شعار الموقع

شرح الرسالة الشخصية_16

00:00
00:00
تحميل
69

(المتن)

الرسالة السادسة عشرة

وتوجد في "الدرر السنية" مجلد أول صفحة 34100.

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله، والصلاة والسلام التام على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.

إلى عبد الله بن عبد الله الصنعاني، وفقه الله وهداه، وجنبه الإشراك والبدعة وحماه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد:

فوصل الخط، وتضمن السؤال فيه عما نحن عليه من الدين؛ فنقول، وبالله التوفيق: الذي ندين به: عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره، ومتابعة الرسول النبي الأمي، حبيب الله وصفيه من خلقه، محمد صلى الله عليه وسلم.

فأما عبادة الله فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56].

وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل:36].

فمن أنواع العبادة: الدعاء: وهو الطلب بياء النداء، لأنه ينادى به القريب والبعيد.

(الشرح)

من أنواع العبادة هكذا, ندين الله بأن نعبد الله، ونحذر من الشرك ونأمر بالواجبات وننهى عن المحرمات هذه (...), أعد.

(المتن)

فنقول، وبالله التوفيق: الذي ندين به: عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره، ومتابعة الرسول النبي الأمي، حبيب الله وصفيه من خلقه، محمد صلى الله عليه وسلم.

فأما عبادة الله فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56].

وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل:36].

فمن أنواع العبادة: الدعاء: وهو الطلب بياء النداء؛ لأنه ينادى به القريب والبعيد، وقد يستعمل في الاستغاثة، أو بأحد أخواتها من حروف النداء. فإن العبادة اسم جنس، فأمر تعالى عباده أن يدعوه ولا يدعوا معه غيره، فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر:60].

وقال في النهي: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[الجن:18], (أَحَداً) و كلمة تصدق على كل ما دعي مع الله تعالى.

(الشرح)

الأمر: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭫ[غافر:60]؛    أمر بالدعاء.

في النهي: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ[الجن:18]؛      فأمر الله بعبادته بدعائه ونهى عن دعاء غيره.

(المتن)

وقد روى الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدُّعاءُ مُخُّ العبادة».

وعن النعمان ابن البشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدُّعاءُ هو العبادة»، ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي.

قال العلقمي في شرح الجامع الصغير: حديث: « الدُّعاءُ مُخُّ العبادة»، قال شيخنا: قال في النهاية: مخ الشيء خالصه.

وإنما كان مخها لأمرين:

أحدهما: أنه امتثال لأمر الله تعالى حيث قال: )ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(  فهو مخ العبادة وهو خالصها.

الثاني: أنه إذا رأى نجاح الأمور من الله، قطع أمله عما سواه، ودعاه لحاجته وحده؛ ولأن الغرض من العبادة هو الثواب عليها، وهو المطلوب بالدعاء: «الدُّعاءُ هو العبادة»

(الشرح)

المطلوب بالدعاء: الثواب، الإنسان حينما يدعو ربه يطلب أيش؟ الثواب، وحينما يعبد ربه؛ يطلب الثواب، فدل على أن الدعاء عبادة، بعض الناس يغالط يقول: هذا ليس عبادة, هذا نداء أناديه, يا رسول الله اشفع لي، يا دسوقي، يا عبد القادر، دعاء الأموات يقول أنا ما أقوم بعبادة هذا نداء، شفعة ومحبة للصالحين، لا هذا عبادة: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭫ[غافر:60]؛   فالدعاء عبادة

(المتن)

وقوله: «الدُّعاءُ هو العبادة» قال شيخنا: قال الطّيبِي: أتى بالخبر المعرف باللام، ليدل على الحصر، وأن العبادة ليست غير الدعاء, انتهى كلام العلقمي.

إذا تقرر هذا، فنحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعو أحداً من الأموات، لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم؛ بل نعلم أنه نهى عن هذه الأمور كلها، وأن ذلك من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله؛ قال تعالى: )وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ)[الأحقاف:5-6].

وقال تعالى: )فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ([الشعراء:213].

(الشرح)

(ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ[الشعراء:213]   من جعل مع الله إلها آخر سيكون من المعذبين؛ لأنه شرك، قال: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ[الأحقاف:5-6]   من أضل: استفهام مع النفي بمعنى لا أحد أضل ممن هذه الحال يدعو من دون الله من لا يستجيب له؛ لأنه ما بين ميت وبين غائب، والغائب صار تراب كيف يستجيب؟ ما يستجيب، أو غائب ما يدري عنه, فكيف يـدعى من دون الله؟ هل يمكن يستجيب؟ ما يمكن، الميت ممكن يستجيب؟! بليت عظامه وصار ترابًا, كيف تدعو التراب وتنسى رب الأرباب؟

مشرك بالله: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ[الأحقاف:5]   غافل؛ لأنه مشغول بنفسه.

(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭚ[الأحقاف: 6]   يعادونه, (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ[الأحقاف: 6].

(المتن)

وهذا من معنى "لا إله إلا الله": فإن "لا" هذه: النافية لجنس، فنفى جميع الآلهة.

و"إلا": حرف استثناء يفيد حصر جميع العبادة على الله عز وجل.

و"الإله": اسم صفة لكل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على المعبود بحق، وهو الله تعالى؛ وهو الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمور.

و"التأله": التعبد؛ قال الله تعالى: ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)[البقرة:163].

ثم ذكر الدليل فقال: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ), إلى قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا)[البقرة:164-165]؛ الآية.
وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات والأقوال والأفعال؛ قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران:31].

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله: فما وافق منها قُبل، وما خالف رُد.

(الشرح)

يعني: بأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وافعاله, فما وافق قُبل وما خالف رُد.

(المتن)

فما وافق منها قُبل، وما خالف رُد على فاعله كائناً من كان؛ فإن شهادة أن محمداً رسول الله تتضمن تصديقه فيما أخبر به، وطاعته ومتابعته في كل ما أمر به.

(الشرح)

هذا شهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, تقتضي تصديق الرسول في أخباره وتنفيذ أحكام وتنفيذ أوامره والدعوة لله بما شرعه، كما أن شهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله والصدق مع الله والانقياد والحكم بهذه الكلمة والقبول لها وعدم الرد، وشهادة أن محمد رسول الله تقتضي الإقرار بنبوته، وتصديق أخباره، والامتثال لأوامره والاجتناب لنواهيه، والتعبد لله بما شرعه، تقتضي تصديقه وإتباعه عليه الصلاة والسلام, من لم يصدق الرسول ولم يأتي بما أتى عليه الرسول فشهادته باطلة, لابد من تصديقه، تصديق وإتباع.

الطالب: (...).

الشيخ: نعم, الجماد المعبود من دون الله يوضع مع من عبده في النار، كلٌ يوضع في النار (...)  يوضع في النار مع من عبده؛ أحجار، أشجار إلا الأنبياء، الأنبياء ما رضوا بالعبادة والصالحين، قال الله تعالى: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ[الأنبياء:101].

 الأنبياء والصالحين  ما يرضوا أن يعبدوا من دون الله، فهم خارجون من هذا, روي في الأحاديث أن الشمس والقمر تكوران وتُجعلان في النار مع من عبدهم.

(المتن)

وقد روى البخاري من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى, قيل: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».  

فتأمل، رحمك الله، ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده، والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وما عليه الأئمة المقتدى بهم من أهل الحديث والفقهاء، كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، رضي الله عنهم أجمعين، لكي نتبع آثارها.

وأما مذهبنا: فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول جمهورها.

والمقصود: بيان ما نحن عليه من الدين، وأنه عبادة الله وحده لا شريك له فيها، بخلع جميع الشرك، ومتابعة الرسول فيها ونخلع جميع البدع، إلا بدعة لها أصل في الشرع، كجمع المصحف في كتاب واحد، وجمع عمر رضي الله عنه الصحابة على التراويح جماعة، وجمع ابن مسعود أصحابه على القصص كل خميس، ونحو ذلك فهذا حسن, والله أعلم.

(الشرح)

تسمية هذا بدعة فيه نظر, الصواب أن هذا من باب (...) جمع المصحف مو بدعة, كذلك إعادة عمر صلاة التراويح بإمام واحد هذه سنة نبوية؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بالناس في رمضان ثلاث ليال, ولكنه خشي أن تفرض عليهم لما كثروا في الليلة الثالثة, ليس هذا من البدع.

الطالب: (...).

الشيخ: والبدع هي: الحدث في الدين, بعض العلماء قسمها إلى بدع حسنة وبدع سيئة, والتقسيم هذا ليس بصحيح, كل البدع ضلال, والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة», ما أُحدث في الدين بما يخالف شرع الله، فهي من البدع.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد