قال سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز –رحمه الله تعالى- في رسالته [القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها] قال –رحمه الله- ونفعنا الله بعلمه وبعلم شيخنا وغفر الله لهما ولجميع المؤمنين والحاضرين والسامعين، قال:
(النوع الثاني: القوادح التي دون الكفر، ولكن تنقص الإيمان أو تضعفه، هذا الذي تقدم القسم الأول من القوادح، هو القسم الذي ينقض الإسلام ويبطله، ويكون صاحبه مرتدًا يُستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
والنوع الثاني: قوادح دون الكفر تضعف الإيمان وتنقصه، وتجعل صاحبها معرضا للنار وغضب الله، لكن لا يكون صاحبها كافرا.
وأمثلة ذلك: الزنا إذا آمن أنه حرام ولم يستحله، يعلم أنه حرام ولم يتحلله، بل يزني ويعلم أنه عاص، هذا لا يكون كافرًا وإنما يكون عاصيا، لكن إيمانه ناقص، وهذه المعصية قدحت في عقيدته لكن دون الكفر، لكن لو اعتقد أن الزنا حلالًا صار كافرًا، وهكذا لو قال: السرقة حلال أو ما أشبه ذلك يكون كافرًا؛ لأنه استحل ما حرم الله.
وكذلك الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وأكل الربا وأشباه ذلك، كل هذه من القوادح في العقيدة المُضعفة للدين والإيمان).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فبين المؤلف –رحمه الله- أنّ القوادح في العقيدة نوعان:
النوع الأول: قوادح تنقد الإسلام وتبطله، ويكون صاحبه مُرتدًا يُستتاب فإن تاب وإلّا قُتل، وهذا إذا فعل شركًا في العبادة أو ناقضًا من نواقض الإسلام؛ كأن يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو ينظر لغير الله، أو يطوف بغير بيت الله تقربًا إلى ذلك الغير؛ فهذا شركٌ في العبادة يخرج من الملة، قادح يقدح العقيدة، يقضي على العقيدة تمامًا ويكون صاحبه مُرتدًا.
ومثله لو أشرك مع الله في ربوبيته، واعتقد أن هُناك مدبر مع الله، أو أن هناك شريك لله في المُلك، أو شريك له في الأسماء، أو شريك له في الصفات، أو شريك له في الأفعال، أو أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة؛ كأن يُنكر الملائكة أو ملك من الملائكة، أو يُنكر الرسل أو رسولًا من الرُسل، يجحد رسول من الرُسل أو نبي من الأنبياء، أو يجحد البعث، يُنكر البعث بعد الموت، أو الجنة أو النار، أو يُنكر القدر، علم الله أو كتابته للأشياء، أو يُنكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة وجوبه؛ كأن ينكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الصوم أو وجوب الحج، أو يُنكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة تحريمه، كأن يُنكر تحريم الزنا يقول: الزنا حلال ليس بحرام، أو الربا حلال، أو عقوق الوالدين حلال، أو قطيعة الرحم حلال، أو الغيبة حلال أو النميمة حلال؛ فيكون مرتد بهذا؛ لأنه مُكذب لله ورسوله يرتكب مكفرًا، هذا هو النوع الأول من القوادح الذي ينقض الإسلام ويبطله، نسأل الله السلامة والعافية، ويكون صاحبه مُرتدًا.
(والنوع الثاني: قوادح دون الكفر تضعف الإيمان وتنقصه، وتجعل صاحبها معرضا للنار وغضب الله، لكن لا يكون صاحبها كافرا).
ضعيف الإيمان، ناقص الإيمان، ومسلم لا تخرجه من الإسلام هو مسلم لكن مسلم ضعيف الإيمان، مسلم ناقص الإيمان، متعرض لسخط الله، مؤمن بالله ورسوله، يصلي ويؤدي الصلوات والصوم والزكاة؛ لكنه فعل كبيرة من كبائر الذنوب مثل الزنا فعل الزنا وهو يعلم أن الزنا حرام، هذا يكون عاصي إيمانه ناقص لكن يكون مسلم، إلا أن يعتقد أن الزنا حلال فكذب الله ورسوله فصار كافر.
ومثله أيضًا لو قال: السرقة حلال، هذا يكفر، لكن لو سرق هو يعلم أن السرقة حلال، لكن غلبه الطمع وحب المال فسرق، هذا يكون ضعيف الإيمان ولا يكون كافر، يكون ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، الكبيرة تقدح في الإيمان وتضعفه، ومثلها أيضًا إذا فعل الغيبة أو النميمة أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم أو أكل الربا ، أو أكل الرشوة، كل هذا من قوادح العقيدة التي تضعف الدين والإيمان ما لم يستحلها صاحبها.
قال –رحمه الله-: (وهكذا البدع، وهي أشدُّ من المعاصي، فالبدع في الدين تضعف الإيمان، ولا تكون ردةً ما لم يوجد فيها شِرك، ومن أمثلة ذلك: بِدعة البناء على القبور، كأن يبني على القبر مسجدًا أو قُبة، فهذه بدعةٌ تقدح في الدين وتضعف الإيمان، لكن إذا بناها وهو لا يعتقد جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميتين والاستغاثة بهم والنذر لهم، بل ظن أنه بفعله هذا يحترمهم ويقدرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفرا، بل بدعة قادحة في الدين تضعف الإيمان وتنقصه، ووسيلة إلى الشرك.
ومن أمثلة البدع: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي حيث يحتفل بعض الناس في الثاني عشر من ربيع الأول بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل بدعة، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون، ولم يفعلها أهل القرن الثاني ولا الثالث، بل هذه بدعة مُحدثة.
أو الاحتفال بمولد البدوي، أو عبدالقادر الجيلاني، أو غيرهما، فالاحتفال بالموالد بدعةٌ من البِدع، ومُنكر من المنكرات التي تقدح في العقيدة، لأن الله ما أنزل بها من سلطان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» متفق على صحته، أي: فهو مردود عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» خرَّجه مسلم في صحيحه، وقال: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» فالبدع من القوادح في الدين التي دون الكفر، إذا لم يكن فيها كفر.
نعم؛ البدع أشد من المعاصي، المعاصي التي دون الكُفر نوعان: بدع ومعاصي.
والبدع: تكون في العقيدة وتكون في الأعمال.
فالمعاصي: مثل الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين.
والبدع: مثل بدعة المولد، بدعة مثلا البدع في العقيدة، بدعة الأشاعرة، -- ((@ كلمة غير مفهومة- 07:53)) – الأسماء والصفات، بدعة القدرية.
والبدعة أشد إثمًا من ارتكاب المعصية، وهي أحبُّ إلى الشيطان من المعصية، لماذا؟ لأن صاحب المعصية الزاني والسارق وشارب الخمر يعلم أنه عاصي فيمكن أن يتوب يفكر، لكن صاحب البدعة يظن أنه على حق، بدعة المولد يقول: لا؛ أنا مصيب أنت على الباطل، فلا يُفكر في التوبة فلا يتوب؛ ولهذا البدع أشد من المعصية وأحب إلى الشيطان من المعصية؛ لأن صاحب البدعة يظن أنه على حق فلا يتوب، بخلاف صاحب المعصية يعلم أنه على باطل فحري به أن يتوب، فلهذا صارت البدع أشد.
ولهذا قال المؤلف: (وهكذا البدع، وهي أشدُّ من المعاصي، فالبدع في الدين تضعف الإيمان، ولا تكون ردةً ما لم يوجد فيها شِرك) فما تكون البدعة ردة إلا إذا كان فيها شرك، من أمثلة ذلك: بدعة البناء على القبور؛ كأن يبني على القبر مسجد أو قُبة فهذه بدعة تقدح في الدين (أي: تضعفه) لأنها وسيلة للشرك.
(فإذا بناها وهو لا يعتقد جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميتين والاستغاثة بهم والنذر لهم، بل ظن أنه بفعله هذا يحترمهم ويقدرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفرا، بل هو بدعة قادحة في الدين تضعف الإيمان وتنقصه، وهو وسيلة إلى الشرك).
لكن إذا اقترن بهذه البدعة دعاء الميتين دعا الميت، أو استغاث به أو نذر له فهذا يكون شِرك.
(ومن أمثلة البدع: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي؛ حيث يحتفل بعض الناس في الثاني عشر من ربيع الأول بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل بدعة، ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين ولا الصحابة، ولم يفعلها أهل القرن الثاني ولا الثالث، فيكون بدعة، مثل الاحتفال بمولد البدوي، أو بمولد عبدالقادر الجيلاني)؛ فالاحتفال بالموالد كلها من البدع ومُنكر لأن ما أنزل الله بها من سلطان.
(قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» خرَّجه مسلم في صحيحه، وقال: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».
فهذه البدع وهذه المعاصي تقدح في الإيمان وتضعفه؛ لكنها لا تخرجه من الإيمان.
قال –رحمه الله-: (فالبِدع من القوادح في الدين التي دون الكفر إذا لم يكن فيها كُفر، أما إذا كان في الاحتفال بالمولد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة به وطلبه النصر صار شركًا بالله، وهكذا دعاؤهم: يا رسول الله انصرنا، المدد المدد يا رسول الله، الغوث الغوث، أو اعتقادهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب أو غيره، كاعتقاد بعض الشيعة في علي والحسن والحسين أنهم يعلمون الغيب، كل هذا شرك وردَّة عن الدين، سواءً كان في المولد أو في غير المولد.
ومثل هذا قول بعض الرافضة: إن أئمتهم الاثني عشر يعلمون الغيب، وهذا كفر وضلال وردة عن الإسلام؟ لقوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل:65].
أمَّا إذا كان الاحتفال بمجرد قراءة السيرة النبوية، وذكر ما جرى في مولده وغزواته، فهذا بدعة في الدين تنقصه ولكن لا تنقضه.
نعم؛ البدع من القوادح في الدين التي دون الكُفر إذا لم يكن فيها كفر، أمّا إذا كان فيها كُفر كالاحتفال بالمولد النبوي، يُدعى الرسول عليه الصلاة والسلام، ويُستغاث به من دون الله، ويُطلب منه النصر على الأعداء، صار شرك، مثل قولهم بعض الناس يقول: يا رسول الله انصرنا، المدد المدد يا رسول الله، هذا شرك، -- ((@ كلمة غير مفهومة- 12:05)) – هذا حق الله، أو قال: الغوث الغوث، أو إذا كان يعتقد أن الرسول يعلم الغيب، أو كاعتقاد بعض الشيعة في علي والحسن والحسين أنهم يعلموا الغيب، هذا شركٌ وردة سواءً كان -- ((@ كلمة غير مفهومة- 12:20)) --.
وكذلك قول الرافضة: إن أئمتهم يعلمون الغيب هذا كفر وضلال، (أمَّا إذا كان الاحتفال بمجرد قراءة السيرة النبوية، وذكر ما جرى في مولده وغزواته، فهذا بدعة في الدين تنقصه ولكن لا تنقض الإيمان) نعم.
قال رحمه الله: (ومن البدع: ما يعتقده بعض الجهال في شهر صفر من أنه لا يُسافَر فيه، وأن فيه دابةٌ تُسمى صفر تؤذي البطن فيتشاءمون به، وهذا جهل وضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة» لأن اعتقاد العدوى والطيرة والتعلق بالأنواء أو الغول.. كل هذا من أمور الجاهلية التي تقدح في الدين.
ومن زعم أن هناك عدوى فهذا باطل، ولكن الله جعل المخالطة لبعض المرضى قد تكون سببًا لوجود المرض في الصحيح، ولكن لا تعدي بطبعها، ولما سمع بعض العرب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى».. قال: يا رسول الله! الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء فإذا دخلها الأجرب أجربها، قال صلى الله عليه وسلم: «فمن أعدى الأول» أي: من الذي أنزل الجرب في الأول، فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإن شاء لم يجربها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يوردن ممرض على مصح» يعني: لا توردوا الإبل المريضة على الصحيحة، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة، وذلك من باب اتقاء الشر والبعد عن أسبابه، وإلا فالأمور بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه إنما هو بيد الله: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة:51] فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا تنبغي الخلطة، فالأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر؛ لكن ليس المعنى: أنه إذا خالط فإنه سيعدي، لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؟ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فمن أعدى الأول».
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: «فر من المجذوم فرارك من الأسد».
نعم؛ هذا فيما يتعلق بالعدوى، هذا من البدع ما يعتقد بعض الجُهال في شهر سفر من أنه لا يُسافَر فيه، ويقول: إنه شهرٌ مشؤوم، فقال النبي: «لا عدوى ولا صفر» وقيل: معنى صفر أنها دابة تُسمى صفر تكون في البطن فيتشاءمون بها، وهذا كله من البِدع والضلال؛ فقد قال –صلى الله عليه وسلم-: «لا عدوى ولا طيرة» يعني على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية، لأن أهل الجاهلية يعتقدون أن العدوى والطيرة والتعلق بالأنواء والغول.
وليس هُناك عدوى على الوجه الذي يعتقده الجاهلية، لكن الله قد يجعل مخالطة الصحيح لبعض المرضى سببًا في وجود المرض، ولكن لا تعدي بطبعها، (ولما سمع بعض العرب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى».. قال: يا رسول الله! الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء فإذا دخلها الأجرب أجربها، قال: «فمن أعدى الأول» يعني: من الذي أنزل الداء عند الأول، فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإن شاء لم يجربها) إن شاء أن تنتقل العدوى وإلّا فلا، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يوردن ممرض على مصح» يعني: لا توردوا الإبل المريضة على الصحيحة، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة، وقال عليه الصلاة والسلام: «فر من المجذوم فرارك من الأسد»؛ فالأمر بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه إنما هو بيد الله، قال تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾[التوبة:51].
الخلطة سبب في وجود المرض، فالأجرب لا يخالط الصحيح، وهكذا من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر، ولكن ليس معنى أنه يعدي، قد يعدي وقد لا يعدي فالأمر بيد الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فمن أعدى الأول» قال: «فر من المجذوم فرارك من الأسد».
قال –رحمه الله-: (والمقصود: أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة، وهي: روح الميت، تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها، هذا باطل لا أصل له، وروح الميت مرتهنة إما في الجنة أو النار.
والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية، حيث كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئا لا يناسبهم مثل الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب، أو ما أشبه ذلك، فيتشاءمون به، هذا من جهلهم وضلالهم، قال الله جل وعلا في الرد عليهم: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:131] فالله بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، والطيرة لا أصل لها، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له، بل هو شيءٌ باطل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا طيرة».
ولذا إذا رأى ما يتشاءم به: فلا يرجع عن حاجته، لو خرج ليسافر، وصادفه حمار غير مناسب أو رجل غير مناسب أو ما أشبه ذلك، فلا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل على الله، فإن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هو الشرك الأصغر.
وهكذا سائر البدع، كلها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إن لم يصاحبها كفر.
نعم، تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير وبالهامة، والهامة يزعمون أنها روح الميت تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها، وهذا كله باطل، روح الميت لا تخرج بل هي مُرتهنة في قبره إما في الجنة أو في النار، والطيرة والتشاؤم في المرئيات والسمعيات من أعمال الجاهلية؛ حيث أنهم كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئًا لا يناسبهم مثل: الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب.. أو ما أشبه ذلك، أو إذا رأى إنسان يبيع ويشتري أول ما فتح الدكان رأى أعور، أو أعمى، أو أعرج.. يغلق الدكان من باب التشاؤم، هذا كله من عمل أهل الجاهلية، فهذا من الجهل والضلال.
قال تعالى في الرد عليهم: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:131]؛ فالله سبحانه وتعالى هو الذي بيده الضر والنفع، بيده العطاء والمنع، الطيرة لا أصل لها، ولكنه شيءٌ يجدونه في صدورهم لا حقيقة له، شيءٌ يجدونه في صدورهم وإلا في الواقع هو ليس له حقيقة، فهو شيءٌ باطل؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طيرة» فإذا رأى الإنسان ما يتشاءم منه فلا يرجع عن حاجته، لو خرج ليسافر، وصادفه حمار غير مناسب أو رجل غير مناسب أو أعمى أو أعرج لا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل على الله، فإن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة تقدح في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هو الشرك الأصغر.
وهكذا سائر البدع، كلها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إن إذا صاحبها كُفر.
قال –رحمه الله-: (فهذه البدع مثل: بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب، هذه بدعة ليس لها أصل، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالًا يتقرب بها، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قُربة، وهذا لا أصل له، والأحاديث فيه غير صحيحة، بل هو من البدع).
نعم، فهذه البدع مثل: بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب، صلاة الرغائب أول خميس من أول ليلة جُمعة يصلون صلاة الرغائب بين المغرب والعشاء، كل هذه بدعة لا أصل لها هذه من البدع، كذلك الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج يزعمون أنها ليلة سبع وعشرين، وهذه بدع لا أصل لها، وليلة المعراج غير معروفة وغير محددة، كذلك الاحتفال بليلة النصف من شعبان يزعمون أنها أفضل من ليلة القدر، ويزعمون أنها نزل في القرآن وكل هذا باطل، يحيونها ويعملون أعمالًا يتقربون بها، يصومون نهارها بزعمهم، وهذا لا أصل له، كل هذا من البدع، نعم.
قال –رحمه الله-: (والجامع في هذا: أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وقال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وكان يقول في خطبة الجمعة: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» يحذر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنة؛ فالواجب على أهل الإسلام أن يلزموا الإسلام ويستقيموا عليه، وفي هذا كفايتهم وكمالهم، فليسوا بحاجة إلي بدع، يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3].
فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وشكره، فليس الناس بحاجة إلى بدع يأتون بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ».
فليس الناس بحاجة إلى بدع زيد وعمرو، بل يجب التمسك بما شرعه الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدوده، وترك ما أحدثه الناس، كما قال الله سبحانه وتعالى ذما للبدع وأهلها: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:21].
وفق الله الجميع لما فيه الخير، وأصلح أحوال المسلمين، ووفقهم للفقه بالدين، وجنبهم أسباب الزيغ والضلال والانحراف، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
هذا من جوامع النبي صلى الله عليه وسلم للبدع أن كُل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة، مثل لو أحدث الناس صلاة زائدة في الضحى، صلاة زائدة أو صلاة في نصف الليل هذا من البدعة، كُل ما يحدثه الناس من العبادات ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه الشيخان، وفي لفظ لمسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة الجُمعة: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعةٍ ضلالة» يحذر الناس من البدع ويأمرهم بلزوم السُنَّة.
فالواجب على المسلمين أن يستقيموا على طاعة الله وأن يلزموا الإسلام، ويكفيهم هذا، ليسوا بحاجة إلى البدع، قد أكمل الله الدين، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3]؛ فالله أكمل الدين وأتمه؛ فليس الناس بحاجة إلى بدع.
والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بلزوم السُنَّة قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ»؛ فالناس ليسوا بحاجة إلى بدع فلان وفلان، يجب التمسك بشرع الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدود الله، والاستقامة على دين الله، وترك ما أحدثه الناس؛ كما قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[الشورى:21]؛ أنكر عليهم سبحانه وتعالى، فنسأل الله للجميع التوفيق والسداد ولزوم السُنّة والثبات على الدين إلى الممات، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم... نقرأ التحقيق.