شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_2

00:00
00:00
تحميل
99

بسم الله الرحمن الرحيم,  الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين, أما بعد:

(المتن)

فقد قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى على قول الله عز وجل: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم}[الأعراف:16].

{ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}[الأعراف:17].

يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس {إلى يوم يبعثون} واستوثق إبليس بذلك، أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} أي: كما أغويتني.

قال ابن عباس: كما أضللتني. وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك -الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه - على {صراطك المستقيم} أي: طريق الحق وسبيل النجاة، ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي.

وقال بعض النحاة: الباء هاهنا قسمية، كأنه يقول: فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم.

قال مجاهد: {صراطك المستقيم} يعني: الحق.

وقال محمد بن سوقة، عن عون بن عبد الله: يعني طريق مكة.

قال ابن جرير: والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك [كله].

قلت: لما روى الإمام أحمد: قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو عقيل-يعني الثقفي عبد الله بن عقيل – قال: حدثنا موسى بن المسيب، قال: أخبرني سالم بن أبي الجعد عن سبرة بن أبي فاكه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ ". قال: "فعصاه وأسلم". قال: "وقعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول؟ فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، وهو جهاد النفس والمال، فقال: تقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال؟".

قال: "فعصاه، فجاهد".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن فعل ذلك منهم فمات، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وإن قتل كان حقا على الله، عز وجل، أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو وقصته دابة كان حقا على الله أن يدخله الجنة".

وقوله: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم [وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين] }.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه, أما بعد:

قول الله تعالى:قال {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} قول الله تعالى لإبليس أنه قال: {فبما أغويتني} يعني من أجل أن أغويتني, وقيل الباء قسمية {لأقعدن لهم} يعني لبني آدم {صراطك المستقيم}, كما قال المؤلف رحمه الله: عام الصراط المستقيم تشمل الإسلام وكما في هذا الحديث يشمل الإسلام, والجهاد, والهجرة, كله من الصراط المستقيم, والقرآن, والرسول عليه الصلاة والسلام, ولهذا فسر قول الله تعالى {لأقعدن لهم صراط المستقيم} قيل الرسول وقيل القرآن وكله حق, فمن اتبع القرآن فهو على الصراط المستقيم, من عمل بالقرآن فهو على الصراط المستقيم, ومن عمل بالإسلام فهو على الصراط المستقيم, ومن اتبع محمد صلى الله عليه وسلم فهو على الصراط المستقيم, كل هذه تفسيرات حق من قال: الصراط المستقيم محمد, أو القرآن, أو الإسلام فكله حق.

ومن الإسلام الجهاد, والهجرة, فهو عام, والمعنى: أن إبليس أخذ على نفسه أن يغوي بني آدم واستثنى عباد الله المخلصين الذي ليس له سلطان عليهم, قال الله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}, وهذا يفيد المسلم الحذر من عدو الله إبليس لأنه أخذ على نفسه إغواء بني آدم بشتى الطرق وهو لا يألوا جهدا في أن يدخله معه في النار, لأنه عدو والعداوة ظاهرة وقديمة بيننا وبينه, {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}[فاطر:6].

هكذا عدو الله {قال رب  فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم}[الأعراف:16]

{ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}[الأعراف:17].

يعني من جميع الجهات {بين أيديهم} يعني أمامهم, {ومن خلفهم} إلا الجهة التي فوق لم يذكرها لأنه لا يستطيع, ما قال من فوق, {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم}, والفوقية لأنها تنزل منها الرحمة, والله تعالى في العلو لم يذكر الفوقية ذكر من بين أيديهم يعني أمامهم, ومن خلفهم, وعن أيمانهم وعن شمائلهم.

المعنى: أنه يسلك جميع الطرق, شتى الطرق في إغواء بني آدم جميع الجهات, ويزين لهم المعاصي, ويحسنها لهم, ويغرهم بها كما غر الأبوين, وأقسم لهما أنه ناصح, وقوله: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} قال هذا بظن منه قال: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} بسبب إغواءه لهم قال هذا إنما هذا قاله عن ظن ووافق هذا الظن الواقع, وافق الواقع, كما قال تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}[سبأ:20].

صدق ظنه لأنه قالها بظن فوقع فكان الواقع كما ظن, فصدق على الأكثرين صدق إبليس على الأكثرين ظنه [فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين].

(المتن)

وقوله: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم [وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين] }.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {ثم لآتينهم من بين أيديهم} أشككهم في آخرتهم، {ومن خلفهم} أرغبهم في دنياهم {وعن أيمانهم} أشبه عليهم أمر دينهم {وعن شمائلهم} أشهي لهم المعاصي.

وقال ابن أبي طلحة -في رواية -العوفي، كلاهما عن ابن عباس: أما {من بين أيديهم} فمن قبل دنياهم، وأما {من خلفهم} فأمر آخرتهم، وأما {عن أيمانهم} فمن قبل حسناتهم، وأما {عن شمائلهم} فمن قبل سيئاتهم.

وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أتاهم {من بين أيديهم} فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار {ومن خلفهم}  فأمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها و {عن أيمانهم} من قبل حسناتهم بطأهم عنها {وعن شمائلهم} زين لهم السيئات والمعاصي، ودعاهم إليها، وأمرهم بها. أتاك يا ابن آدم من كل وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله.

وكذا روي عن إبراهيم النخعي، والحكم بن عتيبة والسدي، وابن جريج إلا أنهم قالوا: {من بين أيديهم} الدنيا {ومن خلفهم} الآخرة.

وقال مجاهد: "من بين أيديهم وعن أيمانهم": من حيث يبصرون، "ومن خلفهم وعن شمائلهم": حيث لا يبصرون.

واختار ابن جرير أن المراد جميع طرق الخير والشر، فالخير يصدهم عنه، والشر يحسنه لهم.

وقال الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} ولم يقل: من فوقهم؛ لأن الرحمة تنزل من فوقهم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} قال: موحدين.

وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم، وقد وافق في هذا الواقع، كما قال تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين * وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ} [سبأ: 20، 21].

ولهذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها، كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:

حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا عمرو بن مجمع، عن يونس بن خباب، عن ابن جبير بن مطعم -يعني نافع بن جبير -عن ابن عباس –قال: وحدثنا عمر بن الخطاب -يعني السجستاني –قال: حدثنا عبيد الله بن جعفر، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يونس عن خباب -عن ابن جبير بن مطعم -عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وآمن روعتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي". تفرد به البزار وحسنه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، قال: حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري، قال: حدثني جبير بن أبي سليمان ابن جبير بن مطعم، سمعت عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".

قال وكيع: "من تحتي" يعني الخسف.

ورواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم من حديث عبادة بن مسلم، به وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

{قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين (18) }.

أكد تعالى عليه اللعنة والطرد والإبعاد والنفي عن محل الملأ الأعلى بقوله: {اخرج منها مذءوما مدحورا}.

قال ابن جرير: أما "المذؤوم" فهو المعيب.

الشرح: وهذا كما سبق أمر قدري لابد منه, ولهذا خرج الأمر القدري لا يتخلف قال اذهب فمن تبعك منهم, قال اخرج منها مذءوما مدحورا, قال اهبط, كل هذا أمر قدري والأمر القدري لابد من نفاذه ولا يمكن التخلف لا يتخلف الأمر القدري, ولا يستطيع أحد أن يمانع, إذا قدر الله على أحد شيء لابد أن ينفذ قدر عليه الموت لابد أن يموت, قدر عليه المرض لابد أن يمرض, قدر عليه الفقر لابد أن يفتقر, قدر عليه الغنى لابد أن يكون غنيا, وهكذا.

سؤال: الصوت غير واضح

الشرح: ما في منافاة أقول ما في منافاة, الحديث كما سبق ما استطاع أن يقول إبليس من فوقهم لأن الرحمة تنزل من فوق, أما الحفظ هو من جميع الجهات, يعني إذا كان إبليس لا يسلط عليه من جهة الفوق, فالحفظ يحتاج إليها الإنسان من جميع الجهات.

(المتن)

قال ابن جرير: أما "المذؤوم" فهو المعيب والذأم غير مشدد: العيب. يقال: "ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم". ويتركون الهمز فيقولون: "ذمته أذيمه ذيما وذاما، والذام والذيم أبلغ في العيب من الذم".

قال: "والمدحور": المقصى.هو المبعد المطرود.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما نعرف المذءوم" و "المذموم" إلا واحدا.

وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: {اخرج منها مذءوما مدحورا} قال: مقيتا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: صغيرا مقيتا.

وقال السدي: مقيتا مطرودا.

وقال قتادة: لعينا مقيتا.

وقال مجاهد: منفيا مطرودا.

 وقال الربيع بن أنس: مذؤوما: منفيا، والمدحور: المصغر.

وقوله تعالى: {لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين} كقوله {قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا} [الإسراء: 63 -65].

{ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (19) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (21) }.

يذكر تعالى أنه أباح لآدم، عليه السلام، ولزوجته [حواء] الجنة أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة.

وقد تقدم الكلام على ذلك في "سورة البقرة"، فعند ذلك حسدهما الشيطان، وسعى في المكر والوسوسة والخديعة ليسلبا ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن، وقال كذبا وافتراء: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا لتكونا ملكين. أي: لئلا تكونا ملكين، أو خالدين هاهنا ولو أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما كقوله: {قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} [طه: 120] أي: لئلا تكونا ملكين، كقوله: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: 176] أي: لئلا تضلوا، {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النحل: 15] أي: لئلا تميد بكم.

وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرآن: {إلا أن تكونا ملكين} بكسر اللام. وقرأه الجمهور بفتحها.

{وقاسمهما} أي: حلف لهما بالله: {إني لكما لمن الناصحين} فإني من قبلكما هاهنا، وأعلم بهذا المكان، وهذا من باب المفاعلة والمراد أحد الطرفين، كما قال خالد بن زهير، ابن عم أبي ذؤيب:

وقاسمها بالله جهدا لأنتم ... ألذ من السلوى إذ ما نشورها

أي: حلف لهما بالله [على ذلك] حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله.

وقال قتادة في الآية: حلف بالله: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: "من خادعنا بالله انخدعنا له".

(الشرح)

نعم, قوله تعالى: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين}[الأعراف:21], يعني حلف للأبوين أنه ناصح قال له أنه خلق قبلهما, وأنه ينصح لهما, ومن خدع بالله خُدع, كما قال بعض السلف من خدعنا بالله انخدعنا له, فاغتر الأبوان, واغترا, وفي هذه الآية دليل على أن الناصح الذي يظهر النصح ينبغي للإنسان أن يحذر منه فقد يظهر النصح لبعض الناس, ويظهر أنه ناصح, ولكنه في الواقع ليس بناصح فالناصح قد يريد به الضرر, وفيه أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ الحذر وأن ينظر في الناصح الذي يشير بأنه ناصح, ويخبر بأنه ناصح, ويظهر من نفسه أنه ناصح, أو بعضهم يشير إلى قلبه أنه ناصح أنه ينبغي له أن يكون على حذر حتى يتبين الأمر وأن لا ينخدع, والمؤمن غرو كريم قد ينخدع من خدعنا بالله انخدعنا به كما قال بعض السلف.

فالأبوان خدعا بهذا العدو, كما قال بعض السلف أنه لا يظن أن أحدا يحلف بالله وهو كاذب, فينخدع, لكن الله تعالى من على الأبوين بالتوبة فتابا وأنابا إلى الله ورجعا فتاب الله عليه, وأما إبليس فإنه استمر على معصيته وكبره وكفره واستكباره عن عبادة ربه, فبقي طريدا مقصا مدحرا مبعدا, قال الله تعالى: {مذءوما مدحورا}, مذءوم يعني يلحقه الذم والعيب كل يذمه كل يلومه مدحورا مقصى مبعدا من رحمة الله, ومن الخلق, نسأل الله السلامة والعافية.

(المتن)

{فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (22) }.

{قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (23) }.

قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بن كعب، رضي الله عنه، قال: كان آدم رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق، كثير شعر الرأس. فلما وقع بما وقع به من الخطيئة، بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربا في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة، فقال لها: أرسليني. فقالت: إني غير مرسلتك. فناداه ربه، عز وجل: يا آدم، أمني تفر؟ قال: رب إني استحييتك.

وقد رواه ابن جرير، وابن مردويه من طرق، عن الحسن، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف أصح إسنادا.

وقال عبد الرزاق: قال: أخبرنا سفيان بن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، السنبلة. فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما، وكان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ورق التين، يلزقان بعضه إلى بعض. فانطلق آدم، عليه السلام، موليا في الجنة، فعلقت برأسه شجرة من الجنة، فناداه: يا آدم، أمني تفر؟ قال: لا ولكن استحييتك يا رب. قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة، عما حرمت عليك. قال: بلى يا رب، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا. قال: وهو قوله، تعالى {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين}.

(الشرح)

 وهذا يعني آدم عليه الصلاة والسلام اغتر ما حسب أن إبليس سيحلف بالله كاذبا, وأنه سيصل إلى هذه الحالة, وهذا الخبر في قوله إن الشجرة التي نهي عنها شجرة السنبلة هذا من أخبار بني إسرائيل, والصواب: أنه لا يعلم ما هذه الشجرة وأنها لم تعين, ولو كان في تعيينها لنا فائدة لبينها الله لنا المهم شجرة, شجرة عينها الله لهما يعرفانها نهيا عن أكلها, أما نحن لم تعين لنا والله أعلم, المهم أنهم نهوا عن شجرة معينة فأكلا منها, فسول لهم الشيطان وزين لهم وحلف بالله أنه ناصح, فانخدعا وظنا أنه صادق, فلذلك أطاعهما في هذا, ولما عصى آدم ربه سقط اللباس الذي يواري عورته, فظهرت العورة, هذا يدل على أن المعاصي عورة من عصى الله فقد أبدى عورته, لما عصى سقط اللباس الحسي فبدت العورة, وجعل الأبوان يخصفان عليه من ورق الجنة, يعني يأخذان الورق يلصقان بعضه ببعض ويجعلانه على العورة لستر العورة, من شدة حيائهم, {طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} بدت العورة هكذا المعاصي عورة, كانا مستورين بالطاعة الطاعة ستر, أما من عصي الله سقط اللباس, وبدت العورة, فجعل من شدة حيائهما يقطعان من ورق الجنة ويلصقان بعضه ببعض, ويجعلانه على العورة سترا وحياء من الله عز وجل.

(المتن)

قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدا. قال: فأهبط من الجنة، وكانا يأكلان منها رغدا، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب، فعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وزرع ثم سقى، حتى إذا بلغ حصد، ثم داسه، ثم ذراه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلعه حتى بلع منه ما شاء الله أن يبلع.

قارئ المتن : في نسخه بالغين جميعا ،وفي نسخة فلم يبلعه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ.

الشرح: محتمل فلم يبلغه يعني لم يبلغ أن وصل إلى أن يكون خبز  يأكل إلا بعد هذه العمليات الطويلة, يعني علم الصناعة وعلم الزراعة يزرع ويحرث ويبذر ثم يحصد ثم يطحن, ثم يعجن, ثم يخبز, ثم يأكل هذه عملية طويلة فلم يبلعه حتى بلغ منه, أو فلم يبلغه يعني من بلغ الوصول إلى الأكل حتى بلغ ما بلغ من الوسائل المتعددة, وكان في الجنة ما في هذه العمليات, ما يحتاج إلى أن يزرع, ولا يحرث, ولا يحصد, ولا يطحن, ولا يخبز, له ما تشتهيه النفس, لكن الله تعالى أهبطهم إلى دار النصب, والتعب, ابتلاء وامتحان.

(المتن)

وقال الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: ورق التين. صحيح إليه.

الشرح: والله أعلم, التحديد أن هذا ورق التين يحتاج إلى دليل, المهم أنه أخذ من ورق شجر الجنة والله أعلم بالورق, ليس هناك تحديد وأنها من ورق التين خاصة, هذا من أخبار بني إسرائيل, لكنه من ورق الجنة كما قال الله, ولو كان في تخصيصها شيء في تعيينها شيء لبينها الله لنا, المهم أنه يأخذ ما أمامه من الورق من ورق الجنة.

(المتن)

وقال مجاهد: جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة كهيئة الثوب.

وقال وهب بن منبه في قوله: {ينزع عنهما لباسهما} قال: كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما، لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما. رواه ابن جرير بإسناد صحيح إليه.

الشرح: وهذا ضعيف هذا أيضا من أخبار بني إسرائيل, كونه من نور ليس عليه دليل, ايش السند سنده ايش وهب بن منبه هذا من أخبار بني إسرائيل, وكذلك قول مجاهد كل هذا من أخبار بني إسرائيل, الله أعلم إن كان من نور فالله أعلم, وكذلك أيضا تحديد ورق التين, وتحديد الشجرة السنبلة, كل هذا من أخبار بني إسرائيل, لم يعين لنا, لو كان في تعيينه فائدة ومصلحة لنا لبينه لنا, لكن العبرة تحصل بما حصل منهما تحصل من أنهما نهي عن شجرة عينها الله لهما, فأكلا منها, ثم لما عصيا الله سقط اللباس فأخذا من ورق الجنة, من أي ورق ليس هناك تحديد, وكذلك أثر كون لباسهم من نور كل هذا من أخبار بني إسرائيل, والله أعلم.

 

(المتن)

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال آدم: أي رب، أرأيت إن تبت واستغفرت؟ قال: إذا أدخلك الجنة. وأما إبليس فلم يسأله التوبة، وسأله النظرة.

الشرح: النظرة, يعني أن ينظر إلى يوم القيامة {قال أنظرني إلى يوم يبعثون} ما سأل التوبة سأل النظرة, وآدم سأل التوبة فتاب الله على آدم وأعطى إبليس النظرة.

(المتن)

فأعطي كل واحد منهما الذي سأله.

وقال الضحاك بن مزاحم في قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه [عز وجل].

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: لما أكل آدم من الشجرة قيل له: لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها. قال: حواء. أمرتني. قال: فإني قد أعقبتها أن لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرها. قال: فرنت عند ذلك حواء. فقيل لها: الرنة عليك وعلى ولدك.

{قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25) }.

قيل: المراد بالخطاب في {اهبطوا} آدم، وحواء، وإبليس، والحية. ومنهم من لم يذكر الحية، والله أعلم.

والعمدة في العداوة آدم وإبليس؛ ولهذا قال تعالى في سورة "طه" قال: {اهبطا منها جميعا} [الآية: 123] وحواء تبع لآدم.

سؤال : أحسن الله إليك الرنة يراد بها الحية ؟

الشرح : الرنة  الصوت يعني هذا من أخبار بني إسرائيل وذكر ابن عباس قد يأخذه عن بني إسرائيل كونه قال جعلت الرنة عليك وعلى ولدك من أخبار بني إسرائيل من أمور الغيب ، يعني إذا كان الرنه العويل والصياح عند المصيبة

قارئ المتن : ذكر في الحاشية رنت: صاحت من الحزن

والحية -إن كان ذكرها صحيحا -فهي تبع لإبليس.

وقد ذكر المفسرون الأماكن التي هبط فيها كل منهم، ويرجع حاصل تلك الأخبار إلى الإسرائيليات، والله أعلم بصحتها. ولو كان في تعيين تلك البقاع فائدة تعود على المكلفين في أمر دينهم، أو دنياهم، لذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم.

الشرح: صحيح هذا الكلام جيد المؤلف رحمه الله, ليس هناك تعيين لو كان فيه مصلحة لبينه الله لنا.

(المتن)

وقوله تعالى: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} أي: قرار وأعمار مضروبة إلى آجال معلومة، قد جرى بها القلم، وأحصاها القدر، وسطرت في الكتاب الأول. وقال ابن عباس: {مستقر} القبور. وعنه: وجه الأرض وتحتها. رواهما ابن أبي حاتم.

وقوله: {قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} كقوله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55] يخبر تعالى أنه جعل الأرض دارا لبني آدم مدة الحياة الدنيا، فيها محياهم وفيها مماتهم وقبورهم، ومنها نشورهم ليوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين، ويجازي كلا بعمله.

{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون (26) }.

يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش والرياش فاللباس المذكور هاهنا لستر العورات -وهي السوآت والرياش والريش: هو ما يتجمل به ظاهرا، فالأول من الضروريات، والريش من التكملات والزيادات.

قال ابن جرير: "الرياش" في كلام العرب: الأثاث، وما ظهر من الثياب.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس – فيما حكاه البخاري -عنه: الريش: المال. وكذا قال مجاهد، وعروة بن الزبير، والسدي والضحاك الرياش المال.

وقال العوفي، عن ابن عباس: "الرياش" اللباس، والعيش، والنعيم.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "الرياش": الجمال.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أصبغ، عن أبي العلاء الشامي قال: لبس أبو أمامة ثوبا جديدا، فلما بلغ ترقوته قال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي. ثم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي خلق أو: ألقى فتصدق به، كان في ذمة الله، وفي جوار الله، وفي كنف الله حيا وميتا، [حيا وميتا، حيا وميتا] ".

ورواه الترمذي، وابن ماجه، من رواية يزيد بن هارون، عن أصبغ -هو ابن زيد الجهني - وقد وثقه يحيى بن معين وغيره، وشيخه "أبو العلاء الشامي" لا يعرف إلا بهذا الحديث، ولكن لم يجرحه أحد، والله أعلم.

الشرح: وهذا الحديث حديث ضعيف يعني مجهول لم يجرحه , أما قوله لم يخرجه ما تناسب لأنه خرجه الترمذي وابن ماجة, والحديث ضعيف هذا لأن أبا العلاء هذا مجهول, المجهول سنده ضعيف, فات على المؤلف الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من استجد ثوبا فلبسه وسماه باسمه ثم قال: الحمد لله أنت كسوتنيه, الحمد لله أنت كسوتنيه, اللهم ارزقني خيره وقني شره, اللهم إني أسألك من خيره وخير ما صنع له, وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له, إلا أعطي خيره وأوقي شره هذا أصح رواية× بهذا الحديث «من استجد ثوبا أو غيره فلبسه وسماه باسمه, ثم قال: الحمد لله أنت كسوتنيه, اللهم إني أسألك خيره وخير ما صنع له, وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له إلا أعطي خيره وأوقي شره, هذا أصح, أما الحديث الذي ذكره المؤلف كما ذكر أنه حديث ضعيف, وفيه مجهول علاء الشامي.

سؤال: ×××

الشرح: لا هذا في الأكل «الحمد لله الذي أطعمني ورزقني», الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام, ورزقنيه من غير حول ولا قوة مني, أما في الثوب الحمد لله أنت كسوتنيه, أسألك خيره وخير ما صنع له, وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له, إلا أعطي خيره وأوقي شره..

سؤال: ×××

الشرح: يعني ثوب الحمد لله الذي كساني هذا الثوب, وكساني هذه العمامة, وكساني هذا الحذاء تسميه باسمه. ×××

الحديث سنده صحيح,هل هو في الصحيح أو في غير الصحيح لكن ما أعرف لكن اللي أذكر أنه حديث صحيح.

قارئ المتن : أصبغ آخره معجمة ابن زيد ابن علي الجهني الوراق أبو عبد الله الواسطي كاتب المصاحف صدوق يغرب

(المتن)

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا مختار بن نافع التمار، عن أبي مطر؛ أنه رأى عليا، رضي الله عنه، أتى غلاما حدثا، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، ولبسه إلى ما بين الرسغين إلى الكعبين، يقول ولبسه: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي. فقيل: هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هذا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة: "الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي ".

(الشرح)

نعم, وهذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}[الأعراف:26].

هذه امتن الله تعالى على عباده باللباس وهو نوعان:

النوع الأول: الذي يواري العورة وهذا من الضرورة والذي يلي البشرة.

والنوع الثاني: الرياش, وهو الجمال ما فوقه فامتن الله تعالى على عباده بالنوعين: بالنوع الذي يوالي العورة, النوع الثاني: الرياش الذي يتجملون به, فمثلا ما يستر العورة من الإزار, والسراويل هذا والله أعلم بالضرورة, وما فوقه أيضا من الثياب, وكذلك أيضا يوضع على الرأس وعلى الكتفين ومن فوق ذلك أيضا مثلا من البشت والمشلح وغيره كل هذا من الرياش من الجمال الذي يتجمل به الإنسان.

وامتن الله تعالى على عباده باللباس {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم} هذه الضرورة {وريشا} ثم قال سبحانه: {ولباس التقوى ذلك خير} لباس التقوى لما ذكر اللباس الحسي ذكر اللباس المعنوي {ولباس التقوى} التقوى لباس هذا خير لباس, من رزقه الله التقوى هذا هو خير وأفضل وأصل التقوى توحيد الله وأداء حقوقه والقيام بأمره, وامتثال أمره, واجتناب نهيه.

(المتن)

وقوله تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير} قرأ بعضهم: "ولباس التقوى"، بالنصب. وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء، {وذلك خير} خبره.

واختلف المفسرون في معناه، فقال عكرمة: يقال: هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة. رواه ابن أبي حاتم.

وقال زيد بن علي، والسدي، وقتادة، وابن جريج: {ولباس التقوى} الإيمان.

وقال العوفي، عن ابن عباس [رضي الله عنه: {ولباس التقوى} ] العمل الصالح.

وقال زياد بن عمرو، عن ابن عباس: هو السمت الحسن في الوجه.

وعن عروة بن الزبير: {لباس التقوى} خشية الله.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {ولباس التقوى} يتقي الله، فيواري عورته، فذاك لباس التقوى, وكل هذه متقاربة.

(الشرح)

 وهذا من تفسير الشيء ببعض معناه كل واحد يكون له السمت الحسن, وكذلك مثلا حسن الخلق, أو التقوى كلها يجمعها شيء واحد التقوى شامل لهذه الأمور كلها, لباس التقوى أداء حق الله تعالى, والقيام بأوامره, والانتهاء عن نواهيه ومن ذلك السمت الحسن, ومن ذلك الخلق الحسن, ومن ذلك الحلم والصبر, كلها داخلة في التقوى. قال المؤلف وكلها ايش.

(المتن)

 وكل هذه متقاربة ويؤيد ذلك الحديث الذي رواه ابن جرير حيث قال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن قال: رأيت عثمان بن عفان، رضي الله عنه، على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر، وسمعته يأمر بقتل الكلاب، وينهى عن اللعب بالحمام. ثم قال:  أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفس محمد بيده، ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية، إن خيرا فخير وإن شرا فشر".

ثم تلا هذه الآية: "ورياشا" ولم يقرأ: وريشا - {ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله} قال: "السمت الحسن".

هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم وفيه ضعف. وقد روى الأئمة: الشافعي، وأحمد، والبخاري في كتاب "الأدب" من طرق صحيحة، عن الحسن البصري؛ أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام، يوم الجمعة على المنبر.

وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير له شاهدا من وجه آخر.

الشرح: الحديث في إسناده زيد بن أرقم وهو ضعيف, وفيه أن أمير المؤمنين يأمر بقتل الكلاب وينهى عن اللعب بالحمام, والأمر بقتل الكلاب النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أولا أمر بقتل الكلاب كما في الحديث الآخر النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم نهى عن ذلك, أمر بقتل الكلاب أولا ثم نهى عن ذلك لأن الكلاب أمة من الأمم, والحديث فيه دلالة على أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ, أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم نسخ ذلك, ونهي عن ذلك, ويستثنى من ذلك الكلب العقور أنه يقتل لأنه يعقر الناس, كما في الحديث: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم», وذكر منها «الكلب العقور».

وكذلك أيضا الكلب المؤذي إذا لم يندفع إلا بالقتل يقتل, وكذلك الكلب الأسود البهيم, يعني ليس فيه لونا آخر فإنه يقتل لأنه شيطان, ويقطع الصلاة ويخيف الناس, وسمي شيطان يعني شيطان جنسه والمتمرد من كل  جنس يسمى شيطان, المتمرد من الحيوانات شيطان, المتمرد من البهائم ومن الطيور يسمى شيطان, شيطان جنسه, فالأمر بقتل الكلاب هذا منهي عنه, والأمر بالقتل منسوخ, يستثنى من هذا الكلب العقور, والكلب المؤذي, وأما اللعب بالحمام إذا كان ليس هناك محظور وليس فيه إيذاء للحمام فلا بأس به.

والحديث ضعيف, لكن ذكر المؤلف أنه روي عن الأئمة أن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه كان أعلن ذلك على المنبر, أعد الحديث.

(المتن)

قال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن قال: رأيت عثمان ، رضي الله عنه، على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي.

الشرح: قوهي هذا منسوب إلى قوهستان

(المتن)

محلول الزر، وسمعته يأمر بقتل الكلاب، وينهى عن اللعب بالحمام. ثم قال: يا أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر.

الشرح: وهذا ضعيف, لكن سيأتي سيذكر المؤلف أنه روي عن الأئمة, وأنه ثابت لكن هذا السند ضعيف.

سؤال: ×××

الشرح: الأسود يقتل لأنه شيطان مطلقا, ورد الأمر بقتله, الأسود البهيم, ويقطع الصلاة.

(المتن)

ثم قال: يا أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفس محمد بيده، ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية".

الشرح: نعم, وهذا دلت الأدلة على معناه ما عمل أحدا سرا ما أسر أحد سريره إلا ألبسه الله رداءه علانية, هذا وإن كان جاء في هذا الحديث أنه ضعيف إلا أنه جاء معناه في الأحاديث الصحيحة: أنه ما أسر أحدا سريره إلا ألبسه الله رداءه علانية.

(المتن)

 ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية إن خيرا فخير وإن شرا فشر".

ثم تلا هذه الآية: "ورياشا" ولم يقرأ: وريشا - {ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله} قال: "السمت الحسن".

هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم وفيه ضعف. وقد روى الأئمة: الشافعي، وأحمد، والبخاري في كتاب "الأدب" من طرق صحيحة، عن الحسن البصري؛ أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام، يوم الجمعة على المنبر.

الشرح: وعلى يقول بإسناد صحيح, وهذا يعني يحمل على كلاب خاصة وحمام خاصة, الكلاب كما سبق نسخ الأمر بقتلها, وكون أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه على المنبر يعلن هذا ويسكت الصحابة, دليل على أنه ثابت, وإلا لو كان هذا غير جائز لبين لنا من خلفه من الصحابة وهم لا يسكتون عن الحق, لو خفيت عليه السنة لبين لهم الحق فكونهم يسكتون والمؤلف يقول بأسانيد صحيح, والأئمة, فإذا كان ثبت هذا بإسناد صحيح يحمل على كلاب خاصة وحمام خاصة.

(المتن)

وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير قد روى له شاهدا من وجه آخر، حيث قال: حدثنا محمود بن محمد المروزي, قال: حدثنا حامد بن آدم المروزي, قال: حدثنا الفضل بن موسى, عن محمد بن عبيد الله العرزمي, عن سلمة بن كهيل, عن جندب بن سفيان, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أسر  عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر».

الشرح : تخريجة؟ تكلم عليه؟

قارئ المتن : قال الهيثمي في المجمع فيه حامد بن آدم وهو كذاب والعرزمي تركه الأئمة.

الشرح : أعد السند

قارئ المتن  : محمود بن محمد المروزي, قال: حدثنا حامد بن آدم المروزي, قال: حدثنا الفضل بن موسى, عن محمد بن عبيد الله العرزمي, عن سلمة بن كهيل, عن جندب بن سفيان

الشرح : فيه حامد كذاب وفيه العززمي تركه الأئمة ضعيف لكن معناه صحيح

 

 

 

{يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (27) }.

يقول تعالى محذرا بني آدم من إبليس وقبيله، ومبينا لهم عداوته القديمة لأبي البشر آدم، عليه السلام، في سعيه في إخراجه من الجنة التي هي دار النعيم، إلى دار التعب والعناء، والتسبب في هتك عورته بعدما كانت مستورة عنه، وما هذا إلا عن عداوة أكيدة، وهذا كقوله تعالى: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا} [الكهف: 50].

(الشرح)

 وهذه الآيات الكريمة فيها لطف الله تعالى وإحسانه إلى عباده حيث حذرهم هذا العدو اللدود وهو إبليس, قال سبحانه: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان}, تحذير من الله تعالى, نهي لبني آدم أن يفتتنوا بالشيطان, وأن يغتروا به وأن يتبعوا خطواته كما في الآيات الأخرى {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} يعني طرقه, {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان}, {كما أخرج أبويكم من الجنة} يبين الله تعالى أن العداوة قديمة بينهم وبين إبليس {لا يفتننكم الشيطان} احذروا من فتنته وتسويله وتزيينه المعاصي, ثم يذكرهم سبحانه وتعالى ما فعل بآدم {كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما}.

ينزع عنهما اللباس لتظهر العورة بسبب المعصية فالمعصية عورة ونقص, ولهذا لما حصلت المعصية سقط اللباس, {ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما} فيه أن الله تعالى حذر عباده فتنة الشيطان وتسويله, وهذا من بيانه سبحانه وتعالى وهدايته لعباده, {وهديناه النجدين}, بين له طريق الخير وطريق الشر.

ثم قال سبحانه: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} فيه دليل على أن الشيطان والجن يرون بني آدم وهم لا يرونهم, فهم يروننا ولا نراهم هذا هو الأصل, وهذا هو الغالب, لكن قد نراهم, قد يظهرون أحيانا الجن قد يرون أحيانا ويتصورون في بعض الصور ويراهم الإنسان, قد يراه في صورة آدمي, أو في صورة حيوان, أو في صورة قط, أو فئران, أو غير ذلك, لكن هذا قليل, والأغلب أنهم يرونا ولا نراهم {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}, فالشيطان يرانا الجن يرون بني آدم, ولكن جعل الله للإنس يعني أوراد يتحصنون بها من الشياطين إذا دخل الخلاء يسمي الإنسان بسم الله, اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث, وكذلك التسمية قراءة آية الكرسي عند النوم, وإذا سميت الله عمي الشيطان وصار لا يراك, الاسم يعمى, بعدم الاسم يراك فالحمد لله الذي أعطانا ربنا وأرشدنا وبين لنا وأعطانا السلاح, السلاح اسم الله وذكر الله, والتحصن بالأوراد الشرعية, وقراءة القرآن, وآية الكرسي, والمعوذتين, وقل هو الله أحد, وبهذا يتحصن الإنسان من الشياطين الذين يريدون الشر, أما الجن المؤمنون الصالحون فهم لا يريدون شرا ولا يفعلون الشر, لكن الفسقة والسفهاء والمؤذون أعطى الله الإنسان حصنا وأورادا, ومن ذلك الاسم.

فهم إذا سمى الله عموا عنه, والأصل أنهم يرونا ولا نراهم, لكن قد نراهم أحيانا قد يبرزون ويظهرون أحيانا, كما هو الواقع.

سؤال: ×××

الشرح: نعم أرواح أعطاهم الله القدرة على التصور والتشكل, ثم قال سبحانه: {إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون}[الأعراف:27]. فيه أن الله تعالى جعل الشياطين أولياء لغير المؤمنين يتولونهم, كل يتولى ما يناسبه على شكله, وفي يوم القيامة كذلك يكون كل شكل مع شكله تزوج النفوس يعني تقرن بأشكالها فالأخيار مع الأخيار والأشرار مع الأشرار, فالله تعالى جعل الشياطين أولياء للكفرة, للذين يتولونهم ويناصرونهم ويكونون معهم, ولهذا الشياطين تعمل مع الكفرة مع السحرة فهم أولياء لهم, وأما المؤمنون فإن وليهم الله ورسوله والمؤمنون.

{والذين كفروا بعضهم أولياء بعض}, من الجن, ومن الإنس, ومن أسلم من الجن لا يسمى شيطان, ومن كفر يسمى شيطان, {إن جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون}.

سؤال : ما معنى من حيث لا يرونكم يا شيخ؟

الشيخ :يرونك ولا تراهم

سؤال : لفظة من حيث ؟                

الشيخ : على ظاهرة حيث يراد به مكانهم في مكان يرونك ولا تراهم

قارئ المتن :حديث لبس الثوب قال المؤلف الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه عمامة أو قميصا أو رداءا يقول اللهم لك الحمد كما كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له )رواه أبو داوود والترمذي وقال حديث حسن

الشيخ : لا بأس بسنده يسميه باسمه يعني قميص عمامة ثوب غتره سروال يقول الحمد لله أنت كسوتنيه اللهم إني أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له، موعود بأنه يعطيه الله خيره ويكفيه شره

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد