بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة و السلام على رسول الله، يسر موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي -حفظه الله - أن يقدم لكم هذه المادة ...
المتن:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، قال الإمام الإسماعيلي في اعتقاد أهل السنة "وخلق آدم عليه السلام بيده خلق آدم عليه السلام بيده و يداه مبسوطتان كيف يشاء بلا اعتقاد كيف يداه إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف".
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في رسالته اعتقاد أهل السنة والجماعة "وخلق آدم بيده "في أول الرسالة" ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء بلا اعتقاد كيف "و أعادها مرة ثانيه" وخلق آدم عليه السلام بيده ويداه مبسوطتان كيف يشاء" سبق أن الله تعالى أثبت لنفسه اليدين وأن له يدان وأنه خلق وأن الله خلق آدم بيده وأنه تشريف له تشريف لآدم ينفق كيف يشاء كما قال سبحانه رداً على اليهود: قالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولُعينوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء هناك قال: "بلا اعتقاد كيف" و هنا قال: "بلا اعتقاد كيف يداه" بلا اعتقاد كيف يعني كيف اليد .
اليد ما تكيّف لماذا؟ إذا لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف يعني لم يرد في كتاب الله بيان الكيفية نعم
المتن:
"ولا يعتقد فيه الأعضاء ولا الجوارح ولا الطول والعرض والغلظ والدقة ونحو هذا مما يكون مثله في الخلق وأنه ليس كمثله شيء تبارك وجه ربنا ذو الجلال والإكرام"
الشرح:
نعم هذه العبارات العبارة ينبغي تركها ما يعتقد في الأعضاء أو الجوارح و لا الطول والعرض هذه تفصيلات يذكرها أهل البدع .
أهل البدع يخالفون أهل السنة والجماعة, أهل السنة طريقتهم ما دلت عليه النصوص من الإثبات المفصّل والنفي المجمل فيثبتون الصفات إثباتاً مفصلاً كل صفة "ترد في الكتاب والسنة يثبتونها لله العلم يثبتون لله العلم القدرة السمع البصر الاستواء النزول هنا كل صفة وردت في الكتاب والسنة وكذلك الأسماء أسماء الله العليم الرحيم القدير السميع البصير وهكذا البارئ الخالق المصور الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن الجبار المتكبر نثبتها هذه الأسماء كل اسم بعينة وكل صفة بعينها أما تنزيه الله عن النقائص والعيوب فإنه يكون مجمل كما قال تعالى: ليس كمثله شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، هذا مجمل،" هل تعلم له سميا" المعنى أنه ليس له سمي ولم يكن له كفواً أحد فلا تضربوا لله الأمثال وهذا هو الكمال أن تثبت الصفات تفصيلاً وتنفى النقائص والعيوب إجمالاً ليس كمثله شيء أهل البدع عكسوا القضية فصاروا ينفون نفياً مفصلاً ويثبتون إثباتاً مجملاً يقول أهل البدع عن الله ليس له طول وليس له عرض وليس له عمق وليس له دم وليس له رائحة وجعلوا يفصلون تفصيلات وينفونها من عند أنفسهم بيّن أهل السنة أن هذا باطل وأن هذا لا يليق والعيوب كثيرة تنفى إجمالاً كلها فالله ليس كمثله شيء وهذا هو الأكمل كونه كل خصلة ذميمة تنفى لا حصر لها وأيضا هذا ينافي الأدب والكمال أن تثبت الصفات تفصيلا وتنفى النقائص إجمالاً فإذا عكست ونفيت كل صفة هذا ينافي الأدب مع الله ولله المثل الأعلى لو جاء إنسان ووقف عند ملك أو أمير أو رئيس جمهورية وقال أيها الرئيس لست بزبال ولا حجّام ولا كسّاح أنت فقط كناس ولا كساح ولا كذا يعاقبه بل يقتله لأنه أساء الأدب معه وكلامه صحيح أو غير صحيح ؟
صحيح يقول أنت ما أنت كنّاس لأنت أيها الرئيس لست كنّاس ولا حمالي ولا كذا ولا كذا صحيح و ألا غير صحيح ؟ كونه ينفي هذا أمامه ينافي الأدب فكذلك أهل البدع يقولون عن الله ليس بكذا ولا كذا وليس له طعم ولا لون ولا رائحة ولا دم ولا كذا كل هذا باطل التفصيلات هذه باطله ولهذا يقول العلماء طريقة أهل السنة والجماعة الإثبات المفصل والنفي المجمل الإثبات المفصل للصفات والنفي المجمل للعيب والنقائص وأهل البدع بالعكس ينفون نفياً مفصلاً ويثبتون إثباتاً مجملاً لم يأتي النفي المفصل إلا للرد على المشركين نفي الولد لأن المشركين نسبوا الولد إلى الله فإذا جاء النفي مفصل في القرآن و السنة يأتي بالرد على من نسب النقيصة هذه النقيصة لله فإن المشركين نسبوا الولد إلى الله جاء اليهود والنصارى ورد الله عليهم .
وقول الإمام: "ولا يعتقد فيه الأعضاء ولا الجوارح ولا الطول والعرض ولا الغلظ والدقة" كل هذا من التفصيل المجمل في نفي النقائص والعيوب فالأعضاء والجوارح لا تثبت ولا تنفى ما نقول لله أعضاء أو جوارح ولا نقول ليس لله أعضاء أو جوارح أهل البدع يقولون منزه الله عن الجوارح بعضهم ينكر اليدين جارحة اليد والرجل جارحة فنحن الآن نقول أن هذه الأمور لم ترد ينبغي تركها، فالمؤلف رحمه الله هنا حمله على ذلك يعني تنزيه الرب والتنزيه إنما يكون فيما ورد في الكتاب والسنة، قال: ولا يعتقد فيه الأعضاء ولا الجوارح أهل البدع يدخلون مع هذا مسألة الأعضاء والجوارح ينكرون اليد يقولون هذه من الجوارح ينكرون القدم يقولون هذه من الجوارح الأصابع هذه من الجوارح فنحن الآن لا ينبغي أن نسير خلفهم فينبغي ترك مثل هذه الكلمات الأعضاء والجوارح والطول والعرض والغلظ والدقة قال ونحو هذا مثله في الخلق فإنه ليس كمثله شيء تبارك وجه ربنا ذو الجلال والإكرام نعم ليس كمله شيء لكن هذه الأمور لم يرد إثباتها ولا نفيها فينبغي السكوت عنها كما قال عمر: "قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا ، وببصر نافذ كفوا قف حيث وقف الصحابة والتابعون".
شيخ الإسلام رحمه الله ابن تيمية ذكر طريقة السلف أهل السنة والجماعة أنهم يصفون الله بما وصف الله به نفسه ووصفه بها رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل يثبتون إثباتاً بلا تمثيل وينزهون تنزيهاً بلا تعطيل ففي باب الإثبات لأسماء وصفات الله يتجنبون التكييف والتمثيل ويقولون نثبت اليد لله لكن لا نقول لا نمثل ونقول مثل يد المخلوق ولا نكيف نقول كيفيته كذا وكذا وفي باب التنزيه ينزهون الله عن النقص والعيوب تنزيه لا يصل إلى تعطيل الصفات ونفيها يثبتون إثبات بلا تمثيل وينزهون تنزيهاً بلا تعطيل قوله تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، قوله: ليس كمثله شيءرداً على المشبهة، وقوله : وهو السميع البصير رداً على المعطلة.
فالأسماء والصفات مبنية على أصلين:
أحدهما: تنزيه الله عن صفات النقائص كالسنة والنوم والعجز والكسل.
والثاني: إثبات صفات الكمال التي لا ننقص منها شيء في وجه من الوجوه وهي الواردة في الكتاب والسنة تنزيه الله عن النقائص والثاني إثبات صفات الكمال كما أن توحيد الإلوهية مبني على أصلين الأصل الأول الكفر بالطاغوت والبراءة من كل عبادة ومن كل معبود غير الله والثاني إثبات الألوهية لله وحده نفي الإله عن غير الله هذا الأصل الأول والثاني إثبات الألوهية لله وحده نعم.
المتن:
ويقول رحمه الله: ولا يقولون أن أسماء الله غيرُ الله كما يقوله المعتزله والخوارج وطوائف من أهل الأهواء.
الشرح:
وطوائف من أهل الأهواء، أهل الأهواء أهل البدع يعني يقول هل الاسم هو مسمى أو غير مسمى هذه مسألة عند المتأخرين يقولونها هل الاسم هو المسمى أو غير مسمى هذه من الأمور التي حدثت وصار أهل البدع يتكلم فيها والأصل أن الاسم هو المسمى فالاسم يدل على المسمى الله علم على الذات الإلهية لا يسمى بها غيره إذ قال الله أكبر سبحان الله والحمد لله لا إله إلا الله فالاسم هو المسمى اسم الله هو مسماه لكن الله اسم عربي يقول الرحمن اسم عربي هنا المراد بالاسم اللفظ, اللفظ يكون عربي الله اسم عربي بعض المتأخرين صار يتكلم في هذا ولابد من التفصيل في هذا يقال الاسم هو المسمى وهذا هو الأصل الاسم هو المسمى لكن إذا قيل الله اسم عربي هنا صار اسم الله المراد هنا المراد اللفظ الآن لفظ الجلالة اسم عربي و لهذا بعض العلماء أو جمع من أهل العلم قالوا لا ينبغي الكلام في مثل هذا الاسم هو المسمى لأن أهل البدع يفصلون تفصيلات يغلطون فيها و يتكلمون بالباطل فينبغي عدم الكلام في مثل هذا و لهذا نقل المحقق عن ابن جرير الطبري في شرح السنة في أنه لا ينبغي الكلام في مثل هذا
"وأما القول في الاسم أهو المسمى أم غير المسمى " فإنه من الحماقات الحادثة التي لا أثر فيها فيتبع ، ولا قول من إمام فيستمع ، فالخوض فيه شين ، والصمت فيها و الصمت عنه زين.
وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله ثناؤه الصادق ، وهو قوله: قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى
ويعلم أن ربه هو الذي "على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض ، وما بينهما وما تحت الثرى " ؛ فمن تجاوز ذلك ، فقد خاب وخسر وضل وهلك" يعني ينبغي ألا يتكلم في هذا لأنه لا يتكلم فيه السلف هل هو مسمى أو غير مسمى يقولون هذا ما فيه ما فيه أثر فيتبع و لا أتكلم بالأئمة حتى يستمع لقولهم فهذا هو الأصل الاسم هو المسمى الله أكبر لا إله إلا أنت سبحانك إذا قيل الله اسم عربي صار المراد هنا اللفظ أن لفظ الجلالة اسم عربي و في كل حال هذه الأمور كما ذكر ابن جرير الطبري ما ينبغي أن يتكلم فيها الإنسان و يشقق هذه الكلمات و يقول هل الاسم هو المسمى أو المسمى ثم يوقع السامع أو المتكلم في الخطأ أو الغلط فيأتي بعضهم و يقول الاسم هو المسمى ويأتي آخرون ويقولون الاسم غير المسمى و يتكلمون بالباطل فينبغي سد هذا الباب حتى لا يقع الناس بالباطل نعم المؤلف يقول هذا يقول مثل ما يقول المعتزلة والخوارج وطوائف من أهل الأهواء من أهل البدع يقولون هذا فيقول يعني إن أهل السنة والجماعة لا يقولون أسماء الله غيره لا يقولون أسماء الله لغير الله بل الاسم يراد به المسمى نعم
المتن:
ثم قال رحمه الله: ويثبتون أن له وجهاً وسمعاً وبصراً وعلماً وقدرة وقوة وكلام لا ما على يقوله أهل الزيغ من المعتزلة وغير هم ولكن كما قال تعالى: ويبقى وجه ربك وقال أنزلنه بعلمه وقال: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وقال: فلله العزة جميعا وقال: والسماء بنيناها بأيدوقال: أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وقال: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين نعم.
الشرح:
يقول المؤلف رحمه الله أن أهل السنة والجماعة يثبتون لله الصفات التي وردت في الكتاب والسنة على ما يليق بجلال الله وعظمته يثبتون لله وجهاً واستدل المؤلف بالآيات والدليل ويبقى وجه ربك لإثبات الوجه لله على ما يليق بجلاله وعظمته وأهل البدع الجهمية وغيرهم يقولون ويبقى وجه ربك أي إذاعته والقصد من ذلك إنكار الوجه الآية فيها إثبات الذات والوجه جميعاً ويبقى وجه ربك بل تجد بعض المعتزلة وغيرهم حتى في تفسير ابن جرير ويبقى وجه ربك المقصود من ذلك إنكار الوجه لأنها ليست من الصفات السبع التي .... الأشاعرة هذا باطل لا ينفي إثبات الوجه لله على ما يليق بجلاله وعظمته ولهذا قال المؤلف لا على ما يقوله أهل الزيغ من المعتزلة وغيرهم من المعتزلة المعتزلة يقولون أن الأسماء و الصفات يقولون أن الصفات مخلوقة كلام الله مخلوق ينكرون الصفات ويثبتون لله أسماء بلى معاني أسماء لا تدل على معاني والصفات ينكرونها يقولون أن صفات الله مخلوقة خلقها في غيره والكلام مخلوق هذا أهل الزيغ وهو الميل والانحراف عن الحق والميل إلى الباطل ويشاركهم في هذا الأشاعرة في ما عدا صفة السمع وفيما ذلك الوجه الوجه ينفيه الأشاعرة والمعتزلة جميعا وأهل الحق يثبتون الوجه كما يليق بجلال الله وعظمته ويبقى وجهك ربك هذا هو الدليل وسمعا قال الله وبصرا وهو السميع البصير وهو السميع البصير هذا دليل على إثبات السمع فيه إثبات السمع وهو السميع هو إثبات اسم السميع والبصير إثبات اسم البصير وإثبات صفة السمع وصفة البصر لأن أسماء الله مشتقة ليست جامدة كل اسم مشتمل على صفة اسم السميع مشتمل على صفة السمع البصير مشتمل على صفة البصر العليم مشتمل على صفة العلم الرحيم مشتمل على صفة الرحمة القدير مشتمل على صفة القدرة الله مشتمل على صفة الألوهية وهكذا كل اسم مشتمل على صفة الاسم يدل على الصفة كل اسم من أسماء الله يدل على صفة لأن أسماء الله مشتقة وليست جامدة أما الصفة فلا يشتق منها اسم فلا يقال في صفة النزول نقول من أسماء الله النازل لا صفة الرضا نقول من أسماء الله الراضي صفة الغضب نقول من أسماء الله الغاضب لا الصفات لا يشتق منها اسم ولكن الأسماء مشتملة على صفات دليل السمع والبصر وهو السميع البصير والعلماء أثبتوا صفة العلم والدليل وهو العليم القدير قال: أنزله بعلمه إثبات صفة العلم وقال: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء إثبات العلم والقدرة وهو على كل شيء قدير وفي الحديث حديث الاستخارة فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر إثبات صفة القدرة صفة العلم وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال قوته وقدرته ولا يؤده حفظهما في آية الكرسي لكمال قوته وقدرته في إثبات القوة والقدرة كما في الآية التي استدل بها المؤلف إن الله ذو القوة المتين إثبات القوة لله وقال وعزة وإثبات العزة، فقال: ولله العزة جميعا وفي آية آخرى: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والسماء بنيناها بأيدٍ أي بقوة وقدرة وليست من آيات الصفات والسماء بنيناها بأيدٍ بقوة وقدرة ألم يروا أن الله الذي خلقهم أشد منهم قوة إثبات القوة و عزة وكلاماً كلام الله كما سيأتي وكلم الله موسى تكليما إن الله ذو القوة المتين إثبات القوة .
الرزاق من أسماء الله من أسماء الله ومن صفاته الرَزق الخلق والرزق نعم
المتن:
وقال رحمه الله فهو تعالى ذو العلم و القدرة والسمع والبصر والسمع والبصر والكلام كما قال تعالى: ولتصنع على عيني وقال: واصنع الفلك بأعيننا ووحينا وقال حتى يسمع كلام الله وقال: وكلم الله موسى تكليما وقال: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون.
ثم قال ويقولون ما يقوله المسلمون في أسرهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لا يكون كما قال تعالى وما تشاءون إلا أن يشاء الله نعم
الشرح:
استدل المؤلف رحمه الله عن الصفات التي ذكرها فقال وهو تعالى ذو العلم وعليم ذو علم ومتصف بالعلم وذو علم يعني أثر الصفة هو سبحانه عليم متصف بالعلم ذو علم بخلقه محيط بخلقه وهو قوي ذو قوة وهو القدير ذو قدرة عليم بعلم قوي بقوة قدير بقدرة سميع بسمع بصير ببصر فهو تعالى ذو العلم ذو القوة والقدرة والسمع والبصر والكلام كما قال تعالى: ولتصنع على عيني، على مرأى مني إثبات السمع والبصر لله.
أما إثبات العينين فيؤخذ من حديث الدجال ما ذكره المؤلف حديث الدجال حديث الصحيح: إن الدجال أعور العين اليمنى وإن ربكم ليس بأعور، فالحديث فيه إثبات أن الدجال أعور والله تعالى ليس بأعور له عينان سليمتان إثبات العين لله يؤخذ إثبات العين لله من حديث الدجال أما هنا ولتصنع على عيني المراد على مرأى مني واصنع الفلك بأعيننا ووحينا أي على مرأى منا في كلأتنا وحفظنا وإثبات العينين أن لله عينان في حديث الدجال إن الدجال أعور العين اليمنى وإن ربكم ليس بأعور إثبات السمع والبصر لله والعين أن الله يبصر خلقه وهو فوق عرشه ويسمع كلامهم وقال حتى يسمع كلام الله وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله, إثبات الكلام لله وقال: وكلم الله موسى تكليما إثبات الكلام لله وكلم الله موسى تكليما تكليما مصدر فإذا جاء المصدر فلا يمكن التأويل لأن المصدر للتأكيد في إثبات الكلام وكلم الله موسى تكليما وقال بعض الجهمية لبعض أهل السنة تريد أن تقرأ وكلم اللهَ موسى تكليما ينكرون صفة الكلام يعني ينكروا الكلام وكلم الله منصوب على التعظيم أن موسى هو المتكلم والله لا يتكلم نعوذ بالله وكلم اللهَ موسى تكليما يعني كلم موسى الله فموسى هو المتكلم والله لا يتكلم ينكر كلام الله فقال له بعض الأئمة لما قال هذا الكلام هب يا عدو الله أن قراءة هذه الآية وكلم الله موسى كيف تصنع بقوله وكلمه ربهوكلمه ربه ولكنه أولا قال جرحه بأظافير الحكمة معنى كلمه ربه جرحه بأظافير الحكمة يعني التكليم ليس بمعنى الكلام وإنما بمعنى الجرح كما يقال فلان كلمه يدمع جرحه يدمع قال تعالى: ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا هذا من التحريف تحريف المعنى معنى كلام الله وقال تعالى: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي الآية فيها الآن تأكيد الكلام كلم الله موسى تكليما فلا يمكن أن يراد بها خلاف الحقيقة مع التأكيد إذا جاء التأكيد لا يمكن التأويل وقال تعالى: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون، إنما قولنا إثبات القول لله إذا أردنا إثبات الإرادة أن نقول له إثبات القول كن فيكون إثبات أن كلام الله بالحروف كلمة كن فيكون وفيه دليل على أن الله لا يستعصي عليه شيء إذا أراد شيئاً خلقه بكلمة كن وفيه أن الله يخلق بالكلام وفيه أن الكلام غير الخلق والرد على أهل البدع الذين يقولون لا فرق بين الكلام والخلق , الخلق هو الكلام والكلام هو الخلق ويقولون الكلام مخلوق فلا يفرقون بينهما الله فرق بينهما إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقال تعالى: ألا له الخلق والأمرفرق بينهما فالخلق شيء و الأمر شيء ألا له الخلق و الأمر , الأمر هو الكلام والله تعالى يخلق بالكلام إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فالذين يقولون أن الكلام مخلوق هذا لا يفرق بينهما فالكلام صفة من صفات الله ليس بمخلوق ولهذا قال العلماء من قال أن الكلام مخلوق كفر على العموم من قال أن كلام الله مخلوق كفر كما قاله الأئمة من أنكر الكلام وأنكر الرؤية كفر وقال الله تعالى فرق بينهما ألا له الخلق والأمر، فالخلق والأمر هو الكلام والله تعالى يخلق بالكلام.
وهنا مسألة يجب التنبيه عليها وهي بعض الناس بعض الأئمة يدعون في رمضان وفي غيره يا من أمره بين الكاف والنون هذا خطأ كيف الأمر بين الكاف والنون يفصل الكاف عن النون إذا فصلت الكاف عن النون ما صار أمر الكاف حرف والنون حرف ما صار أمر أمره بالكاف والنون ليس بين الكاف والنون يا من أمره بين الكاف والنون هذا خطأ وبعدين كيف الدعاء هذا من أين أتيت بهذا الدعاء هل هو دعاء نبوي هل هو دعاء مشروع هذا هذا باطل هذا باطل ليس أمر الله بل أمر الله بالكاف والنون نص الآية يقول: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن ما قال بين الكاف والنون أفصل الكاف والنون لا إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن أمره أن يقول كن بالكاف والنون لا بين الكاف والنون لأنه إذا كان بين الكاف والنون ما صار أمر صار حرف واحد والحرف الواحد ليس له معنى وهذه الأخطاء التي يقولها بعض الناس أو بعض الأئمة يسأل الله البصيرة يدعو بهذا الدعاء ثم الدعاء يجب أن يتوسل على الله بأسمائه وصفاته ويدعو بدعاء نبوي وهذا دعاء ليس بصحيح يا من أمره بين الكاف والنون إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فهذه الآية فيها عدة صفات إنما أمره إثبات الأمر إذا أراد إثبات الإرادة صفة الإرادة أن يقول صفة القول كن في أن الكلام يكون بحروف بحرف فيكون فالله لا يستعصي عليه شيء إذا أراد شيء خلقه بكلمة كن وفيه أن الكلام صفة من صفات الله ليس بمخلوق والله تعالى يخلق بالكلام بالرد على الأشاعرة وغيرهم وهو الخلق هو الكلام والكلام هو الخلق هذا باطل فالكلام صفة من صفات الله والخلق خلقه والله فرق بينهم بقوله ألا له الخلق و الأمرولو كان شيئان لما فرق بينهما الكلام هو الخلق قال له الخلق يكفي ألا له الخلق والأمر، ويقول المؤلف رحمه الله ويقولون ما يقوله المسلمون بأسرهم ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن.
المتن:
ويقولون ما يقوله المسلمون بأسرهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لا يكون كما قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله.
الشرح:
ويقولون يعني أهل السنة والجماعة يقولون ويعتقدون ما يقوله المسلمون في أسرهم يعني في جميع أحوالهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فيه إثبات المشيئة لله وإثبات المشيئة للعبد أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله كما قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين، وفي آية أخرى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً فالمسلمون أهل السنة والجماعة يقولون ما يقوله سائر المسلمين ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ومقصود المؤلف رحمه الله في بيان معتقد أهل السنة والجماعة والرد على المعتزلة الذين يقولون قد يشاء الله شيئاً ولا يكون كأفعال العباد فالله تعالى يشاء ويريد المشيئة بمعنى الإرادة هنا يشاء ويريد من العبد الطاعات وبعض العباد يريد المعاصي وهذا باطل هذا مقصود المؤلف رحمه الله لأن المعتزلة حصلت لهم شبهة فيرون أن الله تعالى ما أراد المعاصي قدراً و كوناً لأنهم ليس عندهم إلا إرادة واحدة وهي الإرادة الدينيه الشرعية ويقابلهم الجبرية وهم الأشاعرة يقولون الإرادة كونية فقط .
وأهل السنة وأهل الحق أثبتوا الإرادتين كما دلت النصوص إرادة كونية خلقية قدرية ترادف المشيئة وإرادة دينية شرعية ترادف المحبة والرضا، فالمعتزلة يقولون: أن الله أراد من العباد الطاعات ولكن بعض العباد أراد المعاصي فوقعت مشيئة العبد ولم تقع مشيئة الله فإذا ما يقولون ما شاء الله كان قد يشاء الله شيئاً ولا يكون فيشاء الطاعة ومن العبد ويكون المعصية وهذا باطل لأن الإرادة الكونية القدرية لا يتخلف مرادها ولا يمكن أن يقع في ملك الله ما لا يريد يلزم على مذهب المعتزلة هذا فيه شبهة المعتزلة والقدرية يقولون أن الله أراد المعاصي وعذب عليها لكان ظالماً ففراراً من ذلك قالوا أن الله ما أراد المعاصي ولا خلقها بل العباد هم الذين أرادوها وخلقوها فإذا عُذبوا على ما أرادوه وخلقوه فالعبد هو الذي يخلق فعل نفسه وهو الذي يريد المعاصي لهذه الشبهة لكن أهل الحق أهل السنة ردوا عليهم وقالوا أنه يلزم على مذهبكم هذا أمور فاسدة منها أنه يلزم عليه أن تقع أن تغلب مشيئة العبد مشيئة الرب تعالى الله عما يقولون فالله يريد الطاعة من العبد والعبد يريد المعصية فتقع إرادة العبد ولا تقع إرادة الله ويلزم من ذلك أيضاً وصف الله بالعجز ويلزم على ذلك أيضا أن يقع في الله ما لا يريد فالله يريد الطاعة من العيد والعبد يريد المعصية فيقع في ملك الله ما لا يريد وهذا من أبطل الباطل هل يقع في ملك الله مالا يريد؟
ويلزم على ذلك يشاء الله شيئا ولا يكون ويكون شيئا لا يشاؤه الله وهو المعاصي أما الشبهة التي يشبه بها المعتزلة القدرية فيقال لهم أن الله أراد وقوع المعاصي والكفر وخلقها لحكم وأسرار يترتب عليها حكم فأرادها لما يترتب عليها من الحكم والأسرار فهي ليست مرادة لذاتها وإنما مرادة لما يترتب عليها من الحكم والأسرار والذي يضاف إلى الله الخلق والإيجاد والخلق والإيجاد مبني على الحكمة فمن الحكم و الأسرار أن خلق الله للمعاصي والكفر يحصل به وجود المتضادات والمتقابلات فوجود الكفر والمعاصي يقابل الطاعات والإيمان وأيضا كما الليل والنهار متقابلات والحر والبرد وأيضا من الحكم والأسرار أنه يترتب على وقوع الكفر والمعاصي وخلق الله للكفر والمعاصي حصول العبوديات المتنوعة فلولا خلق الله للكفر والمعاصي لو لم توجد لما خلق الجهاد لما وجدت عبودية الجهاد في سبيل الله لو كان الناس كلهم مؤمنين لم يكن هناك جهاد في سبيل الله من أحب العبادات إلى الله ولولا خلق الله للمعاصي والكفر لما وجدت عبودية الدعوة إلى الله وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الولاء والبراءة عبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل هذه العبوديات تحصل من خلق الله للمعاصي أو الكفر وكذلك أيضا ظهور آثار أسماء الله ظهور اسم التواب والغفور والرحيم وكذلك ظهور أسماء الجبار والمنتقم والعزيز لو الناس كان كلهم مؤمنين أيضاً ظهر اسم التواب والغفور للمغفرة عبودية التوبة التي هي من أفضل العبادات هذه كلها حكم وأسرار والذي يضاف إلى الله هو الخلق مبني على الحكمة والأسرار والذي يضاف إلى العبد المباشرة والتسبب والفعل فالمعاصي والكفر شرٌ على العبد الذي فعلها وباشرها لأنها ضرته وخلقها مبني على الحكمة فهي خير بالنسبة إلى الله لأن الله خلقها لحكم وأسرار وهي شر بالنسبة إلى العبد الذي ضرته وعُذب بسببها ولله المثل الأعلى الغيث والمطر الذي ينفع الله به البلاد والعباد ويحيي الله الأرض بعد موتها وهو سبب في حياة الأبدان والبهائم وفي وجود المياه في الآبار هذا الغيت وهذا المطر وهذه السيول خير بالنسبة لعامة الناس ولكنها قد تكون شر على بعض منازل الناس تتهدم وقد يجري الوادي ويموت فيه بعض الناس فهل يقال أن الغيث شر لأن بعض الناس يموت بسبب الغيث بعض المنازل تتهدم أو أنه خير ورحمة لكنه حصل فيه ضرر لبعض الناس وكذلك المعاصي والكفر بالنسبة إلى الله خلقها بالنسبة إلى الله والخلق والإيجاد مبني على الحكم والأسرار فهي خير بالنسبة إلى الله وهي شر بالنسبة إلى العبد ولهذا قول النبي ﷺ: والشر ليس إليك، يعني الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره لا يوجد لا يوجد شر محض الشر المحض الذي لا حكمة من إيجاده وتقديره فالمعتزلة يقولون أن العباد هم الذين أرادوا المعاصي وخلقوها استقلالا فالمؤلف يريد الرد عليهم يقول فيقولون ما يقوله المسلمون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن خلاف المعتزله والقدرية الذين يقولون قد يشاء الله شيء ولا يكون وقد يكون شيء ولا يشاؤه الله وهي أفعال العباد فإن الله ما شاءها عندهم ولا خلقها ويقولون كما أن الإنسان يستحق العقوبة على المعصية ويجب على الله أن يعذبه وليس له أن يعفو عنه كذلك يستحق الثواب على الطاعة كما يستحق الأجير أجرته هكذا يقولون نعم.
فالمعاصي والكفر مراده لله كوناً وقدراً لا لذاتها إنما ما يترتب عليها من الحكم والأسرار كالمريض الذي يشرب الدواء المر فهو يقدم عليه فالمريض إذا كتب له الطبيب دواء مراً يقول هذا فيه علاج وسبب في عافيتك وشفائك سبب في أن يشفيك الله بهذا الدواء المر فالمريض يقدم على شرب الدواء المر يختار هل هو عندما يشرب الدواء لذاته حباً في الدواء المر أو لما يترتب عليه من الشفاء؟ لما يترتب عليه من الشفاء والله وله المثل الأعلى أراد المعاصي والكفر لما يترتب عليها من الحكم والأسرار وهو الحكيم العليم والله تعالى ليس شبيه بخلقه ليس كمثله شيء ولكن هذا مثال للتقريب نعم.
المتن:
ثم قال رحمه الله تعالى ويقولون لا سبيل لأحد أن يخرج عن علم الله ولا أن يغلب فعله وإرادته مشيئة الله ولا أن يبدل علم الله فإنه العالم لا يجهل ولا يسهو والقادر لا يغلب.
الشرح:
ويقولون يعني أهل السنة والجماعة لهذه العقيدة اعتقاد أهل السنة المؤلف اعتقاد أهل السنة يقولون أهل السنة والجماعة لا سبيل لأحد أن يخرج عن علم الله هذا أمر مجمع عليه عند المسلمين لا يخرج عن علم الله شيء ومن قال أن هناك شيء يخرج عن علم الله فهو كافر لأنه نسب الله إلى الجهل قال تعالى: إن الله بكل شيء عليم وقال سبحانه: وأن الله قد أحاط بكل شيءٍ علما أحاط بكل شيء فمن قال أن هناك شيء يخرج عن علم الله فقد نسب الجهل الله إلى ومن نسب الجهل إلى الله كفر وأن لا يغلب فعله وإرادته مشيئة الله يعني يقولون لا سبيل إلى أن يغلب أحد فعله وإرادته مشيئة الله هذا في الرد على المعتزلة الذين يقولون أن الله يريد الطاعات من العاصي والعاصي يريد المعصية فتغلب إرادة العاصي إرادة الله ولولا أن شبهة حصلت لهم تدرأ الكفر لكفروا وهذا باطل وهذا لازم لهم في قولهم أن الله أراد المعاصي أن الله أراد الطاعات للعبد والعبد أراد المعصية والله لم يخلق المعصية والعبد هو الذي خلقها والبعض يقول أن العبد هو الذي يخلق لنفسه الطاعات والمعصية إذا أراد الطاعة استحق الثواب من الله كما يستحق الأجير أجرته وإذا فعل معصية يجب على الله أن يعذبه وليس على أن يعفو عنه لأن الله وعد بذلك والله لا يخلف الميعاد ولهذا من أصول المعتزلة إنفاذ الوعيد الأصول التي بدلوا فيها أصول الدين الإيمان بالله ويدخل فيها الإيمان بالقدر والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الأخر وأصول المعتزلة التوحيد هذا واحد تندرج تحته العديد تحت الصفات والعدل وتندرج تحته العديد من القدر أن الله لا يقدر أن يهدي ظالما ً ولا ينصر مظلوماً والمنزله بين المنزلتين الطاعات والمعاصي "وفاعلها لا مؤمن ولا كافر فاسق والرابع إنفاذ الوعيد أن الله إذا وعد العاصي بالعصية يجب أن ينفذه و ليس أن يعفو عنه هكذا يقولون وقالوا أن صاحبها يخلد بالنار وليس لله أن يعفو عنه تعالى الله عنا يقولون والخامس الأمر بالمعروف ويندرج تحته إلزام الناس بآرائهم الفاسدة والنهي عن المنكر ستروا تحتها الأمور بالمعاصي والمؤلف يقول وأن لا يغلب فعله وإرادته مشيئة الله نعم هكذا يقول أهل الحق خلاف المعتزلة الذين يلزم على قولهم إن العباد خالقون لأفعالهم أن يغلب فعل العبد و إرادته مشيئة الله ولا أن يبدل علم الله لأنه لا سبيل لأحد أن يبدل علم الله وهذا لا شك فيه ما فإنه العالم لا يجهل ولا يسهو والقادر لا يغلب وهذا لا شك فيه مجمع أهل السنة.