شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_21

00:00
00:00
تحميل
91

 

مقدمة:-

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد:

قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى على قول الله عز وجل: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}[الأعراف:187].

(المتن)

يقول تعالى: {يسألونك عن الساعة} كما قال تعالى: {يسألك الناس عن الساعة} [الأحزاب:63] قيل: نزلت في قريش. وقيل: في نفر من اليهود. والأول أشبه؛ لأن الآية مكية، وكانوا يسألون عن وقت الساعة، استبعادا لوقوعها، وتكذيبا بوجودها؛ كما قال تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [الأنبياء:38]، وقال تعالى: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد} [الشورى:18].

وقوله: {أيان مرساها} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: "منتهاها" أي: متى محطها؟ وأيان آخر مدة الدنيا الذي هو أول وقت الساعة؟ {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن وقت الساعة، أن يرد علمها إلى الله تعالى؛ فإنه هو الذي يجليها لوقتها، أي: يعلم جلية أمرها، ومتى يكون على التحديد، [أي] لا يعلم ذلك [أحد] إلا هو تعالى؛ ولهذا قال: {ثقلت في السماوات والأرض}.

قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض} قال: ثقل علمها على أهل السماوات والأرض أنهم لا يعلمون. قال معمر: قال الحسن: إذا جاءت، ثقلت على أهل السماوات والأرض، يقول: كبرت عليهم.

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض} قال: ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.

وقال ابن جريج: {ثقلت في السماوات والأرض} قال: إذا جاء انشقت السماء وانتثرت النجوم، وكورت الشمس، وسيرت الجبال، وكان ما قاله الله، عز وجل فذلك ثقلها.

واختار ابن جرير، رحمه الله: أن المراد: ثقل علم وقتها على أهل السماوات والأرض، كما قال قتادة.

وهو كما قالاه، كقوله تعالى: {لا تأتيكم إلا بغتة} ولا ينفي ذلك ثقل مجيئها على أهل السماوات والأرض، والله أعلم.

وقال السدي [في قوله تعالى]: {ثقلت في السماوات والأرض} يقول: خفيت في السماوات والأرض، فلا يعلم قيامها حين تقوم ملك مقرب، ولا نبي مرسل.

{لا تأتيكم إلا بغتة} [قال] يبغتهم قيامها، تأتيهم على غفلة.

وقال قتادة في قوله تعالى: {لا تأتيكم إلا بغتة} قضى الله أنها {لا تأتيكم إلا بغتة} قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الساعة تهيج بالناس، والرجل يصلح حوضه، والرجل يسقي ماشيته، والرجل يقيم سلعته في السوق ويخفض ميزانه ويرفعه".

وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، قال: أنبأنا شعيب، قال: أنبأنا أبو الزناد عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه. ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه. ولتقومن الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها".

وقال مسلم في صحيحه: حدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه, يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تقوم الساعة والرجل يحلب اللقحة، فما يصل الإناء إلى فيه حتى تقوم الساعة. والرجلان يتبايعان الثوب فما يتبايعانه حتى تقوم الساعة. والرجل يلوط حوضه فما يصدر حتى تقوم".

وقوله [تعالى]: {يسألونك كأنك حفي عنها}.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فهذه الآيات الكريمة وهي قوله تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}[الأعراف:187].

فيها دليل على أن علم الساعة مختص بالله عز وجل, انفرد الله سبحانه وتعالى بعلم وقت الساعة لا يعلم أحد متى تقوم الساعة لا ملك مقرب, ولا نبي مرسل, ولكن الله جعل لها علامات, ولهذا قال سبحانه: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها}, والسائل: هم كفار قريش على الصحيح, وقيل: هم اليهود, ويسألون سؤال استبعاد وتكذيب, وهذا من كفرهم وضلالهم, فإن إنكار وقت الساعة, وعدم الإيمان بالبعث والساعة من الكفر, زائد على كفرهم, كفر على كفر, والعياذ بالله.

وقد أمر الله سبحانه تعالى نبيه أن يقسم على البعث والساعة في ثلاثة مواضع من كتابه, قال سبحانه: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن}[التغابن:7].

وقال سبحانه: {ويستنبئونك أحق هو} يعني: البعث {قل إي وربي إنه لحق}[يونس:53].

وقال سبحانه: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب}[سبأ:3].

أمر الله نبيه على أن يقسم على أن الساعة آتية, الساعة آتية لا ريب فيها ولا شك فيها, فمن كذب الساعة وكذب بالبعث فهو كافر بنص الإيمان, وبإجماع المسلمين, من أنكر البعث, أو الساعة, أو الجزاء, أو الحساب, أو الجنة, أو النار, أو أنكر القضاء والقدر أو أنكر الملائكة ملك من الملائكة أو رسل من الرسل أو كتابا من الكتب المنزلة, أو أنكر جحد اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته, أو زعم أن لله شريك أو صاحب أو ولد, أو أن أحد زعم أن الله أن هناك أحد يصرف الكون مع الله فهو كافر بإجماع المسلمين, فهذا كفار قريش يسألون عن الساعة تكذيبا استبعادا وتكذيبا لوجودها, قال الله تعالى ردا عليهم: {قل إنما علمها عند ربي}, {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} يعني متى وقوعها؟ ومتى تقع؟ قال الله ردا عليهم {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} هو الذي يجليها هو الذي يعلمها سبحانه {ثقلت في السموات والأرض} يعني ثقل علمها على أهل السموات والأرض, ثقل علمها على أهل السموات والأرض, وكبرت عليهم, فلا أحد يعلم متى تقوم الساعة, ولكن الله جعل لها علامات جعل علامات جاءت في الأحاديث, وفي القرآن, من علاماتها والعلامات نوعان: (علامات صغرى, وعلامات كبرى).

والعلامات الصغرى وقعت, ومن أولها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فهو نبي الساعة, قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين».

ومن العلامات الصغرى: موت النبي صلى الله عليه وسلم, ومنها فتح بيت المقدس, ومنها الحروب التي حصلت بين الصحابة, ومنها إضاعة الأمانة وإماتة الصلاة وظهور القينات والمعازف, وقلة الرجال, وكثرة النساء, ومنها ما جاء في الحديث: «لا تقوم الساعة حتى يقل العلم, ويكثر الجهل, وتشرب الخمور, ويقل الرجال, وتكثر النساء».

ومنها تقارب الأسواق, إلى غير ذلك من أشراط الساعة التي هي موجودة الآن ولا تزال تتكاثر, والأشراط الكبرى وهي عشر تتبعها الساعة مباشرة, وهي:

أولها: خروج المهدي, خروجه من أهل البيت من سلالة علي رضي الله عنه, اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم النبي صلى الله عليه وسلم, يملأ الأرض عدلا كما ملأت جورا يبايع له في وقت ليس للناس فيه إمام, وفي زمانه تكثر الحروب, ويكون هناك حروب طاحنة بين المسلمين وبين النصارى, ومن أخر الحروب: فتح القسطنطينية, وبعد فتح القسطنطينية يخرج الدجال وهي العلامة الثانية, وهو رجل من بني آدم يدعي الصلاح أولا, ثم يدعي النبوة, ثم يدعي الربوبية, ويمكث في الأرض أربعين يوم طوله كسنة, ويوم كشهر, ويوم كيوم جمعة وسائر أيامه كأيامنا, ولا تكن أرضا إلا وطأها إلا مكة والمدينة, هي فتنة عظيمة يضل بفتنته أمم يتبعونه نسأل الله السلامة والعافية معه صورة الجنة والنار, ثم ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام, وهي العلامة الثالثة يقتل الدجال, فيكون بهذا فردا من أفراد الأمة المحمدية يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, ثم إذا قتل الدجال بعد ذلك خرج يأجوج ومأجوج في زمان عيسى, هذه أربعة متوالية في أول أشراط الساعة الكبار المهدي, ثم الدجال, ثم عيسى, ثم يأجوج ومأجوج, ثم تتوالى بقية أشراط الساعة, ومنها الدخان الذي يملأ الأرض ما بين السماء والأرض, يصيب المؤمن منهم كهيئة الزكام, والكافر يصيبه شدة عظيمة يدخل في منخريه وأنفه وفمه, ومنها هدم الكعبة في آخر الزمان نعوذ بالله, ومنها نزع القرآن من الصدور والمصاحف, ومن آخرها طلوع الشمس من مغربها, فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس جميعا, ولكن يغلق باب التوبة, ليس هناك إيمان جديد كل يبقى على ما كان, كما قال الله تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}[الأنعام:158].

جاء تفسيرها في هذا الحديث وفي غيره أنها طلوع الشمس من مغربها {يوم يأتي بعض آيات ربك} أنها طلوع الشمس من مغربها, ثم الدابة تسم الناس في جباههم, فالمؤمن تسمه سمة بيضاء تبيض لها وجهه, والكافر سمة سوداء يسود لها وجهه, ويتبايع الناس في أسواقهم ويعرف المؤمن من الكافر, بع هذا يا مؤمن, اشتري هذا يا كافر, عرف المؤمن من الكافر, المؤمن ابيض وجهه, والكافر اسود وجهه وباب التوبة أغلق ما في إيمان جديد, يمكث النار دهرا يعرف المؤمن والكافر.

ثم بعد ذلك تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات, يحج البيت ويعتمر بعد يأجوج ومأجوج بعد أشراط الساعة الأولى, والعمل ينفع حتى طلوع الشمس من مغربها, فإذا طلعت الشمس من مغربها ما في إيمان جديد ولا توبة, ثم تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات, فلا يبقى إلا الكفرة, وعليهم تقوم الساعة, ومن آخرها:

 الشرط العاشر: نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم إذا باتوا, وتقيل معهم إذا قالوا. يعني تقف في وقت البيتوتة ليبيت الناس وينام الناس, وفي وقت القيلولة تقف حتى يقيل الناس, ثم تسوقهم بعد ذلك إذا انتهى وقت القيلولة ووقت النوم, ومن تخلف أكلته, تسوقهم إلى المحشر إلى أرض فلسطين.

وبعد ذلك تقوم الساعة على الناس وهم مشغولون في ذلك الوقت, ما بقي إلا الكفرة قبضت أرواح المؤمنين والمؤمنات فتقوم الساعة على الكفرة, وهم في ذلك حسن رزقهم دار عيشهم, ويتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون لي, فيقولون: ماذا تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأصنام والأوثان, ثم يخرب هذا الكون إذا خلى من التوحيد والإيمان, صلاح هذا الكون بالإيمان والتوحيد, فإذا خلى خرب وقامت القيامة, خلى من الإيمان, وفي الحديث: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله, الله».

وفي الحديث الآخر: «لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى».

وفي الحديث الآخر: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب آليات نساء دوس عند ذي الخلصة».

صنم يعبدونه أهل دوس يعود مرة أخرى, فتقوم الساعة والناس في دنياهم, دنياهم يعملوان لدنياهم, لكن نسوا آخرتهم يبيعون ويشترون ويأكلون ويشربون ويبنون ويزرعون, وعندهم إبل, وعندهم زراعة, فتقوم الساعة عليهم وهم مشغولون بدنياهم تقوم الساعة والرجل يلوط حوضه بإبله كما سمعا في الأحاديث, تقوم الساعة والرجلان يتمادان القماش فلا يبيعان حتى أن تقوم الساعة, تقوم الساعة والرجل يرفع الأكلة اللقمة إلى فمه فلا يطعمها حتى تقوم الساعة.

وذلك أن الله تعالى يأمر إسرافيل فينفخ في الصور نفخة الصعق, وهي نفخة فيها صوت, فيسمع الناس الصوت, والصوت يقوى شيئا فشيئا فيتسمع الناس كل من سمع الصوت أصغى ليتا ورفع ليتا يتسمع جهة اليمين, جهة اليسار, يتسمع الصوت فلا يزال الصوت يقوى, يقوى حتى يموت الناس صوت قوي, يقوي شيئا بعد شيئا, لكنها نفخة طويلة يطولها إسرافيل أولها فزع, وآخرها صعق وموت, كما قال الله تعالى في سورة النمل: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض}[النمل:87].

وفي سورة الزمر: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض} [الزمر:68].

فالصواب: أنها نفختان: نفخة الصعق, ونفخة البعث.

وجاء في حديث الصور: أنها ثلاث نفخات: نفخة الفزع, ونفخة الصعق, ونفخة الموت. لكن الحديث فيه ضعف في سنده إسماعيل بن رافع وهو ضعيف عند أهل العلم.

فتنتهي الدنيا, وتبدأ الآخرة بالنفخ في الصور, ثم يمكث الناس مدة أربعين, ثم ينزل الله مطرا تنبت منه أجساد الناس في هذه المدة, وينشأ الناس تنشئة قوية تبدل الصفات والذوات هي هي, يعيد الله الأجساد بعد أن بليت وصارت عظاما وترابا يعيدها الله خلقا جديدا, لأن الله سبحانه عليم بالذرة التي استحالت فيعيدها وهو قادر سبحانه, {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم}[ق:4].

فإذا تكامل خلق بني آدم جاء الجسم, أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور فعادت الأرواح إلى أجسادها, لأن الروح باقية ما تموت الروح الأرواح باقية, بعد ذلك تتطاير الأرواح وتدخل كل روح في جسدها, فيقوم الناس يحيى الناس تدب الحياة, وكل ينفض التراب عن رأسه, فيقومون مسرعين إلى الداعي, مسرعين كأنهم جراد منتشر, حفاة لا نعال عليهم, عراة لا ثياب عليهم, غرلا غير مختونين, كما ولدتهم أمهاتهم كلهم الرجال والنساء, قالت عائشة: يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الأمر أشد من ذلك يا عائشة, كل مذهول, ذعر المسألة ذعر ما أحد ينظر إلى أحد ولا أحد يلوي على أحد شاخصة أبصارهم, فالمقام ما هو مقام نظر وفتنة {يوم يفر المرء من أخيه}[عبس:34].

{وأمه وأبيه}[عبس:35].

{وصاحبته وبنيه}[عبس:36], {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}[عبس:37].

{يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم}[الحج:1].

{يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}[الحج:2].

{إذا الشمس كورت}[التكوير:1].

{وإذا النجوم انكدرت}[التكوير:2].

{وإذا الجبال سيرت}[التكوير:3].

{وإذا العشار عطلت}[التكوير:4].

{وإذا الوحوش حشرت}[التكوير:5].

{وإذا البحار سجرت}[التكوير:6].

{وإذا النفوس زوجت}[التكوير:7].

{وإذا الموءودة سئلت}[التكوير:8].

{بأي ذنب قتلت}[التكوير:9].

{وإذا الصحف نشرت}[التكوير:10].

{وإذا السماء كشطت}[التكوير:11].

{وإذا الجحيم سعرت}[التكوير:12].

{وإذا الجنة أزلفت}[التكوير:13].

{علمت نفس ما أحضرت}[التكوير:14].

كل هذه الأمور تحصل في يوم القيامة {مهطعين إلى الداع} مسرعين {كأنهم جراد منتشر}[القمر:7].

هذه حال الناس يوم القيامة, هذه هي الساعة, وهذه هي القيامة, {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد}[الشورى:18].

ولكن لا يعلم متى تقوم, الساعة تأتي الأمارات وبعد ذلك تأتي الساعة لا يدري تفاجئ الناس بغتة {لا تأتيكم إلا بغتة}[الأعراف:187], تفجأهم, كما في الحديث: «كالحامل المتم» الحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بالولادة ليلا أو نهارا, فكذلك الساعة أشراط الساعة كالحامل المتم لا يدري الناس متى تفجأهم ومتى تقوم, لا يعلم بهذا إلا الله سبحانه وتعالى, {يسألونك عن الساعة أيان مرساها}, {لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون} نعم, نسأل الله أن يرزقنا وإياكم إعداد العدة لهذا اليوم العظيم, العدة هي العمل الصالح, والإخلاص إخلاص العمل, والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم هذه هي العدة, هذا هو الذي ينفع لهذا السفر العظيم التوحيد, وإخلاص الدين لله, وأداء حقوقه, والقيام بأمره, نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح والتوبة النصوح.

سؤال: ×××

الشرح: هو نبي عيسى نبي وأفضل هذه الأمة بعد نبيها عيسى, ثم يليه أبو بكر, ولهذا يعاي بها يقال: من هو أفضل من أبي بكر في هذه الأمة؟ عيسى, لأنه نبي, وأبو بكر أفضل الناس بعد الأنبياء, وعيسى نبي اجتمع فيه الوصفان نبي ومن هذه الأمة أولها, لأن كل نبي بعثه الله أخذ الله عليه الميثاق لئن بعث محمد وأنت حي لتتبعنه, فهذا حي نزل حيا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم, فصار من أفراد الأمة المحمدية.

سؤال: ×××

الشرح: لا هو نبي لا شك, نبي, ومن أولي العزم, نبي ومن أفراد الأمة المحمدية يجتمع فيه الوصفان.

 

(المتن)

وقوله [تعالى]: {يسألونك كأنك حفي عنها} اختلف المفسرون في معناه، فقيل: معناه: كما قال العوفي عن ابن عباس: {يسألونك كأنك حفي عنها} يقول: كأن بينك وبينهم مودة، كأنك صديق لهم.

قال ابن عباس: لما سأل الناس محمدا صلى الله عليه وسلم عن الساعة، سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدا حفي بهم، فأوحى الله إليه: إنما علمها عنده، استأثر به، فلم يطلع الله عليها ملكا مقربا ولا رسولا.

وقال قتادة: قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم: إن بيننا وبينك قرابة، فأسر إلينا متى الساعة. فقال الله، عز وجل: {يسألونك كأنك حفي عنها}.

وكذا روي عن مجاهد، وعكرمة، وأبي مالك، والسدي، وهذا قول.

والصحيح عن مجاهد - من رواية ابن أبي نجيح وغيره -: {يسألونك كأنك حفي عنها} قال: استحفيت عنها السؤال، حتى علمت وقتها.

وكذا قال الضحاك، عن ابن عباس: {يسألونك كأنك حفي عنها} يقول: كأنك عالم بها، لست تعلمها، {قل إنما علمها عند الله}.

وقال معمر، عن بعضهم: {كأنك حفي عنها} كأنك عالم بها.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {كأنك حفي عنها} كأنك بها عالم ، وقد أخفى الله علمها على خلقه، وقرأ: {إن الله عنده علم الساعة} الآية [لقمان:34].

ولهذا القول أرجح في المقام من الأول، والله أعلم.

(الشرح)

يعني فيها قولان: {يسألونك كأنك حفي عنها}, القول الأول: كأنك صديق لهم تخبرهم بها.

والقول الثاني: كأنك عالم بها وهذا هو الأرجح {يسألونك كأنك حفي عنها} يعني كأنك عالم بها وأنت لا تعلم, لا يعلمها إلا الله, يسألونك يا محمد كأنك حفي كأنك صديق لهم وحبيب تخبرهم بها لمحبتك لهم, أو يسألونك كأنك حفي عنها كأنك عالم بها, والقول الثاني هو الأرجح.

(المتن)

 ولهذا قال: {قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

ولهذا لما جاء جبريل، عليه السلام، في صورة أعرابي، ليعلم الناس أمر دينهم، فجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلس السائل المسترشد، وسأله عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، ثم قال: فمتى الساعة؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل".

أي: لست أعلم بها منك ولا أحد أعلم بها من أحد، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله عنده علم الساعة} الآية.

وفي رواية: فسأله عن أشراط الساعة، فبين له أشراط الساعة, ثم قال: "في خمس لا يعلمهن إلا الله". وقرأ هذه الآية، وفي هذا كله يقول له بعد كل جواب: "صدقت"؛ ولهذا عجب الصحابة من هذا السائل يسأله ويصدقه، ثم لما انصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".

وفي رواية قال: "وما أتاني في صورة إلا عرفته فيها، إلا صورته هذه".

وقد ذكرت هذا الحديث بطرقه وألفاظه من الصحاح والحسان والمسانيد، في أول شرح صحيح البخاري، ولله الحمد والمنة.

الشرح: يعني كأن الحافظ له شرح على البخاري شرح على البخاري ما هو موجود ما هو موجود هل رأيتم سمعتم شيء من شرح البخاري للحافظ ابن كثير ما هو موجود.

استقصى ألفاظ الحديث في شرح البخاري في الصحاح والسنن والمسانيد, رحمه الله, نعم, كم ذهب وضاع من الكتب من مؤلفات العلماء.

 

(المتن)

ولما سأله ذلك الأعرابي وناداه بصوت جهوري.

الشرح: بصوت جهوري, يعني: صوت مرتفع.

(المتن)

 فقال: يا محمد، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاءم على نحو من صوته -قال: يا محمد، متى الساعة؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك إن الساعة آتية، فما أعددت لها؟ " قال: ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، ولكني أحب الله ورسوله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب". فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث.

وهذا له طرق متعددة في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: "المرء مع من أحب".

(الشرح)

 وهذا بشارة, بشارة للمؤمنين, الصحابة فرحوا بهذا «المرء مع من أحب» بشارة لكل مؤمن أن المرء مع من أحب, ولكن الصادق في المحبة يبذل جهده في العمل حتى يلحق بالمحبوب, والمحبة تجبر النقص, الصادق في المحبة يبذل جهده ما يكون نائم, الصادق في المحبة يبذل جهده في العمل حتى يلحق بالمحبوب, فإذا حصل نقص فالمحبة تجبر هذا النقص, هذه بشارة لكل مؤمن «المرء مع من أحب», قال أنس: فأنا أحب رسول الله, وأحب جبريل, وأحب أبا بكر وعمر فأرجو أن يلحقني الله بهم, هذه لا شك أن هذه بشارة لكن الصادق في المحبة يبذل جهده ما ينام يبذل جهده في العمل حتى يلحق بالمحبوب, ثم المحبة تجبر النقص.

 

(المتن)

وهي متواترة عند كثير من الحفاظ المتقنين.

ففيه أنه، عليه السلام، كان إذا سئل عن هذا الذي لا يحتاجون إلى علمه، أرشدهم إلى ما هو الأهم في حقهم، وهو الاستعداد لوقوع ذلك، والتهيؤ له قبل نزوله، وإن لم يعرفوا تعيين وقته.

ولهذا قال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كانت الأعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألوه عن الساعة: متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: "إن يعش هذا لم يدركه الهرم حتى قامت عليكم ساعتكم" يعني بذلك موتهم الذي يفضي بهم إلى الحصول في برزخ الدار الآخرة.

(الشرح)

يعني حتى قامت عليكم ساعتكم: يعني موتهم خاص بهم ساعتهم خاصة بهم إن يعش هذا الغلام فلا يدركه الهرم حتى تموتوا يعني, والموت ساعة خاصة لكل إنسان كل إنسان له ساعة خاصة وهي موته, أما الساعة العامة فهذه تكون في آخر الزمان في نهاية الدنيا, لكن هناك ساعة عامة وساعة خاصة الساعة العامة لا يعلم وقتها إلا الله, والساعة الخاصة كل شخص ساعته موته,  ولهذا قال: حتى قامت عليكم ساعتكم, يعني الساعة الخاصة بهم موتهم.

(المتن)

ثم قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن يعش هذا الغلام فعسى ألا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة". انفرد به مسلم.

 

وحدثنا حجاج بن الشاعر، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا معبد بن هلال العنزي عن أنس بن مالك، رضي الله عنه؛ أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: متى الساعة؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيهة، ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة، فقال: "إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة" -قال أنس: ذلك الغلام من أترابي.

وقال: حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة، عن أنس قال: مر غلام للمغيرة بن شعبة - وكان من أقراني- فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن يؤخر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة".

ورواه البخاري في كتاب "الأدب" من صحيحه، عن عمرو بن عاصم، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أنس؛ أن رجلا من أهل البادية قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فذكر الحديث، وفي آخره: "فمر غلام للمغيرة بن شعبة"، وذكره.

وهذا الإطلاق في هذه الروايات محمول على التقييد ب"ساعتكم" في حديث عائشة، رضي الله عنها.

(الشرح)

وهذا الإطلاق في هذه الأحاديث: حتى تقوم الساعة, حديث مطلق يقيد بحديث عائشة الأول: "ساعتكم", فالمطلق يحمل على المقيد الأحاديث فيها مطلق وفيها مقيد, المطلق: حتى تقوم الساعة, حتى تقوم الساعة هذا المطلق, وفي الحديث الأول: "حتى تقوم ساعتكم", يحمل هذا على هذا أما الساعة العامة هذه لا يعلم وقتها إلا الله كما في الآيات فلا تعارض الأحاديث هذه لا تعارض الآية, المراد بالساعة الساعة الخاصة بهم موتهم في هذه الأحاديث, وأما علم الساعة فلا يعلمها إلا الله.

سؤال : هل مثله في قضية المطلق والمقيد فيما يتعلق بالإزار أنه مقيد بالكبر؟

الشيخ :هذا مقيد الإزار هذا  التقييد إذا كان الحكم واحد  أما إذا كان الحكم مختلف فلا إذا اختلف الحكم فلا ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )وفي الحديث الآخر من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة ) الحكم مختلف ، هذا له حكم لم ينظر الله له وهذا ففي النار لو كان الحكم واحد يحمل على المطلق التقييد وهذا مثله حكم واحد الساعة هي الساعة هي الموت .
(المتن)

وقال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر، قال: "تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله. وأقسم بالله ما على ظهر الأرض اليوم من نفس منفوسة، تأتي عليها مائة سنة" رواه مسلم.

(الشرح)

يعني أن مائة سنة تخرم ذلك القرن يأتي ذلك القرن ويأتي أناس آخرون يعني الموجودين على ظهر الأرض حين تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد مائة سنة يذهبون, ويكون أحفادهم وأبنائهم من بعدهم هم الذين يعيشون في الأرض, نعم, يعني مائة سنة تخرم ذلك القرن, واستدل به على أن الدجال ليس بموجود, وعلى أن الخضر ليس بموجود بعد مائة سنة تخرم ذلك القرن, وأما الدجال يجاب عنه بأن أحاديث الدجال جاءت أحاديث خاصة به يستثنى من هذا الدجال, وأما الخضر فكذلك لو كان موجود مات, بعض الناس يقول: أنه من المعمرين, وأنه مستمر, ولو كان موجود وهو رجل صالح أو نبي لجاء وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم, فلا يمكن أن يكون على وجه الأرض ويأتيه رجل صالح عند الجمهور وهو نبي على الصحيح دل على أنه مات الخضر من زمان, وأما الدجال فهو مربوط في الجزيرة كما في حديث فاطمة بنت قيس وهذا مستثنى, مربوط في جزيرة من جزر البحر.

سؤال : من ذرية آدم الدجال؟

الشيخ : نعم ويأجوج ومأجوج من ذرية آدم

(المتن)

وفي الصحيحين، عن ابن عمر مثله، قال ابن عمر: وإنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم انخرام ذلك القرن.

وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا العوام، عن جبلة بن سحيم، عن مؤثر بن عفازة عن ابن مسعود، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى"، قال:"فتذاكروا أمر الساعة"، قال: "فردوا أمرهم إلى إبراهيم، عليه السلام، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى عيسى، فقال عيسى: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، عز وجل،

(الشرح )

وجبتها يعني حين تقوم لكن لها أشراط  

(المتن)

 وفيما عهد إلي ربي، عز وجل، أن الدجال خارج"، قال: "ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص"، قال: "فيهلكه الله، عز وجل، إذا رآني، حتى إن الحجر والشجر يقول: يا مسلم، إن تحتي كافرا تعالى فاقتله". قال: "فيهلكهم الله، عز وجل، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم"، قال: "فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطئون بلادهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه"، قال: "ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم، فأدعو الله، عز وجل، عليهم فيهلكهم ويميتهم، حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم -أي: تنتن -" قال: "فينزل الله المطر.

الشرح: تجوى على وزن ترعى نعم عيسى هو الذي يتكلم لأنه سينزل في آخر الزمان, فالمذاكرة بين أولي العزم عيسى من أشراط الساعة نزوله وهو الذي يتولى قتل الدجال والدعاء على يأجوج ومأجوج ولهذا هو تكلم تذاكروا موسى, وعيسى, ومحمد عليهم السلام.

(المتن)

قال: "فينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر".

الشرح: وهذا من حكمة الله لأنهم لو بقوا لأوخمت الأرض ومات الناس, لأنهم عدد كثير يهلكوا في ليلة واحدة يصيبهم (39:53) في رقابهم فيموتون ××× فرسا كموت نفس واحدة فيكونوا كالجبال موتى أموات جبال إذا أقبلت عليهم كأنهم جبال, ما ظنك بهذه الجبال كلها نتن لو بقي أوخمت الأرض, لكن الله سبحانه وتعالى من لطفه بعباده هيأ طير تأخذها جاء في الحديث تأخذهم طير وتلقيهم في البحر, تأخذ هذه الجبال من البشر تلقيهم في البحر, ثم ينزل الله مطرا تغسل الأرض فتزول الرائحة, ولو بقي لهلك الناس لهلك البقية الباقية من النتن.

(المتن)

قال أحمد: قال يزيد بن هارون: ثم تنسف الجبال، وتمد الأرض مد الأديم -.

الشرح: يوم القيامة تنسف الجبال {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا}[طه:105].

وتمد الأرض مد الأديم, الأديم: الجلد, وهذا من تبديلها تمد كما يمد الأديم, وتزال ما على ظهر من الجبال والأودية فتكون قاعا صفصفا هذا تبديلها يوم تبدل الأرض غير الأرض تبديل صفات لا تبديل ذات {يوم تبدل الأرض غير الأرض}[إبراهيم:48], تبدل تمد كما يمد الأديم ويزال ما على ظهرها من الجبال, وتكون متساوية.

(المتن)

ثم رجع إلى حديث هشيم قال: ففيما عهد إلي ربي، عز وجل، أن ذلك إذا كان كذلك، فإن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادها ليلا أو نهارا.

الشرح: وهذا هو الشاهد يعني, يعني الساعة أشراط الساعة معروفة وذكر عيسى عليه الصلاة والسلام, أنه سينزل في آخر الزمان ويقتل الدجال ويدعو على يأجوج ومأجوج, وبعد ذلك الساعة قريبة, لكن ما يدرى متى تقوم, كالحامل المتم الحامل إذا مضى عليها تسعة أشهر حملها ما يدري أهلها متى تفجأهم بالولادة تجلس أسبوع, تجلس يوم, ساعات, أو شهر تزيد شهر عاشر أو تزيد شهر أو شهرين ما يدري هي حامل متم, يتوقع الناس متى تفجأهم بالولادة لا يدرون فتفجأهم بالولادة بغتة ليلا أو نهارا, فكذلك الساعة إذا طلعت أشراط الساعة فالساعة كالحامل المتم ما يدري الناس متى تفجأهم.

 

(المتن)

ورواه ابن ماجه، عن بندار عن يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب بسنده، نحوه.

فهؤلاء أكابر أولي العزم من المرسلين، ليس عندهم علم بوقت الساعة على التعيين.

الشرح: عليهم الصلاة والسلام موسى وعيسى ومحمد, والذي يتحدث عيسى لأنه هو الذي ينزل في آخر الزمان.

(المتن)

 وإنما ردوا الأمر إلى عيسى عليه السلام، فتكلم على أشراطها؛ لأنه ينزل في آخر هذه الأمة منفذا لأحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشرح: يعني فيكون فرد من أفراد الأمة المحمدية, منفذ للأحكام, شريعته نسخت يعمل بالقرآن ينفذ شريعة النبي صلى الله عليه وسلم, نعم فصار أحد أفراد هذه الأمة وهو نبي.

(المتن)

ويقتل المسيح الدجال، ويجعل الله هلاك يأجوج ومأجوج ببركة دعائه، فأخبر بما أعلمه الله تعالى به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط قال: سمعت أبي يذكر عن حذيفة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: "علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن سأخبركم بمشاريطها، وما يكون بين يديها: إن بين يديها فتنة وهرجا".

الشرح: فتنة وهرجا الهرج بإسكان الراء والهرج هو القتل الهرج القتل يعني الحروب بين يديه فتن وحروب من أشراط الساعة كثرة الحروب.

 

(المتن)

إن بين يديها فتنة وهرجا" قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال بلسان الحبشة: "القتل". قال ويلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد يعرف أحدا" لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه.

وقال وكيع: حدثنا ابن أبي خالد، عن طارق بن شهاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} الآية [النازعات:42].

ورواه النسائي من حديث عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن أبي خالد، به وهذا إسناد جيد قوي.

فهذا النبي الأمي سيد الرسل وخاتمهم [محمد] صلوات الله عليه وسلامه نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، والعاقب والمقفي، والحاشر الذي تحشر الناس على قدميه.

الشرح: العاقب الذي ليس بعده نبي, والمقفي الذي قفى الأنبياء, والحاشر الذي تحشر الناس على قدميه.

(المتن)

 مع قوله فيما ثبت عنه في الصحيح من حديث أنس وسهل بن سعد، رضي الله عنهما: "بعثت أنا والساعة كهاتين" وقرن بين إصبعيه السبابة والتي تليها. ومع هذا كله، قد أمره الله تعالى أن يرد علم وقت الساعة إليه إذا سئل عنها، فقال: {قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

قال الله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188) }.

أمره الله تعالى أن يفوض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. [إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا]} [الجن:26، 27].

وقوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد. {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} قال: لو كنت أعلم متى أموت، لعملت عملا صالحا.

وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد: وقال مثله ابن جريج.

وفيه نظر؛ لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة. وفي رواية: كان إذا عمل عملا أثبته.

فجميع عمله كان على منوال واحد، كأنه ينظر إلى الله، عز وجل، في جميع أحواله، اللهم إلا أن يكون المراد أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك، والله أعلم.

والأحسن في هذا ما رواه الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} أي: من المال. وفي رواية: لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه، فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه، وما مسني السوء، قال: ولا يصيبني الفقر.

وقال ابن جرير: وقال آخرون: معنى ذلك: لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة، ولعرفت الغلاء من الرخص، فاستعددت له من الرخص.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {وما مسني السوء} قال: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون، واتقيته.

الشرح: يعني ولو كنت أعلم الغيب {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله}, فيه دليل على أن النفع والضر بيد الله, وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عن غيره, فمن ادعى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينفع ويضر فهو كافر, الذي ينفع ويضر فهو الله, والرسول صلى الله عليه وسلم نبي كريم يطاع ويتبع, جعل الله الإيمان به سبب في دخول الجنة, لكن النفع والضر بيد الله, {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}, قيل المعنى لو كنت أعلم متى أموت لعملت عملا صالحا, وهذا ضعيف لأن الرسول عمله صالح ومستمر, وقيل {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} يعني: استكثرتم من المال, فعلمت فلا أبيع بيعا أخسر فيه, وقيل المعنى: لعلمت لاستكثرت من الخير لعرفت السنة المجدبة من السنة المخصبة, وعلمت وقت الرخص من وقت الغلاء.

سؤال :في السياق أليس سياق عمل صالح

الشيخ : عام السياق فيه بيان أن الرسول لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولو كان يعلم الغيب لدفع عن نفسه الضر وجلب لنفسه الخير هذا هو الظاهر لكن ما هو النفع الذي ..له هل  هو العمل الصالح ؟ قال بعض ...... وقيل أنه المال وقيل الجدب والقحط.... .

(المتن)

ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير، أي: نذير من العذاب، وبشير للمؤمنين بالجنات، كما قال تعالى: {فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا} [مريم:97].

الشرح: هذه مهمته عليه الصلاة والسلام: (بشير, ونذير) يبشر المؤمنين ومن أطاعه بالجنة, وينذر الكفار ومن عصاه بالنار هذه وظيفته, وظيفته عليه الصلاة والسلام البشارة والنذارة, وهو لا يعلم الغيب, ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عن غيره, فالنفع والضر بيد الله, وعلم الغيب مختص به الله, ووظيفة النبي صلى الله عليه وسلم ليس أن يعلم الناس بالغيب, ولا أن ينفعهم ولا أن يضرهم, وظيفته البشارة والنذارة, هذه الآية فيها بيان وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم أنها البشارة والنذارة, وأنه ليس له من علم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه, كما قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا}[الجن:26].

{إلا من ارتضى ...}[الجن:27].

وليس النفع والضر بيد النبي صلى الله عليه وسلم بل هو بيد الله, إذا ما هي مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ البشارة والنذارة {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون}[الأعراف:188].

هذه وظيفته عليه الصلاة والسلام, فمن قبل البشارة وحذر من النذارة فهو الموفق, ومن لم ينتفع بالبشارة ولم يحذر لم ينتفع بالبشارة ولم يحذر من النذارة فهو الهالك.

(المتن)

قال الله تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ... }.

الشرح: بركة.

سؤال:من أدرك الإمام في التشهد هل تحسب له جماعة وهل يأخذ فضل الجماعة ؟

الشرح: الصواب أنه ما يدركها إلا إذا أدرك ركعة, الجماعة تدرك بركعة, والجمعة تدرك بركعة, والوقت يدرك بركعة, فمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر, ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر, الوقت يدركه بركعة, والجماعة تدرك بركعة, والجمعة تدرك بركعة, هذا هو الصواب, لكن إذا جاء والإمام في آخر التشهد وليس معه أحد يدخل مع الإمام يحصل له شيء من الفضل والمشاركة.

سؤال: حديث من أدرك سجدة

الشرح: السجدة هي الركعة المراد بالسجدة الركعة.

(انتهى)

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد