شعار الموقع

رسالة زيارة القبور لابن تيمية (5) من قوله: "والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت..." إلى آخر الرسالة

00:00
00:00
تحميل
180

(المتن)

قال شيخ الإسلام رحمه الله:

والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت، وأنه لم يدرك الإسلام، ولو كان موجودًا في زمن النبي ﷺ لوجب عليه أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكون في مكة والمدينة، ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليرفع لهم سفينتهم، ولم يكن مختفيًا عن خير أمة أخرجت للناس، وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنهم‏.‏ 
ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم ولا في دنياهم، فإن دينهم أخذوه عن الرسول النبي الأمي
الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقال لهم نبيهم‏ :‏ ‏لو كان موسى حيَا ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم‏.‏ وعيسي ابن مريم إذا نزل من السماء إنما يحكم فيهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم‏.‏ فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره‏؟‏‏!‏ والنبي قد أخبرهم بنزول عيسي من السماء، وحضوره مع المسلمين، وقال‏:‏ ‏‏كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسي في آخرها‏‏‏.‏ فإذا كان النبيان الكريمان اللذان هما مع إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل، ومحمد سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة، لا عَوَامُّهم ولا خَوَاصُّهم، فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم‏؟‏‏!‏ وإذا كان الخضر حيًا دائمًا فكيف لم يذكر النبي ذلك قط، ولا أخبر به أمته، ولا خلفاؤه الراشدون‏؟‏‏!‏
وقول القائل‏:‏ إنه نقيب الأولياء‏.‏ فيقال له‏:‏ من ولاه النقابة، وأفضل الأولياء أصحاب محمد
وليس فيهم الخضر‏؟‏ وعامة ما يحكى في هذا الباب من الحكايات بعضها كذب، وبعضها مبني على ظن رجل؛ مثل شخص رأى رجلا ظن أنه الخضر،وقال‏:‏ إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك، وروي عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال وقد ذكر له الخضر ‏:‏ من أحالك على غائب فما أنصفك‏.‏ وما ألقي هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان‏.‏ وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع‏.‏

(الشرح)

فإن المؤلف رحمه الله تعالى هنا بسط القول في الخضر ورأى أن هذا البسط مختصر وقال قد بسطنا الكلام على هذا الموضع  قد تكلم عليه المؤلف الخضر في مجموعة كتابه وله قولان في ذلك أحدهما  مثل هذا القول أنه قد مات والقول الثاني أنه حي و أجاب عن قول النبي ﷺ في أخر حياته أنه بعد مائة سنة لا يكون أحد منا على ظهرها الآن  يعني يخلو ما في الأرض  أجاب أن الخضر ليس على جبال و إنما هم في البحر الصواب القول الأول الذي ذهب إليه هنا المؤلف رحمه الله.

قال بدرس بالأمس وموسى لم يكن يعرف الخضر والخضر لم يكن يعرف موسى وقصة موسى في رحلته البحرية لما رحل الخضر يتعلم منه ما عرفه قال موسى لم يكن يعرف الخضر و الخضر لم يكن يعرف موسى كل واحد ما يعرف الآخر والله تعالى جعل لموسى علامة إذا وجدت وجد الخضر قال جعلنا علامة الحوت فجاء  رجل مسجى بثوب فجاء موسى يسلم عليه  فكشف الخضر عن وجهه وقال و أني بأرضك السلام  ( ما فيه أحد يسلم هنا) من أين أنت ! فقال أنا موسى قال موسى من ! موسى بني إسرائيل؟ قال نعم  هذا دل على أن الخضر لا يعرف موسى و لا موسى يعرف الخضر المؤلف أتى بهذا رد على أن الأولياء الذي يقول أنا ولي و أن الأولياء يعرفون جميع أعواننا و أن ‏القطب الغوث الجامع لمدعي إلى الله يعرفون كلهم فيقول موسى من أولي العزم ما عرف الخضر والخضر ما عرف موسى وكل منهما نبي وهم من أولياء الله فقول ‏[‏القطب الغوث الجامع يمد يعرفون كلهم هذا باطل هؤلاء من أولياء الله من أفضل أوليائه ولا يعرف بعضهم الآخر لذلك قال موسى لم يكن يعرف الخضر والخضر لم يكن يعرف موسى فلما سلم عليه قال له أنى  بأرضك السلام قال له أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم قد كان قد بلغ اسمه خبره ولم يكن رآه بعينه  موسى بلغه اسم الخضر وخبره ولم يراه بعينه.

  قال المؤلف ومن قال‏:‏ إنه عن الخضر نقيب الأولياء، أو أنه يعلمهم كلهم، فقد قال الباطل‏.‏ من قال أن الخضر نقيب الأولياء أو قال أنه يعلم الأولياء فقد قال الباطل و قال المؤلف والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت، وأنه لم يدرك الإسلام، هذا هو الصواب والدليل ولو قدر أنه كان حيا في حياة النبي ﷺ في الحديث لا يأتي مائة عام ومن على ظهرها أحد لو كان حيا لمات يخدم ذلك القول فالصواب أنه ميت ولم يدرك الإسلام  و أيضا لو كان أدرك الإسلام لو كان موجودا في زمن النبي لوجب عليه الإيمان فالخضر إما نبي أو عبد صالح الجمهور أنه عبد صالح والقول الثاني أنه نبي وهذا هو الصواب لأن هذه الأعمال التي عملها ما يعملها إلا بوحي كان يقتل غلاما يخرق السفينة  يبني جدار يقتل غلام هذه الأعمال ليست بالسهلة ليست بالأمر الهين لا يمكن أن يقتل على أنه ولي أو أنه تفرد في هذا لا يمكن هذا فتح باب للقتل حينما قتل بوحي من الله فهو نبي و كذلك أيضا أقام الجدار لليتيمين و سيعيشان من يعلم أنهما سيعيشان من يعلم من سيعيش ويأخذان الكنز إلا بوحي من الله  هذا الصواب أنه نبي و إن كان قال الأكثرون أنه ولي ولو قد أنه كان حيا وموجودا  في زمن النبي ﷺ لوجب عليه أن يؤمن به ﷺويجاهد معه  كما أوجب الله ذلك عليه  وعلى غيره  كيف يكون عبدا صالحا ونبيا وموجودا ولا يأتي للنبي ﷺ ولا يجاهد معه لا يمكن لو كان موجودا ورجلا صالحا لجاء إلى النبي وسلم عليه و آمن به وجاهد معه كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره أوجب الله على كل إنسان أن يؤم به ويجاهد معه.

قال ولكان يكون في مكة والمدينة يعني لو كان الخضر موجودا جاء إلى مكة جاء إلى المدينة يأتي إلى الحرم يأتي إلى النبي ﷺ ،في مكة أو المدينة ليؤمن به ويجاهد معه قال  ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليرفع لهم سفينتهم  يعني يقول لو كان موجودا لكان يحضر مع الصحابة ويجاهد مع النبي ﷺ ويعينهم على الدين هذا  أولى من كونه يحضر عند قوم ليرفع لهم سفينتهم لأن منهم من قال هو الذي رفع السفينة التي خرقت وغيرها  كيف يأتي إلى قوم ليرفع سفيتهم ولا يأتي مع الصحابة ويجاهد مع النبي ﷺ ويعينه على الدين هذا لا يمكن  ولم يكن مختفيًا عن خير أمة أخرجت للناس لو  كان حيا كيف يختفي  عن الصحابة وهم خيار الناس، وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنهم‏.‏  المشركون يرونه ولا يحتجب عنهم فهل يحتجب عن الصحابة هذا لا يمكن.

  ثم قال المؤلف رحمه الله ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم ولا في دنياهم لأن الخضر لا يحتاج إليه المسلمون  إنما المسلمون يحتاجون للنبي ﷺ  ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم ولا في دنياهم، فإن دينهم أخذوه عن الرسول النبي ﷺ الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقال لهم نبيهم‏:‏ ‏‏لو كان موسى حيَا ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم‏‏‏.‏  فكيف يحتاجون إلى الخضر مع هذا وعيسى ابن مريم إذا نزل من السماء  في آخر الزمان و من أشراط الساعة الكبار بماذا يحكم هل يحكم بشريعة الإنجيل أو بالقرآن  !! يحكم بالقرآن يحكم بشريعة نبينا ﷺ ويكون فردا من أفراد الأمة المحمدية  أفضل الأمة بعد نبيها عيسى  ثم أبو بكر لأن عيسى نبي ومن هذه الأمة  ويقال نبي من هذه الأمة من هو ! عيسى نبي من هذه الأمة  فرد من أفراد الأمة المحمدية وهو أفضل الأمة بعد النبي لأنه نبي ثم يليه الصديق وعيسى بن مريم إذا نزل من السماء إنما يحكم فيهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم‏  فأي حاجة للخضر الناس ما يحتاجون الخضر  يحتاجون للكتاب والسنة  يحتاجون إلى النبي ﷺ أما الخضر فلا حاجة إليه فالخضر لو كان موجود لأمن وجاهد معهم كغيره و إن لم يكن موجود فلا حاجة إليه فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره‏؟‏‏!‏ والنبي ﷺ قد أخبرهم بنزول عيسي من السماء، وحضوره مع المسلمين.

 وقال‏:‏ ‏‏كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسي في آخرها‏‏‏.‏ قال فإذا كان النبيان الكريمان اللذان هما مع إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل، ومحمد ﷺ سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة، لا عَوَامِّهم ولا خَوَاصِّهم، فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم‏ يعني نبيان كريمان محمد وعيسى مع إبراهيم و موسى ونوح فهؤلاء من أولي العزم الخمسة  هم أفضل المسلمين! نوح و إبراهيم  وعيسى وموسى ومحمد ذكره الله في آيتين من كتابه  شَرَعَ لَكُم مِنَ الدّينِ ما وَصّىٰ بِهِ نوحًا وَالَّذي أَوحَينا إِلَيكَ وَما وَصَّينا بِهِ إِبرٰهيمَ وَموسىٰ وَعيسىٰ أَن أَقيمُوا الدّينَ وَلا تَتَفَرَّقوا فيهِ وقال في سورة الأحزاب  وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم ميثاقا غليظا  هؤلاء أولي العزم الخمسة و النبيان الكريمان محمد وعيسى من أولي العزم الخمسة  ومحمد ﷺ سيد ولد آدم ومع ذلك لم يحتجب نوح ما احتجب عن الناس وموسى ما احتجب عن الناس و إبراهيم ما احتجب عن الناس وعيسى ما احتجب عن الناس ومحمد سيد ولد آدم ما احتجب عن الناس فكيف يحتجب الخضر يحتجب بما أنه موجود ومحتجب ما يأتي ما  الذي يمنعه يأتي  وهو مؤمن وهو نبي عبد صالح  محمد ما احتجب عن الناس  ، ومحمد ﷺ سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة، لا عَوَامِّهم ولا خَوَاصِّهم، الرسول ما احتجب لا عن عوامهم ولا خواصهم فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم‏؟‏‏!‏ يعني الخضر  وإذا كان الخضر حيًا دائمًا فكيف لم يذكر النبي ﷺ ذلك قط، ولا أخبر به أمته، ولا خلفاؤه الراشدون‏؟‏‏!‏ يعني بعض الناس يقولون الخضر حي دائما مكتوب له البقاء إلى آخر الزمان  يقول لو كان حيا كيف ما ذكره النبي ﷺ كيف ما ذكر أنه حي إلى الآن كيف لم يخبر بذلك أمته ولا الخلفاء الراشدون.

وقول القائل‏:‏ إنه نقيب الأولياء‏.‏الخضر نقيب الأولياء  وقال ‏:‏ من ولاه النقابة، كونه قال الخضر نقيب الأولياء من ولاه النقابة وأفضل الأولياء أصحاب محمد ﷺ وليس فيهم الخضر‏؟‏ قال المؤلف وعامة ما يحكي في هذا الباب من الحكايات بعضها كذب، وبعضها مبني على ظن رجل يعني بعض ما يذكر في هذا الباب عن الخضر بعضها كذب لا أساس لها من الصحة  وبعضه مبني على الظن على ظن رجل مثل شخص رأى رجلا ظن أنه الخضر وقال‏:‏ إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك، يعني الحكاية بعضها مبني على ظن شخص رأى رجلا بعيدا ظن أنه الخضر فقال هذا الخضر  و الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، فتقول هذا الإمام المعصوم  أو تدعي ذلك وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال وقد ذكر له الخضر ‏:‏ من أحالك على غائب فما أنصفك‏.‏ وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان‏.‏ قال وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع‏.‏

(المتن)

وأما إن قصد القائل بقوله‏:‏ ‏[‏القطب الغوث الفرد الجامع‏]‏ أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه فهذا ممكن، لكن من الممكن أيضًا أن يكون في الزمان اثنان متساويان في الفضل، وثلاثة وأربعة، ولا يجزم بألا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحدًا، وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه، وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية‏.‏  ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته "بالقطب الغوث الجامع‏" بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، وما زال السلف يظنون في بعض الناس أنه أفضل أو من أفضل أهل زمانه ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، لا سيما أن من المنتحلين لهذا الاسم من يدعي أن أول الأقطاب هو الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنهما ثم يتسلل الأمر إلى ما دونه إلى بعض مشايخ المتأخرين، وهذا لا يصح لا على مذهب أهل السنة، ولا على مذهب الرافضة‏.‏ فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار‏؟‏‏!‏ والحسن عند وفاة النبي ﷺ كان قد قارب سن التمييز والاحتلام‏.‏ وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا‏.

(الشرح)

المؤلف رحمه الله هنا  يبين  قول قائل إنه نقيب الأولياء يناقش المؤلف يقول  من ولاه النقابة  وعامة ما يحكى في هذا الباب من الحكايات يعني عن الخضر بعضها كذب، وبعضها مبني على ظن رجل بعضها كذب لا أصل لها من الصحة ما يحكى  من الحكايات في هذا الباب عن الخضر إما أنه كذب و إما أنه مبني على ظن رجل مثل شخص رأي رجلا ظن أنه الخضر،وقال‏:‏ إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك وعلى هذا يكون الخضر ميت  الحكاية تكون كذبا و ظاهرها على ظن  ، كما أن الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك   وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال وقد ذكر له الخضر ‏:‏ من أحالك على غائب فما أنصفك‏.‏ وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان‏.‏ وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع

حكم تسمية أفضل أهل الزمان بالقطب والغوث:
أراد به أربعة أشياء وأما إن قصد القائل بقوله‏:‏ ‏[‏القطب الغوث الفرد الجامع‏]‏ أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه فهذا ممكن  إن قصد بقوله  ‏[‏القطب الغوث الفرد الجامع‏]‏ أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه هذا ممكن عقلا غير مستحيل  لكن من يعلم من أهل زمانه  من يجزم بأنه أفضل هذا العلم عند الله  إن قصد القائل بقوله‏:‏ ‏[‏القطب الغوث الفرد الجامع‏]‏ أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه فهذا ممكن، لكن من الممكن أيضًا أن يكون في الزمان اثنان متساويان في الفضل، وثلاثة وأربعة،  إذا قال‏ القطب الغوث الفرد الجامع أنه أفضل أهل زمانه هذا ممكن و ممكن ثلاثة أربعة كلهم متساوون ولا يجزم بألا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحدًا، لا تجزم قد يكون هناك ثلاثة أو أربعة  وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه،  نعم قد تكون هذه الجماعة خير من هذه الجماعة في الكرم  وهذه الجماعة أفضل من هذه الجماعة في الإقدام وهكذا في بعض الصفات  قد يكون التفضيل نسبي  ولا يجزم بألا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحدًا، وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه، وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية‏.‏ وجه من دون وجه تكون متقاربة أو متساوية.

  ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته "بالقطب و الغوث الجامع‏" بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها يعني لو قدر أن  كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته "بالقطب الغوث الجامع‏" بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة ، وما زال السلف يظنون في بعض الناس أنه أفضل أو من أفضل أهل زمانه ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان يعني إذا كان هناك رجل صادق رجل صالح يظن أنه أفضل أهل زمانه لا يقال أنه  بالقطب الغوث الجامع لا سيما أن من المنتحلين لهذا الاسم من يدعي أن أول الأقطاب هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ثم يتسلل الأمر إلى ما دونه إلى بعض مشايخ المتأخرين، وهذا لا يصح لا على مذهب أهل السنة، ولا على مذهب الرافضة‏.‏ فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار‏؟‏‏!‏ والحسن عند وفاة النبي ﷺ كان قد قارب سن التمييز والاحتلام‏.‏

(المتن)

وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا‏:‏ أن ‏[‏القطب الفرد الغوث الجامع‏]‏ ينطبق علمه على علم الله تعالى، وقدرته على قدرة الله تعالى، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر عليه الله‏.‏ وزعم أن النبي كان كذلك، وأن هذا انتقل عنه إلى الحسن، وتسلسل إلى شيخه‏.‏ فبينت أن هذا كفر صريح، وجهل قبيح، وأن دعوى هذا في رسول الله كفر، دع ما سواه، وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏‏قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ  إِنِّي مَلَكٌ‏‏ قال تعالى‏:‏‏ ‏قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏ الآية ، وقال تعالى‏:‏‏ ‏يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا‏ الآية ،وقال تعالى‏:‏ ‏‏يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ‏‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ  ۝ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ‏}‏ ‏، وقال تعالى‏:‏‏ ‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

 والله أمرنا أن نطيع رسوله فقال‏:‏ ‏مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ‏ وأمرنا أن نتبعه فقال تعالى‏:‏ ‏‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ‏ فاتبعوني يحببكم الله‏، وأمرنا أن نعزره ونوقره وننصره، وجعل له من الحقوق ما بينه في كتابه وسنة رسوله ، حتى أوجب علينا أن يكون أحب الناس إلينا من أنفسنا وأهلينا، فقال تعالى‏:‏ ‏‏النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ‏  وقال تعالى‏:‏ ‏قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ​​ ​​​​​‏ وقال ﷺ‏:‏ ‏والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين‏.‏ وقال له عمر :‏ يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي‏.‏ فقال‏:‏ ‏لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك‏"‏‏.‏قال‏:‏ فلأنت أحب إلي من نفسي، قال‏:‏ ‏"‏الآن يا عمر‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏ثلاث من كن فيه وَجَدَ بهنّ حلاوة الإيمان‏:‏ من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقي في النار‏‏‏.‏ 

(الشرح)

نعم يقول المؤلف رحمه الله وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ  إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته "بالقطب الغوث " بدعة  كونهم يسمونه بالقطب الغوث والمقصود أنه أفضل أهل الزمان فهذه التسمية بدعة ومن يعرف أنه أفضل أهل الزمان العلم عند الله ولا يزكي نفسه فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ  فتسميته "بالقطب الغوث الجامع‏" بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يتكلم السلف ولا الأئمة يسمون  شخصا بالقطب الغوث الجامع‏"و السلف يظنون في بعض الناس أنه أفضل أو من أفضل أهل زمانه ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان  قال المؤلف  لا سيما أن من المنتحلين لهذا الاسم من يدعي أن أول الأقطاب هو الحسن بن علي بن أبي طالب هكذا لأنهم يغلون فيه  الصوفية و أمثالهم يقولون هو ابنه الثاني لأن أول الأقطاب الحسن بن علي ثم يتسلل الأمر إلى ما دونه إلى بعض المشايخ المتأخرين،  يقول المؤلف وهذا لا يصح لا على مذهب أهل السنة، ولا على مذهب الرافضة‏.‏  فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هم أفضل من الحسن فكيف يكون الحسن هو القطب ويتركون من هو خير منهم فلا يصح هذا لا على مذهب السنة ولا على مذهب الرافضة  لأن عليا أفضل من الحسن وهو القطب عندهم فقول أن أول الأقطاب الحسن بن علي  قول باطل لا يصح لا على مذهب أهل السنة، ولا على مذهب الرافضة‏  لا على مذهب السنة لأن الخلفاء الراشدين أفضل من الحسن و أما على مذهب الرافضة لأن عليا هو الإمام الأول و هو أفضل من الحسن  قال فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار‏؟‏‏!‏ والحسن عند وفاة النبي ﷺ كان قد قارب سن التمييز والاحتلام‏.‏  يعني صغيرا.

  وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا‏ :( أي شيوخ الصوفية ) أن ‏[‏القطب الفرد الغوث الجامع‏]‏ ينطبق علمه على علم الله تعالى، وقدرته على قدرة الله تعالى، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر عليه الله‏.‏  هذا كفر وضلال وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ  :( أي شيوخ الصوفية ) المنتحلين لهذا القول الذين يقولون أن هناك شخصا يسمى ‏[‏القطب الفرد الغوث الجامع‏]‏  قالوا إن هذا  ينطبق علمه على علم الله تعالى، وقدرته على قدرة الله تعالى، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر عليه الله‏.‏ إذا ساواه بالله و هذا كفر بالإجماع  قالوا ينطبق علمه على علم الله تعالى، وقدرته على قدرة الله تعالى، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر عليه الله‏.‏ ساواه بالله هذا كفر وضلال  وزعم أن النبي ﷺ كان كذلك، أنه يعلم ما يعلم الله ويقدر على ما يقدره الله هذا كذب وأن هذا انتقل عنه إلى الحسن، وتسلسل إلى شيخه‏.‏

قال المؤلف فبينت أن هذا كفر صريح، وجهل قبيح، يعني يدعونه الصوفية أن النبي ﷺ كان كذلك  يعلم علم الله ويقدر قدرة الله ثم انتقل عنه العلم والقدرة  إلى الحسن، وتسلسل إلى شيخه‏. قال المؤلف فبينت أن هذا كفر صريح، وجهل قبيح، وأن دعوى هذا في رسول الله ﷺ كفر، دع ما سواه،   يعني دعوى أن الرسول ﷺ يعلم  علم الله ويقدر قدرة الله هذا كفر صريح فكيف بغيره . وقد قال الله تعالى في وصف نبيه ‏:‏ ‏‏قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ‏ فكيف يقال يعلم علم الله ويقدر قدرته؟ قال تعالى‏:‏‏ ‏قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ  الشاهد أنه نفى عن نفسه.  أمر الله نبيه أن ينفي عن نفسه علم الغيب و أنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا  إلا ما شاء الله  وقال تعالى‏:‏‏يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا‏ الشاهد أنهم لا يعلمون الغيب وقال تعالى‏:‏ ‏‏يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ‏ ، وقال تعالى‏:‏ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ  ۝ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ‏ الشاهد أن الرسول ﷺ لا يعلم عن حالهم  وقال تعالى‏:‏‏ ‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ‏ الشاهد أن الرسول ﷺ لا يعلم بالمهتدين الله الذي يعلم.

 والله أمرنا أن نطيع رسوله ﷺ فقال‏:‏ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ‏‏ وأمرنا أن نتبعه فقال تعالى‏:‏ ‏‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فاتبعوني يحببكم الله ‏، وأمرنا أن نعزره ونوقره وننصره  قال  فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ  أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

وجعل له من الحقوق ما بينه في كتابه وسنة رسوله، حتى أوجب علينا أن يكون أحب الناس إلينا أي الرسول ﷺ من أنفسنا وأهلينا، فقال تعالى‏:‏ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ‏‏  وقال تعالى‏:‏ ‏‏قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وأبناؤكم وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ الشاهد تقديم محبة الله و أن من قدم محبة أحد على غير الله فهو متوعد بالويل و أن هذا من الوعيد و أن هذا من الفسق  وقال ﷺ ‏:‏ ‏والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين‏.‏ وهذا نفي لكمال الإيمان الواجب لا يؤمن الإيمان الكامل  لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.‏ هذا الإيمان الكامل و قد  لا يكون إلى هذه الدرجة وهو يقدم ... فإن قدم فلا حرج  قال ﷺ‏:‏ ‏والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين‏.‏ وقال له عمر ‏:يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك‏"‏‏.‏قال‏:‏ فلا أنت أحب إلى من نفسي، قال‏:‏ ‏"‏الآن يا عمر‏"‏‏. هذا المحبة فينبغي للمسلم أن يحب النبي ﷺ أعظم من كل شيء  حتى من نفسه ولهذا قال الآن يا عمر. 

وقال‏:‏ ‏‏ثلاث من كن فيه وَجَدَ بهنّ حلاوة الإيمان‏:‏ من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقي في النار‏"‏‏.‏  نعم وهذا الحديث فيه بيان المحبة و أن محبة الله ورسوله  لازمة للعبد ولا يكتمل إيمانه إلا أن يحب الله ورسوله فالذي  لا يحب الله ورسوله ليس عنده شيء من الإيمان  و كذلك أيضا أن يكره أن يرجع للكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقي في النار‏ وكذلك أن يحب المرء ما يحبه إلا لله و أن يكره الكفر كما يكره أن يلقى في النار و أن يحب الله ورسوله أحب مما سواه  هذه الأمور الثلاثة يجد بها الإنسان حلاوة الإيمان.

(المتن)

وقد بين في كتابه حقوقه التي لا تصلح إلا له وحقوق رسله وحقوق المؤمنين بعضهم على بعض، كما بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع، وذلك مثل قوله تعالى‏:‏ ‏وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ فالطاعة لله‏ والرسول والخشية والتقوى لله وحده، وقال تعالى‏:‏ ‏‏وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ‏‏، فالإيتاء لله والرسول والرغبة لله وحده، وقال تعالى‏:‏ ‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏ ‏، لأن الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، وأما الحسب فهو لله وحده، كما قال‏:‏ ‏‏وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ‏  ولم يقل‏:‏ حسبنا الله ورسوله، وقال تعالى‏:‏ ‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ أي‏:‏ يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين،  وهذا هو الصواب المقطوع به في هذه الآية؛ ولهذا كانت كلمة إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام حسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏ والله أعلم وأحكم، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏

 (الشرح)

 المؤلف رحمه الله بين ختام هذه الرسالة المحبة و أحكامها وبين حقوق الله وحقوق رسوله وحقوق المؤمنين  بعضهم لبعض الحقوق مختلفة حق الله العبادة والتوحيد  حق الرسول الاتباع والطاعة والتعزير والتوقير وحق المؤمنين بعضهم لبعض أن يتعاونوا  فيما بينهم  و يتناصروا وينصفوا المظلوم  إلى غير ذلك من أحكام الأخوة. قال وحقوق المؤمنين بعضهم على بعض، كما بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع  المؤلف رحمه الله في غير هذا الموضع  من كتبه.

قال ذلك مثل قوله تعالى  وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ فالطاعة لله ورسوله  قال وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ فالطاعة لله والرسول الطاعة مشتركة لله والرسول والخشية خاصة بالله ما قال اخشوا الله و اخشوا الرسول والتقوى خاصة لله  وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ قال فالطاعة لله‏. والرسول والخشية والتقوى لله وحده، يعني إن العبادة  هي محض حق الله  لا تصرف إلا له أما الطاعة تكون لله وتكون للرسول تكون مشتركة وكذلك الإيتاء  أما التقوى والخشية تكون خاصة بالله.

وقال تعالى‏:‏ ‏وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ، فالإيتاء لله والرسول  والرغبة لله وحده، إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏ ‏، لأن الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، وأما الحسب فهو لله وحده،  كما قال‏:‏ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ‏  ولم يقل‏:‏ حسبنا الله ورسوله، وقال تعالى‏:‏ ‏‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ أي‏:‏ يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين، فجعل الحسب والكفاية خاصة بالله حسبنا الله  ما يقول حسبنا الله ورسوله. ولهذا قال الإيتاء لله ورسوله والطاعة لله ورسوله و الحسب لله.

وقوله حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ أي‏:‏ يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين،  قال المؤلف وهذا هو الصواب المقطوع به في هذه الآية  أن الحسب بمعنى الكفاية  الحسب خاص بالله و الإيتاء لله وللرسول ولهذا كانت كلمة إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام حسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد