بسم الله الرحمن الرحيم
متن
شرح
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و لصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا حمد و على آله و صحبه و سلم , أما بعد :
كتاب الطهارة هذا الكتاب , الطهارة معناها في اللغة النظافة و الطهارة من الأقذار و شرعا استعمال الماء أو ما يقوم مقامه من أتراب عند عدمه أو العجز عن استعماله على صفة خاصة بنية و هذا كتاب الطهارة قصد به الإمام مسلم أن يذكر ما يتعلق بالطهارة في الوضوء و الغسل من الجنابة أو من الحيض و النفاس و كذلك التيمم لأنه طهارة و كل ما يتعلق من أحكام و هذا الحديث حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه حديث عظيم يقول فيه النبي صلى الله عليه و سلم الطهور شطر الإيمان و الحمد الله تملأ الميزان و سبحان الله و الحمد لله تملآن ما بين السماء و لأرض و الصلاة نور و الصدقة برهان و الصبر ضياء و القرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو معتقها أوموبقها و هذا الحديث حديث عظيم كل جملة تحتوي على معاني عظيمة و قاعدة من قواعد الشرع يقول النبي صلى الله عليه و سلم الطهور شطر الإيمان الطُهور بالضم استخدام الماء الفعل و الطَهور بالفتح الماء الذي يتطهر به هذا هو الأشهر و منه الوضوء و الوَضوء بالضم اسم للفعل و بالفتح اسم للماء المتطهر به الطهور شطر الإيمان و الشطر النصف و المعنى الطهور نصف الإيمان و المعنى أن الإيمان ينقسم إلى قسمين طهارة ظاهرة و طهارة باطنة فالطهارة الباطنة هي سلامة المعتقد بالإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره و السلامة من البدع و الشرك هذه طهارة الباطن هذه نصف الإيمان و النصف الثاني الطهارة الظاهرة و هي استعمال الماء في الأعضاء تطهير الجسد و الأعضاء فيكون الإيمان نصفان نصف طهارة الباطن و نصف طهارة الظاهر فطهارة الباطن بسلامة المعتقد من الشرك و البدع و الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و طهارة الظاهر بالماء بتطهير الأعضاء و الجسد بالوضوء و تطهيره من النجاسات و الأقذار و لا يلزم من كونهما نصفان التساوي بينهما لا يلزم التساوي بينهما فالطهور نصفان نصف طهارة الباطن و هو التوحيد طهارة الباطن بالتوحيد و السلامة من الشرك و البدع و الخرافات , توحيد الله و السلامة من الشرك و البدع و طهارة الظاهر استعمال الماء لتطهير الجسد و الأعضاء بالماء فهذا نصف و هذا نصف فتكون نصفان الطهور شطر الإيمان نصف الإيمان و الحمد لله تملأ الميزان و هو ميزان حسي و المعنى أجرها و ثوابها يملأ الميزان و الميزان ميزان حسي هو الميزان الذي توزن به الأعمال يوم القيامة و هو ميزان حسي قال تعالى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ و هو ميزان عظيم ميزان حسي توصف به الأعمال كفتاه أعظم ما في السماوات و الأرض و فيه دليل على عظم هذه الكلمة " الحمد لله " و " سبحان الله و بحمد " و " الحمد لله " تملأ الميزان أجرها و ثوابها فيه دليل على عظم هذه الكلمة " الحمد لله " جميع أنواع المحامد كلها ملك لله و هو المستحق لها دون غيره بخلاف المخلوق فإن له من المدح ما يليق به , الحمد لله تملئ الميزان أجرها و ثوابها و هو ميزان حسي له كفتان و أطباق و له لسان خلافا للمعتزلة و أهل البدع القائلين أن المراد بالميزان ميزان معنوي أنكروا الميزان الحسي و قالوا المراد ميزان معنوي و هو العدل و قالوا ما يحتاج للميزان إلا البقال و الفوال أما الله فلا يحتاج إلى ميزان هكذا أولوا النصوص بآرائهم و عقولهم و زبالة أذهانهم و أفكارهم و الصواب أنه ميزان حسي توزن فيه الأعمال و توزن فيه الأشخاص قال الله تعالى عن الكفار فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا و في الحديث يؤتى بالرجل العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة و ثبت أيضا في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم كان جالسا و معه بعض أصحابه فقام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فكشفت الريح عن ساقيه فإذا هما دقيقتان فضحك الصحابة فقال النبي صلى الله عليه و سلم مم تضحكون قالوا يا رسول الله من دقة ساقيه قال و الذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل يوم القيامة من جبل أحد هذه النصوص فيها أن الميزان ميزان حسي يوزن فيه الأشخاص و توزن فيه الأعمال و الأشخاص يوزن على حسب الأعمال و لهذا عبد الله بن مسعود ساقيه الدقيقتين أثقل من جبل أحد بسبب عمله الطيب و تقاه و قوة إيمانه أما المعتزلة فعارضوا النصوص بآرائهم الفاسدة و عقولهم الكاسدة فقالوا ليس هناك ميزان حسي و إنما هو ميزان معنوي و هو العدل و هذا من أبطل الباطل لأن المعتزلة دينهم مبني على العقل حتى قال بعضهم في قوله تعالى و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فسر الرسول بالعقل قال الرسول العقل و سبحان الله و الحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء و لأرض هذا شك من الراوي قال تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض و فيه دليل على فضل التسبيح و التحميد قول " سبحان الله و الحمد لله " لأن هذه تملأ الميزان تملأ ما بين السماء و الأرض و الصلاة نور لأنها نور للعبد تنهاه عن الفحشاء و المنكر و تمنعه من المعاصي و النكرات تزجره عن المعاصي و تنهاه عن الفحشاء و المنكر فهي نور تنير قلب العبد فيبصر الحق . الصلاة التي أداها صاحبها كما أمر الله و كما أمر رسوله فهي نور للعبد تنير له الطريق و تمنعه من الفحشاء و المنكر و لذلك قال تعالى وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ ففيه الذكر و النهي عن الفحشاء و المنكر و ذكر الله أكبر والصدقة برهان برهان يعني حجة و دليل على إيمان صاحبها و دليل على صدق إيمانه و هو برهان البرهان هو الدليل القوي فالدقة برهان دليل على إيمان صاحبها و على صدقه و على صدق إيمانه حجة و دليل على إيمان صاحبها و دليل على صدق إيمانه و الصبر ضياء يستضيء به صاحبه حتى يؤدي ما أوجب الله عليه و حتى ينتهي عما حرم الله عليه حتى لا يتسخط قضاء الله و قدره و الضياء نور فيه حرارة كالشمس الشمس فيها نور و حرارة و القمر نور بلا حرارة فالصبر قال فيه النبي صلى الله عليه و سلم و الصبر ضياء لما فيه من الحرارة كون الإنسان عندما يصبر يجد قوة و مشقة ففيه حرارة الصبر ضياء كضياء الشمس الذي فيه حرارة لذلك الصبر يحتاج الإنسان إلى القوة و التحمل و التحمل لابد فيه من مجاهد النفس و مجاهدة النفس فيه مشقة و تعب كالضياء الذي فيه حرارة بخلاف الصلاة قال عنها نور كالقمر نور بلا حرارة و الشمس نور مع حرارة لذلك قال عن الصبر أنه ضياء لما فيه من التحمل يصبر الإنسان حتى يؤدي طاعة الله و يصبر حتى ينتهي عن معاصي الله و يصبر حتى لا يتسخط على المقدور و هذا لابد فيه من التحمل و القرآن حجة لك أو عليك القرآن حجة لك إن عملت به و حجة عليك إن أعرضت عنه و أهملته و لم تعمل به فالقرآن حجة لك إن عملت به و حجة عليك إن لم تعمل به كل الناس يغدو يعني يذهب و يروح و يتعامل مع الناس فبائع نفسه أو معتقها أوموبقها يعني كل الناس يذهبون و يروحون فمنهم من يبيع نفسه لله فيعتقها من النار فتسلم من النار و منهم من يوبقها يهلكها يبيعها للشيطان و الهوى فيوبقها فيهلكها بعذاب الله فالناس نوعان كل الناس يغدون في هذه الحياة يعملون و يكدحون منهم من يكون عمله لله فيبيع نفسه لله فيعتقها من العذاب من النار و من الناس من يبيع نفسه للهوى و الشيطان فيهلكها بالمعاصي و العذاب و النار نسأل الله السلامة و العافية هذا أقسام الناس كل الناس يغدو فمنهم قسمان قسم يبيع نفسه لله فيعتقها من العذاب و قسم يبيعها للشيطان فيهلكها بالعذاب نسأل الله السلامة و العافية .
متن
شرح
و هذا الحديث فيه أن عبد الله بن عمر زار ابن عامر و كان أميرا على الكوفة و فيه أنه لا بأس أن يزور العلماء الأمراء لنصيحتهم لأن الدين النصيحة و لا سيما عند الموت يزوره عند الموت لنصيحته فلعله يتوب فقال : ألا تدعو الله لي يا ابن عمر يقول للأمير فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لا تقبل صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول و كنت على البصرة لا تقبل صلاة بغير طهور المعنى أن الطهور واجب في الصلاة و أنه لا تصح الصلاة إلا بطهارة ففي هذا دليل على وجوب الطهارة في الصلاة و الحديث نص في وجوب الطهارة و أنه لابد منها في الوضوء و هذا إجماع من أهل العلم أجمع العلماء على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة و أن الصلاة لا تصح بدون طهارة و لهذا روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا تقبل صلاة بغير طهور لأن الطهارة شرط في صحة الصلاة و هذا مجمع عليه من أهل العلم أن الطهارة شرط لصحة الصلاة و أن الصلاة لا تصح بغير طهور و لا صدقة من غلول يعني لا تقبل الصدقة من الغلول و الغلول هو الخيانة أصل الخيانة و أصل الأخذ من مال الغنيمة قبل قسمتها يقال له غلول أن يأخذ من الغنيمة قبل قسمتها يعني إذا قاتل المسلمين الكفار ثم غنموا شيئا من الأموال هذه الغنائم تجمع و يخرج الخمس منها , تقسم خمسة أخماس لله و لرسوله و لقرابة الرسول و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و أربعة أخماس تقسم على الغانمين تقسم عليهم لكن يقسمها قائد الجيش أو ولي الأمر فلا يجوز للإنسان أن يأخذ منها قبل أن تقسم فإن أخذ منها قبل أن اقسم يسمى هذا غلول سرقة من مال الغنيمة قبل أن تقسم يسمى غلول و هو من كبائر الذنوب و لما قتل مولى عبد للرسول صلى الله عليه و سلم في إحدى الغزوات قال بعض الصحابة هنيئا له الجنة فقال الرسول صلى الله عليه و سلم لا و الذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها 19:26 لتلتهب عليه نارا أخذ شملة قطعة قماش أخذها من الغنيمة قبل أن تقسم فالتهبت عله نارا هذا يدل على أن الخيانة في الغنيمة من كبائر الذنوب و يسمى غلول الأخذ من مال الغنيمة قبل أن تقسم يقال له غلول فهذا الغلول لو تصدق به لا تقبل الصدقة و لا صدقة من غلول و مثله أيضا يلحق به من أخذ من بيت المال يقال له غلول يلحق بالغلول و كذلك لو أخذ من الصدقات و الأوقاف المجموعة التي يجمعها بعض الناس ثم اختلس منها هذا من الغلو من الخيانة أو أوقاف للفقراء و المساكين و اليتامى ثم يأخذ منه و أصله أن يأخذ من مال الغنيمة قبل قسمتها فإذا غل شيئا من مال الغنيمة ثم تصدق به فلا يقبل منه لأنه مال مسروق حرام سحت و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم لا تقبل صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول " و كنت على البصرة " كنت يا ابن عامر على البصرة كنت واليا على البصرة يخاطبه يعني فتعلقت بك أمور و تبعات فكيف أدعو لك و أنت توليت ما توليت من أمور المسلمين و حصل منك ظلم كان معروف عنه الظلم حصل لك ظلم للرعية فكيف أدعو لك فلابد لك من التوبة , هذا قالها حثا له و زجرا له على التوبة و إلا فلا بأس بالدعاء حتى للفاسق بل يدعى للكافر لما امتنع الدوس قيل للرسول عليه الصلاة و السلام أن دوسا امتنعت عن الإسلام فادعو عليهم فقال الناس هلكت دوس فقال النبي صلى الله عليه و سلم اللهم اهدي دوسا و أت بهم فهداهم الله و أتى بهم , يدعى للفاسق و الكافر لكن المقصود من ابن عمر رضي الله عنه حث ابن عامر على التوبة في مرض الموت قال كيف أدعو لك و كنت على البصرة كنت أميرا و كنت ظالما و تعلقت بك تبعات فلا ينفعك أن أدعو لك حتى تتوب كما أن الصدقة لا تصح من الغلول و الصلاة لا تصح بدون طهارة فكذلك أنت لا ينفعك أن أدعو لك حتى تتوب , قال ادعو لي يا ابن عمر لما زاره فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تقبل صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول
متن
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.
شرح
و هذا أخرجه البخاري في صحيحه لا يقبل الله صلاة حدكم إذا أحدث حتى يتوضأ و هذا دليل على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة و أن الصلاة لا تصح إلا بطهارة و هذا إجماع من أهل العلم هذا مجمع عليه أن الطهارة شرط لصحة الصلاة فإذا صلى بغير طهارة ناسيا حدثه فإنه يعيد و لا يعذر من صلى بغير طهارة فإنه متى تذكر يتوضأ و يعيد الصلاة و لا يعذر في هذا بخلاف النجاسة إذا كانت في الثوب أو البدن ثم نسيها و صلى فالصواب أن الصلاة صحيحة ولا يعيد لأن هذا من باب الترك أما الطهارة إذا نسي الطهارة نسي الوضوء نسي الجنابة ثم صلى ثم تذكر يعيد و لو بعد يوم أو يومين أو أكثر متى ما تذكر يتوضأ أو يغتسل من الجنابة و يعيد الصلاة لأن هذا من باب الإيجاب بخلاف النجاسات فإنها من باب التروك فإذا نسيها و صلى صحت صلاته أو جهلها قال لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ و هذا إجماع من أهل العلم على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة .
متن
شرح
هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أسبغ وضوء و أكمل وضوء لأن فيه غسل الأعضاء كلها ثلاث مرات أسبغ وضوء و أكمل وضوء هو هذا يغسل الكفين ثلاثاً ثم يتمضمض ثلاثاً يستنشق ثلاثاً ثم يغسل وجهه ثلاثاً ثم يغسل يده اليمنى ثلاثاً ثم يغسل يده اليسرى ثلاثاً ثم يمسح رأسه مرة و أذنيه مرة ثم يغسل رجله اليمنى ثلاثاً ثم يغسل جله ليسرى ثلاثاً هذا أكمل وضوء و أسبغ وضوء و هو النهاية و هو أن يغسل كل عضو ثلاث مرات و المراد بالغسلة
التعميم , ليس المراد الغرفات فإذا عمم العضو بغرفة هذه تعتبر واحدة و إذا لم يعمها بغرفة يأخذ غرفة ثانية فتكون غرفتين بغسلة إذا عمم بغرفة أو غرفتين هذه تعتبر مرة هذا أسبغ وضوء و أكمله و جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً هذا و جاء عنه أنه توضأ ثنتين ثنتين يعني غسل وجهه مرتين و يده اليمن مرتين و يده اليسرى مرتين و رجله اليمن مرتين و رجله اليسرى مرتين هذا نوع ثاني و جاء نوع ثالث أن النبي صلى الله عليه و سلم توضأ مرة مرة غسله وجهه مرة و يده اليمنى مرة و يده اليسرى مرة و رجله اليمنى مرة و رجله اليسرى مرة أما الرأس مرة واحدة الرأس لا يكرر و جاء عنه أيضا ً نوع رابع أنه توضأ مخالفاً يعني غسل وجهه ثلاثاً و غسل يده اليمن مرتين و غسل رجله مرة خالف لا بأس كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم و في هذا الحديث دليل على أن من توضأ و أسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل فيهما بقلبه على ربه و لا يحدث نفسه بشيء من الوساوس أن هذا من أسبابا المغفرة أن من توضأ و أسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل فيهما بقلبه على ربه و لا يحدث نفسه بشيء من الوساوس من أمور الدنيا أن هذا من أسباب المغفرة و لهذا قال عثمان رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء إلا غفر الله له من أسباب المغفرة لكن هذا عند أهل العلم مشروط باجتناب الكبائر على الصحيح لابد من اجتناب الكبائر التي توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب أو وجب فيه حد في الدنيا كالزنا و السرقة و شرب الخمر و عقوق الوالدين و قطيعة الرحم و الغيبة و النميمة هذه لابد فيها من توبة يقول الله تعالى إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا و قال عليه الصلاة و السلام في حديث أبي هريرة الذي سيأتي رواه الإمام مسلم الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر أما إذا لم يجتنب الكبائر فإنه يعطى حسنات و تبقى عليه الصغائر و الكبائر تحتاج إلى توبة تبقى عليه الذنوب و تحتاج إلى توبة فيكون له حسنات لكن المعاصي لا تكفر الكبائر ما دام لم يتب منها تبقى عليه تحت مشيئة الله كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ قال بعض أهل العلم تكفر الكبائر و قال بعضهم تكفر الصغائر و الصواب القول الأول أنه الكبائر لا بد لها من توبة إذا أدى الإنسان الفرائض و اجتنب الكبائر كفرت الصغائر و إلا تبقى عليه الصغائر و الكبائر .
متن
شرح
فيه استحباب غسل اليدين ثلاثاً قبل الوضوء هذا مستحب كما في حديث عمران أن النبي صلى الله عليه و سلم غسل يديه ثلاثاً كفيه غسلهما ثلاث مرار هذا سنة مستحب قبل أن يتوضأ يغسل يديه ثلاثاً التسمية أولا يسمي الله و التسمية جاءت في أحاديث فيها ضعف و لهذا ذهب الجمهور إلى أن التسمية مستحبة و لكن بعض أهل العلم يرى أنه يشد بعضها بعضا و لهذا ذهب الإمام أحمد إلى أنها واجبة مع التذكر يسمي ثم يغسل يديه و ينوي أولا نية في القلب ثم يسمي ثم يغسل يديه ثلاث مرات هذا مستحب أما إذا استيقظ من نوم الليل هذا يتأكد غسله حتى قال بعض أهل العلم بوجوبها و أنه واجب لقول النبي صلى الله عليه و سلم إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يديه في الإناء قبل إن يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده فإذا قام من نوم الليل يتأكد غسلها حتى أوجبها بعض أهل العلم و في غير ذلك تكون مستحبة غسلها ثلاثا يكون مستحب , و لهذا في حديث عمران أن النبي صلى الله عليه و سلم غسل يديه ثلاث مرار قبل الوضوء .
متن
شرح
و فيه أن المضمضة و الاستنشاق السنة قبل غسل وجه فالسنة تقديم المضمضة و الاستنشاق و لو غسل وجهه ثم تمضمض و استنشق فلا حرج لكن السنة أن يقدم المضمضة و الاستنشاق و السنة أن يكون المضمضة و الاستنشاق من كف واحدة هذا هو الأفضل أن يأخذ كف و يتمضمض منه و يستنشق ثم يستنثر بيده اليسرى ثم يأخذ كف فيتمضمض و يستنشق ثم يأخذ كف أخرى و يتمضمض و يستنشق و إذا فعلها مرة واحدة كفى و إن تمضمض من كف و استنشق من كف فلا حرج لكن الأفضل بكف واحدة المضمضة و الاستنشاق بكف واحدة بعضها للمضمضة و بعضها للاستنشاق .
متن
شرح
فيه أن مسح الرأس لا يكرر المسح مرة واحدة و ما جاء عن بعض أهل العلم أنه ثلث فقول ضعيف المسح مرة واحدة يعني ما يأخذ ماء و يمسح و يأخذ ماء و يمسح و يأخذ ماء و يمسح لا بل إنما يمسح مرة واحدة و إذا مسح فعمم الرأس كفى السنة تعميم الرأس بالمسح على أي وجه لكن السنة أن يبدأ بمقدم الرأس ثم يرده إلى القفا ثم يردهم إلى المكان الذي بدأ فيه هذه السنة و إن عمم على أي كيفية أجزأه و لكن لا يكرر المسح مرة واحدة و لا يقال أن هذا تكرار كونه يعود للمقدمة لا يقال تكرار لأن هذا كله مرة واحدة , التكرار إذا أخذ ماء ثم مسح ثم بلل يديه ثم مسح ثم بلل يديه ثم مسح هذا التكرار هذا غير مشروع المسح لا يكرر التكرار للأعضاء الثلاثة الوجه و اليدين و الرجلين و لا يزيد على ثلاثة .
متن
شرح
و فيه شرط أنه لا يحدث نفسه يعني شيء من الوساوس من أمور الدنيا و في لفظ آخر يقوي بهما بقلبه و وجهه يصلي ركعتين بعد هذا الوضوء الذي أسبغه يقبل فيهما بقلبه و وجهه على الله و لا يحدث نفسه بشيء من أمور الدنيا إلا غفر الله له يعني مع اجتناب الكبائر .
متن
شرح
بوضوء بالواو يعني بالماء الذي توضأ به وَضوء بالفتح بالضم وُضوء اسم للفعل و هذا هو الأشهر وَضوء طَهور اسم للماء بالفتح و بالضم وُضوء طُهور اسم للفعل " دعا بوَضوء " يعني بماء يتوضأ به ,
متن
شرح
يعني يقول " لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم " و هي الآية التي فيها الوعيد على كتم العلم إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ يعني لولا كتم العلم ما حدثتكم , و فيه أن الوضوء و الصلاة من أسباب المغفرة و أنه يفغر له ما بين الصلوات إذا اجتنب الكبائر فإذا صلى الظهر غفر الله له ذنوبه إلى صلاة العصر بينه و بين صلاة العصر و إذا صلى العصر غفر الله له ذنوبه إلى صلاة المغرب و إذا صلى المغرب غفر الله ذنوبه إلى صلاة العشاء و إذا صلى العشاء غفر الله ذنوبه إلى صلاة الفجر هذا إذا اجتنب الكبائر مقيد باجتناب الكبائر .
متن
شرح
و هذا معلوم أن الإيمان و الإسلام شرط في صحة الصلاة هذا لا بد منه معروف فلو توضأ كافر فلا يعتبر هذا و كذلك أيضا لابد أن يحسن الوضوء لابد من الإحسان قد يقال أن الإحسان إسباغه و إكماله فإذا توضأ مسلم و أحسن الوضوء غفر الله له ما بينه و بين الصلاة الأخرى , فيه خلاف بين أهل العلم فالسنة إذا كان الغسل للجنابة أو غسل الجمعة أن يتوضأ يستنجي و يغسل فرجه وما حوله ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه و سلم هذه هي السنة تمضمض و استنشق و غسل يديه و الرجلين إن أحب أن يؤخرهما أو يقدمهما ثم يغسل شقه الأيمن و يصب على رأسه ثلاثا حتى يرويه ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر هذا هو السنة و في حديث عائشة أن غسل رجليه توضأ كاملا و في حديث ميمونة أنه أخر غسل الرجلين بعد الغسل هذا هو السنة فإذا خرج منه ريح أو مس فرجه يعيد الوضوء هذا هو السنة و إذا أحب أن يغتسل ثم يتوضأ بعد ذلك فلا بأس هذا هو الأفضل ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا استنجى و نوى رفع الحدثين ارتفع و أنه يندرج الأصغر في الأكبر الحدث الاصغر في الأكبر لكن الأفضل فعل النبي صلى الله عليه و سلم سيتنجي ثم يتوضأ ثم يكمل بقية الغسل هذا هو السنة .
مداخلة
قوله يحسن الوضوء أَيْ يَأْتِي بِهِ تَامًّا بِكَمَالِ صِفَتِهِ وَآدَابِهِ وفي هذا الحديث الحث على الاعتناء بتعلم آدَابُ الْوُضُوءِ وَشُرُوطُهُ وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ وَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ وَالْحِرْصُ عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَتَرَخَّصُ بِالِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالنِّيَّةِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَاسْتِيعَابِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَدلْكِ الْأَعْضَاءِ وَالتَّتَابُعِ فِي الْوُضُوءِ وَتَرْتِيبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
شرح
يعني يقول أن الأشياء المختلف فيها يأتي بها بعض العلماء قال التسمية جمهور العلماء على أنها غير واجبة ما يترك التسمية عمدا يأتي بها حتى يكون أحسن الوضوء يكون وضوءه صحيحا عند جميع أهل العلم و كذلك أيضا الدلك مستحب يقول ينبغي له أن لا يتركه و كذلك الموالاة و الترتيب و كذلك المضمضة و الاستنشاق فيها خلاف فلا يتركها فمن احسان الوضوء أن يأتي بوضوء تام كامل عند جميع أهل العلم جميع أهل العلم يرون أنه صحيح لكن إذا تركه فمعظم أهل العلم يرى أنه وضوء غير صحيح أو ترك الاستنشاق أو ترك الترتيب بين الأعضاء أو ترك الموالاة , فهو فسر إتمام الوضوء بأن يأتي به كاملا و لا يترك الأشياء المختلف فيها .
مداخلة
يَأْتِي بِهِ تَامًّا بِكَمَالِ صِفَتِهِ وَآدَابِهِ وفي هذا الحديث الحث على الإعتناء بتعلم آدَابُ الْوُضُوءِ وَشُرُوطُهُ وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ وَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ وَالْحِرْصُ عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَتَرَخَّصُ بِالِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالنِّيَّةِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَاسْتِيعَابِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَدَلْكِ الْأَعْضَاءِ وَالتَّتَابُعِ فِي الْوُضُوءِ وَتَرْتِيبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَتَحْصِيلِ مَاءٍ طَهُورٍ بِالْإِجْمَاعِ .
شرح
ماء طهور يعني ما يكون مختلف فيه لأنه قد يكون مثلا قليل أصابه شيء من النجاسة فبعض أهل العلم يرى أنه غير طهور , يعني يقول يحتاط .
مداخلة
قَوْلُهُ " لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُكُمْ " ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ الْآيَةُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ الآية , مَعْنَاهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ عِلْمًا إِبْلَاغَهُ لَمَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى تَحْدِيثِكُمْ وَلَسْتُ مُتَكَثِّرًا بِتَحْدِيثِكُمْ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي بِبِلَادِنَا وَلِأَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِهِمْ لَوْلَا آيَةٌ بِالْيَاءِ وَمَدِّ الْأَلِفِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَعَ لِلرُّوَاةِ فِي الْحَدِيثَيْنِ لَوْلَا آيَةٌ بِالْيَاءِ إِلَّا الْبَاجِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَوْلَا أَنَّهُ بِالنُّونِ قَالَ وَاخْتَلَفَ رُوَاةُ مَالِكٍ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَفِي مُسْلِمٍ قَوْلُ عُرْوَةَ إِنَّ الْآيَةَ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أنزلنا من البينات وَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ رِوَايَةُ النُّونِ,,,