شعار الموقع
شعار الموقع

اعتقاد أهل السنة للإسماعيلي (1) من بداية الكتاب – إلى قوله: " محذرين في مخالفته الفتنه و العذاب الأليم"

00:00

00:00

تحميل
116

الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد:

فنحمد الله و نشكره و نثني عليه الخير كله أن منّ علينا بالعودة إلى مجالس الذكر و العلم و أسأل الله أن يرزقنا جميعاً العلم النافع و العمل الصالح و أن يرزقنا الإخلاص في العمل و الصدق في القول و أسأله سبحانه أن يعيذنا من الرياء و السمعة.

أيها الإخوان إن تعلم العلم و تعليمه من أفضل القُربات و أجل الطاعات فينبغي للمسلم الذي منّ الله عليه بالإيمان و هداه للإيمان ثم منّ عليه بنعمة العلم و التعلم و التعليم أن يشكر الله على هذه النعمة و أن يسأله المزيد من فضله و أن يسأل الله الثبات على دينه و الاستقامة عليه و أن يجاهد نفسه دائما على الإخلاص فإن الإخلاص عزيز و الخواطر الرديئة ترد على النفوس و الشيطان حريص على إفساد عمل ابن آدم و المسلم المجاهد لنفسه المسلم لا يزال في جهاد مادام في هذه الحياة الدنيا لا يزال في جهاد , جهاد للنفس و جهاد للشيطان و جهاد للهوى فلا يزال في جهاد و لا يزال في خطر يخشى عليه من الفتن حتى تفارق روحه الجسد و هو في جهاد و فتنه و اختبار بل إنه قد يكون في فتنه أيضا في الدار الآخرة حتى يدخل الجنة يفتتن في موقف القيامة في عرصات القيامة.

فإذا دخل الجنه سلم من الشرور يروى عن الإمام أحمد –رحمه الله- أنه سُمع قُبيل وفاته وهو يقول بعدُ بعدُ بعدُ فلما أفاق سُئل عن هذه الكلمة بعدُ بعدُ فقال إن الشيطان عرض لي و قال فتني يا أحمد "ما قدرت عليك" ما استطعت فقلت بعدُ بعدُ "مافت عليك" مادام الروح ما فارقت الجسد فأنا على خطر إذا كان الإمام أحمد إمام أهل السنة و الجماعة يقول هذا و يخشى على نفسه و يقول بعدُ بعدُ فكيف بغيره.

وقال عبد الله بن مسعود فيما ثبت عنه من كان مستناً "يعني مقتدياً" فليستن بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فنسأل الله أن يثبتنا و إياكم على دينه القويم.

و العلم نور و بصيرة يقذفه الله في قلب العبد و لاسيما العلم بالله و بأسمائه و صفاته و بدينه و بشرعه و بحقه الذي أوجبه على عباده ( هذا أشرف العلوم )  فطالب العلم عليه أن يغتبط بهذه النعمة و يفرح بها قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، و عليه أن يجاهد نفسه يجاهد نفسه على التعلم و على الصبر ثم عليه بعد ذلك أن يجاهد نفسه على العمل بما علمه و تعلمه ثم عليه أن يجاهد نفسه بعد ذلك على التعليم و الدعوة إلى الله و نشر العلم و الخير الذي استفاده  (حتى ولو كلمة استفدتها ولو جملة ولو فائدة واحدة استفدتها تبلغها ) تبلغها لمن؟ تبلغها لأهلك و لأهل بيتك و لجيرانك و لأقاربك و للناس قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح : بلغوا عني ولو آية، فربما مبلغ أوعى من سامع و رب حامل فقه لمن هو  أفقه منه.

ثم أيضا جهاد النفس على الصبر, اصبر لأن هذه الأمور تحتاج إلى صبر التعلم يحتاج إلى صبر و العمل يحتاج إلى صبر  و الدعوة و التعليم يحتاج إلى صبر ، والصبر ثلاثة أنواع صبر على طاعة الله حتى يؤدي الإنسان ما وجب الله عليه و صبر عن محارم الله حتى ينتهي عما حرم الله عليه و صبر على أقدار الله المؤلمة و بهذا يكون المسلم يكون من الرابحين و يسلم من الخسران كما قال ربنا بسم  الله الرحمن الرحيم و العصر ۝ إن الإنسان لفي خسر ۝ إلا الذين أمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر  هذه صفات الرابحين الذين آمنوا والإيمان مبني على العلم الصحيح ليس هناك إيمان صحيح إلا إذا كان مبني على علم العلم الصحيح وعملوا الصالحات هذا هو العمل الصالحات هي الواجبات التي أوجبها الله و هي نوعان واجبات لله وواجبات لعباد الله لحقوق الله وحقوق العباد.

و تواصوا بالحق الحق هذا الدعوة إلى الله التعلم هذا الحق هذا الخير و الحق الذي علِمه و عمل به يتواصى مع غير و يدعوا غيره و يعلم غيره وتواصوا بالصبر من كمل هذه الصفات و أقامها و استقام عليها كمل ربحه و من ضيعها كمل خسرانه و من نقص شيء منها فاته شيء من الربح و حصل على شيء من الخسران بقدر النقص الذي حصل له  و من النعم العظيمة التي يمن الله بها على طالب العلم أن يوفق للمعتقد الصحيح الموروث عن صحابة رسول الله ثم عن رسول الله ﷺ و العقيدة الصحيحة المأخوذة من كتاب الله و سنة رسوله ﷺ وهي عقيدة أهل السنة و الجماعة هذه نعمة عظيمة هناك كثير من العلماء الذين برزوا في علم التفسير أو برزوا في علم الفقه أو برزوا في علم أصول الفقه و برزوا في النحو و برزوا في الفلسفة و غيرها و لكنهم حرموا عقيدة أهل السنة و الجماعة لم يعرفوها برزوا في الحديث و في الأسانيد و معرفة الأسانيد و في الرجال و في المعاني الأحاديث و لكنهم لم يحققوا عقيدة أهل السنة و الجماعة لأنهم لم ينشئوا منذ الطلب على عقيدة أهل السنة و الجماعة و لم يوفقوا لمشايخ ينشّؤونهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فنشأوا على عقيدة تخالف عقيدة أهل السنة و الجماعة.

بعضهم نشأ على عقيدة الأشاعرة بعضهم نشأ على عقيدة المعتزلة بعضهم نشأ على عقيدة أهل التصوف إلى غير ذلك من أنواع العقائد فالمسلم الذي وفقه الله طالب العلم لمعتقد أهل السنة والجماعة عليه أن يعض عليها بالنواجذ و أهل السنة والجماعة وفقهم الله فقرؤوا كتاب الله و قرؤوا سنة رسول الله ﷺ واستخرجوا المعاني من النصوص والدلالات التي تدل على العقيدة السليمة الصحيحة التي أوجبها الله على عباده فقرروها في كتبهم  واستدلوا عليها بالنصوص من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وهم أهل السنة والجماعة وهم الطائفة المنصورة وهم أهل الحق وهم باقون إلى قيام الساعة كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ لا تزال طائفة من أمتي  على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك و تعالى، هم الطائفة الناجية و غيرهم متوعد بالوعيد قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح: افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقه و ستفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة قيل : من هي يا رسول الله قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم و أصحابي، و في لفظ : وهي الجماعة،  هذه الفرقة الناجية جعلنا الله و إياكم منهم هم أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة هم أهل الحق ومن قال أن الطائفة المنصورة غير أهل السنة و الجماعة فقد غلط.

أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة وهم أهل الحق وهم الطائفة الناجية كما أقر النووي رحمه الله قد تكون الطائفة المنصورة  قد يكون (نسميه الطائفة المنصورة) وهو مثلا محدث يكون من الطائفة المنصورة وهو فقيه يكون من الطائفة المنصورة ومفسر من الطائفة المنصورة وهو نحوي من الطائفة المنصورة وهو عنده مهنة يكون جزار أو مزارع أو تاجر و هم من الطائفة المنصورة و من الحق وفقه الله للعقيدة السليمة فاعتقد ما دل عليه كتاب الله و سنة رسوله ﷺ وما قره أهل الحق من الصحابة والتابعين والأئمة وأهل السنة والجماعة وسط بين فرق الضلال فهم وسط فهم وسط في أسماء الله وصفاته بين أهل التعطيل وأهل التمثيل والمعطلة نفوا صفات الله أو بعضها و الممثلة و المشبهة شبهوا الله بخلقه، فأهل السنة وسط بين هؤلاء وهؤلاء لم يمثلوا و لم يعطلوا بل أثبتوا الأسماء و الصفات التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله ﷺ لكن لم يكيفوا و لم يمثلوا (على ما يليق بجلالة الله وعظمته).

فهم وهم وسط في باب الإيمان  والوعيد بين الخوارج وبين الجهمية فالخوارج كفروا الناس بالمعاصي والكبائر قالوا من فعل الكبيرة كفر و مرجئة الجهمية قالوا لا يضر مع الإيمان ذنب من يفعل المعاصي لا يتأثر إيمانه بل لو فعل الكبائر بل لو فعل أنواع الردة فلا يتأثر إيمانه بل يكفي أن يقول آمنت بلسانه والمعاصي لا تضر و لا تؤثر في الإيمان والخوارج قابلوهم المعتزلة قالوا إذا فعل الكبيرة كفر خرج من الإسلام فأهل السنة وسط بين هؤلاء فلا يقولون بقول المرجئة الإيمان لا يتأثر بل يتأثر الإيمان ويضعف وينقص بالمعاصي ولا يزول إلا بالكفر ولا يخرج الإنسان من الإيمان بالمعصية كما يقول الخوارج  والمعتزلة بل يبقى على إيمانه وإسلامه مادام أنه لم يفعل مكفراً ولا ناقضاً من نواقض الإسلام وهم وسط في بابين في القدر بين القدرية النُفاة الذين نفوا القدر وقالوا إن أفعال العباد لم يقدرها الله ولم يخلقها وبين الجبرية الذين قالوا إن العبد مجبور على أفعاله وأنه لا اختيار له وأن حركاته كحركات المرتعش والنائم ونبض العروق.

وهذا باطل الإنسان له اختيار وقدره، أفعاله نوعان أفعال اضطرارية لا يؤاخذ عليها وأفعال اختيارية هي التي يكلف بها ولهذا يكلف الله القادر فالقادر الذي يقدر على القيام يجب أن يصلي قائماً والعاجز يصلي قاعد كما في حديث عمران بن حصين صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبك .. زاد النسائي فإن لم تستطع فمستلقياً ، والذي لا عقل له لا يكلف الله لا يكلف إلا القادر.

وهم وسط في باب الصحابة بين الروافض وبين النواصب بين الروافض الذين كفّروا الصحابة وفسّقوهم و لم يستثنوا إلا القليل علي وعمار والذين والو علياً وبين النواصب الذين نصبوا العداء لآل البيت وآذوهم فأهل السنة وسط يوالون أهل البيت ويوالون الصحابة ويترضون على الجميع وينزلونهم منازلهم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة التي دل عليها كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وقرها أهل العلم وأهل العلم لما انتشرت البدع في أواخر عهد الصحابة ظهرت بدعة الخوارج وبدعة التشيع ثم ظهرت في أول المائة الثانية بدعة الجهمية وبدعة المعتزلة وكذلك بدعة القدرية أيضاً الأولى في أواخر  عصر الصحابة معبد الجهني بالبصرة  تكلم بذلك لما تكلم عن البدع انبرى أهل الحق وأهل السنة والجماعة فألفوا المؤلفات وكتبوا الرسائل وقرروا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وبينوا العقيدة الصحيحة التي عليها الصحابة والتابعون ومن بعدهم.

ومن ذلك هذه الرسالة التي معنا، وهي رسالة اعتقاد أهل السنة والجماعة هذه الرسالة التي بين أيدينا و التي سنتكلم على عليها على ما يفتح الله عليه في هذه الدورة هذه الرسالة و هي كتاب اعتقاد أهل السنة وهي من تأليف الحافظ أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عباس الجرجاني الإسماعيلي الشافعي كما بين ذلك المحقق وفقه الله جمال عزون هذا الإمام الإسماعيلي من أئمة أهل السنة والجماعة ومن العلماء الأفاضل الذين أثنى عليهم أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيميه ونقل عنه وهو شافعي كان مولده في سنة سبع و سبعين ومائتين وكانت وفاته في سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة عن أربع وتسعين سنة رحمه الله طلب العلم وهو صغير وصنف التصانيف العظيمة الذي شهد له بالإمامة في الفقه والحديث وأثنى عليه جمع من العلم من ذلك قول الحاكم كان الإسماعيلي واحد عصره وشيح المحدثين والفقهاء وأجلهم في الرئاسةِ والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين العلماء من الفريقين وعقلائهم في أبي بكر هذا كلام الحاكم أبو عبد الله الحاكم وقال الحسن بن علي الحافظ كما في تاريخ جرجان  كان الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه سننا ويختار ويجتهد، فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كتب، ولغزارة علمه وفهمه وجلالته.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي بكر الإسماعيلي ( الإمام الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام ) وقال السبكي في طبقات الشافعية عن أبي بكر ( كان إمام أهل جرجان والمرجوع إليه في الفقه والحديث وصاحب التصانيف ) له مؤلفات رحمه الله فهو فقيه ومحدث ومن أهل السنة والجماعة وله كتاب مستخرج على صحيح البخاري معروف ومستخرج والمستخرج هو أن يخرّج أحاديث البخاري (بسنده هو) فيقول حديث البخاري له سند وله سند يستخرج أحاديث هو ويوافقه البخاري فيها بسنده هو والاستخراج له فوائد تفيد قوة الحديث وقد يكون في الحديث ألفاظ فالمستخرجات ليست في  الأصل أو توضيح لبعض الكلمات وله كتاب المدخل إلى صحيح البخاري وله عدة مسانيد المسند الكبير مسند عمر مسند علي مسند يحيى الأنصاري حديث يحيى بن أبي بكر وله سؤالات وله رسالة في العقيدة ذكرها الصابوني وشيخ الإسلام ابن تيمية وله كتاب الفقه فهو من أهل السنة والجماعة كما ذكر المحقق وفقه الله وكان على طريقة الحديث والأثر ينقل بالأسانيد ولهذا قال الحافظ ابن كثير يرحمه الله عنه ( صنف فأفاد وأجاد، وأحسن الانتقاد والاعتقاد ).

وأثنى عليه أهل العلم من ذلك الحافظ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني في عقيدته سماها عقيدة السلف وأصحاب الحديث قال: قال في هذه الرسالة مثنياً على الإسماعيلي و قرأت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن الرسول ﷺ و قد قال الله هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، وقال: وجاء ربك والملك صفا صفا، ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيف ذلك فعل فانتهينا إلى ما أحكمه وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أُمرنا به في قوله   هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأُخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ( نعم نبدأ الآن في الرسالة )

المتن:

بسم  الله الرحمن الرحيم، والصلاة و السلام على خير خلق الله أجمعين "اللهم صلي وسلم" نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيرا، قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي – رحمه الله تعالى- في اعتقاد أهل السنة: بسم الله الرحمن الرحيم، اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وقبول ما نطق به كتاب الله تعالى وما صحة به الرواية عن رسول الله ﷺ لا معدِل عن ما وردا به و لا سبيل إلى رده إذ كانوا مأمورين باتباع الكتاب والسنة مضموناً لهم الهدى فيهما مشهوداً لهم بأن نبيهم صلى الله عليه و آله و سلم يهدي إلى صراط مستقيم محذرين في مخالفته الفتنه و العذاب الأليم.

الشرح:

هذه العقيدة قال فيها رحمه الله: اعلموا رحمنا الله و إياكم، والبسملة ليست موجودة في الرسالة كما ذكر المحقق زادها المحقق فيحتمل أن المؤلف أضمرها واكتفى بإضمارها في نفسه ويحتمل أنها سقطت ولم تنقل قال: بسم  الله الرحمن الرحيم، اعلموا، اعلموا، هذا أمر للمخاطبين "يعني" اعلموا أيها الذين تقرءون هذه الرسالة.

والعلم هو اليقين الجازم اليقين الجازم ويقابله الشك والظن والظن والوهم المدركات أنواع أربعة العلم والظن والشك والوهم، فالعلم هو اليقين الجازم ما يتيقنه الجازم ويجزم به سواء كان حقاً أو باطلا و الظن هو الراجح من الأمرين المحتملين إذا كان الأمر محتملاً لأمرين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى ظن والمرجوح يسمى وهم وإذا كانا على حد سواء لم يرجح أحدهما على الآخر سمي شك فهذه المدركات إما وهم وإما شك وإما ظن وإما علم ويقين فالظن الراجح من الأمرين والوهم المرجوح من الأمرين والشك الأمران المتساويان والعلم هو اليقين الجازم.

فالمؤلف يقول: "لا تشك ولا تتوهم ولا تظن" "تيقن أن مذهب أهل الحديث وأهل السنة والجماعة ما ذكرته اجزم بهذا فالمسلم يكون عنده جزم وعقيدة الاعتقاد الجازم ليس عنده شك لأن الذي يشك في الله وملائكته هذا من أعمال الكفر أنواع الردة من شك في ربوبية الله أو في أسمائه أو في صفاته أو شك في ملك من  الملائكة أو في كتابه  أو في الكتب أو في الرسل هذا من أنواع الردة، وقد يكون منافق المنافق هو الذي يكون عنده شك، قال تعالى:  فهم في ريبهم يترددون،، أي يشكون، المؤلف يقول: لا تشك اجزم اعتقد اعتقاد جازم أن مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة ما ذكرته لك وقل: "رحمنا الله وإياكم" هذا من نصح المؤلف الجملة معترضة المقصود منها الدعاء جملة معترضة المقصود منها الدعاء و هذا من نصح العالِم يعلمك و يدعو لك بالرحمة "رحمنا الله وإياك" هذا خبر بمعنى اللهم ارحمنا وإياك نسأل الله أن يرحمنا وإياكم، هكذا يقول المؤلف، نسأل الله أن يرحمنا وإياكم أيها القارءون لهذه الرسالة وهذا من نصح العلماء الربانيين والإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله - في رسائله يستفتح بالدعاء: اعلم رحمك الله, اعلم أرشدك الله لطاعته، فيعلمك ويدعو لك هذا من نصح العالِم من نصحه أن يعلمك:

"اعلموا رحمنا الله وإياكم" أن مذهب أهل الحديث فسر الحديث قال أهل السنة والجماعة أهل الحديث هم أهل السنة والجماعة هم أهل الحق وهم أهل الحق وهم أهل العلم والبصيرة وهم ورثة الأنبياء وهم الصحابة والتابعون من بعدهم كل هذه  أسماء لهم أهل الحديث أهل السنة أهل  الجماعة أهل الحق هم الطائفة المنصورة، فالمؤلف يقول اعلموا واعتقدوا أن هذا الذي أذكره هو مذهبهم في هذه الرسالة هو مذهب أهل السنة والجماعة هو مذهب الحق "الإقرار بالله و ملائكته و كتبه و رسله" الإقرار يعني التصديق بالقلب هذا قول القلب قول القلب هو الإقرار والتصديق الإقرار فلابد من الإقرار بالقلب والإقرار باللسان أيضاً أن تقر بالله يعني بربوبيته تعتقد أن الله موجود وأنه هو الخالق وغيره مخلوق وأنه هو الرب وغيره مربوب وأنه المالك وغيره مملوك وأنه المدبر وغيره الـمُدَبر.

وتعتقد بأن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلا التي وردت في الكتاب والسنة على ما يليق بجلاله وعظمته وتعتقد أن الله هو المعبود الحق وأن العبادة لا يستحقها غيره هذا الإقرار بالله هو قول بالقلب قول القلب تصديقه وإقراره وقول اللسان هو النطق تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله هذا نطقٌ باللسان وقول اللسان هذا قول اللسان وقول القلب هو التصديق والإقرار ثم عمل القلب وهي النية والإخلاص والصدق والمحبة ثم عمل الجوارح بأن تعبد الله هذا الإله هذا الرب العظيم الذي أقررت وصدقت بأنه الخالق وبأنه المدبر وبأنه المالك وبأنه المصرف وبأنه المعبود الحق تعمل تستقيم على طاعة الله تؤدي ما أوجب الله عليك وتنتهي عما حرمه عليك

"الإقرار بالله و ملائكته" الإقرار بالملائكة وهم من عالم الغيب بأن تعتقد أن لله ملائكة خلقهم الله من نور كما ذكر في حديث عائشة في صحيح مسلم: خُلقت الملائكة من نور، وهم ذوات وأشخاص محسوسة تنزل وتصعد وتذهب وتُرى وتجيء وتخاطب الرسول ولهم أعمال ووظائف وأن كل حركة في السموات والأرض فهي ناشئة عن الملائكة بإذن الله بإذن الله الكوني  كل حركة في السموات والأرض فهي ناشئة عن الملائكة خلاف لأعداء الله الفلاسفة الذين أنكروا الملائكة وقالوا أشخاص وأشباح وأشكال نورانية لا حقيقة لهم والذين قالوا أن الحركات ناشئة عن النجوم الملائكة هم جنود الله منهم من "وظفهم الله" منهم موظف في وكل بالسموات و بالأرضين وبالجبال ومنهم موكل بالقطر وهو ميكائيل ومنهم موكل بالوحي وهو جبريل عليه السلام ومنهم موكل بالنفخ في الصور وهو إسرافيل  ومنهم المرسلات عرفا ومنهم العاصفة عصفا ومنهم الناشرة نشرا ومنهم الفارقة فرقا ومنهم الملقيات ذكرا ومنهم الصافات صفا ومنهم التاليات ذكرا و منهم النازعات غرقا ومنهم الناشطات نشطا ومنهم السابحات سبحا ومنهم السابقات سبقا ومنهم المدبرات أمرا هذه أوصافهم، ومنهم  موكل بابن آدم بالنطفة يدبره حتى يتم خلقها ومنهم موكل بحفظ بني آدم يحفظونه بأمر الله فإذا نزل قدره تخلوا عن  يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، ومنهم موكل بكتابة الحسنات ومنهم موكل بكتابة  السيئات عن اليمين و عن الشمال قعيد، ومنهم موكل بقبض الروح ملك الموت وله أعوان توفته رُسلناقل يتوفاكم ملك الموت والله يتوفى الأنفس، فلا منافاة بين الآيات فملك الموت يقبض الروح ثم يأخذها الرسل  والله الأمر بذلك فالتوفي نسب التوفي إلى الله وإلى ملك الموت وإلى الرسل وكل حق فملك الموت يقبض روح المؤمن بأمر الله روح الإنسان بأمر الله ثم إذا استخرج الروح أخذها الرسل توفته رُسلنا، ووضعوها في الكفن المعدلة وهكذا كل حركة في السموات و الأرض  فهي ناشئة عن الملائكة فلابد من  الإيمان بهم وأنهم من عالم الغيب وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ينفذون أمر الله.

من لم يؤمن بالملائكة أو جحد واحدا منهم مع ثبوته كفر يكون مرتد كما أن من جحد ربوبية الله أو جحد اسما من أسمائه أو صفة من صفاته كفر أو جحد ألوهيته وحقه وأنه مستحق للعبادة كفر أو أشرك مع الله غيره في أسمائه أو في صفاته أو في أفعاله أو في عبادته كفر.

"الإقرار بالله وملائكته وكتبه" كذلك من عقيدة أهل الحديث أهل السنة و الجماعة الإقرار بالكتب والكتب جمع كتاب و المراد كتب الله المنزلة التي أنزلها على أنبيائه و رسله فلابد من الإيمان والتصديق بأن الله أنزل كُتباً على أنبيائه ورسله لا يعلم أسمائها وعددها إلا الله نؤمن به إجمالا ونؤمن به تفصيلاً ما سمى الله في كتابه وهي الكتب الأربعة التوراة التي أنزلها الله على موسى كتاب عظيم والإنجيل الذي أنزله الله على عيسى والزبور الذي أنزله الله على داوود وصحف إبراهيم وصحف موسى، ثم القرآن العظيم الذي أنزله الله على نبينا محمد ﷺ وأفضلها و خاتمها والحاكم عليها والمهيمن عليها وكثيراً ما يقرن الله بين التوراة وبين القرآن التوراة كتاب عظيم قالوا سحران تظاهرا، هي التوراة والقرآن: قالوا لولا أُوتي مثلما أُتي موسى أولم يؤمنوا،  وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهتدون ، ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ  قال الله: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ،  ( القرآن و التوراة ) وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ۝ قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ۝ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يعبدون أهواءهم (ما فيه إلا أحد أمرين) إما الاستجابة أو الهوى ومن أظلم ممن أتبع هواه بغير هدى من الله.

الشاهد أن الله تعالى كثيراً ما يقرن بين القران والتوراة في سورة الأعراف وسورة الأنعام  ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ۝ وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون فلابد من الإيمان إجمالاً بالكتب المنزلة وهذا أصل من أصول الإيمان ولابد من الإيمان تفصيلاً بما سمى الله وكذلك الرسل الإيمان بالرسل أصل  من أصول الإيمان فلابد من الإيمان بالرسل إجمالاً و تفصيلاً إجمالاً بأن نؤمن بأن الله أرسل رسلاً كثيرين إلى الخلق يعلمونهم دين الله ويأمرونهم بالتوحيد وينهونهم عن الشرك والمعاصي كثيرون لا يعلم أسماؤهم وعددهم إلا الله ونؤمن بمن سمى الله منهم كما قال الله تعالى:  ورُسلاً قد قصصناهم عليكم ورُسلاً لم نقصصهم عليك  ذكر الله منهم ما يقرب من خمسٍ وعشرين في سورة النساء وفي سورة الأنعام قال تعالى في سورة النساء: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب و الأسباط وعيسى وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً وفي سورة الأنعام قال الله تعالى: وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علمٍ عليم ۝  ووهبنا له إسحق ويعقوب كُلاًّ  هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ۝ وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ۝ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضّلنا على العالمين ويضاف إليهم هود وصالح وشعيب ونبينا محمد ﷺ هؤلاء الذين سمى الله نؤمن بهم بأعيانهم ومن لم يسمى نؤمن به إجمالاً.

فالمؤلف ذكر أن من عقيدة أهل الحديث وأهل السنة الإيمان بالأصول الأربعة الإيمان بالله والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب والإيمان بالرسل وبقي الإيمان باليوم الآخر سيذكره المؤلف وهو يوم القيامة وما بعده الإيمان بالبعث والجزاء والحساب والشفاعة والصراط والحوض والميزان والجنة والنار وكذلك الإيمان بما يكون في البرزخ بعد الموت وقبل يوم القيامة من الإيمان بفتنة القبر وسؤال منكر ونكير والإيمان بأن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

والإيمان بالله بما ثبت في أحاديث أشراط الساعة في آخر الزمان والإيمان بالقدر بمراتبه الأربع العلم والكتابة والإرادة والمشيئة والخلق والإيجاد كما جاء في القرآن العظيم في سورة في آية البر لكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين هذه خمسة أصول .

والأصل السادس في قوله تعالى: إناكل شيء خلقناه بقدر ، وقوله: وخلق كل شيء فقدره تقديرا وفي حديث جبرائيل في سؤالاته لنبي ﷺ لما سأله عن الإيمان قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وقال تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا، بين الله أن الكفر هو الكفر بهذه الأصول فدل على الإيمان هو الإيمان بهذه الأصول: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، هذه أصول الإيمان بالله والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره هذه الأصول قررها الله تعالى في كتابه وجاءت فيها سنة رسول الله ﷺ وأجمع عليها المسلمون ولم يجحد واحد منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وصار من الكافرين.

فهذه أصول ستة كما في حديث جبريل  ومن العلماء من قال أنها أصول خمسة وأدخل الإيمان بالقدر الإيمان في الأصل الأول الإيمان بالله وقضائه وقدره وقال أن أصول أهل السنة خمسة والمعتزلة بدلوها بأصولٍ من عند أنفسهم.

أصول الدين عند أهل السنة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر داخل بالإيمان بالله.

وأصول المعتزلة التي بدلوا بها هذه الأصول التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن العلماء من قال من جعلها سبعة وجعل الإيمان بالجنة والنار أصلا مستقلاً و "على كل حال هذه الأصول سواء أصول خمسه أو سبعه أو ستة" هي الإيمان بالله والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر قال المؤلف -رحمه الله -في بيان مذهب أهل الحديث السنة والجماعة مذهبهم الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وقَبُول ما نطق به كتاب الله تعالى وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم  لا معدِل عما وردا به "يعني" من عقيدة أهل السنة والجماعة.

ومن مذهبهم أنهم يقبلون ما نطق به كتاب الله "يعني" ما جاء في كتاب الله ما أخبر الله في كتابه الأسماء والصفات والأوامر والنواهي يقبلونها ويعملون بها ويجاهدون أنفسهم على العمل بها فالاعتقاد يعتقدونه من باب العمل يعملون ويجاهدون أنفسهم على العمل وما صحت به الرواية عن رسول الله ﷺ أيضاً الأحاديث ما صح في الأحاديث الصحيحة وجب قَبُوله والعمل به القبول "يعني" الإيمان به والتصديق به واعتقاد أنه حق والعمل إن كان في باب الاعتقاد يعتقد ما دل عليه وإن كان في باب العمل يعمل ويجاهد هذا من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يقبلون ما جاء في الكتاب والسنة من الأخبار ومن الأوامر.

والذي جاء في الكتاب والسنة نوعان أخبار فالأخبار يصدقون بها والأحكام ينفذونها ويعملون بها قَبُول ما نطق به كتاب الله تعالى وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم لا معدِل عما وردا به "يعني" لا يعدلون ولا يميلون عما ورد به بل يقبلون ولا سبيل إلى رده هكذا أهل الحق أهل السنة والجماعة والحديث يقبلون ما جاء في كتاب الله و ما جاء في سنة رسوله ﷺ من الأخبار و الأحكام فالأخبار يصدقونها والأحكام ينفذونها وهي الأوامر والنواهي  ولا يعدلون ولا يردون شيء من ذلك ولهذا قال لا معدِل عما وردا  به و لا سبيل إلى رده، لماذا؟ لأن الناس مأمورين باتباع الكتاب والسنة، ولذلك ذكر المؤلف إذ كانوا مأمورين باتباع الكتاب والسنة قال الله تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون فإذا كانوا مأمورين بأتباع الكتاب والسنة فإنهم يقبلون ما ورد فيهما ولا يعدلون عنهما ولا يردون شيء من ذلك وهم يعلمون أن الله ضمن لهم الهداية فيهما الهداية مضمونة لمن اتبع كتاب الله، وإن تطيعوه تهتدوا، من اتبع كتاب الله وسنة رسوله كان مهتدياً وإن تطيعوه تهتدوا ، فمن أطاع الله و سنة رسوله كان مهتدياً  فبهُداهم اقتده وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم، "الرسول ﷺ".

فإذا  الهداية مضمونة لمن عمل بكتاب الله وسنة رسوله لمن قَبِل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فصدق الأخبار ونفّذ الأحكام فالهداية مضمونةً له مشهوداً لهم لأن نبيهم ﷺ يهدي إلى صراط مستقيم وهذا دل عليه القرآن الكريم نص قال الله تعالى: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ، والهداية هدايتان هداية دلالة وإرشاد هذه هي المثبتة لنبي ﷺ  وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم، هذه يملكها الرسول ﷺ ويملكها الدعاة وأتباعهم الدعاة والمصلحون والمرشدون يهدون الناس هداية دلالة وإرشاد.

والنوع الثاني من الهداية هو هداية توفيق وتسديد وكون الإنسان يقبل الحق ويرضى به ويختاره هذا إلى لله ولا يملكه أحد إلا الله  القلوب لا يملكها إلا الله حتى الرسول عليه السلام حتى الرسول ما يملك هداية القلوب هداية القلوب خاصة بالله منفيه عن النبي ﷺ، الرسول عليه السلام يملك هداية الدلالة والإرشاد ويبذل جهده ولكن المدعو قد يهتدي وقد لا يهتدي ومن ذلك عمه أبو طالب الذي كان يحميه ويذود عنه ويدافع عنه طيلة حياته فحرص الرسول عليه الصلاة والسلام على هدايته لما حضرته الوفاة ودعاه إلى الله ودعاه إلى كلمة التوحيد لا إله إلا الله قال يا عم قل لا إله إلا الله كلمةً أُحاج لك بها عند الله لكن الله لم يقدّر له الهداية و من الأسباب قرناء السوء كان عنده أبو جهل و ابن أمية وابن أبي أمية فذكراه الحجة الملعونة وهي اتباع الآباء والأجداد بالباطل، قال: أترغب عن ملة عبد المطلب؟، هذه الحجة الملعونة الحجة القرشية وهي حجة فرعون: قال فما بال القرون الأولى ، الاقتداء بالأسلاف بالباطل قال الله عن المشركين: إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون ، أي على دين هذه الحجة الملعونة وهي الحجة القرشية وهي حجة فرعون وهي حجة المشركين اتباع الآباء والأجداد ولو كانوا على الباطل واجب على الإنسان الذي أعطاه الله العقل ميزة أن ينظر فيما علية الآباء والأجداد إن كان الآباء والأجداد على حق نعم قبله وتبعهم لأنهم على الحق وإن كانوا على الباطل لا يترك الباطل فأعاد النبي ﷺ يا عم قل لا إله إلا الله كلمةً أُحاج لك بها عند الله فأعادوا  عليه الحجة الملعونة أترغب عن ملة عبد المطلب، "عيب عليك أن تترك ملة أبيك وجدك عيب عليك تشهد على آبائك وأجدادك بالكفر والضلال، فكان آخر ما قال على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فحزن النبي عليه فأنزل الله تسلية له: إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء ، هذه نزلت في عمه: إنك لا تهدي ، لا توفق لا تجعل التوفيق والتسديد ويكون يقبل الحق ويرضى هذا إلى الله ليس عليك إلا البلاغ قال الله تعالى: فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديثِ أسفا، النبي يحرص ويشتد فلعلك باخعٌ نفسك  تهلك نفسك إن عليك البلاغ: إن إلينا إيابهم ثم إنا علينا حسابهم ، عليك البلاغ قد بلغت وما على الرسول إلا البلاغ المبين ، فإذا كان هذا  الرسول ﷺ وهو أشرف الخلق لا يملك الهداية  فغيره من باب أولى لا يملكه إلا الله قال النبي ﷺ بعد ذلك لما  مات: لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك، فنزل القرآن بالنهي: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ، ثم أجاب الله عن دعوة إبراهيم لأبيه كان على الشرك: قال واغفر لأبي إنه من الضالين قال الله: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، وعده فلما تبين له أنه عدو لله وأنه مشرك  بعد ذلك انتهى هذا مستثنى في الحالة الأولى التي لم يتبين له فمن مات على الشرك لا حيلة فيه.

فالهداية هدايتان: هداية دلالة وإرشاد هذه يملكها الرسول ﷺ والدعاة وهداية توفيق وتسديد وهذه لا يملكها إلا الله مشهوداً لهم بأن نبيهم يهدي إلى صراط مستقيم محذرين في مخالفته الفتنه والعذاب الأليم ويشير إلى قوله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، هذا فيه الوعيد الشديد على من خالف أمر النبي ﷺ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "قال الإمام أحمد" عجبت لقوم عرفوا الإسناد و صحته ويذهبون إلى رأي  سفيان" والله يقول: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، أتدري ما الفتنة الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك "الإمام حتى تعجب" من قوم يتركون الكتاب والسنة ويأخذون بعض ويأخذون قول سفيان سفيان الثوري من الأئمة والعلماء من أئمة الهدى ومع ذلك الإمام أحمد يحذر من الأخذ بقول سفيان وترك الكتاب والسنة إن كان الذي يأخذ بقول سفيان ويترك الكتاب والسنة يُخشى عليه الفتنة فكيف بمن أخذ بقول شخص بعيد عن الكتاب والسنة الإمام أحمد يقول: "عجبت" تعجب من قوم يعرفون الإسناد وصحته صحة الحديث بسند صحيح ثم يتركونه ويأخذون بقول فلان و فلان "قول سفيان" سفيان وإن كان عالِم وإن كان فاضل ليس بمعصوم قد يغلط، فإذا قال قول يؤخذ من الكتاب والسنة يؤخذ الكتاب والسنة فالإمام أحمد يقول: "أتعجب من قومٍ صح عندهم الحديث ويتركونه ويأخذون قول سفيان" والله يقول: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "أتدري ما الفتنة الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله "قول النبي" أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك".

ذكر المحقق قصة للإمام مالك قال و للإمام دار الهجرة قصة مع جاء رجل للإمام مالك قال له: "من أين أُحرم "يعني للعمرة أو للحج"، فقال له الإمام مالك : من حيث أحرم رسول الله ﷺ فعاد عليه السائل من أين أُحرم مراراً فقال: من حيث أحرم رسول الله ﷺ فقال السائل: فإن زدت على ذلك "يعني خرجت قبل أن أصل مثلاً يعني بدل ما يحرم من ذو الحليفة يحرم من المدينة يعقد قبل أن يصل إلى الميقات" قال: فلا تفعل "الإمام" فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة قال: وما في هذه الفتنة كُلِ خطوات إنما هي أميال أزيدها أزيد زيادة خير هذه قال الإمام مالك: فإن الله يقول: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، المسألة ليست بالأميال وغير أميال، المسألة اقتداء واتباع للسنة فإذا تجاوزت السنة عليك الخطر و لا تقل أميال و غير أميال"

وفق الله الجميع لطاعته، وتمت.

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .......

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد