(المتـــــن)
(الشرح)
وهذا البحث في حكم زيارة القبور المشروعة سبق أن ذكرنا أن زيارة القبور على ثلاثة أنواع الأول زيارة شرعية كما ذكر في هذا الكلام و هو أن يأتي ويسلم على الميت ويدعو له وينصرف فيستفيد الحي فائدة ويستفيد الميت فائدة الحي يستفيد أن يرق قلبه ويتذكر الآخرة والميت يستفيد بدعاء الحي له و أما الزيارة البدعية فهو النزول لقبر الميت ثم يصلي عنده في المقبرة أو يدعو لنفسه عنده أو يقرأ القرآن عنده هذه زيارة بدعية من وسائل الشرك لأن ذلك لا يجوز عند المقبرة ولا الدعاء ولا قراءة القرآن والنوع الثالث زيارة شركية وهو أن يزور الميت ثم يدعوه من دون الله أو يذبح له أو ينذر له أو يطوف بقبره يتقرب إليه هذا شرك المؤلف رحمه الله ذكر الزيارة الشرعية قال و أما زيارة القبور المشروعة فهو أن يسلم على الميت ويدعو له بمنزلة الصلاة على جنازته كما يصلي على جنازته يدعو له فكذلك يزور قبره ويدعو له ،كما كان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون، يرحم اللّه المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل اللّه لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم هذا دعاء الزائر للمقبرة يسلم عليه ويدعو له بالرحمة والسؤال له بالعافية ويسأل الله أن لا يحرمه أجره ولا يفتنه بعده وروى عن النبي ﷺ أنه قال: ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد اللّه عليه روحه حتى يرد عليه السلام. هذا فيه أن الميت يرد السلام وهذا الحديث أتى به المؤلف ويحتاج إلى مراجعة إلى تخريج الحديث فهذه النسخة غير محققة فإن ثبت فيكون الحديث فيه دليل على أن الميت ترد عليه روحه إذا سلم عليه أحد ويسمع سلامه يقال أن هذا من الأشياء الخاصة التي استترت تحت قوله تعالى وَما أنْتَ بِـمُسْمِعٍ مَنْ فِـي القُبُورِ . إنك لا تسمع الموتى لكن الموتى يشعرون هذا الدليل كما في الحديث أن الميت إذا دفن وتولى عنه أصحابه إنه يسمع قرع نعالهم وكذلك أيضا قتلى بدر المشركين الذين قتلوا في غزوة بدر وسحبوا و ألقوا في بئر هناك ناداهم النبي ﷺ قال يا أهل قليب بدر إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» إلا أنهم لا يجيبوني. ومع ذلك فالأصل أنهم لا يسمعون والنبي ﷺ ثبت في الحديث ما من أحد يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام هذا ثابت عن النبي و أما غيره قال لا هذا الحديث الذي ذكره.
قال المؤلف رحمه الله واللّه تعالى يثيب الحي إذا دعا للميت المؤمن، كما يثيبه إذا صلى على جنازته نعم لأنه أحسن إليه إذا أحسنت إلى أخيك الميت أو الحي أثابك الله كيف تحسن إلى أخيك الميت صل على جنازته تدعوا له وكذلك الحي إذا دعا للميت يثاب ولهذا نهى النبي ﷺ أن يفعل ذلك بالمنافقين، نهي أن يدعو للمنافقين لأنهم كفار فقال وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ يعني الدعاء له ثم ذكر العلة قال إنهم كفروا بالله وبرسوله وماتوا وهم فاسقون هذه العلة في كونهم لا يصلى عليهم ولا يدعى لهم الكفر فدل على أن الكافر لا يدعى له ولا يصلى عليه وما عداه وهو مؤمن يصلى عليه ولو كان عاصي العلة أنهم كفروا بالله وبرسوله وماتوا وهم فاسقون
قال المؤلف: فليس في الزيارة الشرعية حاجة الحي إلى الميت، ولا مسألته ولا توسله به هذا الزيارة الشرعية الحي ما يحتاج للميت ولا يسأل الميت ولا يتوسل به بل الميت هو الذي ينتفع بدعاء الحي وصدقته ولهذا قال بل فيها منفعة الحي للميت، كالصلاة عليه الميت هو الذي ينتفع من الحي يدعو له يصلي عليه يتصدق عنه أما الحي لا يحتاج إلى الميت انتهى الميت قال واللّه تعالى يرحم هذا بدعاء هذا وإحسانه إليه، ويثيب هذا على عمله والله تعالى يرحم هذا يعني الميت بدعاء هذا يعني الحي بإحسانه إليه والله يرحم هذا الميت بدعاء الحي ويثيب هذا الحي عندما أحسن للميت ودعا له فإنه ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له. فالشاهد يدعو له فالميت ينتفع بالدعاء ينتفع بالصدقة وهذا الحديث قال المؤلف ثبت في الصحيح يشير في صحيح البخاري والحديث في صحيح مسلم ليس في صحيح البخاري الحديث في صحيح مسلم رواه الإمام مسلم في حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ أنه قال: إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له
(المتن)
وأما من يأتي إلى قبر نبي أو صالح، أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك، ويسأله و يستنجده فهذا على ثلاث درجات:
إحداها: أن يسأله حاجته، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه، أو مرض دوابه، أو يقضى دينه، أو ينتقم له من عدوه، أو يعافي نفسه وأهله ودوابه، ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا اللّه ، فهذا شرك صريح، يجب أن يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل.
وإن قال: أنا أسأله لكونه أقرب إلى اللّه منى ليشفع لي في هذه الأمور؛ لأني أتوسل إلى اللّه به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه، فهذا من أفعال المشركين والنصارى، فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم، وكذلك أخبر اللّه عن المشركين أنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وقال : أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقال تعالى: مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ وقال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} فبين الفرق بينه وبين خلقه. فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير من كبرائهم بمن يكرم عليه، فيسأله ذلك الشفيع، فيقضي حاجته؛ إما رغبة، وإما رهبة، وإما حياءً وإما مودة، وإما غير ذلك، واللّه سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع، فلا يفعل إلا ما شاء، وشفاعة الشافع من إذنه، فالأمر كله له.
(الشرح)
هذا البحث الفصل فيمن يأتي إلى قبر نبي أو صالح أو يعتقد فيه أنه قبر نبي ثم يأتي و يستنجده فما حكم هذا العمل يأتي إلى قبر نبي أو قبر رجل صالح أو من يزعم أنه ولي ثم يسأله ويستنجده قال المؤلف هذا على ثلاث درجات وذكر الدرجة الأولى عبادة شركية قال إحداها أن يسأله حاجته يسأل ميت مثل أن يسأله أن يزيل مرضه يا فلان أزل مرضي اشفني من مرضي صاحب القبر أو اشفي أزل المرض عن دابتي أو يقول يا فلان الميت اقضي ديني أو انتقم لي من عدوي أو عافني في نفسي إني مريض أو عافي أهلي أو عافي دوابي هذه الأمور هل يقدر عليها أي أحد لا يقضيها إلا الله قال ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا اللّه حكم هذا العمل قال المؤلف هذا شرك صريح ما فيه إشكال شرك صريح لماذا يكون صريحا لأن الإنسان صرف العبادة حق الله لغيره الدعاء عبادة قال الله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ما قال ادعوني و ادعوا فلانا أو ادعوا شفيعا وقال تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ليس بينه وبين الله واسطة يجيب دعوة الداع إذا دعاه و قال وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ كفره حكم عليه بالكفر قال أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ إذا هذه الدرجة شرك صريح ما حكم من فعل ذلك ؟ سأل الميت حاجته يقول المؤلف يستتاب تب إلى الله جدد إيمانك من جديد نقه من الشرك فإن تاب فالحمد لله و إن لم يتب قتل بعض العلماء يقولوا بالسيف لقول النبي ﷺ من بدل دينه فاقتلوه لكن من الذي يقتله أي واحد يقتله ! يأتي في الشارع يقول سمعت فلانا و يأتي يقتله الذي يقتل ولي الأمر يرفع إلى المحكمة فإذا ثبت عند الحاكم يستتاب فإن تاب و إلا حكم الحاكم بقتله مرتدا ثم ولي الأمر ينفذ حكم قتله أما واحد يأتي في الشارع ويقول فلان يدعو مع الله يريد يقتله تكون المسألة فوضى كل من كان له عدو قتله قال إنه مشرك , تنفيذ الأحكام إلى من هل هي للناس لا إلى ولاة الأمور فمن يستتاب فإن تاب وإلا قتل من قبل ولاة الأمور وإن قال: أنا أسأله لكونه أقرب إلى اللّه منى ليشفع لي في هذه الأمور لأني أتوسل إلى اللّه به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فأنا أسأله وقد أعرف أن هذا لا ينفع ولا يضر لكن أسأله لما أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في الأمور ... أرسلها إلى نبي أقرب مني إلى الله أو ولي أو ملك ... الله هذا توسل إليه كما يتوسل إلى السلطان بخواصه و أعوانه السلطان ما تستطيع أن تدخل على السلطان ولكن تأتي إلى من ! تأتي إلى من يوصلك إليه بخواصه بوزيره أو رئيس محكمة وهكذا ما حكم هذا ؟ هذا الشرك بعينه المشركون ماذا قالوا . قالوا نطلب الشفاعة اقرءوا القرآن ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاءنا عند الله المشركون يقولون نعلم أنهم لا يخلقون ولا يرزقون ولا يحيون ولا يميتون ولا ينفعون ولا يضرون ولكن يقربونا إلى الله لا نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى إذا قال أنا أسأله لكونه أقرب مني في هذه الأمور كفار قريش يقولون مثل ما قالوا يقولوا نسأله لكونه أقرب منا و إلا نعلم أنه لا يخلق ولا يضر ولا يحي ولا يميت هذه مقالة المشركين ، قال فهذا من أفعال المشركين والنصارى، فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم المشركون النصارى يزعمون أنهم يتخذون الأحبار هم العلماء والرهبان هم العباد ماذا يريدون منهم يريدون منهم الشفاعة يستشفعون بهم في مطالبهم و كذلك قال المؤلف وكذلك أخبر اللّه عن المشركين أنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وقال سبحانه وتعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا اتخذوا من دون الله شفعاء كيف يتخذون شفعاء لا يملكون شيئا ولا يعقلون لا يملكون ولا يعقلون لأنهم موتى أو جمادات ثم قال قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وقال تعالى: مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ نفى الله الولاية والشفاعة من دونه وقال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ استفهام لا يستطيع أحد أن يشفع عنده إلا بإذنه.
قال المؤلف رحمه الله فبين الفرق بينه وبين خلقه. ما الفرق بينه وبين خلقه ؟! قال فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير من كبرائهم بمن يكرم عليه، فيسأله ذلك الشفيع، فيقضى حاجته؛ إما رغبة، وإما رهبة، وإما حياءً وإما مودة، وإما غير ذلك، واللّه سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع، فلا يفعل إلا ما شاء، وشفاعة الشافع من إذنه، فالأمر كله له. يعني هناك فرق بين الخالق والمخلوق ما الفرق بينهما الفرق بينهما أن المخلوق عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير بمن يكرمهم فيسأله الشفيع فيقضي حاجته لماذا يقضي حاجته قد يكون يقضي حاجته وهو مرغم إما رغبة يستقبله ويلبي مطالبه و إما رهبة خوفا منه و إما حياء و إما مودة و إما غير ذلك أما الله لا يقبل شفاعة أحد لا رغبة ولا رهبة والله سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن للشافع وشفاعة الشافع بإذنه سبحانه فظهر الفرق بين الخالق والمخلوق.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى :
(الشرح)
ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة : لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن اللّه لا مكره له هذا فيه نهي عن الاستثناء في الشفاعة يقول اللهم ارحمني إن شئت يقول اللهم اغفر لي إن شئت بل يجزم ما فيه استثناء يقول اللهم اغفر لي يقول فإن اللّه لا مكره له فبين أن الرب سبحانه يفعل ما يشاء لا يكرهه أحد يعني الله يفعل ما يشاء ما يقول اللهم اغفر لي إن شئت و أيضا إذا ذكر الاستثناء كأنه غير راغب كأنه يقول للهم اغفر لي إن شئت و إن ما شئت لا تغفر لي الأمر متساوي عنده ليست رغبة اجزم اللهم اغفر لي اللهم ارحمني لا تقل إن شئت ولكن ليعزم المسألة، فإن اللّه لا مكره له. فبين أن الرب سبحانه يفعل ما يشاء لا يكرهه أحد على ما اختاره، كما قد يكره الشافع المشفوع إليه، الشافع قد يكره المشفوع قد يضغط عليه و يضطره إلى أن يطلب الشفاعة حتى لو كان ملكا لو كان رئيسا يضطر أحيانا اضطرار كيف يضطر ! يدخل عليه ابنه و يقول اشفع لفلان فلان كذا وكذا فيرائي ابنه وهو لا يريد ويشفع وقد تطلب زوجته منه فيضطر ويقبل الشفاعة لأنه يعرف في المستقبل إذا لم يقبل شفاعة الناس صار بينه وبينهم شيء في النفوس أما الله لا يكرهه أحد فالشافع قد يكره المشفوع إليه وقد ذكر السائل المسؤول إذا ألح عليه المسألة قد يكرهه يلزمه قال . فالرغبة يجب أن تكون إليه، كما قال تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ والرهبة تكون من اللّه كما قال تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وكذلك الخشية قال تعالى: فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ هذا الذي ينبغي أن يكون الرغبة لله والرهبة من الله والخشية له . وقد أمرنا أن نصلى على النبي ﷺ في الدعاء، وجعل ذلك من أسباب إجابة دعائنا في الحديث أن النبي ﷺ سمع رجلا يدعو ولم يحمد لله في أول دعائه ولم يصل على نبيه فقال عدل هذا ثم قال إذا صلى أحدكم فليحمد الله ويصل على نبيه ثم يذكر حاجته وورد أيضا في الحديث أن الدعاء موقوفا حتى يصلي على النبي ﷺ.
(المتن)
قال رحمه الله:
(الشرح)
نعم يقول المؤلف رحمه الله كثير من الضلال يقول: هذا أقرب إلى اللّه مني، وأنا بعيد من اللّه لا يمكنني أن أدعوه إلا بهذه الواسطة، ونحو ذلك من أقوال المشركين كثير ومن الضلال يقول هذا أقرب إلى الله و أنا بعيد من الله أنا مذنب علي ذنوب وهذا مطيع لا يمكن أن يدعو الله إلا طاهر هذا رجل طاهر المطيع في ظنه يكون واسطة بينه وبين الله أما أنا عاص مذنب بالمعاصي لا يمكن أن ادعوا لله ولكن اجعل هذا واسطة بيني وبينه قال فإن الله يقول ردا على هؤلاء : وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ الله قريب يسمع دعاءك فحاذر أن تجعل واسطة بينك وبينه وقد روي: أن الصحابة قالوا: يا رسول اللّه، ربنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ المناجاة هي الكلام السر الكلام القريب قد يتكلم في إذنه وهذا يسمى مناجاة و أما النداء يكون للبعيد يكون بصوت والسائل يقول هل ربنا قريب فنناجيه ندعوه سرا أو بعيد نصوت نرفع صوتنا و ننادي ربنا ماذا أجابهم النبي ﷺ فقال النبي ﷺ: يا أيها الناس، أربعوا على أنفسكم يعني ارفقوا على أنفسكم وسبب هذا الحديث أن الصحابة كانوا في سفر كانوا إذا صعدوا التلال رفعوا أصواتهم الله أكبر الله أكبر حتى شقوا على أنفسهم برفع الصوت فقال النبي ﷺ: يا أيها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم ارفقوا خفضوا الصوت ارْبَعُوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، ليس بأصم وليس غائبا ليس بأصم يسمع سبحانه يسمع دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل قال ربنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فقال : يا أيها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، بل تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته السميع القريب من أسماء الله قال إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته هذا يفيد المعية يعني هو معه , معه بإجابة دعائه إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته يعني أنه سميع قريب , السميع والقريب و إثبات المعية لله فهو معه بإجابة دعائه وعونه.
وقد أمر اللّه تعالى العباد كلهم بالصلاة له ومناجاته وقد أمر كلا منهم أن يقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أمر الله العباد بالصلاة يصلوا لله ومناجاة الله يناجونه ويدعونه و أمر كل منهم أن يقولوا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ مناجاته وخطاب لله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هذا السر ولهذا قال ابن القيم رحمه الله إن الله جمع مابين الكتب الموجلة من المعارف والعلوم جمع في القرآن وجمع ما في القرآن وعلوم الأرض في سورة الفاتحة وجمع ما في سورة الفاتحة في آية في إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقد أخبر عن المشركين أنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفى يعني ما نعبدهم ليخلقونا أو يرزقونا بل ليقربونا إلى الله ليقضي حوائجنا عنده.
(المتن)
ثم قال رحمه الله:
ثم يقال لهذا المشرك: أنت إذا دعوت هذا، فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك، فهذا جهل وضلال وكفر. وإن كنت تعلم أن اللّه أعلم وأقدر وأرحم، فلم عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره؟ ألا تسمع إلى ما خرجه البخاري وغيره عن جابر قال: كان رسول اللّه ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هَمَّ أحدكم بأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم،فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، فاقْدُرْه لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعمل أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي ، وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقْدُرْ لي الخير حيث كان، ثم أرْضِني به قال: ويسمى حاجته. أمر العبد أن يقول: أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم. وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى اللّه منك وأعلى درجة عند اللّه منك فهذا حق؛ لكن كلمة حق أريد بها باطل؛ فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة منك فإنما معناه: أن يثيبه ويعطيه أكثر مما يعطيك، ليس معناه: أنك إذا دعوته كان اللّه يقضي حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوت أنت اللّه تعالى، فإنك إن كنت مستحقا للعقاب ورد الدعاء مثلا لما فيه من العدوان فالنبي والصالح لا يعين على ما يكرهه اللّه، ولا يسعى فيما يبغضه اللّه، وإن لم يكن كذلك، فاللّه أولى بالرحمة والقبول.
(الشرح)
نعم المشرك ثم يقال له المشرك الذي يدعو لغير الله أنت إذا دعوت هذا، يعني صاحب القبر أو الولي أو الشافع أو غيره فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك، فهذا جهل وضلال وكفر هذا الذي يدعو الميت يا فلان يا سيدي فلان يا سيدي البدوي يا دسوقي يا ابن علوان يقول هل تظن أنه أعلم بحالك و أرحم هل تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك، من الله تظن هذا لما تدعوه إن كنت تظن هذا الظن فهذا كفر و ردة إن كنت تعلم أنه أعلم من الله بحالك و أقدر من الله و أرحم من الله فهذا كفر وضلال و إن قال لا أنا أعتقد أن الله أعلم و أرحم نقوله لما تترك سؤاله وتسأل الميت أنت حينما تدعو الميت هل تعتقد أن هذا الميت أعلم من الله أو الله أعلم أو تعلم أنه أقدر على إجابة السؤال أو الله أقدر هل تعتقد أن هذا الميت أرحم بك من الله أو الله أرحم بك إن كنت تعتقد أن هذا الميت أرحم أو أعلم أو أقدر من الله فهذا كفر وردة هذه ما فيها كلام وإذا قال أعوذ بالله من الشرك أنا أعلم أن الله أعلم وأقدر وأرحم نقول لماذا تدعوه وتترك دعاء الله لو كنت صادقا لو كنت تعلم أنه أعلم و أقدر وأرحم فادع الله قال المؤلف ذكر المؤلف حديث الاستخارة قال ألا تسمع إلى ما خرجه البخاري وغيره عن جابر قال: كان رسول اللّه ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن الاستخارة إذا أشكل على الإنسان أمر وفيه إشكال فإنه يستخير ربه يصلي ركعتين ثم يرفع يده ويسمي حاجته هذا متى في الأمور التي فيها إشكال كتجارة أو مشاركة فلان في تجارة أو زواج أو سفر أو ما أشبه ذلك يستخير ربه أما إذا كانت ما فيها إشكال ما يستخير ما يستخير الإنسان يصلي جماعة أو ما يصلي جماعة يصلي نوافل أو ما يصلي يصوم رمضان أو يصوم الاثنين والخميس هذه ما فيها إشكال وليس فيها لبس لكن يستخير في الأمور التي فيها إشكال ثم قال: كان رسول اللّه ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول : يعني بعدما يسلم وفي الحديث الآخر يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليصلي ركعتين ثم ليقل يرفع يديه ويقول بعد السلام ماذا يقول !! اللهم إني أستخيرك بعلمك (ركعتين غير الفريضة) اللهم إني أستخيرك بعلمك يعني أطلب من الله أطلب أن تختار لي ما تعلم من الخير واستقدرك بقدرتك أطلب قدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب ثم يسمي حاجته يقول اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر يعني الزواج أو التجارة أو المشاركة خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، فاقْدُرْه لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعمل أن هذا الأمر يعني الزواج أو التجارة أو المساهمة أو السفر في وقت مخوف شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، فاصرفه عني ، واصرفني عنه، واقْدُرْ لي الخير حيث كان، ثم رَضِني به قال: ويسمى حاجته زواج مساهمة سفر تجارة ثم بعد ذلك يمضي لما انشرح له صدره فإن لم ينشرح صدره فيعيد الاستخارة ويستشير أيضا حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين.
قال وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى اللّه منك وأعلى درجة عند اللّه منك فهذا حق؛ إن كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك و أعلى درجة عند الله منك فهذا حق لكن إن كان أقرب من الله منك هل تدعوه هو أحسن منك عملا لكن هل هذا معنى أنك تدعوه لا، قال المؤلف كلمة حق أريد بها باطل؛ فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة منك فإنما معناه: أن يثيبه ويعطيه أكثر مما يعطيك، ليس معناه: أنك إذا دعوته كان اللّه يقضى حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوت أنت اللّه تعالى إذا كان أقرب إلى الله منك و أفضل فهذا معناه أن الله يعطيه أكثر مما يعطيك وليس معنى ذلك أنك تدعوه و أنك إذا دعوته قضى الله حاجتك لا ليس هذا مراده.
قال فإنك إن كنت مستحقا للعقاب ورد الدعاء مثلا لما فيه من العدوان فالنبي والصالح لا يعين على ما يكرهه اللّه، ولا يسعى فيما يبغضه اللّه، وإن لم يكن كذلك، فاللّه أولى بالرحمة والقبول، يعني إذا كان الشخص مستحقا للعقاب مستحق لرد دعائه لما فيه من العدوان فالنبي والصالح لا يعينان على ما يكره الله ولا يسعون فيما يغضب الله و إن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة والقبول من هذا الذي تدعوه.
(المتن)
قال رحمه الله:
(الشرح)
المؤلف قال ثلاث درجات إذا أتى إلى قبر نبي أو رجل صالح ثلاث درجات الدرجة الأولى : أن يسأله حاجته فهذا شرك وهذا القسم الثاني إذا قال أنه دعا الله أجاب دعاءه أعظم مما يجيبه إذا قلت هذا إذا دعا اللّه أجاب دعاءه أعظم مما يجيبه إذا دعوته هذا القسم الثاني.
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا القسم الثاني طلب الدعاء من الغير حيا كان أو ميتا وإن قلت: هذا إذا دعا اللّه أجاب دعاءه أعظم مما يجيبه إذا دعوته قلت هذا إذا دعا الله فإنه يجيب دعوته أو أنه يجيب إذا دعوته أنا قال المؤلف هذا هو القسم الثاني وهو ألا تطلب منه الفعل ولا تدعوه، ولكن تطلب أن يدعو لك. في هذه الحالة لا تطلب منه الفعل ولا تدعوه ولكن تطلبه أن يدعو لك إذا كان حيا كما تقول للحي ادع لي و كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يطلبون من النبي ﷺ الدعاء فهذا مشروع للحي كما تقدم و أما الميت من الأنبياء والصالحين وغيرهم فلا يشرع لنا أن نقول ادعوا لنا ميت كيف نقول ادع لنا أو اسأل لنا ربك ولا فعل هذا أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر به أحد من الأئمة ولا ورد فيه حديث بل ثبت في الصحيح أنهم لما أجدبوا زمن عمر استسقى بالعباس،وهو عم النبي ﷺ وقال: (عمر يعني) : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، (هذا في حياته) وإنا نتوسل إليك بعم نبينا يعني ( بعد وفاته) فاسقنا، فيسقون الحديث الآخر قم يا عباس ادع الله و يدعو وهم يؤمنون فيسقون ولم يجيئوا إلى قبر النبي ﷺ يقولوا يا رسول الله ادع لنا ما جاءوا لقبر النبي ﷺ وإنما قالوا هذا في مكان بعيد ولم يجيئوا إلى قبر النبي ﷺ قالوا يا رسول الله ادع الله لنا واستسق لنا بل كانوا يستسقون بالعباس لأنه عم النبي ﷺ ولو كانوا يتوسلون بالذات لتوسلوا بذات النبي ﷺ بل كانوا يتوسلون بدعاء العباس فكان يقول عمر حينما يأتي العباس اللهم إنا كنا إذا أجدبنا ( أصابنا الجدب والقحط ) نتوسل إليك بنبينا فيدعو الله فتسقينا، و أما الآن نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيدعو العباس وهم يؤمنون فقال فيسقون. ولم يجيئوا إلى قبر النبي ﷺ قائلين: يا رسول اللّه، ادع اللّه لنا واستسق لنا، ونحن نشكو إليك مما أصابنا، ونحو ذلك لماذا ! لأنهم يعلمون أنه ميت لم يفعل ذلك أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة، ما أنزل اللّه بها من سلطان المجيء لقبر النبي ﷺ والشكاية إليه وهذا من البدع قال ونحن نشكو إليك مما أصابنا ونحو ذلك. لم يفعل ذلك أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة، ما أنزل اللّه بها من سلطان، بل كانوا إذا جاؤوا عند قبر النبي ﷺ يسلمون عليه بأدب فإذا أرادوا الدعاء لم يدعوا اللّه مستقبلين القبر الشريف، بل ينحرفون ويستقبلون القبلة، ويدعون اللّه وحده لا شريك له كما يدعونه في سائر البقاع. هذا من أدبهم يسلمون على النبي ﷺ وإذا أراد أحدهم الدعاء استقبل القبلة.
(المتن)
قال رحمه الله:
ولهذا قال علماؤنا: لا يجوز بناء المسجد على القبور، وقالوا: إنه لا يجوز أن ينذر لقبر، ولا للمجاورين عند القبر شيئاً من الأشياء، لا من درهم، ولا من زيت، ولا من شمع، ولا من حيوان، ولا غير ذلك، كله نذر معصية. وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: من نذر أن يطيع اللّه فليطعه، ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه. واختلف العلماء: هل على الناذر كفارة يمين؟ على قولين:
(الشرح)
يقول المؤلف وذلك أن في [الموطأ] يعني في موطأ الإمام مالك وغيره عن النبي ﷺ أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب اللّه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. فدل على أنه لا يجوز اتخاذ القبر مسجدا ولا يجوز الدعاء عند قبر الميت وفي السنن عنه أنه قال: لا تتخذوا قبري عيداً، وصلُّوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني. لا تتخذوا قبري عيدا يعني لا تأتون إلى القبر وتدعون الله عند القبر وتصلون على النبي ﷺ ولكن صلُّوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني يعني لا تشبهوا القبور بالأعياد تخصصوا لها وقتا للزيارة وقت محدد للزيارة أو للدعاء لا تتخذوا قبري عيدا لا تجعلوه عيدا والعيد الذي يعود ويتكرر في الأسبوع أو في الشهر تتخذون القبر عيدا تخصصون وقتا تأتون وتدعون بل الزيارة والدعاء في كل وقت وصلُّوا على حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني في أي مكان في الشرق أو في الغرب ولما رأى علي بن حسين وهو من سلالة آل البيت رجلا يأتي للقبر يدخل في فُرجه ويدعو فنهاه قال لا تفعل هذا ثم قال ما رجل في الأندلس وأنت إلا سواء أنت في الأندلس في أسبانيا واحد الذي يدعو في أسبانيا أو يدعو هنا واحد كله بلغ الرسول ﷺ هذا من الفقه ولكن أبى أهل البدع إلا أن يحرفوه أهل البدع حرفوه يقول النبي ﷺ لا تتخذوا قبري عيدا ما معنى لا تتخذوا قبري عيدا يعني لا تشبهوه بالعيد الذي يتكرر في أسبوع وفي كل شهر تترددون على القبر وتدعون وتسلمون أهل البدع حرفوا قالوا لا تتخذوا قبري عيدا أي لا تجعلون القبر ما تعودونه في السنة إلا مرتين أكثروا من الزيارة لا تجعلوه كالعيد العيد ما يأتي في السنة إلا مرتين لا تجعلوه كالعيد بل يوميا كرروا و أكثروا. أهل البدع.
وفي الصحيح عنه أنه قال في مرضه الذي لم يقم منه: لعن اللّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فيه زيادة سقط عنها المؤلف رحمه الله في صحيح مسلم وهذا هو نصها اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد وهذه الزيادة فيها فائدة وأنه لا يجوز اتخاذ صالحيهم مع الأنبياء مساجد قالت عائشة يحذر فعلهم يتخذوا القبور مساجد وقالت ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً ولأنه خشي أن يتخذ قبره مسجدا وإلا لأبرز وفي صحيح مسلم عنه ﷺ أنه قال قبل أن يموت بخمس(يعني خمس ليال) : إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". قال ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فيه جانب من أفعال المشركين ثم قال لا تتخذوا القبور مساجد لا نهي ثم قال إني أنهاكم عن ذلك وقوله لا تتخذوا هذا نهي ".
وفي سنن أبي داود عنه ﷺ أنه قال: لعن اللّه زوارات القبور (يعني النساء)، والمتخذين عليها المساجد والسرج. هذا فيه منع لزيارة النساء القبور وأنهن ممنوعات والمتخذين عليها المساجد والسرج لأن هذا من وسائل الشرك إذا اتخذ المسجد على القبر و أناره وشجره وزينه هذه دعوة للشرك دعوة للبدع.
قال المؤلف ولهذا قال علماؤنا: لا يجوز بناء المساجد على القبور، وقالوا: إنه لا يجوز أن ينذر لقبر، ولا للمجاورين عند القبر شيئاً من الأشياء، لا من درهم، ولا من زيت، ولا من شمع، ولا من حيوان، ولا غير ذلك، كله نذر معصية. ولا يجوز بناء القبور على المساجد كله من وسائل الشرك وكذلك لا يجوز النذر للقبر ولا للمجاورين عنده لا ينذر لهم بزيت ولا بدراهم ولا بشيء وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: من نذر أن يطيع اللّه فليطعه، ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه. نذر المعصية لا يجوز اختلف العلماء في نذر المعصية هل فيه كفارة أو ما فيه كفارة نذر المعصية نذر أن يشرب الخمر أو يشرب الدخان أو يعق والديه لا يجوز لكن هل عليه كفارة أو ما عليه كفارة على قولين القول الأول قال يكفر والقول الآخر قال لا يكفر.
(المتن)
يقول رحمه الله:
وقد شرع اللّه ورسوله في المساجد دون المشاهد أشياء، فقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ولم يقل: المشاهد. وقال تعالى: وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ولم يقل: في المشاهد، وقال تعالى: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وقال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وقال ﷺ: صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين ضعفا، وقال ﷺ: من بنى للّه مسجداً بنى اللّه له بيتا في الجنة.
(الشرح)
نعم يقول المؤلف رحمه الله من أجل أن الصلاة عند المقبرة و القبور من وسائل الشرك والبدع ولهذا لم يقل أحد من أئمة السلف: إن الصلاة عند القبور وفي مشاهد القبور مستحبة، أو فيها فضيلة لم يقل أحد بهذا الصلاة عند القبور والمساجد لم يقل أحد من أهل العلم أنها مستحبة أو فيها فضيلة ولا أن الصلاة هناك والدعاء أفضل من الصلاة في غير تلك البقعة والدعاء، بل اتفقوا كلهم على أن الصلاة في المساجد والبيوت أفضل من الصلاة عند القبور حتى قبور الأنبياء والصالحين سواء سميت [مشاهد] أو لم تسم.
وقد شرع اللّه ورسوله في المساجد دون المشاهد أشياء، فقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ولم يقل: المشاهد. بل قال تعالى: وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ولم يقل: في المشاهد لأن هناك فرق بين المشاهد والقبور ، وقال تعالى: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ( أي بالعدل ) وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وقال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ بين أن عمار المساجد هم المؤمنون المقيمون للصلاة المؤتون للزكاة وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وقال ﷺ: صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين ضعفا، وقال ﷺ: من بنى للّه مسجداً بنى اللّه له بيتا في الجنة. هذه الفروق بين المشاهد وبين المساجد شرع الله المساجد أن يذكر فيها اسم الله شرع الله المساجد للاعتكاف أخبر الله أن المساجد تعمر بالإيمان بالله و برسوله وبإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة ونهى عن دعاء غيره معه وقال ﷺ: صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين ضعفا. كل هذه فروق بين المشاهد والمساجد، وقال ﷺ: "من بنى للّه مسجداً بنا اللّه له بيتا في الجنة" ولم يؤتى في المشاهد أنها تبنى.
(المتن)
وأما القبور فقد ورد نهيه ﷺ عن اتخاذها مساجد، ولعن من يفعل ذلك، وقد ذكره غير واحد من الصحابة والتابعين، كما ذكره البخاري في صحيحه والطبراني وغيره في تفاسيرهم، وذكره وَثِيمَة وغيره في [قصص الأنبياء] في قوله تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا قالوا: هذه أسماء قوم صالحين كانوا من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد فاتخذوا تماثليهم أصناما. وكان العكوف على القبور والتمسح بها وتقبيلها والدعاء عندها وفيها ونحو ذلك هو أصل الشرك وعبادة الأوثان؛ ولهذا قال النبي ﷺ: اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد.
(الشرح)
نعم المؤلف رحمه الله ذكر مزايا المساجد وما شرع الله لها و أنه يذكر فيها اسم الله و الاعتكاف والإقامة فيها وعمارتها والصلاة فيها بين ما في القبور والمشاهد هذه لها أحكام وهذه لها أحكام تختلف أحكام هذه عن هذه قال وأما القبور فقد ورد نهيه ﷺ عن اتخاذها مساجد يقام فيها وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ والقبور لا تتخذ مساجد لا تطيل المكوث فيها بقدر الحاجة تزور تسلم تزور قبر النبي ﷺ وتنصرف ما فيه جلوس لا يجوز لا صلاة ولا قراءة ولا دعاء وأما القبور فقد ورد نهيه ﷺ عن اتخاذها مساجد، ولعن من يفعل ذلك لعن الله من اتخذ قبور أنبيائهم مساجد وقد ذكره غير واحد من الصحابة والتابعين، كما ذكره البخاري في صحيحه والطبراني وغيره في تفاسيرهم، وذكره وَثِيمَة وغيره في [قصص الأنبياء] في قوله تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا قالوا: هذه أسماء قوم صالحين كانوا من قوم نوح، واحد كان اسمه ود والثاني اسمه سواع والثالث اسمه يغوث والرابع اسمه يعوق والخامس اسمه نسرا فماتوا في زمن متقارب وحزنوا عليهم فأوحى الشيطان فأغواهم فصوروا تماثيلهم ثم عكفوا على قبورهم ثم طال بهم الأمد فعبدوهم هكذا تدرج لهم الشيطان. قالوا: هذه أسماء قوم صالحين كانوا من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد فاتخذوا تماثليهم أصناما.
وكان العكوف على القبور والتمسح بها وتقبيلها والدعاء عندها وفيها ونحو ذلك هو أصل الشرك وعبادة الأوثان؛ أصل الشرك وعبادة الأوثان أصله العكوف على القبور و المكث عندها و إطالة الجلوس عندها وتقبيلها ودعاء الله عندها هذا هو أصل الشرك وعبادة الأوثان ولهذا قال النبي ﷺ: سائلا ربه: اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد. ثم قال: اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذه الفروق بين القبور والمشاهد والمساجد المساجد فيها صلاة فيها دعاء فيها ذكر فيها تلاوة قرآن و أما المشاهد والقبور لا ليست محلا للدعاء ولا للصلاة ولا للذكر و إنما يزور ويدعوا للميت وينصرف ولا يتمسح لهذا قال اتفق العلماء على أن من زار قبر النبي ﷺ أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين الصحابة وأهل البيت وغيرهم أنه لا يتمسح به هذا بالاتفاق لا يتمسح به بقبر النبي ﷺ و لا يتمسح بغيره هذا من البدع ولا يقبله يقبل القبر بشفتيه قال ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا شيء واحد ما هو الحجر الأسود. عند الطواف بالبيت إذا طاف بالبيت يشرع استلام الحجر وتقبيله استلامه يعني مسحه بيدك اليمنى وتقبيله بشفتيك هذا سنة إن استطعت لكن إذا فيه زحام لا تزاحم لا تزاحم ولا تؤذي لأن المزاحمة حرام الأذية حرام وتقبيل الحجر سنة كيف تفعل السنة في طريقك محرم فإن عجزت تستلمه بيدك وتقبل يديك فإن عجزت و يشق عليك تشير إليه ليس في الدنيا شيء يقبل يمسح ويقبل إلا شيء واحد الحجر الأسود وقد ثبت في الصحيحين: أن عمر قال: واللّه، إني لأعلم أنك حَجَر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول اللّه ﷺ يُقَبِّلك ما قَبَّلتك. عمر هذا أعلن بالناس موسم يبين للناس قبّل الحجر وقال أعلم أنك حَجَر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول اللّه ﷺ يُقَبِّلك ما قَبَّلتك يعني يبين أنه قبّله تأسيا و اقتداءا لا لأنه يضر وينفع و إنما كان للتأسي والاقتداء لا لأنه يضر وينفع فالذي يضر وينفع هو الله و قد قيل أن عليا قد عارض وقال بلى إنه يضر وينفع يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول إن الحجر يوم القيامة يأتي له لسان وله عينان و أنه يشهد لمن استلمه بحق و هذا الحديث في صحته نظر و المقصود أن عمر قصد من ذلك أن يبين للناس أن السنة التأسي بالنبي ﷺ و أن مسح الحجر الأسود إنما هو تأسي بالنبي ﷺ لا أنه يضر وينفع.
قال المؤلف ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركني البيت اللذين يليان الحجر . البيت كم له ركن ! أربعة أركان ركنان يستلمان وركنان لا يستلمان ما هما الركنان اللذان يستلمان الركن الحجر الأسود , يستلم ويقبل بالشفتين و يكبر , الركن اليماني الذي قبله تستلمه ولا تقبله تستلمه وتكبر فإن عدلت عن ركن الحجر الأسود تشير إليه و تكبر و إن عجزت عن الركن اليماني لا تشير إليه ولا تكبر هذا الصحيح قال بعض العلماء الصواب تكبر عند الاستلام بقي الركن الثاني الشامي و الذي بعده الركن العراقي هذان الركنان لا يستلمان ولا يكبران لا تستلم ولا تكبر ما الحكمة في ذلك !! لماذا ركنان يستلمان وركنان لا يستلمان الحكمة أن الركنين الأسود واليماني على قواعد إبراهيم , إبراهيم هو الذي بنى البيت والركن الشامي والعراقي ليس على قواعد إبراهيم (اقتطع) من البيت كانت الكعبة أوسع من هذا لما بناها إبراهيم عليه السلام بناها كانت واسعة داخل الحجر , الحجر داخل الكعبة ولما تصدع البيت و أرادت قريش أن تبني البيت مرة أخرى اجتمعوا وقالوا هذا بيت الله جمعوا دراهم وقالوا لا أحد يتبرع لبناء البيت بدرهم حرام لا تأتونا إلا بدرهم حلال فجمعوا ولم يجدوا من المال الحلال ما يكفيهم للبيت طبق الحرام الأمر ربا وزنا وسرقات وقالوا إنا لله و إنا إليه راجعون ليس لدينا شيء ليس لدينا دراهم حلال نبني بها البيت فأخرجوا الحجر ستة أذرع أو سبعة أذرع هي الحجر التي ترونها الآن فخرجوها من البيت فصارت الركن اليماني ليست على قواعد إبراهيم و هذا لما هدموا الكعبة و أرادوا أن يبنوها على قواعد إبراهيم بنوها على أساس قواعد إبراهيم فاطلعت عليهم ... إبراهيم ولما جاء رجل بعكرته وحرك حجر من الأساس فانفك كلها وأصابها زلزال لما حرك حجر الأساس فصار مثل الزلزال حتى تركه على حاله فليست على قواعد إبراهيم والنبي ﷺ لما فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة و أسلم الناس في مكة دخلوا في الإسلام من جديد قال النبي ﷺ يَا عَائِشَةُ ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ ،نقضت الكعبة لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ ، فَجعلتها على قواعد إبراهيم ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ : بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا لكن أخشى أن لا تتحمله قلوب الناس أسلموا من جديد ما يتحملون هذا يمكن يرتد بعض الناس فالنبي ﷺ تركه مراعاة لهم فيه أنه يترك الشيء لأمر أهم فلما تولى عبد الله بن الزبير إمرة مكة وبويع بالخلافة فصار خليفة وواليا على مكة والمدينة والطائف أيضا تصل ولايته إلى العراق بايع الناس في الشام مروان بن الحكم تولى إلى أن توفي ثم تولى عبد الملك بن مروان فصار يدخل في الشام ويزحف حتى دخل المدينة وجعل يقاتل عبد الله بن الزبير و عبد الله بن الزبير خليفة فجعل يقاتله حتى أوكل المهمة إلى حجاج بن يوسف فجعل يرسل الجيوش إلى مكة يقاتل من؟! عبد الله بن الزبير حتى رمى الكعبة بالمنجنيق و هدمها وقتل عبد الله بن الزبير وصلبه على الخشبة ثلاثة أيام وهدم الكعبة الحجاج الذي ثار على عبد الله بن الزبير و أعادها كما كانت على بناء الجاهلية و أخرج الحجر كما كان عبد الله بن الزبير طبق الحديث وأدخل الحجر وقال زال المحذور فأنا أطبق الحديث وجعل يستلم الأركان كلها لما كان يطوف يستلم الركن اليماني والحجر والركن الشامي والعراقي لأنها كلها صارت على قواعد إبراهيم وثبت أن معاوية بن أبي سفيان قبل عبد الله بن الزبير طاف مرة بالكعبة في صحيح مسلم وجعل يستلم الأركان الأربعة كلها يستلم الركن اليماني والحجر والعراقي فأنكر عليه عبد الله بن عباس قال يا معاوية كيف تستلم الأركان الأربعة ! ما يستلم إلا الركنان اليمانيان فقاله معاوية يا ابن عباس أفي البيت شيء مهجور هل البيت في شيء مهجور فقرأ ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ولم أر النبي ﷺ يستلم إلا الركنان اليمانيان فقال صدقت ورجع إلى قوله ثم لما تولى عبد الله بن الزبير هدم الكعبة و أدخل الحجر وصار يستلم الأركان الأربعة لأنها صارت على قواعد إبراهيم فلما قتله الحجاج هدم الكعبة مرة أخرى وأخرج الحجر فلم تكن على قواعد إبراهيم فأيهما أصيب لا شك أنه عبد الله بن الزبير وسوف يجتمعان عند الله يوم تجتمع الخصوم و يفصل بينهما بحكم العدل و يقال أن عبد الملك طاف جعل يطوف وجعل يقول يكذب ابن الزبير يزعم أن عنده حديث في إدخال الحجر فسمعه بعضهم فقال لا تقل هذا إني سمعت عائشة تقول كذا وكذا و أشار له الحديث وبعد ذلك ندم وقال ليتنا تركناه وما أراد ويقال إن أبا جعفر المنصور في زمانه استشار الإمام مالك ﷺ وقال للإمام مالك هل ترى أن نهدم الكعبة و ندخل الحجر كما فعل عبد الله بن الزبير يستشير العلماء ففكر الإمام مالك ثم بعد فترة أعطى الرأي الخليفة وقال لا تفعل يا أمير المؤمنين اتركها على حالها قال ولم؟! قال أخشى أن تكون الكعبة ملعبة للملوك كل ملك هذا يهدم وهذا يبني فكان رأي الإمام مالك موفق فتركها كما كانت عليه.