بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين, أما بعد:
غفر الله لك.
يقول الله تعالى: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين (132) فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (133) ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل (134) فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون (135) }.
(المتن)
يقول الحافظ بن كثير رحمه الله: هذا إخبار من الله، عز وجل، عن تمرد قوم فرعون وعتوهم، وعنادهم للحق وإصرارهم على الباطل في قولهم: {مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} يقولون: أي آية جئتنا بها ودلالة وحجة أقمتها، رددناها فلا نقبلها منك، ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، قال الله تعالى: {فأرسلنا عليهم الطوفان}.
اختلفوا في معناه، فعن ابن عباس في رواية: كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمار. وبه قال الضحاك بن مزاحم.
وقال ابن عباس في رواية أخرى: هو كثرة الموت. وكذا قال عطاء.
وقال مجاهد: {الطوفان} الماء، والطاعون على كل حال.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا يحيى بن يمان، قال: حدثنا المنهال بن خليفة، عن الحجاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطوفان الموت".
وكذا رواه ابن مردويه، من حديث يحيى بن يمان، به وهو حديث غريب.
وقال ابن عباس في رواية أخرى: هو أمر من الله طاف بهم، ثم قرأ: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون}.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
هذه الآيات الكريمة يقول تعالى: {مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} فيها منتهى العناد من فرعون وآل فرعون منتهى العناد, فإنهم قالوا: أي آية تأتنا بها لا نؤمن لك, هذا نهاية العناد والكفر والاستكبار والعتو والاعتداد بالأنفس, لو قالوا: لو أتتنا بآية ننظر فيها لكن قالوا لن نؤمن لك, أي آية تأتنا بها لن نؤمن بك, فهذا نهاية العناد والكفر والاستكبار, ولهذا أرسل عنهم هذه الآيات عقوبة عاجلة ثم أهلكهم الله الطوفان هو الماء الكثير المغرق ليس هو الموت وليس وباء كما قيل وإنما الطوفان: يريد الطوفان الذي أهلك الله به قوم نوح الماء, الماء الكثير المغرق ثم أرسل عنهم الجراد, ثم القمل, ثم الضفادع, ثم الدم, آيات متتابعة فالطوفان أولا كثرة الماء والله أعلم بكيفية الماء يعني كثر الماء عليهم حتى آذاهم, ثم الجراد آذاهم, ثم الضفادع آذاهم, وكلما أتتهم آية قالوا لموسى: {ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل}[الأعراف:134].
فيكشف الله عنهم فيستمرون على عنادهم وكفرهم ولا يوفون بما وعدوا, ثم يرسل عليهم الآية الأخرى, وهكذا, فالطوفان الماء الكثير.
(المتن)
وأما الجراد فمعروف مشهور، وهو مأكول؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي يعفور قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى عن الجراد، فقال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد.
وروى الشافعي، وأحمد بن حنبل، وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطحال".
ورواه أبو القاسم البغوي، عن داود بن رشيد، عن سويد بن عبد العزيز، عن أبي تمام الأيلي، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر مرفوعا مثله.
وروى أبو داود، عن محمد بن الفرج، عن محمد بن الزبرقان الأهوازي، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد فقال: "أكثر جنود الله، لا آكله، ولا أحرمه".
وإنما تركه، عليه السلام لأنه كان يعافه، كما عافت نفسه الشريفة أكل الضب، وأذن فيه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في جزء جمعه في الجراد، من حديث أبي سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا نصر بن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الجراد، ولا الكلوتين، ولا الضب، من غير أن يحرمها.
أما الجراد: فرجز وعذاب. وأما الكلوتان: فلقربهما من البول. وأما الضب فقال: "أتخوف أن يكون مسخا"، ثم قال غريب، لم أكتبه إلا من هذا الوجه.
(الشرح)
منكر يعني فيه نكارة أما الجراد: فرجز وعذاب. وأما الكلوتان: فلقربهما من البول, ليس هذا الكلوتين حلال والجراد حلال وهذا معروف النبي ما كان يأكل الجراد هذا فيه متنه نكارة وفيه عنعنة ابن جريج, عن ابن جريج عن عطاء, عن ابن عباس. تكلم على السند.
القارئ: نعم.
الشرح: نعم فهو ضعيف, وفي أيضا متنه نكارة منكرا, وأما الكلوتان: فلقربهما من البول أما الجراد: فرجز وعذاب. يعني هذا يعني التعليل بأن النبي لم يأكله لأنه رجز وعذاب صحيح رجز وعذاب لبني إسرائيل رجز وعذاب, لكنه حلال, والكلوتان فلقربهما من البول فهذا في متنه نكارة, وفيه انقطاع لعنعنة ابن جريج.
الصواب: أن الجراد حلال ليس فيه إشكال, وكذلك الكليتان ليس فيها إشكال ولا شبهة.
(المتن)
وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يشتهيه ويحبه، فروى عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن عمر سئل عن الجراد فقال: ليت أن عندنا منه قفعة أو قفعتين نأكله.
الشرح: نعم والصحابة أكلوه ... يأكل الجراد مع النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يقل أنه رجز وعذاب.
(المتن)
وروى ابن ماجه: قال: حدثنا أحمد بن منيع، عن سفيان بن عيينة، عن أبي سعد سعيد بن المرزبان البقال، قال: أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يتهادين الجراد على الأطباق.
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن نمير بن يزيد القيني, قال: حدثني أبي، عن صدي بن عجلان، وهو أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مريم بنت عمران، عليها السلام، سألت ربها [عز وجل] أن يطعمها لحما لا دم فيه، فأطعمها الجراد، فقالت: اللهم أعشه بغير رضاع، وتابع بينه بغير شياع" وقال نمير الشياع الصوت.
الشرح: الحديث ضعيف السند ومنكر المتن أيضا, لأن كون مريم تدعو بأن يرزقها الله لحم لا دم فيها هذا منكر, وكونها تدعو عليه هذا منكر المتن فيه نكارة وإسناده ضعيف.
(المتن)
حدثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك اليزني قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي زهير النميري.
الشرح: بقية بن الوليد صرح بالتحديث, وإسماعيل بن عياش هذا روايته عن الشاميين لا بأس بها, وروايته عن .... ضعيفة.
(المتن)
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد} قال: كانت تأكل مسامير أبوابهم، وتدع الخشب.
وروى ابن عساكر من حديث علي بن زيد الخرائطي، عن محمد بن كثير، قال: سمعت الأوزاعي يقول: خرجت إلى الصحراء، فإذا أنا برجل من جراد في السماء، وإذا برجل راكب على جرادة منها.
الشرح: برجل يعني جماعة من الجراد.
(المتن)
وإذا برجل راكب على جرادة منها وهو شاك في الحديد، وكلما قال بيده هكذا، مال الجراد مع يده، وهو يقول: الدنيا باطل باطل ما فيها، الدنيا باطل باطل ما فيها، الدنيا باطل باطل ما فيها.
وروى الحافظ أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري، حدثنا محمد بن الحسن بن زياد، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا وكيع، عن الأعمش، قال: أنبأنا عامر قال: سئل شريح القاضي عن الجراد، فقال: قبح الله الجرادة. فيها خلقة سبعة جبابرة: رأسها رأس فرس، وعنقها عنق ثور، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسر، ورجلاها رجلا جمل. وذنبها ذنب حية، وبطنها بطن عقرب.
و [قد] قدمنا عند قوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة} [المائدة:96] حديث حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة، فاستقبلنا رجل جراد، فجعلنا نضربه بالعصي، ونحن محرمون، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [عن ذلك] فقال: "لا بأس بصيد البحر".
(الشرح)
وهذا ضعيف الحديث ضعيف أبي المهزم ضعيف, والصواب: أنه من صيد البر وليس من صيد البحر, ولا يجوز للمحرم صيد الجراد, ولهذا ذكر العلماء أن من صاد الجراد فيه الفدية, قال بعضهم كل جرادة فيها كذا, والحديث هذا ضعيف, فيه أبو المهزم وهو ضعيف والجراد ليس من صيد البحر, وإنما هو من صيد البر.
(المتن)
وروى ابن ماجه، عن هارون الحمال عن هاشم بن القاسم، عن زياد بن عبد الله بن علاثة، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أنس وجابر [رضي الله عنهما] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان إذا دعا على الجراد قال: "اللهم أهلك كباره، واقتل صغاره، وأفسد بيضه، واقطع دابره، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا، إنك سميع الدعاء". فقال له جابر: يا رسول الله، أتدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره؟ فقال: "إنما هو نثرة حوت في البحر" قال هاشم أخبرني زياد أنه أخبره من رآه ينثره الحوت قال: من حقق ذلك إن السمك إذا باض في ساحل البحر فنضب الماء عنه وبدا للشمس، أنه يفقس كله جرادا طيارا.
(الشرح)
المقصود: أن الحديث ضعيف السند, وكذلك منكر المتن لا يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على الجراد, الجراد يصطاد منه يمكن يصاد ويأكل وهو طعام المسلمين, وأما ضرره يمكن .....ضرره بدفنه ومعالجته, أما هذا الحديث فهو ضعيف أن النبي كان يدعو بهذا الدعاء.
(المتن)
وقدمنا عند قوله: {إلا أمم أمثالكم} [الأنعام:38] حديث عمر، رضي الله عنه: "إن الله خلق ألف أمة، ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، وإن أولها هلاكا الجراد".
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا يزيد بن المبارك، قال: حدثنا عبد الرحمن بن قيس، قال: حدثنا سالم بن سالم، قال: حدثنا أبو المغيرة الجوزجاني محمد بن مالك، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وباء مع السيف، ولا نجاء مع الجراد". حديث غريب.
(الشرح)
نعم هذا الحديث فيه غرابة «لا وباء مع السيف ولا نجاء مع الجراد».
(المتن)
وأما {القمل} فعن ابن عباس: هو السوس الذي يخرج من الحنطة. وعنه أنه الدبى -وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له. وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة.
وعن الحسن وسعيد بن جبير: {القمل} دواب سود صغار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {القمل} البراغيث.
وقال ابن جرير {القمل} جمع واحدتها "قملة"، وهي دابة تشبه القمل، تأكل الإبل، فيما بلغني، وهي التي عناها الأعشى بقوله: قوم تعالج قملا أبناؤهم وسلاسلا أجدا وبابا مؤصدا.
قال: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن القمل عند العرب "الحمنان"، واحدتها "حمنانة"، وهي صغار القردان فوق القمقامة.
الشرح: نعم القمقامة أولا ثم حمنانة ثم قراد ثم حلمة, هذا يدل على أنها تأكل الإبل يعني تعض الإبل, الحمنان معروف مثل الجراد لأن القراد الصغير كيف تأكلها الإبل هي تأكل الإبل تعض الإبل المراد.
(المتن)
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن حميد الرازي، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير قال: لما أتى موسى، عليه السلام، فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم الطوفان -وهو المطر -فصب عليهم منه شيئا، خافوا أن يكون عذابا، فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا المطر، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل. فأنبت لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلأ فقالوا: هذا ما كنا نتمنى. فأرسل الله عليهم الجراد، فسلطه على الكلأ فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك ليكشف عنا الجراد فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه، فكشف عنهم الجراد، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فداسوا وأحرزوا في البيوت.
الشرح: داسوا يعني داسوا الزرع.
(المتن)
فقالوا: قد أحرزنا. فأرسل الله عليهم القمل-وهو السوس الذي يخرج منه -فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى، فلا يرد منها ثلاثة أقفزة فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا القمل، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه، فكشف عنهم، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فبينما هو جالس عند فرعون، إذ سمع نقيق ضفدع، فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا. قال وما عسى أن يكون كيد هذا؟ فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع، ويهم أن يتكلم فتثب الضفدع في فيه.
فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه، فكشف عنهم فلم يؤمنوا.
وأرسل الله عليهم الدم، فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار، وما كان في أوعيتهم، وجدوه دما عبيطا، فشكوا إلى فرعون، فقالوا: إنا قد ابتلينا بالدم، وليس لنا شراب. فقال: إنه قد سحركم!! فقالوا: من أين سحرنا، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا وجدناه دما عبيطا؟ فأتوه وقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه، فكشف عنهم، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل.
(الشرح)
قال تعالى: {فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين}[الأعراف:133], {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}[يونس:101].
الآيات تتتابع ومع ذلك استكبروا وكانوا قوما مجرمين, ولا حول ولا قوة إلا بالله, نعوذ بالله من الكبر, موقوف على سعيد بن جبير, ××× الشيخ ابن جرير ××× الرازي ضعيف ×××
لكن الكلام هذا ما قاله دلت عليه الآية كلام صحيح المعنى صحيح أنهم تتابعت عليهم الآيات الطوفان, ثم الجراد, ثم القمل, ثم الضفادع, ثم الدم.
هذا دلت عليه الآية.
(المتن)
وقد روي نحو هذا عن ابن عباس، والسدي، وقتادة وغير واحد من علماء السلف وقال محمد بن إسحاق بن يسار، رحمه الله: فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوبا مغلولا ثم أبى إلا الإقامة على الكفر، والتمادي في الشر، فتابع الله عليه الآيات، وأخذه بالسنين، فأرسل عليه الطوفان، ثم الجراد، ثم القمل، ثم الضفادع، ثم الدم، آيات مفصلات.
فأرسل الطوفان -وهو الماء -ففاض على وجه الأرض ثم ركد.
الشرح: الطوفان هو الماء, أما الأقوال التي رويت أنها الموت وأنه الطاعون هذه أقوال ضعيفة.
(المتن)
ففاض على وجه الأرض ثم ركد لا يقدرون على أن يحرثوا ولا يعملوا شيئا، حتى جهدوا جوعا، فلما بلغهم ذلك {قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} فدعا موسى ربه، فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الجراد، فأكل الشجر، فيما بلغني، حتى إن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد، حتى تقع دورهم ومساكنهم، فقالوا مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم القمل، فذكر لي أن موسى، عليه السلام، أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه، فمشى إلى كثيب أهيل عظيم، فضربه بها، فانثال عليهم قملا حتى غلب على البيوت والأطعمة ومنعهم النوم والقرار، فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له، فدعا ربه، فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا. فأرسل الله عليهم الضفادع، فملأت البيوت والأطعمة والآنية، فلا يكشف أحد ثوبا ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع، قد غلبت عليه. فلما جهدهم ذلك، قالوا له مثل ما قالوا، فسأل ربه فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الدم، فصارت مياه آل فرعون دما، لا يستقون من بئر ولا نهر، ولا يغترفون من إناء، إلا عاد دما عبيطا.
الشرح: على كل حال المعنى معروف المعنى معنى الآية نهذا يدل عليه المعنى, لكن السند يعني فيه غير ثابت موقوف على سعيد.
(المتن)
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور المروزي، قال: أنبأنا النضر، قال: أنبأنا إسرائيل، قال: أنبأنا جابر ابن يزيد عن عكرمة، قال عبد الله بن عمرو: لا تقتلوا الضفادع، فإنها لما أرسلت على بني إسرائيل انطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار، يطلب بذلك مرضات الله، فأبدلهن الله من هذا أبرد شيء تعلمه من الماء، وجعل نقيقهن التسبيح.
الشرح: جابر بن يزيد الجعفي, هذا رافضي متروك رافضي متروك يؤمن بالرجعة يؤمن بالرجعة هذه إلى الدنيا وهذا لا يعول عليه.
جابر بن يزيد رافضي متروك جابر بن يزيد الجعفي, كونها ألقت نفسها في الماء وتريد ايش.
القارئ: قال: يطلب بذلك مرضات الله.
الشرح: نعم. ألقت نفسها في النار يقول.
القارئ: نطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار.
الشرح: تنور تطلب مرضات الله
القارئ: فأبدلهن الله من هذا أبرد شيء يعلمه من الماء.
الشرح: هذا باطل, ليست مكلفة الضفادع.
(المتن)
وروي من طريق عكرمة، عن ابن عباس، نحوه.
وقال زيد بن أسلم: يعني بالدم: الرعاف. رواه ابن أبي حاتم.
القارئ:-
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير سورة الأعراف قال الله تعالى: {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (136) وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137) }.
يخبر تعالى أنهم لما عتوا وتمردوا، مع ابتلائه إياهم بالآيات المتواترة واحدة بعد واحدة، [أنه] انتقم منهم بإغراقه إياهم في اليم، وهو البحر الذي فرقه لموسى، فجاوزه وبنو إسرائيل معه، ثم ورده فرعون وجنوده على أثرهم، فلما استكملوا فيه ارتطم عليهم، فغرقوا عن آخرهم، وذلك بسبب تكذيبهم بآيات الله وتغافلهم عنها.
الشرح: {فانتقمنا منهم فأغرقناهم} لأنهم كذبوا, أخبر الله أن هذا انتقام وأن الله أغرقهم انتقام بسبب تكذيبهم الباء للسبب تكذيبهم {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا} بسبب تكذيبهم الباء للسببية, فيه أن الأحكام معللة وفيه إثبات الأسباب والعلل والرد على الأشاعرة الذين ينكرون الأسباب والعلل, يسمونها: أمارات{فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا} الباء سببية, والقرآن مليء بالأسباب, وأنزلنا من السماء ماء فأخذنا به, يعني بسببه القرآن مليء بالأسباب والعلل {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون}[الإسراء:59].
والأشاعرة ينكرون الأسباب والعلل يسمونها: الأمارات يسمونها الأمارة ××× القول بالأسباب زعموا أن الأسباب لا تأثير لها وأن ......لله
والله تعالى هو الذي ربط الأسباب بالمسببات, أخبر الله تعالى أنه انتقم منهم أغرقهم انتقاما منهم بسبب تكذيبهم بآيات الله, وعصيانهم لرسوله صلى الله عليه وسلم, نعم, {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم} في البحر {بأنهم} الباء سببية {بأنهم كذبوا} يعني بسبب تكذيبهم الباء سببية.
(المتن)
وأخبر تعالى أنه أورث القوم الذين كانوا يستضعفون -وهم بنو إسرائيل - {مشارق الأرض ومغاربها} كما قال تعالى: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
الشرح: لما أغرق الله فرعون ومن معه أورث الله بني إسرائيل أورثهم أرضهم, وديارهم, جنات وعيون وبساتين كلها أورثها الله بني إسرائيل ابتلى الله بني إسرائيل بالفقر والذلة وتسليط العدو عليهم ابتلوا بالضراء, ثم لما أهلك الله فرعون ابتلوا بالسراء,أغدق الله عليهم الأموال, والبساتين, والزروع, والثمار, وصاروا ملوك بعد أن كانوا معذبين يخدمون بمثابة الخدم خدم للقبط خدام صاروا ملوك, ابتلاهم الله أولا بالضراء, ثم ابتلاهم بالسراء, {وبلوناهم بالحسنات والسيئات}[الأعراف:168].
(المتن)
{ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} [القصص:5، 6] وقال تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين} [الدخان:25-28].
الشرح: كم تركوا آل فرعون من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة أورثها الله بني إسرائيل انتقلت إلى بني إسرائيل جنات وعيون وزورع ومقام كريم, تركها آل فرعون بعد أن أهلكهم الله فورثها بني إسرائيل.
(المتن)
وعن الحسن البصري وقتادة، في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} يعني: الشام.
الشرح: يعني الشام هي الأرض المباركة.
(المتن)
وقوله: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}.
الشرح: وكذلك {بما صبروا} الباء للسببية يعني بسبب صبرهم, القرآن مليء بالأسباب في الرد على الأشاعرة الذين ينكرون الأسباب .
(المتن)
قال مجاهد وابن جرير: وهي قوله تعالى: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
الشرح: يعني هذه كلمة رب {وتمت كلمة ربك}, وهي قوله سبحانه: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} هذه كلمة الله, {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل تمت كلمة الله, يعني الله سبحانه وتعالى أتم هذه الكلمة وأنفذها بسبب صبرهم, لأن الله قال: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
فالله من عليهم وجعلهم الوارثين فتمت كلمة الله صدقت كلمة الله.
(المتن)
{ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}, وقوله: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} أي: وخربنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع، {وما كانوا يعرشون}.
قال ابن عباس ومجاهد: {يعرشون} يبنون.
يخبر تعالى عما قاله جهلة بني إسرائيل لموسى، عليه السلام، حين جاوزوا البحر، وقد رأوا من آيات الله وعظيم سلطانه ما رأوا، {فأتوا} أي: فمروا {على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال بعض المفسرين: كانوا من الكنعانيين. وقيل: كانوا من لخم.
قال ابن جريج: وكانوا يعبدون أصناما على صور البقر، فلهذا أثار ذلك شبهة لهم في عبادتهم العجل بعد ذلك، فقالوا: {يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} أي: تجهلون عظمة الله وجلاله، وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والمثيل.
{إن هؤلاء متبر ما هم فيه} أي: هالك {وباطل ما كانوا يعملون}.
وروى الإمام أبو جعفر بن جرير [رحمه الله] في تفسير هذه الآية من حديث محمد بن إسحاق وعقيل، ومعمر كلهم، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي: أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: "ذات أنواط"، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فقال: "قلتم والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى لموسى: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون}.
الشرح: الخلاصة مع موسى شاهدوا فرعون وقد أغرقهم الله في البحر وهم ينظرون, وأهلك الله عدوهم وخرجوا, فلما مروا بقوم يعبدون الأصنام, {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}, هذا الخلاصة الذين نجوا, ولهذا قال لهم موسى عليه السلام: {إنكم قوم تجهلون} [الأعراف:138]
{إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون}[الأعراف:139]
والصحابة الذين أسلموا حديثا لما أسلموا من مكة وهم الطلقاء خرج بهم النبي إلى حنين ××× بواقد, فاعتذر ××× قال: ونحن حدثاء عهد بشرك, يعني قريب عهدنا بشرك ما سمعنا إلا قريبا ما تمكن الإيمان من قلوبهم, فلما مروا ورأوا للمشركين سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم ويتبركون بها, قالوا يا رسول الله اجعل لنا سدرة مثلهم.
فقال عليهم السلام: قلتم والذي نفسي بيده كما قال بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها.
ثم قال وإن كانت مختلفة لكن المعنى واحد, هؤلاء طلبوا إلها, وهؤلاء طلبوا أن يتعلقون بهم, وفيه دليل على أن الجاهل يعفى عنه, وأنه لا يقع في الشرك, إن طلبوا الشرك, وفيه لو أنهم فعلوا لشرك ما فعلوا, فلما زجرهم النبي انزجروا وعلموا, فلم يفعلوا الشرك الصحابة ما فعلوا الشرك {قالوا اجعل لنا إلها}, قالوا هذا عن جهل لأن الجاهل يعفى عنه حتى يعلم, الجاهل لا يكون مشركا وإن فعل الشرك, إذا كان جاهل ...
وفيه أنه لم يفعلوا طلبوا ولم يفعلوا, لكن لو فعلوا بعد ما قال لهم لوقعوا في الشرك لكنهم لم يفعلوا ما فعلوا الشرك, ما تبركوا بالشجرة, لكن طلبوا ظنا منهم أن ذلك جائز لجهلهم, فلما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم تركوا, والنبي صلى الله عليه وسلم جعل مقالتهم مثل مقالة بني إسرائيل لأن العبرة بالمعنى بالمعاني والحقائق, وإن يختلف الألفاظ المعنى واحد.
بنو إسرائيل قالوا لموسى {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}.
ومن أسلم حديثا من أهل مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا شجرة نتبرك بها كما يتبرك المشركون بها, فالمعنى واحد والعبرة بالمعاني وإن اختلفت الألفاظ, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: قلتم والذي نفسي بيده, كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة, طلبوا, ولكن ما أشركوا ما تكلموا بكلمة الشرك طلبوا قالوا اجعل لنا ظنا منهم أن ذلك جائز
قالوا اجعل لنا شجرة نتبرك بها ليفعلوا الشرك جهلا, فزجرهم فلم يفعلوا ما فعلوا, ما فعلوا, فالقول ما تكلموا بكلمة الكفر لكن طلبوا.
طلبوا ولن يفعلوا
نحن نقول: طلبوا ولن يفعلوا, ما فعلوا الشرك, لو فعلوه بعد ما زجرهم لوقعوا في الشرك, لكن ما فعلوا.
(المتن)
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان الديلي، عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه, قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة، فقلت: يا نبي الله اجعل لنا هذه "ذات أنواط"، كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة.
الشرح: يعني يعلقون ينوطون يعلقون.
(المتن)
ويعكفون حولها.
الشرح: يعني يتبركون بها يرجون بركتها لأنهم مشركون.
(المتن)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [قال إنكم قوم تجهلون] }.
الشرح: وفيها الله أكبر إنها السنن, فيه مشروعية التكبير عند رؤية ما يتعجب منه إذا رأى ما يتعجب منه يكبر ولا يصفق كما يفعل بعض الناس في هذا الزمان, وإنما يكبر أو يسبح يقول: الله أكبر, سبحان الله, إنها السنن, أي الطرق تبعتم طرق من كان قبلكم تبعتموهم, وفي الحديث الآخر: «لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
(المتن)
قال: [قال إنكم قوم تجهلون] }. إنكم تركبون سنن من قبلكم".
الشرح: يعني طرقهم وتسلكون مسالكهم.
(المتن)
ورواه ابن أبي حاتم، من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه عن جده مرفوعا.
الشرح: وهو ضعيف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف.
(المتن)
قال الله تعالى: {قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين (140) وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم (141) }.
يذكرهم موسى، عليه السلام، بنعمة الله عليهم، من إنقاذهم من أسر فرعون وقهره، وما كانوا فيه من الهوان والذلة، وما صاروا إليه من العزة والاشتفاء من عدوهم، والنظر إليه في حال هوانه وهلاكه، وغرقه ودماره.
الشرح: لا شك نعم عظيمة أنعم الله بها على بني إسرائيل, وموسى يذكرهم بهذه النعم, بركة قف على هذا.
(انتهى)