بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ
الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.
(المتن)
قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في كتابه سبل السلام:
[مد الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء ومسح الْوَجْه بِهِمَا بَعْده]
(وَعَنْ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ بِزِنَةِ نَسِيٍّ وَحَشِيٍّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْحَيَاءِ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَسَائِرِ صِفَاتِهِ نُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نُكَيِّفُهَا وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَجَازٌ.
(الشرح)
هَذَا كما يقوله أهل البدع من الأَشَاعِرَة وَالْمُعْتَزِلَة يَقُولُونَ إِنَّهُ مجاز, يؤولون الاستواء يَقُولُونَ معناه الاستيلاء, والرضا معناه الثواب والغضب معناه العقاب والرحمة الإنعام هكذا يؤولون.
(المتن)
وَتُطْلَبُ لَهُ الْعِلَاقَاتُ هَذَا مَذْهَبُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ (وَصِفْرًا) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالِيَةً وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ «لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الدُّعَاءِ إلَّا الِاسْتِسْقَاءَ» فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي الرَّفْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ.
(الشرح)
يَعْنِي بالغ في الاستسقاء بالغ في رقع يديه؛ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ جعل ظهورها إِلَى السَّمَاءِ, والسب أَنَّهُ من شدة الرفع كأنه رفعها إِلَى السَّمَاءِ, وَإِلَّا البطون إِلَى السَّمَاءِ, لكن من شدة الرفع هكذا صارت كأن ظهورها إِلَى السَّمَاءِ.
(المتن)
وَأَحَادِيثُ رَفْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ أَفْرَدَهَا الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْك حَذْوَ مَنْكِبَيْك وَالِاسْتِسْقَاءُ أَنْ تُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْك جَمِيعًا " وَهُوَ مَوْقُوفٌ وَأَمَّا مَسْحُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ الدُّعَاءِ فَوَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي:
وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَمَجْمُوعُهَا يَقْضِي بِأَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدُّعَاءِ. قِيلَ وَكَأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ لَا يَرُدُّهُمَا صِفْرًا فَكَأَنَّ الرَّحْمَةَ أَصَابَتْهُمَا فَنَاسَبَ إفَاضَةَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ وَأَحَقُّهَا بِالتَّكْرِيمِ.
(الشرح)
ذكر صبحي حلاق حديثين في الشواهد لكنهما ضعيفان, إِذَا لَمْ يشتد الضعف يصلح بالشواهد, قَالَ ابن أبي حاتم: سأل أبي عَنْ هَذَا الحديث فَقَالَ: منكر, في مسألة المسح باليدين, وَقَالَ: أخرج أبو داود عَنْ ابن لهيعة عَنْ حفص بن هشام بن عتبة بن أبي وقاس عَنْ السائب بن يزيد عَنْ أبيه, أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه, قلت: هَذَا سند ضعيف لجهالة حفص بن هاشم وضعف بن لهيعة, والخلاصة فجميع هَذِهِ الطريق لا يتقوى الحديث بها لشدة ضعفها فَهُوَ ضعيف.
(المتن)
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(الشرح)
ثُمَّ قَالَ المحشي: قلت: وأخرجه البخاري في التاريخ والبغوي وفي شرح السُّنَّة وبان عدي في الكامل من طرق والخلاصة أن الحديث ضعيف والله أعلم. له شواهد.
(المتن)
الْمُرَادُ أَحَقُّهُمْ بِالشَّفَاعَةِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْ مَنْزِلَتِهِ فِي الْجَنَّةِ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قَرِيبًا وَلَوْ أَضَافَ هَذَا الْحَدِيثَ إلَى مَا سَلَفَ لَكَانَ أَوْفَقَ.
[سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ]
(وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتنِي وَأَنَا عَبْدُك وَأَنَا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت، أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْت، أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِك عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) . وَتَمَامُ الْحَدِيثِ «مَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» قَالَ الطِّيبِيُّ: لَمَّا كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ جَامِعًا لِمَعَانِي التَّوْبَةِ اُسْتُعِيرَ لَهُ اسْمُ السَّيِّدِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الرَّئِيسُ الَّذِي يُقْصَدُ إلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الْأُمُورِ. وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ " أَلَا أَدُلُّك عَلَى سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ " وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ النَّسَائِيّ «تَعَلَّمُوا سَيِّدَ الِاسْتِغْفَارِ» وَقَوْلُهُ " لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتنِي " وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ " اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتنِي " وَزَادَ فِيهِ " آمَنْت لَك مُخْلِصًا لَك دِينِي " وَقَوْلُهُ " وَأَنَا عَبْدُك " جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ: أَنْتَ رَبِّي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عَبْدَك بِمَعْنَى عَابِدُك فَلَا يَكُونُ تَأْكِيدًا وَيُؤَيِّدُهُ عَطْفُ قَوْلِهِ وَأَنَا عَلَى عَهْدِك. وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنَا عَلَى مَا عَاهَدَتْك عَلَيْهِ وَوَاعَدْتُك مِنْ الْإِيمَانِ بِك وَإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ لَك مَا اسْتَطَعْت وَمُتَمَسِّكٌ بِهِ وَمُسْتَنْجِزٌ وَعْدَك فِي التَّوْبَةِ وَالْأَجْرِ.
وَفِي قَوْلِهِ (مَا اسْتَطَعْت) اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ مِنْ حَقِّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُرِيدُ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ حَيْثُ أَخْرَجَهُمْ أَمْثَالَ الذَّرِّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}[الأعراف/172] فَأَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَأَذْعَنُوا لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَبِالْوَعْدِ مَا قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ «أَنَّ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ» وَمَعْنَى (أَبُوءُ) أُقِرُّ وَأَعْتَرِفُ، وَهُوَ مَهْمُوزٌ وَأَصْلُهُ الْبَوَاءُ وَمَعْنَاهُ اللُّزُومُ وَمِنْهُ بَوَّأَهُ اللَّهُ مَنْزِلًا أَيْ أَسْكَنَهُ فَكَأَنَّهُ أَلْزَمَهُ بِهِ (وَأَبُوءُ بِذَنْبِي) أَعْتَرِفُ بِهِ وَأُقِرُّ. وَقَوْلُهُ «فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ» اعْتِرَافٌ بِذَنْبِهِ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَبُ غُفْرَانِهِ ثَانِيًا. وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْخِطَابِ وَأَلْطَفِ الِاسْتِعْطَافِ كَقَوْلِ أَبِي الْبَشَرِ {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف/23] وَقَدْ اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَبِالْعُبُودِيَّةِ لِلْعَبْدِ فِي التَّوْحِيدِ لَهُ، وَبِالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ الْخَالِقُ، وَالْإِقْرَارِ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى الْأُمَمِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْوَفَاءِ مِنْ الْعَبْدِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ تَعَالَى مِنْ شَرِّ السَّيِّئَاتِ نَحْوُ «نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا» وَالْإِقْرَارِ بِنِعْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ. وَأَفْرَدَهَا لِلْجِنْسِ وَالْإِقْرَارِ بِالذَّنْبِ وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ وَحَصْرِ الْغُفْرَانِ فِيهِ تَعَالَى, وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي طَلَبُ الْحَاجَاتِ إلَّا بَعْدَ الْوَسَائِلِ.
(الشرح)
بهذه المعاني صار هَذَا سيد الاستغفار.
(المتن)
وَأَمَّا مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَسْتَغْفِرُ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهُوَ أَيْضًا مَعْصُومٌ فَإِنَّهُ مِنْ الْفُضُولِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِأَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً وَعَلَّمَنَا الِاسْتِغْفَارَ فَعَلَيْنَا التَّأَسِّي وَالِامْتِثَالُ لَا إيرَادُ السُّؤَالِ وَالْإِشْكَالِ.
وَقَدْ عُلِمَ هَذَا مَنْ خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ فَلَمْ يُورِدُوا إشْكَالًا وَلَا سُؤَالًا، وَيَكْفِينَا كَوْنُهُ ذَكَرَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مِثْلُ طَلَبِنَا لِلرِّزْقِ وَقَدْ تَكَفَّلَ بِهِ وَتَعْلِيمُهُ لَنَا ذَلِكَ «وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» وَكُلُّهُ تَعَبُّدٌ وَذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى.
(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اُسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنِ رَوْعَاتِي وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِك أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) الْعَافِيَةُ فِي الدِّينِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمَعَاصِي وَالِابْتِدَاعِ وَتَرْكُ مَا يَجِبُ وَالتَّسَاهُلِ فِي الطَّاعَاتِ، وَفِي الدُّنْيَا السَّلَامَةُ مِنْ شُرُورِهَا وَمَصَائِبِهَا، وَفِي الْأَهْلِ السَّلَامَةُ مِنْ سُوءِ الْعِشْرَةِ وَالْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ وَشَغْلِهِمْ بِطَلَبِ التَّوَسُّعِ فِي الْحُطَامِ وَفِي الْمَالِ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ فِيهِ وَسَتْرُ الْعَوْرَاتِ عَامٌّ لِعَوْرَةِ الْبَدَنِ وَالدِّينِ وَالْأَهْلِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَتَأْمِينُ الرَّوْعَاتِ كَذَلِكَ وَالرَّوْعَاتُ جَمْعُ رَوْعَةٍ وَهِيَ الْفَزَعُ.
وَسَأَلَ اللَّهَ الْحِفْظَ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَيْنَ أَعْدَائِهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ كَالشَّاةِ بَيْنَ الذِّئَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَافِظٌ مِنْ اللَّهِ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ. وَخَصَّ الِاسْتِعَاذَةَ بِالْعَظَمَةِ عَنْ الِاغْتِيَالِ مِنْ تَحْتِهِ؛ لِأَنَّ الِاغْتِيَالَ أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً وَهُوَ أَنْ يُخْسَفَ بِهِ الْأَرْضُ كَمَا صَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَارُونَ أَوْ بِالْغَرَقِ كَمَا صَنَعَ بِفِرْعَوْنَ فَالْكُلُّ اغْتِيَالٌ مِنْ التَّحْتِ.