قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى و إيانا.
(المتن)
والأمور التي حرمها اللّه ورسوله، من الشرك، والسحر، والقتل، والزنا وشهادة الزور، وشرب الخمر وغير ذلك من المحرمات، قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة، أو دفع مَضَرَّة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، وإنما يوقع النفوس في المحرمات الجهل أو الحاجة. فأما العالم بقبح الشيء والنهي عنه فكيف يفعله؟! والذين يفعلون هذه الأمور جميعها قد يكون عندهم جهل بما فيه من الفساد، وقد تكون بهم حاجة إليها، مثل الشهوة إليها، وقد يكون فيها من الضرر أعظم مما فيها من اللذة ولا يعلمون ذلك لجهلهم أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها، والهوى غالبا يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا، فإن حبك للشيء يُعْمِي ويُصِمُّ.
ولهذا كان العالم يخشى اللّه، وقال أبو العالية: سألت أصحاب محمد ﷺ عن قول اللّه : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ الآية . قالوا: كل من عصى اللّه فهو جاهل، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب. وليس هذا موضع البسط لبيان ما في المنهيات من المفاسد الغالبة وما في المأمورات من المصالح الغالبة، بل يكفي المؤمن أن يعلم أن ما أمر اللّه به فهو لمصلحة محضة أو غالبة، وما نهى اللّه عنه فهو مفسدة محضة أو غالبة، وأن اللّه لا يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم، ولا نهاهم عما نهاهم بُخْلاً به عليهم، بل أمرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم؛ ولهذا وصف نبيه ﷺ بأنه يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
(الشرح)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في أول ظهور الشرك قال ويقال: إن أول ما ظهر الشرك في أرض مكة بعد إبراهيم الخليل من جهة "عمرو بن لُحِي الخزاعي"،الذي رآه النبي ﷺ يجر أمعاءه في النار. وهو أول من سَيَّب السوائب، وغَيَّر دين إبراهيم. قالوا: إنه ورد الشام، فوجد فيها أصناما بالبلقاء، يزعمون أنهم ينتفعون بها في جَلْب منافعهم ودفع مضارهم، فنقلها إلى مكة، وسَنَّ للعرب الشرك وعبادة الأصنام.
ويقال هذا بصيغة التبرير لكن قد تأتي يقال المراد بها الشيء المحقق وهذا شيء محقق لأنه ورد بالحديث في صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال رأيت عمرو بن لُحِي الخزاعي"، يجر أمعاءه في النار. أي يجر قصوه في النار فإنه أول من سَيَّب السوائب، وغَيَّر دين إبراهيم رواه البخاري في الصحيح هذا محقق والمراد ويقال: إن أول ما ظهر الشرك في أرض مكة من جهة "عمرو بن لُحِي وقد يراد بها الشيء المحقق ويقال تحقيقا لأن كلمة يقال قد يراد بها في صيغة تبرير يراد بها الشيء الذي لم يثبت أو الشيء الذي لم يتحقق منه الإنسان وهذا دل عليه الحديث أن عمرو بن لحي أول من غير دين إبراهيم و أول من جلب الأصنام أنه قد قامت عليه الحجة من أهل الجاهلية و أهل الجاهلية أقسام بعضهم قامت عليه الحجة كعمرو بن لحي ووالد النبي ﷺ كما في الحديث إن أبي و أباك في النار للرجل الذي سأل عن أباه قال في النار ثم ولى فقال إن أبي و أباك فالظاهر أنه قامت عليه الحجة و أما والدة النبي ﷺ فيحتمل أنها قامت عليها الحجة لأنها ماتت على دين قومها ولهذا قال النبي ﷺ استئذنت ربي في أن أزور قبر أمي زار النبي قبر أمه فبكى و أبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي و استأذنته في أستغفر لها فلم يأذن لي يعني ماتت في الجاهلية على دين قومها وهناك في الجاهلية من طلب دين إبراهيم والبقاء في الشرك كقس بن ساعدة الإيادي وغيره, فإنهم طلبوا دين إبراهيم تركوا ما عليه الناس ولم يعبدوا الأصنام وهناك من أهل الجاهلية مسكوت عنه لم يأت ما يدل على أنهم في النار ولا على أنهم موحدون فهؤلاء اختلف العلماء فيهم أصح ما قيل فيهم ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية و جماعة أنهم يمتحنون يوم القيامة ويجرى لهم امتحان و عنق من النار ويقال أردوها فمن وردها فعليه بردا وسلاما ومن امتنع فبين فيه علم الله واضح في علم الله أنه من العصاة جاء فيه الأحاديث أنه يؤتى بصاحب الفترة و الأصم ومن لا عقل له و أنهم يمتحنون يوم القيامة, وعمرو بن لحي قدم من الشام وجلب الأصنام إلى بلاد العرب يزعمون أنهم ينتفعون بها في جَلْب منافعهم ودفع مضارهم، فنقلها إلى مكة، وسَنَّ للعرب الشرك وعبادة الأصنام ولهذا رآه النبي ﷺ يجر أمعاءه في النار نسال الله العفو والعافية.
يقول المؤلف والأمور التي حرمها اللّه ورسوله، من الشرك، والسحر، والقتل، والزنا وشهادة الزور، وشرب الخمر وغير ذلك من المحرمات، قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة، أو دفع مَضَرَّة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، يعني المحرمات التي يقترفها بعض الناس قد يكون حظ للنفس يعني هوى وميلا أي تميل إليها لأنها تعتقد أن فيها مصلحة مثل الخمر قد يظن الناس أن فيه مصلحة مثل التنشيط وفيه قوه ولهذا قال الله تعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس فالإثم الكبير ما فيها من الإسكار وزوال العقل والبيع والشراء في المحرم والمنافع لما فيها من القوة والنشوة واللذة المطربة ولكن هذه زالت بعد ذلك فالذي يقدم على المحرمات يعتقد أن فيها مصلحة له مصلحة في أن يشرب الخمر و قد يكون تغلبه الشهوة كالزاني فيقدم على الزنا . فهو يعتقد أن فيها مصلحة إن نفعته أو ما تضره ولهذا يقدم على المحرمات ولكن قد يكون مخطئا والغالب أنه مخطئ لكنه يعتقد هذا لولا هذا ما أقدم عليه وقد يكون فيها مضرة عظيمة لكنه لا يعلم المضرة لجهله ولهذا يقدم على المحرمات.
يقول المؤلف لولا أنه يعتقد أن فيها منفعة وفيها مضرة ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، وإنما يوقع النفوس في المحرمات الجهل أو الحاجة. قد يكون جهل بمضرة هذا الخمر ما أقدم عليه قد لا يعلم مضرة الدخان ما أقدم عليه و أذنب ولو علم تركه أو الحاجة قد يكون محتاجا مثلا كالزاني الذي غلبته الشهوة أو كالذي يبيع الدخان يقول أنا محتاج إلى الكسب ولم أجد إلا هذا الطريق هذا قول بعض يقول ما وجدت إلا هذا, يقول ما وجدت وظيفة إلا في البنك الربوي ما وجدت إلا في كذا وكذا فتجده يقدم على هذا لأن الحاجة دعته قال فأما العالم بقبح الشيء والنهي عنه فكيف يفعله؟! يعني الذي يعلم أن هذا قبيح أو أن هذا محرم فلماذا يفعله, قال والذين يفعلون هذه الأمور جميعها قد يكون عندهم جهل بما فيه من الفساد، وقد تكون بهم حاجة إليها، قد يكون جهل بالأمر وقد يكون حاجة مثل الشهوة إليها، مثل الزاني تغلبه شهوته وقد يكون فيها من الضرر أعظم مما فيها من اللذة لكن جهل هذا فأقدم ولا يعلمون ذلك لجهلهم أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها، قال والهوى غالبا يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا، صحيح يستهوي الهوى الإنسان حتى يجعله جاهل وهو عالم لكن الهوى ولهذا قال والهوى غالبا يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا، فإن حبك للشىء يُعْمِي ويُصِمُّ. وهذا واضح الآن إن كثيرا من الناس وكثير ممن يقترف في المحرم الآن مثل الدخان الآن تشاهدون هذا هو يعلم أضراه لكن عنده هوى فإذا قلت له أضرار فيه كذا ويسبب كذا ويصيبك مرض كذا قال أنا عارف لكن خلاص أنا ما أتركه أنا أرغب فيه و متعود عليه ولا أتركه هو يعلم فصار ميله وهواه إليه يجعله كأنه لا يعلم حبك الشيء يعمي ويصم ولهذا قال المؤلف ولهذا كان العالم يخشى اللّه، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" العالم لله حقيقة هو الذي يخشى الله وكلما قوي العلم والمعرفة كان خوفه من الله أشد ولهذا قال العلماء من كان بالله أعرف كان منه أخوف وقال الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ والمقصود الخشية الحقيقية وإلا فكل مؤمن في أصله خشية حتى العاصي في أصله خشية من لا يخشى الله فهو كافر المشرك ما عنده خشية لكن العاصي عنده خشية من الوقوع في الشرك و إن كان عنده معاصي.
وقال أبو العالية: سألت أصحاب محمد ﷺ عن قول اللّه : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فقالوا: كل من عصى اللّه فهو جاهل، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب. نعم إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ كل من عصى الله فهو جاهل عنده جهل و لو كان عنده علم بعظمة الله وجلاله لما أقدم ولكن لما أقدم استولى عليه الهوى وغلبته الشهوة وغطت عليه وصار علمه تلاشى وصار جاهلا ولهذا قال كل من عصى الله فهو جاهل لو كان عنده علم صحيح كامل لما أقدم على المعاصي وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب. إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ فمن عمل معصية فإن عنده جهالة ومن تاب فقد تاب من قريب. يعني قبل الموت كل ما قبل الموت فهو قريب أما إذا بلغت الروح الحلقوم انتهى الأمر كل ما قبل الموت فهو قريب تقبل توبته ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم.
وليس هذا موضع البسط لبيان ما في المنهيات من المفاسد الغالبة وما في المأمورات من المصالح الغالبة، بل يكفي المؤمن أن يعلم هذه قاعدة أن ما أمر اللّه به فهو لمصلحة ، وما نهى اللّه عنه فهو لمفسدة, هذه قاعدة اعلم إن ربك حكيم عليم كل ما أمر اللّه به فهو لمصلحة إما محضة هذه خالصة ليس معها شيء من المضار أو غالبة، وما نهى اللّه عنه فهو مفسدة محضة أو غالبة، هذه قاعدة إن اللّه لا يأمر العباد بما أمرهم به إلا لمصلحة محضة خالصة كاملة ليس فيها شيء أو مصلحة غالبة ولو كان فيها بعض الضرر لكنها مفسدة -بعض المفاسد- لكنها مفسدة مغمورة لجلب المصالح وكل ما نهى الله عنه لمفسدة غالبة محضة أو لمفسدة غالبة, قد يكون فيها مصلحة لكن مصلحة يسيرة مثل الخمر مفسدة غالبة فيه مصلحة لكن يسيرة مثل اللذة المطربة وكذلك أيضا ما ينتفع به من يبيع الخمر من المال هذه مصلحة قليلة لكن المفسدة أعظم و اللّه تعالى لا يأمر العباد بما أمرهم به لمصلحته أو لحاجته إليهم، ولا ينهاهم عما نهاهم بُخْلاً به عليهم، بل أمرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم؛ هذا لا بد من العلم بهذا الإيمان بأن الله حكيم عليم و أنه يأمر العباد بما فيه مصلحتهم ولا أنه محتاج إلى الخلق ولهذا وصف نبيه ﷺ بأنه يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
(المتن)
(الشرح)
المؤلف رحمه الله يبين حكم التمسح بالقبر وتقبيله وتمريغ الخد عليه هذا منهي عنه باتفاق المسلمين أنه لا يجوز التمسح بالقبر أي قبر كان ولا يجوز تقبيله ولا تمريغ الخد عليه هذا منهي عنه محرم ولو كان ذلك من قبور الأنبياء أوالصالحين فكيف بغيرهم لا يجوز التمسح بالقبر أوالتبرك به أو يقبله بشفتيه أو يمرغ الخد عليه هذا محرم بالإجماع حتى لو كان قبر نبي أو صالح فضلا عن غيرهم, ولم يفعل هذا أحد من الصحابة ولا من التابعين بل هذا من الشرك وقد أخبر الله أنه وقع فيه قوم نوح ، قال اللّه تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ يعني المشركون لا تتركون آلهتكم ولا تذرن الأصنام الأوثان ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا قال تعالى وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ضلوا أنفسهم وضلوا غيرهم وقد تقدم أن هؤلاء أسماء قوم صالحين كانوا من قوم نوح، وأنهم عَكَفوا على قبورهم مدة، ثم طال عليهم الأمد فصَوَّروا تماثيلهم؛ لا سيما إذا اقترن بذلك دعاء الميت والاستغاثة به هناك أنواع من الشرك فإذا عكفوا على قبورهم وصوروا تماثيلهم وصوروا على قبورهم ودعوا الميت و استغاثوا به هذه أنواع من الشرك , قال وقد تقدم ذكر ذلك، وبيان ما فيه من الشرك، وبينا الفرق بين [الزيارة البدعية] التي تشبه أهلها بالنصارى و[الزيارة الشرعية].
الزيارة البدعية التي يتوسل يزور ويقرأ القرآن ويصلي أو يدعو الله أو يتمسح بالقبر أو يتوسل به أو الزيارة الشرعية التي فيها دعاء للميت والترحم عليه و الانصراف.
(المتن)
وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ وغيرهم، أو تقبيل الأرض ونحو ذلك، فإنه مما لا نزاع فيه بين الأئمة في النهى عنه، بل مجرد الانحناء بالظهر لغير اللّه منهى عنه. ففي المسند وغيره: أن معاذ بن جبل لما رجع من الشام سجد للنبي ﷺ فقال: "ما هذا يا معاذ؟". فقال: يا رسول اللّه، رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، ويذكرون ذلك عن أنبيائهم، فقال: "كذبوا يا معاذ، لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقه عليها، يا معاذ، أرأيت إن مررت بقبرى أكنت ساجداً؟". قال: لا. قال: "لا تفعل هذا"، أو كما قال رسول اللّه ﷺ.
بل قد ثبت في الصحيح من حديث جابر: أنه ﷺ صلى بأصحابه قاعدًا من مرض كان به، فصلوا قيامًا، فأمرهم بالجلوس، وقال: لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضها بعضًا، وقال: من سره أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار. فإذا كان قد نهاهم مع قعوده وإن كانوا قاموا في الصلاة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له كان من أهل النار فكيف بما فيه من السجود له، ومن وضع الرأس، وتقبيل الأيادي؟! وقد كان عمر بن عبد العزيز وهو خليفة الله على الأرض قد وكل أعوانًا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض، ويؤدبهم إذا قبل أحد الأرض.
وبالجملة فالقيام والقعود والركوع والسجود حق للواحد المعبود؛ خالق السموات والأرض، وما كان حقًا خالصًا لله لم يكن لغيره فيه نصيب؛ مثل الحلف بغير الله وقد قال رسول الله ﷺ: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وقال أيضًا: من حلف بغير الله فقد أشرك.
(الشرح)
بين المؤلف رحمه الله حكم وضع الرأس عند الكبراء والشيوخ وتقبيل الأرض بين المؤلف أن وضع الرأس عند الكبراء و الشيوخ و تقبيل الأرض هذا منهي عنه والنهي التحريم محرم بالاتفاق لكن هل يصل إلى الشرك أو لا يصل إلى الشرك, فإذا وضع رأسه سجودا له وتعظيما له كان كأنه عبده كما عند الصوفية و الصوفية يسجد لشيخه فإذا قلت لا يجوز هذا . قال وضع الرأس عند الشيخ إجلالا و احتراما وتواضعا قال ابن القيم رحمه الله : يقال له مهما قلت فإن الساجد يضع رأسه لمن يسجد له تعظيما واحتراما يعني فعلك هذا من فعل الساجد فلا يجوز وضع الرأس عند الشيخ أمام الشيخ السجود لا يكون إلا لله وكذلك أيضا تقبيل الأرض هذا منكر من البدع. قال المؤلف رحمه الله : مما لا نزاع فيه هذا منهي عنه محرم وضع الرأس تقبيل الأرض ، بل مجرد الانحناء بالظهر لغير اللّه عز وجل منهىي عنه. حتى في السلام بعض الناس إذا سلم ينحني يجب أن يسلم وهو مستقيم قائم لا يحني ظهره بل مجرد الانحناء بالظهر لغير الله منهي عنه ثم ذكر حديث معاذ بن جبل أن معاذ بن جبل ر لما رجع من الشام سجد للنبي ﷺ (ومعاذ قصه من الاحترام من باب التحية ) فقال: ما هذا يا معاذ؟ (أنكر عليهم النبي ﷺ). فقال: يا رسول اللّه، رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، ( يعني عظماؤهم) ويذكرون ذلك عن أنبيائهم، أنهم أباحوا لهم ذلك ) فقال: كذبوا يا معاذ، ( أنبيائهم ما تأمرهم بالسجود ) ثم قال لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقه عليها, (وهذا يدل على عظم حق الزوج على المرأة و أنه لو كان أمر أحدا أن يسجد لأمر أن تسجد له ولكن لا يجوز السجود لغير الله كما قال تعالى: ما كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ، يا معاذ، أرأيت إن مررت بقبرى أكنت ساجداً؟". قال: لا. قال: "لا تفعل هذا"، أو كما قال رسول اللّه ﷺ.
وقد ثبت في الصحيح من حديث جابر: أنه ﷺ صلى بأصحابه قاعدًا من مرض كان به، فصلوا قيامًا، فأمرهم بالجلوس، وقال: لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضها بعضًا، هذا في الصحيح أن النبي ﷺ ركب فرسا فسقط منه فجحش شقه أي أصابه جرح فأقام الصلاة وصلى بالناس قاعدا فصلى الناس خلفه قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فقال: كدتم تفعلوا ما تفعل الأعاجم يقفون على رؤوسهم وهم قعود وهم في الصلاة فكيف بغير الصلاة فأمرهم أن يجلسوا فجلسوا , أخذ العلماء من هذا أن الإمام إذا أصابته علة وصلى بالناس قاعدا يصلي من خلفه قاعدا, ثم في آخر حياته ﷺ أذن لهم بالقيام في آخر حياته صلى أبو بكر بالناس قائما ثم جاء النبي ﷺ فجلس عن يسار أبي بكر يصلي قاعدا و أبو بكر يصلي قائما يقتدي أبو بكر بالنبي ﷺ و يقتدي الناس بأبي بكر فقال العلماء أن الإمام إذا امتنع عن الصلاة قائما ثم اعتل صلوا من خلفه قياما وإذا ... هذا هو جمع الحديثين والجمع الثاني أنه قال كونه نهاهم و أمرهم بالقعود هذا يحمل على الاستحباب وكونه أذن لهم في الاستمرار بالقيام هذا يحمل على الجواز والبخاري يقول هذا نسخ , وقال يؤخذ بالأخر الآخر من فعل النبي ﷺ و الأصل قبل موته أقرهم على القيام.
وقال: "من سره أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار. هذا وعيد شديد, فإذا كان قد نهاهم مع قعود وإن كانوا قاموا في الصلاة نهاهم عن القيام وهو قاعد وهو في الصلاة فكيف بغير الصلاة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له كان من أهل النار فكيف بما فيه من السجود له، كيف بمن يسجد له فإذا كان النبي ﷺ نهى عن القيام خلفه وهو جالس فكيف بمن يسجد له ومن وضع الرأس، وتقبيل الأيادي؟! وقد كان عمر بن عبد العزيز وهو خليفة الله على الأرض قد وكل أعوانًا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض، ويؤدبهم إذا قبل أحدهم الأرض. يعني كان عندهم عادة إذا دخل الداخل قبلوا الأرض تعظيما للملك أو الأمير إذا دخل عنده قبل الأرض احتراما له فعمر بن عبد العزيز أمر أعوانًا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض، ومن فعل ذلك أدبوه.
وبالجملة فالقيام والقعود والركوع والسجود حق للواحد المعبود؛ خالق السموات والأرض يعني هذه كلها أنواع من العبادة كونه يقوم أمامه واضعا يديه على صدره خاشعا هذه عبادة أو يركع له أو يسجد له هذا حق الله وما كان حقًا خالصًا لله لم يكن لغيره فيه نصيب لكن حق الله لا يشاركه مخلوق مثل الحلف بالله هذا لا يجوز قال رسول الله ﷺ : من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت وقال أيضًا: من حلف بغير الله قد كفر أو أشرك.
(المتن)
(الشرح)
يقول المؤلف رحمه الله فالعبادة كلها لله وحده لا شريك له العبادة بجميع أنواعها كلها لله وهي كما عرفها شيخ الإسلام اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة و الباطنة وقيل هي كل ما أمر به شرعا من غير اضطراد عرفي ولا اقتضاء العقل كل ما أمر به شرعا أمر بالفعل أو أمر بالترك الشيء عام أمر بالفعل افعل أمر بالترك لا تفعل أقيموا الصلاة أمر بالفعل لا تقربوا الزنا أمر بالترك وذروا ما بقي من الربا كذلك هذه الشريعة أمر ونهي هذه العبادة . العبادة تعبد الله بالأوامر والنواهي كلها لله لا تصرف العبادة لغيره قال تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الدين هو العبادة حُنَفَاء أي مائلين عن الشرك إلى التوحيد وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
وفي الصحيح عن النبي أنه قال إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا (وجاء بالعبادة بالتوحيد) وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم.
قال المؤلف رحمه الله وإخلاص الدين لله هو أصل العبادة. ونبينا ﷺ نهى عن الشرك دقِّه وجلِّه، وحقيره وكبيره، حتى إنه قد تواتر عنه أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها بألفاظ متنوعة لماذا !! سدا للذريعة سدا لذريعة الشرك لأن فيه مشابهة للمشركين الذين يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها النهي سدا للذريعة ذريعة الشرك ومشابهة المشركين حتى إنه قد تواتر عنه أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها بألفاظ متنوعة؛ تارة يقول: لا تَحَرُّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. وتارة ينهى عن الصلاة بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس لحديث لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وتارة يذكر أن الشمس إذا طلعت طلعت بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ونهى عن الصلاة في هذا الوقت؛ لماذا نهى عن الصلاة عند طلوعها وعند غروبها لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، المشركون يسجدون لها عند طلوعها وعند غروبها ؛ لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له الشيطان يقارن الشمس يأتي يقارن الشمس يجعل الشمس تغيب بين حاجبيه حتى يكون سجود الكفرة له لحبه أن يعبد من دون الله ونهى عن الصلاة في هذا الوقت؛ لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له، فكيف بما هو أظهر شركًا ومشابهة للمشركين من هذا؟! من باب أولى فكيف بما هو أظهر شركًا ومشابهة للمشركين من هذا وقد قال الله تعالى فيما أمر رسوله أن يخاطب به أهل الكتاب : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ . كلمة واحدة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ماهي أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ قد يطلق على الخطبة كلمة و على الموعظة كلمة.
وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له، يعني سجود المشركين, فكيف بما هو أظهر شركًا ومشابهة للمشركين من هذا؟! من باب أولى وقد قال الله تعالى فيما أمر رسوله أن يخاطب به أهل الكتاب : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ كلمة واحدة سَوَاء نصف إنصاف وعدل تعالوا إلى كلمة إنصاف وعدل وهي أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ سماها كلمة وهي عدة كلمات.
قال وذلك لما فيه من مشابهة أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، وذلك لما فيه الضمير يعود ! وذلك لما فيه من مشابهة أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، ونحن منهيون عن مثل هذا، يعني السجود وغيره مشابهة منهي عنها هذا عام وذلك لما فيه من مشابهة أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، ونحن منهيون عن مثل هذا، ومن عدل عن هدي النبي ﷺ وهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى ما هو من جنس هدي النصارى فقد ترك ما أمر الله به ورسوله.، و إذا ترك ما أمر الله به ورسوله صار معرضا والمعرض كافر قال تعالى والَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ
(المتن)
قال رحمه الله:
وأما قول القائل: انقضت حاجتي ببركة الله وبركتك. فمنكر من القول؛ فإنه لا يقرن بالله في مثل هذا غيره، حتى إن قائلا قال للنبي ﷺ : ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نِدّا؟! بل ما شاء الله وحده، وقال لأصحابه: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد. وفي الحديث: أن بعض المسلمين رأى قائلا يقول: نعم القوم أنتم، لولا أنكم تنددون. أي: تجعلون لله ندًا. يعني: تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك. وفي الصحيح عن زيد بن خالد، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الفجر بالحديبية في إثر سَمَاء من الليل، فقال: "أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟". قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. والأسباب التي جعلها الله أسبابًا لا تجعل مع الله شركاء وأندادًا وأعوانًا.
وقول القائل: ببركة الشيخ، قد يعني بها دعاءه، وأسرعُ الدعاءِ إجابة دعاء غائب لغائب. وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير، وقد يعني بها بركة معاونته له على الحق، وموالاته في الدين، ونحو ذلك. وهذه كلها معان صحيحة. وقد يعني بها دعاءه للميت والغائب؛ إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له متابعته أومطاوعته على ذلك من البدع المنكرات، ونحو هذه المعاني الباطلة. والذي لا ريب فيه أن العمل بطاعة الله تعالى، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، ونحو ذلك، هو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك بفضل الله ورحمته.
(الشرح)
هذا رد أو إجابة على قول القائل قضت حاجتي ببركة الله وبركتك يقول للشخص يقول المؤلف هذا منكر من القول وجه النكارة أنه قارن بالله غيره وهذا منكر فإنه لا يقرن بالله في مثل هذا غيره، حتى إن قائلا قال للنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نِدّا؟! بل ما شاء الله وحده، فالذي يقول ما شاء الله وشئت مثل الذي يقول ببركة الله وبركتك وبركة الشيخ قضت حاجتي ببركة الله وبركته فهذا لايجوز منهي عنه وهو منكر لأنه قرن بالله غيره في مثل هذا , حتى إن قائلا قال للنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نِدّا؟! بل ما شاء الله وحده، وقال لأصحابه: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد. والفرق بينهما أن ما شاء الله و شاء محمد معطوف بالواو والواو تفيد التشريك و تفيد التقديم والتأخير وما شاء الله ثم شئت ثم تفيد الترتيب والتراخي تفيد مشيئة العبد جاءت متراخية بعد مشيئة الله, وفي الحديث: أن بعض المسلمين رأى قائلا يقول: نعم القوم أنتم، لولا أنكم تنددون. أي: تجعلون لله ندًا. يعني: تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك. عن الطفيل أخي عائشة لأمها أنه رأى رؤيا قال كأني في المنام أتيت على نفر من اليهود، فجاؤوا قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. قال ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم (أي نعم القوم ) لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. فرد عليهم قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فأخبر بها النبي ﷺ خطب النبي ﷺ وقال أما بعد ، فإن طفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا:ما شاء الله و ما شاء محمد، وجاء أنه يمنع من الحياء, وهذا قبل أن يوحى إليه أما قبل فلا يمنعهم من الحياء, فقبل أن يوحى إليه هذا في أول الأمر في أول الهجرة كانوا يحلفون بآبائهم يحلفون بغير الله ويقولون ما شاء الله و شئت والحلف بغير الله فلما جاء الوحي هذا المقصود المنع والتحريم منع النبي ﷺ من قول ما شاء الله وشاء محمد.
وفي الصحيح عن زيد بن خالد، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الفجر بالحديبية الحديبية في السنة الساسة من الهجرة والحديبية على حدود الحرم المكي من جهة جدة, التي صد المشركون النبي ﷺ الدخول وقد جاؤوا محرمين معتمرين وقد كتبوا الصلح ومن بنود الصلح أن النبي ﷺ يعود هذا العام ولا يعتمر فتحلل النبي ﷺ والصحابة تحللوا المضطر الممنوع من دخول مكة إذا عجز يذبح هدي ثم يتحلل قال فإن لم يجد فيصوم عشرة أيام وهو على إحرامه ثم يتحلل , هذه القصة كانت في صلح الحديبية في إثر سَمَاء من الليل، مطر في الليل مطر الناس في تلك الليلة وصلى النبي ﷺ بالناس الفجر وانصرف إليهم فقال: أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟". قلنا: الله ورسوله أعلم. (هذا يقال في حياته الله ورسوله أعلم أما بعد موته يقال الله أعلم ) قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ( من قال مطرنا بفضل الله ورحمته هذا مؤمن بالله )، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا ( يعني بنجم كذا وكذا ) ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. وهذا الكفر إذا اعتقد أن النوء له تأثير في إنزال المطر فهذا كفر أكبر شرك الربوبية إذا اعتقد أما إذا اعتقد أن المنزل هو الله والنجم سبب فهذا شرك أصغر وهو دائر بين شرك أصغر وشرك أكبر.
قال والأسباب التي جعلها الله أسبابًا لا تجعل مع الله شركاء وأندادًا وأعوانًا. يعني السبب إذا جعل الله سببا ما يجعل مع الله شركاء و أندادا و أعوانا مثل الرقية سبب شرعي للشفاء لكن لا تكون الرقية مؤثرة بذاتها تكون شريكة لله, الله هو المؤثر هو المصرف فإذا اعتقد أن الرقية في ذاتها مؤثرة جعلها شريكة مع الله ندا وأعوانا لله و يكون مشركا لكن سبب تبقى سبب الرقية الشرعية سبب والسبب قد يؤثر وقد لا يؤثر إذا أراد الله ينفع و إلا فلا.
قال وقول القائل: ببركة الشيخ، قد يعنى بها دعاءه إذا أراد بها دعاءا وأسرعُ الدعاءِ إجابة دعاء غائب لغائب يعني ببركة لشيخ يراد بها دعاؤه فهذا لابأس وقد يعنى بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير علم الناس الخير واستفادوا ، وقد يعنى بها بركة معاونته له على الحق، وموالاته في الدين، ونحو ذلك. وهذه كلها معان صحيحة. يعني إذا أراد بركة الشيخ دعاءه أو أراد بركة تعليمه و أمره لهم بالخير أو يراد بها بركة معاونته له للحق وموالاته في الدين فهذه كلها معان صحيحة وقد يعنى بها دعاءه للميت والغائب يستفيد الميت والغائب من هذا .
وقد يعنى بها دعاءه للميت والغائب؛ إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له متابعته أومطاوعته على ذلك من البدع المنكرات، ونحو هذه المعاني الباطلة. يعني إذا استقل الشيخ بذلك التأثير هذا من البدع إذا اعتقد أن الشيخ استقل بهذا التأثير الشيخ سبب ، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له متابعته أومطاوعته على ذلك من البدع المنكرات كونه يتابعه ويطاوعه هذا من البدع فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له أي يفعل شيئا يعجز عنه ولا يقدر عليه أو غير قاصد له متابعته ومطاوعة له من البدع والمنكرات.
قال المؤلف والذي لا ريب فيه أن العمل بطاعة الله تعالى، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، ونحو ذلك، هو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك بفضل الله ورحمته.: الذي لا شك فيه أن العمل بطاعة الله نافع في الدنيا و الآخرة ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض نافع في الدنيا والآخرة, وهذا نافع في الدنيا و الآخرة وهذا من فضل الله ورحمته.
(المتن)
وأما سؤال السائل عن [القطب الغوث الفرد الجامع]، فهذا قد يقوله طوائف من الناس، ويفسرونه بأمور باطلة في دين الإسلام؛ مثل تفسير بعضهم: أن [الغوث] هو الذي يكون مدد الخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم، حتى يقول: إن مدد الملائكة وحيتان البحر بواسطته. فهذا من جنس قول النصارى في المسيح والغالية في علي . وهذا كفر صريح، يستتاب منه صاحبه، فإن تاب وإلا قتل؛ فإنه ليس من المخلوقات لا ملك ولا بشر يكون إمداد الخلائق بواسطته؛ ولهذا كان ما يقوله الفلاسفة في [العقول العشرة] الذين يزعمون أنها الملائكة، وما يقوله النصارى في المسيح ونحو ذلك، كفر صريح باتفاق المسلمين.
وكذلك إن عنى بالغوث ما يقوله بعضهم: من أن في الأرض ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، يسمونهم [النجباء]، فينتقي منهم سبعون هم [النقباء]، ومنهم أربعون هم [الأبدال]، ومنهم سبعة هم [الأقطاب]، ومنهم أربعة هم [الأوتاد]، ومنهم واحد هو [الغوث]، وأنه مقيم بمكة، وأن أهل الأرض إذا نابهم نائبة في رزقهم ونصرهم فزعوا إلى الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وأولئك يفزعون إلى السبعين، والسبعون إلى الأربعين والأربعون إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة، والأربعة إلى الواحد. وبعضهم قد يزيد في هذا وينقص في الأعداد والأسماء والمراتب؛ فإن لهم فيها مقالات متعددة حتى يقول بعضهم: إنه ينزل من السماء على الكعبة ورقة خضراء باسم غوث الوقت، واسم خضره على قول من يقول منهم: إن الخضر هو مرتبة
(الشيخ)
واسم خضره يعني يعتقدون أنه الخضر الموجود في المكان الفلاني يزعمون و اسم خضره.
(المتن)
(الشرح)
هذا البحث في بيان حقيقة القطب والغوث الفرد الجامع هذه اعتقادات عند بعض الصوفية يشركون في الربوبية ويعتقدون أن هناك أشخاصا يدبرون هذا الكون أي جعلوهم أربابا لهم وهناك أرباب هناك أشخاص يدبرون هذا الكون القطب والغوث والفرد هذا سأل عنه السائل.
وأما سؤال السائل عن [القطب الغوث الفرد الجامع]، فهذا قد يقوله طوائف من الناس، ويفسرونه بأمور باطلة في دين الإسلام؛ مثل تفسير بعضهم: أن [الغوث] هو الذي يكون مدد الخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم, الغوث هو الذي يكون مدد للخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم بعضهم ,يقول هذا الغوث الذي يكون مدد الخلائق بواسطته ما يمد الخلق بشيء من الرزق أو النصر إلا عن طريقه وواسطته هذا هو الغوث أي رزق يمد على الخلق و أي مدد و أي نصر على الأعداء يكون عن طريقه حتى يقول: إن مدد الملائكة وحيتان البحر بواسطته هذا لاشك أنه كفر صريح من اعتقد هذا فهو كافر من اعتقد أن الغوث مدد الخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم هذا كافر و أن هذا شرك في الربوبية أعظم , أعظم من شرك كفار قريش كفار قريش ما أشركوا في الربوبية.
قال المؤلف فهذا من جنس قول النصارى في المسيح قالوا ابن الله والمسيح قالوا ابن الله فأشركوا وهنا يقول مدد الخلائق ونصرهم عن طريق الغوث , قال فهذا من جنس قول النصارى في المسيح ومن جنس قول الغالية في علي . الذين غلو في علي و عبدوه من دون الله فحفر الحفر وأضرم نارا و ألقاهم فيها, قال:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً | أججت ناري ودعوت قنبرا |
من شدة حنقه ولهذا قال وهذا كفر صريح، يستتاب منه صاحبه، فإن تاب وإلا قتل من اعتقد أن هناك غوثا يمد الخلق بواسطته فهذا كفر صريح مثل النصارى الذين يعبدون عيسى والغلاة الذين يعبدون عليا يستتاب واحد منهم و ألا قتل من الذي يقتله ! ولاة الأمور . في المحكمة إذا ثبت عليه قتل يحكم عليه القاضي بالقتل ويقتله ولاة الأمور أما سائر الناس لا أنت لا تفعل ما تقتل انصح فإن قبلت و إلا فأعتق إذا قتلت قٌتلت تسبب فوضى تكون المسألة فوضى.
قال رحمه الله وهذا كفر صريح، يستتاب منه صاحبه، فإن تاب وإلا قتل؛ فإنه ليس من المخلوقات يكون إمداد الخلائق بواسطته، لاشيء من المخلوقات يكون إمداد الخلائق بواسطته.
قال فإنه ليس من المخلوقات لا ملك ولا بشر يكون إمداد الخلائق بواسطته؛ ولهذا كان ما يقوله الفلاسفة في [العقول العشرة] الذين يزعمون أنها الملائكة، وما يقوله النصارى في المسيح ونحو ذلك، كفر صريح باتفاق المسلمين، الفلاسفة كفروا بقولهم أن العقول العشرة فسروها بالملائكة كذلك النصارى كفروا حينما اعتقدوا المسيح ابن الله هذا كفر صريح باتفاق المسلمين.
وكذلك ما يقوله بعضهم وكذلك يعنى بالغوث ما يقوله بعضهم يعني الغوث ما يمدد الخلق بواسطته ويعنى بالغوث ما يقوله بعضهم من أن في الأرض ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً و البضع من ثلاثة إلى تسعة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، يسمونهم [النجباء] هذا قول الصوفية ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا هذا يسمونه النجباء، فينتقي منهم سبعون يسمونه [النقباء]، ومنهم أربعون يسمونه [الأبدال]، ومنهم سبعة يسمونهم [الأقطاب]، ومنهم أربعة يسمونهم [الأوتاد]، ومنهم واحد يسمونه [الغوث] هم درجات في الأرض ثلاثماء و بضعة عشر رجلا يسمونهم النجباء ويجتمعون في بيوتهم ثم ينتقون من الثلاثمائة و بضعة عشر رجلا أربعين يسمونهم نقباء ثم ينتقى من الأربعين يسمونهم الأبدال ومنهم سبعة هم [الأقطاب]، ومنهم أربعة هم [الأوتاد]، ومنهم واحد هو [الغوث].
قال:وأنه مقيم بمكة (يعني الغوث) وأن أهل الأرض إذا نابهم نائبة في رزقهم ونصرهم فزعوا إلى الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، ثم يفزع هؤلاء إلى السبعين، ثم يفزع السبعون إلى الأربعين ثم يفزع الأربعون إلى السبعة، ثم يفزع السبعة إلى الأربعة، ثم يفزع الأربعة إلى الواحد.
هكذا يزعمون وبعضهم قد يزيد في هذا وينقص في الأعداد والأسماء والمراتب؛ فإن لهم فيها مقالات متعددة حتى يقول بعضهم: إنه ينزل من السماء على الكعبة ورقة خضراء باسم غوث الوقت، واسم خضره على قول من يقول منهم: إن الخضر هو مرتبة، وإن لكل زمان خضرًا، فإن لهم في ذلك قولين وهذا كله باطل لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله ﷺ .
إذا قولهم بأنه ينزل من السماء إلى الكعبة ورقة خضراء باسم غوث الوقت وباسم خضره في كل وقت له خضر وكل وقت له غوث على قول من يقول منهم: إن الخضر هو مرتبة، بعضهم يقول كل زمان له خضر على قول من يقول منهم: إن الخضر هو مرتبة، وإن لكل زمان خضرًا، فإن لهم في ذلك قولين, قال المؤلف وهذا كله باطل لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا قاله أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، ولا من المشايخ الكبار المتقدمين الذين يصلحون للاقتداء بهم. ومعلوم أن سيدنا رسول رب العالمين وأبا بكر وعمر وعثمان وعليا كانوا خير الخلق في زمنهم، وكانوا بالمدينة، ولم يكونوا بمكة. كيف قال هذا بمكة.
قال وقد روي بعضهم حديثًا في [هلال] اسم غلام المغيرة بن شعبة وأنه أحد السبعة. أحد السبعة الذين يتصرفون بالكون قال: والحديث باطل باتفاق أهل المعرفة، وإن كان قد روي بعض هذه الأحاديث أبو نعيم في [حلية الأولياء]، والشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في بعض مصنفاته، فلا تغتر بذلك؛ يقول لا تغتر و إن كان قد روى بعض الحديث أبو نعيم في حلية الأولياء وكذلك أبو عبد الرحمن السلمي في بعض مصنفاته من أعمال التصوف لا تغتر بذلك لا تغتر برواية هذه الأحاديث أبو نعيم والشيخ عبد الرحمن السلمي فلا تغتر بذلك لماذا !! لأن هذه المؤلفات فيه الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، والمكذوب يعني هذه الكتب فيها الصحيح فيها الحسن فيها الضعيف فيها الموضوع والمكذوب الذي لا خلاف بين العلماء في أنه كذب موضوع وتارة يرويه على عادة بعض أهل الدنيا وتارة يرويه على عادة بعض أهل الحديث الذين يروون ما سمعوا ولا يميزون بين صحيحه وباطله وكان أهل الحديث لا يروون مثل هذه الأحاديث التي لم تبين حقيقتها لما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: من حدث عني بحديث وهو يري أنه كذب فهو أحد الكاذبين. الأول الكاذب الأول وهذا الثاني فهو أحد الكاذبين يعني هذا أو هذا يعني أحد الكاذبين يعني كاذب من الكذبة من جنس الكذبة فهو أحد الكاذبين يعني كاذب من الكذبة و أما حديث كاذبين يعني الذي كذب الأول وهذا الثاني.
(المتن)
وبالجملة، فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل، في الرغبة والرهبة؛ مثل دعائهم عند الاستسقاء لنزول الرزق، ودعائهم عند الكسوف، والاعتداد لرفع البلاء وأمثال ذلك، إنما يدعون في ذلك الله وحده لا شريك له، لا يشركون به شيئًا، لم يكن للمسلمين قط أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله ، بل كان المشركون في جاهليتهم يدعونه بلا واسطة فيجيبهم الله، أفَتَرَاهم بعد التوحيد والإسلام لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ قال تعالى: وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ، وقال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ وقال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
والنبي ﷺ استسقى لأصحابه بصلاة وبغير صلاة، وصلى بهم للاستسقاء، وصلاة الكسوف، وكان يقنت في صلاته فيستنصر على المشركين، وكذلك خلفاؤه الراشدين بعده، وكذلك أئمة الدين ومشايخ المسلمين، وما زالوا على هذه الطريقة.
ولهذا يقال: ثلاثة أشياء مالها من أصل: [باب النصيرية]، و[منتظر الرافضة]، و [غوث الجهال]؛ فإن النصيرية تدعي في الباب الذي لهم ما هو من هذا الجنس؛ أنه الذي يقيم العالم، فذاك شخصه موجود، ولكن دعوى النصيرية فيه باطلة. وأما محمد بن الحسن المنتظر، والغوث المقيم بمكة، ونحو هذا، فإنه باطل ليس له وجود.
وكذلك ما يزعمه بعضهم من أن القطب الغوث الجامع يمد أولياء الله، ويعرفهم كلهم، ونحو هذا، فهذا باطل. فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يعرفان جميع أولياء الله، ولا يمدانهم، فكيف بهؤلاء الضالين المغترين الكذابين؟! ورسول الله ﷺ سيد ولد آدم إنما عرف الذين لم يكن رآهم من أمته بسيماء الوضوء، وهو الغُرَّة والتحجيل، ومن هؤلاء من أولياء الله من لا يحصيه إلا الله وأنبياء الله الذين هو إمامهم وخطيبهم لم يكن يعرف أكثرهم، بل قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وموسى لم يكن يعرف الخضر، والخضر لم يكن يعرف موسى، بل لما سلم عليه موسى قال له الخضر: وأنَّي بأرضك السلام؟ فقال له: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. وقد كان بلغه اسمه وخبره، ولم يكن يعرف عينه. ومن قال: إنه نقيب الأولياء، أو أنه يعلمهم كلهم، فقد قال الباطل.
(الشرح)
هذا البحث جعله المؤلف خلاصة لما سبق قال بالجملة يعني الخلاصة مما سبق فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل، في الرغبة والرهبة إنما يكون من الله؛ وبالجملة، فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل، في الرغبة والرهبة يعني فيما يرغبون فيه من الله وفيما يرهبون منه ؛ مثل دعاؤهم عند الاستسقاء لنزول الرزق، هذا في الرغبة ودعائهم عند الكسوف، والاعتداد لرفع البلاء، هذا من الرهبة وأمثال ذلك، إنما يدعون في ذلك الله وحده لا شريك له، لا يشركون به شيئًا، لم يكن للمسلمين قط غوث ولا قطب أن يرجعوا إليه هذا حقيقة أهل السنة حقيقة المسلمين, هذا هو الصواب, الخلاصة أن المسلمين قد علموا أن ما ينزل من النوازل في الرغبة والرهبة يرجعون فيه إلى الله وليس هناك واسطة ولا قطب ولا غوث هذا المتفق عليه عند المسلمون . الرغبة مثل الدعاء عند الاستسقاء والرهبة مثل الدعاء عند الكسوف ورفع البلاء الدعاء يكون لله لا قطب ولا غوث ولا غيره يدعون الله ولا يشركون به شيئا لم يكن للمسلمين قط أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله
بل كان المشركون في جاهليتهم يدعون الله بلا واسطة فيجيبهم الله، أفَتَرَاهم بعد التوحيد والإسلام لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ إذا كانوا في الجاهلية يدعون الله بدون واسطة فيجيبهم فبعد أن أكرمهم الله بالإسلام يتخذون واسطة ! في الجاهلية يدعون الله فيجيبهم وبعد التوحيد من باب أولى ، قال أفَتَرَاهم بعد التوحيد والإسلام لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ ثم استدل بالآيات قال تعالى: وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا طبيعة الإنسان يلح في الدعاء دعا الله على جنبه وقاعدا وقائما قال الله فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ نسي والشاهد هنا أنه دعا الله ما دعا غيره وقال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا والشاهد أنه خص الله بالدعاء قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } الشاهد أنهم خصوا الله بالدعاء لا قطب ولا غوث, لا تدعون إلا الله لأنه القادر على كشف ما بكم وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ الشاهد أنهم يتضرعون إلى الله لا إلى غيره.
والنبي ﷺ استسقى لأصحابه بصلاة وبغير صلاة، الرسول ثبت عنه الاستسقاء في حالات في ثلاثة أحوال استسقى وعد الناس يوما يخرجون فيه وصلى بهم صلاة فاستسقى ودعا والحالة الثانية أنه استسقى بعد خطبة الجمعة رفع يديه والحالة الثالثة أنه دعا بدون صلاة وبدون جمعة, دعا واستسقى ورفع يديه, ولهذا قال والنبي ﷺ استسقى لأصحابه بصلاة وبغير صلاة، وصلى بهم للاستسقاء، وصلاة الكسوف، وكان يقنت في صلاته فيستنصر على المشركين . يقنت إذا نزلت به نازلة ولهذا دعا على المشركين ودعا على الذين قتلوا القراء أربعين صباحا ودعا على جماعة في مكة بعد قوله سمع الله لمن حمده وفي الركعة الثانية قال اللهم العن فلانا وفلانا فكان مرافقه في الصلاة يدعو للمؤمنين ويلعن الكفار والنصارى.
قال وكذلك خلفاؤه الراشدون بعده، وكذلك أئمة الدين ومشايخ المسلمين، ومازالوا، على هذه الطريقة. يخصه الله بالدعاء ليس له واسطة لا قطب ولا غوث ولا غيره.
قال ولهذا يقال: ثلاثة أشياء ما لها من أصل ليس لها أصل: [باب النصيرية]، و[منتظر الرافضة]، و [غوث الجهال]؛ ثلاثة أشياء ليس لها أصل اخترعه ما هي هذه الثلاثة باب النصيرية تدعي في الباب الذي لهم ؛ أنه يقيم العالم، تدعي في الباب الذي لهم ما هو من هذا الجنس؛ أنه الذي يقيم العالم، قال فذاك شخصه موجود، ولكن دعوي النصيرية فيه باطلة يعني يدعون أن هناك شخصا يقيم العالم موجود هذا الشخص لكن دعواهم باطلة والثاني منتظر الرافضة وهو محمد بن الحسن والرافضة يقولون الأئمة اثنا عشر أئمة منصوصين معصومين نص عليهم النبي ﷺ أولهم علي بن أبي طالب والثاني الحسن بن علي والثالث الحسين بن علي ثم البقية كلهم من نسل الحسين علي بن حسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى الرضا ثم محمد بن علي الجواد ثم علي بن محمد الهادي ثم الحسن بن علي العسكري ثم الحجة المهدي المنتظر محمد بن حسن الذي دخل سرداب سامراء سنة ستين ومائتين ولم يخرج حتى الآن, مضى عليه سبعمائة سنة وبعضهم يقول ألف ومائتي سنة ولم يخرج ولن يخرج لأنه شخص موهوم مات أبوه عقيما ولم يولد له أبوه, فاختلقوا له ولدا وأدخلوه السرداب وقالوا دخل السرداب من سنتي ثلاث أو خمس هذا شخص موهوم أبوه عقيم ولو قدر أنه دخل كيف يعيش هذه المدة !! ثم دخل وهو طفل يحتاج إلى رعاية وعناية ويقول أمر الأمة موقوف على خروج هذا المهدي يقول ما فيه جهاد في سبيل الله وسدت الطرق التي توصل إلى هذا الطريق ناقشهم شيخ الإسلام الآن السعادة والشقاوة تقف على هذا المهدي !! ماذا يعمل لو مات المهدي إن كنتم صادقين فهل نقر الرافضة على ماهم عليه من الدين أو نخالفهم إن كان نخالفهم فهم أشقياء هذه المدة المتطاولة أول المعذبين هم أو إن كان سيقرهم على حالهم و أنهم على حق إذا لا حاجة إلى خروجه الحق معروف وكيف يعلق أمر الأمة بشخص أمر الأمة والسعادة والشقاوة معلقة بشخص متى سيخرج !! والمرأة إذا غاب عنها زوجها مدة فإنها تفسخه لرفع الضر وهي امرأة فكيف أمر الأمة معلق بشخص موهوم أين العقول !! فمنتظر الرافضة لا يوجد لا وجود له أولا باب النصيرية موجود لكن كذب وباطل شخص موجود يقول أنه يتصرف في الكون أما منتظر الرافضة فهذا غير موجود شخص موهوم لا وجود له والغوث المقيم بمكة كما تدعي الصوفية هذا باطل ليس موجودا الغوث الذي عند الصوفية ليس موجودا وكذلك باب النصيرية ليس له وجود موجود لكن كذب ومنتظر الرافضة غير موجود منتظر الرافضة و غوث الصوفية غير موجود وباب النصيرية موجود لكنه باطل.
قال وكذلك ما يزعمه بعضهم من أن القطب الغوث الجامع يمد أولياء الله، ويعرفهم كلهم، ونحو هذا، فهذا باطل. أيضا فبعض الصوفية يقول القطب الغوث الجامع شخص يسمى القطب الغوث الجامع يمد أولياء الله ويعرفهم كلهم هذا باطل لا أصل له و بعضهم يقولوا الأقطاب الأربعة والأوتاد يتصرفون في الكون يقول بعضهم أنه قد يكون بعض هذه الأقطاب يكون خبل لا عقل له وتجد بعض الخبلاء لا عقل له مرمي في زبالة وثيابه مخرقة و أظفاره طويلة وشعره لا تدري لعل هذا القطب هذا المرمي في زبالة, هذا من جهلهم وكفرهم وضلالهم نعوذ بالله.
يقول ما يزعم بعضهم من أن القطب الغوث الجامع يمد أولياء الله، ويعرفهم كلهم، ونحو هذا، فهذا باطل. يقول رحمه الله فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يعرفان جميع أولياء الله، ولا يمدانهم وهم أفضل أولياء الله بعد الأنبياء وهنا القطب الغوث يمد أولياء الله وهو يعرفهم كلهم أبو بكر وعمر أفضل أولياء الله بعد الأنبياء ومع ذلك لا يعرفان جميع الأولياء ولا يمدان أحد . فكيف بهؤلاء الضالين المغترين الكذابين؟! ورسول الله ﷺ سيد ولد آدم إنما عرف الذين لم يكن رآهم من أمته بسيما الوضوء، وهو الغُرَّة والتحجيل، ومن هؤلاء من أولياء الله من لا يحصيه إلا الله . والرسول ﷺ ما عرف, قال الرسول ﷺ : إن أمتي يأتون يوم القيامة غُرَّا محجَّلين ، من أثر الوضوء قالوا كيف تعرف قال وددت أني أرى إخواني أصحابي قالوا يارسول الله أولسنا أصحابك قال أصحابي الذين يأتون بعدي . قالوا كيف تعرفهم يارسول الله قال أعرفهم بالغرة والتحجيل . قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ بُهْمٍ دُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ آثار مِنْ الْوُضُوءِ . فالرسول ﷺ إنما عرفهم بالسيما والعلامة فكيف بهؤلاء الذي يزعمون أن الولي يعرف أولياء الله ويمدهم قال ومن هؤلاء من أولياء الله من لا يحصيه إلا الله .
وأنبياء الله الذين هو ( رسول الله يعني) إمامهم وخطيبهم لم يكن يعرف أكثرهم، ( ما يعرف أكثرهم وهو رسولهم) بل قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ فلا تعرف فكيف هذا ولي ويعرف أولياء الله !! قال وموسى لم يكن يعرف الخضر، والخضر لم يكن يعرف موسى ومع ذلك رحل إليه موسى وركب البحر رحلة بحرية لطلب العلم وموسى أفضل منه ومع ذلك رحل إليه والعلم شاق, فرحل إليه في رحلة بحرية وركب البحر وجعل الله له علامة قال إذا فقدت الحوت فثم هو فلما فقد الحوت رأى رجلا مسجى فسلم عليه فرفع وكان متغطيا أزال غطاءه قال من أنت قال إني بأرضك السلام فقال من أنت قال أنا موسى قال موسى من موسى بني إسرائيل قال نعم قال فأنت الخضر إذا ما عرفه !! قال وموسى لم يكن يعرف الخضر، والخضر لم يكن يعرف موسى بل لما سلم عليه موسى قال له الخضر: وأنَّي بأرضك السلام؟ فقال له: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. وقد كان بلغه اسمه وخبره، ولم يكن يعرف عينه والشاهد من هذا أن موسى من أولي العزم ومع ذلك ما عرف كثيرا من الأولياء و لا عرف الخضر فكيف يقول هؤلاء إن هناك وليا يعرف أولياء الله ويمدهم هذا الصوفية . يبين لهم أن موسى ومحمدا أنبياء ولا يعرفون كثير من الأولياء ولا يمدونهم, ولهذا قال أنت موسى بني إسرائيل ! والخضر هو الذي قال الصحيح أنا على علمٍ من علم الله علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علمٍ من علم الله علمكه الله لا أعلمه. كل واحد في مكان بخلاف نبوة نبينا محمد ﷺ نبوة عامة للثقلين الجن والإنس ليست خاصة بقوم قال
ومن قال: إنه نقيب الأولياء، أو أنه يعلمهم كلهم، فقد قال الباطل، يعني من قال أن الرسول نقيب الأولياء أو يعلمهم كلهم قد قال قولا باطلا .