شعار الموقع

رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمحمد بن عباد 1

00:00
00:00
تحميل
88

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمد الله سبحانه و تعالى أن هيأ لنا هذه المجالس, مجالس الذكر و العلم و نسأل الله أن يرزقنا جميعا العلم النافع و العمل الصالح, و لا شك أيها الإخوان أن مجالس العلم و حضور حلقات العلم و الدروس و تعلم العلم و تعليمه من أفضل القربات و أجل الطاعات .

   عندنا من الرسائل الشخصية للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى, الرسالة الأولى رسالة إلى أهل القصيم في بيان عقيدته و قد شرحناها في مجلس و نأخذ الرسالة التي بعدها و هي الرسالة الثانية قال المؤلف " و منها رسالة إلى محمد بن عباد مطوع ثرمداء و كان قد أرسل إليه كتابا فيه كلام حسن في تقرير التوحيد و غيره و طلب من الشيخ رحمه الله أن يبين له إن كان فيه شيء يخفاه فكتب له رحمه الله .

 

( متن )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , الرسالة الثانية من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى و هي رسالة إلى محمد بن عباد مطوع ثرمداء وكان قد أرسل إليه كتاباً فيه كلام حسن في تقرير التوحيد و غيره وطلب من الشيخ رحمه الله أن يبين له إن كان فيه شيء يخفاه فكتب له رحمه الله :

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخ محمد بن عباد وفقه الله لما يحبه ويرضاه سلام عليكم ورحمة الله وبركاته                                                               و بعد وصلنا أوراق في التوحيد بها كلام من أحسن الكلام وفقك الله للصواب وتذكر فيه أن ودّك نبين لك إن كان فيها شيء عاثرك فاعلم أرشدك الله أن فيها مسائل غلط :

الأولى:

 

( شرح )

الإمام رحمه الله كتب جوابا على رسالة السائل قال " بسم الله الرحمن الرحيم " افتتح الرسالة بالبسملة تأسيا بالكتاب العزيز, ثم قال " من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخ محمد بن عباد " هذا فيه تأسي بالنبي صلى الله عليه و سلم فإن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا كتب رسالة إلى الملوك أو الرؤساء رؤساء القبائل و العشائر يقول " من محمد رسول الله إلى فلان بن فلان " كما كتب إلى هرقل عظيم الروم قال " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم " هنا الشيخ محمد رحمه الله اقتدى به قال " من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخ محمد بن عباد " الآن الخطابات تختلف الآن تجد الخطابات يكتب الإنسان الخطاب باسم المكتوب له إلى فلان أو المكرم فلان ثم يكتب اسمه في الآخر, هذا له وجه جاء ما يدل عليه و لكن هذا أولى كون الكاتب يعرف اسمه من أول الأمر من أول كلمة من فلان إلى فلان يكون الأمر واضحا هذا أولى من كونه تكتب الرسالة كاملة ثم يكتب الاسم لكن إن كان الناس اعتادوا على هذا و له أصل فلا حرج لكن هذا أفضل إن تيسر يكون من فلان إلى فلان فالشيخ قال " من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخ محمد بن عباد وفقه الله لما يحبه و يرضاه " هذا دعاء دعا له بالتوفيق و هذا من نصح الإمام رحمه الله يدعو له و يعلمه يجمع بين الأمرين بين الدعاء و بين التعليم " وفقه الله لما يحبه و يرضاه " ثم قال " سلام عليكم و رحمة الله وبركاته " هذا إذ كان المكتوب له مسلم يقال السلام عليكم و رحمة الله و بركاته السلام أو سلام, السلام تعريف و سلام تنكير أما إذا كان المكتوب له غير مسلم فيقال " السلام على من اتبع الهدى " كما كتب النبي صلى الله عليه و سلم لهرقل قال " من محمد رسول الله إلى هرقل عظم الروم السلام على من اتبع الهدى أسلم تسلم يؤتيك الله أجرك مرتين و إن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين و ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) " فهنا الكاتب المكتوب له مسلم و لذلك قال المؤلف رحمه الله " سلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد " ثم أجابه قال " وصلنا أوراق في التوحيد بها كلام حسن من أحسن الكلام " يعني كان محمد بن عباد أرسل للمؤلف إلى الإمام أوراقا في التوحيد فيها كلام حسن قال " وفقك الله للصواب " هذا دعاء ثم قال " وتذكر فيه أن ودّك نبين لك إن كان فيها شيء " تذكر فيه أن ودك يعني تحب أن نبين لك إن كان فيه شيء " عاثرك " يعني يخفى عليك هذه كلمة عامية كلمة عاثرك كلمة عامية ثم قال " فاعلم أرشدك الله أن فيها مسائل" .

 

( متن )

قال رحمه الله :

الأولى : قولك أول واجب على كل ذكر و أنثى النظر في الوجود ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد .

 

( شرح )

يقول المؤلف رحمه الله " تذكر أن ودك " يعني أنك تحب أن نبين لك إن كان فيه شيء يعني في الأوراق التي أرسلها عاثرك يعني شيء يخفى عليك كلمة عامية معناها شيء يخفى عليك " فاعلم أرشدك الله أن فيها مسائل " اعلم العلم هو حكم الذهن الجازم و المذاكاة إما علم أو ظن أو شك أو وهم فالعلم هو ما يتيقن فيه الإنسان و الظن هو إدراك الراجح من الأمرين إذا كان الشيء محتملا لأمرين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى ظنا و المرجوح يسمى وهما, و إن كان الأمران مستويان على حد سواء يسمى شكا, فقال له اعلم لا تشك و لا تظن و لا تتوهم, اعلم تيقن ثم دعا له فقال " أرشدك الله لطاعته " هذا خبر بمعنى الدعاء و المعنى اللهم أرشده لطاعتك و قوله في الأول " اعلم وفقك الله " يعني خبر بمعنى الدعاء و المعنى أسأل الله أن يوفقك لما يحب و يرضى هنا قال " فاعلم أرشدك الله أن فيها مسائل غلط " يعني غلط في هذه المسائل التي أرسلها إليه سيبينها الشيخ رحمه الله له و لغيره بقيت إلى أن ينتفع بها من شاء الله و هذا من الثواب الذي لا ينقطع العلم الذي ينتفع به. قال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه من رواية مسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) هذا من العلم الذي ينتفع به بقي و سيبقى إلى ما شاء الله يستفاد منه و يكون أجره و ثوابه للشيخ و المنتفع كذلك كل له أجره لا ينقص بعضهم من أجر بعضهم شيئا و الحمد لله فهذه المسائل التي غلط فيها الكاتب سيبينها الشيخ رحمه الله .

 

( متن )

قال رحمه الله :

الأولى : قولك أول واجب على كل ذكر و أنثى النظر في الوجود ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد, وهذا خطأ وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه.

وإنما الذي أتت به الرسل أول واجب هو التوحيد ليس النظر في الوجود ولا معرفة العقيدة كما ذكرته أنت في الأوراق أن كل نبي يقول لقومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .

 

( شرح )

المسألة الأولى من المسائل التي غلط فيها الكاتب محمد بن عباد مطوع ثرمداء , المسألة الأولى " قولك أول واجب على كل ذكر و أنثى النظر في الوجود ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد " هذه طريقة أهل الكلام, أهل الكلام يقولون الواجب على الإنسان هو النظر ينظر لما حوله و بعضهم يقول الواجب القصد إلى النظر و بعضهم يقول الواجب الشك تشك فيما حولك ثم تنتقل من الشك إلى اليقين, هذا كلام أهل البدع من المعتزلة و الأشاعرة و غيرهم. و الصواب أن أول واجب هو التوحيد ليس أول واجب النظر أول واجب هو توحيد يوحد الإنسان ربه هذا الأمر الذي خلق الإنسان من أجله و الرسل عليهم الصلاة و السلام كل يبدأ قومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ( و إلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ( و إلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ( و إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ما أمرهم بالشك و لا بالنظر و لا بالقصد إلى النظر بعضهم قال أول واجب النظر بعض أهل البدع, و بعضهم أول واجب القصد إلى النظر يعني نية القصد, و بعضهم يقول أول واجب الشك, تشك فيما حولك ثم تنتقل من الشك إلى اليقين , و الشيخ الإمام رحمه الله بين أن هذا خطأ و أن الواجب هو التوحيد النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن قال له ( فليكن أول ما تدعو إليه شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ) و لم يقل يكون أول ما تدعوه إليهم هو الشك أن تشك فيما حولك أو تنظر أو تقصد النظر فالإمام رحمه الله يقول قولك أول واجب على كل ذكر و أنثى النظر في الوجود يعني أن ينظر فيما حوله ينظر يتأمل ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد معرفة العقيدة يعني ما يعتقده من النظر أن القصد إلى النظر ثم علم التوحيد بعد ذلك يصل إلى التوحيد يعني يصير في المرتبة الثالثة التوحيد قال المؤلف "  وهذا خطأ وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه " علم الكلام هو الذي يقول أول شيء النظر ثم معرفة العقيدة و ما تعتقده ثم تنتقل إلى علم التوحيد و هذا خطأ و قال " وإنما الذي أرسلت به الرسل أول واجب هو التوحيد, ليس النظر في الوجود ولا معرفة العقيدة كما ذكرته أنت في الأوراق أن كل نبي يقول لقومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " هذه المسألة الأولى .

 

( متن )

قال رحمه الله :

الثانية : قولك في الإيمان بالله وملائكته إلى آخره والإيمان هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول فليس كذلك وأبو طالب عمه جازم بصدقه والذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم والذين يقولون الإيمان هو التصديق الجازم هم الجهمية وقد اشتد نكير السلف عليهم في هذه المسألة .

 

 

( شرح )

المسألة الثانية من المسائل التي أخطأ فيها الكاتب محمد بن عباد مطوع ثرمداء إلى الإمام يقول " قولك في الإيمان بالله وملائكته إلى آخره, والإيمان هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول عليه الصلاة و السلام " يعني عرف التوحيد بأنه التصديق الجازم المؤلف رحمه الله يقول ليس الإيمان هو التصديق القول بأن الإيمان هو التصديق هذا قول الماتوريدية و الاشاعرة و قبلهم الجهمية يقولون الإيمان هو المعرفة مجرد المعرفة فالإيمان هو معرفة الرب بالقلب و الكفر الجهل بالرب جهل القلب بالرب هذا تعريف الإيمان عند جهم بن صفوان و أبو الحسين الصالح بن القدرية و هذا أفسد تعريف للإيمان هذا أفسد تعريف على وجه الأرض تعريف الجهمية ما هو الإيمان يقولون الإيمان معرفة الرب بالقلب و الكفر جهل الرب بالقلب على هذا ما يكون هناك كافر إلا الذي يجهل ربه بقلبه و على هذا تعريف الجهم يكون إبليس مؤمنا لأنه عرف ربه قال ( رب أنظرني إلى يوم يبعثون ) و فرعون و من معه مؤمنون لأنهم عرفوا ربهم قال الله تعالى ( و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوا ) و اليهود مؤمنون لأنهم يعرفون ربهم ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) و أبو طالب عم الرسول الذي ثبت في الحديث الصحيح أنه مات على الشرك يكون مؤمنا على تعريف الجهم لأن أبا طالب يقول :

و لقد علمت بأن دين محمد                                    من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حذاري سبة                                       لوجدتني سمحا بذاك مبينا  

كل هذه من مفاسد تعريف الجهم. و التعريف الثاني تعريف الكرامية للإيمان هذا يكون للمرجئة, المرجئة هم الذين لديهم هذه التعريف المرجئة المحضة مرجئة الجهمية تعريفه الإيمان معرفة الرب بالقلب ثم مرجئة الكرامية أتباع محمد بن الكرام يقولون الإيمان هو النطق باللسان, فإذا نطق اللسان الذي نطق لسانه بالشهادتين فهو مؤمن و لو كان مكذبا بقلبه كما يقولون, يقولون إذا كان مكذبا بقلبه فهو إذا نطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان و إذا كان مكذبا بقلبه فهو مخلد في النار فيجمعون بين التناقضين فيكون مؤمنا كامل الإيمان مخلد في النار هذا هو الكرامية هذا تناقض و هذا أفسد تعريف بعد تعريف الكرامية , التعريف الثالث تعريف الماتوريدية و الأشاعرة يقول الإمام هو التصديق بالقلب و هو رواية عن الإمام أبي حنيفة . التعريف الثالث عند الإيمان شيئان التصديق بالقلب و الإقرار باللسان و هذا هو مذهب الأحناف أبي حنيفة و أصحابه و هي الرواية المشهورة عن الإمام أبي حنيفة و عليها الجمهور أصحابه و هم يقولون إن هذا هو تعريف الإيمان لكن الأعمال واجبة و هم طائفة من أهل السنة يقولون الأعمال مطلوبة, خلاف الجهمية يقولون ليست مطلوبة الأعمال لكن المرجئة الفقهاء يقولون الأعمال مطلوبة الواجب واجب و المحرم محرم لكن ما نسميه إيمانا و من فعل الواجب أثابه الله يثاب و من ترك الواجب يعاقب و لكن لا نسميه إيمانا فالإنسان عليه واجبان واجب الإيمان و واجب العمل و جمهور أهل السنة قالوا الإيمان هو تصديق بالقلب إقرار بالقلب و عمل بالقلب و عمل باللسان و عمل بالجوارح , فالإيمان يجمع أربعة أشياء قول القلب و هو التصديق و الاعتراف و قول اللسان, و عمل القلب و هو النية و الاخلاص و عمل الجوارح كلها داخلة في مسمى الإيمان. و منهم من قال الإيمان قول و عمل قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل اللسان, و منهم من قال الإيمان قول و عمل و نية, و منهم من قال الإيمان قول و عمل و نية و سنة. فيكون التعريف الآن , المرجئة على أربعة طوائف مرجئة الجهمية  هذا أفسد تعريف عرفوه للإيمان و هو معرفة الرب بالقلب ثم مرجئة الكرامية الإيمان هو النطق باللسان ثم التعريف الثاني التصديق و هو الذي ذكره الكاتب للإمام التصديق الجازم هذا تعريف الأشاعرة و الماتوريدية و هو روي عن الإمام أبي حنيفة و التعريف الثالث الإيمان شيئان تصديق بالقلب و إقرار باللسان و الأعمال مطلوبة لكن لا نسميها إيمانا, هذه طوائف المرجئة على هذه الأقسام الأربعة ثم بعد ذلك تعريف جماهير أهل السنة و التي دلت عليه النصوص من الكتاب و السنة و الذي عليه الأئمة و العلماء و الصحابة و التابعون أن الإيمان يشمل أربعة أشياء قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل اللسان و الجوارح قول القلب هو التصديق و الاعتقاد و عمل القلب النية و الإخلاص و المحبة و الرغبة و الرهبة و الرجاء و الخوف إلى آخر أعمال القلوب, قول القلب و قول اللسان الذكر و التهليل و التسبيح و التكبير و تلاوة القران و عمل الجوارح كالصلاة و الصيام و الزكاة و الحج هذا هو الصواب أن الإيمان قول و عمل قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل الجوارح. الشيخ رحمه الله رد له بين قال " المسألة الثانية قولك في الإيمان بالله وملائكته إلى آخره والإيمان هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول فليس كذلك " يعني ما يكفي التصديق بل تصديق و عمل قال " وأبو طالب عمه جازم بصدقه " لكن لما لم يتابع لم يعمل الإيمان لابد فيه من شيئان تصديق بالقلب و عمل هذا التصديق الذي بالقلب يتحقق بالعمل و العمل الذي بالجوارح يصح بالتصديق فلابد من الأمرين تصديق بالقلب يتحقق بالعمل و إلا صار كإيمان إبليس و فرعون إذا لم يكن عملا, التصديق صار كإيمان إبليس و فرعون ما في عمل يتحقق به و كذلك العمل الذي يعمله الإنسان يصلي صلاة و زكاة و صيام لابد من إيمان يصححه و إلا صار كأعمال المنافقين يعملون يصلون و يصومون لكن ما عندهم إيمان يصححه ( فلا صدق و لا صلى و لكن كذب و تولى ) فلا صدق هذا انتفاء الإيمان و لا صلى هذا العمل لا بد من الأمرين تصديق و عمل ( و لكن كذب و تولى ) . و بهذا يتبين كلام الشيخ رحمه الله للكاتب قال له  " الإيمان هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول هو ليس كذلك وأبو طالب عمه جازم بصدقه " لكن ما تابعه قال :

لولا الملامة أو حذاري سبة                                       لوجدتني سمحا بذاك مبينا 

جازم ما عنده شك قال  لقد علمت و العلم هو حكم الذهن الجازم علمت لكن ما تبعه قال له قل لا إله إلا الله عند الموت كلمة أحاج لك بها عند الله و كان عنده عبد الله بن أمية و أبو جهل فلقناه الحجة الملعونة و هي اتباع الآباء و الأجداد في الباطل قال أترغب عن ملة أبي عبد المطلب عبد المطلب أبوه ملة الشرك كأنه يقول عيب عليك تترك ملة أبيك و جدك فأعاد عليه النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا عمي قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فأعادا الحجة عيب عليك تترك ملة أبيك و جدك أترغب عن ملة أبيك عبد المطلب فأعادا فكان آخر ما قال هو على ملة أبي عبد المطلب و أبى أن يقول لا إله إلا الله و هو يعلم بصدق الرسول هل يكفي ؟ ما كفى لابد من تصديق و عمل تصديق و عمل و اتباع فهو ما تابع النبي صلى الله عليه و سلم. فالمؤلف يقول " هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول و أبو طالب عمه جازم بصدقه والذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " جازمون من هم اليهود ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم و إن فريقا منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون ) جازمون عندهم جزم تصديق لكن ما تابع الرسول صلى الله عليه و سلم فلا يكفي التصديق فبقوا على كفرهم و المؤلف يقول " والذين يقولون الإيمان هو التصديق الجازم هم الجهمية " شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول تعريف الجهم للإيمان هو معرفة الرب بالقلب و تعريف الماتوليدية و الأشاعرة التصديق إذا كان التصديق مجردا ما معه شيء ما معه حركة في القلب محبة تبعث على العمل ما في فرق يعسر التفريق بينهما يعسر التفريق بين تعريف الجهمية و هو المعروفة و بين تعريف الماتوريدية و الأشاعرة و هو التصديق , التصديق هو المعرفة و المعرفة هي التصديق ما دام مجرد ما معه شيء ما معه محبة إذا وجد محبة في القلب حركة تبعث على العمل فشيخ الإسلام يقول ما في فرق بينهما و لذلك قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله " والذين يقولون الإيمان هو التصديق الجازم هم الجهمية " هم يقولون المعرفة و الذي يقول هو التصديق الجازم هم الاشاعرة و الماتوريدية تعريف واحد قال " وقد اشتد نكير السلف عليهم في هذه المسألة " اشتد نكير السلف على الجهمية و على المرجئة عموما الكرامية و الماتوريدية.

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

الثالثة : قولك إذا قيل للعامي و نحوه ما الدليل على أن الله ربك ؟ ثم ذكرت ما الدليل على اختصاص العبادة بالله وذكرت الدليل على توحيد الألوهية فاعلم أن الربوبية و الألوهية يجتمعان يفترقان كما في قوله {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ}  وكما يقال رب العالمين وإله المرسلين وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل من ربك ؟ مثاله الفقير و المسكين نوعان في قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ونوع واحد في قوله {افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم} إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر من ربك ؟ معناه من إلهك ؟ لأن الربوبية التي أقرّ بها المشركون ما يمتحن أحد بها وكذلك قوله {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} و قوله {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً} وقوله {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران فينبغي التفطن لهذه المسألة .

 

 

( شرح )

المسألة الثالثة من المسائل التي غلط فيها الكاتب إلى الإمام فقال " قولك إذا قيل للعامي و نحوه ما الدليل على أن الله ربك ؟ ثم ذكرت ما الدليل على اختصاص العبادة بالله, وذكرت الدليل على توحيد الألوهية فاعلم أن الربوبية و الألوهية يجتمعان و يفترقان " يعني إذا اطلقت الربوبية دخلت فيها الالوهية و إذا اطلقت الألوهية دخلت فيها الربوبية و إذا اجتمعا كان لكل واحد منهما معنى هذه لها معنى الربوبية و هذه لها معنى الألوهية مثال اجتماعهما في سورة الناس {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}   يعني ربهم و خالقهم و مالكهم { مَلِكِ النَّاسِ } مالكهم و المتصرف بهم { إِلَهِ النَّاسِ}  معبودهم هنا افترقا و لكن إذا أطلق أحدهما الربوبية وحدها تدخل فيها الألوهية, كقول الملكين للمقبور من ربك ؟ يعني من إلهك ؟ ليس المراد من خالقك فقط من ربك من إلهك الذي تعبد, و كقوله تعالى ( إلا أن يقولوا ربنا الله ) يعني إلهنا الله و كذلك {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} يعني معبودنا و إلهنا بالحق هو الله فالربوبية إذا أطلقت وحدها دخلت فيها الألوهية و الألوهية إذا أطلقت وحدها دخلت فيها الربوبية مثل لا إله إلا الله فيه إثبات الربوبية و الألوهية معا, يعني لا معبود بحق إلا الله و لا رب غيره سبحانه و تعالى أما إذا اجتمعا فيكون لكل واحد منهما معنى و هذا له نظائر من نظائره مثل ما ذكر المؤلف الفقير و المسكين فالفقير إذا أطلق دخل فيه المسكين و المسكين إذا أطلق دخل فيه الفقير و إذا اجتمعا فسر الفقير بما هو أشد حاجة مثل آية الصدقات ( إنما الصدقات للفقراء و المساكين ) الفقير أشد حاجة و هو الذي لا يجد شيئا يكفيه أو يجد أقل من نصف الكفاية لمدة سنة يعني فيعطى من الزكاة و المسكين أحسن حالا منه و هو الذي يجد نصف الكفاية إلا أنه لا يجد الكفاية و كذلك أيضا الإسلام و الإيمان فالإسلام إذا أطلق وحده دخل فيه الإيمان و الإيمان إذا أطلق وحده دخل فيه الإسلام و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام فسره بالأركان الخمسة الشهادتان و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج, و الإيمان فسره بالأعمال الباطنة أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره فيقال في هذه المسائل إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا الإسلام و الإيمان الربوبية و الألوهية المسكين و الفقير و ما أشبه إذا اجتمعا افترقا إذا اجتمعا الألوهية و الربوبية فسر كل واحد بمعنى إسلام و إيمان فقير و مسكين و إذا افترقا جاء كل واحد لوحده إذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام و إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان إذا أطلقت الربوبية وحدها دخلت فيها الألوهية و إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى هذا جواب الشيخ رحمه الله , السائل يقول " إذا قيل للعامي و نحوه ما الدليل على أن الله ربك ؟ ثم ذكرت ما الدليل على اختصاص العبادة بالله وذكرت الدليل على توحيد الألوهية فاعلم أن الربوبية و الألوهية يجتمعان يفترقان كما في قوله {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} " هذا اجتمعا فصار لكل واحد منهما معنى الربوبية لها معنى الرب هو الخالق المدبر و الإله هو المعبود "  وكما يقال رب العالمين وإله المرسلين " اجتمعا رب العالمين يعني خالقهم و مربيهم بنعمه, و إله العالمين يعني معبودهم اجتمعا كل واحد له معنى " وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل من ربك ؟ " يعني من خالقك فقط ؟ لا من ربك و إلهك من إلهك الذي تعبد و ربك الذي تعتقد أنه الخالق المدبر كما في قوله من ربك ؟ قال المؤلف " مثاله الفقير و المسكين نوعان في قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} " كما ذكرت و بينت " ونوع واحد في قوله {افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم} " إذا ذكر الفقير يدخل فيه المسكين الذي يجد نصف الكفاية أو الذي لا يجد شيئا الكل يعطى لأنه لم يذكر المسكين معه " إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر من ربك ؟ معناه من إلهك ؟ لأن الربوبية التي أقرّ بها المشركون ما يمتحن أحد بها " يعني ليس مقصد الملكين في قول من ربك يعني من خالقك فقط لا هذا أمر فطري حتى الكفرة أقروا به لكن مقصد الملكين من إلهك الذي تعبد حينما يسألانك في قبرك " لأن الربوبية التي أقرّ بها المشركون ما يمتحن أحد بها وكذلك قوله {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} " هذا أطلق الرب فدخلت فيه الألوهية {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً} يعني إلها و معبودا {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} يعني معبودنا و إلهنا بالحق هو الله قال المؤلف " فالربوبية في هذا هي الألوهية " لماذا ؟ لأنه لم يذكر إلا واحد لما ذكرت الربوبية هي الألوهية " ليست قسيمة لها " متى تكون قسيمة لها ؟ إذا اجتمعا  {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ } صارت الربوبية قسيمة للألوهية لأنهم اجتمعا لكن من ربك لا تكون قسيمة له داخلة فيه, الألوهية داخلة في الربوبية فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة لها " كما تكون قسيمة لها  عند الاقتران فينبغي التفطن لهذه المسألة " .

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

الرابعة : قولك في الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودليله الكتاب والسنة ثم ذكرت الآيات كلام من لم يفهم المسألة لأن المنكر للنبوة و الشاك فيها إذا استدللت عليه بالكتاب و السنة يقول كيف تستدل عليّ بشيء ما أتى به إلا هو ؟

 والصواب في المسألة أن تستدل عليه بالتحدي بأقصر سورة من القرآن أو شهادة علماء أهل الكتاب كما في قوله {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} أو لكونهم يعرفونه قبل أن يخرج كما في قوله تعالى {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية إلى غير ذلك من الآيات التي تفيد الحصر و تقطع الخصم .

 

 

( شرح )

المسألة الرابعة يقول المؤلف " قولك في الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودليله الكتاب والسنة ثم ذكرت الآيات كلام من لم يفهم المسألة لأن المنكر للنبوة أو الشاك فيها إذا استدل عليه بالكتاب و السنة يقول كيف تستدل عليّ بشيء ما أتى به إلا هو ؟ " يعني هو يقول الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم الكاتب الذي كتب للإمام مطوع ثرمداء يقول الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم يقول دليله الكتاب و السنة ثم ذكرت الآيات يقول هذا غير صحيح إذا كان شاكا في نبوة محمد صلى الله عليه و سلم هو لا يؤمن بالكتاب كيف تستدل بالكتاب و السنة و هو لا يؤمن بالكتاب و السنة تستدل بشيء لا يؤمن به شاك في نبوة النبي صلى الله عليه و سلم و لا يؤمن به كيف تستدل عليه تقول الدليل الكتاب و السنة بل الدليل يكون بدليل عقلي تقنعه و هي قال المؤلف إن الله تحدى البشر أن يأتوا بسورة من القرآن بأقصر سورة فعجزوا هذا دليل عقلي أما تسدل عليه بدليل من الكتاب و السنة يقول أنا لا أؤمن بالكتاب و السنة حتى تستدل به إيمان ما آمن , " الرابعة قولك في الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودليله الكتاب والسنة ثم ذكرت الآيات " في الاستدلال على نبوته هذا يقال للمؤمن " كلام من لم يفهم المسألة لأن المنكر للنبوة أو الشاك فيها إذا استدللت عليه بالكتاب و السنة يقول كيف تستدل عليّ بشيء ما أتى به إلا هو ؟ " ما أتى به إلا الرسول عليه الصلاة و السلام هو الذي أتى بالكتاب و السنة أنا لا أؤمن بهذا هكذا يقول الشاك "

 والصواب في المسألة أن تستدل عليه بالتحدي بأقصر سورة من القرآن " لماذا ؟ لأنه دليل عقلي تستدل عليه حتى يعمل عقله الدليل على أن النبي جاء بالقرآن و تحدى البشر أن يأتوا بأقصر سورة فعجزوا فهذا دليل على أنه من عند الله هكذا الكافر يقنع بدليل عقلي و تأتي للكافر بدليل من الكتاب و السنة يقول أنا لا أؤمن بالكتاب و السنة واضح هذا ؟ لكن لما تقول له جاء محمد بهذا القرآن و تحدى الله البشر أن يأتوا بسورة فعجزوا بأقصر سورة مثل سورة العصر, فهذا دليل على نبوته عليه الصلاة و السلام أو دليل آخر " أو شهادة علماء أهل الكتاب " على أن هذا من عند الله {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} شهادة أهل الكتاب شهدوا على أنه من عند الله, و قال تعالى في آخر آية في سورة الرعد ( و يقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ) هؤلاء عندهم علم الكتاب و شهدوا و هم أهل الكتاب و شهدوا بأن محمدا صلى الله عليه و سلم رسول الله و أن هذا من عند الله لأنهم أهل علم عندهم بصيرة و هذه كتبهم يعلمون صدقه ( قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ) و لهذا قال المؤلف " أو شهادة علماء أهل الكتاب كما في قوله {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} أو لكونهم يعرفونه قبل أن يخرج " يعرفون محمدا قبل أن يخرج يعرفونه بأي شيء ؟ بأوصافه أنه كذا و كذا يأتي بكذا و كذا مثل ما استدل عبد الله بن سلام  رضي الله عنه في الأول لما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم اختبره بثلاث علامات قال له من الأوصاف أنه لا يأكل الصدقة و يأكل الهدية فأتى سلمان الفارسي رضي الله عنه سلمان الفارسي و كان عرف نبوته عليه الصلاة و السلام قال إنه يأكل الهدية و لا يأكل الصدقة و خاتم النبوة مثل زر الحجلة في ظهره فجاء سلمان رضي الله عنه في أول الأمر و أتى بشيء من الطعام فجاء للنبي صلى الله عليه و سلم و قال سمعت أن عندك أصحاب و هذه صدقة جئت بها فقال النبي صلى لله عليه و سلم لأصحابه كلوا و لم يأكل فقال هذه واحدة عرفتها في اليوم الثاني جاء بهدية و قال هذه هدية بالأمس أرسل بكذا فلم تأكل هذه هدية فأكل منها هذه الثانية ثم أراد أن ينظر الثالثة فعرف النبي صلى الله عليه و سلم فرأى خاتم النبوة, فهذا أهل الكتاب يعرفون لماذا يعرفون ؟ لأنه عندهم كتب كذلك عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال لما جئت عرفت أن وجهه ليس وجه كذاب فأنت تستدل على الكافر تقنعه بالأدلة العقلية ما تستدل عليه بالكتاب و السنة لأنه لا يؤمن بالكتاب و السنة فإذا استدل على الكافر الذي لا يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم دليل عقلي و هو أن الله تحدى البشر أن يأتوا بسورة فعجزوا أو بشهادة علماء أهل الكتاب كما قال تعالى  {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} أو دليل ثالث لكونهم يعرفونه قبل أن يخرج كما في قوله {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى غير ذلك من الآيات التي تفيد الحصر و تقطع الخصم, و الخلاصة من هذا أن الشاك بالنبوة و الذي لا يؤمن بنبوة محمد لا يستدل له بالكتاب و السنة و إنما يستدل بالأدلة العقلية التي تقنعه و هنا ذكر المؤلف ثلاث أدلة عقلية استدل عليه بالتحدي أو بشهادة علماء أهل الكتاب أو بأنهم يعرفونه بصفاته قبل أن يخرج عليه الصلاة و السلام .

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

الخامسة : قولك اعلم يا أخي لا علمت مكروهاً فاعلم أن هذه كلمة تضاد التوحيد وذلك أن التوحيد لا يعرفه إلا من عرف الجاهلية و الجاهلية هي المكروه فمن لم يعلم المكروه لم يعلم الحق فمعنى هذه الكلمة اعلم لا علمت خيراً ومن لم يعلم المكروه ليجتنبه لم يعلم المحبوب و بالجملة فهي كلمة عامية جاهلية ولا ينبغي لأهل العلم أن يقتدوا بالجهال .

 

 

( شرح )

هذه المسألة الخامسة الكاتب مطوع ثرمداء كتب للشيخ " اعلم يا أخي لا علمت مكروهاً " المؤلف رحمه الله ناقشه في قوله ما علمت مكروها, قال المؤلف الشيخ الإمام " فاعلم أن هذه كلمة تضاد التوحيد " ما علمت مكروها المكروه ما هو ؟ الشرك و المعاصي و الذي لا يعرف الشرك و المعصية يقع فيها لا بد أن تعرف المكروه حتى تجتنبه ثبت في صحيح البخاري عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال ( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ) إذن حذيفة يسأل عن الشر , الشر مكروه أو غير مكروه ؟ مكروه فلماذا يسأل عن الشر ؟ بين قال مخافة أن يدركني قال ( كنا في جاهلية و شر فجاءنا الله بعدها بخير فهل بعد الخير من شر قال نعم ) إلى آخره ثم قال ( هل بعد هذا الشر من خير قال نعم و فيه دخن ) إلى آخر الحديث و ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ) هذه كلمة عمر رضي الله عنه كلمة عظيمة قال ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ) إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية يقع في الجاهلية و هو لا يدري نشأ في الإسلام لا يعرف الجاهلية و لا يعرف الشرك يقع في الشرك و هو لا يدري يظن أنه على الحق و على التوحيد . و لهذا الصحابة رضوان الله عليهم الذين أسلموا و خبروا الشرك و عرفوه لا يقعون فيه ليس مثل أولادهم الذين نشؤوا في الإسلام و هو لا يعرفون الشرك يقعون في الشرك و هم لا يشعرون يظنون أنهم على الحق فلابد أن يعرف الإنسان الشر لابد أن يعرف الشرك حتى يجتنبه و ذرائعه الموصلة إليه تعرف أن دعاء غير الله شرك حتى تجتنبه تعرف أن الذبح لغير الله شرك تعرف أن من أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة يقع في الشرك من أنكر واجبا معلوما من الدين بالضرورة نوع من الردة حتى تجتنبه أما إذا كنت لا تعرف الشر لا تعرف المكروه تقع في الشر و تظن أنه خير, هذا معنى تنبيه المؤلف قال " قولك اعلم يا أخي لا علمت مكروهاً فاعلم أن هذه كلمة تضاد التوحيد وذلك أن التوحيد لا يعرفه إلا من عرف الجاهلية و الجاهلية هي المكروه فمن لم يعلم المكروه لم يعلم الحق, فمعنى هذه الكلمة اعلم لا علمت خيراً " كأنه يقول اعلم لا علمت مكروها كأنه يقول لا علمت خيرا لأن من لم يعلم المنكر ما علم الخير " ومن لم يعلم المكروه ليجتنبه لم يعلم المحبوب " يعني فلابد أن تعلم المكروه حتى تعلم المحبوب أما إذا لم تعلم المكروه ما عرفت لا هذا و لا هذا يختلط عليك الأمر .

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

السادسة : جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلبوا العلم ولو من الصين ) فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلم صحته وهو من القول بلا علم فلو أنك قلت ورُوي أو ذكر فلان أو ذُكر في الكتاب الفلاني لكان هذا مناسباً وأما الجزم بالأحاديث التي لم تصح فلا يجوز فتفطن لهذه المسألة فما أكثر من يقع فيها .

 

 

( شرح )

المسألة السادسة قال " جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) " هذا حديث من الأحاديث الموضوعة مثل ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ) و ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) هذه أحاديث موضوعة لكن يقال إذا قيل إنها حكمة أو كلام لبعضهم فلا بأس أما أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه و سلم فلا و لهذا أنكر الشيخ رحمه الله الإمام على مطوع ثرمداء جزمه بأن هذا حديث نسبة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال " جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلم صحته وهو من القول بلا علم " و قد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في الحديث الصحيح ( من حدث عني بحديث و يعلم أنه كذب فهو أحد الكاذبين ) و في رواية ( أحد الكاذبِين ) فلا يجوز أن يجزم بأن الرسول قاله إلا عن علم و بصيرة و إذا شك قال يروى إذا كان عنده إشكال قال يروى أن النبي صلى الله عليه و سلم أو يؤثر قال المؤلف رحمه الله " فلو أنك قلت ورُوي أو ذكر فلان أو ذُكر في الكتاب الفلاني لكان هذا مناسباً " تقول يروى ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) أو ذكر في الحديث ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) وأما الجزم بالأحاديث التي لم تصح فلا يجوز قال " فتفطن لهذه المسألة فما أكثر من يقع فيها " .

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

السابعة : قولك في سؤال الملكين والكعبة قبلتي وكذا و كذا فالذي علمناه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهما يسألان عن ثلاث عن التوحيد وعن الدين وعن محمد صلى الله عليه وسلم. فإن كان في هذا عندكم رابعة فأفيدونا ولا يجوز الزيادة على ما قال الله ورسوله صلى الله عليه و سلم .

 

 

( شرح )

السابعة " قولك في سؤال الملكين والكعبة قبلتي " يعني كأن السائل أو المطوع يقول للشيخ الميت يسأل من ربك فيقول الله ربي و ما دينك فيقول ديني الإسلام و من يكون نبيك ؟ محمد و ما قبلتك فيقول قبلتي الكعبة كذا و كذا, فالشيخ رحمه الله يقول و ما قبلتك هذه ما ثبتت في الأحاديث أين دليلها لا تزيد لا يأتي الإنسان بشيء إلا بدليل فالمؤلف يقول رحمه الله " قولك في سؤال الملكين و الكعبة قبلتي وكذا و كذا فالذي علمناه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهما يسألان عن ثلاث عن التوحيد " عن التوحيد يعني من ربك من معبودك فالمسلم يقول الله ربي يعني الله معبودي وعن الدين يعني ما دينك فيقول المسلم ديني الإسلام و الثاني وعن محمد صلى الله عليه وسلم من نبيك فيقول نبيي محمد صلى الله عليه و سلم قال " فإن كان في هذا عندكم رابعة فأفيدونا " و هذا من تواضع الشيخ رحمه الله يعني أفيدونا إذا عندكم رابع بدليل أفيدونا أما من غير دليل فلا يقبل هات الدليل إن كان في رابعة هات حديث صحيح أن النبي بين أن الملكين يسألان عن القبلة فإن كان عندكم في هذا رابعة فأفيدونا قال المؤلف " ولا يجوز الزيادة على ما قال الله ورسوله " .

 

 

( متن )

قال رحمه الله :

الثامنة : قولك في الإيمان بالقدر إنه الإيمان بأن لا يكون صغير ولا كبير إلا بمشيئة الله وإرادته وأن يفعل المأمورات ويترك المنهيات وهذا غلط لأن الله سبحانه له الخلق و الأمر والمشيئة والإرادة وله الشرع والدين إذا ثبت هذا ففعل المأمورات وترك المنهيات هو الإيمان بالأمر وهو الإيمان بالشرع و الدين ولا يذكر في حد الإيمان بالقدر.

 

 

( شرح )

يقول المؤلف الثامنة " قولك في الإيمان بالقدر إنه الإيمان بأن لا يكون صغير ولا كبير إلا بمشيئة الله وإرادته وأن يفعل المأمورات ويترك المنهيات " هذا الكاتب المطوع كتب للمؤلف أن الايمان بالقدر هو الايمان بأن لا يكون صغير و لا كبير إلا بمشيئة الله و إرادته و أن يفعل المأمورات و يترك المنهيات قال المؤلف " وهذا غلط لأن الله سبحانه له الخلق و الأمر والمشيئة والإرادة وله الشرع والدين إذا ثبت هذا ففعل المأمورات وترك المنهيات هو الإيمان " يعني قول الكاتب للمؤلف المطوع للإمام الايمان بالقدر هو الايمان بأن لا يكون صغير و لا كبير إلا بمشيئة الله و إراداته و أن يفعل المأمورات و يترك المنهيات, قال المؤلف غلط هذا لأن الله سبحانه له الخلق و الأمر و المشيئة و الإرادة و له الشرع و الدين فلا بد من الأمرين ففعل المأمورات و ترك المنهيات هو الإيمان , الإيمان قول و عمل و العمل هو فعل المأمورات و ترك المنهيات و وهو الإيمان بالشرع و الدين ولا يذكر في حد الإيمان بالقدر هذا ما ذكرت قوله الإيمان في القدر أنه الإيمان بأن لا يكون صغير و لا كبير إلا بمشيئة الله هذا لا بد أن يكون في كل مسلم هذا مراتب الايمان بالقدر أربعة كما هو معلوم العلم و الكتابة و الإرادة و المشيئة معنى واحد و الخلق و الايجاد العلم هو أن تعلم بأن الله علم كل شيء في الأزل علم ما كان في الماضي في الأزل و ما يكون في الحاضر و ما يكون في المستقبل و ما لم يكن لو كان كيف يكون و المرتبة الثانية الكتابة أن تؤمن بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ الذوات و الأشخاص و السعادة و الشقاوة و العز و الذل و الرطب و اليابس, المرتبة الثالثة الإيمان بالإرادة و المشيئة أن تعلم بأن كل شيء في الوجود سبقت فيه إرادة الله و مشيئته, و المرتبة الرابعة الخلق و الإيجاد أن تعلم بأن الله خلق كل شيء و أوجد كل شيء هذه مراتب الإيمان بالقدر , المؤلف رحمه الله يقول الإيمان بأن لا يكون صغير و لا كبير إلا بمشيئة الله و إرادته هذا قاصر ما يكفي هذا لا بد من الإيمان بالقدر بمراتبه الأربعة و لا بد من فعل المأمورات و ترك المنهيات ما تتكل على الكتاب الأول كما قال الصحابة " فلا نتكل على كتابنا و ندع العمل " فقال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) قال المؤلف " إذا ثبت هذا ففعل المأمورات و ترك المنهيات هو الإيمان بالأمر و هو الإيمان بالشرع و الدين " يعني يقول إن قولك يفعل المأمورات و يترك المنهيات هذا الشرع ليس هو القدر , القدر شيء آخر و هو الإيمان بالقدر بمراتبه الأربعة فالمؤلف أنكر على قوله الإيمان بالقدر أنه لا يكون صغير و لا كبير و أن يفعل المأمورات و يترك المنهيات لأن فعل المأمورات و ترك المنهيات هذا الدين و الشرع و الإيمان بالقدر له تعريف آخر و هو الإيمان بمراتبه الأربعة و لهذا قال المؤلف " وهذا غلط لأن الله سبحانه له الخلق و الأمر والمشيئة والإرادة " هذا القدر " وله الشرع والدين " هذا الدين فكونك تجمع في تعريف القدر الأمرين هذا خطأ قال " إذا ثبت هذا ففعل المأمورات وترك المنهيات هو الإيمان بالأمر وهو الإيمان بالشرع و الدين ولا يذكر في حد الإيمان بالقدر هذا " و إنما يذكر في حده مراتبه الأربعة كما سبق .

 

وفق الله الجميع لطاعته و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

 

 

.....................................................................

 

( أسئلة )

 

( سؤال )

نرجو التوضيح حول حديث آدم عليه السلام حينما قال لموسى ( تلومني على شيء قد كتبه الله علي ) لأن البعض يقول هذا إشكال في مسألة الاحتجاج بالقدر ؟!

 

( جواب )

هذا الاحتجاج بين آدم و موسى ثبت في الصحيح يقول النبي صلى الله عليه و سلم ( احتج آدم و موسى لقي موسى آدم فقال موسى أنت آدم الذي خلقه الله بيده و أسجد لك ملائكته و علمك أسماء كل شيء قال نعم قال فلماذا أخرجتنا و نفسك من الجنة ؟ فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته و بكلامه أتلومني على شيء كتبه الله علي قبل أن أخلق بأربعين سنة قال النبي صلى الله عليه و سلم فحج آدم موسى فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا ) يعني غلبه في الحجة و ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يلم آدم على الذنب الذي تاب منه لأن التائب من الذنب لا يلام عليه و إنما لامه على المصيبة التي لحقته بخروجه و ذريته من الجنة فاحتج آدم بأن المصيبة مكتوبة عليه قبل أن يخلق فغلبه بالحجة و ذلك أنه لا بأس بالاحتجاج بالقدر على المصائب بخلاف الاحتجاج بالقدر على الذنوب و المعاصي فلا , فالقدر يحتج به على المصيبة أما الذنب لا إذا وقع الإنسان بالذنب ما يقول و يحتج بالقدر بل يدفع القدر بقدر صحيح الذنب مقدر لكن ادفع قدر الذنب بقدر التوبة ادفع قدر المعصية بقدر الطاعة هذا مكتوب و هذا مكتوب لا تقف نازع قدرك بقدر كما قال عبد القادر الجيلاني " نازعت أقدار الحق بالحق للحق " ما معنى هذه الكلمة ؟ نازعت أقدار الحق هو الله من أسمائه الحق نازعت أقدار الحق بالحق لا بالباطل يعني أدفع قدر بقدر أدفع قدر المعصية بقدر الطاعة أدفع قدر الذنب بقدر التوبة " نازعت أقدار الحق بالحق للحق "  للحصول على الحق نازعت أقدار الحق وهو الله بالحق لا الباطل  للحق لأجل الوصول إلى الحق فلا يحتج بالقدر على الذنب و لو كان القدر حجة للذنب لكان حجة للكفار و الكفرة من قوم نوح وقوم هود و غيرهم و لكن يحتج بالقدر على المصائب و هذا معنى قول أهل العلم  " يحتج بالقدر على المصائب لا على المعائب " المعائب الذنوب والمعاصي .

 

( سؤال )

من وقع في الشرك الأكبر و هو لا يدري هل يكفر و يخلد في النار خاصة أنه لم يوجد من يعلمه ؟!

 

( جواب )

هذا فيه تفصيل من وقع في الشرك الأكبر و هو يعيش بين المسلمين ومثله لا يجهل هذا الشيء فلا يعذر و هو يستطيع و يسمع القرآن يتلى و علم بالنبي صلى الله عليه و سلم هذا لا يعذر قال الله تعالى ( و أوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به و من بلغ ) فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة و قال الله تعالى ( و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) و قد بعث الرسول عليه الصلاة و السلام فالذي بلغته الدعوة و بلغه القرآن و يعيش بين المسلمين لا يعذر إنما الذي يعذر هو من لم يسمع بالقرآن و لم يسمع بالنبي صلى الله عليه و سلم أو كان في مسألة دقيقة خفية مثله يجهلها في المسائل الدقيقة الخفية مثال ذلك قصة الرجل الذي ثبت في الصحيحين و في غيرهما قصة الرجل الذي كان مسرفا على نفسه فيمن قبلنا ساقه النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح قال ( كان فيمن قبلكم رجل كان مسرفا على نفسه ) جاء في بعض الأقوال أنه كان نباشا للقبور ( فلما حضرته الوفاة جمع أهله و بنيه فأخذ عليهم العهد و الميثاق أن يفعلوا ما أمرهم به فقال إذا أنا مت فأحرقوني بالنار ثم اسحقوني عظامي و لحمي ثم ذروني في يوم شديد الريح ) و في لفظ أنه قال ( ذروني في البر و في البحر قال فو الله لإن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا ) فلما مات فعلوا به ذلك أحرقوه و طحنوه و ذروه, فأمر الله البر فجمع ما فيه و أمر الله البحر فجمع ما فيه فإذا هو إنسان قائم فقال الله ( ما حملك على ذلك ؟ فقال ربي مخافتك قال فما تلافى أن غفر الله له ) هذا حديث ثابت في الصحيحين و في غيرهما, قال العلماء  و اختلفوا في هذا منهم من قال إن هذا فيمن قبلنا و لكن الصواب الذي عليه المحققون وكما قال شيخ الاسلام ابن تيمية و غيره أن هذا الرجل حمله على ذلك ليس التكذيب ليس مكذبا بالقدر و ليس متعمدا و ليس مكابرا و لكن الذي حمله عليه أمران الأمر الأول الجهل و الثاني الخوف العظيم خوفه من الله مع الجهل ظن أنه إذا وصل لهذه الحال يفوت على الله و أنه يسلم و هو ما ينكر البعث يعلم أن الله سيبعثه ولذلك أمر و لا ينكر القدر لكن أنكر كمال القدرة و أنه إذا وصل لهذه الحالة أحرق و طحن و ذر يفوت على الله و أنه لو مات بدون طحن يبعث فهو مؤمن بالبعث يعلم هذا أنه لو مات و لم يطحن و لم يحرق أن يبعثه الله و يعذب فأراد من جهله و خوفه العظيم أن يعمل شيئا يظن أنه يفوت على الله بسب الجهل و هو ليس معاندا و لا مكابرا لو كان معاندا أو كان عالما أو مكابرا لم يعذر لو كان عنده علم ما عذر كان كافرا لأنه أنكر البعث لو كان معاندا كان كذلك لو كان مكابرا كذلك لكن هو جاهل و معه الخوف حمله الخوف العظيم مع الجهل على أن أمر أهله أن يفعلوا به ذلك فظن أنه يفوت على الله في هذه الحالة هذا في مسألة دقيقة خفية عليه هو فلذلك عذره الله و غفر له فإذا كان في مسألة خفية دقيقة مثله يجهلها هذا الذي يعذر .

 

( سؤال )

هل يجوز لمسلم أن يقسم بالقرآن أو بآية من القرآن حيث أنه صفة من صفات الله تكلم به ؟ !

 

( جواب )

نعم لا بأس به القرآن كلام الله و صفة من صفاته إذا كان كلام الله و هو القرآن فلا بأس , و أقسم بآيات الله الكلامية بالقرآن لكن ينبغي التنبيه على ما هو شائع عند بعض طلبة المدارس يقول " أقسم بآيات الله " هذا فيه تفصيل آيات الله نوعان آيات الله القرآنية نعم يقسم بها أما آيات الله الكونية فلا مثل السماوات و الأرضيين و الشمس و القمر هذه آيات الله الكونية ( و من آياته الليل و النهار و الشمس و القمر ) فإن قال قائل " أقسم بآيات الله  محتمل أمرين قسم بآيات الله القرآنية الكلامية حتى لا تدخل آيات الله الكونية لأنها مخلوقة فإذا أقسم بالقرآن أو بآيات الله بكلام الله فلا بأس لأنها صفة من صفاته أما إذا أقسم بآيات الله الكونية فهذا لا يجوز لأنها مخلوق و لا يجوز القسم بالمخلوق قال عليه الصلاة و السلام في الصحيحين ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )  .

 

و الله أعلم و صلى الله على محمد و على آله و سلم ؟

 

 

 

 

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد