شعار الموقع

كتاب الإيمان (26) باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار... - باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم

00:00
00:00
تحميل
114

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم , أما بعد :
 
( متن )
 

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .

 
( شرح )
الضمير يعود إلى الأصنام  رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فيه دليل على أن الفتنة فتنة الأصنام من أعظم الفتن و لهذا قال رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فدعا أن يجنبه و بنيه أن يعبد الأصنام قال وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ۝ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ضلوا بسبب عبادة الأصنام و عبادة القبور و تصوير الصور هذه من أسباب ضلال كثير من الناس .
 
( متن )
وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ.
 
( شرح )
رفع يديه و دعا لأمته و لهذا قال اله عز و جل وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ هذا وعد من الله عز و جل , و من هذا أن الله يشفعه في العصاة الموحدين يشفع أربع مرات في كل مرة يحد الله له حدا يخرجهم من النار حتى يقول لم يبق إلا من حبسهم القرآن و في اللفظ إلا من وجب لهم الخلود الكفرة الذين حبسهم القرآن لا حيلة في خروجهم من النار , و من فضل هذه الأئمة أنهم ثلثي أهل الجنة و سيأتي في الأحاديث القادمة و في الحديث الآخر ثبت في الصحيحين أنهم ثلث أهل الجنة و أن أهل الجنة عشرون صفا و أن هذه الأمة ثمانون صفا هذا من إرضاء الله تعالى لنبيه عليه الصلاة و السلام .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: إن أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ

 
( شرح )
و هذا فيه دليل على أن من مات على الشرك لا حيلة فيه و أنه لا ينفعه قرابته من الأنبياء من كان عمله سيئ لا ينفعه قرابته من الأنبياء و لو كان من أبناء الأنبياء و لو كان قريبا من الأنبياء لا ينفعه فمن مات على الشرك لا حيلة فيه و لهذا إبراهيم ما نفع أباه إبراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام ما نفع أباه و يأتي في سير الأنبياء قصة إبراهيم عليه السلام و أن إبراهيم يلقى أباه آزر يوم القيامة و عليه غبرة فيقول له " ألم أقل لك لا تعصني " يقول إبراهيم لأبيه فيقول أبوه " أنا لا أعصيك " فيرق له إبراهيم عليه السلام فيقول يا رب أل تعدني أن لا تخزني يوم يبعثون و أي خزي أعظم من أب أبعد ! فيقال له انظر يا إبراهيم من تحتك فينسخ الله أباه فيكون ريخ ( 04:40 ) فيؤخذ و يلقى في النار مسخه الله حتى تزول الرقة التي في إبراهيم , لا حيلة له انتهى الأمر ما نفعه , و كذلك نوح ولده كافر قال يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ۝ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ۝ وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي   فقال الله إنه ليس من أهلك , و كذلك نبينا صلى الله عليه و سل ما نفع عمه أبو طالب الذي كان يحميه و ينصره عجز عن هدايته لا حيلة فيه في الآخر قال لأستغفرن لك ما لم أنهى عن ذلك فنهي عن ذلك و ما نفع لوط و نوح ما نفع زوجتاهما قربهما منه قال تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ كما أن قرب آسيا امرأة فرعون من فرعون ما ضرها لما تبرأت منه و من دينه قال الله تعالى وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ و كذلك هنا لما سأل النبي رجلا قال أين أبي قال في النار فكأن صار في نفسه شيء فدعاه فقال له إن أبي و أباك في النار  و ذلك أنه مات في الجاهلية فهذا محمول على أن دعوة إبراهيم بلغتهم و لهذا قال " إن أبي و أباك في النار " و لما سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن ابن جذعان كان رجلا في الجاهلية له جفنة عظيمة يطعم الناس هل ينفعه ذلك قال لا إنه لم يقل يوما وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ يعني لم يؤمن بيوم القيامة , أما من لم تبلغه الدعوة أهل الجاهلية الذين ماتوا و لم تبلغه الدعوة الصواب الذي عليه أهل العلم أنهم يمتحنون يوم القيامة ذهب إل ذلك العباس ابن تيمية رحمه الله و ابن القيم و أنه يجرى لهم امتحان يخرج عنق من أهل النار يؤمرون بوروده فمن وردها كان له بردا و سلاما و من لم يردها ظهر فيه علم الله و سبقت عليه الشقاوة و جاء في هذا أحاديث يشد بعضها بعضا و إن كان الواحد منها لا يسلم من الطعن لكن يشد بعضها بعضا وردت فيمن لم تبلغه الدعوة من أهل الفترة , و هناك من أهل الفترة من طلب دين إبراهيم و مات على التوحيد (مثل قس بن ساعدة الإيداي و جماعة و سيد بن عمرو بن نفيل ماتوا على التوحيد طلبوا دين إبراهيم و ابتعدوا عن الشرك و عبادة الأصنام و يقابلهم من بلغته الدعوة قامت عليه الدعوة فيل لهم إن أبي و أباك في النار  و هناك من هو مسكوت عنه كأهل الفترات والجاهلية هؤلاء أصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون قال ابن القيم رحمه الله أقوال في طبقات المكلفين و هذا من الأقوال .
 
( سؤال )
( 08:53 )
 
( جواب )
توحيد الربوبية من أقر به وحده ما نفعه و دخل النار كفار قريش آمنوا بتوحيد الربوبية و لم ينفعهم ما يلقى الخلاص من النار حتى يوحد هذا مفطور عليه جميع الأمم إلا من شذ جميع الأمم فطروا على هذا و ليس هناك نزاع بين الأمم و بين الرسل ما تنازعوا في هذا يقرون , كفار قريش و هم أشد عداوة للرسول يقرون هذا كل الأمم يقرون بها إلا من شذ ما فيه نزاع و كذلك توحيد الأسماء و الصفات النزاع في توحيد العبادة , و قد يوجد بعض أهل الجاهلية من يشرك في الربوبية بعض أهل الجاهلية يعتقدون أن روح الميت تخرج و أنها تجيب من دعاها و تنصر من لاذ في حماها هذا نوع من شرك الربوبية و هو قليل .
يقول النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأئمة يهودي و لا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار و قال الله تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا إذا سمع بعد نزول القرآن و بعثة الرسول قامت الحجة .
إذا علم أنه مات على الشرك و أنه قامت عليه الحجة فيشهد على العموم كل كافر في النار  كما أنه لا يشهد للمؤمن بالجنة بعينه ما يشهد لشخص فلان بن فلان إلا من شهدت لهم النصوص كالعشرة المبشرين بالجنة كما أنه لا يشهد بشخص بعينه أنه في النار إلا إذا علم أنه قامت عليه الحجة مات على الشرك و عبادة القرآن و قامت عليه الحجة و لا شبهة له كمن مات على اليهودية و لا شبهة له و على النصرانية أما من لا يعلم يشهد بالعموم إذا احتمل أنه لم تقم عليه الحجة أو عنده شبهة .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا

 
( شرح )
يعني سأصلها بصلتها شبه قطيعة الرحم بالحرارة و الصلة فيها بالماء و هذا فيه امتثاله عليه السلام بقول الله تعالى وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ عم و خص أنذرهم من النار فيه دليل على أنه عليه الصلاة و السلام لا يملك أن يخرج أحدا من النار و لا أن يدخل أحدا الجنة و أن هذا ليس بيده بل يبد الله و لهذا قال لا أغني عنكم من الله شيئا حتى أقرب الناس إليه حتى فاطمة قال يا فاطمة بنت محمد سليني من المال ما شئت المال سليني أعطيك لكن النار ما أستطيع أنقذي نفسك من النار صفية عمة رسول الله و عمه العباس و هذا فيه الرد على من عبد الرسول صلى الله عليه و سلم و ظنوا أنه يملك شيئا من هداية القلوب و تفريج الكروب و هذا كله بيد الله الرسول عليه الصلاة و السلام كما قال الله إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ نبي كريم يوحى إليه مبلغ عن الله لكن ليس بيده شيء من هداية القلوب و ليس باستطاعته أن يخرج أحد من النار و لا يدخل أحدا الجنة و إذا شفع عليه الصلاة و السلام فإن الله يحد له حدا .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَحَدِيثُ جَرِيرٍ أَتَمُّ وَأَشْبَعُ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ 

 
( شرح )
يعني الدنيا اسألوني أما الآخرة لا استطيع ما أستطيع أن أنقذكم من النار المال الذي أستطيعه سلوني أعطيكم من الدنيا ما شئتم لكن الآخرة ما أستطيع أن أخرجكم من النار , في بعض هذا يقال أن الرسول يملك الدنيا و الآخرة كما يقول البصيري يخاطب الرسول يقول :

يا أكرم الخلق مال من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم


يقول مالي إلا أنت إذا عم الحادث العمم و هو يوم القيامة

فإن من جودك الدنيا و ضرتها و من علومك علم اللوح و القلم


هل من أعظم من هذا الشرك ! يقول من جودك يا محمد الدنيا و ضرتها الآخرة تملك الدنيا و الآخرة ماذا أبقى لله ! لم يبق شيء إن كان له الدنيا و الآخرة , و من علومك علم اللوح و القلم اللوح المحفوظ و القلم الذي يكتب ماذا أبقى نسأل الله السلامة و العافية كيف يقال هذا و النبي يقول لا أملك لكم من الله شيئا و قول الله تعالى  وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ  و لكن عمى البصيرة نعوذ بالله من عمى البصيرة .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ  يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ..

 
( شرح )
يعني بالأعمال الصالحة بالتوحيد و الأعمال الصالحة اشتروا أنفسكم و بيعوا أنفسكم على الله بالتوحيد و الأعمال الصالحة التي ينقذكم الله بسببها من النار و لا تقولوا أن قربنا من محمد سينقذكم , لا لن ينقذكم ما ينفعكم قربكم مني إلا بالعمل الصالح .
 
( متن )
يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، سَلِينِي بِمَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا

 
( شرح )
سليني ما شئت
 يعني من الدنيا مما أستطيع أعطيك أما الآخرة ما أستطيع أن أنقذك منها أنقذي نفسك من النار بالتوحيد و الإيمان .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا .
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قَالَ: انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ، فَعَلَا أَعْلَاهَا حَجَرًا، ثُمَّ نَادَى يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافَاهْ إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ، يَا صَبَاحَاهُ.
 وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ .
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا، فَهَتَفَ: «يَا صَبَاحَاهْ»، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ أَمَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا .

 
( شرح )
يعني خسئت نسأل الله العافية و نعوذ بالله .
 
( متن )
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ أَمَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا، ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ، كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الصَّفَا، فَقَالَ: يَا صَبَاحَاهُ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ نُزُولَ الْآيَةِ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ.
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ ..
 
( شرح )
لأنه أقرب الناس إليه يعني خص و عم الحديث خص الأقارب و عم أقرب الناس إليه الموجود من أعمامه و الباقين ليسوا مسلمين أما عمه حمزة كان قتل في غزوة أحد بقي عمه العباس و بقي أبو لهب كما سمعت و أبي جهل قتل في بدر .
( متن )
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
 
 
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و الصلة و السلام على أشرف الأنبياء  المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
فهذا الحديث فيه بيان أن النبي صلى الله عليه و سلم يشفع لعمه أبي طالب و ذلك أن أبا طالب كان يحوط لنبي صلى الله عليه و سلم و يغضب له و ينصره فخف كفره فلما خف كفره شفع له النبي صلى الله عليه و سلم شفاعة , شفاعة خاصة به فهي شفاعة خاصة في أبي طالب و هي مستثناة من قوله تعالى فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ و هي ليست شفاعة في إخراجه من النار و إنما شفاعة في تخفيف العذاب فهي خاصة بالنبي صلى الله عليه و سلم و خاصة بأبي طالب فلا يشفع أحد في الكفار و لا يشفع في غير أبي طالب فهي خاصة بالنبي صلى الله عليه و سلم و خاصة بأبي طالب و لكنها مع ذلك شفاعة تخفيف العذاب لا إخراج لأن أبا طالب خف كفره بنصره للنبي صل الله عليه و سلم و تأييده و كونه يغضب له و يؤويه و يحميه فشفع له لنبي صلى الله عليه و سل شفاعة خاصة فهو في ضحضاح من نار يغلي منها دماغه.
و في هذا الحديث العباس رضي الله عنه يسأل النبي هل نفعك عك أبو طالب يغضب لك قال نعم و جدته في غمرات من نار فأخرجته منها إلى ضحضاح من نار يغلي منها دماغه و يأتي في لفظ آخر أنه يظن أنه أشد أهل النار عذابا من شدة ما يجد و أنه يغلي منها دماغه و هو أهون أهل لنار عذابا نسأل الله السلامة و العافية , و قوله ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار  هذا يحتمل أنه تصرف من بعض الرواة و أنه روى لحديث بالمعنى و يحتمل أن هذا كان أولا , جاء في حديث ابن عباس أن في قوله لولا أنا ( 26:10 ) يحتمل أن هذا كان أولا ثم نهي عن ذلك و يحتمل أن هذا رواية بالمعنى من بعض الرواة لولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار إلى السبب كما كان الصحابة في أول الأمر كانوا يحلفون بآبائهم عند قولهم ما شاء الله و شئت ثم جاء النهي بعد ذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الحلف بالآباء عن قول ما شاء الله و شئت و كذلك لولا أنا كان أولا ثم منع منه أو أن هذا تصرف من بعض الرواة .
و النبي صلى الله عليه و سلم له شفاعات عدة منها ما هو خاص به و منها ما هو يشاركه فيها غيره من الأنبياء و المؤمنين فهذه الشفاعة في عمه خاصة به و كذلك الشفاعة العظمى في أهل الموقف حتى يقضى بينهم خاصة به عليه الصلاة و السلام وكذلك الشفاعة لأهل الجنة في الإذن لهم في دخولها خاصة به هذه الثلاث خاصة به و هناك شفاعات أخرى يشاركه فيها غيره , الشفاعة في رفع درجات بعض المؤمنين في الجنة و الشفاعة في من استحق عليه دخول النار أن لا يدخلها و فيمن دخلها أن يخرج منها هذه مشتركة .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ، فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاح.

 
( شرح )
الضحضاح القليل يطلق الضحضاح على الماء القليل الذي يكون في الإناء إذا كان ماء في آخر الإناء في قعر الإناء شيء قليل يقال الضحضاح فأخرجه الله بشفاعة النبي صلى الله عليه و سلم من غمرات من نار منغمس فيها إلى ضحضاح  قليل يغلي منها دماغه نعوذ بالله نسأل الله السلامة و العافية .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ .
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ.

 
 
( شرح )
نسأل الله العافية , يبلغ كعبيه الكعب في الرجل هما حد الوضوء في غسل الرجل إلى الكعب و هما العظمان الناتئان في جنب القدم يقال لهم الكعبان فالضحضاح يصل إلى الكعبي و مع ذلك يغلي دماغه من هذا الضحضاح نسأل الله العافية يغلي يعني يطرب و يتحرك لدماء كما يغلي الماء الذي يكون في القدر الذي تحته الماء نسأل الله السلامة و العافية فإذا كان هذا في ضحضاح من نار فكيف بالذي في وسط الغمرات نسأل الله العافية .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ.

 
( شرح )
نسأل الله العافية هذا أدناه فكيف بأشدهم نسأل الله العافية , و الدرك الأسفل يتفاوت أيضا يعني أنه يكون مع الكفرة يضاعف عذابه يزاد عليه العذاب فالنبي صلى الله عليه و سلم لما شفع له أخرج من الأسفل إلى الأعلى , أهل المعاصي هم أهل النار .
 
( مداخلة )
يقول القرطبي : و لذلك يقول الله تعالى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ و كان أبو طالب يستحق ذلك إذ كان قد علم صدق النبي صلى الله عليه و سلم في جميع حالاته و لم يخف عليه شيء من أموره من مولده إلى حين اكتماله و لذلك كان يقول لعلي ابنه اتبعه فإنه لا يرشدك إلا إلى خير أو حق .
 
( شرح )
و غيره كذلك حتى غير أبي طالب يعلمون صد النبي صلى الله عليه و سلم ما يخفى عليهم شيء من أمره .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ.

 
( شرح )
هذا فيه بيان أنه أهونهم .
 
( سؤال )
قوله " أهون أهل النار " هذا للعموم يشمل جميع من في النار !
( جواب )
هو الظاهر أنه أخف أهل النار من الكفرة أما العصاة الموحدين ليسو أهل النار دخولهم للتطهير و هم ليسو من أهل النار , أهل النار الكفرة الذين هم أهلها مخلدون فيها نسأل الله العافية , العصاة ليسو من أهل النار العصاة دخولهم مؤقت للتطهير .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ.

 
( شرح )
نسأل الله العافية , جمرتان في كل رجل جمرة الأخمص هو أسفل القدم في وسط الرجل بعد الأصابع و قبل آخر الرجل المنخفض في  وسط الرجل يقال له الأخمص , يوضع في أخمص قدميه يوم القيامة في كل رجل جمرة  ع ذلك تغلي من هذه الجمرة دماغه كما يغلي القدر بالماء الذي تحته النار نسأل الله العافية .
 
( متن )
 

وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِ الْمِرْجَلُ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا.

 
( شرح )
المرجل القدر الذي تحته النار و هو يرى أنه أشد أهل النا عذابا من شدة ما يجد من الألم و الواقع أنه أخفهم .
 
( متن )
 

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ..

 
( شرح )
هذا الأحاديث فيها بيان أهون أهل النار عذابا و أن أهون أهل النار عذابا هؤلاء الأنواع , الأول : من في ضحضاح من نار يغلي منها دماغه , و الثاني : من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه , و الثالث : من في أخمص قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه , و الرابع : من له شراكان من نار يغلي منهما دماغه , الشراكان هو السير الذي يكون على ظهر القدم سير النعل يكون على نعل القدم في كل رجل سير فسير نعله يكون من نار يغلي منهما دماغه و الثاني له نعلان من نار يغلي منهما دماغه و الثالث في أخمصيه جمرتان يغلي منهما دماغه و الرابع في ضحضاح من نار هؤلاء متقاربون كلهم أهون أهل النار عذابا فمن هو في أخمصه جمرتان من نار و من هو منتعل بنعلين من نار و من له شراكان من نار  من هو في ضحضاح هؤلاء كلهم أخف أهل النار عذابا و قوله أهون أهل النار عذابا يدل على أن هذا مساو له في العذاب و كل واحد من هذه الأنواع متقارب مقارب للآخر فهؤلاء الأربعة كلهم أخف أهل النار عذابا  لا ينفي من ذلك أن يكون هناك أحد مساو له قوله أهون أهل النار عذابا له نعلان في أخمص قدميه لا ينفي أن يكون هناك أحد يساويه فهو أهونهم لكن هناك من يساويه من هو في ضحضاح يساويه و من له نعلان يساويه  من له شراكان يساويه كقوله و من أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه  من أظلم من افترى على الله كذبا هذا أظلم الناس لا أحد أظلم منه لكن هناك من يساوي له كما في الآيات الأخرى التي فيه و من أظلم
 
( متن )
 

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ

 
 ( شرح )
المعنى أنه لا يؤمن بيوم القيامة و هذا كفر و الكافر لا ينفعه أي عمل فابن جذعان كان لا يؤمن بيوم القيامة لا يؤمن باليوم الآخر فلا ينفعه أي عمل و الكفر أنواع منه عدم الإيمان بيوم القيامة و عدم الإيمان باليوم الآخر و عدم الإيمان بالله هذا نوع من الكفر و عدم الإيمان بالملائكة أو الكتب أو الرسل أو اليوم الآخر أو القدر و الكفر أنواع و أهل الجاهلية كانوا يتفاوتون لكن أغلبهم كانوا يعبدون الأصنام و الأوثان و منهم من يجمع بين ذلك و منهم من لا يؤمن بيوم القيامة كابن جذعان  منهم من يجمع بين الأمرين يعبد الأصنام و لا يؤمن بالآخرة و لهذا لم ينفعه عمله لأنه لم يؤمن بيوم القيامة ابن جذعان لم ينفع إطعامه للمسكين و لا صلته للرحم لا ينفعه في الآخرة و لكن ينفعه في الدنيا كما جاء في الحديث ينفع في الدنيا يجازى به مالا أو صحة في بدنه أو ولدا و لكن في الآخرة لا حسنات له نسأل الله العافية , الأعمال شرط نفعها و شرط صحتها الإيمان إذا لم يكن الإنسان مؤمن لا ينفعه أي عمل ما ينفعه صلة الرحم و لا تنفعه الصدقات إلا إذا كانت مبني على الإيمان لكن تنفعه في الدنيا , في الدنيا قد يعجل له ثوابه قد يعطى ثواب ذلك في الدنيا و يفضي إلى الآخرة لا ثواب له نسأل الله العافية و هذا مثل الحديث السابق إن أبي و أباك في النار هذا ظاهره أن ابن جذعان هنا بلغته الدعوة في الحديث أن ابن جذعان بلغته الدعوة وأنه لم يؤمن بيوم القيامة و لهذا لم تنفعه أعماله لم تنفعه صلته للرحم و لا إطعامه للمسكين لأنه مات على الكفر و لم يؤمن بيوم القيامة فظاهر الحديث أنه بلغته الدعوة مثل والد الرسول قال إن أبي و أباك في النار.
 
( مداخلة )
قال القاضي عياض : و قد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم و لا يثابون عليها و لا تقيهم العذاب و لكن بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمه .
 
( شرح )
نعم , يتفاوتون ما في شك الكفار يتفاوتون المنافقون في الدرك الأسفل من النار و الكافر الذي يصد الناس عن دين الله و يفتن الناس أشد عذاب من الكافر قال سبحانه الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ و قال إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا فلا شك أن الكفار يتفاوتون كما أن المؤمنين يتفاوتون في النعيم و الدرجات المؤمنون كلهم في الجنة لكن درجاتهم متفاوتة و الكفار كلهم في النار لكن دركات متفاوتة كل دركة سفلى أشد عذاب من الدركة التي فوقها نسأل الله العافية , و الجنة درجات كل درجة عليا أعظم نعيم و أفضل نعيم من الدرجة التي أسفل منها .
 
( متن )
 

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ.

 
( شرح )
يعني ليسو لي بأولياء يعني بأصحاب و أصدقاء و أهل مودة لأنهم كفار إنما ولي المؤمنون و فيه أن أولياء النبي صلى الله عليه و سلم المؤمنون و إن بعدوا منهم نسبا و أن غير المؤمنين ليسوا أولياءه و إن قربوا منه نسبا فولي المؤمن هم المؤمنون و إن بعد نسبهم و غير المؤمنون ليسوا أولياء له و إن قربوا و إن كانوا أباه و أخاه و أمه قوله إن آل أبي فلان الراوي ثنى قال آل أبي فلان لأنه يحتمل أن يترتب على تسميته مفسدة , جاء أن بعض أهل النار الحكم بن العاص و غيره قال ألا إن آل أبي فلان و المعروف أن الراوي ثنى لأن لا يترتب عل ذلك مفسدة تتعلق بنفسها أو بغيره و هو الحكم بن العاص ليسو لي بأولياء يعني ليسو بأصحاب و لا أصدقاء و لا أهل مودة لأنهم ليسو مؤمنين إنما أوليائي الله و صالح المؤمنين , هذا فيه دليل أن الولي ولي الإنسان الذي يواليه و يحبه و يكون من أهل مودته هم المؤمنون أما الكفار ليسوا أولياء و إن كانوا أقارب لكن لا يمنع هذا من كون الإنسان يحسن إل أقاربه الكفار إذا كانوا ليسو (حربيين يحسن إليهم إحسان دنيوي كما قال الله تعالى في الوالدين الكافرين " و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما " ثم قال " و صاحبهما في الدنيا معروفا " يصاحب الوالد و الوالدة إذا كانوا كافرين يصاحبان في الدنيا بالمعروف يخاطبه خطابا طيب لين و يحسن إليهم بالنفقة و الكسوة و الخدمة و من أحسن ما يقدم لهم دعوتهم إلى الإسلام , ثبت في الصحيحين أن أسماء بنت أببي بكر استفتت النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إن أمي قدمت إلي و هي على دين قوم و هي في الهدنة و هي رافضة لما عندي أفأصلها قال صلي أمك في الهدنة التي بين النبي صلى الله عليه و سلم و بين المشركين قدمت أمها راغبة في رزقها فاستفتت النبي صلى الله عليه و سيلم فقال صلي أمك
قال تعالى لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  فالإحسان الدنيوي شيء و الموالاة و المحبة شيء آخر فالكفار ليسو أولياء للمسلمين وليسو أصحاب مودة و لا أهل صداقة لا يصادقه و لا يودهم و لا يحبهم إنما يكون هذا للمؤمنين يكون أولياء الشخص أولياء الإنسان المؤمن أوليائه المؤمنون يحبهم في الله و ينصرهم و يصادقهم و يكون أهل مودته و لا يمنع هذا من الإحسان إلى الكافر القريب إحسانا دنيويا ً....
 
 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد