شعار الموقع
شعار الموقع

أصول السنة للحميدي (03) من قوله "والقرآن كلام الله" – إلى قوله "واكتفى بالاعتقاد ابن قدامة"

00:00

00:00

تحميل
100

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ  عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي الحميدي رحمه الله في أصول السنة نفع الله بعمله وعلم شيخنا وغفر الله  لهم ولجميع  المؤمنين والحاضرين والسامعين قال في كتاب أصول السنة :

المتن:

والقرآن كلام الله ، سمعت سفيان يقول: "القرآن كلام الله ، ومن قال مخلوق فهو مبتدع ، لم نسمع أحدا يقول هذا"

 

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:  قال الحافظ  عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي الحميدي رحمه الله في كتابه أصول السنة والقرآن  كلام الله ,القرآن  قراءته وقرآنا والمراد به كتاب الله العظيم الذي تكلم الله به و سمعه عنه جبرائيل  وهو الكتاب العظيم الذي هو آخر الكتب والمهيمن عليها  والحاكم عليها أنزله الله بالحق هداية للناس وبشرى للمؤمنين و إنذارا لمن خالف أمر الله وهو كتاب الله العظيم يهدي لأقوم الأخلاق و أقوم الطرق: إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً  ۝ وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، وهو كلام الله تكلم الله به  وسمعه عن جبرائيل ونزل به على قلب نبينا محمد ﷺ كما قال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ۝  بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ هذا  القرآن حياة القلوب سماه الله روحا لتوقف الحياة الحقيقية عليه سماه الله هدى لتوقف الهداية عليه قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ،  هذا القرآن الذي هو أفضل كتاب و أعظم كتاب وخير كتاب وهو آخر الكتب أنزله الله على نبينا محمد  ﷺ و هو خاتم الأنبياء  آخر الأنبياء و أفضلهم وسيدهم عليه وعلى سائر النبيين أفضل الصلاة و أتم التسليم هذا الكتاب العظيم مصدق الكتب الماضية وهو المهيمن عليها و الحافظ عليها وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، من عمل بهذا القرآن وبسنة النبي ﷺ فهو السعيد ومن خالف القرآن والصراط المستقيم فهو الشقي الأمة الإسلامية إذا عملت بهذا القرآن العظيم والسنة النبوية وحكم بكتاب الله و سنة  رسوله في كل شأن من شؤونها كان لها العزة والرفعة والسيادة و إذا ضيعه حصل على الخسارة والشقاء و لا حول ولا قوة إلا بالله والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه القرآن اسم بالحروف والمعاني و الألفاظ والمعاني ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف بل كلام الله الحروف والمعاني خلافا لأهل البدع الذين خالفوا ذلك فالقرآن اسم باللفظ والمعنى كلام الله اسم للفظ والمعنى ولا يتكلم به بحرف وصوت وسمعه منه جبرائيل ونزل به على قلب محمد ﷺ الكلام اسم للفظ والمعنى وقال بعض الناس الكلام اسم للمعنى دون اللفظ وقيل اسم للفظ دون المعنى وهذا باطل والطوائف المنحرفة خالفوا وقالوا كلام المنزل مخلوق قالت المعتزلة إن الكلام اسم للفظ والمعنى وكلام الله اسم للفظ والمعنى كما قال بعضهم بأنه مخلوق وهذا باطل والقرآن كلام منزل وغير مخلوق كما قالت أهل السنة وكفر من قال إن القرآن مخلوق قال من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر والتكفير هنا هو تكفير بالنوع لا بالعين أما الشخص المعين فلا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة فالأئمة قالوا من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر و المعتزلة  يقولون القرآن اسم للفظ والمعنى و الكلام اسم للفظ والمعنى ولكنه مخلوق هذا باطل وقالت الأشاعرة إن الكلام اسم للمعنى  لأن اللفظ ليس داخل في مسمى الكلام وقالوا إن كلام الله معنى قائما بنفسه ليس بحرف ولا صوت لا يسمع وهذا من أبطل الباطل من قالوا إن الكلام اسم للمعنى دون اللفظ وقالوا إن كلام الله هو معنى قول الرسل لا يشرع منه كالعلم كما  أن العلم قائم باللفظ لا يسمع فكذلك الكلام قائما بلفظه لا يسمع وقالوا إن جبريل لم يسمع من الله لا حرفا ولا صوتا ولكن الله  اضطر  جبريل ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر بهذا القرآن عبر به عبارة عبر به جبريل و إلا فإن الله  لم يتكلم لا بحرف ولا صوت الذي تكلم بحرف وصوت جبريل عبارة عبر بها عن كلام الله ثم اضطره الله ففهم المعنى القائم بنفسه وقالت طائفة من الأشاعرة الذي عبر به هو محمد و استدلوا بقوله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، وهو جبريل أخبر أن القرآن قوله قول رسول: ‏‏إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ۝ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ۝ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ فالقرآن قول جبريل وقال آخرون بل هو قول محمد عبر به محمد واستدلوا بقوله تعالى في سورة الحاقة: ‏‏إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ۝ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ۝ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ‏‏‏ وهذا قول باطل فالقرآن اسم للفظ والمعنى تكلم به بحرف وصوت بلفظ ومعنى و أما قوله هنا إنه لقول رسول كريم فالمراد هنا قوله المراد أنه هو المبلغ هو المبلغ عن الله قوله الرسول مبلغا عن الله وكذلك قوله  إنه لقول رسول كريم ۝ وما هو بقول شاعر لأنه مبلغ عن الله لأن النبي ﷺ مبلغ عن الله للأمة وقالت طائفة أخرى من الأشاعرة إن جبريل أخذ القرآن و اللوح المحفوظ ولم يسمع من الله كلاما وهذا باطل فهذه الأقوال كلها باطلة ولهذا إن الأشاعرة يقولون إن القرآن الذي نقرؤه في المصاحف يسمى كلام الله مجازا لا حقيقة والحقيقة إن القرآن كلام الله قائما بنفسه لكن هذا الذي نقرؤه في المصاحف عبارة عن تعبير جبريل ومحمد  وسمي كلام الله مجازا  لأن كلام الله يتأدى به سمي كلام الله لتأديه لأنه يتأدى به كلام الله  و إلا فليس المصحف كلام الله ولهذا فإنهم يهونون من شأن المصحف ولا يحترمونه لأنه ليس بكلام الله و إنما فيه عبارة عن كلام الله ما يتأدى به كلام الله وهذا باطل كلام ما قاله المعتزلة إن القران مخلوق أو وقيل إن القران اسم للفظ دون المعنى إن الكلام اسم للفظ دون المعنى و استدل الأشاعرة  على إن الكلام اسم للمعنى دون اللفظ قول الشاعر الأخطل النصراني :

إن الكلام لفي الفؤاد و إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا

إن الكلام لفي الفؤاد و إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا أي هذا الكلام في الفؤاد في القلب ما نطق أما اللسان فهو دليل , دليل على ما في القلب فكذلك القرآن دليل على ما في نفس الله من المعنى فقالوا كيف تستدلوا بقول نصراني !!  الأخطل نصراني والنصارى يضلوا في معنى الكلام النصارى كفار و يضلوا في معنى الكلام فكيف يستدل على معنى الكلام بقول نصراني ضل في معنى الكلام في مسألة النزاع يستدل  بمسألة النزاع فيها  بين المسلمين وبين النصارى بقول النصارى يستدل بقول منازع لا يستدل بقول منازع هل يستدلوا بقول نصراني قد ضل بمعنى الكلام على معنى الكلام فزعموا أن عيسى نفس كلمة الله وقالوا إن عيسى جزء من الله نعوذ بالله هذا كفر وضلال، قالوا إن عيسى نفس كلمة الله، و المسلمون يقولون إن عيسى مخلوق بكلمة الله كلام الله فعيسى ليس نفس الكلمة ولكنه مخلوق بالكلمة قال الله تعالى: إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ، فعيسى مخلوق بكلمة كن وليس هو كلمة كن !! ليس  هو الكلمة ولكن مخلوق بالكلمة قالوا النصارى إن عيسى نفس الكلمة فجعلوا عيسى جزء من الله نعوذ بالله وبذلك كفر النصارى صاروا كفار فكيف يستدل بقول نصراني قد ضل في معنى الكلام على معنى الكلام  فهل يستدل بقول نصراني قد ضل في معنى الكلام على معنى الكلام ويترك ما يدل على معنى الكلام من كلام الله وكلام رسوله ﷺ وما دلت عليه اللغة العربية وهكذا تبين إن القرآن هو كلام الله حروفه ومعانيه اللفظ والمعنى وليست الحروف وحدها دون المعاني و لا المعاني وحدها جميع الحروف والمعاني كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف يشير إلى إبطال المناهج الباطلة ليس كلام الله الحروف دون المعاني إبطال كما يقولون  المعتزلة وما شابههم  ولا المعاني دون الحروف كما يقوله الأشاعرة كلام الله الحروف والمعاني واللفظ  والكلام اسم للفظ والمعنى كما إن الإنسان اسم للجسد والروح الكلام اسم للفظ والمعنى قال اسم للفظ وهو  قول المعتزلة وقيل اسم للمعنى وهو قول الأشاعرة وقيل الكلام اسم لكل اللفظ والمعنى وهو قول بعض الأشاعرة.

والصواب أنه اسم للفظ والمعنى كما إن الإنسان اسم للجسد والروح يسمى الإنسان جسد وروح لا يسمى الإنسان جسد دون الروح ولا روح دون الجسد فكذلك الكلام اسم للفظ والمعنى والقرآن كلام الله لفظه ومعناه حروفه ومعانيه وقد جاء في بعض الأحاديث أن لفظ القرآن بأنه كلام الله منه بدأ و إليه يعود منه بدأ أن الله تكلم به و إليه يعود أي في آخر الزمان حينما يترك الناس العمل بالقرآن يرفع القرآن من الصدور  والمصاحف, قرب قيام الساعة ينزع القرآن من صدور الرجال, فلذلك يجب العمل به قبل قيام الساعة والقرآن كلام الله يقول المؤلف رحمه الله والقرآن كلام الله ، سمعت سفيان وهو سفيان ابن عيينة الإمام المشهور يقول : " القرآن كلام الله ، ومن قال مخلوق فهو مبتدع ،نعم من قال مخلقو فهذا قول المعتزلة يقولون القرآن اسم للفظ والمعنى إلا أنه مخلوق و هذا بدعة  فكفر الأئمة من قال إن القرآن مخلوق كالإمام أحمد وغيره قال من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر يعني بالنوع بالعموم لم يسمع أحد يقول هذا لم يسمع أحدا من أهل العلم يقول إن القرآن مخلوق و إنما قاله أهل البدع.

المتن:

قال المؤلف رحمه  الله: يعتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله لفظه ومعانيه منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وهو معجز دال على صدق من جاء به وهو معجز دال على صدق من جاء به قال وهو محفوظ إلى يومه ولاه الله يكلم به من يشاء متى شاء كيف شاء وكلامه حقيقة حرفا وصوت ولا نعلم كيفية ذلك ولم يخبر فيها

 

الشرح:

نعم هذا مذهب أهل السنة والجماعة القرآن كلام الله حروفه ومعانيه ألفاظ ومعاني و أن الله تكلم بما شاء كيف شاء متى شاء والكلام كلام الله صفة ذاتية فعليه فهو قديم النوع , يكلم الملائكة بما شاء ويكلم آدم يوم القيامة كما في الحديث الصحيح أن الله يقول يا آدم يقول لبيك وسعديك يقول أخرج بعض النار يقول و ما بعض النار يارب  يقول في كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعون ويكلم يوم القيامة فالكلام قديم النوع يعني أن الله لم يزل متكلما به و أنه كلام الله ليس ككلام  المخلوق بخلاف كلام المخلوق قال تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ، ما تكلم به و في آية الشعراء وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ.

المتن:

قال رحمه الله تعالى في رسالة عقيدة السلف أصحاب الحديث: يشير أصحاب الحديث يعتقدون أن القرآن كلام الله  وكتابه ووحيه وتنزيله غير مخلوق ومن قال بخلقه أو اعتقد فهو كافر والقرآن الذي هو كلام الله ووحيه هو الذي نزل به جبريل على الرسول قرآنا عربياً لقوم يعلمون ۝ بشيراً ونذيراً، كما قال : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ۝ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وهو الذي بلغه الرسول أمته كما أمر به في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فكان الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه ، وفيه قال : أتمنعونني أن أبلغ كلام ربي وهو الذي تحفظه الصدور أخرجه الترمذي في السنن وصححه وابن ماجه في السنن  وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسنة، ويكتب في المصاحف، كيفما تصرف بقراءة قارئ ولفظ لافظ وحفظ حافظ، وحيث تلي، وفي أي موضع قرئ أو كتب في مصاحف أهل الإسلام وألواح صبيانهم وغيرها.. كله كلام الله جل جلاله وهو القرآن بعينه وهوغير مخلوق؛ فمن زعم أنه مخلوق فهو كافر بالله العظيم.

 

الشرح:

نعم القرآن كلام الله حروفه ومعانيه كيفما تصرف فهو كلام الله حقيقة فإذا قرأه القارئ يقال قارئ كلام الله و إذا  حفظه الحافظ يقال حفظ كلام الله و إذا كتبه الكاتب يقال كتب الكاتب كلام الله يقال للمصحف كلام الله وهذا حقيقة لا مجازا ولو كان مجازا لصححه,  وقيل ما قرأ القارئ كلام الله ما كتب الكاتب كلام الله ما حفظ الحافظ كلام الله وهذا باطل بل هو حقيقة يقال إذا قرأ القارئ كلام الله فهو حقيقة قرأه ولو كتبه كلام الله حقيقة فالقرآن محفوظ في الصدور مقروء بالألسن مكتوب في المصاحف معلوم في القلوب كل هذا حقيقة حينما قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله فيما كتبه في رسالة سماها، فالقرآن كلام الله خلاف كلامنا وصفات الله كلها خلاف صفاتنا يسمع لا كسمعنا ويقدر لا كقدرتنا ويرى لا كرؤيتنا  ويتكلم لا ككلامنا فالقرآن كلام الله ليس ككلام المخلوقين ويقال للمصحف كلام الله المصحف فيه كلام الله وفيه خط القرآن وفيه الورق وفيه المداد ويقال المصحف فيه كلام الله وفيه خط وفيه المداد وفيه الورق وهذا كله حقيقة.

الشيخ

نعم ومن قال مخلوق فهو مبتدع

المتن:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وأما المنصوص الصريح عن الإمام أحمد وأعيان أصحابه وسائر أئمة السنة والحديث فلا يقولون مخلوقة ولا غير مخلوقة، ولا يقولون: التلاوة هي المتلو مطلقاً ولا غير المتلو مطلقاً، كما لا يقولون: الاسم هو المسمى ولا غير المسمى.
وذلك: أنَّ التلاوة والقراءة كاللفظ؛ قد يراد به مصدر تلا يتلو تلاوة وقرأ يقرأ قراءة ولفظ يلفظ لفظاً ومسمى المصدر هو فعل العبد وحركاته وهذا المراد باسم التلاوة والقراءة، واللفظ مخلوق، وليس ذلك هو القول المسموع الذي هو المتلو.
وقد يراد باللفظ الملفوظ وبالتلاوة المتلو وبالقراءة المقروء، وهو القول المسموع، وذلك هو المتلو، ومعلوم أنَّ القرآن المتلو الذي يتلوه العبد ويلفظ به غير مخلوق.
وقد يراد بذلك مجموع الأمرين.
فلا يجوز إطلاق الخلق على الجميع، ولا نفي الخلق عن الجميع.

 

الشرح:

القرآن كلام الله لكن لا يقال أن القرآن مخلوق ولا غير مخلوق لأن هذا مخالف لقول السلف ولهذا تواتر عن الإمام أحمد رحمه الله مقولته المشهورة قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال القرآن غير مخلوق فهو مبتدع هذا مشهور  عن الإمام أحمد من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع لأنه من قال لفظي بالقرآن مخلوق لأنه قد يراد اللفظ الملفوظ فيوافق الجهمية الذين يقولوا أنه مخلوق و إلا من قال غير مخلوق فهو مبتدع من أصحاب القول السلف, و الإمام البخاري في صحيحه بين أن أعمال العباد و حركاتهم وكذلك أفعالهم مخلوقة ولا منافاة بين قول الإمام البخاري وبين قول الإمام أحمد و أئمة السنة كلهم متفقون أن حركات العباد و أفعالهم و ألفاظهم و أدائهم مخلوقة و أما كلام الله غير مخلوق لكن الإمام أحمد رحمه الله أراد سد الباب سد الذريعة فلا يقال أنه مخلوق لفظا و لا معنى حتى لا يحصل في ذلك من تأول تأويلا باطلا و أما الإمام البخاري رحمه الله فإنه فصل وميز بينما قالوا بالعبد فهو مخلوق و لو قال بالرب فهو كلام صفة من صفاته ولهذا بين البخاري رحمه الله قال في كلام المخلوقين وحركاتهم و أدائهم وتوسلهم بعضهم وهو ساجد ومنافق و قراءتهم لا تجاوز حناجرهم المفهوم من ذلك أن أعمال العباد مخلوقة ومن ذلك ألفاظهم و لكن الإمام أحمد رحمه الله أراد سد الذريعة وقد حدثت فتنة في صفوف المحدثين في زمن  الإمام البخاري رحمه الله وهجر الإمام البخاري وسمي ذلك الحسد الذي حصل لبعض الناس و تعلق بالقول المجمل الذي قاله الإمام أحمد فاجتمع الأمرين القول المجمل الذي قاله الإمام أحمد والحسد الذي أصاب بعض الناس حصلت فتنة في صفوف المحدثين وهجروا الإمام البخاري وقالوا إنه مبتدع ولا منافاة بين قول الإمامين مذهب أهل السنة كلهم متفقون , متفقون على ما قاله العبد فهو مخلوق ألفاظه و أعماله وحركاته وما قاله الرب فكلام الله غير مخلوق لكن الإمام أحمد سد الذريعة ومنع القول بأن القرآن مخلوق سد للذريعة والبخاري فصل وبين أن ما قاله العبد فهو أفعاله وحركاته والعبد مخلوق بأفعاله وحركاته وما قاله الرب فهو صفة من صفاته نعم سفيان بن عيينة رحمه الله روي أنه  كفر من قال القرآن مخلوق كما ذكر الإمام أحمد رحمه الله أنه قال القرآن كلام الله من قال القرآن مخلوق فهو كافر ومن شك في كفره فهو كافر.

المتن:

قال الإمام الحميدي رحمه الله وسمعت سفيان يقول : "الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص"، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة : "يا أبا محمد ، لا تقول ينقص" ، فغضب وقال : "اسكت يا صبي ، بل حتى لا يبقى منه شيء".

 

الشرح:

نعم قال الحافظ رحمه الله سمعت سفيان يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص هذا قول أهل السنة والجماعة أن الإيمان مسماه القول والعمل و القول قسمان قول القلب وهو التصديق والإقرار و المعرفة وقول اللسان وهو النطق والكلام والعمل نوعان عمل القلب وهو النية والإخلاص والصدق والمحبة والخوف والرجاء وعمل الجوارح كالصلاة والصيام وغيره يزيد وينقص هذا  قول أهل السنة والجماعة خلاف المرجئة الذين يقولون الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان ويقولون إنه لا يزيد ولا ينقص و المرجئة قول باطل والقرآن والكلام الإيمان اسم للأقوال والأعمال اسم للقول والعمل ويزيد وينقص ثم قال سفيان بن عيينة الإيمان قول وعمل يزيد وينقص قال له أخوه: يا أبا محمد وهي كنية سفيان لا تقول ينقص "، فغضب وقال : "اسكت يا صبي ، بل حتى لا يبقى منه شيء وهذا ثابت عنه و المقصود هنا من باب التأكيد , التأكيد على هذا الأمر و أنه يزيد وينقص و الأدلة على أنه يزيد  وينقص كثيرة الأدلة على أنه يزيد كثيرة ليزدادوا إيماناً معَ إيمانهم و و يزداد الذين آمنوا إيمانا، و هُوَ الَّذي أَنْزَلَ السَّكينَةَ في قُلوبِ الْمُؤْمِنينَ لِيَزْدادوا إيماناً مَعَ إيمانِهِمْ، وقال سبحانه: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚفَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ،  فالإيمان يزيد و ينقص والكفر يزيد وينقص وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ,  وكل شيء يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية و الأئمة والصحابة وغيرهم كان يقول أحدهم اجلس بنا نؤمن ساعة فكانوا يذكرون الله ويقرؤون القرآن ويزداد إيمانهم و أما قول سفيان لأخيه يا صبي هذا من باب عند المشادة يحصل هذا الكلام للتأكيد وليس من باب الذم والعيب فكان عند مشادة الكلام من باب التأكيد قال بل حتى لا يبقى منه شيء يعني أنه ينقص ولا حتى يبقى منه شيء ومعلوم أن الإيمان أنه ينتهي بالكفر والمعاصي بالكفر إذا عمل الإنسان كفر أكبر يخرج من الملة أو شركا يخرج من الملة انتهى  الإيمان أما المعاصي فلو كثرت فلا تقضي على الإيمان بل لا بد أن يبقى شيء من الإيمان المعاصي ولو كثرت لا تقضي على الإيمان بل لابد أن يبقى شيء بقية حتى أنه يبقى في بعض المؤمنين الذين كثرت المعاصي عندهم أدنى حبة من خردل من الإيمان ويخرج بهذا الإيمان من النار لأنه بقي على التوحيد ولم يعمل كفرا يخرج من الملة ولكن المعاصي أضعفت هذا الإيمان حتى لم يبق إلا حبة من خردل وثبت في الحديث الصحيح بأنه يدخل النار قلة من أهل الكبائر الموحدين العصاة  يدخلون النار وهم موحدون مصلون ولا تأكل النار وجوههم بسبب الكبائر والمعاصي التي ماتوا عليها منهم من يموت مثلا على عقوق الوالدين  و إن كان مصلي موحد ومنهم من مات على قطيعة الرحم من غير توبة ومنهم من تعامل بالربا أو أكل الرشوة أو على الغيبة و النميمة أو على أكل مال الناس بالباطل فيعذبهم ويشفع الشفاعة فيهم وثبت أن النبي ﷺ يشفع أربع مرات للعصاة الموحدين كل مرة يحد الله لهم حدا يخرج بالعلامة, بالعلامة يخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان مثقال ذرة أدنى مثقال ذرة وفي المرة  الأخيرة يقول الله أخرج من كان في قلبه أدنى , أدنى , أدنى , أدنى مثقال حبة خردل من إيمان الإيمان يضعف حتى لا يبقى إلا هذا المقدار لكنه لا ينتهي وهذا الإيمان يخرج من النار لا يخلد في النار.

أما الكفر فإنه يقضي على الإيمان حتى لا يبقى منه شيء إطلاقا الكفر يخرج من الملة والنفاق والشرك ولهذا الكفرة يخلدون في النار ليس معهم شيء من الإيمان والتوحيد أما العصاة فيخرجون من النار بعد دخولهم فيها وكانوا  قد تفحموا وصاروا فحما,  ثم يخرجون منها على الجنة

المتن:

قال رحمه الله أخرجه ابن أبي مثنى وابن عبد البر في الإدانة واللاكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة والآجري في الشريعة والصابري في عقيدة السلف أخرجه اللاكائي في شرح اعتقاد أصول أهل السنة عن الأوزاعي رحمه الله أن سئل عن الإيمان أيزيد؟ قال: «نعم حتى يكون مثل الجبال»، قال: قلت: فينقص؟ قال: «نعم حتى لا يبقى منه شيء. أخرجه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة  عن الإمام أحمد أنه سئل  في زيادة الإيمان ونقصانه فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع وهذا هو الحق الذي يجب اعتقاده والثبات عليه والتواصل حتى الممات وهذا هو طريق السلف كما روى اللاكائي في اعتقاد أصول أهل السنة والجماعة  وكتب حماد بن زيد إلى جرير بن عبدالحميد قال: "بلغني أنك تقول في الإيمان بالزيادة، وأهل الكوفة يقولون بغير ذلك، أثبت على ذلك ثبتك الله".

 

الشرح:

نعم هذا هو الصحيح في قول أهل السنة والجماعة,  الإيمان قول وعمل وسنة يزيد بالطاعة وينقص بالآثام دليل ابن مالك رحمه الله أنه يزيد ولا ينقص لكنه رجع عن هذه الرواية ووافق أهل السنة و النصوص واضحة في زيادة الإيمان لكن النقص كل شيء يزيد فهو ينقص هذا لابد منه كل شيء يزيد فهو ينقص الحق أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص خلاف المرجئة فإنهم يقولون الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص وقد فصل أهل السنة و الأئمة الثالثة مالك والشافعي و أحمد وهو قول الصحابة سفيان ومن بعدهم أنه الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.

المتن:

قال الحميدي رحمه الله والإقرار بالرؤية بعد الموت

 

الشرح

نعم من أصول أهل السنة من عقيدة أهل السنة الإقرار بالرؤية بعد الموت المراد بالرؤية يعني رؤية الرب يوم القيامة بعد الموت وهذا أجمع عليه أهل السنة, أهل السنة والجماعة على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بيانا كأصحابهم وقد دلت على ذلك الآيات الكريمة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ والأحاديث كذلك الآيات الكريمة قوله تعالى, وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ, ناضرة الأولى من النضرة والبهاء والحسن إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ النظر بالعين ووجه الدلالة، كما قال ابن القيم رحمه الله وغيره أن الله تعالى أذاق النظر إلى الوجه الذي هو محله و أداه بأداة الإله الدالة على نظر العين التي في الوجه إلى الرب و أخر الكلام من قرينة  تدل على خلاف موضوعه وحقيقته فدل المراد النظر بالعين التي في الوجه للرب جل جلاله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وقال تعالى في سورة المطففين: كلا إنهم عن ربهم لمحجوبون، يعني الكفرة دلت الآية على أن المؤمنين يرون ربهم لأنه إذا حجب الكفرة دل على أن المؤمنون لا يحجبون و استدل قال الشافعي رحمه الله لما سئل عن هذه الآية: لما حجب الله قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا و إن كان المؤمنون لا يرون الله, ولما أخبر الله عن أعدائه أنهم يحجبون دل على أن أولياءه قال سبحانه: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ ، جاء تفسير هذه الآية في سورة يونس في حديث صهيب عن النبي ﷺ فسرها قال: الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم وكذلك تواترت الأحاديث دلت الأحاديث الصحيحة على رؤية المؤمنين لوجه الله يوم القيامة كما ثبت في الصحيح حديث جرير بن عبد الله البجلي أن النبي ﷺ نظر إلى القمر وقال: إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته(وفي حديث أبي موسى الأشعري في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، وفي حديث أبي هريرة: إنكم ترون ربكم كما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، وقد أنكر المعتزلة رؤية الله يوم القيامة قالوا إن المؤمنين لا يرون الله لا يرون إلا الجسم والله ليس بجسم و تأولوا أن الرؤية بالعلم قالوا إنكم ترون ربكم يعني تعلمون ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته يقولون المعنى أنكم تعلمون ربكم كما تعلمون أن القمر قمرا, وهذا باطل هذا ليس معنى الحديث أنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر , و أنكم تعلمون ربكم كما تعلمون القمر أنه قمر, هذا باطل وقالوا إن الرؤية تأتي بمعنى العلم لقوله تعالى: ألم ترا كيف فعل ربك بأصحاب الفيل،  يقولوا ألم تعلم نقول نعم الرؤية تأتي بمعنى العلم وتأتي بمعنى  الرؤية الحلم الذي يرى في المنام و تأتي بمعنى الرؤية بالبصر ولكن لا بد من قرينة تحدد المعنى وهناك قرينة أوضح من قوله ﷺ: إنكم ترون ربكم كما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب فيه أوضح من هذا !! هل يقال رؤية بالقلب: إنكم ترون ربكم كما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب والرؤية يرون ربهم يوم القيامة المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة ويرونه بعد دخول الجنة في الحديث الصحيح أن المؤمنين يرون ربهم أربع مرات يرون الله أربع مرات يرونه أولا ، ثم يتجلى لهم في غير الصورة التي يعرفون؛ فينكرون، يقولون: حتى يأتينا ربنا؛ فيتجلى في الصورة التي يعرفون؛ فيسجدون له، ثم يرفعون رؤوسهم، فيتجلى لهم؛ فيرونه كما رؤوه أول مرة، أربع مرات يرونه أولا ثم يرونه بعد ذلك في غير الصورة التي رؤوه فيها أول مرة, فينكرون ويقولون نعوذ بالله منك حتى يأتي ربنا عرفناك فيتجللى في الصورة التي يرونه فيها فيقول هل بيني وبينكم علامة فيقولون نعم، والعلامة هي كشف الساق يوم يكشف عن ساق وهذا بعد ذهاب الكفرة , الكفرة يتساقطوا في النار فيقال لكل أمة من تعبد من كان يعبد الصليب يعبد الصليب ومن كان يعبد النار يتبعها, وهكذا يتساقطون في النار كلهم فاليهود يتبعون ما عبدوا والنصارى يتبعون ما عبدوا ويتساقطون في النار وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها المنافقون بقوا لماذا !!  لأن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يصلون معهم فبقوا معهم فيتجلى الله لهم في غير الصورة التي رؤوه أول مرة فينكرون ثم يتجلى في الصورة التي يعرفون فيسجدون له ويسجد المؤمنون لربهم لأنه عرفوه فيريد المنافقون أن يسجدوا فلا يستطيعوا فيريدوا أن يسجدوا لا يستطيعون ما تساعدهم ظهورهم طبقة واحدة قال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ  ثم بعد ذلك يذهبون ومعهم النور المنافقون والمؤمنون ثم يسطع نور المنافقين ينطفئ نور المنافقين فيقولون للمؤمنين انظرونا  نقتبس من نوركم ما عندنا نور  انظرونا أي انتظروا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ. وظنوا أن الخداع ينفعهم حتى في موقف يوم القيامة نعوذ بالله فيحال بينهم وبين المؤمنين بسور له باب بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ فالمؤمنين يرون ربهم قبل دخول الجنة ويرونه بعد دخول الجنة على حسب أعمالهم وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ أنه قال: إنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا قَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا, قال العلماء الصلاة التي قبل طلوع الشمس هي الفجر والصلاة التي قبل غروبها هي العصر قالوا إن العناية والمحافظة على هاتين الصلاتين من أسباب رؤية الله فكل يرى ربه على حسب الأعمال منهم  من يرى ربه بكرة وعشيا نسأل الله من فضلة ورؤية المؤمنين نعيم بل أعظم نعيم لأهل الجنة هو رؤية الله و إذا كشف الحجاب عنهم كشف الرب الحجاب عن المؤمنين ورؤوه نعيم أما في الدنيا فاتفق العلماء على أن الله لا يراه أحد في الدنيا ,خلاف للصوفية يقول بعض أهل الصوفية يقول أن الكفرة  أنه يرى و يكسوه الخضرة لعله يكون فيه الله تعالى الله عما يقولون هذا الكفرة لكن الحق أجمعت الأمة على الله لا يراه أحد في الدنيا إلا نبينا محمد ﷺ فاختلفوا في رؤيته لربه ليلة المعراج في السماء و اتفقوا على أنه يراه في الأرض ولم يره أحد غيره اتفقوا على أن المؤمنين لا يراه أحد في الدنيا إلا نبينا محمد ﷺ و اتفقوا على أنه يرى ربه في الأرض و اختلفوا في رؤيته ليلة المعراج فقيل قالت طائفة إن نبينا محمد ﷺ ليلة المعراج رفع إلى أعلى سدرة المنتهى فسمع كلام الله ورأى الله والقول الثاني لأهل العلم أنه سمع كلام الله و أنه لم يرى الله محجوب و قد ورد في النصوص أنه رأى الله روي عن ابن عباس و استدلوا من قال أنه رأى الله استدلوا  وروى ابن عباس أنه قال للرسول هل رأى محمد ربه قال نعم وروي عنه أنه رآه بفؤاده وكذلك روي عن الإمام أحمد أن النبي ﷺ رأى ربه بفؤاده قال ابن عباس في قوله تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، هي رؤية النبي ﷺ لربه بعينه.

والصواب في هذه المسألة أن النبي ﷺ لم ير ربه ليلة المعراج بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه فالصواب أن النبي ﷺ لم ير ربه بعين رأسه بل بعين قلبه وهذا قول الحق فيه والأدلة على هذا كثيرة منها ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر عن النبي ﷺ قال: هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نورا  وفي لفظ: نور أنى أراه، يعني الحجاب نور أنى أراه يعني كيف أراه والحجاب يمنعني من رؤيته رأيت نورا يعني احتجب الله بالنور ويدل على ذلك حديث أبي موسى الأشعري في صحيح مسلم أن الرسول ﷺ قال : إِنَّ اللَّهَ لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يُخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ الْلَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لأَحْرَقَتِ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُ من خلقه .  فكلمة من خلقه يدخل فيها النبي ﷺ فلو كشف الحجاب احترق الخلق والرسول ﷺ من الخلق ولا ثبت أن أحدا رأى الله في الدنيا وهذا هو الصواب وهو قول المحققين وجمع من الصحابة وقول عائشة لمسروق لما سألها قال: رأى محمد ربه !! قالت: لقد قف شعري مما قلت ثم قالت من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب وهذا هو الصواب أن محمدا لم ير ربه لأن الله تعالى احتجب عن خلقه و الخلق يحترقون ولم يثبت أن أحدا رأى الله في الدنيا موسى طمع في روية ربه قال ربي أرني أنظر إليك كما قال تعالى في سورة الأعراف قال موسى قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ماذا قال الله قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ماذا حصل للجبل !!! جَعَلَهُ دَكًّا ذاب الجبل وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ من غشيته قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أنه لا يراك أحد إلا مات ولا جبل إلا تدهده فالجبل لم يثبت لرؤية الله قال بعض المفسرين: إن الله تجلى الجبل بمقدار الخنصر فتجلى الجبل فاندك الجبل فلم ير الله أحد في الدنيا لأن البشر لا يستطيعون رؤية الله في الدنيا ولكن يوم القيامة ينشؤون نشأة قوية فيتحملون فيها رؤية الله الرؤية نعيم والنعيم خاص بأهل الجنة وما ورد من الآثار في رؤية النبي ﷺ كما جمع ذلك المحققون و ابن تيمية فقد ورد في الآثار أن النبي ﷺ رأى ربه ليلة المعراج ووردت أثار أنه لم ير ربه والجمع بينما أن الآثار التي رويت أنه رأى ربه  محمولة على رؤية الفؤاد بعين فؤاده والآثار التي رويت أنه لم ير ربه محمولة على رؤية البصر وبذلك تجتمع الأدلة ولا تختلف من قال من السلف أن النبي رأى ربه فهو رآه بقلبه ومن قال لم يره فهو لم يره بعينه وكذلك لما قال ابن عباس أن النبي ﷺ رآه هذا محمول على رؤية الفؤاد دليل على أنه رآه بالفؤاد وهذا مطلق مقيد, كذلك ما روي عن الإمام أحمد قال أنه رآه هذا مطلق دليل أنه رآه بفؤاده فيكون مطلقا مقيد وبذلك تجتمع الأدلة ولا تختلف.

ويكون الصواب ما جمعه المحققون أن النبي ﷺ لم ير الله ليلة المعراج بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه.

المتن:

قال رحمه الله: قال المعلق: أجمع أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى يرى يوم القيامة في الجنة يراه المؤمنون عيانا بأبصارهم كما ترى الشمس والقمر إذا لم يكن دونهم حائل من غير أن يلحقهم مشقة في الحصول على هذه الرؤية و الأدلة على هذا في الكتاب والسنة صريحة لا تحتمل التأويل وصحيحة  لا تحتمل الرد ولم يتعرض لتأويلها أو ردها إلا المعتزلة و الجهمية والخوارج ومن تبعهم في الإلحاد عن الصواب ومن الأدلة الواردة في القرآن على حصول الرؤية للمؤمنين في الجنة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ. وقد بين الحافظ ابن القيم  رحمه الله تعالى وجه الدلالة في هذه الآية على الرؤية قال: "ووجه ذلك لأنه أضاف النظر إلى الوجه الذي هو محله في هذه الآية وتعديته بأداة إلى الصريحة في نظر العين، وأخلاء الكلام من قرينة تدل على أن المراد بالنظر بالعين التي في الوجه إلى الرب على خلاف حقيقته و موضوعه صريح أن الله سبحانه وتعالى أراد بذلك النظر العين التي بالوجه إلى نفس الرب جل جلاله وأخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا: لا يا رسول الله ، قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست فيه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله  قال: فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة، وقال من كان يعبد شيئا فاليتبعه,الحديث,  أجمع أهل الحق و اتفق أهل التوحيد والصدق أن الله تعالى يُرى في الآخرة جاء في كتابه وصححه الرسول الأمين ﷺ و اكتفى بالاعتقاد ابن قدامة

 

الشرح:

نعم الذين أنكروا  الرؤية الجهمية والمعتزلة والخوارج المعتزلة أنكروا رؤية الله يوم القيامة و أنكروا العلو و أنه فوق السماوات و أهل السنة أثبتوا علو الله فوق خلقه والخوارج صاروا بين هذا وهذا مع الأشاعرة بين أهل السنة وبين المعتزلة من كذبهم صاروا بين و بين فهم  وافقوا المعتزلة في إنكار العلو ووافقوا أهل السنة في إثبات الرؤية قالوا إنه يرى لا في جهة أرادوا أن يكونوا مع المعتزلة في إنكار العلو فقالوا ليس في جهة و أرادوا أن يكونوا مع أهل السنة في إثبات الرؤية فأشكل عليهم ذلك فنزلوا إلى حجة السفسطائية و أنها حجة بحجة وقالوا إن الله يرى لا في جهة قيل لهم كيف يرى !! من فوق قالوا لا من تحت!! قالوا لا أمام ! قالوا لا خلف!! قالوا لا يمين !! قالوا لا شمال !! قالوا لا قالوا  أين يرى قالوا في جهة وهذا غير معقول ولهذا ضحك جمهور العقلاء من إثبات الأشاعرة للرؤية و إنكارهم للجهة لأن الرؤية لابد أن تكون من جهة للرائي المرئي لا بد أن يكون من جهة للرائي لا بد أن يكون مواجها له إثبات جهة بدون رؤية بدون مواجهة هذا غير معقول وكذلك الكلام , الكلام قال المعتزلة قالوا اللفظ والمعنى مخلوق و أهل السنة قالوا اللفظ والمعنى كلام غير مخلوق و الأشاعرة بين وبين قالوا الكلام لفظه  مخلوق كما قال المعتزلة والمعنى غير مخلوق كما قال أهل السنة فصاروا مذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء ولهذا يسمون خنثى لا ذكر ولا أنثى, والصواب الذي عليه أهل الحق هو إثبات رؤية الله يوم القيامة وصفة العلو و أن ربهم من فوقهم فلا بد من إثبات العلو والرؤية و أنهم يرون الله من فوقهم , فمن حديث جابر و إن كان فيه بعض الشيء: بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : سلام عليكم يا أهل الجنة . فأشرف عليهم من فوقهم هنا إثبات الرؤية و إثبات العلو و إثبات الكلام.
نقف على هذا.
وفق الله الجميع على طاعته

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد