(المتن)
الرسالة السابعة
وله رحمه الله لعالم من أهل المدينة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأراضين، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم. ثُمَّ ينتهي إلى جناب ... لا زال محروس الجناب، بعين الملك الوهاب.
وبعد: ...
الخط وصل، أوصلك الله إلى رضوانه، وسر الخاطر حيث أَخبر بطيبكم, فَإِنْ سألت عنا، فالحمد لله الَّذِي بحمده تتم الصالحات، وإن سألت عن سبب الاختلاف الذي هو بيننا وبين الناس، فما اختلفنا فِي شَيْءٍ من شرائع الإسلام، من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذَلِكَ، ولا في شيء من المحرمات, الشيء الَّذِي عندنا زين هُوَ عِنْدَ النَّاس زين، والَّذِي عندهم شين، هُوَ عندنا شين، إِلاَّ إنا نعمل بالزين ونغصب الَّذِي يدنا عليه
(الشرح)
يَدُنَا عَلَيْهِ يقصد اللي تحت ولايتنا يَعْنِي، تحت ولايتنا نلزمه نغصبه، يَدُنَا عَلَيْهِ، اللي يعمل الشين تحت يَدُنَا عَلَيْهِ، تحت ولايتنا نلزمه.
(المتن)
إِلاَّ إنا نعمل بالزين ونغصب الَّذِي يدنا عليه، وننهى عن الشين ونؤدب الناس عَلَيْهِ, وَالَّذِي قلب الناس علينا: الذي قلبهم على سيد ولد آدم r، وقلبهم على الرسل من قبله: (كلَّمَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ)[الْمُؤْمِنُون/ 44]. ومثل ما قال ورقة لِلنَّبِيِّ r.
(الشرح)
يَعْنِي يَقُولُ الشيخ أَن الآن الصلاة والزكاة والصوم والحج، هَـذَا نلزم النفس به، وننهى عن شرب الخمر وعن المسكرات، وهَـذَا وافقونا ما خالفونا، لَـكِنَّ خالفونا عَلَيْهِ عندما جاء التوحيد بس، أَمَّا الصلاة موافقين عليها، نؤمر بالصلاة يَقُولون هَـذَا حقّ، عن الزكاة، ننهى عن الزنا حقّ؛ لِأَنَّهُمْ ألفوا هَـذَا، لَـكِنَّ التوحيد إذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشِّرْك هَـذَا اللي قلبهم عَلَيْهِ قامت القيامة, كما قلبوا عَلَى سيد ولد آدم وَهُوَ الرسول r وَعَلَى الرسل من قبله، لما قَالَ النَّبِيّ r: «اعبدوا الله»؛ قالوا: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [ص:5]
(المتن)
ومثل ما قَالَ ورقة للنَّبيِّ r: والله ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي. فرأسُ الأمر عندنا وأساسه: إخلاص الدين لله. نقول: ما يُدعى إِلاَّ الله، ولا يُنذر إِلاَّ لله، ولا يُذبح القربان إلا لله، ولا يُخاف خوف الله إلا من الله. فمن جعل من هذا شيئًا لغير الله فنقول: هَـذَا الشِّرْك بالله الذي قال الله فيه: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء:48].
والكفار الَّذِينَ قاتلهم النَّبِيّ r واستحل دماءهم يقرّون أَنَّ الله هو الخالق وحده لاَّ شريك له، النافع الضار المدبّر لجميع الأمور؛ واقرأ قوله تعالى لنبيه r: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ) [يونس:31].
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) [الْمُؤْمِنُون/88-89].
وأخبر الله عن الكفار أَنَّهُمْ يخلصون لله الدين أوقات الشدائد؛ واذكر قوله سبحانه: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [العنكبوت:65].
والآية الأخرى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [لقمان:32]. وبيّن غاية الكفار ومطلبهم: أَنَّهُمْ يطلبون الشفع. واقرأ أول سورة الزمر، تراه سبحانه بيّن.
(الشرح)
بيَّن، (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮩ) [الزمر:3].
وآية يونس، (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﯢ) [يونس:18]
يقول: اقرأ بيَّن لهم أَنْ قصد المشركين هُوَ القربي والتقرب والشفاعة، ومع ذَلِكَ صاروا مشركين، بدعاء غير الله ولو قصدوا التقرب والشفعة.
(المتن)
واقرأ أول سورة الزمر، تراه سبحانه بيّن دين الإسلام، وبيّن دين الكفار ومطلبهم.
(الشرح)
في قوله: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮩ) [الزمر:3] ، دين أهل الشِّرْك أَنَّهُمْ قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3]،
(المتن)
وبيّن دين الكفار ومطلبهم.
(الشرح)
مطلبهم الشفاعة والقربى.
(المتن)
والآيات في هذا من القرآن ما تحصى ولا تعد, وَأَمَّا الأحاديث الثابتة عنه r، فلما قال بعض الصحابة: ما شاء الله وشئت، قال: «أجعلتني لله ندًا؟ قل: ما شاء الله وحده»، وفي الحديث الثاني، قال بعض الصحابة: «قوموا بنا نستغيث برسول الله r من هذا المنافق، قال: «إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله وحده».
(الشرح)
هَـذَا الحديث رواه الطبراني، وفي سند بعض الشيء، وجاء أَن القائل أبو بكر، قول هَـذَا المنافق عبد الله بن أُبي، قال أبو بكر رضي الله عنه: قوموا بنا نستغيث بالرسول r من هذا المنافق، يَعْنِي عبد الله بن أُبي، فقال النَّبِيّ r: «إني لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله»,
قيل في معنى ذلك لو صح الحديث أن النَّبِيّ قال: لا يستغاث به، لا نقدر أن نغيثهم عبد الله بن أبي من الْمُنَافِقِينَ وله جماعته، يغضبون له، فهو لا يقدر، فلذلك قال: لا يستغاث بي فيما لاَّ أقدر عَلَيْهِ.
وقيل: إِنَّ الرسول يقدر أَنْ يغيثهم، يقتل عبد الله ابن أبي؛ لِأَنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام هو مشرع، وهو الحاكم عليه الصلاة والسلام، فيقدر، لَـكِنَّ أراد شد الذريعة، فلا يستغاث بي سدًا للذريعة، لذريعة الشرك وإن كان قادر على أن يغيثهم ويقتل عبد الله بن أُبي وَلَـكِنَّ سدًا للذريعة، هَـذَا لو صح الحديث؛ لِأَنَّ الحديث فيه ضعف، رواه الطبراني بسند فيه ضعف، ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد هذه.
(المتن)
وفي الحديث الثالث: أن أم سلمة، رضي الله عنها، ذكرت له كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح - أو العبد الصالح - بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور؛ أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة.
والحديث الرابع: لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال له: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله، فإن أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أَنْ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترَدّ على فقرائهم «
والحديث الخامس: عن معاذ قال: «كنت رديف النَّبِيّ r على حمار فقال لي: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله: أن لا يعذّب مَن لا يشرك به شيئًا» الحديث.
(الشرح)
وهذا رواه الشيخان وأخرجه مسلم.
(المتن)
والأحاديث فِي هَـذَا ما تحصى, وَأَمَّا تنويهه r بِأنَّ دينه يتغير بعده، فقال r: «عليكم بسنتي، وسُنَّةَ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي! عضوا عليها بالنواجذ! وإياكم ومحدثات الأمور! فَإِنَّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». وفي الحديث عنه r: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رد».
وفي الحديث قَالَ: «افترقت الأمم قبلكم: افترقت اليهود عَلَى إحدى وسبعين فرقة، والنصارى افترقت على اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت أُمَّتِي على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النار، إلا واحدة. قالوا: من الواحدة يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي».
وفي الحديث قال r: «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» ويكون عندك معلومٌ: أَنْ أساس الأَمْر ورأسه، ودعوة الرسل من أولهم إِلَى آخرهم: الأَمْرُ بعبادة الله وحده لا شريك له.
(الشرح)
إِلاَّ إِذَا كان أراد جملة أَن يكون هِيَ الخبر ويكون أساس كذا وكذا معلومًا عندك محتملة, محتملة تكون جملة أَن يكون, (أَن يكون) هِيَ الاسم المؤخر معلومًا هِيَ الخبر وعندك ظرف متعلق به محتمل.
(المتن)
ويكون عندك معلومٌ: أَنْ أساس الأَمْر ورأسه، ودعوة الرسل من أولهم إِلَى آخرهم: الأَمْرُ بعبادة الله وحده لا شريك له.
(الشرح)
أساس الأَمْر الَّذِي جاء به النَّبِيّ r.
(المتن)
والنهي عن عبادة من سواه؛ قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) [النحل:36]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) [المدثر:1] الآيتين.
ويكون عندك معلومًا: أَنْ لله تعالى أفعالًا، وللعبيد أفعالًا. فأفعال الله: الخلق والرزق والنفع والضر والتدبير.
(الشرح)
الخلق، والرَزق، الرِزق هَـذَا مثل المخلوق، الخَلَق فِعْلُ الله، والمخلوق المنفصل، والرَزق فعل الله، والرِزق المنفصل المَخْلُوق، فالخَلق، والرَزق، فرق بين الخَلق والمخلوق، وبين الرَزق والرِزق، فالخلق فعل الله، والمخلوق هَـذَا المَخْلُوق المنفصل، والرَزق فعل الله، والرِزق، هو الرِزق الَّذِي يرزقه الله العباد. الرَزق مفتوحة والرِزق مكسورة.
(المتن)
فأفعال الله: الخلق والرزق والنفع والضر والتدبير؛ هَـذَا أمرٌ ما ينازع فيه لا كافر ولا مسلم.
(الشرح)
هَذِهِ أفعال الربوبية، توحيد الربوبية ما ينازع فيه حد حَتَّىَ الكفار يقرون به.
(المتن)
وأفعال العبد العبادة كونه ما يدعو إلا الله، ولا ينذر إلا لله، ولا يذبح إلا له، ولا يخاف خوف السر إلا منه، ولا يتوكل إِلاَّ عَلَيْهِ, فالمُسْلِم من وحّد الله بأفعاله سبحانه، وأفعاله بنفسه, والمشرك: الَّذِي يوحد الله بأفعاله سبحانه، ويشرك بأفعاله بنفسه.
(الشرح)
توحيد الربوبية توحيد الله بأفعاله هو، الخلق والرزق والإماتة والإحياء، هذا أقرَّ به الْمُشْرِكُونَ، توحيد العبادة هي توحيد الله بأفعالك أنت أيها العبد صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك وذبحك ونذرك، وأفعالك أنت فتوحيد العبادة، توحيد الله بأفعال العباد، توحيد الربوبية توحيد الله بأفعال الرب.
(المتن)
والمشرك: الَّذِي يوحد الله بأفعاله سبحانه، ويشرك بأفعاله بنفسه.
وفي الحديث: «لما نَزَّلَ الله عليه: (قُمْ فَأَنْذِرْ)، صعد الصفا r فنادى: واصباحاه! فلما اجتمع إليه قريش قال لهم ما قال، فقال عمه: تبًا لك! ما جمعتنا إلا لهذا! وأنزل الله فيه: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) وقال r: يا عباس عم رسول الله، ويا صفية عمة رسول الله، اشتروا أنفسكم لاَّ أُغْنِي عنكم من الله شيئًا. ويا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئًا »
أين هذا من قول صاحب البردة:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به |
|
سواك عند حلول الحادث العممِ |
(الشرح)
هَـذَا الَّذِي ذكر بالأمس صاحب البردة وصاحب الفارض، هناك مجمل وجاء تفصيلها الآن هنا، يَقُولُ: شوف الْفَرْقَ بين الرسول r يقول لقريش: «لا أملك لكم من الله شيء اشتروا أنفسكم»، ويقول لعمه: «يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله: لا أملك لكي من الله شيء، يا فاطمة بنت محمد: سليني من مالي ما شئت»، المال أعطيك مال، وَلَـكِنَّ لاَّ أملك لكي لاَّ أغني عنك من الله شيئًا، أنقذي نفسك من عذاب الله، ما استطيع أنقذك من عذاب الله، لكن المال اللي اقدر عَلَيْهِ فِي الدنيا أعطيك، لكن إنقاذك من النار ما استطيع، أنقذي نفسك من النار بالتوحيد، فَإِذا كان الرسول يَقُولُ: ما أستطيع, ما يستطيع ينقذ عمه ولا ابنته، ولا أحد، وصاحب البردة يغلب الرسول ويقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به |
|
سواك عند حلول الحادث العممِ |
والحادث العمم هو حادث القيامة، يقول صاحب البردة: (يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به إلا أنت)، إِذَا عم النَّاس, نسي ربه! نسي الله، يقول: يا رسول الله إذا عم الحادث العمم، والأهوال العظيمة، وقامت القيامة، ما في أحد ألوذ به إلا أنت، ونسي ربه أعوذ بالله، ثم يقول:
إن لم يكن في معادي أخذا بيدي |
|
فضلا، وإلّا فقل يا زلّة القدم |
هَـذَا البيت الثاني أشد وأشد، يَقُولُ: إن لم يكن في معادي أخذاَ بيدي، وإلا أنا هالك، ثُمَّ قَالَ: (فإن من جودك الدنيا وضرتها)، من جودك يا محمد الدنيا وضرتها الآخرة، تملك الدنيا والآخرة، إذًا وأيش باقي لله؟ إذا كان الرسول يملك الدنيا والآخرة أيش باقي لله؟ ما باقي شيء.
(ومن علومك علم اللوح والقلم)، اللوح المحفوظ والقلم، في أعظم من هذا غلو، أعوذ بالله، غلو قبيح.
السائل: (..)؟.
الشيخ:صاحب البردة قديم هَـذَا.
السائل: البويصيري صاحب الزجاجة صاحب (..) ولا غيره؟.
الشيخ: لاَّ غيره.
الطالب: طيب الحكم عليه يا شيخ؟.
الشيخ: يَأْتِيَ كلام الشيخ رحمه الله، هذا غلو، بعضهم يدافعوا عنه، بعض النَّاس يدافعون عنه يقصد الشفاعة وقصده كذا، لاشك أَنَّهُ غلو شنيع, وبعض النَّاس, البردة طويلة، قال النَّاس الْمُشِرِكِينَ: يجعلها ورد صباح ومساء يقرءونها الليل والنهار، وبعض الإذاعات يجعلونها ابتهال، يسمع الابتهال, ثُمَّ يبتهل بِالشِّرْك، ويقرأ يا أكرم الخلق يغنيها، يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك يلحنها تلحين غناء يَقُولُ: اسمع الابتهال، نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
وقوله: ولن يضيق رسول الله جاهُك بي ... إذا الكريم تَحَلَّى باسم منتقمِ.
(الشرح)
شوف هَذِهِ سب لله، هَذِهِ أَيْضًا منها من البردة، يَقُولُ يا رسول الله: جاهك ما يضيق بي، إذا الكريم وهو الرب تحلى باسم المنتقم وصار منتقم ما فِي إِلاَّ الغضب أنت الَّذِي لا يضيق جاهك بي، إذًا فهذا سب لله، يَقُولُ: الرَّب يوم القيامة غضبان ومنتقم ما في عنده لا انتقام ولا عذاب، أنت يا رسول الله ما يضيق جاهك بي، وهذا سبٌ لله أعوذ بالله، هذه الأبيات قبيحة، كل بيت أشد من الثاني، هذا سب لله، يقول لك: يوم القيامة الجبار يتحلى يتصف باسم المنتقم، ما في الانتقام وما فِي للغلط، وما في إلا النار أنت يا رسول الله ألوذ بك وأنت ما يضيق جاهك بي، أعوذ بالله نسأل الله العافية، نعوذ بالله من زيغ القلوب.
(المتن)
وذكر صاحب السيرة " أَنَّهُ صلوات الله وسلامه عليه قام يقنت عَلَى قريش، ويخصص أناسًا مِنْهُم.
(الشرح)
يَعْنِي مختصر سيرة النَّبِيّ r، لابن هشام وغيره ذكر هَـذَا أَنْ الرسول r، جعل يقنت ويدعوا عَلَى القريش، يَدْعُو عَلَى أناس وكان يَقُولُ في الركعة الأخيرة من الفجر، بدل أَن يَقُولُ: سمع الله لمن حمده, قَالَ: اللهم ألعن فلان وفلان، اللهم ألعن هشام بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، لأناس أذوا المسلمين فأنزل الله، (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [آل عمران:128].
وأسلم بعضهم، إذا كان الرسول ليس بيده شيء، والله يَقُولُ: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﯔ) [آل عمران:128] فكيف يقال: إِنَّ الرسول يعلم الغيب وأن الرسول كذا، وأن الرسول يملك في الدنيا والآخرة وَأَنَّهُ يلاذ به؟!.
(المتن)
وذكر صاحب السيرة " أنه صلوات الله وسلامه عليه قام يقنت على قريش، ويخصص أناسًا منهم، في مقتل حمزة وأصحابه.
(الشرح)
هذا تبين بعد غزوة أحد.
(المتن)
فأنزل الله عليه: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) [آل عمران:128] ولكن مثل ما قال r: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ».
فَإِنْ قَالَ قائلهم: إنهم يكفرون بالعموم، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!.
(الشرح)
إن قَالَ قائلهم إنهم؛ يَعْنِي الشيخ محمد وأتباعه يكفروا النَّاس بالعموم، يكفرون عموم النَّاس يَقُولُونَ: كُلّ النَّاس كفار, يَقُولُ الشيخ: هَـذَا بهتان عظيم هَـذَا افتراء.
(المتن)
الَّذِي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأنَّ دعوة غير الله باطلة، ثُمَّ بعد هَـذَا يكفّر أهل التوحيد، ويسميهم الخوارج، ويتبين مع أهل القبب عَلَى أهل التوحيد.
(الشرح)
يَعْنِي يتبين مع أهل الشِّرْك، يَعْنِي يناصر أهل الشِّرْك مع أهل التوحيد، يصير مع أهل القبب الَّذِينَ يبنون القبب عَلَى القبور يساعدهم عَلَى أهل التوحيد.
(المتن)
وَلَـكِنَّ نسأل الله الكريم رب العرش العظيم، أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) [آل عمران:31] .
ويكون عندك معلومًا: أن أعظم المراتب وأجلّها عند الله: الدعوة إليه، الَّتِي قَالَ الله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ) [فصلت:33] الآية.
(الشرح)
أعظم المراتب هي وظيفة الرسل الدعوة إلى الله، (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮓ) [يوسف:108].
(المتن)
وفي الحديث: «والله، لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من حمر النعم».
(الشرح)
حُمر النعم، حُمر جمع أحمر يَعْنِي الإبل الحمر، وهِيَ أنفس أموال العرب، وهذا مثال خير من الدنيا وما فيها، النَّبِيّ r قالها لابن عمه: علي بن أبي طالب لما بعثه إلى خيبر وأعطاه الراية قال: «أنفذ على رسلك ثم أدعم إلى الإسلام فوالله لِأَنَّ يهدي الله بك رجلًا واحد خيرًا لك من حمر النعم»، يَعْنِي الإبل الحمر، حمر جمع أحمر، وحمراء، والإبل الحمر أنفس أموال العرب، مثل أنفس سيارة الآن، الآن سيارات وطائرات، أنفس هذا مثال، والمعنى خيرًا من الدنيا وما فيها، تقرأ حُمْر، أما من قرأها حُمُرِ غلط، جمع حمار، سيختلف المعنى، بعض الناس يقرأها من حُمِرِ النعم، حُمُر صارت جمع حمار، اختلف المعنى، حُمْر جمع أحمر، فرق إذا قرأتها حمْر صارت الجمع أحمر، وإذا قرأتها حُمُر صار الجمع حمار تغير المعنى، حُمْر النعم بالإسكان، حط على الميم سكون.
(المتن)
«والله، لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من حمر النعم».
(الشرح)
السائل: (..)؟.
الشيخ: لابد من العلم، العلم بحال المدعوين والعلم بهذا الشيء الَّذِي تدعوا به، تعرف الحكم من الشرع، أما إذا كان يدعوا بغير علم صار يفسد ما يصلح، يَدْعُو بجهل؟ يدعوا على بصيرة، على العلم، (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮓ) [يوسف:108]؛ والبصيرة هي العلم.
(المتن)
ثُمَّ بعد هذا، يذكر لنا: أَنْ عدوان الإسلام الَّذِينَ ينفِّرون النَّاس عنه، يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول r، فنقول: سبحانك هَـذَا بهتان عظيم! بَلْ نشهد أن رسول الله r الشافع المشفع، صاحب المقام المحمود, نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفّعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه.
هَـذَا اعتقادنا، وهذا الَّذِي مشى عليه السلف الصالح، من المهاجرين والأنصار، والتابعين وتابع التابعين، والأئمة الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين. وهم أحب النَّاس لنبيهم، وأعظمهم في إتباعه وشرعه; فَإِنْ كانوا يأتون عند قبره يطلبونه الشفاعة، فَإِنَّ اجتماعهم حجة, والقائل: إِنَّهُ يطلب الشفاعة بعد موته، يورد علينا الدليل من كتاب الله، أو من سُنَّةَ رسول الله، أو من إجماع الأمة; والحق أحق أَنْ يتبع.
(الشرح)
رحمه الله، ما عندهم دليل هاتوا دليل، أن الصحابة يطلبون من الرسول بعد موته يَقُولُونَ: اشفع لنا.