المتن:
قال الإمام الإسماعيلي في اعتقاد أهل السنة: ويعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه ووصفه به نبيه صلى الله عليه و آله وسلم.
الشرح:
قال الحافظ أبو بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي في رسالته اعتقاد أهل السنة والجماعة "ويعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى" كما قال الله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها فالمسلم يتعبد لله بدعائه بأسمائه الحسنى يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى من أسباب قبول إجابة الدعاء ويتوسل ويسأل الله بالاسم المناسب لحاجته فإن كان يسأل المغفرة يقول يا غفار اغفر لي, يسأل الرحمة يا رحمن ارحمني , يسأل التوبة يا تواب تب علي , يسأل حاجة الرزق يا رزاق ارزقني وهكذا فيسأل الله بأسمائه الحسنى المناسبة لحاجته يسأل يتوسل إلى الله بالاسم من أسماء الله المناسب لحاجته إذا كان يدعوا على من ظلمه يا جبار عليك بمن ظلمني وهكذا فيعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى ويعتقدون أن الله موصوف بصفاته التي سمى بها نفسه مدعو بأسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله لأن الرسول ﷺ معصوم و لا يتكلم إلا بالوحي قال تعالى: وما ينطق عن الهوى، والسنة وحي ثاني، فالاسم الذي يثبت لله ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ يدعو الله بالاسم الذي ورد في الكتاب والسنة الذي ورد في الكتاب أو ورد فالسنة وكذلك الصفات نصف الله بالصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه مثل العلم يصف الله بها نفسه: وهو بكل شيء عليم، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء صفة الرحمة وصف الله بها نفسه صفة الغضب صفة السخط وكذلك من الصفات التي وصف بها النبي ربه صفة النزول قال عليه الصلاة والسلام: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، صفة الفوقية والعلو ورد في الكتاب والسنة وأدلته تزيد أفرادها تزيد على ألف دليل صفة الرؤية "والمؤمنين يرون ربهم يوم القيامة" صفة الكلام أن الله يتكلم هذه من الصفات صفة الكلام صفة العلو والفوقية صفة الرؤية من الصفات التي اشتد بها النزاع بين أهل السنة والمخالفين وهي من العلامات الفارقة بين أهل السنة وغيرهم فمن أثبتها فهو من أهل السنة ومن نفاها فهو من أهل البدعة هم يعتقدون أن الله مدعو بأسمائه الحسنى موصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه ووصفه بها نبيه ﷺ "نعم".
المتن:
ثم قال رحمه الله خلق آدم بيده و يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء بالاعتقاد كيف
الشرح:
نعم من عقيدة أهل السنة و الجماعة إثبات صفة اليدين لله وأن الله تعالى له يدان كريمتان كما قال الله تعالى: بل يداه مبسوطتان ، وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان فأثبت لنفسه اليدين وأفرد الضمير وقال الله تعالى في خطابه لإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ، فثنى اليدين وأضاف إلى نفسه فنحن نثبت اليدين لله كما يليق بجلاله وعظمته وكما ثبت في الحديث الصحيح: المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين وفي الحديث أن الله يقبض السموات بيده وبيده الأخرى القبض أو الفيض ونثبت أن الله تعالى خلق آدم بيده خلق آدم بيده نص القرآن ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي وهذا فيه تشريف وتكريم لآدم عليه الصلاة والسلام فإن الله تعالى شرفه وكرمه فخلقه بيده خلق آدم بيده، أما المخلوقات خلقها الله بقدرته قال لها كن فكانت.
ولهذا يذكر العلماء في الأحاديث التي بها المفاضلة بين الملائكة وصالح البشر أيهما أفضل الملائكة أم صالح البشر ؟ المسألة فيها خلاف في ثلاثة أقوال لأهل العلم:
قيل أن الملائكة أفضل وقيل الأنبياء والصالحين من البشر وقيل بالتوقف ومن الأدلة التي رجحها أهل العلم أن الملائكة والصالحين من البشر أفضل في ثاني الحال إذا هذبوا ونقوا دخلوا الجنة ومن الأدلة التي يذكرها العلماء الحديث القدسي: قالت الملائكة يا ربنا جعلت لبني ادم الدنيا يلهون فاجعل لنا الآخرة قال الله تعالى لا أجعل صالح ذريتي من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان الملائكة هم بكلمة كن وآدم خلقه الله بيده لا أجعل صالح ذريتي من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان، فهذا تشريف لآدم عليه الصلاة والسلام أن الله خلقه بيده ومن الأشياء التي شرفه الله بها أنه علمه أسماء كل شيء وظهر علمه وفضله على الملائكة وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبئهم بأسمائهم ظهر علمه ظهر العلم هذا يدل على فضل العلم ومزية العلم آدم شرفه الله بالعلم قال المؤلف: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء كما قال الله تعالى: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ، وقبح الله اليهود كيف يجرؤون على هذه المقالة لولا أن الله أخبرنا أنهم يقولون هذه المقالة ما صدق الإنسان أن هناك من يجرؤ أن يقول مثل هذا الكلام قبح الله اليهود قالت اليهود يد الله مغلولة قبحهم الله ولما أنزل الله: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة جاء بعض اليهود وقال يا محمد إن ربك فقير يطلبنا القرض فأنزل الله: قد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير و نحن أغنياء قال الله: سنكتب ما قالوا هذا وعيد شديد: وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق نسأل الله السلامة والعافية قال الله تعالى: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ، قال المؤلف: بلا اعتقاد كيف "يعني ما نكيف ما نقول كيفية الله كذا و كذا و كذا " ولا نمثل ولا نقول يد الله مثل يد المخلوق لا تعالى الله عما يقولون الله تعالى لا تعلم كيفية صفاته جميع الصفات معانيها معلومة ولكن الكيف مجهول كما قال الإمام مالك رحمه الله لما سأله السائل: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال الإمام مالك رحمه الله : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" "الاستواء معلوم" يعني معلوم معناه باللغة العربية له أربعة معاني استقر وعلا وصعد وارتفع وعلى هذه المعاني الأربع تدور تفاسير السلف في الاستواء "والكيف مجهول" يعني كيفية الاستواء على العرش أنا اعلم كيفية استواء المخلوق "أنا الآن مستوى على الكرسي الآن لو سقط الكرسي سقط الجالس هذا الاستواء استواء المخلوق استواء المخلوق على الدابة لو سقطة الدابة سقط استواء المخلوق على السفينة لو سقطت السفينة سقط استواء المخلوق على الطائرة لو سقطت الطائرة سقط الراكب عليها محتاج هذا محتاج إلى كرسي يجلس عليه لكن كيفية استواء الله لا نعلمها الله غير محتاج ما يحتاج لأحد ليس محتاج للعرش بل هو الحامل للعرش حملة العرش بقوته وقدرته هو سبحانه فوق العرش استوى لا نعلم لا يعلمها إلا هو لا يعلم كيفية الاستواء إلا هو كما أنه لا يعلم كيف ذاته إلا هو لا يعلم كيفية صفاته إلا هو فالكلام فالصفات فرع عن الكلام في الذات كما أن لله ذات لا تشبه الذوات فله صفات لا تشبه الصفات.
"الاستواء معلوم" قال الإمام مالك لما سأله هذا الرجل كيف استواء أنكر الإمام مالك هذا السؤال وتصبب العرق وأطرق ثم رفع رأسه وقال أين السائل فقال: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب" لأن الله أخبر به "والسؤال عنه بدعة" ولا نراك إلا رجل سوء ثم أمر به فأخرج كيف تسال هذا السؤال هذا الجواب للإمام مالك تلقاه العلماء بالقبول ويقال في جميع الصفات: نقول لله يدين اليدان معلومتان معلومة اليد في اللغة العربية والكيف مجهول والإيمان باليدين واجب والسؤال عن الكيفية بدعه هكذا إذا قال غضب الله عليهم كيف الغضب, الغضب معلوم في اللغة العربية ضد الرضا والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ذكر هذا في جميع الصفات ولهذا قال المؤلف رحمه الله: "بلا اعتقاد كيف".
المتن:
وأنه استوى على العرش بلا كيف فإن الله تعالى انتهى إلى ذلك أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه.
الشرح:
وأنه الرب استوى على العرش بلا كيف فإن الله تعالى أنهى إلى ذلك أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه المعنى أن المؤلف رحمه الله يقول يبين أن عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات استواء الله على عرشه بلا كيف، ولكن المعنى معنى الاستواء معلوم فإن الاستواء له أربعة معاني في اللغة العربية استقر وعلا وصعد وارتفع هذه معاني الاستواء استقر وعلا وصعد وارتفع وتفاسير السلف في الاستواء تدور على هذه المعاني الأربع أن الله مستوي على عرشه حقيقة على هذه المعاني الأربع على كيفية يعلمها لا نعلم الكيفية.
وقد ذكر العلامة ابن القيم يرحمه الله في الكافية الشافية هذه المعاني الأربع فلهم عليها معاني أربع، وقد استقر وعلا وقد ارتفع الذي ما فيه من نكراني وكذاك الذي صعد وهو رافع وأبو عبيدة صاحب الشيباني يختار هذا القول في تفسيره أدرى من الجهمي بالقرآن يعني أن أبا عبيد عمر بن المثنى اختار، المعنى الرابع وهو صعد فإذا استقر وعلا وكذا ارتفع وكذاك قد صعد استقر وعلا وصعد و ارتفع، أما الكيف كيفية الاستواء فهذا غير معلوم ولا يمكن للعباد أن يعلموا كيفية استوائه كما أنهم لا يعلمون كيفية ذاته ولا يعلم كيفية استوائه إلا هو كما قال الإمام مالك رحمه الله "لما سئل إمام دار الهجرة سأله سائل فقال يا مالك: الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فأطرق مالك رحمه الله مليا،ثم رفع رأسه فقال: أين السائل؟ فقال :الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا رجل سوء ثم أمر به فأخرج أبعد عن مجلس الإمام مالك لأنه سأل عن الكيفية هكذا كان السلف والأئمة قال الاستواء معلوم يعني معلوم معناه في اللغة العربية وهكذا جميع الصفات والأسماء معلوم معناها العلم معلوم ضد الجهل علم الله علم الله العلم ضد الجهل القدرة معلومة ضد العجز لكن الكيفية لا يعلمها إلا هو علم الله كامل وعلم المخلوق ناقص وهكذا نعلم معنى الغضب ومعنى الرضا لكن الكيفية لا يعلمها إلا الله فعلم الله كامل لا يحيط به أحد لا يعلمه إلا الله علم الله كامل وعلم المخلوق ناقص مسبوق بالعدم وكذلك أيضا يعتريه العدم والنوم والنسيان والضعف والنقص.
أما الله كامل محيط بكل شيء فعقيدة أهل السنة والجماعة إثبات استواء الله على عرشه حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته هو الله استقر وعلا وصعد وارتفع على العرش واستوى عليه استواء يليق بجلالته وعظمته وأما المخلوق فإنه يعلم استواءه وهو أن المخلوق يستوي على الدابة أو على السفينة أو على الطائرة استواء حاجة يستوي عليه ويحتاج إليه بحيث لو سقط سقط، أما الرب فلا يعلم كيفية استوائه إلا هو فهو فوق العرش وغير محتاج للعرش سبحانه وهو الحامل للعرش بقوته وقدرته وقد وردت نصوص الاستواء استواء الله على عرشه في سبعة مواضع من كتاب الله كلها أتت بأداة علا التي تدل على العلو والارتفاع في سورة الأعراف إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ في سورة يونس: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في سورة الرعد في أولها في سورة طه: الرحمن على العرش استوى في سورة الفرقان: ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ، في سورة الحديد في أولها بقي موضع سابع في سورة السجدة هذه سبعة مواضع كلها جاءت في الاستواء على العرش بأداة على التي تدل على العلو و الارتفاع.
يقول المؤلف رحمه الله: وأنه في بيان عقيدة أهل السنة: وأنه الله استوى على العرش بلا كيف" "يعني بلا كيف في الاستواء" كما قال الإمام مالك و الكيف مجهول وفي رواية أنه قال "الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" وفي هذا جواب عن شيخي ربيعة وروي أيضا هذا عن أم سلمة لكن السند فيه ضعيف والعلماء تلقوا هذه المقالة من الإمام مالك بالقبول تلقاها العلماء بالقبول ويقال هذا في جميع الصفات فإذا سأل السائل عن قول النبي ﷺ ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، كيف النزول ؟ يقال النزول معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
رضي الله عنهم ورضوا عنه كيف الرضا؟ نقول الرضا معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
غضب الله عليهم الغضب معلوم ضد الرضا والكيف مجهول معلوم يعني معلوم في اللغة العربية الغضب معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة يقول هذا في جميع الصفات يقول المؤلف رحمة الله " وأنه استوى على العرش بلا كيف بلا كيف الاستواء أن الله تعالى أنهى يعني أخبر أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه وأما أهل البدع فهم طائفتان الطائفة الأولى: المشبهة الذين شبهوا استواء الله باستواء المخلوق يقول أحدهم استوى على العرش كاستواء المخلوق على الدابة تعالى الله عما يقولون يقول أحدهم له يد كيدي و استواؤه كاستوائي و علمه كعلمي وله مشبهة وهم كفرة قال بعض شيوخ رحمه الله من شبه الله بخلقه كفر ومن نفى ما وصف الله به نفسه ووصفه بها رسول كفر وليس ما وصفه الله بها نفسه ووصفه بها رسوله من ذلك تشبيه ومن شبه الله بخلقه فهو في الحقيقة لم يعبد الله إما عبد وثن صوره له خياله ونحته له فكره وهو من عباد الأوثان لم يعبد الرحمن كما قال العلامة ابن القيم: "من شبه الله بخلقه هو الشبيه المشرك النصراني" والطائفة الثانية: المعطلة الذين عطلوا الله من أسمائه وصفاته فنفوا الاستواء وقالوا لم يستو على العرش ونفوا العلو نفوا أن يكون الله فوق المخلوقات وأنه استوى على العرش وهؤلاء المعطلة من الجهمية والمعتزلة الذين نفوا العرش نفوا استواء الله على العرش طائفتان الطائفة الأولى الجهمية الأولى نفوا الاستواء على العرش ونفوا العلو على العرش وقالوا أن الله مختلط بالمخلوقات تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا حتى قالوا أنه في بطون السباع و في أجواف الطيور نعوذ بالله قالوا في كل مكان في كل مكان مثل الهواء التي "ترى في الشباك" تعالى الله عما يقولون نعوذ بالله حتى قالوا موجود في كل مكان حتى في أجواف الطيور وفي بطون السباع، والطائفة الثانية هم الجهمية المتأخرون نفوا سلبوا الناقضين الذين قالوا يعني قالوا لم يستو على العرش ولا فوق المخلوقات الطائفة الأولى قالوا في كل مكان حال في جميع المخلوقات نعوذ بالله هذا قول الجهمية الأولى والجهمية المتأخرون سلبوا الناقضين أين هو قالوا لا داخل العالم و لا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه وأين يكون؟ من العدم هذا ليس ممكن هذا مستحيل العدم يمكن أن يوجد ولكن مستحيل سلبوا ناقضين شيء موجود لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه هذا وصفهم بالامتناع والعياذ بالله والممتنع أشد من المعدوم في المعدوم وفي الممتنع وهو المستحيل والممتنع هو المستحيل مستحيل أن يوجد شيء لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه وهناك طائفة من الصوفية قالوا إنه على العرش وإنه في كل مكان أرادوا أن يجمعوا بزعمهم بين النصوص وهؤلاء المعطلة كفرة كما سمعنا قول نعيم بن حماد الخزاعي أخرجه البخاري "من شبه الله بخلقه كفر و من نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه بها رسوله كفر" وليس ما وصف الله به نفسه أو وصفه بها رسوله من ذلك تشبيه فإذن نعيم بن حماد كفر المعطلة وكفر المشبهة وهذا التكفير على العموم كما هو معلوم.
أما الشخص المعين فإنه يكفر إذا قامت الحجة إذا وجدت الشروط وانتهت المعاناة وقال الإمام محمد بن إسحاق الخزيمة: "من لم يؤمن بأن الله فوق سماواته مستوي على عرشه باين على خلقه وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وجعل على مزبلة خارج البلد حتى لا يتأذى برائحته أهل السنة ولا أهل الذمة"، اليهود و النصارى ودل على الكفر أشد نسأل الله السلامة و العافية.
وأما أهل الحق أهل السنة والجماعة والرسل وأتباعهم الصحابة والتابعين والأئمة الذين هداهم الله ووفقهم للحق فهم يثبتون استواء الله على عرشه كما يليق بجلالته وعظمته، الله تعالى أخبر عن نفسه أنه استوى على العرش الله يقول: الرحمن على العرش استوى وأنتم تقولون لا لم يستو على العرش أأنتم أعلم أم الله, الله تعالى أعلم بنفسه من خلقه وأخبر عن نفسه أنه استوى على العرش فنحن نقول استوى على العرش كما يليق بجلالته وعظمته لا نشبه لكن المعطلة هؤلاء وصلت بهم الحال بزعمهم يريدون غير ذلك حتى وصفوه بوصف المستحيل الذي لا يمكن أن يوجد نعوذ بالله فهو الممتنع حينما سلبوا الناقضين ويفتكرون الجهمية طائفة ثانية الطائفة الأولى حلولية نفوا العلو و الاستواء وقال أنه حال في كل مكان والطائفة الثانية معطلة نفوا وسلبوا الناقضين أيهما أشد كفرا الطائفة الثانية أشد كفر لأن الكفر يتفاوت الكفر يتفاوت كما أن الإيمان يتفاوت نسأل الله السلامة و العافية ونسأل الله الثبات على دينه "نعم".
المتن
ثم قال رحمه الله: وأنه مالك خلقه و أنشأهم لا عن حاجة إلى ما خلق و لا معنى دعاه إلى أن خلقهم لكنه فعال لما يشاء ويحكم ما يريد لا يسأل عما يفعل والخلق مسؤولون عما يفعلون.
الشرح:
يقول المؤلف رحمه الله أنه مالك خلقه و "أنشأهم" كما قال لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير فهو مالك الخلق الذي أوجدهم وأنشأهم وهو مالكهم ومدبرهم وهو الذي يحييهم ويميتهم ويرزقهم ويعافيهم قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون قل هو الذي أنشأكم أنه مالك خلقه كما قال لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير وأنشأهم كما قال: قل هو الذي أنشأكم أنشأكم يعني أوجدهم من العدم فهو سبحانه مالك خلقه وأنشأهم يعني أوجدهم لا عن حاجة إلى ما خلق ليس محتاج إليهم فهو الغني الحميد كما قال وهو الغني الحميد إن الله غني عن العالمين فلا يحتاج إلى أحد لم ينشئ الخلق ويخلقهم ليتكثر بهم من قلة أو ليتعزز بهم من قوة لم يخلقهم ليساعدوه أو يعينوه تعالى الله عما يقولون هو لا يحتاج إلى أحد لا ينفعه أحد ولا يضره أحد فهو النافع الضار ، إذاً لماذا خلقهم؟ قال المؤلف: "لا عن حاجة إلى ما خلق و لا معنى دعاه إلى أن خلقهم لكنه فعال لما يشاء"، هذه العبارة فيها نظرة يقول: لا معنى يقول دعاه إلى أن خلقهم إلى ما أن خلقهم" بل هناك معنى دعاه إلى أن خلقهم بيده خلقهم أخبرنا الله عن نفسه وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون هذا المعنى الذي خلقهم .
خلقهم لعبادته خلقهم ليعبدوه وليعلموا أسمائه وصفاته وأنه على كل شيء قدير وأن علمه محيط بكل شيء كما قال سبحانه: الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن ليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما اللام للتعليم اللام للتعليم وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون إذا خلقهم لعبادته وليعرفوه بأسمائه وصفاته هذا هو المعنى الذي خلقهم من أجله فيقول المؤلف رحمه الله: "ولا معنى دعاه إلى أن خلقهم" هذا فيه نظر لكنه فعال لما يشاء، نعم فعال لما يشاء لكنه فعلهم فيه الحكمة ويحكم ما يريد لا يسأل عما يفعل" لأنه حكيم لا لأنه يخلق بالمشيئة هذا يتمشى مع مذهب الجبرية الذين يقولون ينكرون العلل والغرائز والأسباب يقولون ليس هناك علة ولا سبب لكن القران مملوء بالأسباب والعلل قال تعالى من العلل: وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون إذا هذا تعليم وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون يهدي به الله من يشاء بين السبب وأنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به الأسباب الجبرية ينكرون الأسباب ينكرون العلل ينكرون الطبائع والغرائز والحكم يقولون أن الله ما يفعل الحكمة يفعل لمجرد المشيئة يقولون المشيئة تخبط خبط عشواء تجمع بين الأشياء المتفرقة وتفرق بين الأشياء المتماثلة "ما فيه علل ولا حكم ولا غرائز ولا طبائع" بزعمهم لو أن هناك حكمة أو غريزة يكون هناك تأثير مع الله وأن هناك مؤثر مع الله هذا باطل ترده النصوص العلل والغرائز والأسباب كلها القرآن مملوء بها من أوله لآخره بذكر الأسباب والغرائز والعلل والأسباب لعلكم تعقلون لعلكم تهتدون يعني لكي تهتدون لكي تعلموا فاتقوا الله لعلكم تفلحون وهكذا فقال المؤلف: "ولا معنى دعاه إلى أن خلقهم" بل هناك معنى إلى أن خلقهم أخبر عنه سبحانه أنه خلقهم لعبادته وخلقهم ليعرفوه بأسمائه وصفاته الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهم لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما الخلق كله خلق لذلك الأنبياء خلقوا لعبادة الله و لتوحيده وطاعته حتى نبينا محمد ﷺ وغيره كلهم خلقوا لعبادته الرسول بشر قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا الله هو المالك وهو النافع ولما كسرت رباعيته عليه الصلاة والسلام في أحد وجرحت وجنتاه قال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم فنزلت: ليس لك من الأمر من شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون وهو سيد الخلق وأكمل الناس عليه الصلاة والسلام تعبدا لله كان يقول عليه السلام يتعبد ويقوم يصلي تقول عائشة "حتى تتفطر قدماه" من طول القيام تتشقق فتقول عائشة: "يا رسول الله لم تفعل هذا، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا يفعل هذا شكرا لله تعبدا لله ولكي تتأسى به أمته عليه الصلاة والسلام وإذا عظمت النعمة على العبد وجب الشكر وعظمت المسؤولية ولهذا الأنبياء عليهم السلام أكمل الناس تعبدا لله وأكمل الناس قياما بالواجب وتحمل تبليغ الرسالات وتحمل أثقال الناس والصبر عليهم الناس الأنبياء هم أصبر الناس وأشد الناس تحملا ثم يليهم الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء ورثة الأنبياء أصبر الناس يصبرون على المشقات التي تحصل لهم و يصبرون على أذاهم ويتحملون ويبذلون الأوقات في نفع الناس وقضاء حوائجهم والإجابة على أسئلتهم إلى غير ذلك.
ولهذا فإن الحديث الذي يذكر أن آدم رأى مكتوبا ......محمد رسول الله فسأل جبريل فقال هذا محمد أو سأل ربه قال هذا محمد ولولا محمد لما خلقتك ولولا محمد لما خلقتك هذا باطل هذا من أبطل الباطل خلق آدم لا لمحمد خلق آدم لعبادته آدم ومن بعده ومحمد عليهم الصلاة والسلام محمد أشرف الخلق وأفضلهم وأكمل الناس لكنه عبد الله ورسول ما خلق الله آدم ومن بعده لمحمد بل خلقهم ليعبدوه هذا الحديث يذكر آدم خلقه من أجل محمد باطل خلق آدم لعبادته وتوحيده وطاعته والخلق كلهم والرسل وغيرهم كلهم خلقوا لعبادة الله وتوحيده وطاعته وليعرفوه بأسمائه وصفاته يقول: "ولا معنى دعاه إلى أن خلقهم لكنه فعال لما يشاء " خلقهم لحكمة فعال لما يشاء وفق حكمته ويحكم ما يريد لا يسأل عما يفعل ويحكم ما يريد لا لأنه يفعل بالمشيئة بل لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وهم يسألون، نعم.
المتن:
ثم قال رحمه الله: أنه مدعو بأسمائه موصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه وسماه ووصفها بها نبيه عليه الصلاة والسلام لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يوصف بما فيه نقص أو عيب أو آفة فإنه تعالى عن ذلك نعم.
الشرح:
وأنه سبحانه مدعو بأسمائه الحسنى كما قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها يعني يدعى سبحانه بأسمائه الحسنى وأسمائه كلها حسنى بادرة الحسن الكمال في الحسن كما قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها والدعاء بأسماء الله الحسنى والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى من أسباب الإجابة من أسباب إجابة الدعاء أن تتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وتتوسل إلى الله بالاسم المناسب لحاجتك، فإن كنت تسأل ربك المغفرة تتوسل باسم الغفار يا غفار اغفر لي، إن كنت تسأل الله الرحمة تتوسل باسم الرحيم يا رحمن ارحمني إن كنت تسأل الرزق يا رزاق ارزقني إن كنت تريد التوبة يا تواب تب علي، وهكذا إذا كنت تسأل ربك أن ينصرك على من ظلمك يا جبار انتقم لي ممن ظلمني وهكذا تتوسل إلى الله بالاسم المناسب لحاجتك كما قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها هذا من أسباب قبول الدعاء وكذلك يتوسل الإنسان بصفاته يتوسل الإنسان بالإيمان والتوحيد كما قال الله عن أولوا الألباب ربنا إنا آمنا فاغفر لنا يتوسل إلى الله بعمله الصالح كما توسل الثلاثة من بني إسرائيل الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة أحدهم توسل ببره لوالديه والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأمانته وأدائه حق الأجير الذي نماه وثمره فهو سبحانه مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف بصفاته مدعوا بأسمائه الحسنى أين نجد أسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله، وموصوف بصفاته هل الصفات من عند أنفسنا نخترع لله أسماء وصفات إذا استحسنا اسم سمينا الله به وإذا استحسنا صفة وصفنا الله بها لا حشا وكلا الأسماء والصفات توقيفية يوقف فيها عند النصوص الاسم اسم الله يؤخذ من النصوص من الكتاب ومن السنة ووصف الله يؤخذ من النصوص من الكتاب ومن السنة العباد لا يخترعون له أسماء ولا صفات، ولهذا قال المؤلف: "مدعو بأسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه وسماه بها رسوله وموصوف بصفات التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله ﷺ".
وهذا معنى قول أهل العلم الأسماء والصفات توقيفية هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة يقولون الأسماء والصفات توقيفية ومعنى توقيفية يعني يوقف بها عند النصوص يوقف عند النصوص تؤخذ من النصوص، ثم قال المؤلف: "لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء" وهذا معلوم لكل مسلم أن الله قادر على كل شيء كما قال الله تعالى: وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا فهو سبحانه لا يلحقه العجز, العجز ضعف ونقص في صفات المخلوق الله لا يلحقه العجز بل هو قادر على كل شيء ولا يوصف بنقص في صفة الكلام أو نقص في صفة العلم أو نقص بصفة القدرة أو عيب فلا يوصف بالعيب كالعمى والصمم والخرس والبكم الله سبحانه منزه عن ذلك والآفات هذه آفات وعيوب كما أنه منزه عن النقص كالنوم لأنه نقص المخلوق يحتاج إلى النوم ليستريح، والله تعالى لا ينام لا يلحقه نقص لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وقيوميته.
أما المخلوق حياته ناقصة يلحقها النوم ويلحقها الموت أما الخالق فحياته كاملة لا تأخذه سنة ولا نوم والحديث حديث أبو موسى الأشعري الذي رواه مسلم إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام بل يأخذ القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور و في لفظه: النار لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وهو مسند في الصحيح في صحيحه من حديث أبو موسى الأشعري فهو سبحانه كامل في ذاته و في أسمائه و في صفاته لا يلحقه نقص في صفاته و لا يصب بعين و لا بآفة فلا يصب بالنوم و من باب أولى السبحات الكاملة التي لا يعتريها موت ولا نوم ولا فساد ولا يصب بعيب كالبكم و الصمم والخرس والعمى والعجز تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.