بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الثالث: بيان معنى "لا إله إلا الله وما يناقضها من الشرك في العبادة".
الرسالة الثالثة والعشرون.
في الدرر السنية المجلد الثامن، صفحة ثلاثة وتسعون.
(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد بن عبد الوهاب، إلى ثنيان بن سعود، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:
سألتم عن معنى قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)[محمد: 19].
وكونها نزلت بعد الهجرة، فهذا مصداق كلامي لكم مرارًا عديدة، أن الفهم الذي يقع في القلب، غير فهم اللسان، وذلك: أن هذه المسألة من أكثر ما يكون تكرارًا عليكم، وهى التي بُوب لها الباب الثاني، في كتاب التوحيد، وذلك.
(الشرح)
باب: فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، هذا إن كان المقصود كتاب التوحيد للإمام.
(المتن)
وذلك أن العلم لا يسمى علمًا إلا إذا أثمر، وإن لم يثمر فهو جهل، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فاطر: 28].
وكما قال عن يعقوب: (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ)[يوسف: 68].
(الشرح)
(وذلك أن العلم لا يسمى علمًا إلا إذا أثمر) وإثماره العمل، العمل بالعلم هذا ثمره، أما إذا كان علم بدون عمل ما ينفع، إبليس يعلم ولكن ما في عمل، فرعون يعلم، قال له موسى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯭ)[الإسراء/ 102].
لكن لم يعمل بعلمه، ما أثمر العمل، لابد من العمل، الفرق بين المؤمن والكافر هو العمل، الكافر يعلم، لكنه لا يعمل ولا يتبع، ولا ينقاد، والمؤمن يعلم ويعمل وينقاد؛ فالانقياد والعمل هو الثمرة.
(المتن)
وذلك أن العلم لا يسمى علمًا إلا إذا أثمر.
يقول الاتحاد في المصورة "إلا إذا أثمر العمل".
(الشرح)
هذا الصواب إذا أثمر العمل.
(المتن)
وذلك أن العلم لا يسمى علمًا إلا إذا أثمر العمل، وإن لم يثمر فهو جهل، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فاطر: 28].
وكما قال عن يعقوب: (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ) [يوسف: 68].
(الشرح)
القارئ: في وجه الآية الثانية يا شيخ.
الشيخ: ها؟
القارئ: الآية الثانية غير..
الشيخ: هو هنا لذو علم، يعني سماه علم، لأنه أثمر العمل، لو لم يثمر العمل ما سماه علمًا؛ كان جهلًا، نعم (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯩ) [فاطر/ 28].
فالخشية هي ثمرة العلم، وصفهم بالخشية، ومن لم يخشى الله لا يسمى عالم، ولهذا قال: كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من أطاع الله فهو عالم: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯩ)[فاطر/ 28].
الخشية ليست عمل، الخشية هي تقوى الله وأداء حقوقه، واتقاء عذاب النار، بالتوحيد، والبعد عن الشرك وأداء الواجبات، هذه الخشية؛ فإذًا العلماء الذين وصفهم الله بالخشية أثمر علمهم العمل وهي الخشية؛ فلذلك يعقوب: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯽ) [يوسف/ 68]؛ يعني: أنه يعمل بعلم، ذو علم نافع.
(المتن)
والكلام في تقرير هذا ظاهر، والعلم هو الذي يستلزم العمل، ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال.
(الشرح)
يعني: العلم الصحيح، العلم النافع هو الذي يستلزم العمل.
(المتن)
ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلًا لا ينضبط، وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم؛ فيكفيك في هذا.
(الشرح)
الشيخ: ماذا؟ بسبب تفاضلهم في العمل بالعلم؟
القارئ: لا؛ بل في العلم.
الشيخ: ومعلوم أعد.
القارئ: وكل ذلك.
(المتن)
ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلًا لا ينضبط، وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم؛ فيكفيك في هذا استدلال الصديق على عمر، في قصة أبي جندل.
(الشرح)
يعني: تفاضلهم في العمل بسبب تفاضلهم في العلم، يعني هذا يعمل وذاك لا يعمل، فالذي يعمل بسبب علمه، مثل ما مثل الشيخ رحمه الله، أبو بكر رضي الله عنه قاتل من فرق بين الصلاة والزكاة، لعلمه أن الزكاة من حقوق لا إله إلا الله، وعمر قال: لما تقاتل من أقر بكلمة التوحيد؟ لأنه لم يعلم أن الزكاة من حقوق لا إله إلا الله، فأبو بكر عمل وعمر لم يعمل بتفاضلهم في العلم، أبو بكر عمل مثال المرتدين؛ لأنه يعلم أنه من حقوقها، وعمر أراد من أبي بكر ألا يقاتل من فرق بينهم؛ لأنه لم يعلم أنها من حكم لا إله إلا الله؛ فبين له أبو بكر، فانشرح صدره لذلك.
فإذًا تفاضلهم في العمل بسبب تفاضلهم في العلم، هذا يعمل تجد إنسان مثلًا يصلي الضحى، يعلم أنها سنة، وشخص آخر ما يعرف ما يصلي الضحى، لما لا تصلي؟ قال: ما أدري هو في صلاة ضحى؟ لأنه ما عنده علم، تفاضلوا في العمل ولا ما تفاضلوا؟ هذا يعمل لأنه عنده علم، وهذا ما يعمل؛ لأنه ليس عنده علم، فتفاضلهم في العمل بحسب تفاضلهم في العلم.
(المتن)
فيكفيك في هذا استدلال الصديق على عمر في قصة أبي جندل، مع كونها من أشكل المسائل التي وقعت، في الأولين والآخرين.
(الشرح)
هذه قصة ثانية، غير قصته في قتال منع الزكاة.
(المتن)
في قصة أبي جندل مع كونها من أشكال المسائل التي وقعت في الأولين والآخرين شهاد، وفي المصور يقول: بشهادة أن محمدًا رسول الله.
وسر المسألة: العلم بلا إله إلا الله; ومن هذا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[البقرة: 106-107].
فإن العلم بهذه الأصول الكبار، يتفاضل فيه الأنبياء فضلًا عن غيرهم; ولما نهى نوح بنيه عن الشرك، أمرهم بلا إله إلا الله، فليس هذا تكرارًا.
بل هذان أصلان مستقلان كبيران، وإن كانا متلازمين، فالنهي عن الشرك يستلزم الكفر بالطاغوت، ولا إله إلا الله الإيمان بالله، وهذا وإن كان متلازمًا، فيوضحه لكم الواقع، وهو: أن كثيرًا من الناس يقول: لا أعبد إلا الله، وأنا أشهد بكذا، وأقر بكذا، ويكثر الكلام، فإذا قيل له: ما تقول في فلان وفلان، إذا عبدا أو عُبدا من دون الله؟ قال: ما علي من الناس، الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه.
فمن أحسن الاقتران: أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت.
(الشرح)
ومن يكفر بالطاغوت يؤمن بالله.
(المتن)
فبدأ بالكفر بالطاغوت على الإيمان بالله، وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد النهي عن الشرك.
(الشرح)
(ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭹ) [الأعراف/ 59].
(المتن)
مع أن في الوصية بلا إله إلا الله ملازمة الذكر بهذه اللفظة، والإكثار منها.
والإكثار منها ويتبين عظم قدرها، كما بين صلى الله عليه وسلم فضل سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[الإخلاص: 1] على غيرها من السور، ذكر أنها تعدل ثلث القرآن مع قصرها، وكذلك حديث موسى عليه السلام، فإن في ذكره ما يقتضي كثرة الذكر بهذه الكلمة، كما في الحديث «أفضل الذكر: لا إله إلا الله» والسلام.
(الشرح)
الشيخ: في قصة أبي جندل إيش يقول في الأول؟ في قصة أبي جندل؟
القارئ: ما ذكر شيء.
الشيخ: لا الذي قبله.
القارئ: قبلها؟
الشيخ: ماذا ذكر قصة أبي جندل ماذا قال؟
(المتن)
والكلام في تقرير هذا ظاهر، والعلم هو الذي يستلزم العمل، ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلًا لا ينضبط، وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم، فكيفيك في هذا استدلال الصديق على عمر في قصة أبي جندل، مع كونها من أشكل المسائل التي وقعت في الأولين والآخرين، بشهادة أن محمدًا رسول الله.
وسر المسألة العلم بلا إله إلا الله، ومن هذا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[البقرة: 107].
فإن العلم بهذه الأصول الكبار، يتفاضل فيه الأنبياء فضلًا عن غيرهم; ولما نهى نوح بنيه عن الشرك، أمرهم بلا إله إلا الله، فليس هذا تكرارًا.
بل هذان أصلان مستقلان كبيران، وإن كانا متلازمين، فالنهي عن الشرك يستلزم الكفر بالطاغوت، ولا إله إلا الله الإيمان بالله، وهذا وإن كان متلازمًا، فيوضحه لكم الواقع، وهو: أن كثيرًا من الناس يقول: لا أعبد إلا الله، وأنا أشهد بكذا، وأقر بكذا، ويكثر الكلام، فإذا قيل له: ما تقول في فلان وفلان، إذا عبد أو عُبد من دون الله؟ قال: ما علي من الناس، الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه.
فمن أحسن الاقتران: أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت، فبدأ بالكفر به على الإيمان بالله، وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد النهي عن الشرك، مع أن في الوصية بلا إله إلا الله ملازمة الذكر بهذه اللفظة، والإكثار منها، ويتبين عظم قدرها، كما بين صلى الله عليه وسلم فضل سورة: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[الإخلاص:1] على غيرها من السور، ذكر أنها تعدل ثلث القرآن مع قصرها.
(الشرح)
لأنها صفة الرحمن.
(المتن)
وكذلك حديث موسى عليه السلام، فإن في ذكره ما يقتضي كثرة الذكر بهذه الكلمة.
(الشرح)
حديث موسى، قال: «ربِ علمني دعاء أذكرك به، فقال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، قال: ربِ علمني دعاء أذكرك به، فقال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا، أريد شيء تخصني به، فقال الرب عز وجل: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعن في كفة، ولا إله إلا الله في كفة؛ مالت بهن لا إله إلا الله» يعني: رجحت.
(المتن)
كما في الحديث «أفضل الذكر: لا إله إلا الله» والسلام.
(الشرح)
طالب: (...)
الشيخ: ما أذكر سنده، معناه صحيح، لكن ما أذكر سنده، «أفضل الذكر لا إله إلا الله» يعني: بعد القرآن، أفضل الذكر كلام الله، ثم بعده كلمة التوحيد.