شعار الموقع

شرح كتاب الجهاد من سبل السلام_20

00:00
00:00
تحميل
72

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

بَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ.

السَّبْقُ: بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

(الشرح)

مصدر سبق يسبق سبقًا.

(المتن)

وَيُقَالُ بِتَحْرِيكِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الرَّهْنُ الَّذِي يُوضَعُ لِذَلِكَ.

(الشرح)

السبقَ: المال, والسبقِ: المسابقة عَلَى الأقدام أو عَلَى غيرها, المسابقة بدون مال يقال له: سبق, والمال الذي يعطى للمسابقين يقال له سبقَ, لحديث يأتي: «لا سبقَ إلا في نصلٍ أو خُفٍ أو حافر» هَذِه الثلاثة الَّتِي يكون عليها العِوض, النصل: السهام, الخف: الإبل, الحافر: الخيل, وأما المسابقة عَلَى الأقدام أو عَلَى الحمير أو غيرها جائز لَكِنْ بدون مال.

(المتن)

(وَالرَّمْيُ) مَصْدَرُ رَمَى وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ لِلسَّبْقِ.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «سَابَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ» مِنْ التَّضْمِيرِ وَهُوَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَنْ يُظَاهَرَ عَلَيْهَا بِالْعَلَفِ حَتَّى تَسْمَنَ ثُمَّ لَا تُعْلَفَ إلَّا قُوتَهَا لِتَخِفَّ.

(الشرح)

يَعْنِي: تُحبس أربعين يومًا وتعطى علف كثير وتأكل كثير حتى تشبع وتسمن, فإذا سمنت خُفف عليها القوت ما تُعطى إِلَّا للضرورة فقط, فتخف بعد أن سمنت ويشتد لحمها ويخرج العرق وتُجلل أيضًا بالأجلة والسُرج فيكون فيكون مع تقليل الطعام وتجليلها بالسُرج ينزل العرق ويخف اللحم ويشتد وتقوى سواعدها فتكون قوية ونشيطة وسريعة للجري والكر والفر في الجهاد.

(المتن)

زَادَ فِي الصِّحَاحِ، وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تُسَمَّى الْمِضْمَارَ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُضَمَّرُ فِيهِ الْخَيْلُ أَيْضًا مِضْمَارٌ وَقِيلَ تُشَدُّ عَلَيْهَا سُرُوجُهَا وَتُجَلَّلُ بِالْأَجِلَّةِ حَتَّى تَعْرَقَ فَيَذْهَبَ رَهَلُهَا وَيَشْتَدَّ لَحْمُهَا (مِنْ الْحَفْيَاءِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مَمْدُودَةٌ وَقَدْ تُقْصَرُ مَكَانٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ (وَكَانَ أَمَدُهَا) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ غَايَتُهَا (ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ) مَحَلٌّ قَرِيبٌ مِنْ الْمَدِينَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَمْشِي مَعَهُ الْمُوَدِّعُونَ إلَيْهَا «وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (قَالَ سُفْيَانُ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَمِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّبَاقِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ بَلْ مِنْ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوصِلَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْجِهَادِ وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الدَّوَابِّ وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَكَذَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّدَرُّبِ عَلَى الْحَرْبِ, وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَضْمِيرِ الْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْجِهَادِ وَقِيلَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ.

وَعَنْهُ أَيْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ» جَمْعُ قَارِحٍ وَالْقَارِحُ مَا كَمَلَتْ سَنَةً كَالْبَازِلِ فِي الْإِبِلِ فِي الْغَايَةِ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِيهِ مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّبَاقِ بَيْنَ الْخَيْلِ وَأَنَّهُ يَجْعَلُ غَايَةَ الْقُرَّحِ أَبْعَدَ مِنْ غَايَةِ مَا دُونَهَا لِقُوَّتِهَا وَجَلَادَتِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد