شعار الموقع

شرح الرسالة الشخصية_34

00:00
00:00
تحميل
72

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

(المتن)

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في الرسالة الرابعة والثلاثون وهي موجودة في الدرر السنية في المجلد الثامن في الصفحة الحادية والستون، الَّتِي كتبها الشيخ، رحمه الله، إلى سليمان بن سحيم، صاحب تلك الرسالة التي شنع بها على الشيخ، المتقدمة قبل ذلك وجوابها.

وكان الشيخ، رحمه الله، قد أرسل له وتلطف له قبل ذلك، فلما تبين للشيخ أَنَّهُ معاندٌ للحق والإيمان، ومن أعوان أهل الشرك والطغيان، كتب له هذه الرسالة, وهذا نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِي يعلم به سليمان بن سحيم أنك زعجت قرطاسةً فيها عجائب؛ فإن كان هذا قدر فهمك، فهذا من أفسد الأفهام، وإن كنت تلبس به على الجهال فما أنت برابح, وقبل الجواب، نذكر لك أنك أنت وأباك مصرحون بالكفر والشرك والنفاق، ولكن صائر لكم عند جماعة من معكال قصاصيب وأشباههم يعتقدون أنكم علماء، ونداريكم، ودّنا أن الله يهديكم ويهديهم.

وأنت إلى الآن أنت وأبوك لا تفهمون شهادة أن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله؛ أنا أشهد بهذا، شهادة يسألني الله عنها يوم القيامة: أنك لا تعرفها إلى الآن ولا أبوك.

ونكشف لك هذا كشفًا بينًا لعلك تتوب إلى الله، وتدخل في دين الإسلام إن هداك الله، وإلا تبين لكل من يؤمن بالله واليوم الآخر حالُكما، والصلاة وراءكما وقبول شهادتكما وخطّكما، ووجوب عداوتكما، كما قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[المجادلة:22].

(الشرح)

يعني يريد أنه مادام على هذه الحالة فلا تصح الصلاة خلفه، ويتبين للناس عداوته للإسلام وللدين، وهذا حث له، والشيخ رحمه الله يحث على التوبة، وَأَنَّهُ لا يعرف الإسلام، ولا يعرف شهادة أن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله، ولا تجوز الصلاة خلفه ولا تصح؛ لِأَنَّ المشرك لا تجوز الصلاة خلفه، وإذا صلى خلفه ولا يعرف فإنه يعيد الصلاة.

(المتن)

وأكشف عن ذلك بوجوه:

الأول: أنكم تقرون أن الَّذِي  يأتيكم من عندنا هو الحق، وأنت تشهد به ليلًا ونهارًا، وإن جحدت هَذَا  شهد عليك الرجال والنساء، ثم مع هذه الشهادة أن هذا دين الله، وأنت وأبوك مجتهدان في عداوة هذا الدين ليلًا ونهارًا ومن أطاعكما، وتبهتون وترمون المؤمنين بالبهتان العظيم، وتصورون على الناس الأكاذيب الكبار, فكيف تشهد أن هذا دين الله ثم تتبين في عداوة من تبعه؟.

الوجه الثاني: أنك تقول: إني أعرف التوحيد، وتقر أن من جعل الصَّالِحِين وسائط فهو كافر، والناس يشهدون عليك أنك تروح للمولد وتقرأه لهم، وتحضرهم، وهم ينخون ويندبون مشايخهم، ويطلبون منهم الغوث والمدد، وتأكل اللقم من الطعام المعَدّ لذلك.

(الشرح)

(وهم ينخون ويندبون)؛ يعني ويدعونهم من دون الله، يدعونهم ويسألونهم من دون الله يسألون الموتى، وهذا الدعاء لغير الله وشرك، نعم.

(المتن)

فإذا كنت تعرف أن هذا كفر، فكيف تروح لهم وتعاونهم عليه وتحضر كفرهم؟

(الشرح)

لأن من أقر الكفار على كفرهم فهو كافر مثلهم؛ ولأنه يشاركهم أيضًا ، يشاركهم في أكل الطعام اللقمة الطعام المعد عند القبور يعدونه، وهذا معناه إقرارٌ لهم على شركهم وكفرهم، نعم.

(المتن)

الوجه الثالث: أن تعليقهم التمائم من الشرك بنص رسول الله r، وقد ذكر تعليق التمائم صاحب الإقناع، في أول الجنائز، وأنت تكتب الحجب وتأخذ عليها شرطًا، حتى إنك كتبت لامرأة حجابًا لعلها تحبل، وشرطت لك أحمرين وطالبتها تريد الأحمرين.

(الشرح)

(الأحمر)؛ عملة في ذلك الزمان، مثل الريال أو مثل الجنيه، عندهم عملات تسمى الأحمر، وتسمى الجدد، تختلف العملات من زمن لزمن.

(المتن)

فكيف تقول: إني أعرف التوحيد، وأنت تفعل هذه الأفاعيل؟ وإن أنكرت، فالناس يشهدون عليك بهذا.

(الشرح)

هذا يدل على أن الكفر والشرك متأصل ومتمكن في زمن الإمام رحمه الله، وأن الجزيرة عمها الشرك العياذ بالله، قيض الله الشيخ رحمه الله للقيام بالدعوة المباركة طهر الله الجزيرة من الشرك وغيرها، انتشرت الدعوة في كل مكان، وتوصلت إلى الهند وإلى غيرها.

(المتن)

الوجه الرابع: أنك تكتب في حجبك طلاسم، وقد ذكر في الإقناع أنها من السحر، والسحر يكفر صاحبه, فكيف تفهم التوحيد، وأنت تكتب الطلاسم؟ وإن جحدت، فهذا خط يدك موجود.

الوجه الخامس: أن الناس فيما مضى عبدوا الطواغيت عبادةً ملأت الأرض، بهذا الذي تقر أنه من الشرك: ينخونهم ويندبونهم، ويجعلونها وسائط، وأنت وأبوك تقولان: نعرف هذا.

(الشرح)

(ينخونهم ويندبونهم)؛ يعني يدعونهم من دون الله.

(المتن)

وأنت وأبوك تقولان: نعرف هذا لكن ما سألونا. فإذا كنتم تعرفونه، كيف يحل لكم أن تتركا الناس يكفرون، ما تنصحانهم، ولو لم يسألوكم؟.

الوجه السادس: أنا لما أنكرنا عبادة غير الله بالغتم في عداوة هذا الأمر وإنكاره، وزعمتم أنه مذهبٌ خامس، وأنه باطل، وإن أنكرتما فالناس يشهدون بذلك وأنتم مجاهرون به، فكيف تقولون: هذا كفر، ولكن ما سألونا عنه؟

فإذا قام من يبين للناس التوحيد، قلتم: إنه غير الدين، وآتٍ بمذهب خامس. فإذا كنت تعرف التوحيد، وتقر أن كلامي هذا حق، فكيف تجعله تغييرًا لدين الله، وتشكونا عند أهل الحرمين؟.

والأمور التي تدل على أنك أنت وأباك لا تعرفان شهادة أن لا إله إلا الله لا تحصر، لكن ذكرنا الأمور التي لا تقدر تنكرها.

وليتك تفعل فعل المنافقين الذين قال الله فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)[النساء:145]؛ لأنهم يخفون نفاقهم، وأنت وأبوك تظهران للخاص والعام.

(الشرح)

يظهرون الخاص والعام بسبب كثرة المشركين، المنافقون يخفون كفرهم بسبب قوة المسلمين، وجود المنافقين يدل على قوة الإسلام، يخفون كفرهم لا يستطيعون إظهار الكفر؛ حتى لا يقتلوا فتستبح دمائهم وأموالهم.

لكن إذا ضعف المسلمون أظهروا كفرهم، وهؤلاء يظهرون كفروهم بسبب ضعف المسلمين أنهم لا يخشون رادعًا، أما إذا كثر المسلمون وقوي المسلمون صار المنافقون يخفون كفرهم خوفًا على أنفسهم؛ حتى لا يقتلوا، حتى لا تؤخذ أموالهم، نعم.

(المتن)

وأما الدليل على أنك رجلٌ معاند، ضالٌ على علم، مختار الكفر على الإسلام، فمن وجوه:

الأول: أني كتبت ورقةً لابن صالح من سنتين، فيها تكفير الطواغيت شمسان وأمثاله، وذكرت فيها كلام الله ورسوله، وبينت الأدلة، فلما جاءتك نسختها بيدك لموسى بن سليم، ثم سجلت عليها وقلت: ما ينكر هذا إلا أعمى القلب, وقرأها موسى في البلدان وفي منفوحة وفي الدرعية وعندنا، ثم راح بها للقبلة.

(الشرح)

يعني ذهب بها إلى الحجاز يعني.

(المتن)

فإذا كنت من أول موافقًا لنا على كفرهم، وتقول: ما ينكر هذا إلا من أعمى الله بصيرته، فالعلم الذي جاءك بعد هذا يبين لك أنهم ليسوا بكفار، بيِّنْه لنا.

الوجه الثاني: أني أرسلت لك رسالة الشيخ تقي الدين.

(الشرح)

وهذا يدل على قوة الشيخ رحمه الله، وكونه يصفح بالحق مرسلًا ولا يبالي رحمه الله هذا كلام قوي يدل على أنه رحمه الله لا يبالي بأعدائه، وأنه لا تأخذه في الحق لومة لائم، رحمه الله.

(المتن)

الوجه الثاني: أني أرسلت لك رسالة الشيخ تقي الدين. التي يذكر فيها أن من دعا نبيًا أو صحابيًا أو وليًا مثل: أن يقول يا سيدي فلان انصرني وأغثني! أنه كافر بالإجماع، فلما أتتك استحسنتها وشهدت أنها حق، وأنت تشهد به الآن، فما الموجب لهذه العداوة؟

الوجه الثالث: أنه إذا أتاك أحد من أهل المعرفة، أقررت أن هذا دين الله، وأنه الحق، وقلته على رؤوس الأشهاد، وإذا خلوت مع شياطينك وقصاصيبك، فلك كلامٌ آخر.

(الشرح)

هذا هو النفاق، مثل قول الله تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة:14].

فالمنافق له باطن وظاهر، ظاهره إذا جاء مع المسلمين ومع المؤمنين أظهر لهم الإيمان، والباطن إذا ذهب مع أصحابه المنافقين قال نحن معكم نحن نستهزئ بهؤلاء، نسأل الله العافية، نعم.

(المتن)

الوجه الرابع: أن عبد الرحمن الشنيفي ومن معه لما أتوك وذاكروك، أقررت بحضرة شياطينك أن هذا هو الحق، وشهدت أن الطواغيت كفار، وتبرأت من طالب الحمضي، وعبد الكريم، وموسى بن نوح، فأي شيء بان لك بأن هذا باطل، وأن الذي تبرأت منهم وعاديتهم أنهم على حق؟

الوجه الخامس: أنك لما خرجت من عند الشيوخ وأتيت عند الشنيفي، جحدت الكلام الذي قلتَ في المجلس. فإن كان الكلام حقًا فلأي شيء تجحده؟

وأنت وأبوك مقران أنكما لا تعرفان كلام الله ورسوله، لكن تقولان: نعرف كلام صاحب الإقناع وأمثاله؟ وأنا أذكر لك كلام صاحب الإقناع: أنه مكفّرك ومكفّر أباك في غير موضع من كتابه:

الأول: أنه ذكر في أول سطر من أحكام المرتد: أن الهازل بالدين يكفر؛ وهذا مشهور عنك، وعن ابن أحمد بن نوح، الاستهزاء بكلام الله ورسوله. وهذا كتابكم كفّركم.

الثاني: أنه ذكر في أوله: أن المبغض لما جاء به الرسول كافر بالإجماع، ولو عمل به. وأنت مقر أن هذا الذي أقول في التوحيد أمر الله ورسوله، والنساء والرجال يشهدون عليكم أنكم مبغضون لهذا الدين، مجتهدون في تنفير الناس عنه، والكذب والبهتان على أهله. فهذا كتابكم كفّركم.

الثالث: أنه ذكر من أنواع الردة: إسقاط حرمة القرآن، وأنتم كذلك تستهزئون بمن يعمل به، وتزعمون أنهم جهال وأنكم علماء.

الرابع: أنه ذكر أن من ادعى في علي بن أبي طالب ألوهية، أنه كافر، ومن شك في كفره فهو كافر. وهذه مسألتك التي جادلت بها في مجلس الشيوخ، وقد صرح في الإقناع بأن من شك في كفرهم فهو كافر، فكيف بمن جادل عنهم وادعى أنهم مسلمون، وجعلنا كفارًا لما أنكرنا عليهم؟

الخامس: أنه ذكر أن السحر يكفر بتعلمه وتعليمه، والطلاسم من جملة السحر, فهذه ستة مواضع في الإقناع، في بابٍ واحد، أن من فعلها فقد كفر، وهي دينك ودين أبيك. فإما أن تبرؤوا من دينكم هذا، وإلا فأجيبوا عن كلام صاحب الإقناع، وكلامنا هذا لغيرك الذين عليهم الشرهة مثل الشيوخ، أو من يصلي وراءك كادوا أنّ الله يهديهم ويعزلونك أنت وأبوك عن الصلاة بالناس لئلا تفسد عليهم دينهم، وإلا فأنا أظنك لا تقبل، ولا يزيدك هذا الكلام إلا جهالة وكفرًا, وأما الكلام الذي لبست به على الناس.

(الشرح)

وهذا كما قال الله عن اليهود والنصارى: أن القرآن لا يزيدهم إلا طغيانًا وكفرًا، أن القرآن لا يزيدهم إلا طغيانًا وكفرًا، كما أخبر الله في سورة المائدة وفي غيرها الآية، من يحفظ الآية فيها؟!! إلا طغيانًا وكفرًا...

(ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰙ) [المائدة:64]؛ أخبر الله أن القرآن يزيدهم طغيانًا وكفرًا والعياذ بالله، القرآن هدى وشفاء، ولكن هؤلاء اليهود يزيدهم القرآن طغيان وكفرًا والعياذ بالله، نعوذ بالله.

القرآن هدى وشفاء، لكن هؤلاء ازدادوا بالقرآن طغيانًا وكفرًا، (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰙ) [المائدة:64]؛ وهذا مثل الشيخ يقول بهؤلاء، يقول الشيخ: ما أظن أن يزيدهم هذا الكلام إلا جهالةً وكفرًا، ويعد من هذا الشخص الذي يكفره الشيخ يقول أنه كفره أشد من كفر هذا النصراني يصلي بالناس، يصلي بالناس الواجب عليهم أَن يعزلوه؛ حتى لا تفسد على الناس دينهم وصلاتهم.

ينتسب للإسلام، ولكنه عدوًا للإسلام، يحارب الدين ويحارب أهل الدين، ويصلي بالناس ويزعم أنه مسلم، ويحذر من دعوة الشيخ، ويقول هذا مذهبٌ خامس، وهذا كذا... نسأل الله السلامة والعافية، نعم.

(المتن)

وأما الكلام الذي لبست به على الناس، فأنا أبينه إن شاء الله، كلمة كلمة؛ وذلك أن جملة المسائل التي ذكرت أربعًا:

الأولى: النذر لغير الله، تقول إنه حرام ليس بشرك.

الثانية: أن من جعل بينه وبين الله وسائط كفر، أما الوسائط بأنفسهم فلا يكفرون.

الثالثة: عبارة العلماء: أن المسلم لا يجوز تكفيره بالذنوب.

الرابعة: التذكير ليلة الجمعة لا ينبغي الأمر بتركه.

هذه المسائل التي ذكرت.

فأما المسألة الأولى: فدليلك: قولهم: إن النذر لغير الله حرام بالإجماع، فاستدللت بقولهم: حرام، على أنه ليس بشرك. فإن كان هذا قدر عقلك فكيف تدعي المعرفة؟ يا ويلك! ما تصنع بقول الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )[الأنعام:151]. فهذا يدل على أن الشرك حرامٌ ليس بكفر؟ يا هذا الجاهل الجهل المركب!.

(الشرح)

هل هذا، يعني على تقدير همزة الاستفهام, يعني أفهل هذا يدل على أنه.

السائل: أفهل يعني؟.

الشيخ: نعم أفهل نعم.

السائل: نضيف الهمزة.

الشيخ: لا، لا التقدير مقدرة أسلوب عربي معروف، على هذا.

نعم، أعد العبارة.

(المتن)

يا ويلك! ما تصنع بقول الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )[الأنعام:151]؛ فهذا يدل على أن الشرك حرامٌ ليس بكفر؟ يا هذا الجاهل الجهل المركب!.

(الشرح)

التقدير أفهذا، نعم.

(المتن)

ما تصنع بقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)[الأعراف:33].

إلى قوله: ( وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا)[الأعراف:33]؛ هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه؟ يا ويلك! في أي كتابٍ وجدته إذا قيل لك: هذا حرام، إنه ليس بكفر؟.

 (الشرح)

(في أي كتاب وجدته إذا قيل لك: هذا حرام، إنه ليس بكفر؟).

الطالب: يعني أن مجرد التحريم مبدأ الكفر.

الشيخ: لأ، إذا قيل هذا، يعني هل هذا يعني إذا سئلت: هل (هذا حرام، إنه ليس بكفر؟)؛ أو أن المعنى، أو أن العبارة هي تغيير في أي كلام وجدت هذا؟ هذا حرام وليس بكفر، يعني أهذا الشيء حرام وليس بكفر!، نعم، أعد العبارة.

(المتن)

هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه؟ يا ويلك! في أي كتاب وجدته إذا قيل لك: هذا حرام، إنه ليس بكفر؟ فقولك: إن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذبٌ وافتراء على أهل العلم. بل يُقال: ذكر أنه حرام، وأما كونه كفر فيحتاج إلى دليل آخر؛ والدليل عليه: أنه صرح في الإقناع أن النذر عبادة، ومعلوم أن لا إله إلا الله معناها: لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذر عبادة وجعلتها لغيره، كيف لا يكون شركًا؟ وأيضًا، مسألة الوسائط تدل على ذلك، والناس يشهدون أن هؤلاء الناذرين يجعلونهم وسائط، وهم مقرون بذلك. وأما استدلالك بقوله.

(الشرح)

أولًا: أن النذر عبادة، وصرفه لغير الله شرك.

ثانيًا: أن الناذرين يدعون وسائط بينهم وبين الله، وجعل الوسائط شرك، يكون شرك من جهتين:

الأول: من جهة أنه عبادة لغير الله، وصرف العبادة لغير الله شرك.

الثاني: أنه يجعلون وسائط، أعد الثانية.

(المتن)

وأيضًا، مسألة الوسائط تدل على ذلك، والناس يشهدون أن هؤلاء الناذرين يجعلونهم وسائط، وهم مقرون بذلك.

وأما استدلالك بقوله: من قال: انذروا لي، وأنه إذا رضي وسكت لا يكفر، فبأي دليل؟ غاية ما يقال: إنه سكت عن الآخذ الراضي, وعلم من دليل آخر، والدليل الآخر: أن الرضى بالكفر كفر، صرح به العلماء، وموالاة الكفار كفر، وغير ذلك. هذا إذا قدر أنهم لا يقولونه، فكيف وأنت وغيرك تشهد عليهم أنهم يقولون ويبالغون فيه؟ ويقصون على الناس الحكايات التي ترسخ الشرك في قلوبهم، ويبغض إليهم التوحيد، ويكفرون أهل العارض لما قالوا: لا يعبد إلا الله. وأما قولك: ما رأينا للترشيح معنى في كلام العلماء، فمن أنت حتى تعرف كلام العلماء؟ وأما الثانية.

(الشرح)

لأنه ليس من أهل العلم، أهل العلم ما اطلعت على كلام أهل العلم لست من أهل العلم؛ حتى تقول إن هذا لم يقوله العلماء، نعم.

(المتن)

وأما الثانية: وهي أن الذي يجعل الوسائط هو الكافر، وأما المجعول فلا يكفر، فهذا كلام تلبيس وجهالة, ومن قال إن عيسى وعزيرًا وعلي بن أبي طالب وزيد بن الخطاب وغيرهم من الصالحين، يلحقهم نقص بجعل المشركين إياهم وسائط؟ حاشا وكلا!.

(الشرح)

نعم، لأنهم ما رضوا بعبادة علي، وزيد بن الخطاب، وعزير، وغيرهم، وعيسى كلهم ما يرضون بالكفر: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮬ) [المائدة:116].

إذًا ما هو يرضى عيسى عليه الصلاة والسلام، ولا يرضى زيد بن الخطاب، ولا يرضى الصالحون ما يرضون، ولهذا هم مستثنون؛ بخلاف الذي يرضى، الذي يرضى بالشرك مشرك، أو يأمر الناس بأن يعبدوه يكون من عبده النار،(ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الأنبياء:98].

يوم القيامة يكون العابد والمعبود جميعًا في النار، ولو كان المعبود حجر أو شجر يجعل معه في النار، وإذا كانت المعبود شمس وقمر، الشمس والقمر تكوران وتجعلان في النار يوم القيامة مع من عبدهم.

لكن يستثنى من؟ الأنبياء والصالحين الذين لم يرضوا والملائكة، قال الله تعالى: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭛ) [الأنبياء:102].

هؤلاء ما رضوا، لكن الذي يرضى يُجعل مع من عبده النار، وكذلك الجمادات التي عبدت تكون مع من عبدها في النار، نسأل الله العافية زيادةً في عذابهم، نعم.

(المتن)

(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الأنعام:164]. وإنما كفّرنا هؤلاء الطواغيت، أهل الخرج وغيرهم، بالأمور التي يفعلونها هم؛ منها: أنهم يجعلون آباءهم وأجدادهم وسائط. ومنها: أنهم يدعون الناس إلى الكفر.

(الشرح)

(وسائط) بينهم وبين الله يعني، يعني يدعونهم

(المتن)

منها: أنهم يجعلون آباءهم وأجدادهم وسائط.

(الشرح)

مثلما يجعل الناذرين وسائط، نعم.

(المتن)

ومنها: أنهم يدعون الناس إلى الكفر ومنها: أنهم يبغضون عند الناس دين محمدٍ r، ويزعمون أن أهل العارض كفروا لما قالوا: لا يعبد إلا الله، وغير ذلك من أنواع الكفر. وهذا أمر أوضح من الشمس، لا يحتاج إلى تقرير.

(الشرح)

السائل: (..)؟.

الشيخ: (العارض) الرياض وما حوله، كان يسمى العارض يكفرون أهل العارض يعني من حول الشيخ في الدرعية، نعم.

(المتن)

ولكن أنتٌ رجل جاهل مشرك، مبغض لدين الله، وتلبس على الجُهال الذين يكرهون دين الإسلام، ويحبون الشرك ودين آباءهم, وإلا فهؤلاء الجهال، لو أن مرادهم إتباع الحق، عرفوا أن كلامك من أفسد ما يكون.

وأما المسألة الثالثة: وهي من أكبر تلبيسك الذي تلبس به على العوام، أن أهل العلم قالوا: لا يجوز تكفير المسلم بالذنب، وهذا حق، ولكن ليس هذا ما نحن فيه.

(الشرح)

(لا يجوز تكفير المسلم بالذنب)؛ الزاني، والسارق، وشارب الخمر، والعاق لوالديه عاصي ما يقال أنه كافر، عاصي ضعيف الإيمان، الذي يكفر هذا هم الخوارج، الخوارج يقولون بذلك، والسارق كافر، وشارب الخمر كافر، والعاق لوالديه كافر، والزاني كافر والمرابي كافر هذا باطل.

ولهذا أمر النبي صلى اله عليه وسلم بقتالهم وقال: «يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ»، لو كان الزاني كافر ما ورث من أقاربه، ولا ورث ، ما ورث منهم ولا ورثوا منه، ففيه توارث بين المؤمن والعاصي، إذا مات العاصي يرث ويورث، لو كان كافر ما يرثه المسلم، لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.

ولو كان الزاني، والسارق، وشارب الخمر كفار لوجب قتلهم، لقول النبي r«من بدل دينه فاقتلوه»، ولكن شار بالخمر يجلد، والسارق تقطع يديه، والعاق لوالديه يؤدب، وهكذا فلا يقتلون، ولو كان كفارًا لوجب قتلهم، نعم.

السائل: (..)؟.

الشيخ: فيه خلاف بين العلماء, الجمهور على أنهم مبتدعة، الصحابة عاملوهم معاملة المبتدعة، ولم تكفرهم.

وبعض العلماء: كفرهم وهو رواية عن الإمام أحمد، رواية عن الإمام أن الخوارج يكفرون، وهو قول لبعض العلماء الأحاديث قالوا صريحة في كفرهم؛ لأن النبي r قال: «يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ».

قال: «وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ»، قال: «أينما لقيتهم فاقْتُلُهُمْ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة».

قالوا: هذه أدلة تدل على كفرهم، والذين لم يكفروا قالوا أنهم متأولون، والمتأول لا يكفر يستدل بقوله علي رضي الله عنه لما سُئل عن الخوارج؟ أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا، نعم.

(المتن)

وذلك أن الخوارج يكفّرون مَن زنى أو مَن سرق أو سفك الدم، بل كل كبيرة إذا فعلها المسلم كفر, وأما أهل السنة فمذهبهم: أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك, ونحن ما كفّرنا الطواغيت وأتباعهم إلا بالشرك, وأنت رجل من أجهل الناس، تظن أن من صلى وادعى أنه مسلم لا يكفر, فإذا كنت تعتقد ذلك، فما تقول في المنافقين الذين يصلّون ويصومون ويجاهدون؟.

(الشرح)

وهم: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯝ) [النساء:145]. المنافقون يصلون، ويصومون، ويحجون، ويجاهدون مع النبي r وهم في الدرك الأسفل من النار.

لكن تُجرى عليهم أحكام الكفر ظاهرًا؛ لأنهم ما أظهروا كفرهم؛ ولأن النبي r قال: «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».

لو قتلهم صار في مفسدة، صار الناس البعيدين يقولون: «مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»؛ لأنهم مع المسلمين ما يدرون عنهم، يصلون معهم فإذا قتلهم قال قتل أصحابه، قال قتل أصحابه يصومون ويصلون معه ويحجون، فدرءًا المفسدة تركها؛ ولأنهم ما أطهروا له كفرهم، ومن أظهر له نفاقه يُقتل، لكن هم يتسترون، نعم.

(المتن)

قال الله تعالى فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)[النساء:145]؛ وما تقول في الخوارج الذين قال فيهم رسول الله r: «لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد, أينما لقيتموهم فاقتلوهم». أتظنهم ليسوا من أهل القبلة؟.

(الشرح)

(أهل القبلة؟)؛ هم كل من يتجه إلى القبلة في الصلاة، وفي الذبح، وفي الدعاء، يقال لهم أهل القبلة ينتسبون إلى الإسلام، بخلاف الكفار والمشركين واليهود والنصارى ليسوا من القبلة؛ لأنهم لا يصلون، ولا ينتسبون للإسلام، ولا يتوجهون للقبلة، نعم.

السائل: شيخ كان ظاهر من كلام الشيخ أنه يكفر الخوارج؟.

الشيخ: نعم، كأنه يختار القول الثاني، اللي يروى عن الإمام أحمد بتكفيرهم، والجمهور على أنهم،, شيخ الإسلام يرى أنهم ليسوا كفار، يقول: هم مبتدعة أن الصحابة عاملهم معاملة المبتدعة، ولم يعاملهم معاملة الكفار، لما قتلوهم لما قتلهم علي رضي الله عنه ما سبى أموالهم، ولو كانوا كفار لأخذت أموالهم، هَذَا قول شيخ الإسلام ابن تيمية، نعم.

(المتن)

ما تقول في الذين اعتقدوا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل اعتقاد كثير من الناس في عبد القادر وغيره، " فأضرم لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه نارًا فأحرقهم بها، وأجمعت الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس أنكر تحريقهم بالنار، وقال: يقتلون بالسيف ".

أتظن هؤلاء ليسوا من أهل القبلة؟ أم أنت تفهم الشرع وأصحاب رسول الله r لا يفهمونه؟ أرأيت أصحاب رسول الله r لما قاتلوا مَن منع الزكاة، فلما أرادوا التوبة، قال أبو بكر: لا نقبل توبتكم حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، أتظن أن أبا بكر وأصحابه لا يفهمون، وأنت وأبوك الذين تفهمون؟.

يا ويلك أيها الجاهل الجهل المركب! إذا كنت تعتقد هذا، وأن مَن أمّ القبلة لا يكفر، فما معنى هذه المسائل العظيمة الكثيرة التي ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، التي كثير منها في أناس أهل زهد وعبادة عظيمة؟ ومنها طوائف ذكر العلماء أن من شك في كفرهم فهو كافر, ولو كان الأمر على زعمك، لبطل كلام العلماء في حكم المرتد، إلا مسألةً واحدة؛ وهي: الذي يصرح بتكذيب الرسول وينتقل يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا ونحوهم.

(الشرح)

نعم، (وهي)؛ يعني المسألة.

(المتن)

وهي: الذي يصرح بتكذيب الرسول وينتقل يهوديًا، أو نصرانيًا أو مجوسيًا ونحوهم، هذا هو الكفر عندك. يا ويلك! ما تصنع بقوله r: «لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان».

وكيف تقول هذا وأنت تقرّ أن من جعل الوسائط كفر؟ فإذا كان أهل العلم في زمانهم حكموا على كثير من أهل زمانهم بالكفر والشرك، أتظن أنكم صلحتم بعدهم؟ يا ويلك!.

وأما مسألة التذكير، فكلامك فيها من أعجب العجاب: أنت تقول: بدعة حسنة، والنبي r يقول: «كل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار»، ولم يستثن شيئًا تشير علينا به، فنصدقك أنت وأبوك لأنكم علماء، ونكذب رسول الله.

والعجب من نقلك الإجماع، فتجمع مع الجهالة المركبة الكذب الصريح والبهتان. فإذا كان في الإقناع في باب الأذان قد ذكر كراهيته في مواضع متعددة، أتظن أنك أعلم من صاحب الإقناع، أم تظنه مخالفًا للإجماع؟ وأيضًا، لما جاءك عبد الرحمن الشنيفي أقررت لهم أن التذكير بدعة مكروهة، فمتى هذا العلم جاءك؟.

وأما قولك: أمر الله بالصلاة على نبيه على الإطلاق، فأيضًا أمر الله بالسجود على الإطلاق في قوله: (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)[الحج:77]؛ فيدل هذا على السجود للأصنام أو يدل على الصلاة في أوقات النهي؟.

(الشرح)

يعني أفيدلُ، قال تقدير همزة الاستفهام، أفيدل هَذَا؟ يقول: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮠ ﮡ) [الحج:77]؛ أفيدل هَذَا على السجود للأصنام؟. لأنه جاء على الإطلاق، قال اركعوا واسجدوا لله، نعم.

(المتن)

فيدل هذا على السجود للأصنام؟ أو يدل على الصلاة في أوقات النهي؟ فإن قلت: ذاك قد نهى عنه النبي r. قلنا وكذلك نهى النبي r عن البدع، وذكر أن كل بدعة ضلالة، ومعلوم أن هذا حادث من زمن طويل، وأنكره أهل العلم، منهم صاحب الإقناع. وقد ذكر السيوطي في كتاب الأوائل: أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة لتهيؤ الناس لصلاتها، بعد السبعمائة في زمن الناصر بن قلاوون.

(الشرح)

إيش؟ وقد ذكر في الإقناع.

(المتن)

وقد ذكر السيوطي في كتاب الأوائل: أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة لتهيؤ الناس لصلاتها، بعد السبعمائة في زمن الناصر بن قلاوون، فأرنا كلام واحد من العلماء أرخص فيه، وجعله بدعة حسنة؛ فليس عندك إلا الجهل المركب، والبهتان والكذب.

وأما استدلالك بالأحاديث التي فيها إجماع الأمة والسواد الأعظم، وقوله: «من شذ، شذ في النار»، و «يد الله على الجماعة»، وأمثال هذا، فهذا أيضًا من أعظم ما تلبس به على الجهال، وليس هذا معنى الأحاديث بإجماع أهل العلم كلهم؛ فإن النبي r أخبر أن الإسلام سيعود غريبًا، فكيف يأمرنا بإتباع غالب الناس؟ وكذلك الأحاديث الكثيرة، منها قوله: «يأتي على الناس زمان، لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه»، وأحاديث عظيمة كثيرة، يُبين r أن الباطل يصير أكثر من الحق، وأن الدين يصير غريبًا.

(الشرح)

أن الباطل إيش يسير؟.

الطالب: يصير.

الشيخ: يصير؛ نعم من الصيرورة في آخر الزمان نعم.

(المتن)

وأحاديث عظيمة كثيرة، يبين r أن الباطل يصير أكثر من الحق، وأن الدين يصير غريبًا ولو لم يكن في ذلك إلا قوله r: «ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة»، هل بعد هذا البيان بيان؟ يا ويلك! كيف تأمر بعد هذا باتباع أكثر الناس؟.

ومعلوم أن أهل أرضنا وأرض الحجاز، الذي ينكر البعث منهم أكثر ممن يقر به، وأن الذي يعرف الدين أقل ممن لا يعرفه.

(الشرح)

وإنكار البعث كفر بإجماع المسلمين، الله تعالى أمر نبيه أن نقسم على ذلك في ثلاثة مواضع من الكتاب، قال سبحانه وتعالى في سورة يونس: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰖ) [يونس:53]؛ يعني البعث.

وقال سُبْحَانَهُ: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [سبأ:3].

قال سبحانه: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯣ) [التغابن:7]؛ أمر نبيه أن يقسم على الساعة والبعث في هذه المواضع الثلاثة.

 (المتن)

وأن الذي يعرف الدين أقل ممن لا يعرفه، والذي يضيع الصلوات أكثر من الذي يحافظ عليها، والذي يمنع الزكاة أكثر ممن يؤديها، فإن كان الصواب عندك إتباع هؤلاء، فبيّن لنا! وإن كان عنْزة وآل ظفير وأشباههم من البوادي هو السواد الأعظم، ولقيت في علمك وعلم أبيك أن اتّباعهم حسن، فاذكر لنا! ونحن نذكر كلام أهل العلم في معنى تلك الأحاديث ليتبين للجهال الذين موَّهت عليهم. قال ابن القيم، رحمه الله، في أعلام الموقعين.

(الشرح)

(في أعلام الموقعين) أفصح.

الطالب: إعلام؟.

الشيخ: أفصح كسر الهمزة أفصح " إعلام الموقعين عن رب العالمين " إعلام يعني يعلمهم ويخبرهم، الموقعين عن رب العالمين، الموقعين عن الله يعني، العلماء هم الموقعون عن الله، والمؤلف يعلمهم، أما أعلام الموقعين يصير أعلام يعني أشخاص، أعلام الموقعين يعني أشخاص والمراد الأول بالكسرة.

(المتن)

قال ابن القيم، رحمه الله، في إعلام الموقعين: واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو: العالم صاحب الحق، وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض؛ وقال عمرو بن ميمون: سمعت ابن مسعود يقول: «عليكم بالجماعة! فإن يد الله على الجماعة»، وسمعته يقول: «سيلي عليكم ولاة».

(الشرح)

   يعني سيتولى، نعم.

 

(المتن)

«سيلي عليكم ولاة يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصلّ الصلاة وحدك وهي الفريضة، ثم صل معهم فإنها لك نافلة».

(الشرح)

أي صلي الفريضة في وقتها، لابد من أداء الصلاة في وقتها، كان هذا وجد في زمن بني أُمية بعض الأمراء كانوا يؤخرون الصلاة؛ كما أخبر النبي r ينشغلون بأعمالهم ويؤخرون الصلاة، فقال النبي rصَلِّ الصَّلاة لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَك نَافِلَة».

درءًا للفتنة والتفرق، إذا كان هناك من يؤخرون الصلاة إلا بعد خروج الوقت فيصلي الإنسان الصلاة في وقتها، ثم إذا أدركها معهم صلى مرةً أخرى نافلة، ولا بأس في إعادة الصلاة؛ حتى ولو في وقت النهي بعد الفجر، أو بعد العصر, إنما الممنوع إنسان جالس مفرد يقوم يصلي بدون سبب، نعم.

(المتن)

وسمعته يقول: «سيلي عليكم ولاة يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصلّ الصلاة وحدك وهي الفريضة، ثم صل معهم فإنها لك نافلة». قلت: يا أصحاب محمد، ما أدري ما تحدثون، قال: وما ذاك؟ قلت: تأمرني بالجماعة، ثم تقول: صل الصلاة وحدك! قال: يا عمرو بن ميمون، لقد كنت أظنك مِن أفقه أهل هذه القرية, أتدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال: جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة. والجماعة: ما وافق الحق وإن كنت وحدك .

(الشرح)

نعم، هذا قول كثير من السلف، أَن الجماعة ما وافق الحق, ولو كان عدد قليل، نعم.

السائل: قول جمهور الجماعة يعني أكثر الناس فارق الجماعة؟.

الشيخ: جمهور الجماعة إيش؟

الطالب: (قال: جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة).

الشيخ: أو جمهور الناس لعلها، جمهور الناس هم الذين فارقوا الجماعة، الطباعة هذه فيها تحريف.

(المتن)

وقال نعيم بن حماد: إذا فسدت الجماعة، فعليك بما كان عليه الجماعة قبل أن تفسد الجماعة، وإن كنت وحدك؛ فإنك أنت الجماعة حينئذ, وقال بعض الأئمة، وقد ذكر له السواد الأعظم: أتدري ما السواد الأعظم؟ هو محمد بن أسلم الطوسي وأصحابه الذين جعلوا السواد الأعظم.

(الشرح)

الذين كانوا على الحق، نعم.

(المتن)

والحجة والجمهور والجماعة، فجعلوهم عيارًا على السنة، وجعلوا السنة بدعة، وجعلوا المعروف منكرًا لقلة أهله وتفردهم في الأعصار والأمصار، وقالوا: «من شذ، شذ في النار»، وعرف المتخلفون, أن الشاذ ما خالف الحق، وإن كان عليه الناس كلهم إلا واحدًا، فهم الشاذون.

وقد شذ الناس كلهم في زمن أحمد بن حنبل إلا نفرًا يسيرًا، فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة يومئذ والمفتون والخليفة وأتباعهم كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحدهُ هو الجماعة. ولما لم.

(الشرح)

يقصد حديث: «إياكم بالشذوذ وعليكم بالجماعة»، الجماعة في زمن الإمام أحمد رحمه الله؛ لأنه ثبت، شذّ الناس فقالوا بقول خلق القرآن، فاعتبره العلماء تأول، والإمام أحمد رحمه الله ثبت ثبات الجبال الراسيات لا يبالي بضرب ولا بحبس.

وهو معذور، إذا كان مكره إذا ما تكلم، جاء الإمام أحمد من قال يا إمام أنت لك رخصة الآن وآذيت، وسجنت، وسحلت، لك أن تتأول كما تأول غيرك، بعضهم تأول، أُمتحن الناس في زمانهم.

صار المعتزلة لهم صلة بالخليفة، فألزم الخليفة الناس أن يقولوا بخلق القرآن, القرآن المخلوق، قال يعمم هذا، واللي ما يقول القرآن مخلوق في جميع البلدان في مملكته، واللي ما يقول القرآن مخلوق يذهب ويكبل بالحديد من العلماء، وكثير من العلماء سحبوا وكبلوا بالحديد، وأجبروا، منهم من مات، ومنهم من تأول.

بقي الإمام أحمد استمر على الحق، وقال: (القرآن كلام الله منزل وغير مخلوق)، سحبوه، وآذوه، وضربوه، أغمي عليه ولا يبالي، وكل ما أرادوه قال: أنا على كلامي ما تغير.

قال العلماء: إن الله نصر الحق بالإمام أحمد؛ كما نصر الحق في أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما ارتد الناس كلهم، هيأ الله الصديق فأعادهم إلى الإسلام مرةً أخرى.

وكذلك في زمن المحنة، ولهذا يقال: أبو بكرٍ يوم الردة، والإمام أحمد يوم المحنة، نصر الله الحق في أبي بكر يوم الردة، ونصر الله الحق بالإمام أحمد يوم المحنة، حتى توفي المأمون وجاء الواثق استمر على المحنة، ثم بعد ذلك توفي، لما ذهب الواثق وجاء المتوكل هنا نصر السُنة رحمه الله, وعند ذلك انتهت المحنة، وأُخرج الإمام أحمد رحمه الله، وعاد إلى دروسه ينشر السُنة، نعم.

(المتن)

ولما لم تحمل ذلك عقول الناس، قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين، أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون على الباطل، وأحمد وحده على الحق، فلم يتسع علمه لذلك، فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل. فلا إله إلا الله، ما أشبه الليلة بالبارحة. انتهى كلام ابن القيم، يا سلامة ولد أم سلامة.

هذا كلام الصحابة في تفسير السواد الأعظم، وكلام التابعين، وكلام السلف وكلام المتأخرين، حتى ابن مسعود ذكر في زمانه أن أكثر الناس فارقوا الجماعة. وأبلغ من هذه الأحاديث المذكورة عن رسول الله r من غربة الإسلام، وتفرق هذه الأمة أكثر من سبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة. فإن كنت وجدت في علمك وعلم أبيك ما يرد على رسول الله r والعلماء، وأن عنْزة وآل ظفير والبوادي يجب علينا إتباعهم، فأخبرونا.

   كتبه محمد بن عبد الوهاب، وصلى الله على محمدٍ وآله وسلم.

(الشرح)

   اللهم صل وسلم.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد