بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة السابعة والعشرون توجد فِي الدرر السنية فِي المجلد الثَّانِيَ الصفحة الثامنة والعشرين، وله أَيْضًا رحمه الله تعالى وعفا عنه.
(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلَى من يصلُ إليه من المسلمين، هدانا الله وإياهم لدينه القويم، وسلوك صراطه المستقيم، ورزقنا وإياهم مِلَّة الْخَلِيلَيْنِ محمد وإبراهيم.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد: ...
قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)[الأنفال: 39].
وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران:103].
وقال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ)؛ إِلَى قوله: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)[الشورى:13].. الآية.
يَجِبُ عَلَى كُلّ إنسان أَنْ يخاف الله والنار، أَنْ يتأمل كلام ربه الَّذِي خلقه، هَلْ يحصل لأحد من النَّاس أَنْ يدين الله بغير دين النَّبِيّ r في قوله تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ)[النساء:115].. الآية. ودين النَّبِيّ r التوحيد؛ وَهُوَ معرفة لا إِلَهَ إِلاَّ الله محمد رسول الله.
(الشرح)
يَعْنِي معرفه معناها والعمل بمقتضاها، تعرف معناها، وَأَنَّ معناها إثبات العبادة لله ونفيها عما سواه، لا إله إلا الله، ليس المراد قولها بِاللِّسَانِ فقط، بَلْ لَابُدَّ من معرفة معناها والعمل بمقتضاها، مقتضاها أداء الحقوق والواجبات، وترك المحرمات.
(المتن)
وَهُوَ معرفة لا إِلَهَ إِلاَّ الله، محمد رسول الله، والعمل بمقتضاهما. فَإِنْ قِيلَ: كل الناس يقولونها، قيل: منهم من يقولها، ويحسب معناها: أَنَّهُ لا يخلق إِلاَّ الله، ولا يرزق إلا الله، وأشباه ذَلِكَ.
(الشرح)
يَعْنِي فسرها بتوحيد الربوبية للأشاعرة والصوفية بمعنى لا إِلَهَ إِلاَّ الله لا خالق إلا الله، وهَـذَا باطل، لو كان معناها لا إله إلا الله, لو كان معنى لاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله لاَّ خالق إِلاَّ الله لصار كفار قريش مسلمين؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: خالق إِلاَّ الله، لَـكِنَّ معناها لا معبود حَقٌ إلا الله، يَعْنِي المعبود بالحق هُوَ الله، وبهذا تكون هَذِهِ الكلمة تنفي الشِّرْك، ويتبين عظمة هَذِهِ الكلمة.
(المتن)
ويحسب معناها: أَنَّهُ لاَّ يخلق إِلاَّ الله، ولا يرزق إلا الله، وأشباه ذَلِكَ, ومنهم من لا يفهم معناها. ومنهم من لا يعمل بمقتضاها. ومنهم من لا يعقل حقيقتها. وأعجب من ذَلِكَ: من عرفها من وجه، وعاداها وأهلها من وجه.
(الشرح)
ثلاث أقسام: منهم من لا يعرف معناها ( لا إِلَهَ إِلاَّ الله)، ومنهم من يعرف المعنى ولا يعمل بمقتضاها.
(المتن)
ومنهم من لاَّ يعقل حقيقتها. وأعجب من ذَلِكَ: من عرفها من وجه، وعاداها وأهلها من وجه. وأعجب منه: من أحبها، وانتسب إِلَى أهلها، ولم يُفَرِّقُ بين أوليائها وأعدائها. يا سبحان الله العظيم! أتكون طائفتان مختلفتين فِي دين واحد، وكلهم على الحق؟! كلا والله! فماذا بعد الْحَقّ إلا الضلال.
فَإِنْ قِيلَ: التوحيد زين، والدين حق، إلا التكفير والقتال، قيل: اعملوا بالتوحيد ودين الرسول، ويرتفع حكم التكفير والقتال. فَإِنْ كان حق التوحيد الإقرار به، والإعراض عن أحكامه، فضلاً عن بغضه ومعاداته، فهذا والله عين الكفر وصريحه. فمن أشكل عليه من ذلك شيء، فليطالع سيرة محمد r وأصحابه.
والسلام عائد عليكم كما بدأ، ورحمة الله وبركاته.
(الشرح)
رحمه الله