بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد: اللهم اغفر لنا ولوالدينا، ولمشايخنا، وللمسلمين، والمسلمات.
(المتن)
قال الشيخ العلامة حمد بن عليٍ بن عتيق رحمه الله تعالى: وأما قوله: إذا قلتم: أنهم في القول سواء فما وجه تبديعهم، وتكفيرهم، وتضليلهم، فنقول: معاذ الله أن نقول: أنهم سواء بل بينهم من الفرق أبعد مما بين السماء والأرض، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
والله ما استويا ولن يتلاقيا |
|
حتى تشيب مفارق الغربان |
ولا يقول: إن قول أهل السنة والجماعة كقول ابن عربي، وأصحابه أهل وحدة الوجود، إلا من يقول: إن قول موسى وقول فرعون اللعين سواء، وما عليه أبو جهل وإخوانه نظير ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، سبحانك هذا بهتانٌ عظيم.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وأما قوله: إذا قلتم: أنهم في القول سواء فما وجه تبديعهم، وتكفيرهم، وتضليلهم) يعني: المؤلف رحمه الله حينما رَدَّ على من قال: إن قول الصحابة، وقول ابن عربي، وقول الأئمة الأربعة وقول ابن عربي واحد، هم وأهل وحدة الوجود، بيَّن أنهما بينهما فرق أبعد مما بين المشرق والمغرب، وأنه لا يسوي بينهما إلا إنسان ليس عنده عقل، أو إنسان ملحد ملبِّس يريد أن يروج مذهب الاتحادية.
ثمَّ بيَّن المؤلف رحمه الله الفرق بينهما ببيان مذهب الصحابة والتابعين والأئمة، وبيان مذهب الاتحادية، وأجاب عن سؤال السائل في قوله: إن قلتم: أنهم في القول سواء فما وجه تبديعهم وتفسيقهم؟ السائل الذي سأل يقول: كل منهم أثبت الصفات، الاتحادية أثبتوا الصفات، والصحابة والتابعين أثبتوا الصفات، إذًا كلهم خاضوا في الصفات فما وجه تبديعهم وتفسيقهم ما داموا سواء؟
أجابه رحمه الله فقال: (وأما قولك: إذا قلتم إنهم في القول سواء فما وجه تبديعهم وتكفيرهم، وتضليلهم، فنقول: معاذ الله أن نقول: إنهما سواء) أن نقول إن قول الاتحادية الذين يقولون الوجود واحد والصحابة والتابعون الذين وحَّدوا الله وأخلصوا له في العبادة والأئمة الأربعة، (معاذ الله) يعني نستعيذ بالله أن نقول: إنهما سواء، من يقول: إنهما سواء؟ من يقول: إنهما سواء إلا كما سبق إلا إنسان ليس عنده عقل ولا يفرق بينهما، أو إنسانٌ ملبِّس ملحد يريد أن يروج مذهب الاتحادية.
والمؤلف استعاذ بالله من القول بأنهما سواء، قال: (فنقول: معاذ الله أن نقول: إنهم سواء) نستعيذ بالله أن نقول هذا القول؛ لأن ما يقول بهذا القول إلا ملحد أو فاقد العقل، (معاذ الله أن نقول أنهم سواء) كيف يقال: أن الاتحادية الذين يقولون: الوجود واحد الذين هم أكفر خلق الله، والذين وقعوا في أغلظ الكفر أنكروا وجود الخالق، والصحابة والتابعون والأئمة الذين وحَّدوا الله وأخلصوا له العبادة من يقول أنهم سواء؟ معاذ الله نستعيذ بالله أن نقول: إنهم سواء.
(بل بينهم من الفرق أبعد مما بين السماء والأرض) بين قول الاتحادية الذين يقولون: الوجود واحد والذين يقولون: الرب هو العبد والعبد هو الرب والخالق هو المخلوق، وبين قول الصحابة والتابعين الذين وحَّدوا الله وأخلصوا له العبادة، (بل بينهم من الفرق أبعد مما بين السماء والأرض، كما قال ابن القيم رحمه الله) في بيان الفرق بينهم، قال:
والله ما استويا ولن يتلاقيا |
|
حتى تشيب مفارق الغربان |
لن يستوي هذان القولان فيه بينهما فرق، إلا إذا شابت مفارق الغربان، شاب الغراب والغراب أسود، إذا شابت مفارق الغربان وانقلب لون الغراب الأسود أبيض ممكن أن يتلاقيا.
وهل يكون الغراب أبيض؟ ما يكون، إذا شابت مفارق الغربان وصار لونه السواد شيب أبيض ممكن أن يتلاقيا؛ وهذا مستحيل.
والله ما استويا ولن يتلاقيا |
|
حتى تشيب مفارق الغربان |
الغربان جمع غراب، هذا لبيان أن هذا الشيء مستحيل ولا يمكن أن يكون، كما أنه لا يمكن أن يكون، ولا يمكن أن يبيضَّ سواد الغراب فيصير سواده شيبًا فكذلك فلا يمكن أن يتلاقيا، لا يمكن أن يتفق قول الاتحادية وقول الصحابة والتابعين.
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يقول: إن قول أهل السنة والجماعة كقول ابن عربي، وأصحابه أهل وحدة الوجود، إلا من يقول: إن قول موسى وقول فرعون اللعين سواء) من يقول إن قول موسى الذي يقول: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ)[غافر/27].
وقول فرعون: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)[النازعات/24]؛ من يقول إن قول الاتحادية وقول أهل السنة واحد إلا من يقول إن قول موسى وقول فرعون واحد.
وكذلك أيضًا من يقول: (إن ما عليه أبو جهل وإخوانه نظير ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه) الذي يقول: أن ما عليه أبو جهل وأبو لهب من الكفر مثل ما عليه الرسول والصحابة هذا هو الذي يقول ذلك، وكذلك من يقول إن قول موسى وقول فرعون سواء، هو الذي يقول إن قول الاتحادية وقول أهل السنة سواء.
ولا يقول: إن قول أهل السنة والجماعة كقول ابن عربي وأصحابه أهل وحدة الوجود إلا من يقول: (إن قول موسى وقول فرعون اللعين سواء، وما عليه أبو جهلٍ وإخوانه نظير ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه).
ثم قال المؤلف: (سبحانك هذا بهتانٌ عظيم) هذا الإشارة إلى أي شيء؟ التسوية بين قول الاتحادية وأهل السنة والجماعة، التسوية والقول بأن قول الاتحادية وقول أهل السنة والجماعة سواء هذا بهتانٌ عظيم يُنزه الله عنه سبحانك يا الله وتنزيهًا لك عن هذا القول.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى: وأما قوله: ما وجه تبديعهم وتكفيرهم؟ فنقول: قال الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73].
وقال تعالى: (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:80].
وقال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72]؛ في موضعين من كتابه.
فإذا كان الله قد كفّر من قال: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72].
ومن قال: (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73]؛ ومن اتخذ الملائكة، والنبيين أربابًا، فكيف لا يكفِّر من جعل جميع المخلوقات أربابًا وقال: إن كل مخلوقٍ هو الله، حتى يسجد للشمس، ويقول: أن المشركين إنما عبدوا الله، ويقول: إن المخلوقات التي يستحي من ذكرها هي الله، يا للعجب!
ولقد أحسن من قال من السلف: أن كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود والنصارى، وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
حاشا النصارى أن يكونوا مثلهم |
|
وهم الحمير أئمة الكفران |
هم خصصوه بالمسيح وأمه |
|
وأُلاءِ ما صانوه عن حيوان |
(الشرح)
يقول المؤلف رحمه الله: (وأما قوله: ما وجه تبديعهم وتكفيرهم؟) يعني: ما وجه تبديع الاتحادية الذين يقولون: الوجود واحد، يسأل السائل: ما وجه كونهم مبتدعة؟ أو ما وجه كونهم كفار؟ كأن السائل هذا إما إنه كما سبق، إما أنه جاهل أو ملبِّس أو أنه يريد من الشيخ أن يبين هذا المذهب الخبيث حتى يحذره الناس، قد يكون طالب علم، ولكن سأل الشيخ رحمه الله حتى يبين للناس ويوضح الحق كما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان وهو يعلم لكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمر دينكم» حتى يستفيد الناس.
فقد يسأل السائل أحيانًا وهو يعلم الجواب حتى يستفيد المستمعون، فهذا الذي سأل الشيخ هذا قد يكون من أهل العلم يريد من الشيخ أن يبين هذا المذهب، وقد يكون من المنحرفين كما سبق.
(وأما قوله: ما وجه تبديعهم وتكفيرهم؟) يعني: السائل يسأل هؤلاء الذين يقولون: يسوون بين مذهب أهل السنة والجماعة وبين مذهب الاتحادية كيف يكونوا مبتدعين؟ كيف يكونوا كفار؟ ما وجه ذلك؟
قال المؤلف: (فنقول: قال الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73])؛ من هم؟ النصارى.
(وقال تعالى: (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:80]؛ وقال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72]؛ في موضعين من كتابه)؛ ما وجه الدلالة من الآيات؟
بيَّن المؤلف وجه الدلالة، قال المؤلف رحمه الله: (فإذا كان الله قد كفَّر من قال: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72]، ومن قال: (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73]؛ ومن اتخذ الملائكة، والنبيين أربابًا، فكيف لا يكفِّر من جعل جميع المخلوقات أربابًا).
والآية الأخرى: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73])؛ حكم الله على من قال أنه ثالث ثلاثة بالكفر.
والآية الأخرى: ((وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا)[آل عمران:80])؛ حكم الله على من اتخذ الملائكة والنبيين أربابًا بالكفر.
قال: ((وَلا يَأْمُرَكُمْ)[آل عمران:80]؛ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72])؛ لقد حكم الله على من قال إن المسيح ابن مريم بالكفر.
يقول المؤلف: (فإذا كان الله قد كفَّر من قال: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:72]، ومن قال: (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)[المائدة:73]؛ ومن اتخذ الملائكة، والنبيين أربابًا)؛ كل هؤلاء كفَّرهم الله (فكيف لا يكفر من جعل جميع المخلوقات أربابًا)؛ من هم؟ الاتحادية، يقولون: كلهم، كل المخلوقات أربابًا، أنت الرب وأنت العبد.
(فكيف لا يكفر من جعل جميع المخلوقات أربابًا وقال: إن كل مخلوقٍ هو الله، حتى يسجد للشمس، ويقول: أن المشركين إنما عبدوا الله، ويقول: إن المخلوقات التي يستحي من ذكرها هي (الله)، يا للعجب!)؛ أيهم أشدُّ كفرًا من يقول: المسيح هو الله، أو من يقول: أن جميع المخلوقات هو الله حتى صار من الاتحادية أيهما أشدُّ؟ الثاني، من يقول: أن المخلوقات هي الله أشدُّ كفرًا ممن يقول: المسيح هو الله، الله خصوه بأي شيء؟ خصوه بالمسيح، وهؤلاء عَمَّمُوا الاتحادية، أشد كفر؛ لأن النصارى خصوه بالمسيح، والاتحادية عمُّوه بجميع المخلوقات.
(فكيف لا يكفر من جعل جميع المخلوقات أربابًا وقال: إن كل مخلوقٍ هو الله، حتى يسجد للشمس، ويقول: أن المشركين الذين عبدوا الشمس إنما عبدوا الله)؛ لأن الوجود واحد.
(ويقول: إن المخلوقات التي يستحي من ذكرها هي الله)؛ (التي يستحي من ذكرها)؛ مثلًا القاذورات والحشائش تعالى الله عمَّا يقولون، (يا للعجب!).
(ولقد أحسن من قال من السلف: إن كفر هؤلاء)؛ من هم؟ الاتحادية، (أغلظ من كفر اليهود والنصارى)؛ وهذا لاشك في هذا، لاشك أنه أغلظ وأشد, كفر الاتحادية أشد من كفر اليهود والنصارى هذا لاشك فيه.
(وقد قال ابن القيم رحمه الله: حاشا النصارى أن يكونوا مثلهم وهم الحمير أئمة الكفران)؛ ما معنى البيت؟ يعني يقول: حاشا النصارى أن يكونوا مثل الاتحادية، أخف النصارى أخف من الاتحادية، مع أنهم النصارى حمير وأئمة الكفران، ومع ذلك أخف كفر من الاتحادية (حاشا النصارى أن يكونوا مثلهم وهم الحمير أئمة الكفران).
ثمَّ بيَّن وجه الفرق بين كفر النصارى وكفر الاتحادية، قال: (هم خصصوه بالمسيح وأمه وأُلاءِ ما صانوه عن حيوان)؛ (هم) من هم؟ النصارى, (خصَّصوه) اتحاد الربِّ, (خصَّصوه بالمسيح) كأن الرب اتحاد بالمسيح وأمه فقط.
(وأُلاءِ) الاتحادية, (ما صانوه عن حيوان) جميع الحيوانات كلها حلَّ فيها، والجمادات وكل شيء، فتبيَّن أن كفر الاتحادية أغلظ من كفر النصارى؛ لأن النصارى خصوه بالمسيح والاتحادية عمموه في جميع المخلوقات.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى: وأما الحديث الذي فيه: «أن الله لمَّا خلق المخلوقات قامت الرحم ...إلى آخره»، وقوله: «خلق الله آدم على صورته»؛ فهذه الأحاديث ثابتةٌ، ليس فيها ولله الحمد إشكال عند أهل السنة والجماعة.
وقد قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)[آل عمران:7].
وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منهم فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم».
لقد كان السلف يكرهون كثرة البحث عن مثل هذا ويقولون: آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله؛ وقال الراسخون في العلم: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)[آل عمران:7].
فالنصوص الصريحة في إثبات صفات الرب على ما يليق بجلاله وكماله واستوائه على عرشه وأنه فوق جميع مخلوقاته، ونفي النقائص والعيوب عنه وعن صفاته معلومةٌ مقررة، وما أشكل من بعضها على بعض الناس يكفيك الإِيمان به مع القطع بأنه لا يخالف ما ظهر له ولا يناقضه.
وليحذر طالب الحق كتب البدع "كالأشاعرة، والمعتزلة، ونحوهم"، فإن فيها من التشكيك والإِيهام ومخالفة نصوص الكتاب والسنة ما أخرج كثيرًا من الناس عن الصراط المستقيم، نعوذ بالله من الخذلان.
وأما هذا الذي ألقى هذه الشبهة إليكم: فيجب تعريفه وإقامة الحجة عليه بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام أئمة الدين، فإن اعترف بالحق وببطلان ما عليه أهل البدع من الاتحادية وغيرهم؛ فهو المطلوب والحمد لله.
وإن لم يفعل وجب هجره، ومفارقته إن لم يتيسر قتله وإلقاؤه على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل الإِسلام.
(الشرح)
المؤلف رحمه الله أجاب عن المسألة الثانية؛ لأن السائل سأل الشيخ عن عدة أسئلة كما في أول الرسالة، سأل عن الحديث الذي يروى عن أبي هريرة: «أَنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ أَخَذَتْ بِحَقْوِه فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ»، وهل صَحَّ أنه قال: «خلق الله آدم على صورته»، وهل يُفَسَّر العجب بالرضا؟
- إذًا عدة مسائل:
السؤال الأول: عن الاتحادية، وانتهى الجواب عنه.
السؤال الثاني: عن حديث: «لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ أَخَذَتْ بِحَقْوِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، فَقَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ»، وحديث: «خلق الله آدم على صورته»، هل هو صحيح أو غير صحيح؟.
وهل يفسَّر العجب بالرضا، حديث: «إن الله يعجب من الشاب ليست له صبوه»، «عجب الله من قنوط عباده وقرب غيره» هل يفسر العجب عجب الله صفة من صفاته العجب هل يُفَسَّر بالرضا أو لا يُفَسَّر؟.
وبالجواب على هذا ينتهي الجواب في هذه الرسالة.
إذًا السؤال الأول: عن الاتحادية وهل يتفقون مع أهل السنة والجماعة هذا أجابه المؤلف.
السؤال الثاني: سأل عن حديثين: حديث: «لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ أَخَذَتْ بِحَقْوِ الْرَّحْمَنِ»، هل هو صحيح؟ وحديث: «خلق الله آدم على صورته».
قال المؤلف: (وأما الحديث الذي فيه: «أن الله لمَّا خلق المخلوقات قامت الرحم ...إلى آخره»، وقوله: «خلق الله آدم على صورته»، فهذه الأحاديث ثابتةٌ، ليس فيها ولله الحمد إشكال عند أهل السنة والجماعة) إذًا المؤلف أثبت هذين الحديثين، وهو كما قال المؤلف الحديث: «لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ قَامَتْ الْرَّحِمْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الْرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ» هذا الحديث ثابت، وهو حديثٌ صحيح رواه الشيخان: البخاري ومسلم.
وكذلك أيضًا: حديث: «خلق الله آدم على صورته» حديثٌ صحيح رواه البخاري وأحمد وغيرهما.
المؤلف رحمه الله أجاب بجواب إجمالي، نقرأ كلام المؤلف ثم ننظر في الجواب، قال: أجاب بأنهما حديثان صحيحان، حديث: «لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ قَامَتْ الرَّحِمْ َأَخَذَتْ الرَّحِمْ بِحَقْوِ الْرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ»، تكملة الحديث: «فَقَالْ الله: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ لَكِ» هذا الحديث صحيح رواه الشيخان.
وأخذ العلماء من هذا: إثبات الحقو للرحمن وأنه صفةٌ من صفاته كما يليق بجلاله وعظمته، والحقو: مَعْقِدُ الإزار، الحقو هكذا مخلوق معقد الإزار، ففيه إثبات الحقو للرحمن على ما يليق بجلاله وعظمته لا يماثل المخلوقين.
في الحديث الآخر أن الله تعالى قال في الحديث القدسي: «العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذبته» فيه إثبات للعظمة والكبرياء لله، والإزار والرداء على ما يليق بجلال الله وعظمته، الإزار: هو ما يستر النصف الأسفل للإنسان، والرداء: ما يكون على الكتفين، هذه الأحاديث تثبت على ما يليق بجلال الله وعظمته، فيه إثبات الحقو للرحمن كما بيَّن ذلك أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره على ما يليق بجلال الله وعظمته.
المخلوق له ما يليق به، والخالق له ما يليق به، مثل: السمع والبصر والعلم، كما أن لله سمع والمخلوق له سمع من غير مماثلة، الخالق يوصف بالاستواء والمخلوق يوصف بالاستواء: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯼ) [هود/44]؛ استوى على الدابة، وكذلك استوى على العرش وليس هناك مماثلة.
كذلك المخلوق له حقو والمخلوق له حقو، حقو الله كما يليق بجلاله وعظمته، والمخلوق له ما يليق به، فالحديث صحيح وفيه إثبات صفة الحقو على ما يليق بجلال الله وعظمته.
وكذلك حديث: «خلق الله آدم على صورته»، فيه إثبات الصورة لله عزَّ وجل كما يليق بجلال الله وعظمته، حديث صحيح رواه البخاري: «خلق الله آدم على صورته»، ثم قال: «طوله في السماء ستون ذراعًا» يعني: طول آدم، ففيه إثبات الصورة لله، بل إن كل مخلوق له صورة كما مرَّ, كل مخلوق له صورة هو قائمٌ عليها، أنت لك صورة قائمٌ عليها، صورتك غير صورة فلان، بل حتى الجماد له صورة هو قائمٌ عليها، كل شيءٌ له صورة؛ يعني صورة هو قائمٌ عليها.
فالذي ليس له صورة إذًا لا جود له، ذات الإنسان القائمة هذه صورته، وهذا الحديث ذكره ابن خزيمة رحمه الله وهو من أئمة أهل السنة وغلط في ذلك، وهو معدودٌ في غلطاته، قال في كتابه "كتاب التوحيد": أيها الناس لا تغلطوا ولا تغالطوا فليس لله صورة ... أو كما قال، فردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: هذا من أغلاطه رحمه الله وهو من أهل السنة لكن غلط وظن أن فيها تشبيه، وأنهم أثبتوا الصورة لله مشابهه للمخلوق، «خلق الله آدم على صورته»، الضمير فيه ثلاثة أقوال في «خلق الله آدم على صورته».
قد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية هذه طبعت في مجمع الملك فهد والكتاب قُسِّمْ على ثمان رسائل دكتوراه، ومبحث الصورة جاء رسالة كاملة، وهو ردًا على الرازي, الرازي في كتاب "التأسيس التقديسي".
الرازي قال: إن الضمير «خلق الله آدم على صورته»، قال: إنه يعود على المضروب، نفس ذات القول الأول: أنه يعود إلى المضروب، «لا تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته»، على صورة المضروب، وقال: إن هذا تشويهٌ مقلوب، شبه آدم بالمضروب، والأصل أن يشبه المضروب بآدم؛ لأن آدم هو الأب «لا تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته»، على صورة المضروب يعني، قال: هذا تشبيهٌ مقلوب؛ وهذا قولٌ باطل ليس بصحيح.
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى آدم «خلق الله آدم على صورته»؛ وهذا باطل أنكره الإمام أحمد، سأله ابنه، قال: يا أبتي «خلق الله آدم على صورته»، صورة آدم؟ قال: هذا قول الجهمية، أيُّ صورةٍ لآدم قبل أن يخلقه الله؟ خلق الله آدم على صورة آدم، هل كان له صورة قبل أن يخلق؟ قال الإمام أحمد لما سأله ابنه على صورة آدم، قال: هذا قول الجهمية، أيُّ صورةٍ لآدم قبل أن يخلقه الله؟
القول الثالث: أنه يعود إلى الله، «خلق الله آدم على صورته»، يعود إلى الله، ويؤيد هذا وهذا هو القول الصواب، ويؤيد هذا الحديث الآخر: «خلق الله آدم على صورة الرحمن»، وهي ثابتة هذه الرواية كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في الجزء الحادي عشر، وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون وقرره الأئمة الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية، أن الضمير يعود إلى الله «خلق الله آدم على صورته» فيه إثبات الصورة لله.
بيَّن شيخ الإسلام وغيره أن هذا يقتضي نوعًا من المشابهة، وهي المشابهة في مطلق الصورة لا في الجنس ولا في المقدار، هذا يقتضي نوعًا من المشابهة، وهي المشابهة في مطلق الصورة لا في الجنس ولا في المقدار.
قال: من رأى صورة القمر في الماء؟ يقول: هذه صورة القمر، صورة القمر في الماء هل هي نفس القمر الموجود في السماء؟ لا، لكن فيه نوع من المشابهة بين القمر الذي في الماء والقمر الذي في السماء، القمر إذا انعكس في الماء وصارت صورته في الماء، يقال: هذه صورة القمر أليس كذلك؟ فهذه مشابهة في مطلق الصورة، لكن الصورة ما فيها ذات ما هي إلا صورة فقط، ما فيه مشابهة في جنس القمر وذات القمر ما فيه مشابهة بينه وبين الصورة التي في الأرض إلا في مطلق الصورة فقط.
إذًا المسألة فيها أقوال: قيل: أنه يعود إلى المضروب، وقيل: أنه يعود إلى آدم، وقيل: أنه يعود إلى الله؛ وهذا هو الصواب، الشيخ رحمه الله ما تعرض لهذا للحديثين، إنما أتى بجواب إجمالي.
ننظر كلام الشيخ، المؤلف يقول: (وأما الحديث الذي فيه: «أن الله لمَّا خلق المخلوقات قامت الرحم .... إلى آخره»، وقوله: «خلق الله آدم على صورته»، فهذه الأحاديث ثابتةٌ، ليس فيها ولله الحمد إشكال عند أهل السنة والجماعة، وقد قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)[آل عمران:7]، وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منهم فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»)؛ كأن المؤلف يشير إلى أن هذه الأحاديث فيها اشتباه، وفيها إشكال، وعلى ذلك إذا اشتبه عليك الأمر تردُّها إلى النصوص المحكمة فتوضحها لك.
هذه طريقة أهل السنة والجماعة: أنهم يردُّن النصوص المتشابهة إلى النصوص المحكمة، وأمَّا أهل الزيغ فيضربون النصوص بعضها ببعض، أمَّا أهل الحق يردُّون النصوص المتشابهة.
مثال ذلك: النصوص التي فيها إثبات العلو لله عزَّ وجل وأن الله فوق المخلوقات هذه نصوص محكمة ثابتة، أفرادها تزيد على ألف دليل، كل نص فيه أن الله هو العلي: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ)[الأعلى/1].
(ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯛ ﯜ) [النحل/50].
نصوص الاستواء: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭿ) [الملك/16].
أين الله؟ قال: في السماء: (ﯤ ﯥ ﯯ) [المعارج/4].
في العروج، (ﯧ ﯨ ﯹ) [فاطر/10].
(ﮗ ﮘ ﮟ) [النساء/158]؛ الرفع من الأسفل إلى الأعلى إلى غير ذلك، أفرادها تزيد على ألف دليل، هي نصوص المحكمة على أن الله فوق المخلوقات.
جاءت نصوص المعية: ( ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭸ) [الحديد/4].
(ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮀ)[النساء/108].
(ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [البقرة/153].
الجهمية أبطلوا نصوص الفوقية والمعية، وقالوا: إن الله مختلط بالمخلوقات أخذًا من أحاديث المعية، مختلط ممتزج بالمخلوقات في كل مكان بدليل: ( ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭸ)[الحديد/4]، طيب والنصوص الفوقية والعلوية التي تزيد على ألف دليل؟ أبطلوها بنصوص المعية وضربوا النصوص بعضها ببعض.
أهل الحق جمعوا بينهما قالوا: النصوص الفوقية والعلو محكمة ثابتة، ونصوص المعية لا تخالفها؛ لأن المعية في لغة العرب ليس معناها الاختلاط والامتزاج، ما يلزم منها الاختلاط ولا الامتزاج، ولا المماسة، ولا المحاذاة.
معناها باللغة العربية: تفيد مطلق المصاحبة، تقول العرب: ما زلنا نسير والقمر معنا؛ يعني مصاحبٌ لنا، والقمر فوقك، وتقول: المتاع معي وهو فوق رأسك، هذا في اللغة العربية والقرآن نزل بلغة العرب، ويقال: فلانٌ زوجته معه، وهي في المشرق وهو في المغرب، فيه مماسة أو محاذاة؟
فلانٌ زوجته معه، وهي في المشرق وهو في المغرب، معه يعني في عصمته، زوجة له وهو في المشرق وهي في المغرب.
والصبي الذي يكون في الأرض يبكي فيطَّلع عليه أبوه من الدور السابع أو الثامن فيقول: لا تحزن أنا معك فيسكت وهو يبكي، فيسكت الطفل وأبوه في الدور العلوي ويقول: أنا معك، كيف يكون معه؟ والطفل سكت؛ يعني أنا مهتم بك والطفل لا يماس أباه؛ لأنه بينه وبينه مسافات، هذه لغة العرب.
وبالمناسبة هذه قصة فيها ترفيه: لما ذُكِر قولهم: أن زوجته معه وهو في المشرق وهي في المغرب، يقول الأحناف قصة: لو تزوج مشرقيٌ مغربية فأتت بولدٍ بعد ستة أشهر من الزواج ولم يثبت أنه التقى بها لنسب إليه حفاظًا على النسب لجواز أن يكون من أهل الخطوة، في زمنهم ما يقولون كيف يأتي من المشرق وهي من المغرب؛ صعب، لكن في زمننا سهلة، بين المشرق والمغرب ساعات في الطائرة، لكن هم مع عندهم طائرات, الواحد يسافر في الحج يمكث سنتين يأتي من المشرق إلى مكة يمكث سنتين في الطريق.
الآن يقول: لو تزوج مشرقيًا مغربية, يعني: عقد عليها ثم أتت بولدٍ ستة أشهر ولم يثبت أنه التقى بها لنسبنا الولد إلى أبيه حفاظًا على الأنساب لجواز أن يكون من أهل الخطوة؛ يعني جواز أن يكون من أهل الكرامة، محتمل هذا، فيه جواز أن يكون من أهل الخطوة.
وكذلك أيضًا من الأمثلة النصوص التي فيها الحجاب نصوص محكمة مثل قوله تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﰁ)[الأحزاب/53]، والحجاب، والحجاب ما يحجب المرأة عن الرجل, قد يكون باب وقد يكون جدار وقد يكون غطاء على الوجه.
(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﯕ) [الأحزاب/59]، «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ».
حديث عائشة في صحيح البخاري لما تخلفت عن الجيش في قصة الإفك، لما رحل الهودج وهي كانت خفيفة هي ويظن أنها فيه وهي قد ذهبت تقضي حاجتها فلما رجعت وجدت الجيش ذهبوا، ماذا عملت؟ قالت: أجلس في مكاني لعلهم يفقدوني فغلبتها عيناها وكان صفوان بن معطل السلمي تأخر عن الجيش، متأخر عن الجيش فأقبل من بعيد فرأى عائشة وكان يعرفها قبل الحجاب، فجعل يقول، وعائشة غلبتها عيناها حتى طلوع الشمس، فجعل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون أهل رسول الله؛ يعني كيف ذهب الجيش وهي متروكة هنا، إنا لله وإنا إليه راجعون أهل رسول الله.
قالت عائشة: "فاستيقظت باسترجاع صفوان"؛ لأنها كانت نائمة؛ نعست فاستيقظت من صوته" «فاستيقظت باسترجاع صفوان فخمرت وجهي بجلبابي وكان يعرفني قبل الحجاب» رواه البخاري في الصحيح.
ما معنى الحديث: «فخمرت وجهي»؟ غطيته، غطيت وجهي بجلبابي وكان يعرفني قبل الحجاب، وهذا دليل على أن النساء قبل الحجاب تكشف الوجه، وبعد الحجاب تغطي الوجه، وهذا من أصلح الأدلة وأقواها على وجوب ستر الوجه وأن الحجاب يستر الوجه، فهذه النصوص صريحة.
جاء حديث فيه إشكال وثبت فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة جاءت المرأة الخثعمية وسألت النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي مردف الفضل وهو شاب، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم قال أهل السفور: إن هذا الحديث دليل على كشف الوجه وأن المرأة تكشف وجهها؛ لأن الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، هذا معناه أنها كاشفة.
وضربوا بالنصوص الأخرى عرض الحائط: «فخمرت وجهي بجلبابي»، هذا ما يناسبهم: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﰁ) [الأحزاب/53]، لكن حديث الخثعمية دليل على السفور، وأن المرأة تكشف وجهها، ماذا عن أهل الحق ماذا يقولون؟
يقولون: هذا مشتبه حديث الخثعمية، وهذه نصوص صريحة واضحة والقاعدة عند أهل العلم: أن النص المشتبه يرد إلى المحكم ويفسر به ويزول الإشكال, وأما أهل الزيغ يتعلقون بالمشتبه ويتركون المحكم كما في الآية: ( ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﯪ) [آل عمران/7].
وفي الحديث: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منهم فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم».
أهل السنة يقولون: ما يلزم أن تكون كاشفة النصوص صريحة في الحجاب، ما يلزم أن، لماذا ينظر إليها؟ ينظر إليها إما أنه أعجبه كلامها أو قدها، أو انكشف شيئًا من ثيابها، أو ما أشبه ذلك فالإنسان ينظر إليها؛ يعني: الإنسان ما ينظر إلا إذا كانت كاشفة الوجه؟! ينظر إليها ولو لم تكن كاشفة، أعجبه طولها، أو قدها، أو شيءٌ من ثيابها، أو كلامها، وعلى هذا فيكون هذا الحديث نرده إلى النصوص المحكمة فتتفق الأحاديث ولا تختلف.
الشيخ يقول: أتى بجوابٍ مجمل، قال: إن المشتبه يرد إلى المحكم، وأتى بالآية وأتى بالحديث، وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منهم فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»، (ولقد كان السلف يكرهون كثرة البحث عن مثل هذا) يعني: عن مثل الأمور المشتبهة.
(ويقولون: آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله) هذا مروي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.
(وقال الراسخون في العلم: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)[آل عمران:7]) إذًا المؤلف رحمه الله ما جاوب عن الحديثين الجواب مجمل، كأنه قال: هذه من النصوص المشتبهة وتردُّ إلى المحكم.
(فالنصوص الصريحة في إثبات صفات الرب على ما يليق بجلاله وكماله واستوائه على عرشه وأنه فوق جميع مخلوقاته، ونفي النقائص والعيوب عنه وعن صفاته، معلومةٌ مقررة) جواب المؤلف جواب مجمل، النصوص التي في إثبات العلو، وإثبات الصفات والسمع والبصر إثبات الاستواء على العرش، النصوص التي فيها نفي النقائص والعيوب عن الله معلومة ومقررة.
(وما أشكل من بعضها على بعض الناس يكفيك الإِيمان) يعني: المجمل، (مع القطع بأنه لا يخالف ما ظهر له ولا يناقضه) يعني يقول: إذا أشكل عليك حديث: «خلق الله آدم على صورته»، عليك أن تؤمن به وتؤمن بأن النصوص التي فيها دلت على الصفات كلها مقررة ومعلومة وهذا النص ترده إلى النصوص المحكمة، ما تتكلم عنه: (وما أشكل من بعضها على بعض الناس يكفيه الإيمان به مع القطع بأنه لا يخالف ما ظهر له ولا يناقضه).
(وليحذر طالب الحق كتب البدع "كالأشاعرة، والمعتزلة، ونحوهم"، فإن فيها من التشكيك والإِيهام ومخالفة نصوص الكتاب والسنة ما أخرج كثيرًا من الناس عن الصراط المستقيم، نعوذ بالله من الخذلان، وأما هذا الذي ألقى هذه الشبهة إليكم) من هو الذي ألقى الشبهة؟ هل المقصود الاتحادية؟ كأنه السائل.
والجواب عن حديث: «أن الله لمَّا خلق المخلوقات قامت الرحم»، ما أجاب عنها المؤلف إلا جواب إجمالًا، ولكن جوابه كما ذكرت لكم، المؤلف أجاب عنها مجملًا، إجمالًا، قال: (أن هذه النصوص المشكلة تُرَدُّ إلى المحكم، والإنسان يعلم أن النصوص مقررة وثابتة، ويحذر كتب الأشاعرة، وكتب المعتزلة، وما أشكل عليه يكفيه الإيمان المجمل مع القطع بأن النصوص لا يخالف بعضها بعض ولا يناقضه).
(وأما هذا الذي ألقى هذه الشبهة إليكم) ألقى الشبهة وقال: لا فرق بين مذهب أهل السنة والاتحادية: (فيجب تعريفه وإقامة الحجة عليه بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام أئمة الدين، فإن اعترف بالحق وببطلان ما عليه أهل البدع من الاتحادية) الاتحادية يقولون: بوحدة الوجود.
(فإن اعترف بالحق وببطلان ما عليه أهل البدع من الاتحادية وغيرهم فهو المطلوب والحمد لله، وإن لم يفعل وجب هجره ومفارقته إن لم يتيسر قتله وإلقاؤه على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل الإِسلام) يعني يقول: هذا الذي قال: إن مذهب أهل السنة والاتحادية واحد هذا يجب أن تقام عليه الحجة ويُعَرَّف بكلام الله وكلام رسول الله وكلام أهل الدين، فإن اعترف بالحق ورجع فالحمد لله، وإن لم يعترف فالذي يقال أحد أمرين:
الأمر الأول: إن كان صاحب سلطان فإنه يقتله، يقطع رقبته ويضعه على مزبلة؛ لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل الإسلام؛ لأنه كافر يلقى على مزبلة بعيدة حتى لا ينتن؛ حتى لا يؤذي أهل الإسلام بنتن ريحه.
الأمر الثاني: أما إذا كان إنسان ما عنده ولاية ولا يستطيع يكفي هجره ومفارقته وتحذير الناس منه.
فهو يقول المؤلف: إن كنت صاحب ولاية، أمير، أو ملك، أو سلطان فيجب عليك أن تقتله وتلقيه على مزبلة لا حرمة له، ما يدفن، بخلاف المؤمن، المؤمن كرَّمه الله يُدفن، وأمَّا هذا لا حرمة له يلقى في مزبلة بعيدة عن البلد حتى لا يؤذي بنتن ريحه أهل الإسلام.
أمَّا إذا كان ما هو بصاحب سلطان ولا بيده من الأمر شيء، ولا هو حاكم شرعي يقيم الحدود فإنه يهجره ويفارقه ويحذر الناس منه.
بقي المسألة الأخير للسائل.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى: وأما قـوله: هل يفسر العجب بالرضا؟ جوابه أن يقال: ما جاء إطلاقه على الربِّ سبحانه من العجب، والرضا، والغضب، والسخط، ونحو ذلك مما يتعلق بمشيئته وإرادته، يجب إثباته على ما يليق بالله تعالى مع نفي التشبيه والتمثيل وإبطال التحريف والتعطيل.
وأهل البدع قابلوا ذلك "بالتأويل" كما فعلوا بالأسماء والصفات، والباب بابٌ واحد عند أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يشبِّهون ولا يعطِّلون ولا يكيِّفون، فعليك بطريقهم فإنه الصراط المستقيم الذي من سلكه فاز بالنعيم المقيم، ومن أعرض فهو من أصحاب الجحيم.
فهذا بعض ما حضرني في هذه المسألة مع قلة العلم وعدم المساعد وكثرة الأشغال والمحل يقتضي مجلدًا أو أكثر لشدة الحاجة، وظهور الجهل وغربة السنة ومن يعرفها، والله المستعان.
وليعلم الناظرٌ إليه أن فيه مواضع قد يقال: أن فيها نوع تكرير والحامل عليه خفاء الحق وقلة الاهتداء إلى الصواب، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
(الشرح)
المؤلف رحمه الله أجاب عن الجملة الأخيرة، أو السؤال الأخير يقول السائل: هل العجب يفسر بالرضا؟ يعني: العجب الذي وصف الله به كحديث: «يعجب ربك من الشاب ليس له صبوه» هذا فيه إثبات العجب لله.
وحديث: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَّره، ينظر إليكم أزلين قانطين يعلم أن فرجكم قريب»، ييأسون إذا جاءهم الجدب وتأخر المطر حصل للناس يأس، والله تعالى يعجب من قنوطهم وقرب غِيره، غِيَّرِه يعني: تغير الأحوال من حالٍ إلى حال، الله يعلم أن ستتغير الحال من الجدب إلى الرخاء «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَّره، ينظر إليكم أزلين قانطين يعلم أن فرجكم قريب».
وفي الآية الكريمة: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الصافات/12]؛ قراءة، قراءة حفص "بل عَجِبْتَ ويسخرون"؛ خطاب للرسول، وفي قراءة أخرى: "بل عَجِبْتُ"؛ الخطاب لله، فيثبت العجب لله، (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الصافات/12]؛ ففي هذه الآية والحديث إثبات العجب لله.
والعجب لله كسائر الصفات يثبت العجب كما يليق بجلال الله وعظمته، كما يثبت الغضب والرضا والسخط، فالآية والحديث فيه إثبات العجب لله على ما يليق بجلال الله وعظمته لا يماثل عجب المخلوق، المخلوق ضعيف يعجب لأنه ما يعلم الحال، أما الله فلا يلحقه نقص، يعلم ما كان وما يكون، ليس عجبه كعجب المخلوق الذي يتعجب من الشيء لكونه لم يعرف الحال ولا يدري ماذا يحصل، لا، هذا عجب المخلوق، أما عجب الخالق فلا يلحقه نقص كما يليق بجلاله وعظمته.
مثل الغضب والسخط والرضا، كما أن الله يغضب لكن غير غضب المخلوق، ويرضى لكن غير رضا المخلوق، يعجب لكن غير عجب المخلوق.
- قال المؤلف رحمه الله: (وأما قوله: هل يفسر العجب بالرضا؟ جوابه أن يقال: ما جاء إطلاقه على الربِّ سبحانه من العجب، والرضا، والغضب، والسخط، ونحو ذلك مما يتعلق بمشيئته وإرادته، يجب إثباته على ما يليق بالله تعالى) يعني: إن هذه من الصفات الفعلية، العجب والرضا والغضب والسخط يتعلق بمشيئة الله وإرادته.
- إن الصفات نوعان:
النوع الأول: صفات ذاتية لا تنفك عن الباري مثل: العلم, والقدرة, والسمع, والبصر, والعلو.
النوع الثاني: صفاتٌ فعلية تتعلق بالمشيئة والإرادة والاختيار مثل: العجب, والغضب, والسخط, والرضا.
يعجب إذا شاء، يغضب إذا شاء، يسخط إذا شاء، على ما يليق بالله تعالى مع نفي التشبيه؛ يعني ما نقول: إنها تشبه عجب المخلوق لا، هذا منافٍ للتشبيه والتمثيل، وإبطال التحريف، والتعطيل؛ يحرف العجب ويقول: العجب معناه كذا، أو معناه كذا، يعطل أو ينفي الصفة ويعطلها ويقول: إن الله لا يعجب، لا، تحريف باطل.
قال: (وأهل البدع قابلوا ذلك بالتأويل)؛ يؤولون الرضا بالثواب، والغضب بالعقاب، والعجب بالرضا؛ وهذا باطل العجب غير الرضا، فالعجب صفة والرضا صفة.
السائل يسأل الشيخ: وهل يفسر العجب بالرضا؟ لا، لا يفسر العجب كما قلنا: العجب غير الرضا، الرضا صفة، والعجب صفة أخرى، فلا يفسر العجب بالرضا، بعضهم يقول: عجب الله يعني: رضي عنهم، هذا تأويل، هذا قول الأشاعرة وغيرهم.
قال: (وأهل البدع قابلوا ذلك بالتأويل كما فعلوا بالأسماء والصفات، والباب بابٌ واحد عند أهل السنة والجماعة لا يحرفون)؛ والتحريف كما سبق لفظي ومعنوي: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ)[النساء/164]؛ أو كلمه: جرحه.
(ولا يشبهون) لا يشبهون صفات الله بالخلق, (ولا يعطلون) يعني: ينفون الصفات, (ولا يكيفون) يقولون إنها على كيفية كذا، الباب باب واحد عند أهل السنة، كل الصفات على طريقةٍ واحدة والأسماء، يثبتون ولا يشبهون ولا يحرفون ولا يعطلون.
ثم قال المؤلف: (فعليك بطريقهم) الزم طريقة أهل السنة والجماعة، (عليك) الزم، (فإنه الصراط المستقيم) وما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما درج عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة من بعدهم، المؤلف يوصي بلزوم مذهب أهل السنة والجماعة قال: (عليك) هذا إغراء.
(عليك بطريقهم) طريق أهل السنة والجماعة الزمه, (فإنه الصراط المستقيم الذي من سلكه فاز بالنعيم المقيم) لأنهم على الحق؛ لأنهم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم, من سلك الصراط المستقيم فاز بالنعيم المقيم, (ومن أعرض فهو من أصحاب الجحيم) أصحاب النار، انتهى الجواب.
المؤلف ذكر اعتذار بعد ذلك، اعتذر وتواضع رحمه الله قال: (فهذا بعض ما حضرني في هذه المسألة مع قلة العلم) يقول: إن علمي قليل هذا تواضع، ازدراء النفس هكذا العلماء، لا يعجبون وإنما يزرون على أنفسهم، فالشيخ رحمه الله عالم فاضل ومع ذلك يقول: أنا أجبت على هذه المسألة مع قلة العلم، علمي قليل، (وعدم المساعد) ما فيه أحد يساعدني, (وكثرة الأشغال) فلهذا اعتذر المؤلف.
اعتذر لقلة العلم وعدم المساعد ما أحد يساعده، كأن ما عنده بعض المراجع أو كذا، كلامه رحمه الله واضح، وكثرة الأشغال.
ثم قال: (والمحل يقتضي مجلدًا أو أكثر لشدة الحاجة) هذا الجواب يحتاج إلى مجلد ليكتب عنه، يحتاج إلى مجلد كامل؛ لأهميته لبيان مذهب الاتحادية وبيان مذهب أهل السنة والجماعة, (والمحل يقتضي مجلدًا أو أكثر لشدة الحاجة، وظهور الجهل وغربة السنة ومن يعرفها) المؤلف يقول: يعني الجواب يحتاج إلى أن يكتب في مجلد كامل، لماذا؟
للحاجة الماسة لتبيين الحق، ولظهور الجهل في كثير من الناس، ولغربة السنة ومن يعرفها، (والله المستعان).
ثم قال المؤلف اعتذار آخر، اعتذار عن الجواب فيه تكرار: (وليعلم الناظرٌ إليه أن فيه مواضع قد يقال: أن فيها نوع تكرير)؛ قال: (والحامل عليه خفاء الحق وقلة الاهتداء إلى الصواب) يقول: التكرار الذي جاء في الجواب السبب خفاء الحق في كثيرٍ من الناس، وقلة الاهتداء إلى الصواب.
ثم ختم بالدعاء فقال: (ونسأل الله لنا ولكم التوفيق) وختم بالصلاة على النبي قال: (وصلى الله على محمدٍ) وسبق أن الصلاة ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى, (وصلى الله على محمد وعلى آله)؛ (آله) قيل: أنهم أزواجه وذريته، وقيل: أقاربه المؤمنون، وقيل: أتباعه على دينه، وهذا هو الصواب، ويدخل في ذلك دخول الأولين وأزواجه وذريته.
(وصحبه) جمع صحابي، والصحابي كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا ومات على ذلك، (وسلم) دعاءٌ بالسلامة, (تسليمًا) مصدر, (كثيرًا) مؤكد وتأكيد.
والحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.