(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بْنَ عبد الوهاب إِلَى العلماء الأعلام فِي بلد الله الحرام، نفع الله بهم سيد الأنام، وتابعي أئمة الأعلام.
الشيخ: لهذا كتب العلماء مكة رحمه الله، نعم.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد؛ جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم وسببه هدم بنيانٍ فِي أرضنا عَلَى قبور الصَّالِحِين.
(الشرح)
(على قبور الصالحين)؛ نعم هدم بنيان؛ لأنها من وسائل الشرك، البناء على القبور من وسائل الشرك، القباب على القبور، وكذلك أيضًا تجصيصها، ووضع الرياحين والزهور، وإسراجها، من وسائل الشرك, فالشيخ رحمه الله أزال البنيان اللي على القبور فصار الناس عليه.
(المتن)
فلما كبر هَـذَا عَلَى العامة لظنهم أَنَّهُ تنقيص الصَّالِحِين.
(الشرح)
يقولون: هَذَا تنقص للصَّالِحِين، ما يحب الصَّالِحِين، بعضهم ما يحبوا الصَّالِحِين، يكره الصَّالِحِين، الصَّالِحِين كيف؟ الصَّالِحِين ندعو لهم، ونقتدي بأعمالهم الطيبة، أما أن تُبنى عليهم القباب، أو القبور، أو تسرج قبورهم، وأعظم من ذلك يدعون من دون الله، هذا شرك، نعم.
(المتن)
ومع هذا نهيناهم عن دعواهم وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله، فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور كبر على العامة جدًا وعاضدهم بعض من يدعي العلم؛ لأسبابٍ أخر التي لا تخفى على مثلكم، أعظمها إتباع هوى العوام.
(الشرح)
(هوى العوام)؛ نعم العوام، نعم العامة عامة الناس.
(المتن)
مع أسباب أخر فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين وأنا عَلَى غير جادة العلماء، ورفعوا الأمر إِلَى المشرق والمغرب وذكروا عنّا أشياء يستحي العاقل من ذكرها، وأنا أخبركم بما نَحْنُ عَلَيْهِ خبرًا لا أستطيع أَن أكذب بسبب أَن مثلكم لا يروج عَلَيْهِ الكذب عَلَى أناسٍ متظاهرين، بمذهبهم عِنْدَ الخاص والعام.
فَنَحْنُ ولله الحمد متبعين غير مبتدعين عَلَى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وَحَتَّى من البهتان الَّذِي أشاع الأعداء، أني أدعي الاجتهاد ولا أتبع الأئمة فَإِن بان لَكُمْ أن هدم البناء عَلَى القبور وَالأَمْرُ بترك دعوة الصَّالِحِين لِمَا أظهرناه يخالف مذهب سلف الأمة.
(الشرح)
لمَّا أظهرناه!
الطالب: يقول الشيخ كذا في المصورة وفي الكلام نقص.
(المتن)
وتعلمون أعزكم الله أن المطاع في كثير من البلدان، لو تبين بالعمل بهاتين المسألتين أنها تكبر عَلَى العامة الَّذِينَ درجوا هم وإياهم على ضد ذَلِكَ؛ فَإِنْ كان الأمر كذلك فهذه كتب الحنابلة عندكم بمكة شرفها الله مثل (الإقناع)، (وغاية المنتهى)، (والإنصاف) اللاتي عليها اعتماد المتأخرين وهو عند الحنابلة (كالتحفة) (والنهاية) عند الشافعية.
وهم ذكروا في باب الجنايز هدم البنا على القبور، واستدلوا عليه بما فِي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه: «أن رسول الله r بعثه بهدم القبور المشرفة وَأَنَّهُ هدمها».
واستدلوا على وجوب إخلاص الدعوة لله، والنهي عما اشتهر في زمنهم من دعاء الأموات بأدلة كثيرة، وبعضهم يحكي الإجماع على ذَلِكَ.
فَإِن كانت المسألة إجماعًا فلا كلام، وإن كانت مسألة اجتهادٍ فمعلومكم أَنَّهُ لا إنكار في مسائل الاجتهاد؛ فمن عمل بمذهبه في محل ولايته لا ينكر عليه.
وما أشاعوا عنا من التكفير، وأني أفتيت بكفر البوادي الَّذِينَ ينكرون البعث والجنة والنار، وينكرون ميراث النساء، مع علمهم أن كتاب الله عند الحضر، وأن رسول الله r بُعث بالذي أنكروا، فَلَمَّا أفتيت بكفرهم مع أنهم أكثر الناس في أرضنا، استنكر العوام ذَلِكَ، وخاصتهم الأعداء ممن يدعي العلم، وقالوا: من قال: "لا إِلَهَ إِلاَّ الله" لا يكفر ولو أنكروا البعث وأنكروا الشرائع كلها.
ولما وقع ذلك من بعض القرى مع علمهم اليقين بكفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، حَتَّىَ أنهم يقولون: من أنكر فرعًا مجمعًا عليه كفر، فقلت لهم: إذا كان هَـذَا عندكم فيمن أنكر فرعًا مجمعًا عليه، فكيف بمن أنكر الإيمان باليوم الآخر؟ وسب الحضر وسفّه أحلامهم إذا صدقوا بالبعث, فَلَمَّا أفتيت بكفر من تبر البوادي، "يقول في التعليق: كذا في الأصول".
(الشرح)
هَذَا من العجائب، هم يقولون أن من أنكر فرعًا من فروع الدين، مثلًا من أنكر شرعية السواك، وهو يعلم أنه جاء يكفر، قال السواك ما هو مشروع، وأنه سُنة، ويعلم الحديث، ولا إشكال عندي يكفر.
فكيف هَذَا يكفر، ولا يكفر من أنكر التوحيد، أنكر أنه يجب الإخلاص لله، وأنه لا يجوز الدعاء لغير الله؟ كيف هذا لا ينكر؟ اللي أنكر السواك يكفر، واللي أنكر التوحيد ما يكفر! هذا من العجائب من كفر البوادي إيش؟.
(المتن)
فلما أفتيت بكفر من تبر البوادي.
(الشرح)
لعله كفره إيش بعدها؟.
(المتن)
من أهل القرى، مع علمه بما أنزل الله وبما أجمع عليه العلماء، كثرت الفتنة.
(الشرح)
كفر، كفر البوادي نعم، (فلما أفتيت).
(المتن)
بكفر من تبر البوادي.
(الشرح)
إيش عندكم؟ أو من لم يكفر البوادي.
(المتن)
فلما أفتيت بكفر، لعله من ذكر من البوادي.
(الشرح)
فيه سقط كما قال نعم، وإيش بعده؟
(المتن)
من أهل القرى، مع علمهم بما أنزل الله، وبما أجمع عليه العلماء، كثرت الفتنة، وصدق النَّاس بما قيل فينا من الأكاذيب والبهتان.
وبالجملة: هذا ما نحن عَلَيْهِ وَأَنتُمْ تعلمون أَن من هُوَ أجلّ منّا لو تبين في هذه المسائل قامت عليه القيامة، وأنا أشهد الله وملائكته وأشهدكم على دين الله ورسوله، أني متبعٌ لأهل العلم، وما غاب عني من الحق وأخطأت فيه، فبينوا لي، وأنا أشهد الله أني أقبل على الرأس والعين؛ والرجوع إلى الْحَق خير من التمادي في الباطل.
(الشرح)
رحمه الله هذا من إنصافه رحمه الله، نعم.