بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
قال المصنف رحمه الله تعالى
موقف أبي جعفر ممن تقول عليه
قال أبو جعفر: فمن روى عنا، أو حكى عنا، أو تقول علينا، فادعى أنا قلنا غير ذلك فعليه لعنة الله وغضبه، ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، لا قبل الله له صرفا ولا عدلا، وهتك ستره، وفضحه على رءوس الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.
قال الشارح رحمه الله
الطبري رحمه الله دعا على من روى عنه أو حكى عنه أو تقول عليه (فعليه لعنة الله وغضبه، ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، لا قبل الله له صرفا ولا عدلا) الصرف: قيل التوبة، وقيل: النافلة، والعدل، الفدية، وقيل: الفريضة.
لو أن المؤلف رحمه الله دعا له بالهداية لكان أولى لعل الله أن يهديه للصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى
جعفر الصادق والقول بخلق القرآن
حدثنا موسى بن سهل الرملي، حدثنا موسى بن داود، حدثنا معبد أبو عبد الرحمن، عن معاوية بن عمار الدهني، قال قلت لجعفر بن محمد رضي الله عنه: إنهم يسألون عن القرآن: مخلوق أو خالق؟ فقال: «إنه ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل».
الشارح
هذا القول لجعفر بن محمد الصادق، وهو من أئمة أهل البيت وهو معروف بالصلاح والعدالة، لما قيل له:(إنهم يسألون عن القرآن: مخلوق أو خالق؟) قال رحمه الله (إنه ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل) وهذا ثابت عن جعفر الصادق فقد أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد والحديث له طرق يشد بعضها بعضا
الشيخ يعني فيه جزء خلق أفعال العباد كتبه البخاري سماه خلق أفعال العباد
سؤال يجوز لعن المسلم الذي يظلم
الشيخ المعين فيه خلاف من العلماء من أجاز ومنهم من منعه تدل على العموم ليست على المعين أما لعنة الله على من فعل كذا لعنة الله على أكلة الربا على الزناة على السراق أما فلان بن فلان فالأولى عدم لعنه بعضهم مستثنى من اشتد أذاه على المسلمين قالوا يجوز أن يدعى عليه وأن يلعن
والحديث له طرق يشد بعضها بعضا وهذا هو الحق أن القرآن كلام الله، والله هو الخالق والقرآن ليس بخالق ولا مخلوق؛ بل كلام الله، صفة من صفات الله.
الشيخ كلام الله صفة من صفاته والله تعالى بذاته وأسمائه هو الخالق وما سواه مخلوق فلا يقال مخلوق هذا قول المعتزلة يقولون القرآن مخلوق هذا كفر وضلال المعتزلة قوم مبتدعة انحرفوا عن جادة السبيل عن الجادة المستقيمة
مسألة: ما الآثار المترتبة على الخلاف بين أهل السنة وغيرهم في مسألة خلق القرآن؟
الجواب: أن أهل السنة يقولون: القرآن كلام الله صفة من صفاته، منزل غير مخلوق.
والمعتزلة يقولون: الكلام مخلوق، فيقولون: إن الله خلق الكلام في الهواء، أو في الشجرة، وأن الشجرة هي التي كلمت موسى وقال يا موسى إني أنا الله رب العالمين
الشيخ هذا أمر شنيع الشجرة تقول لموسى أنا الله رب العالمين نسأل الله السلامة والعافية هذا كله فرارا من القول بأن الله تكلم لأنه لو تكلم لصار محل الحوادث الكلام حادث فلا يكون الرب محل الحادث فلهذا قالوا إن الله خلق الكلام في الشجرة لأن الله قديم ليس حادثا
والمعتزلة يقولون: الكلام مخلوق، فيقولون: إن الله خلق الكلام في الهواء، أو في الشجرة، وأن الشجرة هي التي كلمت موسى وقال يا موسى إني أنا الله رب العالمين
(في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى) (القصص: ٣٠)، فهؤلاء جعلوا صفة الله مخلوقة، وهذا كفر وضلالة.
والأشاعرة يقولون: الكلام هو المعنى، والحروف والألفاظ مخلوقة ليست من كلام الله ما هو دليلكم على هذا؟
الشيخ والمعنى شيء قائم بالنفس عندهم يقول القرآن مكون من شيئين من المعنى واللفظ المعنى هو كلام الله واللفظ مخلوق مكون من شيئين وافقوا أهل السنة في أن المعنى غير مخلوق ووافقوا المعتزلة في أن الألفاظ والحروف مخلوقة صار نصف المذهب مع المعتزلة ونصف المذهب مع أهل السنة مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وكذلك في رؤية الله عز وجل أهل السنة أثبتوا رؤية الله وأن الله يرى من فوق في العلو الله تعالى فوق أثبتوا الرؤية والعلو و المعتزلة أنكروا الأمرين الله ليس فوق أنكروا العلو و أنكروا رؤية الله قالوا ما يرى ما يرى جسم والله ليس بجسم و الأشاعرة أخذوا نصف المعتزلة قالوا إن الله يرى أثبتوا الرؤية ولكن أنكروا الفوقية من أين يرى ما فيه يرى من فوق يقولوا لا يرى من تحت لا يمين لا شمال لا أمام لا خلف لا من أين يرى يقول لا في جهة هذا كلام غير معقول فأخذوا نصف المذهب أثبتوا الرؤية كما يقول أهل السنة ونفوا العلو كما قاله المعتزلة
ما هو دليلكم على هذا؟ قالوا: دليلنا بيت للأخطل النصراني:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
الشيخ هذا دليلهم يقول الكلام في الفؤاد في النفس واللسان دليل لكن هذا قول المعتزلة هذا قول الأخطل والأخطل نصراني وأيضا حالي من المتأخرين ما يحتج بكلامه ومع ذلك احتجوا به بهذا القول
وجواب أهل السنة عليهم: أن هذا البيت ينسب إلى الأخطل، وهو بيت مصنوع لا يوجد في ديوانه ولو وجد في ديوانه فهو نصراني، والنصارى لا يحتج بقولهم
الشيخ يعني أولا نسبته للأخطل غير صحيحة ليس موجودا في ديوانه ولو سلمنا أنه موجود في ديوانه لا يحتج به لأنه نصراني كيف يحتج بقول نصراني ولأن النصارى ضلوا في معنى الكلام فكيف يقبل منهم فيما ضلوا فيه النصارى ضلوا في الكلام فقالوا أن عيسى جزء من الله وأنه هو كلمة كن وأهل السنة يقولون أن عيسى خلقه الله بكلمة كن ليس هو الكلمة لكن مخلوق بالكلمة والنصارى يقولون هو نفس الكلمة يعني جزء من الله فضلوا في معنى الكلام هم نصارى وضلوا في معنى الكلام كيف نستدل عليه بشيء ضلوا فيه من أين العقول أفيستدل بقول نصراني ضل في معنى الكلام على معنى الكلام ويترك ما يعرف معنى الكلام في كتاب الله وسنة رسوله وفي لغة العرب
والنصارى لا يحتج بقولهم بل إن النصارى ضلوا في معنى الكلام، النصارى يقولون إن عيسى نفس كلمة الله أي جزء من الله، والمسلمون يقولون إن عيسى مخلوق بالكلمة قال الله تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (آل عمران: ٥٩)، عيسى مخلوق بالكلمة وليس هو الكلمة.
إذن: النصارى ضلوا في معنى الكلام، فكيف يستدلون بقول الأخطل في معنى الكلام؟
يستدلون بقول نصراني ضل في معنى الكلام على معنى الكلام؟ أيترك قول الرسول صلى الله عليه وسلم ويستدل بقول نصراني؟!!
قال المصنف رحمه الله تعالى
القرآن كلام الله
وحدثني محمد بن منصور الأملي قال حدثنا الحكم بن محمد الأملي أبو مروان قال حدثنا ابن عيينة قال: سمعت عمرو بن دينار، يقول: أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة يقولون: «القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود».
قال الشارح وفقه الله تعالى
هذا الأثر عن المحدث المشهور عمرو بن دينار، يقول فيه: (أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله) أي: ليس بخالق ولا مخلوق.
(منه بدأ) أي: تكلم الله به.
«وإليه يعود» يعني: في آخر الزمان حينما يترك الناس العمل به، فيرفع القرآن، فمن الأشراط: نزع القرآن من الصدور
الشيخ من أشراط الساعة الكبار من نائبة عن جملة تقديرها أشراط الساعة الكبار
فمن أشراط الساعة الكبار نزع القرآن من الصدور فيصبح الناس لا يجدون في صدورهم، ولا في مصاحفهم آية ومن أشراط الساعة الكبار التي تتبعها الساعة:
المهدي، والدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج
سؤال كيف نوفق بين حديث إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور الرجال وبين نزع القرآن من الصدور فيصبح الناس لا يجدون في صدورهم، ولا في مصاحفهم
الشيخ إن الله ينتزع العلم هذا عام الأول عام وهذا خاص هذا عام وهذا خاص والخاص يخصص العام إن الله لا ينتزع العلم من صدور الناس هذا في العلم ويصير الناس جهال إلا إذا جاء يوم القيامة وأشراط الساعة الكبار نزع القرآن من الصدور إذا ترك الناس العمل به ثم تتبعها الساعة
قال المصنف رحمه الله تعالى
القول في رؤية الله عز وجل
وأما الصواب من القول في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل يوم القيامة وهو ديننا الذي ندين الله به، وأدركنا عليه أهل السنة والجماعة، فهو: أن أهل الجنة يرونه على ما صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشارح وفقه الله
هذه المسألة الثانية وهي: القول في رؤية الله عز وجل وبين أبو جعفر رحمه الله الصواب أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عيانا بأبصارهم، وهذا الذي قرره الأئمة، وهو الذي دلت عليه النصوص:
أولا قوله تعالى :( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) [القيامة: 22- 23] والمراد النظر بالعين بدليل:
- أنه أضاف النظر إلى الوجه.
- عداه بكلمة (إلى).
فدل على أن النظر بالعين المجردة.
ثانيا قال الله تعالى عن الكفرة:( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (المطففين: 15).
ثالثا الأحاديث الكثيرة في الصحيحين وفي غيرهما، التي بين النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن المؤمنين يرون ربهم كما يرون الشمس صحوا ليس دونها سحاب، كما في حديث جرير بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني: البدر
الشيخ يعني القمر مكتمل
فقال: (إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته...)
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، أن المؤمنين يرون ربهم عيانا بأبصارهم، يرونه في موقف القيامة، ويرونه في الجنة.
وثبت أن المؤمنين يرون ربهم أربع مرات في موقف القيامة كما بينت الأحاديث ذلك
- يرونه أولا، ثم يتحول
- ثم يرونه ثانية في غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة فينكرون
- ثم يرونه في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيسجدون له إلا المنافقين لا يستطيعون السجود.
- فإذا رفعوا رءوسهم رأوه مره أخرى، فهذه أربع مرات
أما الكفرة فهم محجوبون: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (المطففين: ١٥)، وهل يرونه في موقف القيامة؟
الشيخ يعني الكفرة هل يرونه أو لا يرونه فيه خلاف في موقف القيامة
الجواب: فيه خلاف
القول الأول: يرونه ثم يحجبون، ويكون حجبهم عذابا عليهم
الشيخ يعني يرونه رؤية لا يستفيدون منها عذابا كما رؤية السارق إذا يؤتى بالسارق إلى القاضي والحاكم إذا رآه يراه رؤية عذاب
سؤال كيف نرد على من يقول إن الله تعالى قادر على تغيير ذاته مستدلا بهذا الحديث تغيير صورته
نقول الله أعلم
القول الأول: يرونه ثم يحجبون، ويكون حجبهم عذابا عليهم
القول الثاني: ومنهم من قال: يراه المؤمنون والمنافقون؛ لأنهم كانوا معهم.
القول الثالث: أن الرؤية خاصة بالمؤمنين لا يراه إلا المؤمنون