بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ...
فهذه قراءةٌ لبعض رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وهي موجودٌ في مجموعة مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، التي صنفها وأعادَّها للتصحيح عبد العزيز بن زيد الرومي، والدكتور محمد بلتاجي، والدكتور سيد حجاب، وهي في المجلد السادس، في القسم الخامس (الرسائل الشخصية)، وقد صُور منها نسخة موجودة في مكتب التوفيق في النويعمة، والقراءة على يد فضيلة شيخنا عبد العزيز الراجح حفظه الله تعالى.
(المتن)
الرسالة الرابعة عشر
قال الشيخ رحمه الله تعالى: في رسالته إلى البكبلي صاحب اليمن.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزل الحق في الكتاب، وجعله تذكرةً لأولي الألباب، ووفق مَنْ مَنَّ عليه من عباده للصواب، لعنوان الجواب، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله، وخيرته من خلقه، محمدٍ وعلى آله وشيعته وجميع الأصحاب، ما طلع نجمٌ وغاب، وانهل وابلٌ من سحاب.
من عبد العزيز بن محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ في الله: أحمد بن محمد العديلي البكبلي، سلمه الله من جميع الآفات، واستعمله بالباقيات الصالحات، وحفظه من جميع البليات، وضاعف له الحسنات، ومحا عنه السيئات؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: ...
وصلنا كتابكم، وسر الخاطر بما ذكرتم فيه من سؤالكم، وما بلغنا على البعد من أخباركم، وسؤالكم عما نحن عليه، وما دعونا الناس إليه؛ فأردنا أن نكشف عنكم الشبهة بالتفصيل، ونوضح لكم القول الراجح بالدليل، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسلك بنا وبكم أحسن منهجٍ وسبيل.
أما ما نحن عليه من الدين: فعلى دين الإسلام، الذي قال الله فيه: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران:85].
وأما ما دعونا الناس إليه، فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه، خطاباً لنبيه r: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[يوسف:108]، وقوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[الجن:18].
وأما ما نهينا الناس عنه، فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: (مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)[المائدة:72].
وقوله تعالى لنبيه r على سبيل التغليظ، وإلا فهو منَزهٌ هو وإخوانه عن الشرك: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)[الزمر:6-66].
وغير ذلك من الآيات. ونقاتلهم عليه، كما قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ)[البقرة:193]، أي: شرك،: (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)[البقرة:193]، وقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)[التوبة:5]، وقولهr: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها؛ وحسابهم على الله عز وجل»، وقوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)[محمد:19]؛ وسماها سبحانه بالعروة الوثقى، وكلمة التقوى، وسموها الطواغيت كلمة الفجور.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلَّ الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ...
فهذه الرسالة وأمثالها فيها بيان ما عليه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، والنهي عن الشرك، وأنه بريءٌ مما أتهمه به أعداءه، من أنه يفرق الناس، أو أنه يكفر الناس، أو أنه يدعو إلى مذهبٍ خامس، أو أنه على غير دين الإسلام، كل هذه افتراءات من الأعداء، من أعداء الله، ومن خصوم الدعوة والمعاونين لها، يريدوا أن ينفروا الناس عن دعوة التوحيد، وعن الدعوة السلفية، وعن كتاب الله، وسُنة رسوله r.
الشيخ رحمه الله بين في هذه الرسالة وفي غيرها، يقول: أما نحن على دين الإسلام الذي قال الله به، (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)[آل عمران/85].
وأما دعوتنا، فإنا ندعو إلى التوحيد الذي قال الله فيه: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ)[يوسف/108].
وأما الذي نهى عنه هو الشرك لقول الله: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ)[الجن/18]، الشرك صرف عبادة إلى غير الله، كأن يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله، ويطوف بغير بيت الله، يبتغوا بذلك الخير لذلك الغير، كما قال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ)[الجن/18].
(ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) ؛ نكرة في سياق النهي، والنكرة في سياق النهي أو النفي أو الشرط تعم.
وقال الله تعالى في بيان غلظ الشرك: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯞ)[الزمر/65]؛ هذا خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وهو معصوم من الشرك، لكن هذا لبيان عظم الشرك، وغلظ شأنه، وهذا شرط تقديري لبيان مقادير الأشياء، وإلا فهو أساسًا معصوم من الشرك، فتوجيه الخطاب إليه لبيان غلظ الشرك، وهذا شرطٌ تقديري، أن من أشرك أنه يحبط عمله، والرسول r منزه، معصوم، عصمه الله، ولكن هذا لبيان عظم شأن الشرك، وأنه أكبر الكبائر، وأنه لا يغفره الله.
وبين الشيخ رحمه الله: إنما يقاتل على هذا، يقاتل على الشرك، من أشرك بالله يقاتل كما قال تعالى: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮆ)[البقرة/193].
وقال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭮ)[البقرة/191].
نقول: قاتل على كلمة التوحيد، فاعلم أنه لا إله إلا الله، وهي العروة الوثقى، والطواغيت يأبون، والأشرار وأعداء الله يأبون يشاركوه بهذه الدعوة، وخالفوا الشيخ، وشوهوا دعوته، وألصقوا به التهم، ولكن الله أظهر دعوته، وانتشرت في كل مكان، ولاسيما الجزيرة العربية، فإنه تعالى طهرها من الشرك ببركة هذه الدعوة المباركة التي هي إظهارٌ لدعوة التوحيد، التي أمر الله به في كتابه، وعلى لسان رسوله r.
(المتن)
وقوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)[محمد/19]، وسماها سبحانه بالعروة الوثقى، وكلمة التقوى، وسموها الطواغيت كلمة الفجور.
(الشرح)
نعم، كلمة لا إله إلا الله هي كلمة التقوى، هي العروة الوثقى، وهي كلمة التوحيد، وهي الفارقة بين المسلم والكافر كلمة لا إله إلا الله، ولأجلها أرسل الله الرُسل، وأنزل الكتب، ولأجلها خُلقت الجنة والنار، وانقسم الناس إلى شقيٍ وسعيد، ولأجلها قامت القيامة، وحقت الحاقة، ووقعت الواقعة، ونصبت الموازين.
هذه الكلمة التي لو وُزنت بها السماوات والأرض لرجحت، كما في الحدث: «أن موسى عليه السلام قال: يا ربي علمني دعاءً أدعوك وأذكرك به، فقال الله عز وجل له: يا موسى قل: لا إله إلا الله، فقال موسى: يا ربي كل عبادك يقولون هذا، أريد شيء تخصني به، كل عبادك يقولون هذا، فقال الله عز وجل: يا موسى لو أن السماوات السبع، والأرضين السبع وضعنا في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله».
وهذه الكلمة فيها كفر بالطاغوت وإيمانٌ بالله، لا إله: هذا كفرٌ بالطاغوت، إلا الله: إيمان بالله، لا إله: نفي لجميع أنواع لعبادة، إلا الله: إثبات العبادة لله عز وجل.
قال: (ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰚ)[البقرة/256]، ليس هناك إيمان، ما في إيمان، ولا توحيد إلا بنفي وإثبات، نفي أنواع العبادة عن غير الله، وإثبات العبادة لله.
لا إله إلا الله، لا إله: نفي، إلا الله: إثبات، وهو معنى قوله: (ﭢ ﭣ ﭦ)[الفاتحة/5]، يعني نعبدك، ولا نعبد غيرك، هو معنى لا إله إلا الله، وهي العروة الوثقى، قال: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮯ)[الفتح/26]؛ وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى والطواغيت يسمونها كلمة الفجور، نعم أعداء الله، نعم.
(المتن)
وسموها الطواغيت كلمة الفجور، من قال: "لا إله إلا الله" عصم دمه وماله، ولو هدم أركان الإسلام الخمسة، وكفر بأصول الإيمان الستة.
(الشرح)
هذا عند المشركين، بعض المشركين يقول: إذا قال: لا إله إلا الله يكفيه، ولو ما صلى، ولو ما صام، ولو سب الله، وسب الرسول، أو سب الإسلام، لا إله إلا الله كلمة التوحيد، لكن إذا فعل ناقض ينقضها بطلت، إذا قال: لا إله إلا الله، وسب الله، أو سب الرسول، أو سب أي إنسان؛ بطلت، انتقضت.
قال: لا إله إلا الله، ثم قال: الصلاة ما هي بواجبة، أو الزنا حلال، أو الخمر حلال، أو الربا حلال، بطلت لا إله إلا الله، مثل: إنسان توضأ وأحسن الوضوء، وطهر وأحسن الطهارة ثم خرج منه بول، أو غائط، أو ريح، تبقى الطهارة ولا تزول؟ تزول، إذا توضأ ثم أحدث؛ بطل الوضوء، إذا قال: لا إله إلا الله، ثم سب الله، وسب الرسول؛ بطلت لا إله إلا الله، بل التوحيد والإيمان، انتقض إسلامه.
إذا قال: لا إله إلا الله، والزنا حلال، أو الربا حلال، أو الخمر حلال، أو الرشوة حلال، أو عقوق الوالدين حلال، يكون مرتد، بطل، يبطل توحيده وإيمانه، عليه أن يجدد إسلامه من جديد، ما تنفع كلمة التوحيد إلا بالتزام، التزام بواجبات، أن يأتي بلوازمها، ويبتعد عما يناقضها، أما إذا فعل ما ينقضها؛ بطلت، كل شيء له ضد, الطهارة ضدها الحدث، فإذا أحدث بطلت، الإيمان ضده الكفر، فإذا كفر أشرك؛ ذهب الإيمان.
(المتن)
وحقيقة اعتقادنا: أنها تصديقٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح، وإلا فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، مع أنهم يقولون: "لا إله إلا الله"، بل ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، بل ويصومون، ويحجون، ويجاهدون، وهم مع ذلك تحت آل فرعون في الدرك الأسفل من النار.
(الشرح)
يعني المقصود أن لا بد من الالتزام به، بالواجبات، يوحد المسلم ربه ويقول: لا إله إلا الله، يؤدي الواجبات، ويترك المحرمات، والإيمان لا بد من تصديقٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح، هذا هو الإيمان، يصدق، قلبه يصدق، معترف، ومقر، وقلبه يعمل بخوف ورجاء ومحبة لله، ولسانه ينطق بكلمة التوحيد، والجوارح تعمل، لا بد من هذا.
الإيمان تصديقٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، أما من اكتفى بالقول، من قال: لا إله إلا الله يكفي، ولو ما عمل بجوارحه، هذا باطل؛ لأن المنافقين يقولون: لا إله إلا الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، تحت دركة اليهود والنصارى، تحت اليهود والنصارى، أشد عذاب منهم.
إن المنافقين يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر، وهم مع المؤمنين في الظاهر، ومع الكفار في الباطل، وهم زادوا على الكفار بالخداع؛ فصاروا في الدرك الأسفل من النار.
بخلاف اليهودي والنصراني هذا عدو الله، مكشوف، اليهودي والنصراني، والوثني عدو، لكن المنافق الذي يعيش بين المسلمين وهو يكذب لله ولرسوله؛ هذا أشد كفرًا من العدو الظاهر، العدو الظاهر تأخذ حذرك منه، تعرف أن هذا يهودي، هذا نصراني، هذا وثني، تأخذ حذرك منه.
لكن إذا كان منافق، يعيش بين المسلمين، ويدبر المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين، ويصلي مع المسلمين، ويصوم مع المسلمين، هؤلاء المنافقون في زمن النَّبِيّ r عبد بن أبي رئيس المنافقين، وغيرهم، كانوا يصلون مع النَّبِيّ r، ويصومون، ويحجون، ويتصدقون، ويجاهدون، وهم مكذبون في الباطن، لكن اظهروا الإسلام حتى لا يُقتلون، حتى تسلم لهم دماءهم وأموالهم.
(المتن)
وإلا فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، مع أنهم يقولون: "لا إله إلا الله"، بل ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، بل ويصومون، ويحجون، ويجاهدون، وهم مع ذلك تحت آل فرعون في الدرك الأسفل من النار، وكذلك ما نصه الله سبحانه عن بلعام، وضرب له مثلًا بالكلب.
(الشرح)
مثله كمثل الكلب، هذا بلعام، قصة بلعام في زمن موسى عليه الصلاة والسلام (ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﰄ)[الأعراف/175-176]، نعم.
الطالب: كأن في سقط يا شيخ.
الشيخ: ماذا عندك؟
الطالب: (وضرب له مثلًا بالكلب ما معه من العلم)، كأن فيه سقط (معه)، (مع ما معه من العلم).
الشيخ: وضرب له مثلاً بالكلب.
الطالب: (وضرب له مثلاً بالكلب ما معه من العلم، فضلًا عن الاسم الأعظم).
الشيخ: ما معه.
الطالب: كان في سقط (معه).
الشيخ: وضرب الله له مثلًا بماذا؟.
الطالب: (وضرب له مثلًا بالكلب ما معه من العلم، فضلًا عن الاسم الأعظم).
(فضلًا عن الاسم الأعظم)، سقط ترجع إلى الأصل، منقولة من الدرر؟.
الطالب: نعم المجلد الأول صفحة 60، مع أحد من الإخوان.
(المتن)
وعالمٌ بعلمه لم يعملنْ معذَّبٌ من قبل عبّاد الوثنْ، وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد، فنحن مقلدون الكتاب والسنة، وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى.
وأما ما سألتم عنه من حقيقة الإيمان، فهو التصديق، وأنه يزيد بالأعمال الصالحة، وينقص بضدها، قال الله تعالى: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)[المدثر:31].
وقوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)[التوبة:124].
وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)[النور:62]، وغير ذلك من الآيات.
قال الشيباني رحمه الله: وإيماننا قولٌ وفعلٌ ونيةٌ ... ويزداد بالتقوى وينقص بالردى.
(الشرح)
وإيماننا قولٌ، وفعلٌ، ونيةٌ: أعد البيت وإيماننا.
(المتن)
وإيماننا قولٌ وفعلٌ ونيةٌ.
(الشرح)
نعم، قول القلب، وقلب اللسان، قول القلب إقراره بالتصديق، وقول اللسان النطق، وعمل القلب النية الإخلاص، وعمل الجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، نعم.
الطالب: في سقط يا شيخ.
الشيخ: وجدت السقط.
الطالب: نعم.
الشيخ: ما الأصل؟.
الطالب: الأصل يقول: (وضرب له مثلًا بالكلب ما معه من العلم، فضلًا عن الاسم الأعظم).
الشيخ: فضلًا عن الاسم الأعظم.
الطالب: نعم.
الشيخ: وضرب له مثلًا بالكلب.
(المتن)
وكذلك ما نصه الله سبحانه عن بلعام، وضرب له مثلاً بالكلب مع ما معه من العلم فضلًا عن الاسم الأعظم.
(الشرح)
لأنه لم يعمل نسأل الله العافية، لأنه لم يعمل، ولهذا قال: وعالم بعلمه لم يعملن معذبٌ من قبل عباد الوثن، ليس من يعلم كمن لا يعلم، لا حول ولا قوة إلا بالله.
(المتن)
وقوله r: «الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، أعلاها: قول "لا إله إلا الله"، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق»، وقوله r: «فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، وقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الحج:25]، (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[الحج:26].
فقال الطواغيت الذي قال الله فيهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)[التوبة:31]، إن فساق مكة حشو الجنة، مع أن السيئات تضاعف فيها كما تضاعف الحسنات.
(الشرح)
الصواب أن السيئة تعظم في مكة، تعظم، والسيئات تضاعف، فالسيئة تُعظم، يعني سيئةٌ في مكة أعظم من سيئةٍ في غير مكة، أعظم غليظة، لكن هي واحدةٌ غليظة، عظيمة، وأما الحسنات فإنها تُضاعف، الحسنات تضاعف، عددها يُضاعف، والسيئات لا تُضاعف بالعدد، تُضاعف بالكيفية.
وكأن في قول آخر أنها تُعد، يمكن ما ذكره المؤلف، أنها تُضاعف، معروف أن السيئة تُعظم، نعم، الطواغيت يقولون: إن فساق مكة حشو الجنة، يعني فساق مكة يدخلون الجنة، ولو كانوا فساق، مع أن الفسق والمعاصي والفجور في مكة أعظم من الفسق في غيرها؛ لأنه انتهاك لحرمة الحرم، نعم.
(المتن)
فانقلبت القضية بالعكس، حتى آل الأمر إلى الهتيميات المعروفات بالزنى والمُصريات، يأتون وفودًا يوم الحج الأكبر، كل من الأشراف معروفة بغيته منهن جهارًا، وأن أهل اللواط وأهل الشرك، الرافضة.
(الشرح)
والرفضة يعني الرافضة وهي العامية، نعم.
(المتن)
وأهل الشرك، الرافضة وجميع الطوائف.
(الشرح)
عندك الرافضة، والرافضة، ماذا؟.
(المتن)
وأن أهل اللواط وأهل الشرك، الرافضة، وجميع الطوائف من أعداء الله ورسوله آمنين فيها.
(الشرح)
من فعل الفواحش من الهتيميات، والمصريات في ذلك الزمان، نعم في مكة التي هي أشرف البقاع، نسأل الله العافية.
(المتن)
وأن من دعا أبا طالب آمن، ومن وحد الله وعظمه ممنوع من دخولها.
(الشرح)
آمن عندك.
الطالب: بدون تشكيل، (وأن من دعا أبا طالب آمن، ومن وحد الله وعظمه ممنوع)، مقابل.
الشيخ: وأن من وحد الله.
الطالب: وعظمه ممنوع من دخولها.
الشيخ: من دعا أبا طالب آمن، يعني في دخول مكة هو آمن مع أنه مشرك، وأن من وحد الله ممنوعٍ من دخولها في ذلك الوقت، قبل فتح مكة.
(المتن)
ومن وحد الله وعظمه ممنوع من دخولها، ولو استجار بالكعبة ما أجارته، وأبو طالبٍ والهتيميات يجيرون من استجار بهم. سبحانك هذا بهتان عظيم!: (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)[الأنفال:34]، وما جئنا بشيءٍ يخالف النقل، ولا ينكره العقل، ولكنهم يقولون ما لا يفعلون، ونحن نقول ونفعل، (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)[الصف:3]، نقاتل عبّاد الأوثان كما قاتلهم r، ونقاتلهم على ترك الصلاة، وعلى منع الزكاة، كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق t؛ ولكن ما هو إلا كما قال ورقة بن نوفل: ما أتى أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي وأوذي وأُخرج وما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(الشرح)
رحمه الله، نصيحة دعواه إلى التوحيد، التحذير من الشرك، والبدع والفسوق.