(المتن)
إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم، ولكن كان قومه كما شدد خلقهم شدد على قلوبهم، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق؛ ولهذا دعاهم هود، عليه السلام، إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإلى طاعته وتقواه.
{قال الملأ الذين كفروا من قومه} -والملأ هم: الجمهور والسادة والقادة منهم -: {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين} أي: في ضلالة حيث دعوتنا إلى ترك عبادة الأصنام، والإقبال إلى عبادة الله وحده [لا شريك له] كما تعجب الملأ من قريش من الدعوة إلى إله واحد {فقالوا} {أجعل الآلهة إلها واحدا [إن هذا لشيء عجاب] } [ص: 5] .
{قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين} أي: لست كما تزعمون، بل جئتكم بالحق من الله الذي خلق كل شيء، فهو رب كل شيء ومليكه {أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين} وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل البلاغة والنصح والأمانة.
{أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم} أي: لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذاكم.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
هذه الآيات الكريمات فيها ما قصه الله علينا سبحانه وتعالى من نبأ الرسل وأممهم وأقوامهم, قص الله علينا قصة نوح ثم قصة نوح وقومه وقصة هود وقومه قال: {وإلى عاد أخاهم هودا}. يعني: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا, {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون}, وهذه هي عاد الأولى, والمفهوم أن هناك عاد الثانية وهي المذكورة في سورق الأحقاف, {واذكر أخا عاد إذا أنذر قومه بالأحقاف}, والأحقاف مكان في اليمن من جهة حضرموت, وأما قوم هود عليه الصلاة والسلام كما ذكر هذا الأثر فهذا هذا من أخبار بني إسرائيل من روايات محمد بن إسحاق في السير والمغازي, والصواب: أنه لا يعرف قبر نبي ما عدا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية, أنه لا يعرف قبر نبي من الأنبياء إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معروف قبره.
وأما هذا الخبر الذي ذكره محمد بن إسحاق, ذكره محمد بن إسحاق في السير والمغازي, ومعروف أهل السير لا يمحصون الروايات كالمحدثين, فهذا من أخبار بني إسرائيل.
وهود عليه الصلاة والسلام دعا, دعا الناس إلى التوحيد إلى توحيد الله كسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}. دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم, يدعونهم إلى التوحيد {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}, وهذا هو معنى كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" نفي وإثبات "لا إله": نفي العبادة عن غير الله وهذا هو الكفر بالطاغوت, "إلا الله": إثبات العبادة لله وحده وهذا هو الإيمان بالله, وهذا هو معنى قول الرسل: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}, {ما لكم من إله غيره} هذا النفي {اعبدوا الله} هذا الإثبات, ليس هناك توحيد إلا بأمرين: بالإثبات والنفي, توحيد العبادة قائم على أصلين: النفي والإثبات, نفي العبادة عن غير الله وهذا هو الكفر الطاغوت, والأصل الثاني: إثبات العبادة لله وهذا هو الإيمان بالله وحده.
قال الله تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى}, فمن يكفر بالطاغوت هذا هو النفي نفي العبادة عن غير الله الكفر بالطاغوت البراءة من كل معبود سوى الله وتركها, وتكفير أهلها, ومعاداتهم, {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون}, أفلا تتقون الله وتخشون عقابه, وتؤمنون بالله ورسله.
{قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين}.
هكذا قابلوا نبيهم عليه الصلاة والسلام, وهذا من جهلهم وضلالهم وشقائهم قالوا: {إنا لنراك في سفاهة}, وقوم نوح قالوا: {إنا لنراك في ضلالة وإنا لنظنك من الكاذبين}, فرد عليهم قال: {يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالة ربي وأنا لكم ناصح أمين}.
هذه هي صفة الرسل عليهم الصلاة والسلام: البلاغ والنصح والأمانة,
{أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين}.
{أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم} كيف تعجبون أن جاءكم رجل من أنفسكم وأرسله الله إليكم ينذركم بأس الله ونقمته, {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} ذكرهم بإهلاك الله لقوم نوح وأنهم خلفوهم في الأرض {وزادكم في الخلق بسطة}, ذكرهم بنعمة الله لأن الله أعطاه قوة وبسطة في أجسامهم فكانوا طوالا, ولهذا لما أهلكهم الله قال: {كأنهم أعجاز نخل خاوية}, لما أهلكهم الله بالريح صارت ترفع الواحد منهم في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتدق عنقه فيبين جسده من عنقه فإذا سقطوا كأنهم أعجاز نخل خاوية, كأنهم أصول نخل قطعت {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} ذكرهم بنعمة الله اذكروا آلاء الله نعم الله عليكم واشكروه بالعبادة وإخلاص الدين له وإتباع رسوله, ماذا ردوا عليه؟
ردوا عليه ردا قبيحا {قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا} كيف تأتنا لنخلص العبادة لله وحده ونترك ما عليه الآباء والأجداد, هذه هي الطاعة العمياء في إتباع الآباء والأجداد في الباطل, وهذه هي حجة قريش, كل الأمم الكافرة قالوا: {بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا}, فرعون قال: {فما بال القرون الأولى} هذه هي الحجة الملعونة وهي إتباع الآباء والأجداد في الباطل, {قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}.
تحدي قالوا ائتنا بالعذاب الذي تعدنا به إن كنت من الصادقين, فهؤلاء والعياذ بالله وفي الآية الأخرى أخبر الله أنهم افتخروا بقوتهم وقالوا: {من أشد منا قوة}, قال الله: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآيتنا ويجحدون}.
فأهلكهم الله بالعذاب بالريح الذي سخره عليهم سبع ليال وثمانية أياما حسوما, نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
{أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم} أي: لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذاكم، {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} أي: واذكروا نعمة الله عليكم إذ جعلكم من ذرية نوح، الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته، لما خالفوه وكذبوه، {وزادكم في الخلق بسطة} أي: زاد طولكم على الناس بسطة، أي: جعلكم أطول من أبناء جنسكم، كما قال تعالى: في قصة طالوت: {وزاده بسطة في العلم والجسم} [البقرة:247] {فاذكروا آلاء الله} أي: نعمه ومننه عليكم {لعلكم تفلحون} [وآلاء جمع ألى وقيل: إلى].
الشرح: بالفتح وبالكسر.
القارئ: أي نعم يقول في القاموس: والآلاء النعم واحدها إلى وألو وآلو, وألا وإلا بالياء الأولى والثانية بالياء.
الشرح: هنا يقول جمع ألا وإلى ألا وإلى جمعها آلاء, هذه في القاموس يمكن تكون هذه من أفراده قد يكون له أفراد متعددة إلى وألى وألو.
القارئ: وألو وآلو, وألا وإلا
الشرح: إلى وألا وألو ممكن, ولا علق عليها.
القارئ: يقول هنا زيادة من كاف وميم.
الشرح: زيادة من بعض النسخ في القاموس ما ذكر شيء نعم.
القارئ: قال: والآلاء النعم واحدها إلي وألو وآليو.
الشرح: آليو كذا بتنوين.
القارئ: أي نعم وآليو هكذا أحسن الله إليك, وإلى وآلى والألي كغني الكثير الأيمان. إلى آخر ما ذكر.
الشرح: هذا معنى آخر .
(المتن)
{قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (70) قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين (71) فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين (72) }.
يقول تعالى مخبرا عن تمردهم وطغيانهم وعنادهم وإنكارهم على هود، عليه السلام: {قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده [ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين] } كما قال الكفار من قريش: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [الأنفال:32].
وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره: أنهم كانوا يعبدون أصناما، فصنم يقال له: صداء، وآخر يقال له: صمود، وآخر يقال له: الهباء.
ولهذا قال هود، عليه السلام: {قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب} أي: قد وجب عليكم بمقالتكم هذه من ربكم رجس [وغضب] قيل: هو مقلوب من رجز. وعن ابن عباس: معناه السخط والعذاب.
{أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم} أي: أتحاجوني في هذه الأصنام التي سميتموها أنتم وآباؤكم آلهة، وهي لا تضر ولا تنفع، ولا جعل الله لكم على عبادتها حجة ولا دليلا؛ ولهذا قال: {ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين}.
وهذا تهديد ووعيد من الرسول لقومه؛ ولهذا عقب بقوله: {فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين}.
(الشرح)
قوله: {تجادلون في أسماء سميتموها}, يعني: أن هذه الآلهة ليست آلهة إلا بتسميتكم أنتم, أنتم سميتموها آلهة أنتم وآبائكم والتسمية لا تجعل الشيء حقيقة تسمية هذه تسمية باطلة منكم ومن آبائكم, ليس لكم عليها دليل ولا حجة ولا برهان, العبرة بالحجة والبرهان والدليل هاتوا البرهان والحجة والبرهان على أنها آلهة ما عندكم إلا التسمية فقط أنتم سميتموها آلهة وآبائكم والتسمية لا تغير الحقائق, ولا تجعل الشيء حقا, وإنما هي تسمية فقط أنتم سميتموها آلهة وسماها آبائكم آلهة, ولكن ليس عندكم دليل ولا حجة ولا برهان وهذا كلام واضح لو كانوا يعقلون.
(المتن)
وقد ذكر الله، سبحانه، صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن، بأنه أرسل عليهم الريح العقيم، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، كما قال في الآية الأخرى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية} [الحاقة:6-8].
(الشرح)
وهذا تفصيل لقوله: {فانتظروا إني معكم من المنتظرين}, فانتظروا انتظروا العذاب بينه الله في هذه الآيات التي ذكرها المؤلف, أن العذاب هو الريح التي سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما, {فانتظروا} فانتظر هود وانتظروا فآتاهم العذاب, نسأل الله العافية.
(المتن)
لما تمردوا وعتوا أهلكهم الله بريح عاتية، فكانت تحمل الرجل منهم فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتثلغ رأسه حتى تبينه من جثته.
(الشرح)
تنكسه نسأل الله العافية ثم تنكسه على أم رأسه, يعني ترفعه هكذا ثم ينكس, فيكون رأسه من الأسفل وجسده فوق نعوذ بالله, فإذا سقط على الأرض انفصلت الجثة عن الرأس, وصار الجسد إذا التقط من طولهم كأنه أصول نخل قطعت رؤوسها, نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
فكانت تحمل الرجل منهم فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتثلغ رأسه حتى تبينه من جثته, ولهذا قال: {كأنهم أعجاز نخل خاوية}.
وقال محمد بن إسحاق: كانوا يسكنون باليمن بين عمان وحضرموت، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض وقهروا أهلها، بفضل قوتهم التي آتاهم الله، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله، فبعث الله إليهم هودا، عليه السلام، وهو من أوسطهم نسبا، وأفضلهم موضعا، فأمرهم أن يوحدوا الله ولا يجعلوا معه إلها غيره، وأن يكفوا عن ظلم الناس، فأبوا عليه وكذبوه، وقالوا: من أشد منا قوة؟ واتبعه منهم ناس، وهم يسير يكتمون إيمانهم،
(الشرح) يعني قلة
(المتن)
فلما عتت عاد على الله وكذبوا نبيه، وأكثروا في الأرض الفساد وتجبروا، وبنوا بكل ريع آية عبثا بغير نفع، كلمهم هود فقال: {أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون} [الشعراء:128-131].
{قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} أي: بجنون {قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}.
(الشرح)
هذا من بينة هود من أخفى الآيات آية هود عليه الصلاة والسلام, حتى أنهم قالوا ما جئتنا ببينة هات المعجزة هات الدليل مثل الرسل, والبينة هو أنه تحداهم أن يكيدوه وهم أمة عظيمة مشهورة بالقوة وهم جمع كثير وهو واحد تحداهم قال كيدوني وعاجلوني بالعقوبة إن استطعتم أنا أمامكم واحد, وأنتم أمة قاهرة فما استطاعوا {فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}, لا تمهلوني عاجلوني بالعقوبة إن استطعتم فما استطاعوا هذه آيات هود أنه تحداهم بأن يمسوه بسوء كيف لا يأخذونه لماذا لا يأخذونه ويقتلونه ما استطاعوا, وقف أمامهم وتحداهم أن يصيبوه بسوء فما استطاعوا هذه آية هود عليه السلام, قالوا ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا هات البينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} آلهة أصابتك بجنون, فتبرأ منهم, وأشدهم وأشهد الله أنه بريء منهم {قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه}, ثم تحداهم فقال: {فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}, كيدوني عاجلوني بالعقوبة إن استطعتم ولا تمهلوني فما استطاعوا فهذه آيته عليه الصلاة والسلام.
(المتن)
{قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون* إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} [هود:53-56]
قال محمد بن إسحاق: فلما أبوا إلا الكفر به، أمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين، فيما يزعمون، حتى جهدهم ذلك، قال: وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان، فطلبوا من الله الفرج فيه، إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته، وكان معروفا عند أهل ذلك الزمان, وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلا يقال له: "معاوية بن بكر"، وكانت له أم من قوم عاد، واسمها جلهدة ابنة الخيبري، قال: فبعثت عاد وفدا قريبا من سبعين رجلا إلى الحرم، ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة فنزلوا عليه، فأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان -قينتان لمعاوية -وكانوا قد وصلوا إليه في شهر، فلما طال مقامهم عنده وأخذته شفقة على قومه، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف، عمل شعرا يعرض لهم بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنياهم به، فقال:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يصبحنا غماما ...
فيسقي أرض عاد إن عادا ... قد أمسوا لا يبينون الكلاما ...
من العطش الشديد فليس نرجو ... به الشيخ الكبير ولا الغلاما ...
وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم عيامى
وإن الوحش تأتيهم جهارا ... ولا تخشى لعادي سهاما ...
وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما ...
فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما ...
قال: فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم، ودعوا لقومهم فدعا داعيهم، وهو: "قيل بن عتر" فأنشأ الله سحابات ثلاثا: بيضاء، وسوداء، وحمراء، ثم ناداه مناد من السماء: "اختر لنفسك -أو: -لقومك من هذه السحاب"، فقال: "اخترت هذه السحابة السوداء، فإنها أكثر السحاب ماء" فناداه مناد: اخترت رمادا رمددا، لا تبقي من عاد أحدا، لا والدا تترك ولا ولدا، إلا جعلته همدا، إلا بني اللوذية المهندا قال: وبنو اللوذية: بطن من عاد مقيمون بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم - قال: وهم من بقي من أنسالهم وذراريهم عاد الآخرة - قال: وساق الله السحابة السوداء، فيما يذكرون، التي اختارها "قيل بن عتر" بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له: "المغيث"، فلما رأوها استبشروا، وقالوا: {هذا عارض ممطرنا} يقول: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف:24، 25].
أي: تهلك كل شيء مرت به، فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح، فيما يذكرون، امرأة من عاد يقال لها: مهد فلما تبينت ما فيها صاحت، ثم صعقت. فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا مهد؟ قالت ريحا فيها شهب النار، أمامها رجال يقودونها. فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما، كما قال الله.
و "الحسوم": الدائمة -فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك واعتزل هود، عليه السلام، فيما ذكر لي، ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومن معه إلا ما تلين عليه الجلود، وتلتذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالطعن ما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة.
وذكر تمام القصة بطولها، وهو سياق غريب فيه فوائد كثيرة، وقد قال الله تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ} [هود:58].
الشرح: لا شك أن الله تعالى نجى هودا ومن معه لكن سياق هذه القصة كل هذه من قصص محمد بن إسحاق في السيرة, كلها من أخبار من بني إسرائيل, لكن الله تعالى أخبرنا أنه نجى هودا ومن معه وأن الله أهلكهم وهذا لا شك فيه, لكن ما زاد عن كلامه في قصة المرأة ومجيئهم للحرم كل هذا من أخبار بني إسرائيل.
القارئ: أحسن الله إليك.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
(المتن)
قال الحافظ بن كثير – رحمه الله -: وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قريب مما أورده محمد بن إسحاق بن يسار، رحمه الله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، قال: حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله، إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وإذا بلال متقلد سيفا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما شأن الناس؟ فقالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها.
قال: فجلست، فدخل منزله -أو قال: رحله فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت وسلمت، قال: هل بينكم وبين تميم شيء؟ قلت: نعم، وكانت لنا الدبرة عليهم، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب. فأذن لها، فدخلت، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا، فاجعل الدهناء. فحميت العجوز واستوفزت، وقالت: يا رسول الله، فإلى أين يضطر مضرك؟.
(الشرح)
فإلى أين يضطر مضرك, يعني العجوز صارت ضده الآن حملها وهي من بني تميم العجوز هذه وما يدري سألته أن يحملها إلى الرسول وهي خصمه صارت خصما له, مر بها وقالت تحملني للرسول, فلما سمعت أنه يتكلم في بني تميم وهي من بني تميم حميت وقالت: إلى أين يضطر مضرك, صارت خصما له, حملها فصارت خصما له.
(المتن)
فقالت: يا رسول الله، فإلى أين يضطر مضرك؟ قال: قلت: إن مثلي مثل ما قال الأول: "معزى حملت حتفها"، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد!.
(الشرح)
هذا الشاهد أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد, هذا الشاهد من قصة عاد, نعم يعني أنه حملها وهي خصما له مثل معزى حملت حتفها, حملتها وصارت ضدي.
(المتن)
قال: وما وافد عاد؟ -وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه -قلت: إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له: "قيل"، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان، يقال لهما: "الجرادتان"، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه. اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود، فنودي: منها "اختر". فأومأ إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها: "خذها رمادا رمددا، لا تبقي من عاد أحدا". قال: فما بلغني أنه بعث الله عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا، حتى، هلكوا -قال أبو وائل: وصدق -قال: وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا: "لا تكن كوافد عاد".
هكذا رواه الإمام أحمد في المسند، ورواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب، به نحوه: ورواه النسائي من حديث سلام بن أبي المنذر. عن عاصم -وهو ابن بهدلة -ومن طريقه رواه ابن ماجه أيضا، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان البكري، به.
ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن حباب، به. ووقع عنده: "عن الحارث بن يزيد البكري" فذكره، ورواه أيضا عن أبي كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن الحارث بن حسان البكري، فذكره ولم أر في النسخة "أبا وائل"، والله أعلم.
{وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}.
(الشرح)
هذه القصة فيها أنهم أتوا إلى الحرم وأنهم دعوا الله وكذا, لكن ذكر الحافظ في البداية وكذلك الحافظ بن حجر: أن هذه القصة غير صحيحة, وأن الحرم لأن في ذلك الوقت ما بنيت الكعبة, الكعبة بناها إبراهيم عليه الصلاة والسلام, وعاد كانوا قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام, وإبراهيم هو الذي يظهر الحرم قال حرمة الحرم قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن إبراهيم حرم مكة, وإني حرمت المدينة».
حرمها يعني: أظهر تحريمها هو الذي أظهر التحريم, وعاد كانوا قبل ذلك, وهذه القصة كلها من أخبار يعني مدارها على أنها من أخبار بني إسرائيل, فلا تصح أنهم أتوا إلى الحرم, وأنهم كذا, الحرم في ذلك الوقت ما بنيت الكعبة, بنيت الكعبة في زمن الخليل عليه الصلاة والسلام.
طالب: ×××أعوذ بالله وبرسوله؟
الشرح: الاستعاذة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه لا بأس به الحي الحاضر, كأن تقول لشخص حاضر: أعذني من شر أولادك, أسألك أن تعيذني من شر أولادك, أعوذ بك من شر أولادك, من شر عبيدك, فالحي الحاضر يستعاذ به فيما يقدر عليه, أما ما لا يقدر عليه إلا الله فهذا لا يجوز الاستعاذة به من استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا مشرك, مثل الدعاء دعاء الحي الميت الغائب شرك, ودعاء الحاضر فيما يقدر عليه جائز, تدعو شخص تقول يا فلان ادعوك بأن تعينني في إصلاح سيارتي, أو إصلاح مزرعتي, أو أن تقرضني تدعوه, الحي الحاضر, لكن دعاء الميت شرك والغائب, كذلك الاستعاذة بالغائب, أو فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك, أما للحي الحاضر فيما يقدر عليه لا بأس أن تستعيذ منه فيعيذك بما يقدر عليه.
طالب: ×××
الشرح: على كل حال أقول هذا الخبر يعني معروف يعني هذا لو صح الخبر الخبر هذا ما يصح .
(المتن)
{وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (73) }.
{واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (74) قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون (75) قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون (76) فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين (77) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (78) }.
قال علماء التفسير والنسب: ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وهو أخو جديس بن عاثر.
الشرح: جديس, واسمه جديس وهؤلاء هم العرب العاربة الذين هلكوا.
(المتن)
وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم، كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل، عليه السلام، وكانت ثمود بعد عاد، ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم، وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع.
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما, قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا منها القدور. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهراقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم".
(الشرح)
وهذا فيه دليل على أنه لا يجوز الشرب من آبار ديار ثمود, والاستفادة من مياههم, ولهذا لما استقوا منها أمر النبي أن يهراق الماء, ولما عجنوا منها أمر أن يعلف العجين الإبل, فلا يجوز الشرب من آبار ثمود, ولا استعمالها, ومن أخذ شيئا عليه أن يهريقه, ويجوز أخذ الماء من بئر الناقة, ولهذا مال بهم إلى بئر الناقة بئر الناقة لا بأس به, وكذلك أيضا نهاهم أن يدخلوا بيوتهم إلا باكين, فإن لم يبكوا فليتباكوا, قال خشية أن يصيبكم ما أصابهم, قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تبكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم, فأماكن العذاب لا يجوز دخولها إلا على وجه الخشوع والتخضع والبكاء, أما على وجه الفرجة والضحك فهذا لا يجوز, وكثير من الناس يجعلونها الآن زيارات, يزورونها الآن, ويجعلونها محلات منتزهات أو سياحة وهذا لا ينبغي هذا لا يجوز إلا على وجه التباكي, النبي نهى عنه, والنهي للتحريم, قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تبكوا", إلا أن تكونوا باكين يعني خشية أن يصيبكم ما أصابهم.
طالب:نحذر الناس؟
الشرح: نعم نحذر الناس مما حذر منه الرسول عليه الصلاة والسلام الرسول حذر قال: لا تدخلوا, النهي للتحريم.
(المتن)
ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم".
وقال [الإمام] أحمد أيضا: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم".
(الشرح)
وهذا نهي والنهي للتحريم نهاهم ينهى تدخل في أي حال من الأحوال إلا في حال واحدة "إلا أن تكونوا باكين".
فإن لم يبكي فليتباكى يعني يكون عنده عبرة وعظة وتخشع وخوف.
(المتن)
وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا المسعودي، عن إسماعيل بن واسط، عن محمد بن أبي كبشة الأنماري، عن أبيه قال: لما كان في غزوة تبوك، تسارع الناس إلى أهل الحجر، يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادى في الناس: "الصلاة جامعة". قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول: "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم".
فناداه رجل منهم: نعجب منهم يا رسول الله. قال: "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وبما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا".
(الشرح)
وقوله: رجل منكم يعني يقصد نفسه عليه الصلاة والسلام, هذا في سنده المسعودي وقد اختلط لكن الحديث نعم يشهد له ما قبله في النهي عن الدخول دخول مساكنهم, قال ايش أعد قال لا تدخلوا.
(المتن)
فنادى في الناس: "الصلاة جامعة". قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول: "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم".
فناداه رجل منهم: نعجب منهم يا رسول الله. قال: "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وبما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا".
لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه: عمر بن سعد، ويقال: عامر بن سعد، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق: قال: حدثنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنهما, قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح فكانت -يعني الناقة -ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما، فعقروها، فأخذتهم صيحة، أخمد الله من تحت أديم السماء منهم، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله". فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: "أبو رغال. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه".
وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة، وهو على شرط مسلم.
الشرح: ايش قال تكلم عن الحديث هذا.
القارئ: ×××
الشرح: رجال أحمد رجال الصحيح قد يكون رجال الصحيح لكن صاحب الصحيح قد ينتقي من الأحاديث بعض الرجال بعض رجال الصحيحين البخاري رحمه الله ما يروي عنهم إلا حديث واحد, يروي عنهم حديث واحد وبقية الأحاديث لا يرويها, من ينتقي مثل البخاري ومثل أصحاب الصحيح صيارفة هؤلاء محدثون ما يلزم من كون الرجال رجال الصحيح أنه يكون الحديث صحيح ما يلزم, قد يكون من بعض رجال الصحيح لكن هذا الحديث ما يصح, ورجال الصحيح انتقوا من أحاديثهم أصح, لكن أنت ما تستطيع تنتقي مثل ما انتقى البخاري ومسلم.
على كل حال في كلام هذا مثل ما ذكر الآن فيه أبو الزبير, لكنه صرح بالتحذير.
(المتن)
فقوله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} أي: ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا.
الشرح: بركة قف على هذا.
(انتهى)