شعار الموقع

رسالة في إعتقاد الشافعي 2

00:00
00:00
تحميل
179
المتن:
ومما قاله الإمام الشافعي في وصيته وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأن الله يبعث من في القبور وأن الجنة حق وأن النار حق وأن عذاب القبر والحساب والميزان والصراط حق وأن الله يجزي العباد بأعمالهم عليها أحيا وأموت وعليه أبعث إن شاء الله وأشهد أن الإيمان قول وعمل ومعرفة بالقلب يزيد وينقص وأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وأن الله يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنون عيانا جهارا ويسمعون كلامه وأنه فوق العرش وأن القدر خيره وشره من الله لا يكون إلا ما أراد الله وقضاه وقدره وأن خير الناس بعد رسول الله ﷺ من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رحمة الله عليهم أجمعين وأتولاهم وأستغفر لهم ولأهل الجمل وصفين القاتلين والمقتولين وجميع أصحاب النبي والسمع والطاعة لأولي الأمر ما داموا يصلون والولاة لا يخرج عليهم بالسيف والخلافة في قريش وأن قليل ما أسكر كثيره خمر والمتعة حرام فأوصي بتقوى الله ولزوم السنة والآثار عن رسول الله وأصحابه وترك البدع والأهواء واجتنابها واتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون فإنها وصية الأولين والآخرين وإن من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فاتقوا الله ما استطعتم وعليكم بالجمعة والجماعة ولزوم السنة والإيمان والتفقه في الدين ومن حضرني منكم فليلقني لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وتعاهدوا الأظفار والشارب قبل الوفاة إن شاء الله فإذا حضرت فإن كان عندي حائض فلتقم وليطيبوا وليدخنوا عند فراشي.
الشرح:
فهذه وصية الإمام الشافعي رحمه الله عند وفاته سبق الدرس الماضي الكلام على أولها وأنه ابتدأ هذه الوصية بالشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه محمد ﷺ بالرسالة والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله.
ثم قال رحمه الله: وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت يعني أني أخلص أعمالي لله وأن صلاتي الصلاة المعروفة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم ونسكي يعني ذبحي ومحياي ما أحيا عليه ومماتي ما أموت عليه لله رب العالمين يعني خالصا لله قوله لله رب العالمين يعني لله لا لغيره لا شريك له في ذلك يعني لا أشرك معه غيره وبذلك أمرت يعني أن الله تعالى أمر عباده بالإخلاص قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصًا له الدين، ألا لله الدين الخالص، وأمره للنبي ﷺ أمر لأمته وقد قال تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت، هذا الأمر لكل أحد كل أحد مأمور بهذا أن يجعل صلاته ونسكه وما يموت عليه وما يحيى عليه لله رب العالمين لا شريك له بذلك أمرت وأما قوله وأنا أول المسلمين هذا خاص بالنبي ﷺ فهو أول المسلمين من هذه الأمة عليه الصلاة والسلام ولذلك الشافعي رحمه الله لم يقل وأنا أول المسلمين  في الآية: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك أمرت، لأن الله أمر عباده بذلك وأما لله وأنا والمسلمين فهذا هو النبي ﷺ هو أول المسلمين من هذه الأمة والمقصود بذلك الإخلاص لا بد للإنسان أن يخلص أعماله لله لأن العبادة لا تصح إلا بشرطين:
الشرط الأول : أن يكون العمل خالصا لله كما ذكر المؤلف رحمه الله قال إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت.
والشرط الثاني : أن يكون العمل موافقا لشرع الله وصوابًا على هدي رسول الله ﷺ تكون الصلاة والذبح وما يعمله الإنسان في حياته كله موافقا لشرع الله إذا كان العمل خالصا لله وموافقا لشرع الله فهذا هو العمل المقبول هذا هو الذي ينفع  صاحبه.
ثم قال المؤلف رحمه الله وأن الله يبعث من في القبور يعني أؤمن أن الله يبعث من في القبور هذا إقرار بالبعث والمراد بعث الأجساد بعث الأجساد وإعادة الأرواح إليها وهذا أصل من أصور الإيمان هو الإيمان باليوم الآخر لابد منه من لم يؤمن بالبعث فهو كافر قال الله تعالى: زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير، فقال: زعم الذين كفروا كفرهم سبحانه في إنكارهم البعث قال : ويستنبئونك أحق هو، يعني البعث: قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين، وقال : وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب، فأمر الله نبيه أن يقسم على البعث في هذه المواضع الثلاثة وأن الله يبعث من في القبور، ومن أنكر البعث بعث الأجساد فهو كافر الأجساد تبلى وتستحيل ترابَا ولا يبقى إلا عجب الذنب وهو العمود آخر فقرة في العمود الفقري يسمى العصعص كما في الحديث كل ابن أدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ابن أدم ومنه يركب ولكن الله عليم بالذرات التي استحالت وقادر على ذلك فهو يعيدها خلقًا جديدا وينشأ الإنسان تنشئة تختلف عن نشأته في الدنيا الذوات هي ولكن الصفات تختلف ينشأ الناس تنشئة قوية أقوى من نشأتهم في الدنيا الذوات هي هي والصفات تختلف ثبت في الحديث الصحيح أن الله تعالى ينزل مطرًا أبيض كمني الرجال بعد نفخة الصعق والموت فتنبت منه أجساد بني أدم فإذا كمل نباتهم أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور النفخة الثانية نفخة البعث فجاءت الأرواح وتطايرت ودخلت كل روح في جسدها وحينئذ تعود الحياة للأجساد فيقوم الناس من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ثم يقفون بين يدي الله للحساب فمن لم يؤمن ببعث الأجساد فهو كافر ولهذا فإن الفلاسفة كفار لا يؤمنون الفلاسفة المتأخرون كأرسطو وأتباعه لا يؤمنون ببعث بالأجساد إنما يؤمنون ببعث الأرواح يقولون أن الأرواح هي التي تبعث والأجساد لا تبعث فهذا كفر وضلال كما قر هذا ابن سينا في رسالة الأضحوية قر أن البعث يكون للأرواح وهذا كفر وضلال لابد من الإيمان ببعث الأجساد وأن الله يبعث من في القبور حينئذ يقف الناس للحساب بين يدي الله ويحاسبون ثم تكون الشفاعة يشفع النبي ﷺ في هذا الموقف ثم بعد ذلك تتطاير الصحف فيأخذ كتابه بيمينه أو بشماله ثم الحوض موقف القيامة ثم الميزان والصراط ثم الجنة أو النار لابد من الإيمان بهذا كله ولهذا قال المؤلف وأن الله يبعث من في القبور يعني أؤمن بأن الله يبعث من في القبور يعني يبعث الأجساد وأن الجنة حق وأن النار حق يعني أؤمن بأن الجنة حق وأن النار حق كذلك لابد من الإيمان بالجنة والنار ومن لم يؤمن بالجنة والنار فهو كافر لأنه مكذب لله لأن الله أخبر بوجود الجنة وأن المؤمنين لهم الجنة والكفار لهم النار فمن أنكر الجنة والنار فهو كافر قال وأن عذاب القبر والميزان والحساب والصراط حق يعني وأؤمن بأن عذاب القبر حق فالقبر فيه عذاب وفيه نعيم فالمؤمن ينعم في قبره والكافر يعذب والعاصي بين بين على خطر من العصاة من يعذب في قبره كما في قصة الرجلين في حديث ابن عباس اللذان مر بهما النبي ﷺ قال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة وشقها نصفين وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا فعذاب القبر حق لابد من الإيمان به والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وكذلك سؤال منكر ونكير في القبر الفتانان يسألان الإنسان في قبره عن ربه وعن دينه وعن نبيه والحساب والميزان والصراط حق يعني وأؤمن بأن الحساب والميزان والصراط حق الحساب يعني محاسبة الناس حين يقفون بين يديه يحاسبهم على أعمالهم ويناقشون ومن نوقش الحساب عذب والمؤمن يحاسب حسابا يسيرا وهو العرض كما قال : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرا، وأما من نوقش الحساب فإنه يعذب وكذلك لابد من الإيمان بالميزان وأنه ميزان حسي توزن فيه أعمال العباد ويوزن فيه الأشخاص ميزان حسي عظيم أطباقه أعظم من السماوات والأرض وله لسان توزن فيه الأعمال ويوزن الأشخاص في الحديث يؤتى بالرجل العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة لخبث عمله وقال النبي ﷺ في عبد الله بن مسعود لما ضحك الصحابة من دقة ساقيه، قال عليه الصلاة والسلام: لهما في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد، فالرجل يوزن والعمل يوزن وثقل الميزان وخفته على حسب العمل لا بد من أن نؤمن بالميزان وأنه ميزان حسي خلافا لأهل البدع كالمعتزلة وغيرها الذين أولوا الميزان وقالوا أنه ميزان معنوي المراد به العدل وقالوا أن الرب ما يحتاج إلى الميزان الحسي الذي يحتاج إلى ميزان البقال والفوال أما الرب فلا يحتاج إلى ميزان هكذا يقول المعتزلة لأنهم يعملون بعقولهم تركوا النصوص وراءهم ظهريا فالله يقول اعملوا بما دل عليه العقل بزعمهم  فقالوا الميزان الحسي ما يحتاج إليه إلا البقال والفوال أما الرب لا يحتاج إلى ميزان والمراد بالميزان العدل وهو ميزان معنوي وهذا منكر وضلال الصواب أنه ميزان حسي له كفتان حسيتان وله لسان جاء في بعض الأحاديث أن لكل أمة ميزان و اختلف العلماء هل هو ميزان واحد أم موازين متعددة وكذلك الصراط يعني وأؤمن بأن الصراط حق وهو الجسر الممدود على متن جهنم يصعد الناس منه إلى الجنة وعلى الصراط كلاليب تخطف من أمرت بخطفه فيلقى في النار ومن سلم صعد إلى الجنة فلا بد من الإيمان بأن الصراط صراط حسي وليس صراطا معنويا خلافا لأهل البدع بل هو الصراط حسي ومن استقام على الصراط المستقيم في هذه الدنيا فإنه ينجو و يعبر على الصراط الحسي يوم القيامة ومن ترك الصراط المستقيم في هذه الدنيا فإنه لا يعبر الصراط الحسي يوم القيامة المنصوب على متن جهنم بل يسقط في النار أعوذ بالله وأن الله يجزي العباد بأعمالهم يعني و أؤمن بأن الله يجزي العباد بأعمالهم الله تعالى يجزي العباد بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر كما قال ﷺ: تجزى كل نفسٍ بما كسبت وهم لا يظلمون، قال : فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شرًا يره قال المؤلف رحمه الله : عليه أحيا وأموت وعليه أبعث يعني على هذه العقيدة أحيا يعني أحيا عليها في الدنيا يسأل الله يدعو الله أن الله يثبته عليها في هذه الحياة وأن يموت عليها وأن يبعث عليها يقول إن شاء الله كيف يأتي بالاستثناء يقول إن شاء الله وجاء في الحديث: لا يقول أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له، هل هذا دعاء هل هو دعاء أو خبر إن قيل إنه خبر فلا بأس بالاستثناء كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ زار مريضا فقال طهور إن شاء الله إذًا المراد الخبر وإن أريد أنه هنا خبر بمعنى الدعاء يكون المقصود إن شاء الله من باب التبرك ليس من باب الاستثناء.
ثم قال الإمام رحمه الله وأشهد أن الإيمان قول وعمل ومعرفة بالقلب يزيد وينقص الشافعي رحمه الله يقول وأشهد يعني أقر وأعترف بأن الإيمان قول وعمل يعني قول القلب وهو التصديق والإقرار وقول اللسان وهو النطق والعمل عمل القلب والنية والإخلاص والصدق والمحبة وعمل الجوارح ولهذا قال قول وعمل ومعرفة بالقلب قولٌ قول اللسان ومعرفةٌ بالقلب هذا قول القلب وهو معرفة وتصديق وعمل عمل بالقلب وعمل بالجوارح يزيد وينقص هذه عقيدة أهل السنة والجماعة خلافا للمرجئة الذين يرون أن الأعمال غير داخلة في مسمى الأعمال يعتقدون أن الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وأما العمل فلا يدخل في مسمى الأعمال هذا مذهب مرجئة الفقهاء والأعمال مطلوبة ولكنها ليست من الإيمان وأما المرجئة الغلاة الجهمية فإنهم يرون أن الإيمان مجرد المعرفة بالقلب فقط دون إقرار باللسان ودون العمل وهذا من أبطل الباطل فأفسد ما قيل في تعريف الإيمان مذهب الجهمية قول الجهمية الذين يرون أن الإيمان معرفة بالقلب فقط وكذلك الكرامية الذين يرون أن الإيمان هو قول باللسان فقط وكذلك الماتوريدية والأشاعرة الذين يرون أن الإيمان هو تصديق بالقلب فقط والصواب أن الإيمان قول وعمل قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح يزيد وينقص كما أقره الإمام الشافعي رحمه الله.
ثم قال: وأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق يعني وأؤمن بأن القرآن كلام الله غير مخلوق هذا عقيدة هذا معتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه غير مخلوق ومن قال هو مخلوق فقد كفره الأئمة ولهذا قال الكثير من الأئمة من قال القرآن مخلوق فهو كافر والمراد العموم أما الشخص المعين فلا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة وهي إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع  لكن هذا على العموم الحكم على العموم  قال الأئمة من قال القرآن مخلوق فهو كافر أما فلان بن فلان الذي قال أن القرآن مخلوق قال لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة حتى توجد الشروط وتنتفي الموانع  قد يكون له شبهة الإمام رحمه الله يقول القرآن أعتقد أؤمن بأن القرآن كلام الله غير مخلوق هذا قول أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة الذين يقولون أن القرآن مخلوق لفظه ومعناه وخلافا للأشاعرة الذين يقولون أن القرآن هو المعنى النفسي وأن اللفظ فليس داخلا في مسمى الكلام بل الكلام هو المعنى النفسي المعنى القائم بنفس الرب أما اللفظ فليس من القرآن وإنما هو من كلام البشر فيكون مخلوقا هذا من أبطل الباطل الصواب أن القرآن لفظ ومعنى حروف وكلمات كلام الله اللفظ والمعنى المعاني والحروف كلام الله منزل وغير مخلوق تكلم الله به وسمع منه جبرائيل ونزل به على قلب النبي ﷺ كما قال الله : نزل به القرآن الكريم نزل به القرآن نزل به الروح الأمين ۝ على قلبك لتكون من المنذرين ۝ بلسان عربي مبين.
ثم قال المؤلف رحمه الله: وأن الله يرى في الآخرة يعني وأؤمن بأن الله يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنون عيانًا يعني معاينة جهارًا ويسمعون كلامه يعني أؤمن أن الله يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنون عيانًا يعني معاينة شهارًا بأبصارهم ويسمعون كلامه كما قال الله : وجوه يومئذٍ ناضرة ۝ إلى ربها ناظرة يعني تنظر إلى ربها وهي وجوه المؤمنين كما ثبت في الحديث أن النبي ﷺ في الصحيحين وغيرها قال النبي ﷺ قال: إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، وفي لفظ: كما ترون القمر ليلة البدر، وكذلك: كما ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، هذه رؤية بالأبصار خلافا لأهل البدع الذين أنكروا رؤية الله في الآخرة المعتزلة الذين قالوا الرؤية معناها المعرفة أنكروا أن يرى الله بالأبصار وقالوا المراد بالرؤية المعرفة يعني يعرفون ربهم وكما يعرفون القمر لا يشكون في معرفة ربهم كما لا يشكون في القمر أنه قمر وهذا باطل.
الصواب ما عليه أهل السنة والجماعة أن الله يرى في الآخرة والمؤمنون يرونه من فوق وخلافا للأشاعرة الذين أثبتوا الرؤية ولكن نفوا الجهة قالوا يرى لا في جهة وهذا باطل يعني الرؤيا لابد أن تكون بجهة من الرائي لابد أن يكون الرائي مباين للمرئي ومواجهًا له ويسمعون كلامه كذلك يعني أؤمن بأن المؤمنين يسمعون كلام الله كما دلت النصوص من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ أن الله يخاطب المؤمنين ويكلمهم في الحديث يقول النبي ﷺ حديث صحيح: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، يعني بدون واسطة.
ثم قال وأنه فوق العرش يعني وأؤمن بأن الله فوق العرش الشافعي رحمه الله يثبت الفوقية وأن الله فوق العرش وهذا هو الذي دلت عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ كما قال الله تعالى: ثم استوى على العرش، الرحمن على العرش استوى، في سبعة مواضع قال سبحانه: أأمنتم من في السماء، قال سبحانه: وهو العلي العظيم، قال سبحانه: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، في الحديث في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال للجارية: أين الله ؟ قالت: في السماء، قال: أعتقها فإنها مؤمنة وقد أنكر الفوقية والعلو أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة فأول بعض الأشاعرة الفوقية بالقدرة وأول الجهمية وأنكروا الفوقية والمعتزلة وقالوا أن المراد بالفوقية هنا فوقية القدر والشأن والقهر والسلطان وأنكروا فوقية الذات وهذا من أبطل الباطل بل الرب سبحانه له فوقية الذات وفوقية القدر والشأن وفوقية القهر والسلطان ثلاثة أنواع للفوقية  كلها يتصف بها الله ذاته علية سبحانه فوق العرش بذاته وله فوقية القدر والشأن والعظمة وله فوقية القهر والسلطان كما قال ابن القيم رحمه الله و الفوق أنواع ثلاث كلها لله ثابتة بلا نكران.
ثم قال المؤلف رحمه الله والجهمية أنكروا الفوقية وقالوا إن الله تعالى مختلط بالمخلوقات و أنكروا الفوقية والعلو وقالوا أن الرب مع المخلوقات أعوذ بالله في كل مكان طبعا لا يمكن أن يكون فوق لأنه لو كان فوق لكان في جهة و لكان محدودًا و لكان متحيزًا و لكان جسمًا فقالوا إنه في كل مكان هذه الجهمية الأولى .
وأما الطائفة الثانية من الجهمية المتأخرون قالوا فنفوا النقيضين وقالوا أن الرب ليس داخل العالم ولا خارجة ولا فوقه ولا  تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه سلبوا النقيضين وهذا من أبطل الباطل فالإمام رحمه الله يعتقد ما يعتقده أهل السنة والجماعة من أن الله فوق العرش.
ثم قال رحمه الله وأن القدر خيره وشره من الله يعني وأؤمن بأن القدر خيره وشره من الله يعني وأؤمن بأن الله قدر الأشياء كلها الخير والشر علم الله ذلك في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ وأراد كل شيء يحصل في هذا الوجود وخلق كل شيء في هذا الوجود ولهذا يقول المؤلف لا يكون إلا ما أراد الله وقضاه وقدره يعني لا يكون في هذا الوجود إلا ما أراده الله مراتب القدر أربعة لا يتم الإيمان بالقدر إلا بالإيمان بها المرتبة الأولى العلم الأزلي وهو الإيمان بأن الله علم كل ما يكون في هذا الوجود علما أزليا.
والمرتبة الثانية الكتابة الإيمان بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما في الحديث أن النبي ﷺ قال: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء، رواه الإمام مسلم في صحيحة من حديث عبد الله بن عمرو .
والمرتبة الثالثة المشيئة والإرادة كل شيء في هذا الوجود سبقت فيه مشيئة الله وإرادته لا يقع شيء في الوجود إلا ما أراده.
والمرتبة الرابعة الخلق والإيجاد كما قال سبحانه : وخلق كل شيء فقدره تقديرا، قال سبحانه: الله خالق كل شيء.
ثم قال رحمه الله: وأن خير الناس بعد رسول الله ﷺ من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رحمة الله عليهم أجمعين يعني وأؤمن بأن خير الناس بعد رسول الله من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هؤلاء هم الخلفاء الراشدون الأربعة هنا أتى بالواو وسيأتي في ما بعد أنه يعطف كل واحد على الآخر ب ثم وهذا الأولى الأولى أن يؤتى ب ثم يقال خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي لأن ثم للترتيب والتراخي والواو للتشريك فقط ولا تفيد الترتيب وهم مرتبون الصواب أنهم مرتبون أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة  رحمة الله عليهم أجمعين لو قال أجمعين لكان أولى الترضي يكون للصحابة ويترحم عليهم فلا بأس يقول رحمة الله عليهم أجمعين ورضي الله عنهم أجمعين.
ثم قال وأتولاهم وأستغفر لهم يعني أتولاهم يعني أتولى الصحابة ولا أعاديهم ولا أبغضهم بل أتولاهم يعني أحبهم وأتولاهم وأستغفر لهم يعني أسأل الله أن يغفر لهم ولأهل الجمل والصفين القاتلين والمقتولين ولجميع أصحاب النبي ﷺ أهل الجمل الواقعة التي حصلت بين عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير لما اجتهدت رضي الله عنها وجاءت تطالب بدم عثمان لما قتل لما قتله الثوار خرجت عائشة على جمل رضي الله عنها مع طلحة والزبير تطالب بدم عثمان ثم حصل قتال تحت الجمل أشاعه بعض أهل الشر تسببوا في القتال وأثاروا القتال فحصل مقتلة تحت جمل عائشة رضي الله عنها سقطت عائشة رضي الله عنها وحصل وهذا من الفتن وهم كلهم مجتهدون هذا اجتهاد من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر القاتل والمقتول كل منهما عن اجتهاد.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: أستغفر لهم ولأهل الجمل أستغفر لأهل الجمل القاتلين والمقتولين من الصحابة وجميع أصحاب النبي ﷺ كلهم يجب توليهم والاستغفار لهم ومحبتهم والسكوت عما شجر بينهم واعتقاد أنهم ما بين مجتهد ومصيب فله أجران وما بين مخطئ فله أجر ولا يجوز الكلام ولا يجوز عيبهم ولا ذمهم ولا التكلم في مثالبهم فإن هذا من أهل البدع أهل البدع هم الذين يسبون الصحابة من الرافضة وغيرهم بل يكفرونهم وهذا كفر وضلال تكذيب الصحابة تكذيب لله لأن الله زكاهم وعدلهم وأعد لهم الجنة فمن كفرهم أو فسقهم فقد كذب الله ومن كذب الله كفر أسأل الله السلامة والعافية.
ثم أيضا الرافضة يعبدون أهل البيت ويتوسلون بهم وهذا شرك آخر وكذلك أيضًا من شركهم وكفرهم أنهم أنكروا أن يكون كلام الله محفوظا وقالوا أن القرآن محرفا وأنه ما بقي منه إلا الثلث وهذا تكذيب لله في قوله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
ثم قال رحمه الله والسمع والطاعة لأولي الأمر ماداموا يصلون يعني وأؤمن بالسمع والطاعة لأولي الأمر ما داموا يصلون يعني عملا بقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، وعملًا بالأحاديث التي فيها السمع والطاعة لولاة الأمور كما في الحديث على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا إن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة قال النبي ﷺ: عليك السمع والطاعة للأمير ولولي الأمر وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، في حديث أبي ذر أن النبي ﷺ قال اسمع وأطع يعني للأمير وولي الأمر وإن كان عبدًا حبشيًا مجدع الأطراف فالسمع والطاعة لولاة الأمور في طاعة الله وفي الأمور المباحة أما المعاصي فلا يطاع فيها لقول النبي ﷺ: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكما في الحديث السابق: على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية المعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، المعاصي لا يطاع فيها أحد في إذا أمر الأمير بمعصية كشرب الخمر وقتل من لا يستحق لا يطاع وكذلك الوالد إذا أمر ابنه بالمعصية لا يطيعه ولكن يتلطف في خطابه و يبين له أنه لا يجوز هذا الأمر و أنه لا يطيعه في المعصية و كذلك الزوجة أمرها زوجها بالمعصية لا تطيعه وكذلك العبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه لكن ليس معنى ذلك التمرد عليهم الناس لا يطيعون ولي الأمر في المعاصي لكن لا يتمردون عليه ويخرجون عليه ولا يطيع الابن الأب إذا أمره بالمعصية لكن لا يتمرد عليه وإنما لا يطيعه في هذه المعصية وما عداها  يطيعه في طاعة الله والأمور المباحة ويبره وكذلك الزوجة لا تطيع زوجها في المعصية ولكن لا تتمرد عليه في غير المعصية تطيعه وكذلك العبد لا يطيع سيده في المعصية ولكن لا يتمرد عليه ويطيعه في ما عدا ذلك قال المؤلف ما داموا يصلون يعني ما داموا يصلون فهم مؤمنون أما إذا فعلوا كفرًا صريحًا واضحًا فهذا كما جاء في الحديث والمؤلف رحمه الله الإمام رحمه الله قال السمع والطاعة لأولي ماداموا يصلون استدلالًا بالحديث أن النبي ﷺ قال في حديث عوف بن مالك الأشجعي لما أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور: "قال: ولو كانوا عصاة أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وفي لفظ: لا ما صلوا، فالمؤلف يقول ما داموا يصلون فإذا كانوا يصلون وهذا دليل على أن ترك الصلاة كفر فحديث عوف بن مالك الأشجعي النبي ﷺ قال: خيار أئمتكم (يعني الولاة ) خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ -يعني ماداموا شرارًا يتلاعنون- قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة وفي لفظ: ما صلوا، ألا من ولي عليه وال فرآه يأت شيئا من معصية الله فليكره ما يأت من معصية الله (...) يدا من طاعة.
ثم قال المؤلف رحمه الله والولاة لا يخرج عليهم بالسيف يعني لا يجوز الخروج على الولاة بالسيف بل يجب السمع والطاعة لهم في طاعة الله وفي الأمور المباحة إلا إذا حصل كفر صريح من ولي الأمر إذا حصل كفر صريح موصوف بثلاث شروط جاز الخروج بشروط أيضًا لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح : إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان، النبي ﷺ أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور وعدم الخروج عليهم ثم قال: إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان إلا أن تروا كفر يعني لابد أن يكون هذا الشيء الذي فعله كفر لا فسق ولا بد أن يكون بواحًا يعني واضحًا لا شك فيه ولا رجس فيه عندكم من الله فيه برهان يعني فيه دليل دليل صريح يدل عليه.
فإذا وجد الكفر الموصوف جاز الخروج على ولي الأمر بشروط:
الشرط الأول: وجود البديل المسلم يوجد بديل مسلم يحل محل هذا الولي ولي الأمر الكافر أما إذا لم يوجد ولي أمر مسلم بديل وإنما يزال ولي الأمر الكافر ويؤتى بدله ولي أمر كافر ما يحصل المقصود مثل الجمهوريات و الانقلابات  تكون الجمهورية كافرة انقلاب عسكري كافر ثم تتولى حكومة أخرى كافرة ما حصل المقصود يبقى الناس على الأول لا بد من وجود البديل المسلم.
وثانيًا وجود القدرة وجود القدرة على الخروج عليه.
أما إذا لم توجد القدرة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها  وبهذا يتبين أنه لا يجوز الخروج على ولي الأمر إلا بشروط:
الشرط الأول: أن يفعل الكفر الموصوف بثلاثة أوصاف أن يكون فعل كفرًا لا فسقًا.
ثانيًا أن يكون بواحًا يعني صريحًا واضحا
ثالثًا أن يكون عليه دليل واضح ولهذا قال: عندكم من الله فيه برهان.
ثالثا: وجود القدرة على الخروج على الولي.
رابعًا: وجود البديل المسلم الذي يحل محله خمسة شروط إذا وجدت خمسة شروط خرج عليه يكون ما يفعله كفر لا فسق يكون بواحا لا لبس فيه يكون فيه دليل صريح ويوجد القدرة والاستطاعة ويوجد البديل المسلم الذي يحل محل الكافر.
أما إذا لم تتوفر هذه الشروط فلا, يبقى إذا لم يستطيعوا وإذا وجدت الشروط يبقى الناس على تحت ولاية هذا الولي حتى يفتح الله لهم ولهذا قال المؤلف رحمه الله والولاة لا يقضى عليهم بالسيف.
ثم قال: والخلافة في قريش يعني وأعتقد وأؤمن بأن الخلافة في قريش الخلافة في قريش لما جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: لا يزال هذا الأمر فيهم (يعني في قريش) مادام فيهم اثنان، وفي لفظ آخر: ما أقاموا الدين، فإذا الخلافة في قريش تكون في قريش ما بقي فيهم اثنان بهذا الشرط ما أقاموا الدين يعني إذا كانوا يقيمون الدين أما إذا لم يوجد من يقيموا الدين فإن الخلافة تكون في غيرهم فالخلافة تكون في قريش بشروط الشرط الأول أن يكون الاختيار و الانتخاب للمسلمين إذا كان الاختيار و الانتخاب للمسلمين ينتخبون ولي الأمر من قريش والأمر الثاني أن يكون هذا الولي يقيم الدين أما إذا لم يكن الاختيار والانتخاب للمسلمين بأن غلبهم بسيفيه وسلطانه فإنها تثبت له الولاية وكذلك إذا لم يوجد من قريش من يقيم الدين فإنها تكون في غيرهم لأن الخلافة تثبت بواحدة من ثلاثة أمور الأمر الأول الاختيار و الانتخاب من أهل الحل والعقل كما ثبتت الخلافة لأبي بكر الصديق باختيار أهل الحل والعقل وكما ثبتت أيضًا الخلافة لعثمان بن عفان باختيار وانتخاب أهل الحل والعقل يختارونهم من قريش الأمر الثاني تثبت الخلافة بولاية العهد من ولي الأمر السابق كما ثبتت الخلافة لعمر بن الخطاب بولاية العهد من أبي بكر الصديق والأمر الثالث تثبت الخلافة لولي الأمر إذا غلب الناس بسيفه وسلطانه حتى خضعوا له ثبتت له الخلافة لقول النبي ﷺ لأبي ذر اسمع وأطع وإن كان عبدًا حبشيًا مجدع الأطراف معلوم أن لو كان الاختيار للمسلمين ما يختارون العبد الحبشي وإنما العبد الحبشي إذا غلبهم بسيفه وسلطانه وجب له السمع والطاعة وثبتت له الخلافة فالخلافة تكون في قريش إذا كان الاختيار للمسلمين أما إذا ما كان الاختيار لهم فلا والخلافة في قريش إنما هي في عهد الخلفاء الراشدين وكذلك في الدولة الأموية والعباسية وبعد ذلك صارت الخلافة فيما بعد في غير قريش إلى يومنا هذا.
ثم قال المؤلف رحمه الله: وأن قليل ما أسكر ثم قال الشافعي رحمه الله وأن قليل ما أسكر كثيره خمر يعني وأؤمن بأن قليل ما أسكر كثيره خمر يعني الشيء الذي يسكر محرم والقليل الذي لا يسكر أيضًا محرم لما جاء في الحديث: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وفي لفظ: ما أسكر كثيره فملء الكف منه حرام، خلافا لأهل الكوفة من الأحناف وغيرهم الذين يقولون إن الذي لا يسكر لا بأس بتناوله الشيء القليل وكذلك قولهم أن الخمر لا يكون إلا من عصير العنب والصواب أن الخمر تكون من عصير العنب ومن عصير الذرة والشعير وغيرها وكل مسكر هو خمر كما قال النبي ﷺ: كل مسكر  خمر وكل خمر حرام.
ثم قال الإمام رحمه الله: والمتعة حرام المتعة هي النكاح إلى أجل يعني يتزوج امرأة إلى أجل يتفق مع امرأة يتزوجها شهر شهرين سنة سنتين هذا حرام هذا أخت الزنا وهذا عند الشيعة باقية عند الرافضة وغيرهم يرون أن المتعة حلال أن يتزوج المرأة إلى أجل مدة ثم يطلقها المتعة كانت في أول الإسلام ثم حرمت جاء في الحديث أن حرمت المتعة حرمت يوم خيبر يوم فتح مكة و أن الله حرمها إلى يوم القيامة لكن الشيعة من الرافضة وغيرهم يعتقدون أن المتعة حلال ولهذا يتزوجون زواج المتعة و يصير عند الواحد زوجات متعددات كثيرات ولهذا كان عندهم أولاد كثيرون كلهم من المتعة فالمتعة حرام لأن الله حرمها إلى يوم القيامة.
ثم قال الإمام رحمه الله: فأوصي بتقوى الله ولزوم السنة والآثار عن رسول الله ﷺ وأصحابه أي وصية يوصي غيره ممن سمع هذه الوصية يوصيه بتقوى الله وتقوى الله جماع الدين وأصل التقوى توحيد الله وإخلاص الدين له وأداء الواجبات وترك المحرمات فالإمام رحمه الله يوصي الناس بتقوى الله وتقوى الله هي وصية الله للأولين والأخريين وهي وصية نبي الله ﷺ إلى أمته قال الله تعالى: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله، وقال عليه الصلاة والسلام: اتق الله حيث ما كنت، فالوصية بتقوى الله هي وصية الله للأولين والأخريين وهي وصية النبي ﷺ إلى أمته وهي وصية العلماء والمصلحون ولهذا أوصى الإمام الشافعي رحمه الله بتقوى الله ولزوم السنة لزوم سنة الرسول عليه الصلاة والسلام امتثالا لأمر النبي عليه  الصلاة والسلام في قوله: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ فالإمام رحمه الله أمر بلزوم السنة امتثالا لأمر النبي ﷺ فالنبي ﷺ أمر بالتزام السنة قال عليكم بسنتي يعني الزموها عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي والآثار عن النبي ﷺ يعني الزموا الآثار واعملوا بها والأحاديث الثابتة عن النبي ﷺ وأصحابه الزموا بها وترك البدع والأهواء واجتنابها يعني أوصي بترك البدع يوصي الإمام بترك البدع والبدع جمع بدعة والبدعة هي كل حدث في الدين كل معصية في دين الله فهو بدعة قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس  منه فهو رد، رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها وفي لفظ لمسلم: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد، ترك البدع والأهواء الأهواء هي البدع ترك البدع والأهواء و اجتنابها يعني البعد عنها.
ثم قال الإمام: واتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يعني عملًا بقول الله تعالى: يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته، وتقوى الله حق تقاته جاء تفسيرها عن بعض السلف عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "تقوى الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر" قال بعضهم إن هذه الآية منسوخة اتقوا الله حق تقاته لأن الإنسان لا يستطيع ذلك منسوخة بقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم، وقول النبي ﷺ: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون المعنى الزموا طاعة الله واستمروا عليها وأخلصوا له العبادة وجاهدوا أنفسكم على ذلك حتى يأتيكم الموت وأنتم على الإسلام غير مغيرين ولا مبدلين، قال الإمام: فإنها وصية الأولين والآخرين يعني التقوى وصية الأولين والآخرين من الله كما سمعتم في الآية: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله.
ثم قال الإمام: وإن من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فاتقوا الله ما استطعتم هذا أيضًا مأخوذ من الآية الكريمة قوله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا من يتق الله من يجعل بينه وبين النار وغضب الله وقاية بالتوحيد والإخلاص وأداء الواجبات وترك المحرمات فإن الله يجعل له مخرجا يعني يجعل له فرجا من الكربات والشدائد ويرزقه من حيث لا يحتسب هذا موعود من يتق الله موعود بالرزق وموعود بتفريج الكربات فاتقوا الله ما استطعتم يعني اتقوا الله على حسب استطاعتكم عملًا بالآية فاتقوا الله ما استطعتم وعملا بقول النبي ﷺ: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.
ثم قال الإمام رحمه الله: عليكم بالجمعة والجماعة ولزوم السنة والإيمان والتفقه في الدين يعني الزموا الجمعة والجماعة فإن الله أوجب الجمعة على المقيمين في البلاد في المدن والقرى المستوطنين أوجب الله عليهم الجمعة وكذلك أوجب الله الجماعة على من يسمع النداء من الرجال ولهذا قال الزموا عليكم الجمعة والجماعة امتثالا للنصوص التي فيها الأمر بالجمعة والجماعة ولزوم السنة والإيمان يعني الزموا سنة الرسول ﷺ والزموا الإيمان والتفقه في الدين تفقهوا في دينكم عملا بقول النبي ﷺ: من يرد الله به خيرا يفقه في الدين.
ثم قال الإمام: ومن حضرني منكم فليلقني لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ومن حضرني منكم يعني عند الوفاة من حضرني منكم عند حضور الأجل وعند الوفاة فليلقني الشهادة لقول النبي ﷺ: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وشهادة أن لا إله إلا الله تدخل فيها شهادة أن محمدا رسول الله.
ثم قال: وتعاهدوا الأظفار والشارب قبل وفاتي إن شاء الله يعني إذا حضرت الوفاة من كان عندي إذا رأى الشارب طويلا يقصه وإذا رأى الأظفار طوله يقصها لأن النبي ﷺ أمر بتعاهد الأظفار والشارب قال وأخبر أنها من الفطرة قال: عشر من الفطرة وذكر منها قص الأظفار وقص الشارب في حديث أنس "أمرنا رسول الله ﷺ ألا نترك الأظفار والشارب والعانة أكثر من أربعين ليلة" أو كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ قال فإذا حضرت يعني حضر الأجل فإن كانت عندي حائض فلتقم وهذا اجتهاد من الإمام لأن الحيض جنابة أو حدث أكبر ويخشى أن تكون ملائكة الرحمة لا تحضر المجلس الذي فيه جنب جاء في بعض الأحاديث لا تدخل الملائكة بيت فيه جنب ولكن فيه بعض الضعف.
والمقصود أن الإمام رحمه الله أمر بقيام الحائض من مجلسه حتى تحضر ملائكة الرحمة خشية أن يكون وجود الجنب أو الحائض مانعا من حضورهم قال وليطيبوا وليدخنوا عند فراشي يعني أمر بتطيب بالدخنة والدخنة البخور عند فراشه لأنه وقت نزول الملائكة حتى يكون المكان فيه رائحة طيبة نعم .
المتن:
قال أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ قال أنبأنا أبو القاسم بن علقمة الأبهري قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي عن أبي شعيب وأبي ثور عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي قال القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل سفيان بن عيينة ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأشهد أن الجنة والنار حق وأن الساعة لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأؤمن بجميع ما جاءت به الأنبياء صلوات الله عليهم وأعقد قلبي على ما ظهر من لساني ولا أشك في إيماني ولا أكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب وإن عمل بالكبائر وأكيلهم إلى الله وأرضى بقضاء الله وقدره وإرادته بخيره وشره وهما مخلوقان مقدران على العباد من شاء الله أن يكفر كفر ومن شاء أن يؤمن آمن ولم يرض الله  الشر ولم يأمر به ولم يحبه بل أمر بالطاعة وأحبها ورضيها ولا أنزل المحسن من أمة محمد الجنة بإحسانه ولا المسيء بإساءته النار خلق الخلق على ما أراد فكل ميسر لما خلق له كما جاء في الحديث.
وأعرف حق السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وأحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم وأقدم أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليا الخلفاء الأئمة الراشدون وأعقد قلبي ولساني على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق والكلام في اللفظ والوقف بدعة والإيمان قول وعمل يزيد وينقص وأؤمن بالرؤية كما جاء في الحديث عن رسول الله ولما سمعت الله يقول: كلا إنهم عن ربهم يوم إذ لمحجوبون، دل على أنهم في حال الرضا غير محجوبين ينظرون إليه ولا يضامون في رؤيته يعني لا يشكون.
الشرح:
هذه عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله نقلها جامعها في السند قال أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ قال أنبأنا أبو القاسم بن علقمة الأبهري قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازية عن أبي شعيب وأبي ثور عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه قال القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل سفيان بن عيينة ومالك وغيرهما يعني أنه على معتقد أهل السنة والجماعة وعلى معتقد أصحاب الحديث مثل سفيان بن عيينة ومالك وغيرهم هذا هم أهل السنة والجماعة الأئمة يعني يقول العقيدة هي عقيدة السلف هي عقيدة الصحابة والتابعين هي المأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ هي عقيدة الأئمة والعلماء يعني لا أخالفهم ثم بين فقال الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يعني أشهد لله تعالى بالوحدانية و أشهد لنبيه محمد ﷺ بالرسالة أعتقد هذا كما يعتقده السلف من الأئمة والعلماء والصحابة والتابعين.
ثم قال وأشهد أن الجنة والنار حق كما سبق أن الجنة والنار حق وأن من لم يؤمن بالجنة والنار فهو كافر والجنة والنار مخلوقتان الآن خلافا للمعتزلة الذين يقولون تخلقان يوم القيامة لأن خلقهم الآن ولا جزاء عبث والعبث محال على الله هكذا يزعمون وهذا من أبطل الباطل والنصوص دلت على أن الجنة والنار مخلوقتان أعدت للمتقين الجنة وقال في النار أعدت للكافرين أعدت مهيئة وقولهم أن ما فيها جزاء باطل هذا بل الآن الأرواح أرواح المؤمنين تنعم في الجنة وأرواح الكفار تعذب في النار والمؤمن يفتح له باب إلى الجنة في قبره والكافر يفتح له باب إلى النار من قال أنها عبث أنه ما فيه جزاء وأرواح المؤمنين تستراح في الجنة وأرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسبح في الجنة تجد أنهارها وتأكل من ثمارها.
ثم قال الإمام رحمه الله: وأن الساعة لا ريب فيها يعني الساعة القيامة يعني أقر وأؤمن بالقيامة وأن الله يبعث من في القبور يعني يبعث الأجساد كما سبق.
ثم قال وأؤمن بجميع ما جاءت به الأنبياء صلوات الله عليهم يعني أؤمن بجميع ما جاءت به الأنبياء من الشرائع وما جاء في الكتب المنزلة وأعقد قلبي على ما ظهر من لساني ولا أشك في إيماني يعني يقول أن عقيدتي أعتقد ما في عقيدة أهل السنة والجماعة وأنطق بها بلساني والقلب موافق لما ينطق به اللسان خلافا للمنافقين الذين يقولون بألسنتهم ولا يعتقدون بقلوبهم كما يقول الله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين، قال سبحانه: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون، والإمام رحمه الله يقول أعقد قلبي يعني أعتقد في قلبي على ما ظهر من لساني ولا أشك في إيماني كما يشك المنافقون , المنافقون عندهم شك عندهم ريب عندهم تردد كما قال الله تعالى عن المنافقين: فهم في ريبهم يترددون، في شكهم يشكون الإمام رحمه الله يقول أنا لا أشك في عقيدتهم أعقد قلبي على ما ظهر من لساني والقلب موافق لما ينطق به اللسان من غير شك ولا تردد.
ثم قال: ولا أكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب وإن عمل بالكبائر (.....)  إلى الله يعني الإمام يقول أنا أعتقد بعقيدة أهل السنة والجماعة وأن المسلم لا يكفر بالذنب المسلم الموحد لا يكفر بالذنب وإن عمل بالكبائر إلا إذا فعل ناقضا من نواقض الإسلام أو شركا بالعبادة كأن يدعو غير الله أو يذبح لغير الله أو ينكر ربوبية الله يجحد ربوبية الله و ألوهيته أو ينكر نبوة النبي ﷺ أو ينكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبه كأن ينكر وجوب الصلاة وجوب الزكاة وجوب الحج أو ينكر أمرا معلوما بالدين بالضرورة تحريمه كأن ينكر تحريم الزنا أو تحريم الربا أو تحريم الخمر هذه نواقض لكن المعاصي لا , لا يكفر بها الإنسان لا يكفر بالمعاصي على الزنا أو السرقة أو شرب الخمر ولا يستحلها ويعلم أنه عاصي وفعله طاعة للهوى والشيطان ويعلم أنه حرام هذا عاصي لا يكفر ولا يكفر بالكبائر إلا الخوارج ويخلدون في النار وكذلك المعتزلة يقولون يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر ولكن يخلد في النار الإمام رحمه الله يقول أنا على عقيدة أهل السنة ولست على عقيدة الخوارج فلا أكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب وإن عملوا الكبائر كما يعتقده الخوارج وآكلهم إلى الله يعني هم تحت مشيئة الله العصاة وأهل الكبائر تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر لهم بتوحيدهم وإيمانهم وإسلامهم وأدخلهم الجنة من أول وهلة وإن شاء عذبهم في النار على قدر جرائمهم ومعاصيهم ثم يخرجون منها إلى الجنة بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين كما قال الله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فالعاصي الذي فعل الكبائر هو تحت مشيئة الله قد يغفر له وقد يعذب لكن مآله إلى الجنة لا يخلد ولا يكفر بالمعاصي والكبائر إلا الخوارج والخوارج فرقة ضالة منحرفة أجادت الصواب والحق يكفرون المسلمين بالمعاصي.
ثم قال الإمام رحمه الله وأرضى بقضاء الله وقدره وإرادته بخيره وشره وهما مخلوقان مقدران على العباد من شاء الله أن يكفر كفر ومن شاء أن يؤمن آمن يعني يقول إني أؤمن بالقضاء والقدر أؤمن بقضاء الله وقدره أومن بقدر الله ومراتبه الأربع أؤمن بالعلم بعلم الله الأزلي وأؤمن بكتابته للأشياء في اللوح المحفوظ وأؤمن بالإرادة والمشيئة وأؤمن بالخلق والإيجاد أومن بالقدر خيرا أو شرا كله من الله وهما مخلوقان يعني الخير والشر مخلوقان لله الله تعالى خلق الخير والشر كل شيء في هذا الوجود خلقه الله كما قال سبحانه: الله خالق كل شيء، وقال سبحانه: وخلق كل شيء فقدره تقديرا، مقدران على العباد يعني وأؤمن أنهما مقدران على العباد الخير والشر مقدران على العباد لحكمة بالغة له الحكمة البالغة من شاء الله أن يكفر كفر ومن شاء أن يؤمن آمن كما قال سبحانه: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها، والله تعالى له الحكمة البالغة من شاء الله أن يكفر كفر لحكمة بالغة والله تعالى يهدي من يشاء بحكمته ورحمته ويضل من يشاء يهدي من يشاء برحمته وفضله ويضل من يشاء بعدله وحكمته وقدر الكفر على الكافر قدر المعصية على العاصي ذلك لحكمة لحكم تترتب على ذلك ووفق المؤمن للإيمان برحمته وتوفيقه يقول المؤلف الإمام ولم يرض الله الشر ولم يأمر به ولم يحبه يعني لم يرضاه دينا وشرعا الله تعالى لا يرضى بالشر دينا وشرعا ولا يأمر به ولا يحبه المعاصي والشرور والكفر لا يأمر الله بها ولا يرضاها ولا يحبها وإن كان قدرها أرادها كونا وقدرا فالله تعالى أراد وقوع الكفر و المعاصي كونا وقدرا لما يترتب على ذلك من الحكم ولكنه لا يريدها دينا وشرعا ولا يرضاها ولا يحبها ولا يأمر بها بل أمر بالطاعة وأحبها ورضيها إذن الطاعة أحبها الله ورضيها وأمر بها شرعا ودينا ولكن قد تقع الطاعة من العبد وقد تقع المعصية الذي يقع من العبد ما قدره الله عليه فالطاعة أحبها الله ورضيها والمعصية يكرهها الله ولا يرضاها ولا يأمر بها أما المعاصي والكفر فإنها تقع من العباد وفق الإرادة الكونية القدرية.
ثم قال الإمام رحمه الله: ولا أنزل المحسن من أمة محمد ﷺ الجنة بإحسانه ولا المسيء بإساءته النار يعني أنه لا يشهد للمعين بالجنة ولو كان محسنا ولا يشهد بالنار للمعين ولو كان مسيئا والمراد من أهل القبلة من المسلمين المسلمون أهل القبلة يشهد لهم بالجنة على العموم يقال كل مؤمن في الجنة وكذلك الكفرة يشهد لهم بالعموم يقال كل كافر في النار لكن لا يشهد لمعين بالجنة لا يقال أن فلان بن فلان في الجنة إلا من شهدت له النصوص كما شهد النبي ﷺ للعشرة المبشرين بالجنة كما شهد للحسن والحسين بالجنة كما شهد لعكاشة بن محصن بالجنة وبلال وعبد الله بن سلام وجماعة فالذين شهد لهم النبي ﷺ بالجنة بأعيانهم نشهد لهم بالجنة وأما من لم يشهد لهم فإن أهل السنة والجماعة يشهدون للمحسنين والمؤمنين بالعموم يقول كل مؤمن في الجنة كل محسن في الجنة لكن فلان بن فلان تشهد له بعينه أنه في الجنة ما يشهد له بالجنة ، وكذلك العصاة ما نشهد لكل واحد منهم بالنار لكن نخاف , نخاف عليهم ولا يشهد لهم بالنار ما داموا من أهل القبلة ولم يفعلوا مكفرا فلا يشهد للمحسن بالجنة ولا يشهد على المسيء بالنار بأعيانهم وإنما يشهد بالعموم ولكن نرجو للمحسن الجنة ونخاف على المسيء المحسن نرجو له الجنة من غير شهادة له بعينه والمسيء نخاف عليه من النار من غير شهادة له بعينه أنه في النار وكذلك الكفرة نشهد لهم بالنار بالعموم وأما الواحد منهم  من عرف أنه قامت عليه الحجة وأنه لا شبهة له وأنه مات على الشرك وأنه بلغته الدعوة وأنه ليس له شبهة فهذا يكفر يشهد على أنه كافر ويشهد عليه بأنه في النار أما من لم تعلم حاله فيشهد بالعموم يقال كل كافر في النار وكذلك المؤمنون يشهد لهم بالجنة بالعموم أما الشخص المعين فلا يشهد له بالجنة لكن يرجى للمحسن ويخاف على المسيء ولهذا فإن الإمام رحمه الله قر في عقيدته ما قره أهل السنة والجماعة.
ثم قال المؤلف الإمام رحمه الله: وأعرف حق السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ يعني أعرف حقهم وأنهم أفضل الناس السلف المراد بهم الصحابة السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ يعني يعرف للصحابة حقهم,  حقهم أن يعترف بفضلهم وأنهم أفضل الناس بعد الأنبياء وأنهم خير الناس وأنهم لا يلحقهم من بعدهم في الصحبة وفضيلة الصحبة والجهاد مع النبي ﷺ وتبليغ الدعوة وتبليغ الدين والشريعة هذه خصهم الله بذلك فلا يلحقهم من بعدهم هم أفضل الناس بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم اختارهم الله لصحبة نبيه قال وأحدث بفضائلهم أحدث الناس بفضائلهم أقول لهم فضائل من فضائلهم أنهم سبقوا للإسلام من فضائلهم أنهم جاهدوا مع النبي ﷺ ومن فضائلهم أنهم نشروا دين الله وبلغوه وأمسك عن ما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم يقول أمسك عن الخلافات التي حصلت بينهم لأنها صدرت عن اجتهاد النزاع الذي حصل بينهم والحروب التي حصلت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والوقائع التي حصلت في صفين وواقعة الجمل كلها هذي نشأت عن اجتهاد فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر وما ينقل عن الصحابة من الأخبار منها ما هو كذب ولا أساس له من الصحة ومنها ما له أصل لكن زيد فيه ونقص وغير عن وجهه ومنها ما هو صحيح والصحيح ما بين مجتهد مصيب له أجران وما بين مجتهد مخطئ له أجر واحد وفاته أجر الجهاد كما قر أهل العلم وكما قر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة العقيدة الواسطية وغيرهم من أهل العلم.
ثم قال الإمام: وأقدم أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم علي الخلفاء الأئمة الراشدون أقدمهم يعني على غيرهم في الفضيلة هنالك بكلمة ثم يعني أقدم أبا بكر يعني في الفضيلة فهو أفضل الناس بعد النبي ثم عمر يليه في الفضيلة ثم عثمان يليه في الفضيلة ثم علي وهم الخلفاء الأربعة الراشدون.
وأعقد قلبي ولساني على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق يعني يقرر عقيدة أهل السنة والجماعة كلام الله منزل غير مخلوق لفظه ومعناه خلافا للمعتزلة القائلون بأن كلام الله مخلوق لفظا ومعنى وخلافا للأشاعرة الذين يقولون أن القرآن إن كلام الله بمعنى نفسي وأن الألفاظ والحروف مخلوقة هذا باطل الإمام يقول وأعقد قلبي ولساني يعني أتكلم وأقول القران كلام الله منزل غير مخلوق وأعتقد بقلبي واللسان يوافق عقيدة القلب خلافا للمنافقين الذين قلوبهم و معتقدهم مخالف ما تنطق به ألسنتهم.
ثم قال الإمام والكلام في اللفظ والوقف بدعة يعني الكلام في اللفظ ما أحدثه الناس قولهم لفظي بالقرآن مخلوق هذا بدعة لأنه لم يقره السلف بعض الناس يقول لفظي بالقرآن مخلوق يعني لفظي كلامي لأن هذا كلام البشر وأما كلام الله فهو غير مخلوق وأما لفظي بالقرآن فهو مخلوق يقول الإمام هذه بدعة لأنه لم يقره السلف لا يجوز لنا أن نتكلم باللفظ لا نفيا ولا إثباتا لا تتكلم بما لم يتكلم فيه السلف هذا من البدع كونه يقول لفظي بالقرآن مخلوق قل ما قاله السلف قل القرآن مخلوق القرآن كلام الله غير مخلوق ولا نتكلم في اللفظ والوقف بدعة الوقف يعني التوقف بعض الناس يتوقف يقول ما أقول القرآن مخلوق ولا أقول غير مخلوق هذا بدعة أيضا اجزم لا تتوقف قل ما قاله السلف القرآن كلام الله منزل غير مخلوق لا تتوقف فالتوقف بدعة كما أن اللفظ بدعة كمن يقول لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال الإمام: والإيمان قول وعمل يزيد وينقص هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل قول القلب وهو الإقرار والنطق باللسان وقال قول اللسان وهو النطق وقول القلب وهو التصديق والإقرار وعمل القلب وهو النية والإخلاص وعمل الجوارح كالصلاة والصيام يزيد وينقص هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة كما سبق خلافا للمرجئة الذين يقولون الإيمان هو معرفة بالقلب فقط أو الإيمان هو النطق باللسان فقط كما يقول الكرامية أو الإيمان تصديق في القلب كما يقول الماتوريدية أو الإيمان هو القول والتصديق كما يقول مرجئة الفقهاء.
الصواب ما عليه جمهور أهل السنة بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص كما قره الإمام.
ثم قال الإمام وأؤمن بالرؤيا كما جاء في الحديث عن رسول الله ﷺ أؤمن بالرؤيا يعني أؤمن بأن الله يرى يوم القيامة وأن المؤمنين يرون ربهم بأعيانهم بأبصارهم يرون ربهم بأبصارهم من فوقهم كما قال الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة ۝ إلى ربها ناظرة ، كما في الحديث: إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، قال الإمام رحمه الله ولما سمعت الله يقول: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، دل على أنهم في حال الرضا غير محجوبين ينظرون إليه ولا يضامون في رؤيته يعني لا يشكون يعني الإمام رحمه الله يستدل بهذه الآية على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة لأن هذه الآية تدل على أن الكفار محجوبين عن الله: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، الكفرة كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، محجوبون عن رؤية الله فلا يرونه وإذا كان الكفرة محجوبون عن الله فإن مفهوم ذلك أن المؤمنين غير محجوبين يرون الله ولو كان المؤمنون لا يرون الله لتساووا هم والكافرون في الحجب فلما حجب الكفار عن رؤية الله دل على أن المؤمنين لا يحجبون والإمام الشافعي رحمه الله استدل بهذه الآية على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة والعلماء يقولون عن الشافعي هذا ويقولن أن الشافعي رحمه الله يقول لما حجب هؤلاء في السخط دل على أن المؤمنين يرون ربهم في الرضا لما حجب الكفرة عن الله في السخط لأنه مسخوط عليهم حجبهم الله عن رؤيته في السخط دل على أن المؤمنين يرونه في الرضا ولو كان المؤمنين لا يرون الله لتساووا هم والكفرة في الحجب فلما حجب الكفار دل على أن المؤمنين غير محجوبين ويرونه ولهذا قال الإمام ولما سمعت الله يقول: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، دل على أنهم في حال الرضا غير محجوبين يعني المؤمنين في حال الرضا غير محجوبين المؤمنون مرضي عليهم فهم غير محجوبين والكفرة مسخوط عليهم فهم محجوبون فالمؤمنون غير محجوبين ينظرون إلى الله ولا يضامون في رؤيته يعني لا يشكون لا يحصل لهم شك ولا يحصل لهم ضيم ولا تعب , وفق الله الجميع لطاعته ورزق الجميع العلم النافع .
logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد