(المتن)
"بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصلَ إليه من الإخوان".
(الشيخ)
إلى؟
(المتن)
"والمؤمنين بآيات الله
(الشيخ)
إلى من يصلُ؟
(المتن)
"إلى من يصل إليه من الإخوان".
(الشيخ)
نعم.
(المتن)
"المؤمنين بآيات الله، المصدقين برسول الله، التابعين للسواد الأعظم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان، وأهل العلم والإيمان المتمسكين بالدين القيِّم عند فساد الزمان، الصابرين على الغربة والامتحان، سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته".
(الشيخ)
انظر إلى، الآن، رحمه الله إلى براعة الاستهلال، شوف، وهذا، قوله: "من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه"، هذا يعني، هو في هذا اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في كتاباته وخطاباته؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتب اسمه أولًا، يقول: "من محمد رسول الله إلى فلان وفلان"، "من محمد رسول الله العظيم إلى هرقل عظيم الروم"، ولا زال العلماء إلى عهدٍ قديم كانوا يكتبون هذا، من فلان إلى فلان.
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه يكتب، حتى يكتب للأمراء، والملك يقول: "من محمد بن إبراهيم إلى فلان"، "من محمد بن إبراهيم إلى الملك المعظم"، "إلى ولي العهد"، وهكذا.
فهذا يعني فيه أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا مانع الآن أن يكتب الإنسان خطاب ثم يكتب في الآخر فلان وفلان، لا مانع من هذا، لكن هذا درجَ عليه السلف والعلماء من قديم أسوةً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فالإمام قال: "من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه من الإخوان"، ثم ذكر الأوصاف التي ترغب، ترغب فيه، فقال: "المؤمنين بآيات الله، المصدقين لرسول الله، والتابعين لهم بإحسان، وأهل العلم والإيمان المتمسكين بالدين القيم عند فساد الزمان، الصابرين على الغربة والامتحان".
شوف الأوصاف هذه، ويعني، وهذا، هذه الأوصاف، قال: "المؤمنين بآيات الله، المصدقين لرسول الله"، هذا الخطاب موجه إليهم، موجه إلى "المؤمنين بآيات الله، المصدقين لرسول الله، التابعين للسواد الأعظم من أصحاب رسول الله"؛ السواد الأعظم يعني الأكثر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
"والتابعين لهم بإحسان، وأهل العلم والإيمان المتمسكين بالدين القيم"؛ {دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام: 161]، الدين القيِّم؛ يعني القائم المستقيم، الذي لا عوج فيه؛ {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)} [الأنعام: 161].
"عند فساد الزمان"؛ يعني: عند تخلي كثيرٍ من الناس عن العمل بشرع الله فحينئذٍ يفسُد الزمان، يفسد الزمان بفساد أهله.
"الصابرين على الغربة" يعني لأنهم غرباء، في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ»؛ فإذا فسد الزمان صار الصابر على دينه غريب، ويكون الصابر على دينه كالقابض على الجمر، ويكون غريبًا؛ لأنه متمسكٌ بالدين وأكثر الناس منحرفون، فيكون غريب بينهم، مخالف لهم، الغريب هو الفرد، فرد واحد، أو أفراد صبروا على دينهم، والباقي كلهم تركوا الدين فصار غريبًا.
"الصابرين على الغربة والامتحان"، ثم قال: "سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته"، (سلام) بحذف الألف، بالتنكير والتعريف: السلام عليكم ورحمة الله، أو سلامٌ عليكم ورحمة الله، «سلامٌ عليكم دار قومٍ مؤمنين، سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته»، السلام، والرحمة، والبركة هذا أكمل السلام، السلام، والرحمة، والبركة.
وإذا قال: (سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته) فترد عليه بمثلها، تقول: (عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وليس لك أن تنقص، تقول: (وعليكم السلام) فقط؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86].
وإذا قال: (السلام عليكم)، تقول: (وعليكم السلام)، أو تزيد تقول: (ورحمة الله)، أو تزيد: (وبركاته)، هذا زيادة منك.
وإذا قال: (السلام عليكم ورحمة الله)، يجب عليك أن تقول: (وعليكم السلام ورحمة الله)، فإن زدتَ: (وبركاته) فهو خير.
"أما بعد"، (أما بعد) كلمة يؤتى بها للانتقال، الانتقال، الانتقال من المقدمة إلى الدخول في الموضوع، اختُلف في أول من قال: (أما بعد)، قيل: أول من قالها داوود عليه السلام، وقيل: قُس الأيادي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بها في خطبه ورسائله، كانت في خطبة الجمعة يقول: «أما بعد، فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم»، وفي رسائله، كتب لهرقل: «أما بعد: أسلِم تسلَم يؤتك الله أجرك مرتين»، نعم، "أما بعد".
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"أما بعد:
فإن الله سبحانه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم".
(الشيخ)
اللهم صل وسلم عليه.
(المتن)
"على حين فترةً من الرسل".
(الشيخ)
فترةٍ.
(المتن)
"على حين فترةٍ من الرسل، وأهل الأرض من المشرق والمغرب قد خرجوا عن ملة إبراهيم، وأقبلوا على الشرك بالله إلا بقايا من أهل الكتاب، ولما دعا إلى الله ارتاع أهل الأرض من دعوته، وعادوه كلَّهم، جهالَهم، وأهل الكتاب".
(الشيخ)
عادَوه كلُّهُم، جهالُهُم وأهلُ الكتاب.
(المتن)
"وعادَوه كلُّهُم، جهالُهُم وأهلُ الكتاب عبادُهم وفسَّاقهُم، ولم يتبعه على دينه إلا أبو بكر الصديق، وبلال، وأهل بيته صلى الله عليه وسلم خديجة وأولادها ومولاه زيد بن حارثة، وعلي رضي الله عنه".
(الشيخ)
نعم هذا يشير إلى الحديث، هذا معنى حديث يقول النبي: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب»، إلا بقايا من أهل الكتاب يعني: بقوا على ملة إبراهيم، على دين إبراهيم، فالله تعالى بعث النبي على حين فترةٍ من الرسل؛ لأنه بُعث عليه السلام بعد عيسى، وبينه وبين عيسى فترة زمانية، ما يقارب ستمائة سنة، هذه فترة، فترة من الرسل.
وليس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عيسى نبي، قال عليه السلام في الحديث الصحيح: «أنا أولى الناس بعيسى، إنه ليس بيني وبينه نبي»، وهذا فيه الرد على من قال: هناك نبي اسمه خالد بن سعيد بعد عيسى، وهذا لا يصح، الصواب: ليس هناك نبي اسمه خالد بن عيسى، خالد بن سعيد، هذا قاله بعض الناس، لكن لا يصح، والصواب: أنه ليس بعد عيسى إلا النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث الصحيح، قال، يقول النبي: «ليس بين، أنا أولى الناس بابن مريم، إنه ليس بيني وبينه نبي».
"على حين فترةٍ من الرسل، وأهل الأرض من المشرق إلى المغرب قد خرجوا عن ملة إبراهيم وأقبلوا على الشرك بالله إلا بقايا من أهل الكتاب"، كل أهل الأرض كلهم خرجوا عن التوحيد، وعمرو بن لُحي الخُزاعي جلب الأوثان إلى بلاد العرب من بلاد الشام فعبد الناس الأوثان، وانتشرت الأوثان في مكة، في كل، في جزيرة العرب في كل مكان، حتى صار لكل أهل بلد صنمٌ كبير، وصار لأهل مكة (العُزَّى): شجرة عظيمة، ولأهل الطائف صار لهم إيش؟
ما هو معبودهم؟
(الطالب)
اللات.
(الشيخ)
نعم اللات، وهو رجلٌ يلتُّ السويق للحاج، أو صخرة، وصار لأهل المدينة (مَناة) ونوَّه الله تعالى عن هذه الأصنام الكبيرة في القرآن، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 19، 20]، وهناك أيضًا صنم كبير لأهل مكة اسمه (هُبَل)، وحتى صار لكل أهل قبيلة صنم يعبدونه؛ بل لكل أهل بيت صنم؛ بل لكل واحد صنم يعبدونه.
وصاروا، تعلقت نفوسهم بالأصنام والأوثان، وصار الواحد منهم إذا خرج إلى البرية يريد أن يصنع طعامًا يأتي بثلاثة أحجار ينصبها على القِدْر والرابع أحسنهم يجعله إلهًا يعبده، وإذا لم يجد شيئًا جمع كتلةً من التراب وحلَب عليها الحليب من الشاة (جزء متقطع: 9:15) يعبد الثور ثم يأكله، عقول، لما بعدت عن النور الإلهي ضلت العقول.
فبعث الله محمد صلى الله عليه وسلم على حين فترةٍ من الرسل، والناس في أشد الحاجة إلى النور.
ولهذا يقول المؤلف: "بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم على حين فترةٍ من الرسل وأهل الأرض من المشرق إلى المغرب قد خرجوا عن ملة إبراهيم، وأقبلوا على الشرك بالله إلا بقايا من أهل الكتاب، فلما دعا إلى الله ارتاع أهل الأرض من دعوته"، ارتاع: يعني أصابهم الرَّوع، أصابهم الرَّوع والخوف، خافوا من دعوته، قال الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا} [هود: 74]، الرَّوع: الخوف.
أما الرُّوع في القلب، فهو القلب، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ روح القدُس نفث في رُوعِي» يعني في قلبي، الرُّوع: القلب، والرَّوع: الخوف، الفرق بينهما الشكل، الرُّوع بضم الراء: القلب، وبفتحها: الخوف.
"ارتاع أهل الأرض من دعوته"، خافوا يعني، وأصابهم الرعب، "وعادَوه كلُّهم جهالُهم وأهل الكتاب، عبادهم وفُساقهم"، كلهم أجمعوا على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم.
"ولم يتبعه على دينه إلا أبو بكر الصديق" فإن أبا بكر الصديق هو أول من آمن به من الرجال ولم يتلكأ رضي الله عنه؛ ولهذا صار صديق هذه الأمة، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه قال: «ما من أحدٍ دعوته إلا كأنه كبوة إلا أبا بكر»، فإنه آمن في الحال، رضي الله عنه وأرضاه.
"وبلال"، وبلال بن رباح، مولى أبي بكر، "وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وأولادها، ومولاه زيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب"، هؤلاء هم الذين آمنوا به في أول الأمر، ما معه عدة ولا أحد إلا هؤلاء، وأول من آمن به خديجة، لما جاءه الوحي وهو يتعبد في غار حراء، وجاء إلى خديجة، وقال: «دثروني دثروني»، فقالت: (كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتعين على نوائب الحق)، استدلت به على أنه من اتصف بهذه الصفات الحميدة لا يمكن أن يُخزى، ولا يمكن أن يصيبه أذى، فهي أول من آمن به رضي الله عنها من النساء.
ومن الرجال أول من آمن أبو بكر، ومن الموالي بلال، ومن الصبيان علي، قال عمرو بن عبَسة، نعم، اقرأ.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"قال عمرو بن عبَسة، لما أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في مكة «قلتُ: ما أنتَ؟ قال: نبي، قلتُ: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، قلتُ: وبأي شيءٍ أرسلك؟ قال: بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يعبدِ الله»".
(الشيخ)
وأن؟
(القارئ)
وألا يُشرك به شيئًا.
(الشيخ)
وأن يعبدَ اللهُ لا يُشركُ به شيئًا.
وأن يُعبدَ الله.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"«وأن يعبدَ الله لا يُشرك به شيئًا».
(الشيخ)
نعم.
(المتن)
"«قلتُ: ومن معك على هذا؟ قال: حرٌّ وعبد، ومعه يومئذٍ أبو بكرٍ وبلال»، فهذا صيغة بدو الإسلام".
(الشيخ)
نعم.
(المتن)
"وعداوة الخاص والعام له، وكونه في غاية الغربة".
(الشيخ)
نعم، هذا الحديث حديث طويل، حديث عمرو بن عبَسة، حديثٌ طويل، والمؤلف أتى بالشاهد منه، وهو حديثٌ طويل ما يقارب الصفحة في صحيح مسلم عمرو بن عبَسة، قال: «لما أتيتُ النبي في مكة قلتُ: ما أنت؟ قال: نبي، قلتُ: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، قال: بأي شيءٍ أرسلك؟ قال: بصلة الأرحام، وكسر الأوثان»، صلة الأرحام مقرونة بالتوحيد، وكسر الأوثان بالشرك، «وأن يُعبد اللهُ لا يشرك به شيئًا، قلتُ: ومن معك على هذا؟ قال: حرٌّ وعبد، ومعه أبو بكرٍ وبلال»، فهذه، الصفة هذه صفة أول ما بدأ الإسلام، هكذا، أول ما بدأ الإسلام حرٌّ وعبد، كان معه حر وعبد، حر أبو بكر، وعبد بلال.
"وعاداه الخاص والعام" كلهم عادوا النبي صلى الله عليه وسلم، وأجلبوا بخيلهم ورَجْلهم على عداوته، والإسلام، فكان الإسلام في غاية الغربة، الإسلام غريب، ما فيه، ما عليه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم وحرٌّ وعبد، والباقي كل أهل الأرض كلهم على الشرك، هذا صفة بدو الإسلام، وكونه في غاية الغربة، نعم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"ثم صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ»".
(الشيخ)
نعم، يعني مقصود الشيخ بهذا يعني لا تستنكر كون الناس على الشرك الآن، أن يكون الناس على الشرك، ولذلك لا تستغرب هذا، بدو الإسلام أول ما بدأ الإسلام ما في إلا الرسول صلى الله عليه وسلم وحرٌّ وعبد، فأنت الآن إذا وجدتَ المشركين كثير لا تظن أنهم على الحق، أنت في غربة، اصبر على الحق، «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ»، نعم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"فمن تأمل هذا وفَهِمَه زالت عنه شبهات شياطين الإنس الذين يجلبون على من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بِخَيل الشيطان ورَجْله، فاصبروا يا إخواني، واحمدوا الله على ما أعطاكم من معرفة الله سبحانه، ومعرفة حقه على عباده، ومعرفة ملة أبيكم إبراهيم في هذا الزمان التي كثُر، الذي أكثر الناس".
(الشيخ)
التي.
(المتن)
"التي أكثر الناس منكِرٌ لها، واضرعوا إلى الله أن يزيدكم إيمانًا ويقينًا وعلمًا، وأن يثبت قلوبكم على دينه، وقولوا كما قال الصالحون الذين أثنى الله عليهم في كتابه: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8].
(الشيخ)
نعم، الشيخ رحمه الله يبين للناس أنَّه يجب التمسك بالحق ولو كانوا قلة، ولو كان أهله قليلون، ليست العبرة بالكثرة، انظر إلى بدو الإسلام، نعم، بدأ الإسلام غريبًا، ما معه إلا حرٌّ وعبد، يقول: "من تأمل هذا وفهمه زالت عنه شبهات شياطين الإنس الذين يُجلبون على من آمن برسول الله بخيله ورَجله"، ويقولون: إنهم على الباطل، وأنَّ الناس كلهم مخالفون له، يقولون: أنت بس على الحق أنت، وهالناس كلهم غلطانين!
نعم، أكثر أهل الأرض هالِكون؛ قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116]، أكثر من في الأرض، قال: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)} [سبأ: 13]، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17)} [هود: 17]، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)} [البقرة: 243].
أكثر الناس هالِكون، ليست العبرة بالكثرة، العبرة بالحق، التمسك بالحق، "أنتَ الجماعة ولو كنتَ وحدك" كما قال بعض السلف، ما دمتَ على الحق فأنت الجماعة ولو كنتَ وحدك؛ ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: "من تأمل هذا وفهمه زالت عنه شبهات شياطين الإنس والجن الذين يُجلِبون على من آمن برسول الله بخيله ورَجله"، ويقولون: أنت خالفتَ الناس، أنتَ ما أنتَ مع كذا، أنتَ اللي على الحق والناس كلهم على الباطل.
ولذلك قال الشيخ لهم: "فاصبروا يا إخواني، واحمدوا الله على ما أعطاكم من معرفة الله سبحانه، ومعرفة حقه على عباده –وهو التوحيد-، ومعرفة ملة أبيكم إبراهيم في هذا الزمان الذي أكثر الناس منكرٌ لها"، في زمانه هذا، رحمه الله، هذا كان القبور تُعبد، وكان، والشرك منتشر، فأكثر الناس منكرون للتوحيد.
قال: "واضرَعُوا إلى الله"؛ يعني ادعوه بضراعة؛ {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]، "أن يزيدكم إيمانًا ويقينًا وعلمًا، وأن يثبت قلوبكم على دينه"، نعم الإنسان محتاج إلى هذا، محتاج إلى هذا الدعاء، يضرع إلى الله أن يزيده "إيمانًا ويقينًا وعلمًا، وأن يثبت قلوبكم على دينه، وقولوا كما قال الصالحون الذين أثنى الله عليهم"، وهم الراسخون في العلم؛ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 7، 8].
هذا الدعاء صدر ممن؟ من الراسخين في العلم، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8]: لا تجعله زائغًا مائلًا عن الحق بعد إذ هديتنا، ثبتنا يا الله على الحق، ولا تُمِلْ قلوبنا بعد الهداية.
{وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [آل عمران: 8]: تفضل علينا، وهب لنا، وأعطنا {مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8]، فهذا توسلٌ إلى الله بالاسم بالمناسب؛ هب لنا إنك أنت الوهاب، اغفر لنا إنك أنت الغفور، تسأل الله بالاسم المناسب لدعائك، إن كنتَ تسأل الهبة تقول: هب لنا إنك أنت الوهاب، تسأل المغفرة: اغفر لنا إنك أنت الغفور، تسأل التوبة: تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، تسأل الرزق: ارزقنا فإنك الرزاق، وهكذا، نعم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
قال رحمه الله: "واعلموا أنَّ الله قد جعل للهداية والثبات أسبابًا كما جعل للضلال والزيغ أسبابًا؛ فمن ذلك: أنَّ الله سبحانه أنزل الكتاب، وأرسل الرسول؛ ليبين للناس ما اختلفوا فيه؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)} [النحل: 64]، فبإنزال الكتب، وإرسال الرسول قطع العذُر، وأقام الحجة؛ كما قال تعالى...".
(الشيخ)
قطع العُذْرَ أي: الرب سبحانه وتعالى، قطعَ العذْرَ وأقام الحجة، نعم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فلا تغفلوا عن طلب التوحيد، وتعلمه، واستعمال كتاب الله، وإجالة الفكْر فيه".
(الشيخ)
نعم، المؤلف رحمه الله يقول: إن الله، قال: "واعلموا أن الله قد جعل للهداية أسبابًا وللهداية والثبات أسبابًا، كما جعل للضلال والزيغ أسبابًا"؛ فالله تعالى يهدي من يشاء ويجعل لذلك أسباب، من الأسباب، أسباب الهداية: إنزال الكتب، وإرسال الرسل، إن الله تعالى أنزل الكتاب؛ قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].
وأرسل الرسل ليبين للناس ما اختلفوا فيه؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) } [النحل: 64].
قال: "فبإنزال الكتب، وإرسال الرسل قطع العذر، وأقام الحجة"، قطع الله العذر عن الناس، ما أحد بعذر؛ كما قال سبحانه: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ما في أحد يكون له حجة على الله، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [الإسراء: 15].
أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب ما لأحد عذر، من بلغه القرآن، وعلم بالرسول صلى الله عليه وسلم زالت، ما له عذر، قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، فمن بلغه القرآن قامت عليه الحجة.
قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [الإسراء: 15]، قد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم قال المؤلف: "فلا تغفلوا عن طلب التوحيد، وتعلمه، واستعمال كتاب الله، وإجالة الفكر فيه"، يعني استمروا على تعلم التوحيد، واستعماله، وقراءة كتاب الله، قال، نعم، وقد سمعتم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"وقد سمعتم من كتاب الله ما فيه عبرة، مثل قولهم: نحن موحدون، نعلم أن الله هو النافع الضار، وأن الأنبياء وغيرِهم".
(الشيخ)
وغيرَهم.
(المتن)
"وأنَّ الأنبياء وغيرِهم لا يملكون".
(الشيخ)
هاه، وغيرَهم.
(المتن)
"وأن الأنبياء وغيرَهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًّا، لكن نريد الشفاعة، وسمعتم ما بيَّن الله في كتابه في جواب هذا، وما ذكر أهل التفسير وأهل العلم، وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا، وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله، لكن نريد بجاههم.
وسمعتهم ما ذكر الله في جواب هذا كله، وقد منَّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا".
(الشيخ)
نعم، المؤلف رحمه الله يقول: "سمعتم من كتاب ما فيه عبرة"؛ كتاب الله فيه الهدى والنور، وسمعتم الشبه التي يأتي بها بعض الناس، فيقولون: "نحن موحدون، نعلم أنَّ الله هو النافع الضار"، فكيف نكون مشركون؟!
يعني تجدهم يعبدون القبر، يطوفون حول القبر ويعدونه، ويقول: أنا موحد، أنا أصلي وأصوم، تجعلني مثل المشرك الذي يعبد الأصنام! أنا ما أعبد الأصنام، أنا أصلي وأصوم.
كونه يصلي ويصوم ويفعل الشرك وما تنفعه الصلاة والصوم، تبطل الصلاة، إذا فعل الشرك بطلت الصلاة والصوم، مثل الإنسان إذا توضأ، وأحسن، ثم تطهر وأحسن الطهارة، ثم أحدث، هل تبقى الطهارة ولا تزول؟
زالت، كان في الأول متوضئ وزالت، فالذي يقول: لا إله إلا الله، يوحد الله، ثم يطوف حول القبر، ويذبح له، وينذر له، أو يدعو غير الله، بطل التوحيد بالشرك، راح، وهو يقول، هذا يقول: "نحن موحدون نعلم أنَّ الله هو النافع الضار"، نعم والمشركون يعلمون أن الله هو النافع الضار، لكن لا بد من توحيد الله وعبادته، ما يكفي أن تعلم أنه هو النافع الضار، هذا توحيد الربوبية.
"وأن الأنبياء وغيرهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًّا، لكن نريد منهم الشفاعة"؛ نعرف أن الأنبياء وغيرهم ما يملكون، الله هو الذي يملك وهو النافع، لكن نريد منهم الشفاعة، قولهم: "نريد منهم الشفاعة" هذا هو الشرك، هذه هي شبهة المشركين، اقرأ القرآن: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، يقولون: ما نريد منهم إلا الشفاعة، ما نريد إلا الشفاعة، طلب الشفاعة من غير الله شرك، هذا دعاء غير الله.
"وسمعتم ما بيَّن الله في كتابه في جوابه هذا، ما هو الجواب؟
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ...} [يونس: 18]، قال الله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)} [يونس: 18]: هل تنبئون الله بشيءٍ لا يعلمه، هو لا يعلم أن له شريكًا، ثم حكم عليهم بالشرك، قال: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)} [يونس: 18]، هذا الجواب.
"وسمعتم ما بين الله في كتابه في جوابه، وما ذكر أهل التفسير، وأهل العلم، وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا"، يقول المشركون: الشرك هو عبادة الأصنام، أما الصالحين لا، ما يكون شرك، هذا، وش الفرق بينهم؟ اللي يعبد الأصنام واللي يعبد الآدمي واحد، صرف العبادة لغير الله.
"وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله" هذه من الشبه الآن، والشيخ رحمه الله ما أجاب عنها؛ لأنه أجابها في مواضع أخرى، "لكن نريد بجاههم، وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله"؛ يعني يقولون: لا نريد إلا من الله، ما ندري أنهم ينفعون ويضرون، لكن بس نجعلهم واسطة بيننا وبين الله، الله رد عليهم في سورة إيش؟
الزمر: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الزمر: 3]، يقول: قائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]: ما نعبدهم لأنهم ينفعون ويضرون، {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، فقط، يقربونا إلى الله، وينقلون حوائجنا إلى الله.
رد الله عليهم بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} [الزمر: 3]، كذَّبهم وكفرهم، كذَّبهم في قولهم: يقربونا إلى الله، يبعدوهم من الله، وحكم عليهم بإيش؟
بالكفر؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} [الزمر: 3].
"وسمعتم قولهم: ما نريد إلا من الله لكن نريد بجاههم، وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله"، نعم وقد منَّ الله.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"وسمعتم إقرارهم أن هذا الذي يُفعل في الحرمين".
(الشيخ)
لا، وقد منَّ الله، وقد من الله عليكم.
(المتن)
"وقد منَّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا كله، سمعتم إقرارهم أن هذا الذي يُفعل في الحرمين، والبصرة، والعراق، واليمن أنَّ هذا شركٌ بالله، فأقروا لكم أنَّ هذا الدين الذي ينصرون أهله، ويزعمون أنهم السواد الأعظم أقروا لكم أنَّ دينهم هو الشرك، وأقروا لكم أيضًا أنَّ التوحيد الذي يسعون في إطفائه وفي قتل أهله وحبسهم أنه دين الله ورسوله، وهذا الإقرار منهم على أنفسهم من أعظم آيات الله، ومن أعظم نعم الله عليكم، ولا يبقى شبهة مع هذا إلا للقلب الميت الذي طبع الله عليه، وذلك لا حيلة فيه".
(الشيخ)
نعم، يقول: "منَّ الله عليكم بإقرار علماء الشرك بهذا كله"، أقروا بأنهم، بأن الذي يفعلونه إنما هو طلب القربة والجاة، وهذا هو الشرك.
قال: "سمعتم إقرارهم أنَّ هذا الذي يُفعل في الحرمين" يعني في زمان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كان الشرك منتشر في الحرمين، في مكة، وفي المدينة، وقبر خديجة يُعبد، وفي "البصرة والعراق واليمن أن هذا شركٌ بالله، أقروا لكم أن هذا الدين الذي ينصرون أهله، ويزعمون أنهم السواد الأعظم، أقروا لكم أن دينهم هو الشرك، وأقروا لكم أيضًا أن التوحيد الذي يسعون في إطفائه، وفي قتل أهله وحبسهم أنه دين الله ورسوله" اعترفوا بهذا.
قال: "وهذا الإقرار منهم على أنفسهم من أعظم آيات الله، ومن أعظم نعم الله عليكم"، ما دام أقروا، أقروا أنهم على الشرك، وأقروا أنكم على الحق، وعلى التوحيد، هذه من نعم الله عليكم.
قال: "ولا يبقى شبهة مع هذا إلا للقلب الميت الذي طبع الله عليه، وذلك لا حيلة فيه"، نعم ولكنهم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"ولكنهم يجادلونكم اليوم بشبهةٍ واحدة، فاصغَوا لجوابها".
(الشيخ)
نعم، فاصغُوا.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"فاصغُوا لجوابها، وذلك أنهم يقولون: كل هذا حق، نشهد أنه دين الله ورسوله إلا التكفير والقتال، والعجَب ممن يخفى عليه جواب هذا.
إذا أقروا أنَّ هذا دين الله ورسوله كيف لا يكفر من أنكره وقتْل من أمر به وحبْسِهم؟".
(الشيخ)
وقتَل، وقتَل من أمر به وحبَسهم.
(المتن)
"وقتَل من أمر به وحبَسهم؟
كيف لا يُكَفَّر من أمر بحبسهم كيف لا يكفر من جاء إلى أهل الشرك يحثهم على لزوم دينهم وتزيينه لهم، ويحثهم على قتل الموحدين وأخذ مالهم؟
كيف لا يُكَفَّر وهو يشهد أن الذي يحث عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكره، ونهى عنه، وسماه الشرك بالله، ويشهد أن الذي يبغضه ويبغض أهله، ويأمر المشركين بقتلهم هو دين الله ورسوله؟".
(الشيخ)
نعم، المؤلف يقول: "يجادلونكم بشبهة واحدة فاصغوا لجوابها، وذلك أنهم"، يعني بعض المعارضين للدعوة يقولون: "كل هذا حق" اللي تقول عليه الشيخ، "نشهد أنه دين الله ورسوله" وأنه التوحيد وهذا، "إلا التكفير والقتال"؛ كونك تكفر الناس وتقاتلهم لا ما نقر بذلك، صحيح أن تدعو إلى الدين، وأن تدعو إلى التوحيد وكل هذا حق لكن كونك تكفر اللي ما يأتي به، أو تقاتله هذا ما نوافقك على هذا، الشيخ ماذا يقول؟
(.....) ، قال: "عجب ممن يخفى عليه جواب هذا، إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله كيف لا يُكَفَّر من أنكر دين الله ورسوله"، فهذا إن قلتَ: هذا دين الله ورسوله، الذي يُنكر دين الله ورسوله يكفر، هذا واضح، كيف تنكرون التكفير، ما دام اعترفوا أن هذا دين الله ورسوله، فالذي أنكر دين الله ورسوله يكفر ويُقاتَل.
"كيف لا يُكَفَّر من أنكره وقتَل من أمر به وحبَسهم؟"؛ يقتل من أمر بالتوحيد ويحبسه، وش يكون هذا؟
كافر لا شك في كفره.
"كيف لا يكفر من أمر بحبسهم؟ كيف لا يكفر من جاء إلى أهل الشرك يحثهم على لزوم دينهم، ويزين الشرك لهم؟
هذا ما يكفر؟ "ويحثهم على قتل الموحدين، وأخذ أموالهم؟
هذا يكفر، ما في شك.
"كيف لا يكفر وهو يشهد أن الذي يحث عليه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أنكره"؛ يقول: هذا الذي تحث عليه الرسول أنكر هذا، "ونهى عنه وسماه الشرك بالله، ويشهد أن الذي يبغضه ويبغض أهله ويأمر المشركين بقتلهم هو دين الله ورسوله"، ما دام أقر بهذا فلا عذر.
يعني التكفير والقتال ناشئ عن الاعتراف، إذا اعترف أنه دين الله فمن أنكر دين الله يُقاتل ويُكَفَّر، ما دام اعترفتَ أن هذا دين الله، فالذي يُنكر دين الله ما حكمه؟ يكفر، ولا ما يكفر؟ يكفر ويُقاتل، هذا الشيخ يقول: (.....) ، نعم، واعلموا نعم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"وعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مه المشركين على الموحدين ولم يشرك".
(الشيخ)
ولو لم يشرك.
(المتن)
"ولو لم يشرك أكثر من أن تُحصر من كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم".
(الشيخ)
كلهم.
(المتن)
وأنا أذكر لكم آية".
(الشيخ)
وكلام أهل العلم كلهم، يقول: الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين الموحدين ولو لم يشرك كثيرة، المسلم إذا أشرك بالله، إذا وقع في الشرك خلاص انتقض دينه، فالأدلة على هذا كثيرة؛ {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)} [الأنعام: 88]، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]، {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]، {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: 217].
فالأدلة على تكفير المسلم إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين مع الموحدين؛ صار مع المشركين يقاتل الموحدين ولو لم يشرك، مجرد كونه يكون مع المشركين يقاتل المسلمين هذا ردة على الإسلام، يقول: الأدلة على هذا كثيرة "من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم"، نعم، وأنا أذكر لكم.
(القارئ)
أحسن الله إليك.
(المتن)
"وأنا أذكر لكم آية من كتاب أجمع أهل العلم على تفسيرها، وأنها في المسلمين، وأن من فعل ذلك فهو كافر في أي زمانٍ كان".
(الشيخ)
وأنا أذكر لكم آيةً لعلها (من كتاب الله)، سقطًا، من كتاب الله، وأنا أذكر لكم آيةً من كتاب الله، هي الآية (.....)، "وأنا أذكر لكم آيةً من كتاب" كأنها ساقطة لفظ الجلالة، نعم.
(المتن)
"قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]".
(الشيخ)
هذه الآية التي يقول: أذكرها لكم، هذه هي الآية، نعم.
(المتن)
"إلى آخر الآية وفيها: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} [النحل: 107]، فإذا كان العلماء ذكروا: أنها نزلت في الصحابة لما فتنهم أهل مكة، وذكروا: أنَّ الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بُغضه لذلك، وعداوة أهله لكن خوفًا منهم أنه كافر بعد إيمانه، فكيف بالموحد في زماننا؟!
إذا تكلم في البصرة أو الإحساء، أو مكة أو غير ذلك خوفًا منهم لكن قبل الإكراه، وإذا كان هذا يُكفَّر".
(الشيخ)
يَكْفُر، وإذا كان هذا يَكفُر.
(المتن)
"إذا كان هذا يكفر، فكيف بمن صار معهم، وسكن معهم، وصار من جملتهم؟
فكيف بمن أعانهم على شركهم وزيَّنه لهم؟ فكيف بمن أمر بقتل الموحدين وحثهم على لزوم دينهم؟ فأنتم وفقكم الله تأملوا هذه الآية، وتأملوا إجماع العلماء على تفسيرها، وتأملوا ما جرى بيننا وبين أعداء الله، نطلبهم دائمًا بالرجوع إلى كتبهم التي بأيديهم في مسألة التكفير والقتال فلا يجيبوننا إلا بالشكوى عند الشيوخ وأمثالهم، والله أسأل أن يوفقكم لدينه، ويرزقكم الثبات عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
(الشيخ)
المؤلف يقول: "أذكر لكم آية من كتاب الله أجمع العلماء على تفسيرها، وأنها نزلت في المسلمين، وأن من فعل ذلك فهو كافر في أي زمان، وهي قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106].
التقدير: من كفر بالله من بعد إيمانه فهو كافر إلا من أُكرِه وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان فهو مؤمن.
هذه الآية يقول: "أجمع أهل العلم على تفسيرها، وأنها نزلت في المسلمين الذين، {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} [النحل: 106]؛ إذًا كان مؤمن ثم إيش؟ كفر، هذه في المسلمين ولا في المشركين؟ في المسلمين، في المسلمين الذين ارتدوا، {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} [النحل: 106]، هذه أجمع أهل العلم على تفسيرها وأنها في المسلمين، "وأن من فعل ذلك فهو كافرٌ في أي زمان، من كفر بالله بعد الإيمان فهو كافر في أي زمان، من كفر من بعد إيمانه فهو كافر في أي زمان، في أي مكان، {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فلا يكفر، إذًا استثنى الله إيش؟
المُكرَه، فالذي يكفر وهو مكره وقلبه مطمئن بالإيمان إذا تكلم بكلمة الكفر، أو فعل الكفر مكره، كيف مكره؟
يعني إكراه ملجم، وُضع السيف على رقبته، تكفر وإلا قتلناك، له أن يتكلم بالكفر ولا ليس له؟
له أن يتكلم، بلال رضي الله عنه لما كانوا، أو عمار بن ياسر لما كانوا يعذبونه كانوا يعذبونه، ووصل به التعذيب والإكراه إلى أنه تكلم في النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء يبكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله إنهم ما تركوني حتى تكلمتُ فيك، فقال له: «ما تجد قلبك؟ قال: مطمئنٌّ بالإيمان، قال: إن عادوا فعُد»، إن عادوا فعُد.
فالمُكره مستثنى، لكن غير المُكره، متى يكون، أيضًا ليس كل مكره، المكره الذي قلبه مطمئن بالإيمان، لكن إذا أُكره واطمأنَّ قلبه بالكفر يكفر أيضًا، من الذي، إذًا من الذي لا يُعذر في هذا؟
1- من تكلم بكلمة الكفر جادًّا وهو غير مُكره هذا يكفر.
2- من فعل الكفر وتكلم بالكفر وهو هازل، يسخر، يكفر.
3- من كفر بـ، تكلم بالكفر أو فعل الكفر وهو خائف يكفر، ولو كان خائف.
4- من كفر أو فعل الكفر مكره واطمأن قلبه بالكفر يكفر، هذه أربع حالات.
الخامسة: من كفر بالله وهو مكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان فلا يكفر.
خمس، خمس صور، أربع يكفر وخمس لا يكفر.
نعيدها مرة ثانية:
1- كفر بالله، فعل الكفر وقال الكفر جادًّا، يعني جازم يكفر.
2- تكلم بالكفر أو فعل الكفر هازل، يسخر، مستهزئ، يكفر.
3- فعل الكفر، أو تكلم بالكفر خائف، يكفر.
4- فعل الكفر أو تكلم بالكفر مكره واطمأن قلبه بالكفر، يكفر.
5- فعل الكفر أو قال الكفر مكره واطمأن قلبه بالإيمان، لا يكفر.
أربع صور يكفر، والخامسة ما يكفر، كلها داخلة في الآية.
يقول المؤلف رحمه الله: "إذا كان العلماء"، شوف الآية، ذكر الله ما هي العلة في كفره؟
قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} [النحل: 107]، استحبوا: آثروا الدنيا على الآخرة، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا} [النحل: 107]، والمكره الذي قلبه مطمئن بالإيمان ما يدخل في هذا، ما استحب الحياة الدنيا على الآخرة، والصور الأربع كلها داخلة في أنهم {اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} [النحل: 107].
قال: "فإذا كان العلماء ذكروا: أنها نزلت في الصحابة لما فتنهم أهل مكة، وذكروا: أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بغضه لذلك، وعداوة أهله، لكن خوفًا منهم أنه كافرٌ بعد إيمانه"، شوف، انظر، هو يقول: "إذا كان العلماء ذكروا أن نزلت هذه الآية في الصحابة لما فتنهم أهل مكة عن دينهم، وذكروا أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بغضه للشرك"، تكلم بلسانه وهو يبغض الشرك بقلبه، ويعادي أهل الشرك، لكن لماذا تكلم؟ خوفًا من أهله، بس خوف، يكفر، هل الخوف عذر؟
ما هو بعذر، العذر الإكراه، ما وصل لحد الإكراه، بس خايف، خايف في المستقبل، خايف يحصل عليه شيء، هو ما حصل عليه شيء، ما أُكره، ما وُضع السيف على رقبته، متروك، له الخيار الآن، بس خايف يجد في نفسه الخوف، هذا عذر؟ ليس بعذر.
إذًا "إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بغضه لذللك وعداوة أهله لكن خوفًا منهم أنه كافرٌ بعد إيمانه"، قال المؤلف: "فكيف بالموحد في زماننا؟، إذا تكلم في البصرة أو الأحساء أو مكة أو غيره خوفًا منهم"، وش يكون؟
يكفر من باب أولى، لكن قبل الإكراه، يقول: ما وصل إلى حد الإكراه، لكن قبل الإكراه، فكذلك الموحد يقول: "إذا تكلم في البصرة والأحساء خوفًا منهم ولم يصل إلى حد الإكراه يكفر"، إذا كان هذا يكفر، شوف فيه كفرٌ أعظم، الكفر يتفاوت ولا لا؟
يتفاوت، بعضه أشد وأغلظ من بعض، فالذي يتكلم بكلام، أو يفعل كفر خائف ولم يُكره هذا إيش؟ يكفر، لكن أشد منه من أعان المشركين على شركهم وزينه في قلوبهم، هذا أشد كفر، راح للمشركين وأعانهم على شركهم، وزينه لهم في قلوبهم، هذا أشد من الأول.
النوع الثالث أشد: الذي أمر بقتل الموحدين، وحثهم على لزوم دينهم، أمر المشركين بقتل الموحدين، وحث المشركين على لزوم دينهم، هذا أشد من الثاني، هذا الثالث، الرابع، هاه، كم صار؟
(الطالب)
ثلاثة.
(الشيخ)
ثلاثة، ثلاث مراتب، بعضها أغلظ من بعض:
المرتبة الأولى من مراتب الشرك: تكلم بالشرك؛ خوفًا من المشركين مع بغضه لهم، وعداوته لهم، لكن ما أُكره، هذا مشرك.
أشد منه: أن يذهب إلى المشركين ويسكن معهم ويصير من جملتهم.
أشد منه: من يعينهم على شركهم ويزينه لهم.
أشد منه: من يأمر بقتل الموحدين ويحثهم على لزوم دينهم.
كم مرتبة؟ أربع مراتب للكفر بعضها أشد من بعض، كلها كفر نسأل الله السلامة والعافية.
قال المؤلف: "وتأملوا من نزلت فيه" يعني هذه الآية، نزلت في المشركين، في المسلمين الذي يكفرون بعد إسلامهم، {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} [النحل: 106]، ما نزلت في المشركين.
"وتأملوا من نزلت فيه، وتأملوا إجماع العلماء على تفسيرها"، وأن الخائف لا يُعذر، إنما يُعذر المكره إذا اطمأن قلبه بالإيمان، هكذا تأملوا إجماع المفسرين، إجماع العلماء على تفسيرها وأنها نزلت في المؤمنين الذين يقعون في الشرك، وتأملوا يقول المؤلف: "ما جرى بيننا وبين أعدائنا، نطلبهم دائمًا الرجوع إلى كتبهم التي بين أيديهم في مسألة التكفير والقتال فلا يجيبوننا إلا بالشكوى عند الشيوخ، والله أسأل أن يوفقكم لدينه، ويرزقكم الثبات عليه"؛ هذا من نصحه عليك رحمه الله، أنه بعد أن يعلمك ويدعو لك بالتوفيق والثبات، هذه "نسأل الله أن يوفقني ويرزقني الثبات"، نعم.
الرسالة اللي بعدها نعم.