء فيما يبلغون عن الله معصومون عن الشرك والكبائر فهم يقولون الإمام ما في إلا معصوم الأئمة الاثني عشر الذين نص عليهم النبي ﷺ علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين إلى بقيتهم هؤلاء معصومين هؤلاء معصومون من الخطأ فإذا كان ولي الأمر غير هؤلاء الاثني عشر فأن إمامته باطلة عند الرافضة ويجب خلعه وقتله وإزالته من الإمامة لأن الإمامة لا تكون إلا للإمام المعصوم فإذا الخروج على ولاة الأمر بالمعاصي مذهب من مذهب أهل البدع مذهب الخوارج ومذهب المعتزلة ومذهب الرافضة يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي أما أهل السنة فلا يرون الخروج على الولاة بالمعاصي بل يرون الصبر على ولاة الأمور ولهذا إن أهل السنة يؤلفون في عندما يكتبون العقائد عقائدهم يقولون ولا نخرج على ولاة الأمور بمعصية ولا نخرج على الولاة بالسيف وندعوا لهم بالصلاح و المعافاة في كل عقيدة الطحاوي وغيره في كل العقائد كل كتب السنة هكذا يقولون لا نرى الخروج على ولاة أمرنا بالمعاصي وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة ويرون إقامة الحج والجهاد مع ولي الأمر حتى ولو كان فاجرا أو فاسقا الحج يحجون معه ويجاهدون معه وكذلك يصلون خلفه الجمعة والجماعة إذا كان يترتب على ذلك مفسدة أو لا يوجد في البلد جمعة أو عيد غيره وهو الإمام يصلون خلفه أما أهل البدع كما سمعتم ولهذا ينبغي للشباب الذين يكون عندهم تحمس في إزالة المنكرات ألا يكون عندهم اندفاع يؤدي بهم إلى عقيدة الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي وثم يؤدي بهم الحال إلى أن يستحلوا الدماء والأموال الخوارج كفروا أولا ثم استحلوا الدم والمال ثانيا فينشأ عن التكفير استحلال الدم ناشئ عن أي شيء سفك الدماء ناشئ عن التكفير كفروا أولا ثم سفكوا الدماء ثانيا نسأل الله السلامة والعافية كما فعل الخوارج في عهد الصحابة كفروا الصحابة وقتلوهم أراقوا دماءهم فقتلهم الصحابة كفروا علي ابن أبي طالب وهو مشهود له بالجنة من العشرة المبشرين بالجنة كفروا عثمان كفروا معاوية ابن أبي سفيان وغيرهم وهم أفضل الناس بعد الأنبياء بسبب العقيدة الخبيثة هذه العقيدة الخبيثة وهي التكفير بالمعاصي بسبب الشبهة التي حصلت لهم أخذوا النصوص التي وردت في الكفار فجعلوها في العصاة .. نعم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة كما قال المؤلف نقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان يعني أبرارا كانوا أو فجارا أهل السنة والجماعة يجاهدون مع ولي الأمر ويحجون معه ولو كان فاسقا ولو كان ظالما بل يصبرون على ظلمه وجوره مع بذل النصيحة من أهل الحل والعقد ولا نخرج على الأئمة كما يرى المعتزلة والأشاعرة والرافضة بل كما يرى الخوارج والمعتزلة والرافضة فإنهم يرون الخروج على الأئمة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله تعالى أمرنا يعني نسمع ونطيع له في طاعة الله يطاع ولاة الأمور بماذا يطاع ولاة الأمور في أمرين في طاعة الله وفي الأمور المباحة أما المعاصي فلا يطاع أحد فيها فإذا أمرك الأمير بمعصية قال اشرب الخمر لا تطيعه لقول النبي ﷺ : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقال إنما الطاعة في المعروف ولكن ليس معنى ذلك أنك تتمرد عليه وتخرج عليه لا لا تطيعه في المعاصي فقط لا تطيعه في المعصية لكن لا تنزع يدا من طاعة ولا تخرج عليه ولا تقاتله المعاصي لا تطيع أحد فيها المعاصي لا يطاع فيها أحد والدك أذا أمرك بمعصية وقال ائتني بكأس الخمر وقال اشتري دخان لا تطيعه ولو كان والدك ولكن ليس معنى ذلك أن تتمرد على والدك وتعقه وتؤذيه لأنه أمرك بمعصية لا بل تتلطف معه تقول له يا والدي لا يجوز أن أطيعك في هذا معصية ويحرم علي أطيعك ولا يمكن أن أشتري لك دخان هذا محرم وتطيعه فيما سوى ذلك كذلك الزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تطيعه والعبد إذا أمره سيده بمعصية ما يطيعه ما أحد يطاع بالمعاصي لقول النبي ﷺ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما الطاعة بالمعروف لكن عدم الطاعة في المعاصي ليس معناه الخروج, الخروج وتأنيب الناس لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة يترتب عليه منكر عظيم إراقة دماء انحلال الأمن فساد فلا ينكر المنكر بمنكر أعظم منه ومن الأمثلة ومن أمثلة ذلك أنه إذا ترتب على المنكر منكر اشد لا ينكر ما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال خرج الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية ومعه بعض تلاميذه وطلابه في وقت التتار التتار الذين هجموا على المسلمين وقتلوهم واستولوا على بغداد وكانت عاصمة الدولة الإسلامية في ذلك الوقت وحضارة العالم وأم الدنيا سلط عليهم هؤلاء التتار وسقطت الدولة العباسية وآخرهم المستعصم بالله وجاء هؤلاء التتار وقتلوا وأراقوا الدماء حتى أنه قتل في يوم واحد ما يقرب من مليون أو مليونين حتى صارت الجثث بعضها فوق بعض كالجبال والعياذ بالله وجعلوا ينتقلون من بلد إلى بلد يقتلون أهلها ثم يحرقونها خرج شيخ الإسلام ابن تيمية والتتار هم الآن يسيطرون هو وتلاميذ له فمروا بقوم من التتار يشربون الخمر فأراد بعض تلاميذ الشيخ أن ينكر عليهم فقال الشيخ لا, لا تنكر اتركهم يشربوا الخمر فقال لم فقال لأن هؤلاء يشتغلون بشرب الخمر فلو أنكرت عليهم لتفرغوا لقطع الرقاب وقطع الرؤوس وقتل الناس وهذا منكر أعظم أنت الآن تريد أن تنكر شرب الخمر ولكن يحصل منكر أشد وهو القتل أيهما أشد سفك الدم أو شرب الخمر شرب الخمر أسهل فقال الشيخ رحمه الله اتركهم يشتغلون بشرب الخمر عن قطع رقاب المسلمين وعن قتلهم فأنت إذا أنكرت المنكر تأتي بمنكر أعظم كذلك إذا أنكرت على ولي الأمر بالخروج عليه ترتب منكر أكبر وأعظم ولهذا قال المؤلف رحمه الله ولا نخرج على الأئمة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا كذلك أمير السرية إذا أمر وأمر بمعصية فلا يطاع ثبت في الصحيح في صحيح البخاري أن النبي ﷺ أمر رجلا على سرية وأمير السرية يجب أن يطيعوه فلما كان في أثناء السفر غضب عليهم أمير السرية فقال لهم ألم يأمركم رسول الله بطاعتي قالوا بلى قال اسمعوا وأطيعوا لأمير السرية قال اجمعوا لي حطبا فجمعوا حطبا فقال أججوها نارا فأججوها نارا فقال ادخلوا فيها ادخلوا في النار فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا إنما جئنا للنبي وأسلمنا فرارا من النار كيف ندخل في النار فتركوه حتى سكن غضبه فلما جاءوا إلى النبي ﷺ قالوا يا رسول الله أخبروه بالخبر فقال لو دخلوا فيها ما خرجوا منها إنما الطاعة بالمعروف هذا فيه وعيد شديد لو دخلوا في النار ظاهره وعيد شديد يعني استمر بهم استمرت النار اتصل عذاب الآخرة بعذاب الدنيا لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف هذا أمير السرية أمرهم بمنكر قال ادخلوا النار أحرقوا أنفسكم بالنار هذا منكر قال لو دخلوا في النار إن ما الطاعة بالمعروف في الحديث الآخر: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق المعاصي لا يطاع فيها أحد ولهذا قال المؤلف ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا نسمع ونطيع في طاعة الله وفي الأمور المباحة أما المعاصي فلا, فلا يطاع ولا ننزع يد من طاعة لا نخرج عليه نزع اليد من طاعة هو الخروج الخروج عليه وقتاله ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة هذي عقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السنة ولزوم الجماعة لزوم جماعة المسلمين وإمامه كما في حديث حذيفة لما قال له أنه سأله قال كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني ولما ذكر له في آخر الحديث الدعاة على أبواب جهنم قال ما تأمرني إذا أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم الزم الجماعة لزوم الجماعة والسنة والعمل بالسنة ولزوم الجماعة إذا وجد للمسلم جماعة ولهم إمام يلزم الجماعة يكون معهم ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة يعني تجتن الشذوذ لا تكن شاذا عن الجماعة ولا مخالفا ولا تفرق المسلمين اجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة فالخروج على ولاة الأمور شذوذ والخلاف يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والشر والفساد فاجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة في الحديث الآخر عليكم بالجماعة إنما يأكل الذئب من الغنم القاصي فلا تكن شاذا ولا تكن مخالفا للجماعة فتخرج على ولاة الأمور اجتنب الشذوذ واجتنب الخلاف واجتنب الفرقة واتبع السنة والجماعة فيد الله مع الجماعة هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة .. نعم
( المتن )
و أن الجهاد ماضٍ منذ بعث الله عز وجل نبيه إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين، لا يبطله شيء؛ والحج كذلك ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين.
( الشرح )
يقول المؤلف رحمه الله و أن الجهاد ماضٍ منذ بعث الله عز وجل نبيه إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين، لا يبطله شيء يعني من عقيدة أهل السنة والجماعة أنه يجاهد مع ولي الأمر ولو كان عاصيا ولو كان فاسقا ولو كان ظالما منذ بعث الله عز وجل نبيه إلى قيام الساعة كما في الحديث والجهاد ماض مع ولاة الأمور إلى قيام الساعة لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل (وفي لفظ آخر ) حتى يقاتل آخر هذه الأمة الدجال الدجال يقاتله آخر هذه الأمة بعد نزول عيسى عليه السلام يقاتله عيسى فيقتله عيسى عليه الصلاة والسلام ويطلبه من باب رد في فلسطين فيقتله فإذا رأى المسيح الضلالة المسيح ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو ترك لذاب ولكنه يقتله عيسى عليه الصلاة والسلام فالجهاد ماضي مستمر منذ جهاد وقتال الكفار قتال الكفار لإعلاء كلمة الله والقتال فيه خير ومصالح عظيمة اتساع رقعة الإسلام وفيه نشر دين الله وهو خير للكفار لأنهم لو استمروا على كفرهم لماتوا على الكفر وزاد عذابهم فالجهاد فيه خير لهم لأن الكافر إذا قوتل فأسلم سلم من النار وإذا قتل أيضا خف عذابه لأنه لو استمر لعاش في الكفر فزاد عذابه فقتله فيه تخفيف له من العذاب فالجهاد والجهاد من أفضل القربات وأجل الطاعات وهو ذروة سنام الإسلام وفضله كبير وعظيم والمجاهد والشهيد الذي يقتل في سبيل الله يأمن من الفتان ويجري عليه رزقه وغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ووضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ورباط يوم في سبيل الله خير من صيام ألف يوم والجهاد فضله عظيم ومستمر إلى قيام الساعة يعني إلى قرب قيام الساعة يمضيه أهل السنة والجماعة مع ولي الأمر مع ولاة الأمور من أئمة المسلمين أبرارا كانوا أو فجارا لا يبطله شيء والحج كذلك, كذلك الحج ماض مع ولاة الأمور أبرارا كانوا أو فجارا يقيمون للناس حجهم ولو كان عندهم بعض الفجور وبعض الفسق فجورهم وفسقهم على أنفسهم فجورهم وفسقهم على أنفسهم والمسلمون يقيمون يحجون معهم ويجاهدون معهم ولو كان عندهم بعض المخالفات و بعض المعاصي ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين وكذلك دفع الصدقة دفع الصدقة من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين يعني من عقيدة أهل السنة دفع الصدقة إلى ولي الأمر إذا طلب ولي الأمر المسلم دفع الصدقة تدفع إليه فولي الأمر يرسل العمال إلى الناس ويأخذون الزكاة من أهل سواء كانوا من أهل الفلاحين من أصحاب الحبوب والثمار أو من أهل الذهب والفضة أو من أهل السوائم, السوائم جمع سائمة وهي الماشية التي ترعى من البر أكثر الحول يقال لها سائمة سواء من الإبل و البقر أو الغنم إذا بلغت النصاب يدفع الإنسان الزكاة نصاب الإبل خمس أقل من خمس فيها شاة أقل من خمس ما في زكاة نصاب البقر ثلاثين نصاب الغنم ربعين فيه شاة فإذا كان عندك خمس من الإبل ترعى في البر أكثر الحول فإنك تدفع شاة إذا أرسل ولي الأمر عامل تعطيه شاة أو إذا كان عندك ثلاثين من البقر ترعى في البر أكثر الحول ولا تعلفها فيها زكاة السوم تدفع تبعه تبيعه وهو ماله سنة وكذلك إذا كان عندك أربعين من الغنم وحال عليها الحول وهي ترعى من البر فإذا أرسل ولي الأمر طلب دفع الصدقات من السوائم, السوائم جمع سائمة وهي الماشية التي ترعى في البر أكثر الحول فإذا طلب ولي الأمر أرسل عماله فإنك تدفع الصدقات يعني صدقات الفريضة وهي الزكاة دفع الصدقات و الصدقة نوعان فريضة ونافلة الصدقة الفريضة هي الزكاة قال تعالى : إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلۡفُقَرَاۤءِ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡعَـٰمِلِینَ عَلَیۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَـٰرِمِینَ وَفِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ هذه الصدقات صدقة الفريضة دفع الصدقات من السوائم, السوائم جمع سائمة وهي الماشية التي ترعى أكثر الحول وفي عشر من الإبل شاتان وفي خمسة عشر ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهكذا إذا طلب ولي الأمر الزكاة تدفع إليه زكاة السوائم أما الإبل والبقر والغنم إذا كانت تعلف ولا ترعى أكثر الحول فهذه ليس فيها زكاة السوم ولكن هذه فيه زكاة العروض والتجارة إذا أعددتها للبيع تزكيها ولو كانت واحدة إذا كانت تأتي نصاب إذا كان ثمنها نصاب فإذا من عقيدة أهل السنة دفع الصدقات المفروضة وهي الزكاة من السوائم إلى أولي الأمر من المسلمين أئمة المسلمين إذا أرسلوا العمال وكذلك غير السوائم إذا طلبوا زكاة الحبوب أو الثمار أو صاحب الأمتعة الي عنده والأشياء المعدة للبيع وحال عليها الحول وبلغت النصاب وطلب ولي الأمر وأرسل العمال فإنها تدفع الزكاة إليهم وتبرأ الذمة هذا معنى قول المؤلف ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين .. نعم
( المتن )
والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم، ولا يُدرى ما هم عند الله عز وجل فمن قال إنه مؤمن حقًا فهو مبتدع، ومن قال هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين، ومن قال إني مؤمن بالله فهو مصيب.
( الشرح )
يقول المؤلفان رحمهم الله والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم، ولا يُدرى ما هم عند الله عز وجل الناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم يعني الناس الذين التزموا بأحكام الإسلام واتجهوا إلى القبلة الصلاة حافظوا على الصلاة والتزموا بأحكام الإسلام في الظاهر فهم مؤمنون , مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم يحكم عليه بأنه مؤمن وبأنه أخوك إذا كان يصلي اتجه إلى القبلة والتزم بأحكام الإسلام فهذا يحكم عليه بالإيمان في الدنيا فتسلم عليه إذا لقيته تجيب دعوته إذا دعاك تتبع جنازته إذا مات تزوره إذا مرض تحسن إليه تعتبره أخا لك تحسن إليه تدفع الإساءة عنه تطعمه إذا جاع تعلمه إذا جهل تواسيه فالناس مؤمنون في أحكامهم وكذلك إذا مات أقاربه المسلمين يرثه وإذا ماتوا هم يرثه هو فهم مؤمنون يحكم عليهم بالإسلام من التزم بأحكام الإسلام يحكم عليه بجميع الأحكام من جهة التوارث من جهة النفقة وغيرها ولهذا قال والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم ولا يدرى ما هم عند الله عز وجل لا يدرى ما هم عند الله عز وجل لأن الله يعلم السرائر لأن هذا الشخص الذي يظهر الإيمان قد يكون منافقا في الباطن قد يكون منافقا مكذبا لله في الباطن فيكون في الآخرة في الدرك الأسفل من النار ولكن في الدنيا هذا ما نعلم السرائر نعمله معاملة المؤمن كيف نعامله معاملة المؤمن؟ إذا مات يغسل ويدفن في مقابر المسلمين إذا مرض يزار ويتبع جنازته إذا دعاك تجيب دعوته ويزوج جميع الأحكام في الدنيا إذا كان ملتزم بأحكام الإسلام ولم يظهر شيء من الكفر يعامل معاملة المسلمين كما كان النبي ﷺ يعامل المنافقين عبد الله بن أبي وغيره كان النبي يعاملهم معاملة المسلمين ولما مات عبد الله بن أبي رئيس المنافقين ودلي في حفرته أمر النبي صلى اله عليه وسلم واستخرج من حفرته فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه وصلى عليه فاخذ عمر بثوبه وقال تصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا كذا وكذا فقال النبي ﷺ أخّر عني يا عمر فإني خيرت فقيل استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ولو أعلم أني زدت على السبعين لزدت على السبعين ثم نزل بعد ذلك : وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدࣰا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦۤۖ إِنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ فَـٰسِقُونَ فلم يصل بعد ذلك على منافق والعلة أنهم كفروا بالله ورسوله من علم كفره فلا يصلي عليه ومن لم يعلم كفره فإنه يصلى عليه إذا الناس مؤمنون في الأحكام والمواريث أما عند الله عز وجل ما ندري ولا يدرى ما عند الله عز وجل لماذا لأن الله هو الذي يعلم السرائر قد يكون أظهر الإيمان وهو كافر في الباطن فمن الذي يعلم الله هو الذي يعلم لكن نحن الآن ليس لنا إلا الظاهر نعاملهم معاملة المسلمين في جميع الأحكام التوارث والزواج وزيارة المريض وتغسيل الميت ودفنه في مقابر المسلمين وإجابة دعوته إلى غير ذلك من الأحكام ولهذا قال المؤلف رحمه الله والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم، ولا يُدرى ما هم عند الله عز وجل فمن قال إنه مؤمن حقًا فهو مبتدع لماذا لأنه يزكي نفسه والله تعالى يقول : فَلَا تُزَكُّوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰۤإذا قال شخص أنا نؤمن أنا مؤمن حقا من قال لك أنك مؤمن حقا هل تزكي نفسك هل أقمت الصلاة كما أمرك الله أو الصلاة فيها خلل ؟هل أديت الزكاة كما أمرك الله هل يوجل قلبك عند ذكر الله هل يزيد إيمانك عند تلاوة القران اسمع أوصاف المؤمنين حق : إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِیَتۡ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ فأنت تزكي نفسك وتقول أنك مؤمن حقا ؟ فمن قال أنه مؤمن حقا فهو مبتدع وكذلك من قال فلان مؤمن, مؤمن حقا وهو لا يعلم لأن هذا شهادة له شهادة له بالجنة فإذا زكيت وقلت أنه مؤمن حقا معنى شهدت له بالجنة ولا يشهد بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص فمن قال أنه مؤمن حقا أو قال فلان غيره من المؤمن حقا فهو مبتدع لأنه قال قولا بغير علم ولكن تقول أنا مؤمن وإذا كنت إذا أردت أن تعلق بالمشيئة لأن شعب الإيمان متعددة والواجبات كثيرة تقول أنا مؤمن إن شاء الله وهذه المشيئة راجعة إلى أي شيء راجعة إلى إن الوجبات متعددة وأن الإنسان لا يجزم أنه أدى ما عليه بخلاف المرجئة يقول الواحد منهم أنا مؤمن ولا يستثني بل إن بعضهم يقول أنا مؤمن حقا كإيمان أبي بكر وعمر وكإيمان جبريل وميكائيل هذا قول المرجئة فمن قال أنا مؤمن حقا فهو مبتدع لأنه وافق المرجئة لأنه زكى نفسه وافق المرجئة الذين يقولون إن الإيمان هو مجرد التصديق بالقلب ومن قال إنه مؤمن عند الله فهو من الكاذبين لماذا من قال إنه من الكاذبين؟ لأنه لا يدري ما يدري هل صح إيمانه هل قبل الله أعماله؟ فكيف يقول شيئا وهو لا يعلم يقول شيئا بغير علم ولهذا قال من قال إني مؤمن أنه مؤمن عند الله فهو من الكاذبين لأن هذا غيب من الذي أعلمك بما عند الله ولذلك يكون من الكاذبين ومن قال أنا مؤمن بالله سكت ولم يقل حقا فهو مصيب قال أنا مؤمن بالله أنا مؤمن بالله ورسوله هذا أصيب لكن من قال أنا مؤمن حقا هذا مبتدع لأنه زكى نفسه .. نعم .
( المتن )
والمرجئة مبتدعة ضُلال.
( الشرح )
يقول المؤلف رحمه الله المرجئة مبتدعة ضلال المرجئة سبق الكلام فيهم في مبحث الإيمان وأن المرجئة طبقات, طبقات أربع المرجئة الغلاة وهم الجهمية الذين يقولون أن الإيمان هو معرفة الرب بالقلب والكفر هو جهل الرب بالقلب والثاني الكرامية الذين يقولون الإيمان هو النطق باللسان ولو كان مكذبا في الباطن فيخلد في النار والماتوريدية والأشاعرة هم الذين يقولون الإيمان هو التصديق فقط وأما النطق باللسان فهو ركن زائد مطلوب لكن ليس من الإيمان هذا قول الأشاعرة والماتوريدية وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة والطبقة الرابعة مرجئة الفقهاء وهم الذين يقولون الإيمان شيئان تصديق بالقلب وإقرار باللسان والأعمال مطلوبة لكنها ليست داخلة في الإيمان ليست داخلة في مسمى الإيمان وأهل الحق وأهل السنة يقولون الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والإيمان يزيد وينقص ولهذا قال المؤلف رحمه الله والمرجئة مبتدعة ضلال المبتدعة ضلال أما المرجئة المحضة الغلاة وهم الجهمية لا شك أنهم مبتدعة ضلال بل إن ملتهم توصلهم للكفر كما قال ابن القيم رحمه الله ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان ومعنى أصل الإرجاء هو التأخير فالمرجئة مبتدعة ضلال وهذا ينصرف إلى المرجئة الغلاة ينصرف إلى الجهمية والكرامية والماتوريدية أما مرجئة الفقهاء فهم طائفة من أهل السنة وإن كانوا يقولون أن الإيمان تصديق وإقرار تصديق بالقلب وإقرار باللسان لكنهم يرون أن الأعمال مطلوبة والواجبات واجبات والمحرمات محرمات إلا أنهم لا يدخلون في مسمى الإيمان ولهذا قال المؤلف رحمة الله والمرجئة مبتدعة ضلال خالفوا الصراط المستقيم وابتعدوا عنه فهم مبتدعة والبدعة هي الحدث في الدين لقول النبي ﷺ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد فالمرجئة أحدثوا في دين الله وقالوا إن الإيمان أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان ولهذا قال المؤلف فالمرجئة مبتدعة ضلال . نعم
( المتن )
والقدرية مبتدعة ضلال، ومن أنكر منهم أن الله عز وجل لا يعلم ما يكون قبل أن يكون فهو كافر.
( الشرح )
كما أن المرجئة مبتدعة ضلال فكذلك القدرية مبتدعة ضلال وقلت لكم أنهم طائفتان الطائفة الأولى الغلاة الذين انقرضوا خرجوا في آخر عصر الصحابة وهم الذين يقولون أن الله لا يعلم بالشيء حتى يكون نسبوا الجهل إلى الله أنكروا عموم أنكروا المرتبتين الأوليين من مراتب القدر الإيمان بالقدر له مراتب أربعة من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر العلم والكتابة والمشيئة مع الإرادة والخلق والإيجاد فالقدرية الأولى أنكروا المرتبتين الأوليين أنكروا علم الله بالأشياء قبل كونها وقالوا إن الله لا يعلم بالشيء حتى يكون إذا نسبوا إلى الله الجهل فهؤلاء القدرية الأولى التي خرجت في أواخر عهد الصحابة كفار, كفار كما قال حميد الطويل ويحي بن يعمر لعبد الله بن عمر أنه خرج قبلنا قوم يتقفون العلم يعني يطلبون العلم ويزعمون أن الأمر أنف يعني مستأنف وجديد لم يسبق به علم الله فقال أن لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني من لم يؤمن بالقدر خيره وشره احرقه الله بالنار فالقدرية مبتدعة ضلال ومن أنكر منهم أن الله عز وجل يعلم ما يكون قبل ما يكون فهو كافر .. نعم الذي ينكر منهم أن الله يعلم ما يكون قبل ما يكون كافر هؤلاء من هم الطائفة الأولى الذين ظهروا في أواخر عصر الصحابة أما الطائفة الثانية فهم سائر القدرية الطبقة الثانية عامة القدرية الذين يؤمنون بالعلم علم الله بالأشياء قبل كونها ويؤمنون بالكتابة والإرادة في الخلق إلا أنهم يقولون إن الله لم يرد المعاصي ولم يرد منا المعاصي ما أرادها قالوا إلا أنهم قالوا أن المعاصي لم يردها الله عز وجل كونا وقدرا ولم يخلقها وإنما العبد هو الذي أرادها وخلقها مستقلا شبهتهم حتى ينفوا الظلم عن الله وقالوا لو قلنا أن الله يخلق المعاصي وأرادها لكان ظالما ففرارا من ذلك قالوا أن الله ما أراد المعاصي لا خلقها ولا أوجدها وإنما العبد هو الذي أرادها وجعلها وأوجدها هؤلاء القدرية مبتدعة ضلال هؤلاء ضلال لأن الله خالق كل شيء ولا يقع في ملك الله ما لا يرد كما قال سبحانه: ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲۖ أما الطائفة الذين أنكروا علم الله فهم كفار ولهذا قال المؤلف والقدرية مبتدعة ضلال، ومن أنكر منهم أن الله عز وجل يعلم ما يكون قبل أن يكون فهو كافر
(المتن )
وأن الجهمية كفار.
( الشرح )
من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الجهمية كفار الجهمية منسوبون إلى الجهم بن صفوان منسبون إلى الجهم بن صفوان هذا الرجل الجهم بن صفوان كان تتلمذ على الجعد بن درهم والجعد بن درهم هو الذي أدب مروان ابن الحكم الذي قال مروان حمار الذي دعا لنفسه بعد موته دعا لنفسه بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية وكان لهم مؤدب وهو الجعد بن درهم الجعد بن درهم هو الذي ابتدع عقيدة نفي الصفات هو المؤسس لعقيدة نفي الصفات وكان إنكاره لصفتين أنكر صفة الخلة والمحبة لله عز وجل وأنكر صفة الكلام فقال إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما فأفتى علماء زمانه من التابعين أفتوا للأمير عبد الله بقتله قالوا إن هذا يستحق القتل فنفذ هذه الفتوى وكان هو الذي يؤم الناس ويصلي بهم على عادة الأمراء الأمير عبد الله القسري أمير العراق و واسط فصلى بالناس صلاة العيد ثم خطب خطبة العيد وأُتي بالجعد ابن درهم مقيدا مربوط بيديه ورجليه وجعل في أصل المنبر قال في آخر الخطبة ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحي بالجعد ابن درهم فانه زعم إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل من المنبر وأخذ السكين وذبحه ذبح الشاة فشكره العلماء وأثنوا عليه ومن ذلك ابن القيم في النونية الكافية ولذا ضحى بجعد خالد القسري يوم ذبائح القربان إذ قال إن إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى كليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة لله دركم القربان ولا شك أن هذه الضحية تعدل الضحايا بل أفضل منها لأن هذه الضحية فيها قطع لدابر البدع لكن هذا الرجل لم يقتل لم يمت حتى تتلمذ عليه الجهم بن صفوان فنشر عقيدة نفي الصفات وتحمس له ودافع عنه حتى نسب له عقيدة نفي الصفات وقيل الجهمية عقيدة نفي الصفات ثم الجهمية نسبت إلى الجهم بن صفوان الجهم هذا الجهم بن صفوان أما المؤسس فهو الجعد بن درهم لكن الأصل أن يقال الجعدية لكن لما كان الجهم هو الذي نشرها نسبت إليه وأيضا الجهم قيظ الله له من قتله قتل الجهم سهم بن أحوز أمير خرسان والجهم هذا التقى بطائفة من الفلاسفة فلاسفة الهند يقال لهم السمنية فشككوه في ربه وقالوا للجهم ربك هذا الذي تعبد وكانوا لا يؤمنون إلا بالمحسوس الخمس السومنية قالوا ربك هل رأيته بعينك قال لا قالوا هل سمعته بإذنك قال لا هذه الحاسة الثانية قالوا هل شممته بأنفك قال لا قالوا هل ذقته بلسانك قال لا قالوا هل جسسته بيدك قال لا قالوا إذا هو معدوم.