بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:
(المتن)
قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ, إذْ فِي سَنَدِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى حُرِّيَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا وَعَلَيْهِ دَلَّ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَالَ: «وَلَا أَمَةً» فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ أُمَّ إبْرَاهِيمَ وَتُوُفِّيَتْ فِي أَيَّامِ عُمَرَ فَدَلَّ أَنَّهَا عَتَقَتْ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْحُكْمِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ» الْغَارِمُ الَّذِي يَلْتَزِمُ مَا ضَمِنَهُ وَتَكَفَّلَ بِهِ وَيُؤَدِّيهِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ: «أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ أَجْرِ هَذِهِ الْإِعَانَةِ لِمَنْ ذُكِرَ وَذُكِرَ هُنَا لِأَجْلِ الْمُكَاتَبِ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْمُكَاتَبِ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور/ 33].
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي الْآيَةِ رُبْعُ الْكِتَابَةِ» قَالَ النَّسَائِيّ وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ, وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَةِ الرَّفْعِ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ}[التوبة/60] بِإِعَانَةِ الْمُكَاتَبِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ السَّيِّدَ أَنْ يَدَعَ الرُّبْعَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ ثَمَنِهِ وَهَذَا تَعْلِيمٌ مِنْ اللَّهِ وَلَيْسَ بِفَرِيضَةٍ وَلَكِنْ فِيهِ أَجْرٌ, والله تعالى أعلم.
(الشرح)
هذا فيهِ تفصيل, والأصل في الْأَمْرِ الوجوب إِلَّا بصارف.