شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_23

00:00
00:00
تحميل
48

 

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد:

قال الحافظ بن كثير – رحمه الله تعالى – على قول الله عز وجل من سورة الأعراف: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}[الأعراف:199].

{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}[الأعراف:200].

(المتن)

قال الحافظ بن كثير: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما, قوله: {خذ العفو} يعني: خذ ما عفا لك من أموالهم، وما أتوك به من شيء فخذه. وكان هذا قبل أن تنزل "براءة" بفرائض الصدقات وتفصيلها، وما انتهت إليه الصدقات. قاله السدي.

وقال الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {خذ العفو} أنفق الفضل. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: قال الفضل.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {خذ العفو} أمره الله بالعفو والصفح عن المشركين عشر سنين، ثم أمره بالغلظة عليهم. واختار هذا القول ابن جرير.

وقال غير واحد، عن مجاهد في قوله تعالى: {خذ العفو} قال: من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسس.

وقال هشام بن عروة، عن أبيه: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. وفي رواية قال: خذ ما عفي لك من أخلاقهم.

وفي صحيح البخاري، عن هشام، عن أبيه عروة، عن أخيه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه, قال: إنما أنزل {خذ العفو} من أخلاق الناس وفي رواية لغيره: عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر. وفي رواية: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنهما قالا مثل ذلك والله أعلم.

وفي رواية سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن أبو الزبير: {خذ العفو} قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم. وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا: حدثنا يونس قال: حدثنا سفيان -هو ابن عيينة - عن أبي قال: لما أنزل الله، عز وجل، على نبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.

وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا، عن أبي يزيد القراطيسي كتابة، عن أصبغ بن الفرج.

(الشرح)

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فهذا هو الصواب القول الأخير في قوله: {خذ العفو} يعني من أخلاق الناس وأعمالهم هذا أحد أصوب الأقوال الأربعة, {خذ العفو} قيل من أموالهم, وما آتوك به وهذا قبل أن تنزل فرضية الزكاة والصدقات, {خذ العفو} خذ الفضل, وأنفق الفضل, {خذ العفو} يعني أمره الله بالصفح والإعراض عن المشركين, وقيل خذ العفو من أعمالهم وأخلاقهم وهذا هو الصواب خذ العفو من أخلاقهم وأعمالهم من أخلاقهم وأعمالهم, {وأمر بالعرف} بالمعروف, {وأعرض عن الجاهلين}.

وكما سيأتي هذه الآية فيها الأمر بالمعروف والإعراض عن الجاهلين {وأعرض عن الجاهلين} وهي أحد الآيات الثلاث التي سيبينها المؤلف رحمه الله, التي أمر الله فيها بالصفح والإعراض عن الجاهل, ومعاملة الإنسي بالإحسان, وأما الجني فإنه يستعاذ بالله منه لا ينفع فيه الإحسان وإنما يستعاذ بالله منه.

المقصود: أن هذا هو الصواب {خذ العفو} يعني من أخلاق الناس وأعمالهم, وقيل من أموالهم, وقيل  الفضل, وقيل هذا أمر بالصفح والإعراض عن المشركين, لكن الصواب الذي يدل عليه ظاهر الآية أنه من أخلاق الناس وأعمالهم.

(المتن)

وفي رواية سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن أبي الزبير: {خذ العفو} قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم. وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا: حدثنا يونس قال: حدثنا سفيان - هو ابن عيينة - عن أُبي قال: لما أنزل الله، عز وجل، على نبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.

وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا، عن أبي يزيد القراطيسي كتابة، عن أصبغ بن الفرج عن سفيان، عن أبي, عن أمي عن الشعبي. نحوه، وهذا مرسل-على كل حال -، وقد روي له شاهد من وجوه أخر، وقد روي مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أسندهما ابن مردويه.

وقال الإمام أحمد: قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا شعبة ، قال حدثنا معان بن رفاعة، قال: حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة الباهلي، عن عقبة بن عامر، رضي الله عنه.

الشرح: عن القاسم, عن أبي أمامة عن القاسم بن عبد الرحمن, ضعيف, القاسم ضعيف وعلي بن يزيد ضعيف, والقاسم ضعيف, عن أبي أمامة, عن القاسم, عن أبي أمامة.

 

 

(المتن)

عن القاسم، عن أبي أمامة الباهلي، عن عقبة بن عامر، رضي الله عنه قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: "يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".

وروى الترمذي نحوه، من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، به.

وقال حسن.

الشرح: نعم, علي بن يزيد, عن القاسم بن عبد الرحمن, ××× الحديث ضعيف ×××

ولكن هذه الثلاثة: تعطي من حرمك, وتصل من قطع, وتعفو عمن ظلمك. هذه جاء بها الشرع, ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنك تعطي من حرمك, وتصل من قطعك, وتعفو عمن ظلمك, وأما هذا الحديث فهو ضعيف, الحديث ضعيف اجتمع فيه هؤلاء الضعفاء  الثلاثة معان بن الرفاعة و علي بن يزيد ..

والقاسم بن عبد الرحمن, كل هؤلاء ضعفاء.

 

(المتن)

وقال حسن.

قلت: ولكن "علي بن يزيد" وشيخه "القاسم أبو عبد الرحمن"، فيهما ضعف.

وقال البخاري قوله: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} "العرف": المعروف. حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس - وكان من النفر الذين يدنيهم عمر -وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته -كهولا كانوا أو شبانا -.

(الشرح)

عيينة بن حصن الفزاري هذا .... جاء من البادية والبادية عندهم جفاء وغلظة, والحر بن قيس بن أخيه يكون عيينة عم للحر بن قيس, الحر بن قيس من أهل العلم والفضل من القراء والعلماء الذين يجالسهم عمر, والمراد بالقراء العلماء, سموا قراء لعنايتهم بالقرآن حفظا ودراسة وتعلما وتعليما واستنباطا وعملا محكم وإيمان متشابه, القراء أصحاب مجلس عمر والمراد بالقراء العلماء, ليس هناك قراء ليسو علماء القراء علماء لكن سموا قراء لعنايتهم بالقرآن, القراء العلماء هم أصحاب مجلس عمر ومشاورته يشاور العلماء, العلماء هم أهل مشاورته رضي الله عنه.

فالحر بن قيس هذا من القراء من العلماء الأفاضل, وهذا عمه جاء من البادية من أهل الجفاء والغلظة رئيس قبيلة فزارة

فطلب عيينة من ابن أخيه الحر أن يستأذن له على عمر, والحر ما يدري ماذا سيقول, فاستأذن له على ابن عمر فلما أذن له دخل عليه وتكلم عليه بالكلام السيئ.

 

(المتن)

أن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس - وكان من النفر الذين يدنيهم عمر -وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته -كهولا كانوا أو شبانا - فقال عيينة لابن أخيه: يابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه.

(الشرح)

لك وجه يعني مكانة .. عند الأمير عمر بن الخطاب, فيعد هذا من جفاءه ما قال أمير المؤمنين.

(المتن)

قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر [رضي الله عنه] فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، قال إن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله، عز وجل. انفرد بإخراجه البخاري.

(الشرح)

يعني ذكره الحر بن قيس ذكر عمر أمير المؤمنين بالآية, هذا عيينة من أهل الغلظة والجفاء, وطلب من ابن أخيه أن يستأذن له على الخليفة, فاستأذن له, ما يدري ماذا سيقول هذا الجافي, فاتهمه و قال هي يا ابن الخطاب والله ما تعطينا ايش الجزل ولا تحكم فينا بالعدل, يعني ما تحكم فينا بالعدل ولا تعطينا حقوقنا من المال, فغضب عمر حتى هم أن يعاقبه, فذكره الحر بن قيس الآية

 قال إن الله قال لنبيه يا أمير المؤمنين إن الله قال لنبيه: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}.

وهذا من الجاهلين, فسكت عمر رضي الله عنه وكما وقافا لكتاب الله ولم يعاقبه

فاعتبره جاهل ولم يرد عليه ولم يعاقبه.

(المتن)

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرنا ابن وهب.

(الشرح)

فالصحابة رضي الله عنهم, والأئمة, والعلماء يقفون عند كلام الله وعند حدود الله لا يتجاوزونها بخلاف المتأخرين, اتهمه بأنه جائر, واتهه بأنه لا يعطي الناس حقوقهم من أموال بيت المال, هذا لأنه جافي جاء من البادية ما تعلم, بعيد عن الذكر, وعن المواعظ, ولهذا قال الله تعالى: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}[التوبة:97].

ولهذا جاء في الحديث إن كان فيه ضعف أن من الكبائر التعرب, الذهاب فيكون الرجل أعرابيا في البادية من الكبائر, جاء في الحديث وإن كان فيه ضعف وفيه النهي عن أن يتقدم الأعرابي مهاجرا, وكذلك أيضا استثنى في البادية والجلوس في البادية إلا إذا فسد الزمان في آخر الزمان, يفر الإنسان بدينه من الفتن وإلا فإنه منهي عن أن يجلس في البادية, لأنه يترك الجمعة والجماعة ويبتعد عن الذكر, وعن العلم والتعلم, ويفوته خير كثير, ولهذا قال الله تعالى: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم}[التوبة:97].

ثم ذكر الله تعالى صفتين من صفات الأعراب, لكن هذا في الجملة هذا التعرب كون الإنسان يذهب إلى كونه أعرابيا يكون في البادية ويترك المدن منهي عنه, لما فيه من ترك الجمع والجماعة إلا إذا فسد الزمان في آخر الزمان أو إذا فسد الزمان, كما في الحديث: «يوشك أن يكون خير مال المرء غنم يتبع به شعث الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن».

إذا فسدت المدن ولم يكن فيها خير ولا جمعة ولا جماعة ولا أمر ولا نهي وخشي الإنسان على دينه يفر بدينه من الفتن في البراري والقصار.

وحينئذ يأتي قول الشاعر:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب للعوى ... وصوت إنسان فكدت أطير.

(المتن)

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني مالك بن أنس، عن عبد الله بن نافع؛ أن سالم بن عبد الله بن عمر مر على عير لأهل الشام وفيها جرس، فقال: إن هذا منهي عنه، فقالوا: نحن أعلم بهذا منك، إنما يكره الجلجل الكبير، فأما مثل هذا فلا بأس به.

(الشرح)

وهذا من جهلهم أنكر عليهم الجرس والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجرس لما فيه من الطرب, وجاء النهي عن صحبة الجرس, ولا تدخل الملائكة بيت فيه كلب أو صور أو جرس, فقال سالم إن هذا منهي عنه, قالوا لا نحن أعلم منك, المنهي عنه الجزء الكبير يعني الجرس الكبير, أما الجرس الصغير ليس بمنهي عنه, وهذا من جهلهم وردهم للحق.

(المتن)

فسكت سالم وقال: {وأعرض عن الجاهلين}.

(الشرح)

اعتبرهم من الجاهلين, ردوا عليه قالوا نحن أعلم منك, هذا ما هو منهي عنه, المنهي عنه الجرس الكبير, أما الجرس الصغير فليس بمنهي عنه فاعتبرهم جهال وأعرض عنهم.

 

(المتن)

وقول البخاري: "العرف: المعروف" نص عليه عروة بن الزبير، والسدي، وقتادة، وابن جرير، وغير واحد. وحكى ابن جرير أنه يقال: أوليته معروفا، وعارفا، وعارفة، كل ذلك بمعنى: "المعروف".

قال: وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف، ويدخل في ذلك جميع الطاعات، وبالإعراض عن الجاهلين، وذلك وإن كان أمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم واعتدى عليهم، لا بالإعراض عمن جهل الحق الواجب من حق الله، ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين حرب.

(الشرح)

العرف هوالمعروف, والمعروف يشمل الدين كله, وأعظم المعروف هو توحيد الله عز وجل, ومن ذلك إقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت. كل هذا داخل في العرف, فالمنكر ينهى عنه وأعظم المنكر الشرك بالله عز وجل, ثم الكبائر تأتي بعدها.

{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وأعالهم, وأن يأمر بالمعروف, وأن يعرض عن الجاهلين, والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو خطاب لأمته, والقاعدة: أن الخطاب يكون عام إلا ما جاء النص بتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم, ما جاء ما ورد النص بأنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو خاص به, وإلا فخطاب النبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته, قوله: وأعرض عن الجاهلين.

 

(المتن)

وذلك وإن كان أمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم.

الشرح: {وأعرض عن الجاهلين} يعني إذا ظلمه يعرض عنه.

(المتن)

 واعتدى عليهم.

الشرح: يعني بالعقوبة الخاصة.

(المتن)

لا بالإعراض عمن جهل الحق الواجب من حق الله، ولا بالصفح عمن كفر بالله.

الشرح: نعم من كفر وكذلك من ترك الواجب يعلم ويؤمر بالواجب.

(المتن)

وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين حرب.

الشرح: يعني يحارب المسلمين, هذا لا يعرض عنه, بل يقاتل.

(المتن)

وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال: هذه أخلاق أمر الله [عز وجل] بها نبيه صلى الله عليه وسلم، ودله عليها.

وقد أخذ بعض الحكماء هذا المعنى، فسبكه في بيتين فيهما جناس فقال:

خذ العفو وأمر بعرف كما ... أمرت وأعرض عن الجاهلين

ولن في الكلام لكل الأنام ... فمستحسن من ذوي الجاهلين

الشرح: الجاهلين, والجاهلين الأولى جناس متجانسان... البيتين بينهما جناس, والجناس أن تتفق الكلمتان في اللفظ, ويختلف المعنى.

 

(المتن)

وقال بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه.

الشرح: نعم, يعني ما أعطاك فخذه لأنه محسن ولا تكلفه فوق طاقته ولا تطلب زيادة, خذ ما أعطاك وما سمح به, لأنه محسن و {ما على المحسنين من سبيل}[التوبة:91].

(المتن)

وإما مسيء، فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله، واستعصى عليك، واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يرد كيده، كما قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون * وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون}[المؤمنون:96-98].

وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} أي هذه الوصية.

الشرح: وما يلقاها: يعني هذه الوصية إلا ذو حظ عظيم.

(المتن)

{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} [فصلت:3436].

 وقال في هذه السورة الكريمة أيضا: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} فهذه الآيات الثلاث في "الأعراف" و "المؤمنون" و "حم السجدة"، لا رابع لهن، فإنه تعالى يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف بالتي هي أحسن، فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى؛ ولهذا قال: {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} ثم يرشد تعالى إلى الاستعاذة به من شيطان الجان، فإنه لا يكفه عنك الإحسان، وإنما يريد هلاكك ودمارك بالكلية، فإنه عدو مبين لك ولأبيك من قبلك.

قال ابن جرير في تفسير قوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته{فاستعذ بالله} يقول: فاستجر بالله من نزغه {إنه سميع عليم} سميع لجهل الجاهل عليك، والاستعاذة به من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان، وغير ذلك من أمور خلقه.

(الشرح)

هذه الآيات الثلاث كما ذكر المؤلف رحمه الله في سورة الأعراف, وسورة المؤمنون و السجدة أمر الله فيها بمعاملة المسيء والعاصي من الإنس بالمعروف, أنت تعامله بالمعروف وترد السيئة التي يوصلها إليك بالحسنة, وحينئذ لا يتمادى في طغيانه, بل هذا يمنعه من الاستمرار, بل قد ينقلب صديقا بدلا من أن يكون عدوا, فإذا شتمك العاصي ما ترده تحسن إليه, وإن أساء إليك تهديه بهدية, فحينئذ ينقلب العدو صديق, أما الجني ما في حيلة لأنه ما ينفع فيه الإحسان, لأن الجني يريد الشيطان الجني العاصي الجني هذا يريد هلاكك ودمارك, ما ينفع فيه إلا الدعاء لله والاستعاذة منه, ولهذا قال سبحانه وتعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}[فصلت:34].

ينقلب يكون العدو صديق بسبب الإحسان, ثم قال: {وما يلقاها إلا الذين صبروا} ما يلقى هذه الوصية إلا{وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}[فصلت:35].

ثم بين الله المعاملة مع الجن, فقال: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}[فصلت:36].

وقال في سورة المؤمنون: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون}[المؤمنون:96]. هذا في معاملة الإنس.

{وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين}[المؤمنون:97]^

{وأعوذ بك رب أن يحضرون}[المؤمنون:98]^

هذا معاملة الجني, وفي هذه الآية في سورة الأعراف {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}[الأعراف:199].

هذا معاملة العاصي الإنسي, والجني {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}[فصلت:36].

هذه الآيات الثلاث لا رابع لها في كتاب الله, في معاملة الإنسي العاصي من الإنس, ومعاملة العاصي من الجن, أو الشيطان من الجن, الجن ما فيه حيلة ما ينفع فيه الإحسان, تستجير بالله, وتستعيذ بالله, أما الإنسي ينفع فيه الإحسان, الإحسان تقابل الإساءة بالإحسان فحينئذ يكفيك الله شره, وحينئذ يكون صديقا بدلا أن كان عدوا صار صديقا بالإحسان.

(المتن)

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رب، كيف بالغضب؟ " فأنزل الله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}.

قلت: وقد تقدم في أول الاستعاذة حديث الرجلين اللذين تسابا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب أحدهما حتى جعل أنفه يتمزع غضبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فقيل له، فقال: ما بي من جنون.

وأصل "النزغ": الفساد، إما بالغضب أو غيره.

الشرح: يتمزع بالعين والمراد يتمرغ, يتمرغ أو يتمزع, وهذا الرجل قيل له لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد

قيل له يا فلان إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لك قل أعوذ بالله من الشيطان, قال: أبي جنون, هذا يدل على أنه لا يزال في غضبه لا يزال في غضبه مسيطر عليه الغضب.

ولهذا ما فقه هذا الكلام في أصله للنبي صلى الله عليه وسلم, قال له استعذ بالله من الشيطان, قال أنا مجنون, هذا لا يزال في غضبه, الغضب مستولي عليه.

والغضب شره عظيم.

(المتن)

وأصل "النزغ": الفساد، إما بالغضب أو غيره.

قال الله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم} [الإسراء:53] و"العياذ": الالتجاء والاستناد والاستجارة من الشر، وأما "الملاذ" ففي طلب الخير، كما قال المتنبي:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره ...

الشرح: ألوذ به هذا اللياذ فيما أؤمله, وأعوذ به فيما أحاذره, فاللياذ يكون في الخير, والعياذ يكون في الشر. اللياذ يكون في الخير, والعياذ هو الالتجاء والاستدارة والاستعاذة بالله من الشر, يقول: يا من ألوذ به فيما أؤمله؟ فيما أؤمله من الخير ألوذ بالله. ومن أعوذ به فيما أحاذره؟ الشيء الذي أحذره أعوذ بالله منه, والشيء الذي أرجوه من الله ألوذ بالله أعوذ وألوذ.

(المتن)

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره...

الشرح: لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره, يهيضون من هاض يهيض من الثلاثي, ويهيضون من أهاض هذا الصحيح يعني لا يكسرون لا يكسرون ××× عظما أنت جابره. لا يهيضون من أهاض, أو لا يهيضون من أهاض ....

القارئ: شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله, أنه كان ينكر على المتنبي هذه المبالغة في المخلوق, ويقول: وإنما يصلح لجناب الله سبحانه وتعالى.

وأخبرنا العلامة شمس الدين بن القيم – رحمه الله – أنه سمع الشيخ تقي الدين المذكور, يقول: ربما قلت هذين البيتين في السجود, ادعوا الله بما تضمناه من الذل والخضوع.

الشرح: الله أكبر, هذا جيد هذا, هذا ينبغي أن يعلق عليه...كلام جيد.

لا شك, في الظاهر لمن نظر في سبب الأبيات يظنه يخاطب الله عز وجل, ولا شك أن هذا خطأ الإنسان يخاطب مخلوق هذا لا يليق إلا بالله.

هذا لا يليق إلا بالله:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره ...

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره...

هذا لا يليق إلا بالله سبحانه وتعالى كما نبه شيخ الإسلام رحمه الله, نعم هذا جيد, نعم التعليق هذا يعمم في النسخ.

وإن كان الإنسان قد يستعاذ الإنسان فيما يقدر عليه, لكن هذا التعميم: يا من ألوذ به فيما أؤمله ... كل ما أؤمله ويستعيذ به من كل ما يخافه, فالتعميم هذا باطل, لكن يجوز للإنسان أن يستعيذ بمخلوق فيما يقدر عليه, كأن يقول: يا فلان أعذني من شر أولادك, أعذني من شر زوجتك إذا كانت سليطة اللسان, هذا خاص, يجوز أن يستعاذ بمخلوق فيما يقدر عليه, ويجوز أن يطلب أيضا من الإنسان فيما يقدر عليه, أما التعميم هذا كما قال هذا تعميم يقول: يا من ألوذ به فيما أؤمله ... كل ما أؤمله يلوذ بهذا الشخص بهذا الملك, ويستعيذ به في كل ما يحذر منه, هذا التعميم ما يليق إلا بالله, وإن كان يجوز الإنسان أن يطلب من الحي بما يقدر عليه, ويستعاذ من الحي فيما يقدر عليه الأمور التي يقدر عليها, لكن الكافر التعميم هذا البيتين فيهم تعميم

ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: إنه يخاطب الله في سجوده بمضمون هذين البيت, يعني بالتعميم, أنه يلوذ في كل ما يؤمله ويستعيذ به في كل ما يخافه.

(المتن)

وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير، بما أغنى عن إعادته هاهنا.

قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (201) وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (202) }.

يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر، وتركوا ما عنه زجر، أنهم {إذا مسهم} أي: أصابهم "طيف" وقرأ آخرون: "طائف"، وقد جاء فيه حديث، وهما قراءتان مشهورتان، فقيل: بمعنى واحد.

الشرح: طيف وطائف, {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان} [الأعراف:201]. قراءة حفص طائف, {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان}, والقراءة الثانية: طيف, وقيل المعنى واحد.

(المتن)

وقيل: بينهما فرق، ومنهم من فسر ذلك بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب.

وقوله: {تذكروا} أي: عقاب الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب. {فإذا هم مبصرون} أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه.

الشرح: هذا لا شك أن هذا أصل المتقين, المتقون الذين اتقوا الله عز وجل, ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة, واتقوا الشرك, ولم يصروا على المعاصي ليسوا معصومين, قد يقع الواحد منهم ذنب لكن لا يصر على المعصية, كما قال تعالى في وصفهم في سورة آل عمران: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}[آل عمران:135].

{أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار}

[آل عمران:136].

وفي أول الآية, قال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}[آل عمران:133].

ثم ذكر من أوصافهم: أنهم إذا فعلوا فاحشة, أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله, يعني تابوا إلى الله وأنابوا إليه ولم يصروا على المعاصي.

وفي هذه الآية قال تعالى: {إن الذين اتقوا} يعني المتقين المؤمنين {إذا مسهم طائف من الشيطان} إذا وقع منهم المعصية, أو هم بالمعصية, أو وقع فيها وقع في ذلة ونصب تذكر عقاب الله وخاف, فرجع إلى الله وتاب وأناب, فإذا هو قد أبصر الحق, ورجع عن الباطل هذا وصف المتقين, ما هو معصوم ما هم معصومون العصمة للأنبياء عن الشرك, وعن الكبائر, أما غيرهم فقد يقع ولو من الصحابة, الصحابة قد يقع منهم لكن أهل بدر موفقون ومسددون.

المقصود: أن أهل التقوى لا يصرون على المعاصي, وليسوا بمعصومين, كما في هذه الآية: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}[الأعراف:201].

تذكروا عقاب الله وخوفه تابوا وأنابوا ورجعوا {فإذا هم مبصرون}.

(المتن)

{فإذا هم مبصرون} أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه.

الشرح: هذه المعصية كأنها غفلة كأنها غطاء وغشاوة فإذا تذكر وتاب وأناب كأنه صحا كالنائم الذي صحا من نومه.

 

(المتن)

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه هاهنا حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها طيف فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يشفيني. فقال: "إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك". فقالت: بل أصبر، ولا حساب علي.

ورواه غير واحد من أهل السنن، وعندهم: قالت يا رسول الله، إني أصرع وأتكشف، فادع الله أن يشفيني. فقال إن شئت دعوت الله أن يشفيك، وإن شئت صبرت ولك الجنة؟ " فقالت: بل أصبر، ولي الجنة، ولكن ادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها، فكانت لا تتكشف.

وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

الشرح: بل خرجه في الصحيحين هذا مخرج في الصحيحين, لكن الحاكم رحمه الله كأنه الكتاب جعل له مسودة ولم يبيضه فخرجه وهذا معروف الحديث في الصحيحين, قصة المرأة وذكر أنها امرأة سوداء, قال ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة, هذه المرأة السوداء, فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت – وكانت تصرع – فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم ادعوا الله أن يشفيني, فقال: إن شئت دعوت الله فشفاك, وإن شئت صبرت ولك الجنة, قالت: بل أصبر, ولكن ادعو الله لي أن لا أتكشف, فدعا لها فكانت لا تتكشف, وصبرت, رضي الله عنها وأرضاها.

والشاهد قوله أصابها طيف طيف: أصابها طيف يعني مس صرع من الجن هذه المرأة أصابها طيف يعني مس فكانت تصرع هذه المرأة كانت تصرع وتتكشف, فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها, فخيرها بين أن يدعو لها وتشفى, أو تصبر ولها الجنة؟ فاختارت أن تصبر ولها الجنة, ولكن سألته من ورعها وديانتها أن يدعو الله لها أن لا تتكشف. حفاظا وحرصها على حفظ عورتها, فدعا لها النبي صلى الله عليه وسلم, هذا فيه دليل على فضل الصبر, وأما التداوي فالأحاديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام».

فهذا أمر, أقل أحواله الاستحباب, فالتداوي أصلا, وعدم التداوي جائز, بعض العلماء يداني به الوجوب ومنهم من قال: مستوي الطرفين, والصواب: أن التداوي أحسن, التداوي أحسن, الإنسان يتعالج ويتداوى فيشفيه الله من المرض, وقد يكون المرض يعوقه فيمنعه من الأعمال الخيرية, فهو أفضل, وإن ترك فلا حرج, إن ترك التداوي ليس بواجب, وبعض الناس يظن الأصل أنه واجب يظنه واجب ولا يجبر الإنسان على العلاج ما يجبر, لأن بعضهم قد يتلذذ بالمرض ولا يصبر ولا يريد العلاج, فهذا يجبر إذا كان عقله معه وفكره معه, أما إذا كان ما معه فكر وليه يجبره, هنا تجد بعض الناس بعض المرضى الآن المريض يمرض ولا يحب العلاج في المستشفيات, فيأتي أولاده ويجرونه بالقوة ويقولون عالجه وهو يقول لا, وهم يجرونه بالقوة ويؤذونه.

فهذا لا يجوز لهم هذا محرم عليهم, لأن العلم ما هو بواجب فصار مستحب, فكونه الآن يؤذونه ويجرونه وهو صحيح الفكر, هذا لا يجوز لهم

لكن إذا كان ما معه فكر, أو كان في غيبوبة وما يشعر, نعم وليه يجتهد, يجتهد في علاجه, لكن إذا كان سليم فكره سليم ويقول: لا أريد العلاج, خلاص ما يجبر الحمد لله  العلاج ليس بواجب, هذه المسألة ينبغي الانتباه لها.

النبي صلى الله عليه وسلم أيضا الكلام يدل على هذا, لما مرض وجاءوا وصبوا الدواء في فمه, وأشار إليهم أن لا تفعلوا, فقالوا لا من أجل المرض, فصبوه, فلما أفاق, قال: لدوه يسمي اللدد قال لا يبقى أحد إلا لد, اقتص منهم إلا ابن عباس.

فاقتص منهم النبي صلى الله عليه وسلم, قالوا للنبي قال لا

قالوا هذا من أجل المرض فصبوه ولدوه, فلما أفاق اقتص منهم, قال لا يبقى أحد إلا لد. يفعل به مثلما فعل.

فهذا من الأدلة على أن الإنسان لا يجبر على العلاج المريض لا يجبر على العلاج, إذا كان صحيح الجسد, الجسد يعني الفكر يعني عقله معه ما يجبر على العلاج فالعلاج مستحب وإذا كان .. بدون علاج وهو صحيح الحمد لله  

ويصبر ويرجو ما عند الله هو رأى هذا فلا لوم عليه ما يفعل محرم, فعل مباح, فكونه يجبر على العلاج هذا يعني يفعله بعض الناس الآن, يعني في ظاهرة عند بعض الناس يظنون أن العلاج واجب بعضهم, بل يلومون من لم يعالج يلمونه وقد يتكلمون في عرضه أو يتكلمون في ...

فإذا كان لا يريد العلاج فالحمد لله, لا يريد العلاج لا نجبره, يجلس, وما قضاه الله وقدره كان, وإذا رأى أن يتعالج فالحمد لله فالعلاج مستحب وهو أفضل على الصحيح, وقيل متساوي على حد سواء.

سؤال: ×××

الشرح: لا ،يجتهد وليهم, وليهم ما دام ... وهو صغير, أو مثلا كبير قد فقد وعيه فكره هذا ولي نعم له الاجتهاد الولي في هذا, لكن الكلام إذا كان معه فكره ومعه عقله هذا لا يجبر إذا لم يرد................

(المتن)

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة "عمرو بن جامع" من تاريخه: أن شابا كان يتعبد في المسجد، فهويته امرأة، فدعته إلى نفسها، وما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل، فذكر هذه الآية: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} فخر مغشيا عليه، ثم أفاق فأعادها، فمات. فجاء عمر فعزى فيه أباه وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه، ثم ناداه عمر فقال: يا فتى {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن:46] وأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمر، قد أعطانيهما ربي، عز وجل، في الجنة مرتين.

(الشرح )

هذا ليس عليه دليل لكن لو صحت فهذه كرامة حكاية تحكى لكن لو صحت تكون هذه كرامة لعمر رضي الله عنه والحافظ ابن عساكر ما .....    

(المتن )

وقوله: {وإخوانهم} أي وإخوان الشياطين من الإنس، كقوله: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [الإسراء:27] وهم أتباعهم والمستمعون لهم القابلون لأوامرهم {يمدونهم في الغي} أي: تساعدهم الشياطين على المعاصي، وتسهلها عليهم وتحسنها لهم.

وقال ابن كثير: المد: الزيادة. يعني: يزيدونهم في الغي، يعني: الجهل والسفه.

{ثم لا يقصرون} قيل: معناه إن الشياطين تمد، والإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك.

كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قال: لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم.

وقيل: معناه كما رواه العوفي، عن ابن عباس في قوله: {يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قال: هم الجن، يوحون إلى أوليائهم من الإنس {ثم لا يقصرون} يقول: لا يسأمون.

وكذا قال السدي وغيره.

الشرح: يتعاونون على الباطل الجن والإنس يتعاونون على الباطل, لأنهم من الشياطين إخوان الإنس {يمدونهم في الغي} يزيدون {ثم لا يقصرون} لا ينتهون لا ينتهي الإنس عن عمل الشر, والشياطين يزيدون ويمدونهم في الغي.

(المتن)

وكذا قال السدي وغيره: يعني أن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس ولا تسأم من إمدادهم في الشر؛ لأن ذلك طبيعة لهم وسجية، لا تفتر فيه ولا تبطل عنه.

الشرح: لا تفتر الضمير يعود للجن, يمدونهم الشياطين إخوان الإنس العصاة يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون لا يسأمون ولا يملون.

والقول الثاني: لا يقصرون هذا يعود إلى الإنس, الجن تمدهم وهم مستمرون على المعاصي.

(المتن)

كما قال تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [مريم:83] قال ابن عباس وغيره: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا.

قال تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203) }.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقيتها. وقال مرة أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها.

وقال ابن جريج عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد في قوله [تعالى] {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} قال: لولا اقتضبتها، قالوا: تخرجها عن نفسك. وكذا قال قتادة، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جرير.

وقال العوفي، عن ابن عباس [رضي الله عنه] {لولا اجتبيتها} يقول: تلقيتها من الله، عز وجل.

وقال الضحاك: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السماء.

ومعنى قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية} أي: معجزة، وخارق.

الشرح الاقتراح الآيات التي يقترحونها إذا لم يأتهم بمعجزة قالوا لو إن تلقيتها أو طلبتها من الله سألت الله, فالمراد بالآية آيات الاقتراح التي يقترحونها, مثل قوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا}[الإسراء:90].

{أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا}[الإسراء:91].

{أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا}[الإسراء:92].

هذه الآيات الاقتراحية, والله سبحانه وتعالى إذا أعطى آية طلبوها ثم لم يؤمنوا عاجلهم بالعقوبة, كما في قوم صالح لما طلبوا الناقة سألوا الناقة فلما لم يؤمنوا أهلكهم الله.

(المتن)

 كما قال تعالى: {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} [الشعراء:4].

يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: لما تجهد نفسك في طلب الآيات من الله حتى نراها ونؤمن بها، قال الله تعالى له: {قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي} أي: أنا لا أتقدم إليه في شيء، وإنما أتبع ما أمرني به فأمتثل ما يوحيه إلي، فإن بعث آية قبلتها، وإن منعها لم أسأله ابتداء إياها؛ إلا أن يأذن لي في ذلك، فإنه حكيم عليم.

ثم أرشدهم إلى أن هذا القرآن هو أعظم المعجزات، وأبين الدلالات، وأصدق الحجج والبينات، فقال: {هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}.

قال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) }.

(انتهى)

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد