شعار الموقع
شعار الموقع

أصول السنة للحميدي (04) من قوله "وما نطق به القرآن والحديث" – إلى نهاية الكتاب

00:00

00:00

تحميل
73

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ أبي بكر عبد الله الزبير ابن عيسى الأسدي الحميدي رحمه الله في كتاب أصول السنةنفع الله بعلمنا وعلم شيخنا وغفر الله لهماولجميع المؤمنين والحاضرين والسامعين قال :

المتــن:

وما نطق به القرآن والحديث مثل : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ، ومثل والسموات مطويات بيمينه ، وما أشبه هذا في القرآن والحديث لا نزيد فيه ولا نفسره ، نقف على ما وقف عليه القرآن والسنة.

 

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله: وما نطق به القرآن والحديث مثل: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ، ومثل والسموات مطويات بيمينه ، وما أشبه هذا من القرآن والحديث لا نزيد فيه ولا نفسره ، نقف على ما وقف عليه القرآن والسنة.

مقصود المؤلف رحمه الله من قوله: وما نطق به القرآن والحديث يعني في آيات الصفات والأسماء نسبة الأسماء والصفات لله وهي على أهل السنة والجماعة وهي إثبات الأسماء والصفات لله التي أثبتها الله لنفسه و أثبتها له رسوله ﷺ سواء وردت هذه الصفات في القرآن الكريم أو في الأحاديث النبوية نثبتها لله ونثبت المعنى وننفي الكيفية هذه هي طريقة السلف الصالحإثبات بلا تمثيل وينفون النقائص عن الله بلا تحريف فهم يتجنبون في باب الإثبات التمثيل والتكييف، ويتجنبون في باب النفي التحريف والتعطيل و يمرون النصوص كما جاءت مع إمرارهايعني الإيمان بها و إثبات معانيها و أما الكيفية فإنهم يولونها إلى الله الله تعالى أثبت لنفسه السمع, البصر، والعلم والقدرة والإرادة والمحبة والاستواء والعز والعلو و الكبرياء والعظمة و كذلك الأسماء أثبتها لنفسه، وكل اسم فهو مشتمل على صفة فأخبر سمى نفسه الرحمن و أنه الرحيم و أنه ملك و أنه قدوس السلام المؤمن المهيمن , العزيز, الجبار , المتكبر , الخالق, البارئ, المصور ثم سمى بنفسه وكلاسم مشتمل على صفة اسم العليم مشتمل على صفة العلم , الرحيم مشتمل على صفة الرحمة , القدير مشتمل على صفة القدرة , وهكذا بخلاف الصفات صفة الرضا صفة الغضب لا يشتق منها شيء ولا يجعل منها أسماء مستقلة مثل صفة الاستواء المستوي أو صفة الرضا الراضي أو صفة الغضب الغاضب لا .

تثبت الصفات كما جاءت و أما الأسماء فإنها مشتملة على معاني و أن أسماء الله ليست جامدة مشتقة و طريقة السلف والصحابة والتابعين ومن بعدهم أهل السنة والجماعة يثبتون الأسماء و الصفات لله  إثباتا بلا تمثيل لا تمثيل لصفات و لا نقول إن صفة اللهمثل صفة المخلوق ولا تكييف بلا تمثيل ولا تكييف لا نكيف نقول كيفية صفة الله كذا وكذا يثبتون الصفات بلا تمثيل ولا تكييف وينفون عنه النقائص والعيوب نفيا بلا تحريف ولا تعطيل للصفات بلا تحريف لألفاظها ولا معانيها ولا تعطيل للصفات ولا يلحدون في أسماء الله و آياته أو عن الحق للباطل و أن الله تعالى ذم الذين يلحدون في آياته قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير. وقال سبحانه: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، فالأسماء و الصفات تثبت لله تثبت المعاني معاني الصفات وتنفى الكيفية ولا يسأل عنها ثبت عن الإمام مالك إمام دار الهجرة النبوية جاءه رجل فسأله وهو في الدرس عن قول الله قال يا مالك: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، كَيْفَ اسْتَوَى؟ فتوقف الإمام مالك مليا حتى علته الرحلاء فقرأ عليه السائل ثم قالَ: "الاسْتِواءُ معلوم ، وَالْكَيْفُ مجهول وَالإيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِالرَّجُلِأن يخرج من عنده , وهذه المقالة تلقتها السلف عن الإمام مالك وقول الإمام مالك الاستواء معلوم يعني معلوم في اللغة العربية فإن الاستواء له أربع معاني : أي استقر وصعد وعلا و ارتفع وهذه المعاني الأربع اللغوية, والاستواء عليها تدور تفاسير السلف ولا تخرج عنها، كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله :

فلهم عبارات عليها أربع قد حصلت للفارس الطعان
وهي استقر وقد علا وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد صعد الذي هو رابع وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره أدري من الجهمي بالقرآن

يعني أبو عبيدة والمثنى اختار المعنى الرابع صعد استقر وعلا وصعد و ارتفع .

فالله تعالى مستوي على العرش استواء حقيقيا بهذه المعاني الأربع استواء يليق بجلاله و عظمتهولا نعلم الكيفية و أنكروا وقالوا جميع الصفات العلو معلوم العلو, فالله تعالى في العلو له صفة العلو وهو العلي العظيم.

فالعلو معلوم والكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة وهو العليم الحكيمإثبات العلم لله يقال العلم معلوم ضد الجهل في اللغة العربية و الكيف مجهول و الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة هذه طريقة السلف و أهل السنة والجماعة يثبتون الصفة لله إثباتا بلا تمثيل ولا تكييف لا يمثلون أسماء الله وصفاته بأسماء المخلوقين وصفاتهم ولا يكيفونه على كيفية كذا وينزهونه عما لا يليق بجلالته وعظمته بلا تحريف ولا تعطيل بلا تعطيل للأفعال ولا تعطيل للمعاني فيثبتون صفة السمع صفة البصر صفة العلم صفة القدرة صفة اليد صفة الوجه و الأسماء والصفات توقيفية هذه قاعدة عند أهل العلم الأسماء والصفات توقيفية ومعنى توقيفية أنه يوقف بها عند النصوص فما ثبت في النصوص في الكتاب والسنة إثباته للأسماء والصفات نثبته وما نفي عن الله في الكتاب والسنة ننفيه عن الله وما لم يرد نفيه ولا إثباته نتوقف فيه لا نثبته ولا ننفيه.

والناس ثلاثة أقسام تجاه الأسماء والصفات ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أهل الحق الصحابة والتابعون ومن بعدهم أثبتوا الأسماء والصفات لله كما يليق بجلاله وعظمته أثبتوا المعاني معاني الصفات صفة العلم معلوم ضد الجهل و القدرة ضد العجز والاستواء هو الاستقامة والصعود والعلو و الارتفاع العلو ضد السفل والكيف مجهول كيفية قدرة الله كيفية سمعه كيفية استوائه مجهول لا يعلمها إلا الله لا يعلم الكيفية إلا الله لا نعلمها و الإيمان من صفاته لأن الله وصف به نفسه والرسول سماه برسوله والسؤال عن الكيفية بدعة وهو خروج عن السلف.

الطائفة الثانية : المعطلة الذين عطلوا أسماء و صفاته وهم ثلاث طوائف معطلة تعطيلا كليا وهم الجهمية الذين نفوا الأسماء والصفات نفوا أسماء الله وصفاته فلم يثبتوا لله شيئا قالوا ليس بالسمع ولا بالبصر ولا بالقدرة ولا بالألفاظ ولا المعاني وقالوا إن هذه الأسماء والصفات التي وردت في النصوص ليست أسماء لله و إنما أسماء لمخلوقاته لكنها أضيفت إلى الله للتشبيه والتكريم بأسماء مخلوقاته للتشبيه والتكريم، وأشد منهم تعطيلا وهم الغلاة النقيضين يقولون ليس بسميع ولا ليس بسميع لا عليم ولا ليس بعليم لا قدير ولا ليس بقدير لا سميع ولا ليس بسميع هؤلاء هم الغلاة الملاحدة وهؤلاء الملاحدة.

الطائفة الثانية: المعتزلة الذيننفوا الصفات و أثبتوا الأسماء مثل السميع البصير العليم لكن ليس لها معاني سميع بلا سمع يقولون بصير بلا بصر قدير بلا قدرة ما لفائدة من أسماء بلا معاني الطائفة الأخرى الأشاعرة المعطلة عطلوا تعطيلا جزئيا أثبتوا سبع صفات الحياة والكلام والبصر والسمع والعلم والقدرة و الإرادة ونفوا بقية الصفات، أثبتوا الأسماء وسبع صفات فقط هؤلاء هم المعطلة الطائفة الأخرى هم المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه ومثلوا بصفاته بصفات المخلوقين فيقول أحدهم لله يد كيدي و استواء كاستوائي وعلم كعلمي وقدرة كقدرتي وهؤلاء المشبهة أكثرهم من غلاة الشيعة كالبيانية ينسبون إلى بينان بن سمعان التميمي والسالمية الذين ينسبون إلى هشام بن سالم الجواليقي كل هؤلاء من الشيعة والمعطلة الذين عطلوا أسماء الله وصفاته طائفة كافرة وكذلك المشبهة طائفة كافرة فهما طائفتان كافرتان والمعطلة في الحقيقة لم يثبتوا إلها ولم يثبتوا معبودا في الأسماء والصفات صفة الذات لا وجود لها إلا في الذهن فالأسماء والصفات معناه انتفت الذات يقول العلماء المعطل يعبد عدما يعني عدم في ذهنه.

و أما المشبه فإنه يعبد وثنا ولهذا يقول العلماء المعطل يعبد عدما و المشبهة يعبد وثنا لأنه في الحقيقة لم يعبد الله و إنما عبد وثنا صوره له خياله و نحت له فكره فهم عباد الأوثان لا عباد الرحمن كما قال العلامة ابن القيم:

لسنا نشبه وصفه بصفاتنا إن المشبه عابد الأوثان

وهو في الحقيقة مشابه لنصارى الذين جعلوا عيسى ابن الله يشبهونه بالله فهم مثل النصارى قال ابن القيم رحمه الله :

من شبه الله العظيم بخلقه فهو الشبيه لمشرك نصراني

فالمعطل يعبد عدما والمشبه يعبد وثنا والموحد يعبد إلها واحدا فردا صمدا، فالمعطلة أصل التعطيل حدث في أوائل البعثة الثانية أول من تكلم في التعطيل الجعد بن درهم, مؤدب مروان الحمار, أنكر صفتين من صفات الله الخلة والتكليم قال إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا و لم يكلم موسى تكليما فالخلة صفة من صفات الله و التكليم وهاتين الصفتين ترجع إليهما جميع الصفات الخلة والمحبة وهو قطع الصلة بين الله بين خلقه المحبة محبة الله لعبادة وكذلك الكلام صفة الكلام مثل الرسالة مثل الكتب المنزلة مثل النبوات وكان هذا حدث في زمن خالد بن عبد الله القسري فكان أمير العراق في ذلك الوقت فأشكاه أهل زمانه بقتل الجعد فقتله الجعد بن درهم في يوم العيد عيد الأضحى أوتي به وقد غلت يداه وربط يوم العيد عيد الأضحى ووضع تحت المنبر فصل بالناس وخطب خطبة العيد وقال في آخر الخطبة: ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحي بالجعد بن درهم فإنه زعم أنه لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم أخذ السكين فذبحه وكان الناس ينظرون وشكره العلماء, فشكره العلماء و أثنوا عليه،  قال ابن القيم في الكافية الشافية

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـقسري يوم ذبائح القربان
إذ قال إبـراهيم ليـس خليله كلا ولا موسى الكليم الدان
شكر الضحيةَ كلُ صاحـــب سنة لله دَرُّك من أخي قربــان

و لا شك أن أجر هذه الأضحية يفوق أجر الأضحية و أن قتل هذا الرجل المعطل قطع لدابر الشر والفساد والفتنة ولكن للأسف لم يمت هذا رجل إلا وظهر شخص يقال له الجهم بن صفوان و أخذ عنه و أخذ عن غيره ونشر الجهم بن صفوان وهو عقيدتهم في الصفات وتوسع في ذلك حتى انتشر وقيل لهم الجهمية والجهم بن صفوان أخذ عن أبان بن سمعان كان يعيش في أرض حران كان يعيش فيها السحرة والكفرة واليهود وأخذ ابن سمعان عن طالوت وطالوت أخذ عن خاله لبيد الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر الرسول ﷺ و أخذها أيضا عن الفلاسفة وعن المشركين عباد الكواكب فيكون أخذها عن اليهود وعن الصابئة وعن المشركين و أخذ عن الجهم بن صفوان المعتزلة عمرو بن عبيد وياسر بن عطا المعتزلة تقلد عن الجهمية نفي الصفات فانتشرت هذه العقيدة والجهم بن صفوان هو الذي تنسب إليه المعطلة تنسب إليه نفي الصفات ويقال عقيدة الجهمية والمذهب.

واشتهر الجهم بن صفوان بأربع عقائد

العقيدة الأولى عقيدة نفي الصفات، والعقيدة الثانية عقيدة الإرجاء وأن الأعمال ليست من الإيمان وليست مطلوبة، والعقيدة الثالثة عقيدة الجبر يقولون إن العبد مجبور على أفعاله العقيدة الرابعة القول بفناء الجنة والنار هذه عقيدة نفي الصفات عقيدة باطلة عقيدة أهل البدع عقيدة المعطلة وحتى لو أنهم يثبتون الأسماء والصفات يثبتون لا تليق بعظمته و الأسماء والصفات توقيفية و ما لم يرد بالكتاب والسنة إذا أثبته بعض الناس يستفصل إن أراد حقا قبل المعنى ورد اللفظ و إن أراد باطلا رد اللفظ والمعنى مثل الجسم والحد والعرض أو يقال ليس بجسم يستفصل إذا أراد حقا قبل المعنى ورد اللفظ و عن أراد باطلا رد اللفظ والمعنى المؤلف رحمه الله يقول وما نطق به القرآن والحديث مثل : وقالت اليهود يد الله مغلولة رد الله عليهم: غلت أيديهم ، ومثل: والسموات مطويات بيمينه، مثبته لله و نثبت جميع الأسماء والصفات لله وهذا مثال: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم، ، ومثل: والسموات مطويات بيمينه، هذا إثبات اليد لله و كمال القدرة و الإرادة والسموات مطويات بيمينه، إثبات اليمين لله و أن لله يمين قال الله تعالى في الآية الأخرى : مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ فيه إثبات اليدين لله عز وجل و أن له يدان اثنتان قال تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ، فيه إثبات لليدين لله  وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ، فيه إثبات للوجه وهكذا سائر الصفات التي تورد في الكتاب والسنة كلها تثبت لله تثبت المعاني وتخفى الكيفية تثبت المعاني أما الكيفية تفوض إلى الله و لهذا قال وما أشبه هذا من القرآن والحديث.

في الحديث وخط لك التوراة بيده في قصة موسى وفيه خلق آدم بيده صفة اليد لله وفي السنة: ينْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، إثبات النزول لله و يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، صفة الضحك لله كما يليق بجلاله وعظمته مثل: خلق الله آدم على صورته، في حديث البخاري في إثبات الصورة لله ، وهكذا فالصفات تثبت لله كما يليق بجلاله وعظمته كما وردت في الكتاب والسنة.

قال المؤلف رحمه الله: وما أشبه هذا من القرآن والحديث من الأسماء والصفات لا نزيد فيه ولا نفسره, قوله لا نفسره يعني لا نفسر الكيفية أو لا نفسره تفسير الجهمية لا نفسره لا نفسر الكيفية و الكيفية مفوضة إلى الله قول الإمام مالك رحمه الله معنى لا نفسره أي لا نفسره تفسير الجهمية كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا نفسره تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا في نفي الصفات بخلاف ما جاؤوا عليه الصحابة والتابعين وبمعنى لا نفسره تفسيرا كيفيا ولا نخوض بما مالنا علم به، أما المعاني معروفة في لغة العرب لا نزيد فيه ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة يعني لا نتجاوز القرآن السنةيعني ما جاء من الأسماء والصفات في الكتاب والسنة نثبته ولا نزيد ولا نتجاوز الكتاب والسنة وهذا هو مذهب الأئمة مالك والشافعي و أحمد و أبي حنيفة و إسحاق بن أبي مبارك وغيرهم ولهذا يقول الترمذي رحمه الله في سننه المذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف.

وهذا قول معلوم بين أهل العلم اشتهر عن السلف أنهم يقولون أمروا النصوص يعني أمرواأثبتوا المعاني إلى كيف كما نقل الحافظ واللاكائي في شرح معتقد أهل السنة, أمروا الأحاديث كما جاءت , ومعنى أمروا يعني في الصفات كما هي عليه الإيمان بها معناها وما دلت عليه مع عدم التعرض لها بالتحريف ولا تأويل ولا تكييف و أنكر العلماء على المعطلة و مدعوهم من الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة ولهذا روى الذهبي في كتاب السير عن الحميدي أنه قال والله لأنازع الذين ردوا حديث الرسول، الكفرة وهذا قد يفهم منه تكفير المعطلة وغير الكفار يكون غزوهم بالرد عليهم وتبيين باطلهم وكشف شبههم.

المتن:

وتقول الرحمن على العرش استوى ومن زعم غير هذا فهو معطل جهمي .

 

الشرح:

نعم تقول الرحمن على العرش استوى يعني تقول أيها السني تقرأ هذه الآية الرحمن على العرش استوى فتثبت الاستواء لله تمرها ومن زعم غير هذا فهو معطل جهمي الرحمن على العرش استوى, فيه إثبات لاستواء الله كما يليق بجلاله وعظمته.

استوى لها أربع معاني استقر وعلا وصعد و ارتفع ومن زعم أن الله لايكون بغير استواء فهو معطل جهمي والمعطل نسبة للتعطيل والتعطيل نفي أسماء الله وصفاته وكما سبق أن التعطيل قسمان تعطيل كلي كتعطيل الجهمية الذين ينكرون أسماء الله وصفاته وتعطيل الغلاة الذين يذكرون النقيضين, و تعطيل جزئي كتعطيل الأشاعرة الذين ينفون بعض الصفات وهو التعطيل الكلي تعطيل الفلاسفة الذين قالوا كصفة المخلوقات ، والذين زعموا أنه يتصرف في الكون هؤلاء أنكروا أن الله خلق هذه المخلوقات و أوجدها جعلوها قديمة كقدم الله هذا من أعظم من أشد التعطيل فهم كفرة في هذا والجهمية كما سبق منسوبة إلى الجهم بن صفوان منسوب إلى الجهمية لأنه تقلد عقيدة نفي الصفات عن الجعد و توسع فيها ونشر و إلا فإن أول من ابتدع عقيدة نفي الصفات الجعد بن درهم فالفلاسفة قالوا الجعدية لكن الجعد قتل قبل أن تنتشر هذه المقالة فنشرها الجهم و توسع فيها ونسبت إليه عقيدة نفي الصفات فقالوا الجهمية ولهذا قال المؤلف من أنكر الصفات فهو معطل جهمي معطل من التعطيل و التعطيل هو الخلو و الفراغ و منهم من قال الدار معطلة إذا خلت عن ساكنها و الإبل معطلة إذا لم يكن لها راعي ويقال للمرأة التي ليس في يدها حلي معطلة ويقال لمن أنكر  وجود الله وجعل هذه المخلوقات ليس لها خالق معطل ويقال لمن أنكر الأسماء والصفات هذا معطل من عطل الرب من صفات كماله والجهمي نسبة إلى الجهم بن صفوان وإسماعيل الصابوني يقول في عقيدته يعتقد أهل السنة والجماعة أن الله تعالى فوق سبع سماواته على عرشه، يثبتون من ذلك ما أثبته الله تعالى، ويؤمنون به، ويصدقون الرب جل جلاله في خبره، ويطلقون ما أطلقه من استوائه على العرش، ويمرون هذا على ظاهره، ويكلون علم كيفية ذلك إليه تعالى. هذه طريقة السلف الصالح.

المتن:

قال رحمه الله: وأن لا نقول كما قالت الخوارج "من أصاب كبيرة فقد كفر ولا نكفر بشيء من الذنوب

 

الشرح:

نعم يقول المؤلف: وأن لا نقول، من عقيدة أهل السنة والجماعة من أصول السنة وعقيدة السنة والجماعة الإيمان بالقدر و الإيمان بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والترحم على أصحاب النبي ﷺ و الإيمان بأن القرآن كلام الله و الإقرار بالرؤية بعد الموت و إثبات الأسماء والصفات التي قالها أهل السنة و أن نقول الرحمن على العرش استوى و وأن لا نقول كما قالت الخوارج "من أصاب كبيرة فقد كفر "ولا نكفر بشيء من الذنوب الخوارج هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب في زمانه وكفروا المسلمين بالمعاصي فهم عباد كانوا مع الصحابة فحملوا القرآن على غير تأويله وحملوا النصوص التي وردت في الكفار وجعلوها على المسلمين فكفروا المسلمين وقالوا إن من ارتكب الكبيرة فهو كافر وتجمعوا في بلدة قرية في العراق يقال حرورا فسمي الحرورية نسبة إلى هذه البلدة ومن عقيدتهم تكفير المسلمين بالمعاصي يقولون من فعل الكبيرة كفر إذا زنى كفر إذا شرب الخمر كفر من تعامل بالربا كفر من أكل الرشوة كفر من عق والديه كفر من قطع رحمه كفر وهكذا ويستحلون دمه و ماله ويخلدونه في النار في الآخرة والمعتزلة أتباع ياسر بن عطاء و ابن عبيد وافقوهم أن من ارتكب كبيرة خرج من الإيمان ولكنه لا يدخلفي الكفر قالوا خرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر النصوص دلت على أنه خرج من الإيمان ولكن لا يوجد دليل على أنه دخل في الكفر, منزلة بين المنزلتين, لا مؤمن ولا كافر والخوارج قالوا خرج من الإيمان ودخل في الكفر فالخوارج استحلوا دمه وماله اقتلوه لأنه كافر و المعتزلة لا يكفرونه ولكنه خرج من الإيمان و الطائفتان تتفقان أنه في الآخرة مخلد في النار كافر من الكفار نعوذ بالله وهذا مذهب باطل ولهذا قاتلهم الصحابة قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والصحابة لما ناظروهم ولم يرجعوا قاتلوهم ووردت فيهم أحاديث عن النبي أخبر عن صفتهم و أصلهم رجلا اعترض على النبي ﷺ لما قسم بعض الغنائم، قال: يا محمد اعدل فإنها قسمة ما أريد بها وجه الله، فقال له النبي: ويحك لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله قال خالد: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال النبي ﷺ: دعه فإنه يخرج من هذا قوم يعني مثلي, يحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم وقراءتكم عند قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وفي لفظ: والله لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد شبههم بقوم عاد وفي لفظ: قال النبي: فإن في قتلهم أجرا لم قتلهم عند الله وفي لفظ: يمرقون من الدين ثم يعودون إليه هذا هو الخوارج وذكر النبي ﷺ أنهم يخرجون على فرقة من المسلمين فخرجوا لما كان خلاف بين علي ومعاوية فأخبرهم أتقتلهم هاتين الطائفتين بالحق فقتلهم علي وذكر أن فيهم مستديه وهو رجل منهم ليس له وجه يدفي طرفها شعرات و مثل الثدي في الكتف فلما قتلوا طلب علي هذا الرجل فكبر ولم يخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام هؤلاء هم الخوارج عقيدتهم تكفير المسلمين بالمعاصي قد يوافقون المعتزلة في نفي الصفات و عقيدتهم لا يقبلون الخبر الواحد ومن عقائدهم يأمرون بقضاء الصلاة ولا يقبل خبر الآحاد وجمهور العلماء والصحابة عاملوهم معاملة المبتدعة كما قال شيخ الإسلام وغيره فالصحابة عاملوهم معاملة المبتدعة لأنهم متأولون, وعلي عندما سئل عن الخوارج: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا و ذهب بعض العلماء إلى تكفيرهم وروي عن الإمام أحمد و استدلوا بهذه الأحاديث حينما قال: يمرقون من الدين كما يرمق السهم من الرمية، وقال: لئن لقيتوهم فاقتلوهم قتل عاد، و عاد قوم كفار وقال شيخنا الشيخ بن باز رحمه الله في تكفير الخوارج و أنهم كفار بهذه الأحاديث فالأحاديث الصحيحة عشرة أحاديث كلها في الصحاح بخلاف القدرية , القدرية الأحاديث فيهم ضعيفة و إنما الموقوف على الصحابة أصح في القدرية أما الخوارج فأحاديثهم عشرة في الصحيحين فعقيدتهم يقولون من فعل الكبيرة كفر والمؤلف رحمه يقول وأن لا نقول كما قالت الخوارج "من أصاب كبيرة فقد كفر ".

ولا نكفر بشيء من الذنوب ، المعاصي لا نكفر فيها هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة لا يكفرون بالمعاصي لا نكفر إلا من فعل الكفر وقامت عليه الحجة فعل الكفر وقامت عليه الحجة التي ليس فيها شبهة ولا نكفر بشيء من الذنوب لأن هذه عقيدة أهل الخوارج

الشيخ

نعم انظر قول الخوارج رقم اثنين صفحة سبعة وخمسين رقم ثلاثة

المتن:

قال المعلق رحمه الله ومن أصول أهل السنَّة والجماعة‏:‏ أنهم لا يكفرون أحداً من المسلمين إلا إذا ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام أما ما كان من الكبائر التي هي دون الشرك ولم يدل دليل على كفر مرتكبها فإنهم لا يحكمون على مرتكبها بالكفر وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان‏.‏

فإنه مؤمن بإيمانه فاسق بمعصيته وإذا لم يتب منها فإنه تحت المشيئة - إن شاء الله غفر له وعفا عنه وإن شاء عذبه وهو غير مخلد في النار - قال تعالى ‏:‏ ‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏.

 

الشرح:

نعم من أصول أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أحد بالذنب إلا إذا فعل ناقض من نواقض الإسلام أما الكبائر ما دون الشرك فإنهم لا يحكمون على مرتكبها بالكفر يقولون فاسق ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته لا يعطينا اسم الإيمان المطلق لا يقولون مؤمن بإطلاق و لا يسلبون منه مطلق الإيمان فيه فرق بين الإيمان المطلق و مطلق الإيمان ,الإيمان المطلق الكامل الذي يستوجب أداء الواجبات وترك المحرمات و مطلق الإيمان أصل الإيمان, فالفاسق و العاصي و مرتكب الكبيرة لا يعطى الإيمان المطلق فلا يقال له مؤمن بإطلاق لأنه عاصي ولا يسلب مطلق الإيمان فلا يقال ليس بمؤمن بخلاف الخوارج الذين يسلبون عنه الإيمان و المعتزلة و خلافا للمرجئة الذي يعطونه الإيمان الكامل فالعاصي شارب الخمر وعاق لوالديه و قاطع لرحمه هل نقول مؤمن !! و نسكت لا هل نقول ليس بمؤمن ونسكت لا, لأنك لو قلت مؤمن وسكتت وافقت المرجئة الذين يعطون الإيمان الكامل و إذا قلت ليس بمؤمن وسكت وافقت الخوارج فالذي يقول على المذنب المؤمن أخطأ خطأ و الذي يقول مؤمن غلط فماذا يقول ! لا بد من التقييد في النفي والإثبات فالإثبات تقول مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته مؤمن عاصي رجل ناقص الإيمان ومؤمن ضعيف الإيمان و في النفي لا تقول ليس بمؤمن لأن هذا قول الخوارج تقول ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حقا كما قال الله تعالى عن المؤمنين في سورة الأنفال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  ۝  الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ  ۝  أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا هذا هو الإيمان حقا.

أما مرتكب الكبيرة فليس بمؤمن حقا وقال في سورة الحجرات: إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ هؤلاء هم الصادقون في إيمانهم أما الكافر فليس بصادق في إيمانه لضعف إيمانه فالخوارج والمعتزلةيسلبون الإيمان عن العاصي و يكفرون بالمعاصي وهذا مذهب باطل قابلهم المرجئة المحضة يعطون العاصي الإيمان الكامل ويقولون إن المعاصي لا تضر ولا تضعف الإيمان وكل من الطائفتين منحرفتين عن الصواب و أهل السنة وسط , وسط بين ماذا!! بين المرجئة الذين يعطون الإيمان الكاملوبين الخوارج الذين يسلبون عنه الإيمان فأهل السنة لا يسلبون أصل الإيمان كالخوارج بل يعطون أصل الإيمان مسلم و مؤمن لا ينفون عنه الإسلام و لا يعطونه الإيمان الكامل كما تقوله المرجئة لأنه ضعيف الإيمان فيقيدون في النفي والإثبات فلا يقال مؤمن ولا يقال ليس بمؤمن لا يقال مؤمن بإطلاق وليس بمؤمن بإطلاق بل يقال في الإثبات مؤمن ناقص الإيمان مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن فاسق مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وفي النفي لا يقال ليس بمؤمن لأنه هذا موافق للخوارج يقال له ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حقا, فعن عبادة بن الصامت في الصحيح أن النبي بايع الصحابة قال: بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلا تَسْرِقُوا ، وَلا تَزْنُوا ، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ ، وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ، وَلا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثَمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عنه ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فبايع الصحابة على ذلك و ما قال أن من فعل شيء من ذلك يكفر.

ولهذا يقول الطحاوي في عقيدته: وأهل الكبائر من أمة محمد ﷺ في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين فهم تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم وعفا عنهم فأدخلهم الجنة بفضله وتوحيدهم و إحسانهم وإن شاء عذبهم في النار كما قال تعالى: إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء، فأهل السنة وسط بين قول الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة وبين قول المرجئة الذين يعطون مرتكب الكبيرة الإيمان الكامل ثم قالوا أنهم خرجوا على رسولهم خرجوا على علي  ولهذا قال المؤلف رحمه الله: وأنا نقول كما قالت الخوارج "من أصاب كبيرة فقد كفر ".

ولا نكفر بشيء من الذنوب أي ذنبأي ذنب لا نكفر به فالذنوب تضعف الإيمان وتنقصه ولا تقضي عليه ولا يكفر بها الكفر إذا فعل ناقض من نواقض الإسلام أو فعل شركا في العبادة هذا هو الذي يكفر أما المعاصي فهي تضعف الإيمان وتنقصهولكنها لا تقضي عليه, الزنا حلال أو شرب الخمر حلال, لا, فهو يكفر لأنه استحل على أمر من الدين بالضرورة أما إذا فعل المعصية أو الكبيرة على أنه عاصي يعلم أنه عاصي ويعلم أنه مستحق للعقوبة ويعلم أنها حرام فإنه لا يكفر في هذه الحالة وهو عاصي ضعيف الإيمان فاسق الإيمان مرتكب لكبيرته لكنه لا يكفر فهو في الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وغفر له و أدخله الجنة بتوحيده و إسلامه و إن شاء الله عذبه بجريمته ومعصيته ثم يخرج منها إلى الجنة بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين: إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء والذي يكفر بالكبيرة فهم الخوارج وكذلك المعتزلة يخرجونه من الإيمان ويخلدونه في النار.

أما أهل السنة والجماعة أهل الحق أهل السنة والجماعة قالوا فإنهم لا يكفرون بالمعاصي و إنما يفسقونه إذا ارتكب الكبيرة يقولون فاسق وضعيف الإيمان ولهذا قال المؤلف رحمه الله ولا نكفر بشيء من الذنوب كما أن قول الخوارج بتكفير صاحب الكبير يقابلهم قول المرجئة المحضة الذين يقولون إن مرتكب الكبيرة لاتؤثر في إيمانه ما دام أنه مؤمن فلا يضره مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر الطاعة قولته المشهورة : لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة, و هذا باطل أهل السنة وسط والمرجئة الذين يقولون إن المعاصي لا تؤثر في الإيمان ولا تضعفه ولا تنقصه وبين قول الخوارج والمعتزلة الذي يكفرون مرتكب الكبائر والمعاصي ولهذا قال المؤلف رحمه الله ولا نكفر أي نحن أهل السنة و الجماعة أهل الحق لا نكفر بشيء من الذنوب وإنما الكفر في ترك الخمس بين الخمس التي قال فيها رسول الله ﷺ:  بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ﷺ، و إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت، هذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم رحمهم الله من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهذه الخمس هي دعائم الإسلام و أركانه وهي العمد التي لا يقوم ولا يستقيم إلا بها من أقامها وحافظ عليها و استقام عليها فلا بد أن يقوم بشرائع الإسلام و من ضيعها فإنه ينافيها عن الإيمان والخمس هي الشهادتان شهادة أن لا اله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله وهذا أصل الدين والملة ثم إقام الصلاة هذا الركن الثاني وهي عمود الإسلام ثم إيتاء الزكاة ثم صوم رمضان ثم حج البيت الحرام هذه هي أركان الإسلام, كما في حديث جبرائيل لما سأل النبي ﷺ عن الإسلام , قال: الإسلام أن تشهد أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت, أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب , يقول المؤلف رحمه الله إنما الكفر في ترك الخمس أي من ترك هذه الخمس فإنه يكفر إذا ترك لم يشهد أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول وترك الصلاة وترك الزكاة وترك الصوم وترك الحج هذا هو الذي يكفر, يقول الحافظ رحمه الله و أن هذه الخمس فإذا زالت كلها سقط بناء الإسلام ولم يقم بعد زواله إذا زالت هذه الخمس سقط بناء الإسلام زالت الشهادتين وزالت الصلاة وزالت الزكاة وزال الصوم وزال الحج سقط بناء الإسلام ولذلك هذه الخمس إذا زالت كلها سقط الإسلام وكذلك إن زال منها الركن الأعظم وهو الشهادتان نعم إذا زالت الشهادتان لا إسلام لأنها أصل الدين و أساس الملة أن تشهد أن لا اله إلا الله و أن تشهد أن محمدا رسول الله وتشهد لله تعالى بالوحدانية وتشهد لنبيه ﷺ بالرسالة هذا أصل الدين و أساس الملة فإذا ارتكب كفرا ناقضا سب الله سب الرسول ﷺ أو سب دين الإسلام أو استهزئ بالله أو برسوله أو بكتابه أو بدينه أو سجد للصنم أو أنكر شيء معلوما من الدين بالضرورة أو أهان المصحف ولطخه بالنجاسة هذا ردة عن الإسلام, و أما البواقي الأربعة الصلاة والزكاة والصوم والحج فاختلف العلماء هل يزول الاسم بزوالها هذا قول يزول الاسم بزوالها أو بزوال أحد منها هذا القول الثاني أم لا يزول بزوالها هذا القول الثالث لا يزول بزوالها ولا بزوال أحد منهاهل يزول بزوال الصلاة وغيرها فيترك بترك الصلاة دون غيرها ! هذا القول الرابع هل يزول الاسم بترك الصلاة والزكاة خاصة !! هذا القول الخامس البواقي الأربع فيها خمسة أقوال قيل يزول الاسم بزوال الأربع إذا زالت جميعا دون واحد منها إذا زالت الصلاة والزكاة والصوم والحج يزول الإسلام و قيل يزول بزوال واحد منها إذا زالت الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج زال الإسلام وقيل لا يزول بزوال الأربع و لا يزول بزوال واحد منها وقيل يفرق بين الصلاة ويزيل الإسلام بترك الصلاة دون غيرها وقيل يزول الإسلام بترك الصلاة والزكاة هذه كلها أقوال أما إذا جحد وجوب واحد منها فكان كافرا بالإجماع إذا جحد وجوب الصلاة أو جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب الصوم أو جحد وجوب الحج فهذا كافر بالإجماع لأن هذه الأركان الأربعة معلومة من الدين بالضرورة فإذا أنكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الصيام أو وجوب الحج فهذا كافر بالاتفاق لكن إذا ترك الصلاة دون جحد لوجوبها وهو يعلم أن الصلاة واجبة لكن تركها تهاونا كسلا أو طاعة للشيطان أو ترك الزكاة بخلا وهو يعلم بوجوبها ترك الصوم تكاسلا وهو يعلم بوجوبه ترك الحج تكاسلا وهو يعلم أنه واجب هل يكفر ! قيل كما في الأقوال خمسة أقوال قيل يكفر كل واحد منها إذا ترك الصلاة كفر إذا ترك الزكاة كفر إذا ترك الصوم كفر إذا ترك الحج كفر وقيل لا يكفر إلا بالصلاة والزكاة وقيل لا يكفر بترك أحد منها حتى الصلاة وقيل يكفر بترك الصلاة و الزكاة.

والصواب: أنه يكفر بترك الصلاة إذا ترك الصلاة ولو تكاسلا وتهاونا ولم يجحد بوجوبها فإنه يكفر بأدلة خاصة قال عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. قال الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر، وقال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بينا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ، فجعل الصلاة حدا فاصل وقال عليه السلام روى الإمام أحمد و أهل السنن بإسناد جيد وقال عليه الصلاة والسلام من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله رواه البخاري في حديث بريدة والذي يحبط عمله هو الكافر وفي الحديث نهى النبي ﷺ عن الخروج على الأمراء إذا أقامت الصلاة وفي الحديث الآخر أجاز الخروج عن الأمراء إذا فعلوا كفرا بواحا فإذا جمعت بين الحديثين دل على أن ترك الصلاة كفر بواح هذا هو الصواب.

الصواب أن الصلاة إذا تركها يكفر ولو لم يجحد بوجوبها و أنه إذا ترك فرضا واحدا أو ترك جميع الصلوات قيل يكفر إذا ترك جميع الصلوات أما إذا كان يصلي ويخلي فلا يكفر وقيل يكفر إذا ترك صلاة واحدة متعمدا إذا لم يكن له شبهة ولا تأويل حتى خرج الوقت لحديث بريدة من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ومن يحبط عمله فهو كافر, وهذا هو الصواب.

أما الزكاة إذا تركها المسلم فلا يكفر في الحديث الذي فيه أن ترك الصلاة عمدا, قال في الحديث: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى إلى جنة أو إلى نار دليل على أنه كافر، وقالوا ليس بكافر لأنه لو كان كافر ما كان له سبيل إلى الجنة وكذلك الصوم وكذلك الحج لا يكفر ولكن يكون مرتكب لكبيرة مرتكب لجريمة يكون ضعيف الإيمان يكون فاسق أو كفر أصغر لكن لا يخرج من الملة هذا هو الصواب, وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن تارك الصلاة.

أما تارك الصلاة‏:‏ فهذا إن لم يكن معتقدًا لوجوبها، فهو كافر بالنص والإجماع، لكن إذا أسلم ولم يعلم أن الله أوجب عليه الصلاة، أو وجوب بعض أركانها‏:‏ مثل أن يصلي بلا وضوء، فلا يعلم أن الله أوجب عليه الوضوء، أو يصلي مع الجنابة، فلا يعلم أن الله أوجب عليه غسل الجنابة، فهذا ليس بكافر، إذا لم يعلم‏.‏

المتن:

قال رحمه الله فأما ثلاث منها فلا يناظر تاركها : من لم يتشهد ، ولم يصل ، ولم يصم ، لأنه لا يؤخر شيء من هذا عن وقته ، ولا يجزئ من قضاه بعد تفريطه فيه عامداً عن وقته

 

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله فأما ثلاث منها فلا يناظر تاركها ثلاث : من لم يتشهد الشهادتان ، ولم يصل الصلاة ، ولم يصم الصوم ثلاث من أركان الإسلام وهي الشهادتان والصلاة والصوم هذه لا يناظر تاركها، لأنه يؤخر شيء من هذا عن وقته ، ولا يجزئ من قضاه بعد تفريطه فيه عامداً عن وقته و هذه الأركان الثلاثة الشهادتان شهادة أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة وصيام رمضان هذه أركان تلزم المؤمن العاقل ولا تسقط مطلقا حتى يلقى الله لا تسقط عن الفقير و الغني و المسافر بخلاف الزكاة والحج فلا يلزمان إلا إذا توفرت شروطهما فالزكاة لا تجب إلا في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول والحج لا يجب إلا في العمر مرة عن المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع أما الأركان الثلاثة تجب على كل واحد الصلاة والصيام يجب على الفقير وعلى الغني وعلى الحر وعلى العبد وعلى المسافر وعلى المقيم وعلى الرجل وعلى المرأة الجميع .

ولهذا قال فأما ثلاث منها فلا يناظر تاركها : من لم يتشهد ، ولم يصل ، ولم يصم ، لأنه يؤخر شيء من هذا عن وقته فالشهادة لا تؤخر من لم يتشهد بشهادة الحق ويشهد لله تعالى بالواحدانية ولنبيه ﷺ بالرسالة لم يدل في الإسلام وكذلك الصلاة من لم يصل فلا إسلام له وكذلك من لم يصوم رمضان فإنه لا يعذر إذا أخره مثل المعذور فلا يعذر في تأخير الصلاة ولا يعذر في تأخير الصوم ولهذا قال لأنه يؤخر شيء من هذا عن وقته فالشهادتان لا تؤخر والصلاة لا تؤخر والصيام لا يؤخر لأنه يؤخر شيء من هذا عن وقته ، ولا يجزئ من قضاه بعد تفريطه فيه عامداً عن وقته, وهذا قول المؤلف فيه نظر أن الصلاة فيه خلاف في قضاءها من لم يكفر تارك الصلاة يقول أنه يجزئه أن يقضيها ولا يؤخرها عن وقتها, لكن الصواب كما قال المؤلف أن الصلاة لا تؤخر عن وقتها أن من أخرها عامدا عالما ذاكرا لم يكن ناسيا ولا متأولا فإنه لا تصح صلاته أما صوم رمضان فإذا أخره عامداعالما ليس له عذر يقضي أو لا يقضي فقد ورد في حديث: من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر، من العلماء من قال أنه لا يقضي لأنه عامد و ذنبه عظيم والقول الآخر لأهل العلم أنه يقضي وقال من الحنابلة، واتفقوا على أن من تعمد الأكل والشرب صحيحا مقيما في يوم صيام رمضان أنه يجب عليه القضاء.

المتن: 

قال رحمه الله: فأما الزكاة فمتى ما أداها أجزأت عنه وكان آثماً في الحبس .

وأما الحج فمن وجب عليه ، ووجد السبيل إليه وجب عليه ولا يجب عليه.

 

الشرح:

و أما الزكاة فمتى ما أداها أجزأت عنه وكان آثماً في الحبس إذا كانت الزكاة و امتنع عن أدائها مستحلا لذلك ويرى أنها غير واجبة فهذا يكفر أما إذا تركها بخلا وتهاوناويعلم أنها واجبة, فالصواب أنه لا يكفر كما قال المؤلف فمتى ما أداها أجزأت عنه وكان آثماً في الحبس تأخيرها فإذا أخرهاومنع الفقراء حقهم يكون آثما و أجزأته و يأثم في التأخير لكنه لا يكفر هذا الصحيح وهو قول العلماء إلا إذا أنكر وجوبها و استحل تأخيرها .

المتن:

وأما الحج فمتى وجب عليه ، ووجد السبيل إليه وجب عليه ولا يجب عليه في عامة .

 

الشرح:

فأما الحج فمتى وجب عليه ووجب عليه يعني أن تتوفر شروطه و أن يكون مسلما بالغا عاقلا حرا ووجد السبيل إليه يعني توفرت الاستطاعة القدرة و الاستطاعة قادرا بماله وبدنه, ببدنه يستطيع الذهاب إلى الحج يستطيع الثبات على المركوب.

ويستطيع بماله عنده مال يكفيه للحج ويؤمن نفقة عياله ومن يعول هذا هو السبيل قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، السبيل هو القدرة والقدرة نوعان قدرة بالبدن وقدرة بالمال, القدرة بالبدن هو أن يستطيع الإنسان الثبات على المركوب فإذا كان لا يستطيع الثبات على مركوبه كونه كبير في السن لا يستطيع الثبات على المركوب أو كونه مريض مرض لا يرجىبرؤه, ففي هذه الحالة وعنده مال ينيب من يحج عنه وثبت في الصحيح أن جاءت امرأة من خثعم في حجة الوداع «يا رسول الله. إن فريضة الله على عباده في الحج. أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟». قال: حجي عن أبيك، هذا إذا كان قادرا بماله غير قادر ببدنه فإذا قادرا ببدنه يستطيع الثبات على المركوب ولكن ليس لديه مال يحج به زيادة عن نفقته ونفقة أولاده فإن في هذه الحالة لا يجب الحج عليه لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فهنا قول المؤلف وأما الحج فمن وجب عليه ووجد شروطه ووجد السبيل إليه يعني القدرة بماله وبدنه وجب عليه يعني وجب عليه أن يحج بنفسهفي هذه الحالة إذا وجد شروط الحج . ووجدت الاستطاعة البدنية و الاستطاعة المالية فإنه يجب عليه نعم ولا يجب عليه في عامة ذلك.

المتن:

ولا يجب عليه في عامة ذلك حتى لا يكون له منه بد متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيره إذا أداه كما كان آثماً في الزكاة ، لأن الزكاة حق للمسلمين مساكين حبسه عليهم فكان أثما حتى وصل إليهم.

 

الشرح:

نعم يقول المؤلف هنا مجمله يقول ولا يجب عليه في عامة ذلك حتى لا يكون له منه بد متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيره إذا أداه كما كان آثماً في الزكاة يعني لا يجب عليه الحج حتى لا يكون له منه بد متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيرهيعني لا يجب عليه إلا إذا كان توفرت شروطه و إن كان مسلما بالغا عاقلا حرا مستطيعا بماله وبدنه ففي هذه الحالة ليس له بد في أداء الحج فإذا أداه في هذه الحالة لا يكون آثما في تأخيره بخلاف الزكاة فإنه يكون آثما في تأخيره الأن الزكاة حق لمسلمين مساكين فقراء فهو حبسه عليهم فكان آثما حتى يصل إليهم يعني حتى يصل إليهم حقهم ولهذا أخرج الترمذي و ابن جرير والطبري عن ابن عباس قال , قال رسول الله ﷺ: مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُبَلِّغُهُ حَجَّ بَيْتِ رَبِّهِ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَلَمْ يَفْعَلْ، سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الموت .

فإذا لا يجب عليه يعني الحج حتى لا يكون له منه بد متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيره إذا أداه, يعني الإنسان إذا توفرت الشروط في هذه الحالة ليس له بد بأدائه إذا كان مسلما بالغا عاقلا حرا يستطيع الحج بماله وبدنه هنا لا يكون له بد من أدائه فإذا أداه في هذه الحالة في حالة توفر الشروط لا يكون آثما في تأخيره إذا أداه كما كان آثما في الزكاة وهل كلام المؤلف الآن يدل على أن الزكاة أو على أن الحج يجب على الفور أو على التراخي !!قد يفهم منه على أن الحج لا يكون آثما في تأخيره كما يكون آثما في الزكاة أو أن يفرق بينهما فإذا وجب عليه الحج و أخره فلا يكون آثما لأنه لا يكون متعلق بحق للغير مثل الزكاة لو أخرها فإن الزكاة حق للمسلمين المساكين حبسه عليهم فكان آثما في تأخيره بخلاف الحج فلو أخره فلا يضر إلا نفسه فاختلف العلماء في وجوب الحج للمستطيع هل هو على الفور أو على التراخي ! قولان لأهل العلم والصواب أنه يجب على الفور و لا يجوز التأخير إذا لم يكن هناك مانع هذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل وقيل إن الحج على التراخي على مذهب الشافعي فكأن كلام المؤلف يفرق بين الزكاة و الحج فيقول إذا توفرت شروط الحج فلا بد له من أدائه و لكن لا يكون آثما في تأخيره إذا أداه إذا وجب عليه الحج ثم أخره ثم حج فلا يكون آثما في تأخيره لأنه لم يمنع أحدا من حقه بخلاف الزكاة فإذا وجبت عليه ثم أخرها ثم أداها أجزئته و كان آثما بالتأخير لأن الزكاة حق لمسلمين مساكين حبسه عليهم فكان آثما حتى يصل إليهم نعم و أما الحج.

المتن:

قال رحمه الله: و أما الحج فكان فيما بينه وبين ربه إذا أداه فقد أدى ، وإن هو مات وهو واجد مستطيع ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا أن يحج ويجب لأهله أن يحجوا عنه،ونرجو أن يكون ذلك مؤدياً عنه كما لو كان عليه دين فقضي عنه بعد موته .

 

الشرح:

نعم المؤلف رحمه الله يفرق بين الحج و الزكاة فالزكاة إذا أخرها ووجبت عليه ثم أخرهاصحت منه و أجزأت و لكنه يأثمبالتأخير لأنه حبس حق الفقراء بخلاف الحج فإنه إذا وجب عليه ثم أخره ثم حج فلا يأثم لأنه لا يتعلق به حق للغير و أما الحج فكان بينه وبين ربه فإذا أداه فقد أدى ، وإن هو مات ولم يؤده وقد وجب عليه وهو رجل مستطيع ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا لكي يحج جاء في هذا حديث ابن عباس قال : مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُبَلِّغُهُ حَجَّ بَيْتِ رَبِّهِ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَلَمْ يَفْعَلْ، سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الموت، فقال رجل: يا ابن عَبَّاسٍ، اتَّقِ اللَّهَ، إِنَّمَا سَأَلَ الرَّجْعَةَ الْكُفَّارُ، فقال: سأتلو عَلَيْكَ بِذَلِكَ قُرْآنًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ۝ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ .

و أما الحج فكان بينه وبين ربه إذا أداه فقد أدى ، وإن هو مات وهو واجد مستطيع ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا أن يحج ويجب لأهله أن يحجوا عنه، وهذا يحج عنه من رأس المال كما هو معروف يحج عنه مثل الديون التي تقضى عن الميت قبل قسوم التركة في أمور يبدأ بها قبل قسوم التركة وهي أجرة الكفن و أجرة تغسيله و أجرة حفر القبر ثم الديون تقضى سواء كانت ديون لله كالحج والزكاة أو ديون للآدميين فإذا توفي ووجب عليه الحج ولم يحج فيؤخذ من ماله ما يحج عنه ويعتمر سواء كان بتفريط أو بغير تفريط إذا كان قادر بتفريط كما لو وجب عليه و أخر حجه و بغير تفريط كما لو وجب عليه الحج بستة أشهر صار مستطيعا لكنه مات قبل الحج في هذه الحالة ما فرط لكنه يحج عنه قال ويجب لأهله أن يحجوا عنه، ونرجو أن يكون ذلك مؤدياً عنه كما لو كان عليه دين فقضي عنه بعد موته فإذا قضي دينه بعد موته برئت ذمته كذلك إذا حج عنه برئت ذمته وكذلك إذا أخذت الزكاة التي وجبت عليه برئت ذمته .

وبهذا نكون انتهينا من الكتــاب

وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله على محمـد و على آله وصحبه

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد