شعار الموقع

شرح كتاب الجامع من سبل السلام_3

00:00
00:00
تحميل
46

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في كتابه سبل السلام:

[لعق الأصابع وَالصَّحْفَة]

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا» بِنَفْسِهِ (أَوْ يَلْعَقهَا) غَيْرَهُ الْأَوَّلُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ لَعِقَ وَالثَّانِي بِضَمِّهِ مِنْ أَلْعَقَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَعْيِينِ غَسْلِ الْيَدِ مِنْ الطَّعَامِ وَأَنَّهُ يُجْزِئُ مَسْحُهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ لَعْقُ الْيَدِ أَوْ إلْعَاقُهَا الْغَيْرَ وَعَلَّلَهُ فِي الْحَدِيثِ " بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةَ " كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ وَقَالَ: إنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةَ» وَكَذَلِكَ «أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْتِقَاطِ اللُّقْمَةِ وَمَسْحِهَا وَأَكْلِهَا» كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا بِلَفْظِ «إذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ» وَهَذِهِ الْأُمُورُ مِنْ اللَّعْقِ وَالْإِلْعَاقِ وَلَعْقِ الصَّحْفَةِ وَأَكْلِ مَا يَسْقُطُ ظَاهِرُ الْأَوَامِرِ وُجُوبُهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَقَالَ إنَّهَا فَرْضٌ. وَالْبَرَكَةُ هِيَ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ وَثُبُوتُ الْخَيْرِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّغْذِيَةِ وَتَسْلَمُ عَاقِبَتُهُ مِنْ أَذًى وَيُقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَهَذِهِ الْبَرَكَةُ قَدْ تَكُونُ فِي لَعْقِ يَدِهِ أَوْ لَعْقِ الصَّحْفَةِ أَوْ أَكْلِ مَا يَسْقُطُ مِنْ لُقْمَةٍ وَإِنْ كَانَ عَلَّلَ أَكْلَ السَّاقِطِ بِأَنَّهُ لَا يَدَعُهَا لِلشَّيْطَانِ. وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يَدَهُ هُوَ أَصَابِعُ يَدِهِ الثَّلَاثُ كَمَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلَا يَزِيدُ الرَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ إلَّا إذَا احْتَاجَهَا بِأَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُشْتَدٍّ وَنَحْوَهُ» .

وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَكَلَ أَكَلَ بِخَمْسٍ» وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِلْعَاقِ الْغَيْرِ أَصَابِعَهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَخَادِمٍ وَوَلَدٍ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ تَنَجَّسَتْ اللُّقْمَةُ السَّاقِطَةُ فَيُزِيلُ مَا فِيهَا مِنْ نَجَاسَةٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَطْعَمَهَا حَيَوَانًا وَلَا يَدَعَهَا لِلشَّيْطَانِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إطْعَامِ الْمُتَنَجِّسِ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأَمَةِ فِعْلًا خَلْفًا عَنْ سَلَفٍ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.

[ابْتِدَاء السَّلَامِ مِنْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ]

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِيُسَلِّمْ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ) مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَالرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي) بَلْ هُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ تَسْلِيمُ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ فِي صَحِيحِ مُسْلِم فَيُشْكِلُ جَعْلُ الْحَدِيثِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: إنَّهُ لِلنَّدَبِ قَالَ فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورُ بِالِابْتِدَاءِ فَبَدَأَ الْآخَرُ كَانَ الْمَأْمُورُ تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالْآخَرُ فَاعِلًا لِلسُّنَّةِ قُلْت: وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَكَأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْبُدَاءَةِ بِالسَّلَامِ.

وَالْحَدِيثُ فِيهِ شَرْعِيَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مِنْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: عَنْ الْمُهَلَّبِ وَإِنَّمَا شُرِعَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْكَبِيرَ لِأَجْلِ حَقِّ الْكَبِيرِ؛ وَلِأَنَّهُ أُمِرَ بِتَوْقِيرِهِ وَالتَّوَاضُعِ لَهُ. وَلَوْ تَعَارَضَ الصِّغَرُ الْمَعْنَوِيُّ وَالْحِسِّيُّ كَأَنَّهُ يَكُونُ الْأَصْغَرُ أَعْلَمَ مَثَلًا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ السِّنِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ الْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ.

وَفِيهِ شَرْعِيَّةُ ابْتِدَاءِ الْمَارِّ بِالسَّلَامِ لِلْقَاعِدِ قَالَ الْمَازِرِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَقَّعُ الْقَاعِدُ مِنْهُ الشَّرَّ وَلَاسِيَّمَا إذَا كَانَ رَاكِبًا فَإِذَا ابْتَدَأَهُ بِالسَّلَامِ أَمِنَ مِنْهُ وَأَنِسَ إلَيْهِ أَوْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْحَاجَاتِ امْتِهَانًا فَصَارَ لِلْقَاعِدَةِ مَزِيَّةٌ فَأَمَرَ الْمَارَّ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ لِأَنَّ الْقَاعِدَ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَارِّينَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فَسَقَطَتْ الْبُدَاءَةُ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ, وَفِيهِ شَرْعِيَّةُ ابْتِدَاءِ الْقَلِيلِ بِالسَّلَامِ عَلَى الْكَثِيرِ.

وَذَلِكَ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَلَوْ ابْتَدَءُوا لَخِيفَ عَلَى الْوَاحِدِ الزَّهْوُ فَاحْتِيطَ لَهُ فَلَوْ مَرَّ جَمْعٌ كَثِيرٌ عَلَى جَمْعٍ قَلِيلٍ أَوْ مَرَّ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَاعْتَبَرَ النَّوَوِيُّ الْمُرُورَ فَقَالَ الْوَارِدُ يَبْدَأُ سَوَاءً كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَنْ مَشَى فِي الشَّوَارِعِ الْمَطْرُوقَةِ كَالسُّوقِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَ لَتَشَاغَلَ بِهِ عَنْ الْمُهِمِّ الَّذِي خَرَجَ لِأَجْلِهِ وَخَرَجَ بِهِ عَنْ الْعُرْفِ.

وَفِيهِ شَرْعِيَّةُ ابْتِدَاءِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْمَاشِي فَعُوِّضَ الْمَاشِي بِأَنْ يَبْدَأَ الرَّاكِبُ بِالسَّلَامِ احْتِيَاطًا عَلَى الرَّاكِبِ مِنْ الزَّهْوِ لَوْ حَازَ الْفَضِيلَتَيْنِ، وَأَمَّا إذَا تَلَاقَى رَاكِبَانِ أَوْ مَاشِيَانِ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا الْمَازِرِيُّ فَقَالَ: يَبْدَأُ الْأَدْنَى مِنْهُمَا عَلَى الْأَعْلَى قَدْرًا فِي الدِّينِ إجْلَالًا لِفَضْلِهِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الدِّينِ مُرَغَّبٌ فِيهَا فِي الشَّرْعِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ الْتَقَى رَاكِبَانِ وَمَرْكُوبُ أَحَدِهِمَا أَعْلَى فِي الْجِنْسِ مِنْ مَرْكُوبِ الْآخَرِ كَالْجَمَلِ وَالْفَرَسِ فَيَبْدَأُ رَاكِبُ الْفَرَسِ أَوْ يَكْتَفِي بِالنَّظَرِ إلَى أَعْلَاهُمَا قَدْرًا فِي الدِّينِ فَيَبْدَأُ الَّذِي هُوَ أَدْنَى الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ كَمَا لَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَكُونُ أَعْلَاهُمَا قَدْرًا مِنْ جِهَةِ الدُّنْيَا إلَّا أَنْ يَكُونَ سُلْطَانًا يُخْشَى مِنْهُ؛ وَإِذَا تُسَاوَى الْمُتَلَاقِيَانِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْمُورٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْمُتَهَاجِرَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «الْمَاشِيَانِ إذَا اجْتَمَعَا فَأَيُّهُمَا بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَهُوَ أَفْضَلُ» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: لَا يَسْبِقُك أَحَدٌ بِالسَّلَامِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ»؛ وَقَالَ حَسَنٌ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثِ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَلْتَقِي فَأَيُّنَا يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ قَالَ أَطْوَعُكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى» .

[تَسْلِيمُ الْوَاحِدِ عَنْ الْجَمَاعَةِ]

(وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ وَيُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ) فِيهِ أَنَّهُ يُجْزِئُ تَسْلِيمُ الْوَاحِدِ عَنْ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً وَرَادًّا قَالَ النَّوَوِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مَنْ كَانَ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ أَوْ يُجَامِعُ أَوْ كَانَ فِي الْخَلَاءِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ نَائِمًا أَوْ نَاعِسًا أَوْ مُصَلِّيًا أَوْ مُؤَذِّنًا مَا دَامَ مُتَلَبِّسًا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، إلَّا أَنَّ السَّلَامَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا كُرِهَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إزَارٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ.

(الشرح)

المراد الحمامات الَّتِي تؤجر للناس, كَانَ في حمامات ولَيْسَ المراد الحمام الَّذِي عندنا في البيت يدخل الإنسان ويخلع ثوبه, ومنه الحديث «من كَانَ يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إِلَّا بإزار», يَعْنِي الحمامات هَذِهِ تؤجر فِيهَا حار وبارد وفي ناس يدلكون, لَابُدَّ أن يستر عورته, تؤجر الحمامات ويؤجر الأشخاص الَّذِينَ يدلكونه ويغسلونه, أَمَّا الَّتِي في البيت هَذَا يدخل الإنسان ويقفل بابه ويخلع ثوبه ما فِيهِ إشكال, ما يسمى حمام هَذَا, الحمام الَّتِي تؤجر تسمى حمام فَإِذَا دخلت وجدت عشرين حمام ثلاثين حمام أربعين حمام تؤجر, كُلّ حمام ناس يؤجرونه.

(المتن)

[السَّلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ]

وَأَمَّا السَّلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ فَيُكْرَهُ لِلْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ فَلَوْ سَلَّمَ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبٌ.

(الشرح)

مثل الصَّلَاة أو يرد بالإشارة, كماأنه في الصَّلَاة لا يرد فكذلك في الخطبة, في الصَّلَاة لا يتسوك وفي الخطة لا يتسوك وهكذا, في الصَّلَاة لا يتكلم وفي الخطبة لا يتكلم.

(المتن)

 وَيَجِبُ عِنْدَ مَنْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ.

[السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِل بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

وَأَمَّا الْمُشْتَغِلُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَإِنْ رَدَّ لَفْظًا اسْتَأْنَفَ الِاسْتِعَاذَةَ وَقَرَأَ.

(الشرح)

هَذَا فاصل يسير ما يحتاج أن يستأنف الاستعاذة.

(المتن)

 قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ.

[سَلَامُ مَنْ دَخَلَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ]

وَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَى مَنْ دَخَلَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النور/61] الْآيَةَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَابْنُ شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُسْتَحَبُّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ " وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.

فَإِنْ ظَنَّ الْمَارُّ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَاعِدِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ ظَنَّهُ وَيُسَلِّمُ فَلَعَلَّ ظَنَّهُ يُخْطِئُ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِتَأْثِيمِ الْآخَرِ فَهُوَ كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُتْرَكُ بِمِثْلِ هَذَا، ذَكَرَ مَعْنَاهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَوَرُّطَ الْمُسْلِمِ فِي الْمَعْصِيَةِ أَشَدُّ مِنْ مَصْلَحَةِ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَامْتِثَالَ حَدِيثِ الْأَمْرِ بِالْإِفْشَاءِ يَحْصُلُ مَعَ غَيْرِ هَذَا فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَحْسُنُ أَنْ نَقُولَ: " رُدَّ السَّلَامَ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ " قِيلَ نَعَمْ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَجِبُ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ حَسُنَ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ حَقِّ الرَّدِّ.

(الشرح)

هَذَا لَيْسَ بظاهر, لا يملك هَذَا, هَذَا أمر شرعي هَذَا لله ملك لله أنت في حل ما ترد السلام؟ ما يصح هَذَا, هَذَا لا يملك أن يحلله, الله تعالى هُوَ الَّذِي شرع هَذَا عَلَى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يملك الإنسان هَذَا, يَعْنِي في أمر مستحب أنا أحلله لك وأقول: لا تفعل, أنت في حل, أمر واجب أقول لك أنت في حل لا تفعل, ما أملك هَذَا.

(المتن)

 [ابْتِدَاءُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ]

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) ذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ. وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ إذْ أَصْلُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ.

وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ لَهُمْ بِالسَّلَامِ. وَلَكِنْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ جَوَازَ ذَلِكَ لَكِنْ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ. وَبِهِ قَالَ عَلْقَمَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ.

(الشرح)

ما في ضرورة ولا حاجة أين الضرورة؟ لعل الحديث ما بلغهم, الحديث صريح «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام».

(المتن)

 وَمَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ يَقُولُ: إنْ سَلَّمَ عَلَى ذِمِّيٍّ ظَنَّهُ مُسْلِمًا ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ.

وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنْ ابْتَدَأَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا بِالسَّلَامِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ السَّامُ عَلَيْك فَقُلْ وَعَلَيْك» وَإِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ حَذْفَ الْوَاوِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ التَّشْرِيكَ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَمَا ثَبَتَ بِهِ النَّصُّ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هَذَا الْحَرْفَ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ بِغَيْرِ الْوَاوِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قُلْت: وَحَيْثُ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ بِالْوَاوِ وَغَيْرِهَا فَالْوَجْهَانِ جَائِزَانِ. وَفِي قَوْلِهِ: " فَقُولُوا وَعَلَيْك وَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ " مَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ الْجَوَابِ عَلَيْهِمْ فِي السَّلَامِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ وَيُرْوَى عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. وَالْحَدِيثُ يَدْفَعُ مَا قَالُوهُ: وَفِي قَوْلِهِ " فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهِ " دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ رَدِّهِمْ عَنْ وَسَطِ الطُّرُقَاتِ إلَى أَضْيَقِهَا وَتَقَدَّمَ فِيهِ الْكَلَامُ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد