القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين, وحجة على الخلائق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين, أما بعد:
غفر الله لك.
يقول الله تعالى: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين (148) ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين (149) }.
(المتن)
يقول الحافظ بن كثير حمه الله تعالى: يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل، الذي اتخذه لهم السامري من حلي القبط، الذي كانوا استعاروه منهم، فشكل لهم منه عجلا ثم ألقى فيه القبضة من التراب التي أخذها من أثر فرس جبريل، عليه السلام، فصار عجلا جسدا له خوار، و"الخوار" صوت البقر.
وكان هذا منهم بعد ذهاب موسى [عليه السلام] لميقات ربه تعالى، وأعلمه الله تعالى بذلك وهو على الطور، حيث يقول تعالى إخبارا عن نفسه الكريمة: {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري} [طه:85].
وقد اختلف المفسرون في هذا العجل: هل صار لحما ودما له خوار؟ أو استمر على كونه من ذهب، إلا أنه يدخل فيه الهواء فيصوت كالبقر؟ على قولين، والله أعلم.
ويقال: إنهم لما صوت لهم العجل رقصوا حوله وافتتنوا به، {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [طه:88].
فقال الله تعالى: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} [طه:89].
وقال في هذه الآية الكريمة: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} ينكر تعالى عليهم في ضلالهم بالعجل، وذهولهم عن خالق السماوات والأرض ورب كل شيء ومليكه، أن عبدوا معه عجلا جسدا له خوار لا يكلمهم، ولا يرشدهم إلى خير.
ولكن غطى على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلال، كما تقدم من رواية الإمام أحمد وأبو داود، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبك الشيء يعمي ويصم".
وقوله: {ولما سقط في أيديهم} أي: ندموا على ما فعلوا، {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا} وقرأ بعضهم: "لئن لم ترحمنا" بالتاء المثناة من فوق، "ربنا" منادى، "ويغفر لنا"، {لنكونن من الخاسرين} أي: من الهالكين وهذا اعتراف منهم بذنبهم والتجاء إلى الله عز وجل.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
ففي هذه الآيات الكريمة منها قوله تعالى: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين (148) ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين (149) }.
فيها بيان أن بني إسرائيل اتخذوا العجل اتخذوا عجلا صنعه لهم السامري من حلي القبط لما تجاوزوا بلاد مصر وبعد إغراق الله لفرعون وإهلاك عدوهم, هؤلاء هم الخلاصة وذهب موسى لميقات ربه, فصنع لهم السامري هذا العجل من الحلي الذي استعاروه من القبط يعني الغالب أن يكون الحلي ذهب أو فضة صنعه لهم على صورة صنعه لهم عجلا على صورة العجل, فصار له خوار.
قيل: أن الله قلبه, وذلك أنه أخذه من القبضة التي قبضها من أثر فرس جبريل لما نزل يدس الطين في فم فرعون ثم صار عجلا قيل أنه انقلب لحما ودما, وقيل أنه على حالته على صورته صورة عجل مصنوع صنعه بيده من الحلي, ولكن يدخل فيه الهواء فيصوت يكون له سوار كصوت البقر, وقيل أنه قلبهما لحما ودما وصار عجلا, فعبدوه من دون الله, فقال السامري {هذا إلهكم وإله موسى فنسي}[طه:88]
هذا يدل على أن الإنسان قد يذهل أحيانا, لأنهم ذهلوا واشتبه عليهم رب السموات والأرض هذا العجل عبدوه من دون الله, وهذا لهم الخلاصة, الخلاصة من بني إسرائيل الخلاصة الذين رأوا فرعون أهلكه الله وأغرق الله عدوهم ومع ذلك عبدوا هذا العجل, وأحبوه حبا شديدا, حتى قال الله: {وأشربوا في قلوبهم العجل}[البقرة:93], من حب العجل, حبك للشيء يعمي ويصم فعبدوه.
قال الله تعالى: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين}[الأعراف:148].
عجل جسد له خوار {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} فالعجل جسد له خوار يرونه صنعه السامري بيده ثم عبدوه من دون الله, هذا يوجب للإنسان الخوف العظيم من الله عز وجل, والضراعة إلى الله عز وجل أن يثبته على دينه, والاستعاذة بالله من مضلات الفتن, والجأ إلى الله عز وجل, والحذر من الشرك وأسبابه وذرائعة والحرص على تعلم العلم الشرعي, الحرص على العقيدة السليمة وتخليصها من شوائب الشرك, الحرص على التوحيد, وتعلم التوحيد, والعناية بالتوحيد, النبي صلى الله عليه وسلم جلس ثلاثة عشرة سنة في مكة يدعو إلى التوحيد, فالدعوة إلى التوحيد مستمرة دائما يتعلم الإنسان ويدعو ليل نهار, هؤلاء الخلاصة من بني إسرائيل الخلاصة ومع ذلك عبدوا العجل, ولما مروا على قوم يعبدون الأصنام {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها}[الأعراف:138], وهم يرون أن الله أغرق عدوهم, ومع ذلك عبدوا العجل.
إبراهيم عليه الصلاة والسلام إمام الحنفاء ووالد الأنبياء الذي كسر الأصنام بيديه, وابتلي بالمشركين, وبعباد الأصنام, وعباد الكواكب, وابتلي بأبيه ومن معه وكسر الأصنام بيده وهاجر وتركهم ومع ذلك يدعو ربه يقول {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}[إبراهيم:35].
{رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ...}[إبراهيم:36].
إذا كان إبراهيم والد الحنفاء الذي كسر الأصنام بيده, وعاداهم, عادى المشركين وقاطعهم, وهاجر وتركهم,....ومع ذلك يخاف يقول {واجنبني وبني} بنوه أنبياء (إسماعيل, إسحاق), {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}, {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس}.
ولهذا قال إبراهيم التيمي ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ إذا كان إبراهيم..... فالإنسان يخاف. هؤلاء الخلاصة من بني إسرائيل عبدوا العجل ونبيهم بين أظهرهم هارون نبي, فحاول معهم ونهاهم {ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}[طه:90].
ومع ذلك غلبوه وعبدوا العجل, ولما جاء موسى عليه الصلاة والسلام كما سيأتي في الآيات غضب غضبا شديدا, غضب عليهم غضبا شديدا, من شدة غضبه ألقى الألواح وتكسرت كما سيأتي في الآيات.
وقد أخبره الله قبل أن يأتي قال {فإنا قد فتنا قومك من بعدك } لكنه لم يتأثر مثل التأثر لما رآهم ليس الخبر كالمعاينة
فلما رآهم يعبدون العجل ألقى الألواح من شدة غضبه حتى تكسرت, وأخذ يجر أخاه هارون نبي كريم مثله برأسه ولحيته, ظن أنه قصر في دعوته فقال له هارون{يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} ما قصرت { إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين}[الأعراف:150].
قال الله تعالى: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} يستدلوا به على أن الذي لا يتكلم لا يصلح للإلهية, ما يتكلم, ولا يرد إليهم عجل, {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين}.
وفي الآية الأخرى: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا}[طه:89].
فعلم أن الذي لا يتكلم ولا يرد القول ولا ينطق لا يصلح للإلهية, وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: أن الله لا يتكلم, وأن الكلام معنى قائم بالنفس, جعلوا الرب والعياذ بالله أبكم لا يتكلم, والأشاعرة يقولون الكلام معنى قائم بالنفس, الكلام ليس بحرف ولا صوت
وقالوا أن الله يضطر جبريل اضطرار فهم منها المعنى القائم بنفسه فعبر بها عن القرآن, القرآن عبارة عبر به جبريل, وقال آخرون: عبر به محمد, وقالت طائفة ثالثة منهم: أخذها جبريل من اللوح والمحفوظ ولم يسمع من الله ولا كلمة.
شبهتهم يقول لو قلنا أن الله يتكلم بحرف وصوت لصارت الحروف حادثه في ذاته والحادث مخلوق, ففرارا من ذلك قالوا أن الله لا يتكلم, ما هو الكلام؟ يقول: هو المعنى القائم بالنفس, مثل المعنى القائم بنفس الأبكم لا يتكلم, فعبر عنه بإشارة الأبكم يعبر بإشارة وهذا عبر عنه جبريل وعبر عنه محمد, جعلوا الله أبكم ما يستطيع الكلام أعوذ بالله فعبر عنه جبريل ومحمد نسأل الله العافية, فهذه الآيات فيها الرد على أن الذي لا يتكلم لا يصلح للإلهية {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا}, {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا}.
فعلم أن عدم التكلم نقص يستدل به على عدم إلوهية العجل, وأنه لا تصلح له الإلهية, فكيف يقول الأشاعرة أن الله لا يتكلم, وأن الكلام معنى قائم بالنفس لا يسمع!.
قال الله تعالى: {ولما سقط في أيديهم ...}[الأعراف:149], ندموا, عرفوا, لما بين لهم موسى, وأحرق العجل وهم ينظرون أحرقه فتته وألقاه في البحر {لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}[طه:97].
فانظر إلى قول الله تعالى قال إخبار عن موسى أنه قال للسامري {لنحرقنه} فانظر إلى إلهك الذي ظللت عليه عاكفا {لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}, أحرقه وذره في البحر هذا إلهكم, فهذا إله!؟ بعد ذلك أبصروا كأنهم في عمى كأنهم مغطى عنهم {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا} عرفوا وأبصروا كانوا في الأول على أعينهم غطاء على أعينهم وبصرهم غشاوة والتبس عليهم الأمر, التبس عليهم رب السموات والأرض بعجل صنعه السامري, {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين}[الأعراف:149].
أبصروا هنا, وفي القراءة الأخرى: (لئن لم ترحمنا ربنا) يعني يا ربنا (وتغفر لنا لكونن من الخاسرين).
هذا يوجب للعبد يعني الخوف, والحذر من الشرك والعناية بدراسة التوحيد, والعقيدة الصحيحة عقيدة السلف الصالح, وتجدون الآن كثيرا من العلماء الكبار في شراح الحديث, وفي غيرهم, يتكلمون في الأسماء والصفات, يكون فيها نقص وخلل فيها, يؤولون في الأسماء والصفات, بعضهم يقال بأنهم لم يوفقوا لمن لم ينشأهم على عقيدة أهل السنة والجماعة, فينبغي للإنسان أن يعض على عقيدة السلف بالنواجذ, وأن يحمد الله على التوفيق للهداية, كم من أناس الذين ضلوا عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات والعبادة فيلتبس عليهم الأمر,يظنوا أن الطواف على القبور هذه محبة للصالحين, دعوتهم يظنون أنها شفاعة ومحبة شرك يتقربوا بالشرك يتقربوا ويقولون أن هذا هو المحبة هذا هو محبة الصالحين, وهذه هي حقوقهم, وأن من لم يدعهم من دون الله تنقصهم, ولم يعطهم حقوقهم, ولم يقدرهم حق تقديرهم, ومن لم يعبد الرسول ما أحبه, هكذا, والعياذ بالله.
فعال الشرك في قالب عبادة الصالحين, وقوله حبك الشيء يعمي ويصم تكلم على الحديث؟ وهو ضعيف حبك الشيء يعمي ويصم
طالب:
الشرح: موقوف على من؟ من هو الصحابي؟
طالب: أبو الدرداء, وحكموا عليه بأنه ضعيف.
الشرح: لكن معناه صحيح المعنى صحيح حبك الشيء يعمي ... عدم صحته أو موقوف لكن المعنى صحيح, أن الإنسان إذا أحب الشيء حبا شديدا أعماه وأصمه يعميه عن الحق فلا ينظر إليه, ويصمه فلا يسمع, ويبكمه فلا يتكلم أيضا بالحق حب المفرط الزائد عن ما أمر الله به زائد عن الشرع, عما شرع الله.
طالب: ×××
الشرح: تختلف بنو إسرائيل هذا في شرع من قبلنا, وموسى عليه السلام من شدة غيظه وشدة غضبه اشتد عليه بحيث لا يريد أن يبقى له أثر, ماذا يعمل به لو جعل حلي يخشى أن يعود مرة أخرى كان حليا, فإذا أرجعه حليا يخشى أن يعود مرة أخرى فيضع فيصنع منه عجل, يريد أن يعني أن لا يبقي له أثر, يختلف, لأن هذا الحلي إذا عادت حلي عادت كما كانت, ربما يسول لهم الشيطان مرة ثانية فيعيدونها عجلا يصنعونها عجلا مرة أخرى, وهو أحرقها, وذرها في البحر, حتى لا يبقى لها أثر ولا عين.
(المتن)
{ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (150) قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين (151) }.
يخبر تعالى أن موسى، عليه السلام، رجع إلى قومه من مناجاة ربه تعالى وهو غضبان أسف.
قال أبو الدرداء "والأسف": أشد الغضب.
{قال بئسما خلفتموني من بعدي} يقول: بئس ما صنعتم في عبادتكم العجل بعد أن ذهبت وتركتكم.
وقوله: {أعجلتم أمر ربكم} ؟ يقول: استعجلتم مجيئي إليكم، وهو مقدر من الله .
وقوله: {وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه} قيل: كانت الألواح من زمرد. وقيل: من ياقوت. وقيل: من برد وفي هذا دلالة على ما جاء في الحديث: "ليس الخبر كالمعاينة".
(الشرح)
كل هذا تكلف والله أعلم, كانت الألواح من زمرد, ما في دليل على هذا, لكنه من أخبار بني إسرائيل ما فيه دليل على هذا ألواح من أي شيء كان الألواح كتب فيها كلام الله كتب الله كلامه فيها والله أعلم من أي شيء فيها ما يترتب على هذا شيء سواء من زمرد أو من ذهب أو من فضة.
(المتن)
وفي هذا دلالة على ما جاء في الحديث: "ليس الخبر كالمعاينة".
الشرح: تكلم عليه هذا الحديث: «ليس الخبر كالمعاينة»؟
القارئ: قال: روى الإمام أحمد عن ابن عباس, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الخبر كالمعاينة», إن الله عز وجل أخبر موسى بما صنع قومه في العجل, فلم يلقي الألواح, فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت؟
الشرح: يعني أخبر الله عنه, قال: قال الله {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}[طه:85].
أخبره الله, لكنه لم يتأثر حتى رآهم يعبدون, يعني أخبره الله أنهم فتنوا قال الله: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}, فهذا خبر, ولكن لما عاين وشاهدهم يعبدون اشتد غضبه, وألقى الألواح حتى تكسرت, وأخذ برأس أخيه هارون يجره إليه, يظن أنه قصر في نهيهم ودعوتهم.
القارئ: قال: إسناده صحيح.
الشرح: عن ابن عباس موقوف.
القارئ: عن ابن عباس مرفوع أحسن الله إليك, قال: رواه ابن أبي حاتم في التفسير, والبزار, وابن حبان, والطبراني في الكبير, وابن عدي في الكامل, والحاتم في المستدرك, والخطيب البغدادي من طرق عن أبي عوانة به مطول ومختصرا, وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي, وأخرجه أحمد وابن حبان والطبراني في الأوسط وابن عدي والقضاعي, وأبو الشيخ, والحاكم, والخطيب في تاريخ بغداد من طرق عن هشيم, عن أبي بشر به, وصححه الحاكم أيضا على شرط الشيخين, ووافقه الذهبي واختاره الضياء في مختاره, لكن قيل أن هشيم لم يسمعه من أبي بشر, وإنما سمعه من أبي عوانة عنه فدلسه, قال السخاوي: وقول ابن عدي نسبه السخاوي لابن عدي وإنما ذكره ابن عدي عن غيره وبصيغة ×××
وقول ابن عدي أن هشيم لم يسمعه من أبي بشر, وإنما سمعه من أبي عوانة عنه فدلسه لا يمنع صحته.
الشرح: الله أعلم الحديث لا بأس به. وهذا هو الواقع, الواقع يؤيد هذا أن الخبر ليس كالمعاينة, وهذا يدل على أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ...}[البقرة:260], أراد أن يزداد قال وهو مطمئن ومتيقن أن الله يحيي الموتى من خبر الله, ولكنه أراد أن يزداد طمأنينة بالرؤية, فأمره الله أن يأتي بأربع طيور ويقطعها ويجعلها على الجبال ثم يناديها, فشاهدها, شاهد الله وهو يحييها
فزاد علمه, فليس الخبر كالمعاينة, في الأول عنده علم اليقين صار الآن عنده عين اليقين, تقوى اليقين, اليقين درجات, علم اليقين هذا من الأخبار الصادقة, وعين اليقين من المشاهدة, وحق اليقين من المباشرة.
طالب: ثم ظاهر السياق .......
الشرح: المشاهدة بالعين, والمباشرة باليد, أو بالجسم, مثل المؤمنون عندهم علم اليقين الذي أخبرهم الله بالجنة فإذا شاهدوها صار عندهم عين اليقين, فإذا دخلوها وباشروها صار عندهم حق اليقين.
(المتن)
ثم ظاهر السياق أنه إنما ألقى الألواح غضبا على قومه، وهذا قول جمهور العلماء سلفا وخلفا. وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولا غريبا، لا يصح إسناده إلى حكاية قتادة، وقد رده ابن عطية وغير واحد من العلماء، وهو جدير بالرد، وكأنه تلقاه قتادة عن بعض أهل الكتاب، وفيهم كذابون ووضاعون وأفاكون وزنادقة.
وقوله: {وأخذ برأس أخيه يجره إليه} خوفا أن يكون قد قصر في نهيهم، كما قال في الآية الأخرى: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري.
قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} [طه:92-94] وقال هاهنا: {ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين} أي: لا تسقني مساقهم، ولا تخلطني معهم.
وإنما قال: {ابن أم} ؛ ليكون أرأف وأنجع عنده، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه. فلما تحقق موسى، عليه السلام، براءة ساحة هارون [عليه السلام] كما قال تعالى: {ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري} [طه:90] فعند ذلك قال موسى: {رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "يرحم الله موسى، ليس المعاين كالمخبر؛ أخبره ربه، عز وجل، أن قومه فتنوا بعده، فلم يلق الألواح، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح".
الشرح: تخريجه.
القارئ: كما سبق أحسن الله إليك إسناده صحيح.
الشرح: هذا يشهد لحديث ليس الخبر كالمعاينة يقوي أحدهما الآخر.
القارئ: {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم ...}.
الشرح: هذه الآيات الكريمة فيها بيان حال موسى عليه السلام لما رجع من ميقات ربه, واعده الله بميقاته في جبل الطور ذهب مدة, أيام, كما قال الله: {ووعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} أربعين ليلة, في هذه المدة السامري صنع لبني إسرائيل العجل صنعه بيده فعبدوه من دون الله, فأخبره الله أنه فتنهم, وأن السامري أضلهم بعبادة العجل, قال الله {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}[طه:85].
فلم يتأثر تأثرا شديدا كما تأثر فلما رجع ورآهم وشاهدهم تأثرا تأثرا شديدا, كما قال الله تعالى: {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} أسفا: يعني شديد الغضب, {قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح} حتى تكسرت وفيها كلام الله من شدة الغضب, ومعلوم أن إلقاء الألواح وتكسيرها ذنب, معصية, جريمة, لو كان عن عمد أو عن استهانة لكن من شدة الغضب والغضب قد لا يؤاخذ, والله تعالى سامحه وهو كريم على الله, والغضب له أنواع الغضب ثلاثة أنواع:
النوع الأول: غضب خفيف, ما يلجأ الإنسان إلى ما يعمل فهذا يؤاخذ بأعماله الطلاق, والعتاق بأقواله وأفعاله بالاتفاق غضب خفيف لا يلجئه الغضب إلى أن يفعل شيئا, ولكن عنده نوع من الغضب فهذا يؤاخذ به بالاتفاق.
الثاني: غضب شديد يزول معه الشعور ولا يميز الأرض من السماء فهذا مرفوع عنه القلم, هذا كالمجنون لا يؤاخذ بالاتفاق, لا يؤاخذ في أعماله ولا في طلاق لو طلق لا يقع الطلاق, لأنه مثل المجنون والسكران ما عنده عقل من شدة الغضب, فقد شعوره ولا يعرف الأرض من السماء
النوع الثالث: غضب وسط غضب شديد اشتد به الغضب, لكنه لم يذهب معه الشعور, لكن غضب بشدة حتى ألجئه إلى هذا الفعل يلجئه الغضب إلى هذا الفعل, وهذا هو الذي حصل لموسى النوع الثاني الغضب اشتد الغضب حتى ألجئه إلى أن ألقى الألواح وتكسرت, فهذا اختلف العلماء هل يؤاخذ أو لا يؤاخذ؟ على قولين, والأرجح: أنه لا يؤاخذ, ويدل على هذا حديث: «لا طلاق في عتاق».
وألف ابن القيم رحمه الله رسالة في هذا "إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان". هل يقع طلاقه أو لا يقع؟. موسى عليه الصلاة والسلام اشتد به الغضب حتى ألجئه الغضب وإن كان معهم شعوره إلى أن ألقى الألواح وتكسرت, وأيضا كذلك جر أخاه برأسه ولحيته وهو نبي كريم مثله, أيضا هذا كونه يجره من شدة الغضب, من شدة الغضب فلهذا لم يؤاخذه الله {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي} يعني أنا ذهبت لميقات الله, وأنتم خالفتموني بعبادة العجل {أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه}, فقال له أخوه هارون: {قال ابن أم إن القوم استضعفوني} أخوه من أبيه وأمه {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} ما قصرت, أنا لكن ما استطعت امنعهم {كادوا يقتلونني} وصلت الحالة إلى أن يقتلونني {قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين}.
لا تخلطني معهم ما قصرت أخبر الله في سورة طه {ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}[طه:90].
و{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}[طه:91].ما بالو بهارون
لأن موسى أقوى من هارون عليهما السلام, يخشونه, ولذلك لما جاء أحرقه وهارون ما استطاع يمنعهم وهو نبي كريم كلاهما نبي, {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}, فوبخهم موسى عليه السلام, وقال لهم: أعجلتم أمر ربكم, وقال للسامري وبخ السامري قال: ما خطبك يا سامري؟ ما الذي دعاك؟
{قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي}[طه:96].
فبين لهم قال لهم موسى عليه السلام أن هذه فتنة, قال في الآية: {فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي}, قال: {قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه} هدده أيضا كذلك {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}[طه:97].
ثم قال: {إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما}[طه:98].
فلما تبين له موسى أن أخاه لم يقصر {قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}[الأعراف:151].
فبين له أن أخاه هارون لم يقصر, وأنه نصحهم, وأنه أنكر عليهم أشد الإنكار حتى وصلت بهم الحال إلى أن كادوا يقتلوه ولكنهم استضعفوه, استضعفوه ليس له قوة في نفوسهم ولا هيبة في نفوسهم كما كان لموسى, ولهذا موسى من قوته أخذه وأحرقه, وهارون ما استطاع كادوا يقتلوه, نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
{إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (152) والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (153) }.
أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل، فهو أن الله تعالى لم يقبل لهم توبة، حتى قتل بعضهم بعضا، كما تقدم في سورة البقرة: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} [البقرة:54].
وأما الذلة فأعقبهم ذلك ذلا وصغارا في الحياة الدنيا، وقوله: {وكذلك نجزي المفترين} نائلة لكل من افترى بدعة، فإن ذل البدعة ومخالفة الرسالة متصلة من قلبه على كتفيه، كما قال الحسن البصري: إن ذل البدعة على أكتافهم، وإن هملجت بهم البغلات، وطقطقت بهم البراذين.
وهكذا روى أيوب السختياني.
الشرح: .....مركوب, مكروب والبغال متولدة من الخيل والحمار ما عندهم هذه كان يعني الملوك والأغنياء مراكبهم البغال والبراذين, ما عندهم سيارات ولا طائرات مثل ما عندنا, يعني هذه المراكيب المراكب التي هي للأغنياء ولا يركبها هؤلاء أهل البدعة, فإن ذل المعصية لا يفارقهم, ولو كانوا في مراكبهم, ولو كانوا في الطائرات, ولو كانوا في القصور الفخمة, فذل البدعة وذل المعصية لا يفارق العصاة.
طالب: ×××
الشرح: نعم دواب الدواب من العجم.
طالب: ×××
الشرح: لا البغال غير البراذين هذه من الدواب العجم,, في القاموس متولد من أي شيء؟ البغل متولد من الحمار أمه حماره وأبوه فرس.
ولذلك البغال محرمة الأكل, بخلاف الخيل, الخيل حلال الأكل, الخيل متولد من الخيل, والبغل متولد من الحمار, وغلب جانب أمه حماره والحمار محرم, وأبوه فرس وهو مباح فيغلب جانب التحريم فيحرم البغال لا تؤكل, لأنها متولدة من حلال وحرام من هذا وهذا.
القارئ: قال عندي هنا أحسن الله إليك: جمع برذون وهو الجافي من الخيل الجلد على السير في الشعاب الغليظ الأعضاء, قال: ويطلق على غير العربي من الخيل والبغال.
الشرح: .... من خيل الأعاجم
المقصود أن هذه المراكب هي المراكب عندهم هذه أفخم شيء, الآن جاءت مراكب الآن ما كان يحلم بها السابقون, المراكب في هذا العصر لا توجد في عصور مضت.
القارئ: قال عفا الله عنك: وهكذا روى أيوب السختياني.
الشرح: السيارات الفخمة والطائرات والسفن وغيرها من أنواع المركوبات, وكذلك أيضا الوسائل الحربية, والأسلحة المتنوعة.
القارئ: أحسن الله إليك, قال: البرذون دابة الدابة وهي رهان وجعها براذين.
قال: والمبرذن صاحبه, وبرذن قهر وغلب وأعيى عن الجواب, والفرس برذن الفرس مشى مشي البرذون.
الشرح: أول ما قرأت دابة ايش.
القارئ: قال البرذون كجردحن الدابة وهي ××× وجمعها براذين, والمبرذن صاحبه, وبرذن قهر وغلب وأعيى عن الجواب, وبرذن الفرس مشى مشي البرذون.
الشرح: .....
كأنها خيل عجمية أو كذا والجافي كأنه ليس عربيا, المقصود أنه كأنه غليظ وقوي ونشيط ويتحمل السير, فيركب عليه.
(المتن)
وهكذا روى أيوب السختياني, عن أبي قلابة الجرمي، أنه قرأ هذه الآية: {وكذلك نجزي المفترين} قال: هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة.
وقال سفيان بن عيينة: كل صاحب بدعة ذليل.
ثم نبه تعالى عباده وأرشدهم إلى أنه يقبل توبة عباده من أي ذنب كان، حتى ولو كان من كفر أو شرك أو نفاق أو شقاق؛ ولهذا عقب هذه القصة بقوله: {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك} أي: يا محمد، يا رسول الرحمة ونبي النور {من بعدها} أي: من بعد تلك الفعلة {لغفور رحيم}.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا قتادة، عن عزرة عن الحسن العرفي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود؛ أنه سئل عن ذلك - يعني عن الرجل يزني بالمرأة، ثم يتزوجها -فتلا هذه الآية: {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} فتلاها عبد الله عشر مرات، فلم يأمرهم بها ولم ينههم عنها.
(الشرح)
هذه المسألة إذا زنى الرجل بالمرأة فلا يجوز له أن يتزوجها حتى يتوب ويصلح قال الله تعالى في الآية الأخرى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}[النور:3].
إذا زنى بامرأة فإنه يجب التفريق بينهما, وإقامة الحد على كل منهما, فإذا صحت التوبة فيما بعد لأنه يحتاج إلى فترة صحت توبته وصحت توبتها وتبين هذا من أعمالهم جاز له أن يتزوجها بولي, ومهر, ورضاها, وشاهدي عدل.
هذا بعد التوبة بعد التفريق يفرق بينهما بعد صحة التوبة, يعني بالعلامات التي ترى, وأما في هذه الحالة فليفرقوا بينهما, ويجب أن يستبرئها بحيضة, وإن كانت حامل بوضع الحمل, والولد لا ينسب له, لأن ماءه ليس ماءا شرعيا بل يربيه بعض المحسنين, وينسب إلى الأم, ولا ينسب إليه لأنه ليس له أب شرعي, يفرقوا بينهما ويستبرئها بحيضة أو بوضع الحمل والحمل لا يكون له لا ينسب إلى الزاني, وإنما يربى وينسب إلى أمه, أما إذا كانت المرأة فراش إن كان لها زوج يطأها أو أمة يطأها سيدها ثم حصل زنى أو شيء من ذلك فإن الولد لا ينسب إلى الزاني, وإنما يكون الولد للزوج أو للسيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم في والدة زمعة لما حصل ما حصل قال: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
العاهر الزاني له خيمة وخسارة وإقامة الحد ولا يقام عليه الولد للفراش, وينسب إلى الذي يطأها الذي يطأها زوجها أو سيدها له الولد إلا إذا نفاه إذا نفاه باللعان إذا نفاه انتفى, وإلا فإنه ينسب لمن له الفراش, والزاني ليس له شيء, أما إذا كانت ليس لها زوج فإنه يفرق بينهما والولد يربى يربيه بعض المحسنين, ولا ينسب ليس للأب ينسب إلى أمه فقط لأنه ليس له أب شرعي.
وفي هذه الآيات الكريمة: عقوبة الله تعالى على بني إسرائيل على عبادتهم العجل, وأن الله تعالى أخبر أنه سينالهم غضب وذلة {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا}, وهذا الغضب بين الله أن من توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا, كما قال الله تعالى في سورة البقرة: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}[البقرة:54].
قال المفسرون: جاءتهم ظلمة غشيتهم ظلمة وأخذوا السيوف فجعل كل واحد يقتل ما أمامه, حتى انجلت الظلمة عن قتلى كثيرين... نسأل الله السلامة والعافية, هذه عقوبة من الله لعبادتهم للعجل, فجعل الله من توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا {فاقتلوا أنفسكم}.
وكذلك ذلة {وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين}.
قال العلماء: كل مفتري وكل صاحب بدعة فإن ذل المعصية لا يفارقه ولو كان في قصور فارهة, ومراكب فارهة, وقصور عالية فإن ذل المعصية لا يفارقه, أما من تاب فإن الله يتوب عليه, وذلك قال الله: {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}.
من تاب وأقلع وندم, فإن الله يتوب عليه, بأي ذنب كان إذا كان قبل الموت واستوفت التوبة شروطها.
سؤال: ....
الشرح: من جميع الذنوب حتى الشرك قال الله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
قال العلماء: الآية عامة جميع الذنوب لأن الله عمم وأطلق, وهذه الآية في التائبين في كل ذنب.
سؤال: ×××
الشرح: مثل ما سبق, الآية عامة تشملهم وتشمل غيرهم.
سؤال: ×××
الشرح: لا بني إسرائيل في عبادتهم للعجل خاصة في عبادتهم للعجل من توبتهم القتل وما عدا ذلك فالآية عامة تشمل {والذين عملوا السيئات ثم تابوا} شاملة لبني إسرائيل ولغيرهم من تاب: تاب الله عليه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
لكن في اتخاذهم للعجل وعبادتهم للعجل خاصة جعل الله من توبتهم القتل.
........
ما جالسهم وين يذهب يعيش وحده؟ استمر في نصيحته لكن ما جلس معهم وهم يعبدون العجل
(المتن)
{ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون (154) }.
يقول تعالى: {ولما سكت} أي: سكن {عن موسى الغضب} أي: غضبه على قومه {أخذ الألواح} أي: التي كان ألقاها من شدة الغضب على عبادتهم العجل، غيرة لله وغضبا له {وفي نسختها هدى ورحمة}.
يقول كثير من المفسرين: إنه لما ألقاها تكسرت، ثم جمعها بعد ذلك؛ ولهذا قال بعض السلف: فوجد فيها هدى ورحمة. وأما التفصيل فذهب، وزعموا أن رضاضها لم يزل موجودا في خزائن الملوك لبني إسرائيل إلى الدولة الإسلامية، والله أعلم بصحة هذا.
وأما الدليل القاطع على أنها تكسرت حين ألقاها، وهي من جوهر الجنة وقد أخبر [الله] تعالى أنه لما أخذها بعد ما ألقاها وجد فيها هدى ورحمة.
{للذين هم لربهم يرهبون} ضمن الرهبة معنى الخضوع؛ ولهذا عداها باللام.
وقال قتادة: في قوله تعالى: {أخذ الألواح} قال: رب، إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون -أي آخرون في الخلق -سابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب، إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها -كتابهم -وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا، ولم يعرفوه. قال قتادة: وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم. قال: رب، اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول، وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فصول الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويؤجرون عليها -وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه، بعث الله عليها نارا فأكلتها، وإن ردت عليه تركت، فتأكلها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم -قال: رب، اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال رب، إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها، كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة [ضعف].
رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة، فاجعلهم أمتي: قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب، إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفوع لهم، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: قتادة فذكر لنا أن نبي الله موسى [عليه السلام] نبذ الألواح، وقال اللهم اجعلني من أمة أحمد.
(الشرح)
هذا منكر كما ذكر الحافظ هذا .... فيه كذابون وضاعون ذكره ابن جرير هنا ظاهر الآية: {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح} أخذ الألواح التي ألقاها {وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون}[الأعراف:154].
يعني في هذه التوراة الهداية والرحمة للذين يخافون الله ويرهبونه ويخضعون له, وفي نسختها تكلم عليه ابن جرير وش سند ابن جرير ؟
القارئ: قال فقط عزاه إلى تفسير ابن جرير وقال نقلا عنه أيضا أحسن الله إليك: والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك أن يكون السبب إلقاء موسى الألواح كان من أجل غضبه على قومه لعبادتهم العجل, لأن الله جل ثناؤه بذلك أخبر في كتابه, {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه}[الأعراف:150].
الشرح: قال وفي نسختها ابن جرير{وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون}[الأعراف:154], ما تكلم عليها ابن جرير عندك.
سؤال: ×××
الشرح: قيل إنها هي التوراة وقيل إنها غيرها سيذكر المؤلف.
القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
(المتن)
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير سورة الأعراف, قال الله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين (155)}.
{واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك ....}.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اله عنهما في تفسير هذه الآية: كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم ليدعوا ربهم، فكان فيما دعوا الله قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} الآية.
وقال السدي: إن الله أمر موسى – عليه السلام - أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل، يعتذرون إليه من عبادة العجل، ووعدهم موعدا، فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا. فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لن نؤمن لك يا موسى حتى نرى الله جهرة، فإنك قد كلمته، فأرناه. فأخذتهم الصاعقة فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا لقيتهم وقد أهلكت خيارهم؟ {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي}.
وقال محمد بن إسحاق: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلا الخير فالخير، وقال: انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم، وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا، وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء، لميقات وقته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم - فقال له السبعون -فيما ذكر لي -حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه، [فقالوا] لموسى: اطلب لنا نسمع كلام ربنا. فقال: أفعل. فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمود الغمام، حتى تغشى الجبل كله. ودنا موسى فدخل فيه، وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهة موسى نور ساطع، لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه. فضرب دونه بالحجاب. ودنا القوم، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى، يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل.
فلما فرغ إليه من أمره، انكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فأخذتهم الرجفة -وهي الصاعقة -فافتلتت أرواحهم، فماتوا جميعا.
الشرح :افتلتت يعني ماتوا فجأة في الحال
(المتن )
فقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه، ويقول: {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} قد سفهوا، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل.
وقال سفيان الثوري: حدثني أبو إسحاق، عن عمارة بن عبد السلولي، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: انطلق موسى وهارون وشبر وشبير، فانطلقوا إلى سفح جبل، فنام هارون على سرير، فتوفاه الله، عز وجل.
فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، عز وجل. قالوا [له] أنت قتلته، حسدتنا على خلقه ولينه -أو كلمة نحوها -قال: فاختاروا من شئتم.
قال: فاختاروا سبعين رجلا. قال: فذلك قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلا} فلما انتهوا إليه قالوا: يا هارون، من قتلك؟ قال: ما قتلني أحد، ولكن توفاني الله. قالوا: يا موسى، لن تعصى بعد اليوم. قال: فأخذتهم الرجفة. قال: فجعل موسى، عليه السلام، يرجع يمينا وشمالا وقال: يا {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء} قال: فأحياهم الله وجعلهم أنبياء كلهم.
هذا أثر غريب جدا، وعمارة بن عبد هذا لا أعرفه. وقد رواه شعبة، عن أبي إسحاق عن رجل من بني سلول عن علي، فذكره.
(الشرح)
نعم وهذا منكر من أخبار بني إسرائيل المنكرة جعلهم أنبياء كل هذه من أخبار بني إسرائيل .....عن ابن عباس, والله أعلم, لكم كما قال الله الآية واضحة في أن اختار موسى من قومه سبعين رجلا ليعتذروا إلى ربهم من عبادتهم العجل, ولكن سألوا رؤية الله فأخذتهم الرجفة ماتوا فأحياهم الله {أخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} في الآية الآخرى: {أخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} ماتوا فأحياهم الله, وهذه من القصص الخمس في سورة البقرة الذين ماتوا وأحياهم الله, أما أخبار الله أعلم كونهم كذا, وكونهم كذا, وكونهم صاروا أنبياء, وكذلك أيضا كونهم قالوا كذا فغشاهم الغمام والله أعلم كل هذا يحتاج إلى دليل.
(المتن)
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يزايلوا قومهم في عبادتهم العجل، ولا نهوهم، ويتوجه هذا القول بقول موسى: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}.
وقوله: {إن هي إلا فتنتك} أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانك. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وغير واحد من علماء السلف والخلف. ولا معنى له غير ذلك؛ يقول: إن الأمر إلا أمرك، وإن الحكم إلا لك، فما شئت كان، تضل من تشاء، وتهدي من تشاء، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كله لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر.
وقوله: {أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين} الغفر هو: الستر، وترك المؤاخذة بالذنب، والرحمة إذا قرنت مع الغفر، يراد بها ألا يوقعه في مثله في المستقبل، {وأنت خير الغافرين} أي: لا يغفر الذنوب إلا أنت، {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} هناك الفصل الأول من الدعاء في دفع المحذور، وهذا لتحصيل المقصود {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة}.
(الشرح)
.....{أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا}, وهذا تخلية {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة}, تحلية, سألوا الله أن يخليهم من الذنب, ثم سألوه أن يحليهم بالحسنات, نعم.
(المتن)
{واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} أي: أوجب لنا وأثبت لنا فيهما حسنة، وقد تقدم [تفسير] ذلك في سورة البقرة. {إنا هدنا إليك} أي: تبنا ورجعنا وأنبنا إليك. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو العالية، والضحاك، وإبراهيم التيمي، والسدي، وقتادة، وغير واحد. وهو كذلك لغة.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك، عن جابر، عن عبد الله بن نجي عن علي [رضي الله عنه] قال: إنما سميت اليهود لأنهم قالوا: {إنا هدنا إليك} جابر -هو ابن يزيد الجعفي -ضعيف.
(الشرح)
{هدنا} هذا أحد الأقوال {هدنا} قيل المعنى {هدنا} تبنا, وقيل غير ذلك يعني سبب تسميتهم باليهود.
(المتن)
قال الله تعالى: {قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}[الأعراف:156].
قال تعالى مجيبا لموسى في قوله: {إن هي إلا فتنتك [تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء] } الآية: {عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء [فسأكتبها للذين يتقون] } أي: أفعل ما أشاء، وأحكم ما أريد، ولي الحكمة والعدل في كل ذلك، سبحانه لا إله إلا هو.
وقوله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} آية عظيمة الشمول والعموم، كقوله إخبارا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما} [غافر:7].
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الجريري، عن أبي عبد الله الجشمي، قال: حدثنا جندب -هو ابن عبد الله البجلي، رضي الله عنه -قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلق عقالها، ثم ركبها، ثم نادى: اللهم، ارحمني ومحمدا، ولا تشرك في رحمتنا أحدا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتقولون هذا أضل أم بعيره؟ ألم تسمعوا ما قال؟ " قالوا: بلى. قال: "لقد حظرت رحمة واسعة؛ إن الله، عز وجل، خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة واحدة يتعاطف بها الخلق؛ جنها وإنسها وبهائمها، وأخر عنده تسعا وتسعين رحمة، أتقولون هو أضل أم بعيره؟ ".
رواه أبو داود عن علي بن نصر، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.
(الشرح)
وهذه الرحمة المخلوقة, والرحمة رحمتان: رحمة مخلوقة كما في هذا الحديث: «إن الله خلق مائة رحمة, فامسك عنده تسعا وتسعين جزءا, وأنزل رحمة في الأرض فبها يترحم الناس, حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ودلها خشية أن تصيبه», فإذا كان يوم القيامة فإن الله تعالى يضمها إلى التسعة والتسعين فتكون مائة رحمة يرحم بها عباده.
النوع الثاني: الرحمة صفة من صفات الله, صفة من الصفات الفعلية, تتعلق بالمشيئة والاختيار في قوله تعالى: {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء}, مثل النزول والاستواء والإحياء والإماتة والرزق كل هذه من الصفات الفعلية والرحمة, والصفات الفعلية تتعلق بالمشيئة والاختيار {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء} هذه صفة تقوم بالله عز وجل تتعلق بالمشيئة والاختيار صفة من صفاته, أما الرحمة المخلوقة كما في الحديث: «إن الله خلق مائة رحمة».
سؤال: ×××
الشرح: الرحمة هذه صفة من صفات الله تتعلق بالله قائمة بالله, وهذه رحمة مخلوقة منفصلة في الأرض من المخلوقات.
(المتن)
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان، عن أبي عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله عز وجل، مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعا وتسعين إلى يوم القيامة".
تفرد بإخراجه مسلم، فرواه من حديث سليمان -هو ابن طرخان -وداود بن أبي هند كلاهما، عن أبي عثمان -واسمه عبد الرحمن بن مل - عن سلمان، هو الفارسي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لله مائة رحمة، عنده تسعة وتسعون، وجعل عندكم واحدة تتراحمون بها بين الجن والإنس وبين الخلق، فإذا كان يوم القيامة ضمها إليه". تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أحمد: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد رضي الله عنه, قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله مائة رحمة، فقسم منها جزءا واحدا بين الخلق، فيه يتراحم الناس والوحش والطير".
ورواه ابن ماجه من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا سعد أبو غيلان الشيباني، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن صلة بن زفر، عن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الفاجر في دينه، الأحمق في معيشته. والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه. والذي نفسي بيده، ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه".
هذا حديث غريب جدا، "وسعد" هذا لا أعرفه.
الشرح : فيه نكارة في المتن نكاره في الأحاديث الأخرى فيها دليل على أن الفاجر متوعد بوعيد والسند فيه ما فيه
(المتن)
وقوله: {فسأكتبها للذين يتقون} الآية، يعني: فسأوجب حصول رحمتي منة مني وإحسانا إليهم، كما قال تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام:54].
وقوله: {للذين يتقون} أي: سأجعلها للمتصفين بهذه الصفات، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يتقون، أي: الشرك والعظائم من الذنوب.
{ويؤتون الزكاة} قيل: زكاة النفوس. وقيل: [زكاة] الأموال. ويحتمل أن تكون عامة لهما؛ فإن الآية مكية {والذين هم بآياتنا يؤمنون} أي: يصدقون.
(الشرح)
هذه الآيات الكريمات فيها تكملة قصة بني إسرائيل, وأن موسى عليه السلام اختار سبعين رجلا {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا}[الأعراف:155], يعتذرون اختارهم من الخيار منهم يعتذرون إلى الله من عبادة قومهم العجل, ثم بعد ذلك اعتدوا, يعني الظاهر أنهم اعتدوا في الدعاء وسألوا رؤية الله؟ فأخذتهم الرجفة أهلكهم الله ثم بعثهم, فلما أخذتهم الرجفة قال رب جعل موسى يناشد ربه ويسأله ويتضرع إليه .... {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي}, فلما أخذتهم الرجفة يعني الموت {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك } ابتلائك وامتحانك {تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}[الأعراف:155].
هذا تضرع موسى {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}.
هذا سؤال الله عز وجل أن يكفيهم شر الذنوب وأن يمحو عنهم وأن يخليهم منها, ثم سألوا التحلية فقالوا: {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} قال الله إجابة لموسى {قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء}.
ثم قال الله ... {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما}.
ثم قال الله: {فسأكتبها للذين يتقون}, فالرحمة للمتقين, للمتقين الذين اتقوا الشرك والمعاصي, وهم متفاوتون, ومن اتقى الشرك نالته الرحمة ولم يخلد في النار وإن أصابه شيء من العذاب, ومن اتقى الشرك والكبائر ومات على توبة صحيحة سلم من دخول النار ودخل الجنة من أول وهلة {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}[الأعراف:156].
للذين يتقون ويؤتون الزكاة يزكون أنفسهم من المعاصي, ويدخل في ذلك زكاة الأموال الآية مكية {والذين هم بآياتنا يؤمنون} يؤمنون بآيات الله ولا يردون شيئا منها, فهؤلاء هم أهل الرحمة هم أهل التقوى الذين اتقوا الشرك والمعاصي, والذين يزكون أنفسهم يطهرونها والذين هم يصدقون.
وهذه الآية ظاهرها أيضا تدل على ضعف الحديث الذي يقول يدخل الجنة الفاجر, الفاجر هذا فيه نكارة المتن, وفي سنده أيضا ضعف.
(انتهى)