شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري_1

00:00
00:00
تحميل
106

كتاب الصوم: المحاضرة رقم 1

المدة: 41:01

الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فنحمد الله –سبحانه وتعالى-على نعمه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى ومن النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا أن بلغنا هذا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك الذي اختصه الله تعالى بمزيتين عظيمتين:

المزية الأولى: أن الله اختصه بإنزال القرآن فيه، القرآن كلام الله –عز وجل-وفضل القرآن كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه فالقرآن العظيم الذي هو كلام الله والذي هو أفضل الذكر اختار الله أن يكون نزوله في هذا الشهر الكريم كما قال –سبحانه وتعالى-: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ ]سورة البقرة: 185[، وقال –سبحانه وتعالى-:  ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ ]سورة الدخان: 3[، وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ]سورة القدر: 1[.

المزية الثانية: أن الله اختار هذا الشهر لأن يكون أداء ركن من أركان الإسلام فيه وهو الصيام، فالصيام هو ركن من أركان الإسلام فاختار الله أن يكون أداء هذا الركن العظيم في هذا الشهر شهر رمضان كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام» فهنيئًا لمن وفقه الله –سبحانه وتعالى-للصيام والقيام وقراءة القرآن والأعمال الصالحة ابتغاء مرضاة الله –سبحانه وتعالى-وموافقًا في أدائها لشرع الله وهدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فإن العمل أيها الإخوان لا يصح ولا يقبل ولا يكون نافعًا عند الله حتى تتحقق فيه هذان الأصلان:

الأصل الأول: أن يكون خالصًا لله، مراداً به وجه الله والدار الأخرة لا بد كل عمل تعمله وكل قربة تتقرب بها إلى الله لا بد أن تفتش نفسك هل أنت تريد بها وجه الله، أو تريد بها الدنيا، أو الرياء أو مجاراة الناس، أو مدح الناس وذمهم، أو العمل أو وظيفة، أو جاه إن كنت كذلك فعملك مردود عليك فإن الرياء يحبط العمل وإرادة غير وجه الله تبطل الثواب، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «من عمل عملًا أشرك به معي غيري تركته وشركه» فلابد من الإخلاص، لا بد من مجاهدة النفس على الإخلاص إخلاص العمل لله بأن يكون مقصودك وجه الله والدار الأخرة في صلاتك وصومك وفي حجك وفي عمرتك وفي برك لوالديك وفي صلتك للرحم، وفي إحسانك للجيران، وفي الجهاد في سبيل الله وفي الدعوة إلى الله، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الإحسان إلى الناس، وفي كف نفسك عن الأذى كل ذلك لا بد أن تريد بذلك وجه الله والدار الأخرة.

الأصل الثاني: أن يكون موافقًا لشرع الله يكون هذا العمل هذه العبادة موافقة للشريعة عليها هدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-صوابا على هدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا]سورة الكهف: 110[، وقال –سبحانه وتعالى-﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ ]سورة لقمان: 22[.

والصوم: من العبادات العظيمة التي اختص الله بها وأضافها إلى نفسه قال ربنا –سبحانه وتعالى-في الحديث الصحيح «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعة مائة ضعف، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» معلوم أن كل عبادة لله، الصوم لله والصلاة لله والزكاة لله والحج لله، وبر الوالدين لله، لكن لماذا أضيف الصوم إلى الله؟ الصوم قال: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، أضافه الله إليه، لأنه عبادة سرية بين العبد وبين ربه لا يعلم بذلك إلا الله، لأن الإنسان يستطيع أن يتناول المفطرات إذا غاب عن أعين الناس، فلذلك لما كان الصوم عبادة سرية بين العبد وبين ربه اختصه الله قال «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» وأنا أجزي به الإنسان غير محدد جزاء عظيم فإن الأعمال الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلا الصيام فإن الله يضاعفه أضعافًا كثيرة ولا ينحصر في عدد، فينبغي للمسلم أن يحمد الله على هذه النعمة العظيمة، نحمد الله أن وفقنا إلى الإسلام وهدانا إلى الإيمان ولم يجعلنا من الضالين، ولا من اليهود ولا النصارى ولا من الوثنين ولا من الملاحدة ولا من المبتدعة بل جعلنا من أهل الإيمان ومن أهل الإسلام ومن أهل السنة والجماعة، فهذه نعمة عظيمة ثم إن الله –سبحانه وتعالى-من علينا ببلوغ هذا الشهر العظيم ومن علينا بالصيام فعلى المسلم أن يحفظ صومه عما ينقصه أو يجرحه أو ينقص ثوابه لا بد من حفظ الجوارح عن ما حرم الله، تحفظ اللسان من السباب والشتام وقول الزور وشهادة الزور، تحفظ العين من النظر إلى المرأة الأجنبية تتأمل في محاسنها سواء كانت في الشارع أو في القناة الفضائية أو حتى في شاشة الجوال اللي معك أو حتى الخادم التي عندك في بيتك يحرم أن تتأمل محاسنها وأن تنظر إليها وأن تخلوا بها في الغرفة وحدها أو في مصعد كهربائي، أو في السيارة وحدها لا بد أن يكون معكم ثالث؛ لأن ذلك خلوة، لا بد أيضًا من حفظ السمع عن اللغو والرفث وقول الزور وشهادة الزور، وسماع المسلسلات الهابطة، وكذلك أيضًا لا بد من حفظ اليد عن تناول الحرام وعن السرقة، وعن العدوان على الناس، وعن تناول الحرام وعن تناول الربا والرشوة، تحفظ الرجل عن المشي إلى الحرام، تحفظ القلب عن الغل والحقد والحسد وتمني الحرام، أما إذا كان الإنسان يطلق بصره في الحرام ولسانه في الحرام، ويده في الحرام ورجله في الحرام ما قيمة هذا الصوم؟

هذا صوم ضعيف ملطخ بالمعاصي مخرب لا يقوى على تكفير السيئات ورفع الدرجات، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-في الحديث الصحيح: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل» فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الطعام والشراب، وقال جابر –رضي الله عنه-: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الحرام) ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل ليوم صومك ويوم فطرك سواء، ولا بد للصائم من محافظة على الفرائض والواجبات أهم شيء على الصائم أن يحافظ على الفرائض، من الفرائض الصلوات الخمس يؤديها جماعة في المساجد الرجل بعض الصائمين يصوم لكنه ينام الفجر يأكل أكله في السحور ثم ينام بعد صلاة الفجر ولا يستيقظ إلا بعد الشمس بقليل أو كثير هذه جريمة هذه مصيبة إذا كان متعمد، بعض الصائمين يجمع الظهر والعصر ولا يصليهما إلا عند المغرب هذه مصيبة لا بد من أداء الفرائض، كذلك من الفرائض؛ لأن تركها وتأخير الصلاة عن وقتها عمدًا من الكبائر، فلا بد من اجتناب الكبائر التي حرمها الله في كل وقت الغيبة والنميمة والتعامل بالربا وأكل الرشوة والسباب والشتام والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم لا بد أن يتجنبها المسلم في كل وقت ويتأكد هذا في حق الصائم ولا بد من بر الوالدين وصلة الأرحام أداء العمل الذي كلفت به الوظيفة إذا كانت وظيفة حكومية أو في شركة أو مؤسسة هذا عمل عقد بينك وبين الدولة أو الشركة أو المؤسسة لا بد أن تؤدي العمل ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ]سورة المائدة: 1[، ثم بعد ذلك عليك الإكثار من تلاوة القرآن بتدبر وخشوع وخضوع ورهبة وحضور قلب، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ حرف من كتاب الله فله به حسنه، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» كذلك الإكثار من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والنبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر»، قال –عليه الصلاة والسلام-: «لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، أحب إلينا مما طلع عليه الشمس»، وقال –عليه الصلاة والسلام-: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» «من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة» التسبيح والتكبير والتهليل الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، الإحسان إلى الناس بالكلام الطيب بالمعروف، تفطير الصوام، نفع الناس ببدنك وبمالك، وبشفاعتك، وبتوجيهك وبمالك، كل هذا مطلوب من المسلم ومرغب فيه الصدقات، والإحسان إلى الناس، كفى الأذى، التوبة النصوح، التوبة النصوح فريضة الله على عباده في كل وقت ولا سيما في هذا الشهر يتلقى المسلم هذا الشهر بالتوبة النصوح، التوبة فريضة الله على عباده في كل وقت، والتوبة معناها: هي الإقلاع عن المعاصي والندم على ما مضى، والعزم الصادق الجازم على عدم العودة إليها، ورد المظلمة إلى أهلها إن كانت المظلمة تتعلق بالبدن تسلم نفسك لمن اعتديت عليه فيقتص منك أو تصطلح معه على مال (10:19) إن كان مال ترد المال إليه، إن كان عرض تتحلله لا بد من هذا، ثم الندم على مضى، ثم العزم الصادق على عدم العود إليها، ورد المظلمة إلى أهلها هذه هي التوبة، وليس بعد التوبة إلا الفلاح وتكفير السيئات ورفع الدرجات، قال الله –تعالى-: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ]سورة النور: 31[، قال –سبحانه-﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ]سورة التحريم: 8[، اسأل الله أن يوفقنا وإياكم للتوبة النصوح، والعمل الصالح في هذا الشهر، وأسال الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في العمل، والصدق في القول، والثبات على دينه والاستقامة عليه، وأن يرزقنا في هذا الشهر الجد والنشاط، وأن يبعدنا عن الكسل والتفريط والإضاعة ونحن إن شاء الله سنقرأ الآن في كتاب الصيام من صحيح البخاري.

قارئ المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم 

 قال المصنف –رحمه الله-: بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا»، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَاذا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: «شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا»، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ فَقَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ، قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ».

شرح الشيخ:

هذا الحديث فيه أن هذا الرجل سأل النبي –صلى الله عليه وسلم-عن فرائض الإسلام فأخبره بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج شرائع الإسلام، فقال هذا الرجل والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، هذا عند العلماء من المقتصدين الأبرار أصحاب اليمين؛ لأن الناس طبقات أهل الجنة ثلاث طبقات كما ذكر الله في سورة فاطر.

الطبقة الأولى: السابقون المقربون الذين أدوا الفرائض والواجبات وصار عندهم النشاط ففعلوا النوافل والمستحبات وتركوا المحرمات، ... وتركوا أيضًا المكروهات، وتركوا التوسع في المباحات هؤلاء درجاتهم عالية.

الطبقة الثاني: أصحاب اليمين أدوا الواجبات والفرائض بس وقفوا عند هذا ولا يأتون بالنوافل والمستحبات، وتركوا المحرمات والكبائر وقفوا عند هذا الحد، لكن يفعلوا المكروهات كراهة تنزيه ويتوسعون في المباحات، وهذا منهم هذا الرجل المقتصدين، هذا الرجل من المقتصدين أقول الذي لا يزيد ولا ينقص ما أجاب الله عليه آتي به ولا أزيد، والذي حرمه الله علي لا أتركه ولا أزيد، وهذا يسمونه يسمى المقتصدون أصحاب اليمين، المقتصدون أصحاب اليمين: هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات، لكنهم يدخلون الجنة من أول وهلة مع السابقين الأبرار، لكن السابقون المقربون درجاتهم عالية وهؤلاء أقل لأن أهل الجنة يتقاسمون يدخلون الجنة برحمة الله ثم يتقاسمون الغرف والمنازل بأعمالهم الصالحة.

الطبقة الثالثة: الظالمون لأنفسهم المؤمنون الموحدون ماتوا على التوحيد ولم يقعوا في الشرك لكن قصروا في بعض الواجبات، أو فعلوا بعض المحرمات هؤلاء قد يتأخر دخولهم الجنة منهم من يعذب في قبرة كما في قصة الرجلين الذين مر بهم النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرأ من البول، وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة» ومنهم من تصيبه الأهوال والشدائد في موقف يوم القيامة، ومنهم من يعفو الله عنه تحت المشيئة كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ]سورة النساء: 48[، ومنهم من يستحق دخول النار ثم يشفع فيه، ومنهم من لا يشفع فيه فيدخل النار، ولا بد أن يدخل النار جملة من الكبائر مؤمنون مصدقون موحدون ويشفع فيهم الشفعاء، يشفع فيهم الأنبياء والصالحون والأفراط والملائكة ويشفع فيهم نبينا أربع مرات كل مرة يحد الله له حدًا بالعلامة يقول له في المرة الأولى أخرج من كان في قلبه مثقال برة من إيمان، ثم يقول أخرج من كان في قلبه نصف حبة من إيمان، ثم يقال له في الثالثة أخرج من كان في قلبه أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان، ثم يقال له في الرابعة أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فيخرجهم بالعلامة هؤلاء ثم يخرجون منها ... قد امتحشوا وصاروا فحمًا فيصب عليهم من عين الحياة فإذا هذبوا ونقوا أُذن لهم بدخول الجنة هؤلاء الظالمون لأنفسهم هذا القسم الثالث، ظالم لأنفسهم هم القسم الثالث الذين يدخلون الجنة قد يتأخر بعضهم يتأخر على حسب ما قدر الله لهم.

وهذا الرجل الذي سأل النبي –صلى الله عليه وسلم-من الصنف الثالث من المختصين أصحاب اليمين لما أخبره النبي –صلى الله عليه وسلم-بشرائع الإسلام قال: أنا لا أزيد ولا أنقص، لا أزيد عن ما أوجب الله علي، ولا أنقص عليه شيء يعني يفعل الواجبات ويترك المحرمات ولا عندي ما عنده نوافل ولا مستحبات ولا يترك المكروهات كراهة تنزيه ويتوسع في المباحات.

قارئ المتن:

قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ»، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ.

شرح الشيخ:

«صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ» صوم عاشوراء هذا هو الطور الأول من أطوار الصيام، الصيام فرضه الله على أطوار وعلى أحوال:

الطور الأول: فرض الله صوم يوم عاشوراء في السنة الأولى التي هاجر فيها النبي –صلى الله عليه وسلم-أمر النبي –صلى الله عليه وسلم-منادي أن ينادي أن اليوم يوم عاشوراء فمن كان صائم فليتم صومه ومن لم يكن صام فليصم بقية يومه، كان فرض في السنة الأولى.

الطور الثاني: ثم في السنة الثانية فرض الله صيام شهر رمضان فنسخ فرضية صوم عاشوراء فصار الواجب صوم رمضان، وصوم عاشوراء مستحب.

الطور الثالث: ثم أيضًا في السنة الأولى كان الناس مخيرين بين الصيام وبين الإفطار كل واحد يخير إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم كل يوم مسكين كما قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ]سورة البقرة: 184[، فكان الناس بالخيار من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكين.

الطور الرابع: ثم فرض الله –تعالى-الصوم حتمًا على القادر وليس له الفطر في الآية التي بعدها، نسخت الآية التي بعدها: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ ] سورة البقرة: 184[، حتمًا.

الطور الخامس: كانوا إذا غربت الشمس حل لهم الأكل والشرب إلى أذان العشاء ما لم ينم الواحد أو يصلي العشاء فإذا نام أو صلى العشاء حرم عليه الفطر إلى الليلة القابلة فجاء قيس بن صرمة كان يعمل في مزرعة طول النهار فجاء إلى أهله حين غربت الشمس فقال: هل عندكم طعام، قالت: سأذهب ذهبت تبحث عنه فلما رجعت وجدته غلبه النوم من شدة التعب فحرم عليه الأكل والشرب إلى الليلة القادمة وكان يعمل طول النهار في مزرعته فصام اليوم الثاني فلما انتصف النهار غشي عليه وسقط وكذلك حدث لبعض الصحابة فانزل الله تعالى هذه الآية: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ]سورة البقرة: 187[، ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا فأباح الله –سبحانه وتعالى-في ليلة الصيام للرجل الأكل والشرب ومباشرة أهله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر هذه مراحل الصوم.

قارئ المتن:

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،: أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ».

شرح الشيخ:

«مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» هذا لأن قريش كانت تصوم في الجاهلية ولعل هذا جاءهم عن طريق اليهود لأن اليهود كانوا في المدينة أهل كتاب وكانوا يصومون اليوم العاشر فوصل إليهم عن طريق اليهود فصاروا يصومونه في الجاهلية، ثم لما فرض الله رمضان قال: «مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» أي هذا في الطور الأول قبل أن يمنع الله التخيير.

قارئ المتن:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ» «يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا»

شرح الشيخ:

«الصِّيَامُ جُنَّةٌ» ما لم يخرقها، جنة: يجتن بها ستر مثل الجنة الدرع الذي يلبسه المقاتل يمنعه من وقع النبال فكذلك الصيام جنة تمنعه، والجنة تمنعه من عذاب الله، وعذاب النار مالم يخرقها، إذا خرقها بالمعاصي زال أثرها، فيها الحث للمسلم على أن يحفظ صومه كما سبق مما يشينه أو يجرحه أو ينقص ثوابه، يحفظ جوارحه من مما حرم الله حتى لا يخرق هذه الجنة.

الصيام جنة ما لم يخرقها فإذا كان صوم أحدكم «فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ» الرفث: هو الكلام في النساء، مباشرة النساء، والكلام الذي لا يليق.

«وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» إذا سبه أحد تقول إني صائم صائم يعني يشعره أنه ليس عاجز عن الرد عليه ولكنه يريد حفظ صيامه، فإذا خاصمه أحد فيقول إني صائم إني صائم أي: أني استطيع أن أرد عليك ولكني أحترم صومي، أنا صائم فلا أرد عليك، إني صائم إني صائم.

«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ» الرائحة الكريهة التي تنبعث من فم الصائم بسبب خلو المعدة من الطعام والشراب هذه رائحة مستكرهة في مشام الناس ولكنها محبوبة عند الله؛ لأنها ناشئة عن أثر الطاعة، وتأتي هذه الرائحة يوم القيامة أطيب عند الله من ريح المسك، كما أن الشهيد يأتي يوم القيامة دمه لونه لون الدم وريحه ريح المسك لأنه ناشئ عن طاعة الله –سبحانه وتعالى-خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

«وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» قال الله –تعالى-: «الصِّيَامُ لِي» خصه الله لأنه عبادة سرية كما سبق، وإلا فالصلاة لله، والزكاة لله كل العبادات لله لكن لما كان الصوم عبادة سرية لا يعلم بها إلا الله أضافه الرب إليه فقال «الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» جزاءً غير محدد ثوابه لا ينحصر في عدد بخلاف الأعمال الأخرى تنحصر الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، أما الصوم فليس له حد يضاعفه الله أضعافًا كثيره إلى ما لا حد له على حسب ما يقوم في قلب الصائم من الإخلاص لله –عز وجل-وقيام حقائق الإيمان والاحتساب، والانكسار بين يدي الله –عز وجل-.

قارئ المتن:

بَابٌ: الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ»، قَالَ: لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ، قَالَ: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ البَابُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ.

شرح الشيخ:

«فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ» هذا الحديث فيه أن عمر –رضي الله عنه-سأل حذيفة –رضي الله عنه-عن الفتنة، قال «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ» يعني ما يحصل بين الإنسان هذه من الصغائر ما يحصل بين الإنسان وبين أهله من الكلام أو بينه وبين الجار وبين ولده من زيادة الكلام والأخذ والرد قد يخطئ الإنسان قد يزل ببعض الكلام هذه تكفرها الصلاة إذا صلى وصام وزكى هذه تكفرها صلاة الظهر تكفر الصغائر إلى صلاة العصر، وصلاة العصر تكفر الصغائر إلى صلاة المغرب، وصلاة المغرب تكفر الصغائر إلى صلاة العشاء وهكذا، وكذلك الوضوء يكفر الصغائر، وكذلك الصوم كلها تكفر الصغائر في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما إذا اجتنب الكبائر» فإذا اجتنب الكبائر كفر الله الصغائر، فحذيفة يقول لعمر –رضي الله عنه-هذه فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره قد يحصل بينهم من الخصومات أو النزاع أو الكلام والأخذ والرد هذه ما يخلو منها أحد هذه من الصغائر وتكفرها الصلوات والوضوء والصيام فقال عمر أنا ما اسأل على هذا لا أسال عن الفتنة التي تكفر الصغائر هذه سهلة (إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ) القتال بين المسلمين (قَالَ: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا) ما أعرف منها شيء بينك وبينها باب مغلق، فقال: (فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) إذا كان يكسر هذه مصيبة لا يمكن إغلاقه، إذا كان يفتح يمكن رده لكن إذا كان يكسر ما في حيله.

(فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ البَابُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ) قيل لحذيفة –رضي الله عنه-من هو الباب؟ قال عمر أي: قتل عمر، لما قتل عمر على يد أبو لؤلؤة المجوسي انفتحت الفتن ثم قتل عثمان بعد ذلك، ثم خرجت الفتن الكثيرة والحروب التي حدثت بين الصحابة، ثم خرجت الفتن فتنة الخوارج، وفتنة الروافض، وفتن الجهمية والمعتزلة، وغير ذلك من الفتن التي خرجت بعد ذلك.

قارئ المتن:

بَابٌ: الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُم أَحَدٌ»

شرح الشيخ:

«إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» هذا باب الريان للصيام، وجاء في الحديث الأخر أن الصدقة لها باب، والصيام له بـاب، والحج له بـاب، والصلاة لها باب، جاء في الحديث الأخر حديث أبي بكر أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «إن للصلاة باب، وللصيام باب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان أهل الصيام دعي من بـاب الصيام، ومن كان من أهل الصدقة دعي من بـاب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من بـاب الجهاد» فقال أبو بكر –رضي الله عنه-يا رسول الله ما على أحدٍ ضرورة أن يدعى من هذه الأبواب فهل يدعى منها أحد كلها، قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم» أبو بكر الصديق –رضي الله عنه-سباق للخيرات يدعى من جميع الأبواب يدعى من بـاب الصلاة، وباب الصيام، وباب الحج، والمعنى أن الصيام له بـاب يسمى الريان لا يدخل منه إلا الصائمون فلو مثلًا أسلم إنسان دخل في الإسلام ثم جاهد وقتل في سبيل الله قبل مجيء رمضان ما صام هذا ما يدعى من بـاب الصيام وإنما يدعى من بـاب الجهاد لأنه ما أدرك رمضان فمن أدرك رمضان فهو من أهل الصيام يدعى من بـاب الصيام، ومن لم يصم رمضان لكونه ما تمكن فهذا لا يدعى من هذا الباب وإنما يدعى من بـابٍ أخر.

قارئ المتن:

بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ»

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ: أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»

شرح الشيخ:

هذا في فضل هذا الشهر رمضان دخل الجنة إن دخل فتحت أبواب السماء وفي لفظ أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار وتسلسل الشياطين يربطون بالسلاسل وفي لفظ له (تصفد الشياطين) وفي لفظ له (تغل الشياطين) أي: يسلسلون بالسلاسل تربط الشياطين وتربط كل واحد يده على عنقه فلا يتمكنون من الوسوسة وإيذاء بني آدم كما كانوا يفعلون في غير رمضان، وقد يقول قائل نرى الآن الكفرة والفساق نزلوا على كفرهم وفسقهم، نقول: الكفار هؤلاء لا حيلة في الإنكار الشياطين متسلطة عليهم، وكذلك الفساق الذين لا يراعون شهر رمضان، لكن المؤمنون الذي يرون حرمة الشهر تقل المعاصي، يراعون حرمة الشهر من المؤمنين فإن المعاصي تقل في هذا الشهر وترى كثير ممن ينتسب إلى الإسلام يراعون حرمة هذا الشهر، أما من لا يراعون حرمة الشهر من الفساق والكفرة هذا ليسوا مقصودين في هذا.

قارئ المتن:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، وَيُونُسُ: لِهِلاَلِ رَمَضَانَ.

شرح الشيخ:

«إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» هذا في بيان متى يصام الشهر، يصام بأحد أمرين:

إكمال الشهر السابق، أو رؤية الهلال.

فإذا رؤي هلال رمضان فإنه يصام فإن لم ير فإنه يكمل الشهر السابق ثلاثين يومًا.

يصام بأحد أمرين إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا، أو رؤية الهلال.

قارئ المتن:

بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

شرح الشيخ:

«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» هذا فيه دليل على أن أسباب المغفرة كثيرة في هذا الشهر «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» عن إيمان بالله ورسوله واحتساب الثواب ورضا بشرعيته وعدم شك في الثواب لا على الرياء ولا على التقليد، كذلك من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا صام عن إيمان واحتساب ونية لا عن رياء ولا عن تقليد ولا عن متابعة للناس ولا شك في ثوابه، وكذلك في قيام رمضان في الحديث الأخر «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» فإذًا قيام رمضان من أسباب المغفرة، وصيام رمضان من أسباب المغفرة، وقيام ليلة القدر من أسباب المغفرة، ولهذا جاء في الحديث الأخر أن النبي –صلى الله عليه وسلم-صعد المنبر وقال «آمين، آمين، آمين» فسئل عن هذا، فقال: «إن جبريل أتاني قال: من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قل آمين، فقلت: آمين » ولذلك لأن أسباب المغفرة متعددة في هذا الشهر فمن لم يدرك شيئًا منها فهو المحروم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قارئ المتن:

بَابٌ: أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»

شرح الشيخ:

«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» هذا فيه دليل على أن شهر رمضان يستحب فيه الاكثار من تلاوة القرآن والمدارسة فجبريل كان يدارس النبي ويعارضه القرآن في كل سنة مرة وفي السنة الأخيرة مرتين، والنبي صلى الله عليه وسلم فيه عليه السلام أنه يجود بالخير إذا لقي جبريل، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير حين يلقاه جبريل من الريح المرسلة «كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، الريح المرسلة قوية، يعني: قوته جوده –عليه الصلاة والسلام-إذا لقيه جبريل في هذا دليل على المدارسة وأن لها فضل عظيم مدارسة القرآن وتلاوة القرآن له فضل عظيم، وملاقاة الأخيار، والمنافسة في الخير فلهذا إذا لقي جبريل الرسول –صلى الله عليه وسلم-كان له نشاط وقوة، كان أجود بالخير من الريح المرسلة –عليه الصلاة والسلام-فينبغي التأسي بالنبي –صلى الله عليه وسلم- في كثرة الخير ومدارسة القرآن، والجود بالصدقة والإحسان، وبذل المعروف، وكف الأذى كل هذا مطلوب؛ سيكون في أخر الدرس إن شاء الله أسئلة لمن عنده سؤال يسجله في ورقة.

قارئ المتن:

بَابُ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»

          __________________________________________

شرح الشيخ:

«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» المعنى: أن الصائم يجب عليه أن كما صام عن الطعام والشراب والنساء، يصوم عن المحرمات يصوم عن قول الزور، يصوم عن شهادة الزور، يصوم عن التعامل بالربا، يصوم عن التعامل بالرشوة، يصوم عن السباب والشتام، تصوم العين فلا تنظر إلى المحرمات، تصوم الأذن فلا تسمع المحرمات، لا تنظر إلى المرأة الأجنبية بعينك سواء في الشارع أو في قناة فضائية، أو في شاشة الجوال، أو في الخادمة التي عندك صن بصرك ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ]سورة النور: 30[، صن سمعك عن سماع المسلسلات الهابطة، وقول الزور وشهادة الزور، والغيبة والنميمة، صن يدك عن التعامل عن إيذاء الناس والتعامل بالمحرمات، صن رجلك عن المشي في الحرام، صن قلبك عن الغل والحقد والحسد وهكذا، لا بد من صيانة الجوارح عن ما حرم الله «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» إذا كان الإنسان يقول الزور ويعمل الزور وايش الفائدة من ترك الطعام والشراب، ما في فائدة أنت تترك الطعام والشراب وتترك المحرمات أما تفعل المحرمات التي حرمها الله في كل وقت وتترك الطعام والشراب الذي أحله الله في غير رمضان، الطعام والشراب أحله الله في غير رمضان أنت تترك الحلال صحيح لكن أترك المحرمات التي حرمت في كل وقت في رمضان وغيره، قول الزور وشهادة الزور والمحرمات وإيذاء الناس، وأكل المال بالباطل، والاعتداء على الناس هذه محرمة في كل وقت في رمضان وغيره، أما الطعام والشراب فهو محرم في رمضان فقط فكيف الآن تترك الطعام والشراب الذي حرم في وقتٍ واحد، وتترك المحرمات التي حرمها الله في كل وقت ما الفائدة؟ تكون خسران هذا ما يقوله النبي –صلى الله عليه وسلم- يعني الإنسان الذي يترك الطعام والشراب ويتعامل بالربا ويؤذي الناس، ويغتاب، وينم خسران ما يستفيد إلا ترك الطعام والشراب ولا حول ولا قوة إلا بالله، «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» وقال بعض السلف: أهون الصيام ترك الطعام والشراب.

قارئ المتن:

بَابٌ: هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ " «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ "

شرح الشيخ:

هذا فيه فضل الصيام وأنه أضافه الله إليه لأنه نوع من السرية قال الصوم لي وأنا اجزي به، قال «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فرحة عند فطره يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ» عند فطره لأنه أتم صومه ففرح بإتمام صومه الذي ترتب عليه الثواب وفرح أيضًا بما أباح الله له من تناول المفطرات، والفرح الثانية إذا لقي ربه وجد ثوابه مدخرًا عند الله –عز وجل-فينبغي للصائم أن يحفظ صومه وأن يستبشر بفضل الله ورحمته، وأن يصوم عن ما حرم الله وأن يعلم أن الصوم عبادة سرية وأن الصائم يربح من الله أعظم الربح، الله –تعالى-لا يستفيد من أعمالنا، لا تنفعه طاعة المطيع، ولا تضره معصية العاصي بل نحن الرابحون، نحن الذين نربح على الله، أما الله فلا يستفيد من أعمالنا الله –سبحانه وتعالى-غني حميد لا ينتفع بطاعات المطيعين، ولا تضره معصية العاصين بل هو نافع ضار –سبحانه وتعالى-فعلى المسلم أن يرغب في فضل الله وأن يستبشر بفضل الله ورحمته، قف على بـاب الصوم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد