شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_22

00:00
00:00
تحميل
93

مقدمة:-

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأزكى المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: غفر الله لك.

يقول الله عز وجل: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين (189) فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون (190) }.

(المتن)

يقول الحافظ بن كثير: ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم، عليه السلام، وأنه خلق منه زوجه حواء، ثم انتشر الناس منهما، كما قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13].

وقال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها [وبث منهما رجالا كثيرا ونساء] } الآية [النساء:1].

وقال في هذه الآية الكريمة: {وجعل منها زوجها ليسكن إليها} أي: ليألفها ويسكن بها، كما قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم:21].

فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين؛ ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه.

{فلما تغشاها} أي: وطئها {حملت حملا خفيفا} وذلك أول الحمل، لا تجد المرأة له ألما، إنما هي النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة.

وقوله: {فمرت به} قال مجاهد: استمرت بحمله. وروي عن الحسن، وإبراهيم النخعي، والسدي، نحوه.

وقال ميمون بن مهران: عن أبيه استخفته.

وقال أيوب: سألت الحسن عن قوله: {فمرت به} قال: لو كنت رجلا عربيا لعرفت ما هي. إنما هي: فاستمرت به.

وقال قتادة: {فمرت به} واستبان حملها.

وقال ابن جرير: [معناه] استمرت بالماء، قامت به وقعدت.

وقال العوفي، عن ابن عباس: استمرت به، فشكت: أحملت أم لا.

{فلما أثقلت} أي: صارت ذات ثقل بحملها.

وقال السدي: كبر الولد في بطنها.

{دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا} أي: بشرا سويا، كما قال الضحاك، عن ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة.

وكذلك قال أبو البختري وأبو مالك: أشفقا ألا يكون إنسانا.

وقال الحسن البصري: لئن آتيتنا غلاما.

{لنكونن من الشاكرين. فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون} ذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها، ثم نتبع ذلك ببيان الصحيح في ذلك، إن شاء الله وبه الثقة.

قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا عمر بن إبراهيم، قال: حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما ولدت حواء طاف بها إبليس -وكان لا يعيش لها ولد -فقال: سميه عبد الحارث؛ فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره".

وهكذا رواه ابن جرير، عن محمد بن بشار، بندار، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.

ورواه الترمذي في تفسيره هذه الآية عن محمد بن المثنى، عن عبد الصمد، به وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، ورواه بعضهم عن عبد الصمد، ولم يرفعه.

ورواه الحاكم في مستدركه، من حديث عبد الصمد مرفوعا ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

ورواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره، عن أبي زرعة الرازي، عن هلال بن فياض، عن عمر بن إبراهيم، به مرفوعا.

وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث شاذ بن فياض، عن عمر بن إبراهيم، به مرفوعا.

قلت: "وشاذ"  هو: هلال، وشاذ لقبه. والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به. ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة مرفوعا فالله أعلم.

الثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه، ليس مرفوعا، كما قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه. وحدثنا ابن علية عن سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير، عن سمرة بن جندب، قال: سمى آدم ابنه "عبد الحارث".

الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا، لما عدل عنه.

 

(الشرح)

وهناك علة رابعة وهي انقطاع بين الحسن وسمرة, لأن الحسن لم يسمع من سمرة قيل لم يسمع منه مطلقا وقيل أنه سمع منه حديث العقيقة, أما عنعنة قتادة فهي قليلة لا تكون علة, قتادة عنعنته يسيرة ومحمول على السماح إلا إذا خالف, قد يقول بعضهم لعله خالف في هذا   

عن قتادة والأعمش مغتفر, الأصل عدم الانقطاع إلا فيما خالف, لكن رواية الحسن عن سمرة.

(المتن)

قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} قال: كان هذا في بعض أهل الملل، ولم يكن بآدم.

وحدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: قال الحسن: عنى بها ذرية آدم، ومن أشرك منهم بعده -يعني: [قوله] {جعلا له شركاء فيما آتاهما}.

وحدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادا، فهودوا ونصروا.

(الشرح)

يعني ليسوا في آدم وحواء في اليهود والنصارى.

(المتن)

وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن، رحمه الله، أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما عدل عنه هو ولا غيره، لا سيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب، من آمن منهم، مثل: كعب أو وهب بن منبه وغيرهما، كما سيأتي بيانه إن شاء الله [تعالى] إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع، والله أعلم.

فأما الآثار فقال محمد بن إسحاق بن يسار، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت حواء تلد لآدم، عليه السلام، أولادا فيعبدهم لله ويسميه: "عبد الله" و"عبيد الله"، ونحو ذلك، فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش قال: فولدت له رجلا فسماه "عبد الحارث"، ففيه أنزل الله، يقول الله: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى قوله: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} إلى آخر الآية.

وقال العوفي، عن ابن عباس قوله في آدم: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى قوله: {فمرت به} شكت أحبلت أم لا؟ {فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين} فأتاهما الشيطان، فقال: هل تدريان ما يولد لكما؟ أم هل تدريان ما يكون؟ أبهيمة يكون أم لا؟ وزين لهما الباطل؛ إنه غوي مبين، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا، فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي، لم يخرج سويا، ومات كما مات الأولان فسميا ولدهما "عبد الحارث"، فذلك قول الله [تعالى] {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} الآية.

وقال عبد الله بن المبارك، عن شريك، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} قال: قال الله تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها} آدم {حملت [حملا خفيفا] }.

فأتاهما إبليس -لعنه الله -فقال: إنى صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن قرني له أيل.

 

 

(الشرح)

أو لأجعلن قرني له أيل, يخرج من بطنك فيشقه, والإيل هو تيس الجمل الوعل,  إن لم تطيعاني في التسمية جعلت له  في بطنك قرني له أيل فيشق بطنك, قرن الوعل, الوعل وليس الجمل لتطيعاني أو لأجعلن له الولد اللي في بطنك يا حواء قرني أيل, فيخرج من بطنك فيشقه.

(المتن)

إنى صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعني أو لأجعلن قرني له أيل, فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلنولأفعلن - يخوفهما - فسمياه "عبد الحارث" فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثانية، فأتاهما أيضا فقال: أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت، لتفعلن أو لأفعلن -يخوفهما -فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضا، فذكر لهما، فأدركهما حب الولد، فسمياه "عبد الحارث"، فذلك قوله: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} رواه ابن أبي حاتم.

وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه، كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة.

ومن الطبقة الثانية: قتادة، والسدي، وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف، ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة، وكأنه -والله أعلم -أصله مأخوذ من أهل الكتاب، فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب، كما رواه ابن أبي حاتم: قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو الجماهر, قال: حدثنا سعيد -يعني ابن بشير -عن عقبة، عن قتادة، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان، فقال لها: أتطيعيني ويسلم لك ولدك؟ سميه "عبد الحارث"، فلم تفعل، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك، فلم تفعل. ثم حملت الثالث فجاءها فقال: إن تطيعيني يسلم، وإلا فإنه يكون بهيمة، فهيبهما فأطاعا.

وهذه الآثار يظهر عليها -والله أعلم -أنها من آثار أهل الكتاب، وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم"، ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها: ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله.

ومنها ما علمنا كذبه، بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا.

ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته، بقوله، عليه السلام: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" وهو الذي لا يصدق ولا يكذب، لقوله: "فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم".

وهذا الأثر: هل هو من القسم الثاني أو الثالث؟ فيه نظر.

(الشرح)

من القسم الثاني الذي يكذب, أو من القسم الثالث الذي لا يصدق ولا يكذب, .

(المتن)

فيه نظر فأما من حدث به من صحابي أو تابعي، فإنه يراه من القسم الثالث.

(الشرح)

بما يصدق ولا يكذب.

(المتن)

 وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري، رحمه الله، في هذا [والله أعلم].

(الشرح)

يعني أنها ليست في آدم وحواء وفي أهل الكتاب.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فهذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين}[الأعراف:189].

{فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون}[الأعراف:190].

هذه الآية سياقها واضح أنها في آدم وحواء, والحافظ رحمه الله الحافظ بن كثير استعظم أن تكون في آدم وحواء, استعظم أن يقع الشرك من آدم وحواء, فقال ليست في آدم وحواء إحنا على مذهب الحسن البصري, في أهل الكتاب أهل الكتاب هم الذين نزلت فيهم هذه الآية, كما قالت الآثار الصحيحة عن الحسن البصري: أنها في أهل الملل, وأنها في اليهود والنصارى (14:44) ولكن وهذا الحديث حديث سمرة ذكرنا فيه ثلاث علل, لكن بقطع النظر عن صحة الحديث والآثار الآية واضحة في أنها في آدم وحواء, بقطع النظر, اقرأ الآية: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} من هي؟ آدم, {وجعل منها زوجها} من هي؟ حواء, {فلما تغشاها} آدم تغشى زوجته حواء وطأها {حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت} كبر الحمل في بطنها {دعوا الله ربهما} يعني آدم وحواء {دعوا} اثنين آدم  وحواء, فكيف تكون في أهل الملل في اليهود والنصارى, {لئن آتيتنا صالحا} بشرا سويا {لنكونن من الشاكرين}.

{فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما}.

فالحافظ رحمه الله استعظم أن تكون في آدم وحواء, واستعظم أن يقع الشرك من آدم وحواء, وهذا ليس ببعيد, آدم وحواء أطاعا الشيطان في الأكل من الشجرة, ثم تاب منه تاب من هذا الذنب {وعصى آدم ربه فغوى}[طه:121]

{ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى}[طه:122]

كذلك أيضا الطاعة في التسمية هنا جعلهم شركاء في التسمية  بعبد الحارث لا في العبادة, كما قال قتادة: شركاء في طاعته لا في عبادته, فأطاعاه في التسمية بعبد الحارث وهذا شرك أصغر يمكن أن يقع منهما ثم يتوبا منه أيضا, وكما وقع الأكل من الشجرة ثم تاب منه, ولعل هذا قبل أيضا قبل أن يكون نبيا لبنيه آدم قبل النبوة قبل أن يكون نبيا لبنيه وقع منهما هذا ثم تابا شرك في التسمية, أطاعه شركاء في طاعته ليس في شركا في العبادة.

ثم تاب منه, كما وقع القتل قتل النفس من موسى قبل النبوة, وقتل القبطي قبل النبوة, وكذلك آدم وحواء أيضا وقع منهم شرك التسمية قبل النبوة, وهذا ذنب تابا منه, ليس شركا أكبر مخرجا من الملة, ولا مانع من وقوعه, وهذه الآثار هذه الآثار تؤيد ظاهر الآية, وبقطع النظر عن صحة هذه الآثار فالآية واضحة في هذا كيف نصرفه عن ظاهره؟ ما نستطيع نصرفه عن ظاهره {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} آدم {وجعل منها زوجها} حواء, فكيف تقول هذا {فلما تغشاها} وطأها {حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما} اثنين, فكيف تكون في أهل الملل وفي اليهود والنصارى {دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين} يعني بشر سوي.

{فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء} يعني في التسمية أطاعوه في التسمية كما قال: شركاء في طاعته, أطاعاه في التسمية لا في العبادة, ثم تاب منه, وأما قوله تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} فهذا في الذرية انتقال من الشخص إلى الجنس, {فتعالى الله عما يشركون} هذا انتقال من الشخص إلى الجنس هذا هو الظاهر الآن, وهذه الآثار كلها تؤيد ظاهر الآية.

وحديث سمرة قال عندك في الطريق الأول قال الأول أنه ...

القارئ: أن عمر بن إبراهيم.

الشرح: لا الثاني.

القارئ: الثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه. ليس مرفوعا.

الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغيرها.

الشرح: الأول ...

القارئ: أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري, وقد وثقه ابن معين, ولكن قال أبو حاتم الرازي لا يحتج به, ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر, عن أبيه, عن الحسن, عن سمرة مرفوعا.

الشرح: طيب هذه رواية المعتمر أيضا هذه ينظر فيها رواية المعتمر ... رواية المعتمر قد تؤيدها ...

وبطبع النظر عن صحة هذه الأحاديث وهذه الآثار فالآية واضحة الآية كافية واضحة في المعنى, ولا مانع من وقوع الشرك في التسمية, ويكون هذا قبل النبوة قبل نبوته لبنيه لأنه كان نبيا لبنيه, كما وقع القتل من موسى قبل النبوة, وكما أطاعاه في الأكل من الشجرة ثم تاب كذلك أطاعاه في التسمية ثم تابا, فلا تصرف الآية عن ظاهرها واضحة الآية, حتى لو لم يصح حديث ما .... الآية في آدم وحواء واضحة لا إشكال في ذلك, هذه الآثار كما سبق لكنها تؤيد ظاهر الآية, هذه الآيات تؤيد ظاهر الآية, وحديث سمرة هذا يقول: ينظر في رواية المعتمر رواية ابن أبي حاتم, ورواه ابن أبي حاتم عن ايش عن المعتمر عن أبيه.

القارئ: ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا.

الشرح: ينظر هذا الحديث هذا ينظر هل يصح أو لا يصح, أو يكون شاهد, أو تابع, نعم ينظر, مع الآثار مع ظاهر الآية وظاهر الآية كافي ظاهر الآية كافي في آدم وحواء, (تعالى الله عما يشركون ) انتقل من الشخص إلى الجنس هذا في الذرية تعالى الله عما يشركون, لكن الآية: {جعلا له شركاء فيما آتاهما}, الاثنين آدم وحواء {شركاء فيما آتاهما}, {فلما تغشاها حملت حملا خفيفا} آدم وحواء, فكيف تقول في اليهود في أهل الملل الاثنين في أهل الملل أهل الملل اثنان.

{وهو الذي خلقكم من نفس واحدة} أليست آدم؟ من غير إشكال, {وخلق منها زوجها} من هو زوج آدم؟ حواء, في إشكال هذا؟ ما في إشكال {فلما تغشاها} من الذي تغشى حواء أهل الملل؟ ما يمكن, تغشاها آدم {حملت} من الذي حملت؟ حواء, {فلما أثقلت} كبر الحمل في بطنها من هي؟ حواء {دعوا الله ربهما} اثنين تثنية من هما هل تقول أهل الملل؟ ما تستطيع (آدم وحواء) {لئن آتيتنا صالحا} يعني بشرا سويا مستوي الخلقة {لنكونن من الشاكرين}, {فلما آتاهما} اثنين (آدم وحواء {جعلا له شركاء فيما آتاهما} انتهى إلى هنا انتهت قصة آدم وحواء

فالآية واضحة أنها في آدم وحواء حتى لو لم تصح هذه الآثار, وما ذكره ابن كثير لا إما تكون في الذرية وكيف يقع منه الشرك يكونوا شركاء هذا شرك التسمية, شرك في الطاعة كما قال قتادة شركاء في طاعته, يعني أطاعوه تسمية لا في عبادته لم يعبداه لم يعبداه وإنما أطاعاه في التسمية, فهو شرك أصغر, وليس شرك أكبر مخرج من الملة.

(المتن)

وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري، رحمه الله، في هذا [والله أعلم] وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته؛ ولهذا قال الله: {فتعالى الله عما يشركون}.

(الشرح)

{فتعالى الله عما يشركون} هذا في الذرية, انتقل من الشخص إلى الجنس, لكن قبله أطاعوه في التسمية لآدم وحواء ما هم أهل الملل, أهل الملل ما هم اثنان كثيرون.

 

(المتن)

وذكر تعالى آدم وحواء كالتوطئة فيما بعدهما من الوالدين, وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس, كما قال تعالى: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين}[الملك:5].

(الشرح)

يعني هذا فيه {فتعالى الله عما يشركون} نعم ذكرها انتقام من الشخص إلى الجنس.

(المتن)

وذكر تعالى آدم وحواء كالتوطئة فيما بعدهما من الوالدين, وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس, كما قال تعالى: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين}[الملك:5].

ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي تزينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها, وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها, ولهذا نظائر كثيرة في القرآن, والله أعلم.

قال الله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون}[الأعراف:191]^

{ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون}[الأعراف:192]^

{وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون}[الأعراف:193]^

{إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}[الأعراف:194]^

{ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون}[الأعراف:195]^

{إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين}[الأعراف:196]^

{والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون}[الأعراف:197]^

{وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}[الأعراف:198]^

هذا إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره، من الأنداد والأصنام والأوثان، وهي مخلوقة لله مربوبة مصنوعة، لا تملك شيئا من الأمر، ولا تضر ولا تنفع، ولا تنصر ولا تنتصر لعابديها، بل هي جماد لا تتحرك ولا تسمع ولا تبصر، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم؛ ولهذا قال: {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون} أي: أتشركون به من المعبودات ما لا يخلق شيئا ولا يستطيع ذلك، كما قال تعالى: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز} [الحج:73، 74].

أخبر تعالى أنه لو اجتمعت آلهتهم كلها، ما استطاعوا خلق ذبابة، بل لو أستلبتهم الذبابة شيئا من حقير المطاعم وطارت، لما استطاعوا إنقاذ ذلك منها، فمن هذه صفته وحاله، كيف يعبد ليرزق ويستنصر؟ ولهذا قال تعالى: {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} أي: بل هم مخلوقون مصنوعون كما قال الخليل: {قال أتعبدون ما تنحتون * [والله خلقكم وما تعملون]} [الصافات:95، 96].

(الشرح)

وهذا الشرك الأكبر في الذرية {فتعالى الله عما يشركون}[الأعراف:190]

{أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون}[الأعراف:191]

هذا في الذرية, وأما ما قبلهم جعل لهم شركاء في آدم وحواء, وهذا شرك أصغر ذنب من المعاصي لا يخرج من الملة تسمية أطاعاه في التسمية.

مثل الأكل من الشجرة هذا طاعة في الأكل من الشجرة, وهذا طاعة في التسمية, لا في العبادة.

ثم قال: {فتعالى الله عما يشركون} في الذرية {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون} هذا شرك العبادة أنكر على من عبد غير الله من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا لا يخلق وهو مخلوق, ولا ينصرون أنفسهم فكيف ينصرون غيرهم.

(المتن)

ثم قال تعالى: {ولا يستطيعون لهم نصرا} أي: لعابديهم {ولا أنفسهم ينصرون} يعني: ولا لأنفسهم ينصرون ممن أرادهم بسوء، كما كان الخليل، عليه الصلاة والسلام، يكسر أصنام قومه ويهينها غاية الإهانة، كما أخبر تعالى عنه في قوله: {فراغ عليهم ضربا باليمين} [الصافات:93].

وقال تعالى: {فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون} [الأنبياء:58].

وكما كان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل، رضي الله عنهما -وكانا شابين قد أسلما لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة -فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ويتخذانها حطبا للأرامل، ليعتبر قومهما بذلك، ويرتئوا لأنفسهم، فكان لعمرو بن الجموح -وكان سيدا في قومه -كان له صنم يعبده ويطيبه، فكانا يجيئان في الليل فينكسانه على رأسه، ويلطخانه بالعذرة، فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفا، ويقول له: "انتصر".

[ثم] يعودان لمثل ذلك، ويعود إلى صنيعه أيضا، حتى أخذاه مرة فقرنا معه جرو كلب ميت، ودلياه في حبل في بئر هناك، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك، نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل، وقال:

تالله لو كنت إلها مستدن ... لم تك والكلب جميعا في قرن

ثم أسلم فحسن إسلامه، وقتل يوم أحد شهيدا، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل جنة الفردوس مأواه.

وقوله: {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون }, يعني: أن هذه الأصنام لا تسمع دعاء من دعاها، وسواء لديها من دعاها ومن دحاها، كما قال إبراهيم: {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} [مريم:42]؟

(الشرح)

لأنها جماد من دعاها ولمن لم يدعها سواء, الجدار الآن جماد لا يفرق بين من دعاه وبين من لم يدعه {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم [سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون] } فالداعي والصامت سيان بالنسبة للجماد الجماد ما في حياة ولا حركة.

(المتن)

ثم ذكر تعالى أنها عبيد مثل عابديها، أي: مخلوقات مثلهم، بل الأناسي أكمل منها، لأنها تسمع وتبصر وتبطش، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك.

وقوله: {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون}.

(الشرح)

قال تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}[الأعراف:194].

فهم عباد أمثالكم, بل أنتم أكمل منهم أنت تسمعون وتبصرون وتبطشون وهي جمادات لا تتحرك, {فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}.

ثم قال تعالى: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها}[الأعراف:195].

ليس لها شيء لا أرجل ولا أعين ولهذا قال: {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون}[الأعراف:195].

هذه كلها قاس بها الحافظ وتكلم عليها  ×××

(المتن)

وقوله: {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون} أي: استنصروا بها علي، فلا تؤخروني طرفة عين، واجهدوا جهدكم! {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين}.

(الشرح)

وهذا تحدي لهم هذا تحدي تحداهم {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون} ادعوا شركاءكم, كيدوني عاجلوني بالعقوبة ولا تمهلوني إن كان عندكم قدرة؟ لا تستطيعون تحدي لهم {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون} يعني اعملوا الحيل في مكيدتي, وإيقاع الضر بي فلا تستطيعون, كما قال الله عن هود أنه تحدى قومه قال الله: {ثم كيدون فلا تنظرون}, وقف أمام أمة معروفة بالجبروت والطغيان قوم عاد, قوم هاد داخلون بقوتهم, فقال: كيدون فلا تنظرون, وقف هذه آيته أنه وقف أمامهم وقال:  {ثم كيدون فلا تنظرون}, عاجلوني بالعقوبة فما استطاعوا أن يمسوه بسوء.

(المتن)

{إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} أي: الله حسبي وكافي، وهو نصيري وعليه متكلي، وإليه ألجأ، وهو وليي في الدنيا والآخرة، وهو ولي كل صالح بعدي. وهذا كما قال هود، عليه السلام، لما قال له قومه: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} [هود:54-56].

 

وكقول الخليل [عليه الصلاة والسلام] {أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * [والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين]} [الشعراء:75-80] الآيات، وكقوله لأبيه وقومه {إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} [الزخرف:26-28].

وقوله: {والذين تدعون من دونه} إلى آخر الآية، مؤكد لما تقدم، إلا أنه بصيغة الخطاب، وذلك بصيغة الغيبة؛ ولهذا قال: {لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون}.

(الشرح)

يعني المعبودين من دون الله لا يستطيعون نصركم بل لا يستطيعون نصر أنفسهم, فكيف تعبدونهم من دون الله, والعابد إنما يعبد المعبود لما يحصل له من النفع ودفع الضرر, وهذه الأصنام لا تستطيع نصركم بل لا تستطيع نصر أنفسها فكيف تعبدونها. والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون}..

(المتن)

وقوله: {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} كقوله تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم [ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ] } [فاطر:14].

وقوله: {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} إنما قال: {ينظرون إليك} أي: يقابلونك بعيون مصورة كأنها ناظرة، وهي جماد؛ ولهذا عاملهم معاملة من يعقل؛ لأنها على صور مصورة كالإنسان، [فقال] {وتراهم ينظرون إليك} فعبر عنها بضمير من يعقل.

وقال السدي: المراد بهذا المشركون وروي عن مجاهد نحوه. والأول أولى، وهو اختيار ابن جرير، وقاله قتادة.

(الشرح)

يعني {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا}, إن تدعوا هذه الأصنام لا تسمع لأنها جماد, {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}, فيه قولان:

قيل: المعنى ترى الأصنام ينظرون إليك لأنها مصورة على صور الآدمي فصوره أمامك, كأنها إنسان {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}, وقيل المراد: المشركون القول الثاني أن المراد المشركون {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} فلا يسمعون الحق ولا يعون الحق, يسمعون الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم, ويسمعون دعوته لهم إلى التوحيد, ونهيه لهم عن الشرك, لكن كأنهم لا يبصرون, وكأنهم لا يسمعون, لأن قلوبهم محجوبة عنه, نسأل الله السلامة والعافية.

{وتراهم ينظرون إليك}: يعني ترى الأصنام تنظر إليك أنها مصورة على صور الآدميين فهي تقابلك فعاملهم معاملة المتكلم, قال: وتراهم ينظرون إليك, وقيل المعنى: الخطاب للمشركين تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون, لا يبصرون الحق كما أنهم لا يسمعون الحق, لا يعونه.

(المتن)

قال الله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ...}

(انتهى)

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد