شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري_7

00:00
00:00
تحميل
37

 

كتاب الصوم (7)

مدة صافية: (34:55)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

نحن فنحمد الله -سبحانه وتعالى- على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ونحمده -سبحانه وتعالى- على هذه النعم الكثيرة التي أنعم بها علينا في هذا الشهر، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا القبول، وأن يرزقنا الإخلاص والصدق إنه هو ولي والقادر عليه. وبعون الله -تعالى- نبدأ درسنا هذا المساء.

قارئ المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد..

-فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللقارئ والمستمعين-

فقد أخذنا فيما مضى من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري -رحمه الله تعالى- إلى أن وصلنا إلى [كتاب الصوم].

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بابُ: صِيَام أَيَّامِ البيضِ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ.

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أنَّهُ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاَث: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا الحديث فيه مشروعية الصيام، استحباب (صِيَام أَيَّامِ البيضِ)، وهي: (ثَلاثَ عَشْرَةَ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ).

سميت (أَيَّامِ البيضِ): لبياض القمر فيها، يستحب صيامها والمداومة عليها.

ولهذا أوصى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا هريرة بأن يصوم (ثَلاَثَةِ أَيَّام مِنْ كُلِّ شَهْر)، لكن تحديدها بــــ(ثَلاثَ عَشْرَةَ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ) إنما جاء في حديثٍ آخر، وهو حديث أبي ذر: النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إِذا صُمْتَم مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثة أياَم، فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبعَ عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ».

ومن دقائق تراجم البخاري: إن البخاري ترجم قال: (بابُ صِيَام أَيَّامِ البيضِ: ثَلاثَ عَشْرَةَ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ)، والحديث ما فيه الأيام البيض إنما فيه «ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ». فهذا إيماء من البخاري بأنه إذا صام الثلاثة أيام أن يجعلها (أَيَّامِ البيضِ)؛ وإلا فيجوز للإنسان أن يصوم، فيستحب للإنسان أن يصوم ثلاثة أيام ولو غير أيام البيض، لو صام الثلاثة أيام من أول الشهر أو من وسطه أو آخره أو مفرقة، يومٌ في أوله، ويومٌ في وسطه، ويومٌ في أواخره حصل المقصود، وحصل الأجر. لكن إذا أمكن جعل هذه الثلاثة هي (أَيَّامِ البيضِ): الـ (ثَلاثَ عَشْرَةَ)، وكما في حديث أبي ذر فهو أفضل.

ومن دقة تراجم البخاري: إنه ترجم بالأيام البيض وجاء بالحديث الذي فيه، ما فيه تحديد الأيام البيض.

قارئ المتن:

(قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أنه قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاَث: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ»).

شرح الشيخ:

الحديث ما فيه الأيام البيض، والترجمة فيها الأيام البيض، فكأن البخاري يقول لك: هذه الأيام الثلاثة في الحديث لك أن تختار في أي وقت من الشهر، لكن أفضل أن تجعلها (أَيَّامِ البيضِ) إذا تيسر، فإذا تيسر اجعلها الأيام البيض وإذا لم يتيسر صُمها ولو في غير أيام البيض، ومن صام (ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر)، فكأنما صام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعبد الله بن عمرو بن العاص، قال: «صم من الشهر ثلاثة أيام، فذلك مثل صيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها».

والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوصى أبا هريرة بأن يوتر قبل أن ينام؛ وذلك لأنه كان يدرس الحديث -رضي الله عنه-، كان لا يكتب، وكان راوية -راوية الحديث- أكثر من خمسة آلاف روى عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان يدرس الحديث في بعد العشاء ويتأخر في النوم، فأوصاه النبي بأن يوتر قبل أن ينام يخشى ألَّا يقوم خلال الليل، لماذا؟ يدرس الحديث، يدرس حفظه، يتحفظ ويدرس؛ فلهذا أوصاه بأن يوتر قبل أن ينام.

وأما من طمع أن يقوم في آخر الليل فهذا هو الأفضل، كما في الحديث الآخر: «من خشي ألَّا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم في آخر الليل فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودةٌ وذلك أفضل». فإذا كان الإنسان يطمع أن يقوم آخر الليل هذا هو الأفضل أنه يوتر في آخر الليل، وإن كان يخشى ألَّا يقوم فيوتر أوله، وأبو هريرة يخشى ألَّا يقوم؛ لأنه كان يدرس الحديث؛ فلهذا أوصاه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن يوتر قبل أن ينام.

وأوصاه بصلاة الضحى (رَكْعَتَيِ الضُّحَى) أقلها ركعتان. ومن صلَّى الضحى فقد أدى الصدقات عن السُلميات التي رُكب عليها جسد الإنسان. جسد الإنسان مركب من ثلاثمائة وستين مفصل، فيجب عليه أن يصدق عن كل مفصل صدقة، لكن الصدقات كثيرة: التسبيحة صدقة، والتحميدة صدقة، والتكبيرة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، والإصلاح بين الناس صدقة، وهكذا.

ثم قال في حديث في صحيح مسلم: « وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى» إذا صلى ركعتين أدى الصدقات، الصدقات عن السُلميات وهي المفاصل التي ركب عليها جسم الإنسان.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بَابُ: مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ.

وقال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ وهُوَ ابْنُ الحَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّهُ قاَل: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ» ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ»، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أمَينَة أنَّها قاَلت: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا الحديث: النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زار (أُمُّ سُلَيْم)، وأتته بطعام أتته (بسمن وتمر)، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صائم فلم يأكل، أراد أن يتم صومه وقال: («أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وأعيدوا التمر، فَإِنِّي صَائِمٌ») ثم صلى في البيت، في مكان يتخذونه مصلى للتبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غير الفريضة، يعني نافلة. ثم قالت أم سليمة وابنها أنس بن مالك، وكان خدم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  عشر سنين، قالت يا رسول الله، ادع لخويدمك خاص، فدعا له بخير الدنيا والآخرة (اللهم أكثر ماله، وولده، وأدخله الجنة).

قال: اثنتان وجدتهما في الدنيا: أما المال فإني من أكثر الناس مالًا، وأما الولد فإنه لما قدم الحجاج (البصرة) ذكرت ابنته (أمينة) أنه دفن له من صلبه اللي ماتوا مائة وبضع عشر شخصًا اللي ماتوا، هذا اللي ماتوا غير الأحياء، وهو ما يعرفهم من عددهم لكن ابنته (09:16) مائة وبضعة عشر هذا اللي ماتوا. وقال: الآن اثنتان وجدتهما، والثالثة أنتظرها وهي دخول الجنة.

فهذا فيه دليل على أنه ما يلزم الإنسان إذا زار قومًا يأكل، فإذا كان صائم، وقال: دعوه وأتى وهو صائم يعتذر إليهم، ويقول أنا صائم، ويدعو لهم وينصرف، فإن كان يشق عليهم فإنه يُفطر، إن أحب أن يفطر فهو أفضل إذا كان يشق، وكذلك إذا جاء ضيف وهو صائم، وكان يشق عليه أنه يبقى صائم فحينها يُفطر من أجله فلا بأس، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل هذا وهذا.

وجاء في الحديث الآخر: «إذا دُعيَّ أحدكم إلى طعامٍ فليجب، فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليصلي». "يُصلي": يعني يدعو. «إذا دُعيَّ أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرًا فليطعم -يعني يأكل-، وإن كان صائمًا فليصلي -يعني يدعو وينصرف-» يدعو لهم.

طالب: (10:14)؟

الشيخ: يعني ليس له لإجابة الدعوة ما يلزم منها الأكل، تأتي الدعوة، وتجيب، وتتحدث معهم وإذا قُدم الطعام تعتذر، تنصرف وتدعو لهم أو تبقى وتدعو لهم.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، أنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بَابُ الصَّوْمِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ.

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلاَنَ، وحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قال: حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهُ سَأَلَهُ -أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ-، فَقَالَ: «يَا أَبَا فُلاَنٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ؟» قَالَ: -أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ-، قَالَ الرَّجُلُ: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ». لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ ثَابِت، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

"سرر الشهر": هو آخره.

وهذا الرجل كان له عادة يصوم من آخر الشهر، فأمره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يصوم على عادته، فإذا كان الإنسان له عادة يصوم، (11:57) (صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ)؛ يعني من آخره.

قيل: "من سرره": جمع سُرة، والسرَّة هي منتصف الشهر، وقيل: "سرره": آخره.

فهذا الرجل كان له من العادة أن يصوم آخر شعبان، فقال له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يا فلان، ما صمت عادتك؟» النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله، قال: لا، قال: «إِذَا أَفْطَرْتَ -رمضان- فَصُمْ» تقضي عادتك، وتصوم يومين بدل اليومين الذي أفطرتهما.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ.

وقال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: "سَأَلْتُ جَابِرًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ"، زَادَ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ: "أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْم".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا فيه النهي عن صوم يوم الجمعة، يعني يُفرد وحده هذا منهي عنه.

وجاء في الحديث الآخر: «لا تخصوا يوم الجمعة في بصيامٍ من بين الأيام، ولا (13:29) في بقيامٍ من بين الليالي».

وجاء يمكن يقول المؤلف في حديث جويرية: "أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليها وهي صائمة يوم الجمعة، فقال: «أصمتِ أمسِ؟» -يعني: الخميس- قالت: لا، قال: «تريدين أن تصومي غدًا؟» -يعني: السبت-، قالت: لا، قال: «فأفطري»". فهذا فيه دليل على أنه لا يجوز صيام يوم الجمعة مفرد، بل يصوم قبله يوم أو بعده لا بأس، أما أن يُفرد يوم الجمعة بالصيام فلا.

ويوم السبت كذلك جاء النهي، قال: «لا يصوم أحدكم يوم السبت، إلَّا فيما افترض عليه» لكن الحديث ضعيف على الصحيح.

والعلماء اختلفوا فيه:

  • من العلماء من قال: إنه صحيح، والصواب إنه ضعيف.
  • ومن العلماء من قال أيضًا: إنه منهي عن إفراده، فإذا صام معه الجمعة، وصام معه السبت فلا بأس.

ومما يدل على ضعفه وأنه يجوز صوم يوم السبت حديث جويرية السابق، قال: «أصمتِ أمسِ -الخميس-؟» قالت: لا، قال: «أتصومي غدًا -السبت-؟» قالت: لا، قال: «فأفطري». فقوله: «تصومي غدًا»، يعني السبت هذا دليل على أنه يجوز صوم يوم السبت.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يومًا بَعْدَهُ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا صريح في النهي عن صوم الجمعة إلَّا إذا صام معه قبله يوم أو بعده يوم، وأن النهي إنما خص إذا أفرده. بعض الناس يقول: عنده فراغ يوم الجمعة، ما فيه عمل يريد أن يخصه، نقول: لا تخصه.

لكن لو وافق يوم الجمعة "يوم عرفة"، وأراد أن يصوم عرفة وحده، فهل يصومه وحده؟

الأفضل يصوم قبله يومًا، لكن لو لم يتيسر هل يصوم وحده؟ الأقرب والله أعلم أنه لا بأس؛ لأنه ما صام من أجل يوم الجمعة، إنما صام من أجل أن كونه يوم عرفة، لكن الأفضل والأحوط أن يصوم معه الخميس.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حٌ وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قالت: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «فَأَفْطِرِي»، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الجَعْدِ: أنَّه سَمِعَ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، أَنَّ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

(أَفْطَرَتْ): لأنها ما صامت الخميس، ولا تنوي تصوم السبت؛ فلذا أفطرت.

دلَّ على أن الإنسان إذا صام يوم الجمعة ولا ما صام الخميس ولا ينوي يصوم السبت عليه أن يفطر، يلزمه أن يُفطر ولا يجوز له أن يصوم يوم الجمعة مفردًا؛ لأنه الحكمة لأنه عيد الأسبوع، عيد الأسبوع هو "يوم الجمعة".

قارئ المتن:

قال البخاري  -رحمه الله تعالى-: بَابٌ: هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ.

وقال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أنَّهُ قال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: "هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطِيقُ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَة): يعني مستمر -عليه الصلاة والسلام-، هل كان يختص من الأيام؟ قالت: (لا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَة).

وهذا لا ينافي أنه تخصيص الاثنين والخميس، كالحديث: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئُّل عن الاثنين، قال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه»، وجاء أنه كان يصوم الاثنين والخميس، وكذلك أيام البيض في حديث أبي ذر، وحديث أبي هريرة. فهذا لا ينافي هذا، والمعنى أنه (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً): مستمر -عليه الصلاة والسلام-؛ ولهذا كما سبق كان -عليه الصلاة والسلام- يستمر في الصوم حتى يقال: لا يفطر، ويستمر في الفطر حتى يقال: لا يصوم ينتهز وقت الفراغ -عليه الصلاة والسلام-.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرفَةَ.

قال -رحمه الله-: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِم، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ، مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، أَنَّ أُمَّ الفَضْلِ، حَدَّثَتْهُ، قال: وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِك، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ: "أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِم، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا دليل على استحباب الفطر يوم عرفة بعرفة، وأنه لا ينبغي للحاج أن يصوم يوم عرفة بعرفة، وهل يجوز أو لا يجوز؟ خلاف بين أهل العلم، ولكنَّ الأفضل أن يكون مفطرًا.

ولما تمارى الناس فشكُّوا هل كان النبي صائم أو ليس بصائم؟ أرسلت (أم الفضل) زوج العباس قدح من لبن للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو واقفٌ بعرفة (على بعيره، فشربه) والناس ينظرون، فعرفوا أنه مفطر -عليه الصلاة والسلام-.

دلَّ على استحباب الفطر للحاج بعرفة، أما غير الحاج فإنه يستحب له الصيام، وفيه فضلٌ كبير: وأن صيام عرفة يُكفّر ذنوب سنتين لغير الحاج، أما الحاج فالأفضل أن يكون مفطرًا بعرفة.

قارئ المتن:

قال -رحمه الله-: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، -أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ- قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْب، عَنْ مَيْمُونَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: "أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

الحديث الأول عن أم الفضل، يعني كل واحدة أرسلت، هو يحتمل أن إحداهما أرسلت إنها قضية واحدة واتفقتا على إرسالها.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَقَالَ: «هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ قَالَ: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

فيه تحريم صوم يوم العيدين: (عيد الفطر، وعيد الأضحى) يحرم صومهما، وكذلك أيام التشريق الثلاثة يحرم صومها إلَّا لصنف الواحد من الناس، وهو الحاج الذي لا يجدُ هديًا، ولم يتمكن من الصيام قبل العيد، فإنه يصوم أيام التشريق الثلاثة: (الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر).

فهي خمسة أيام في السنة يحرم صومها، ما هي؟

عيد الفطر، وعيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة: (الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر) من ذي الحجة. لكن (الثالث عشر، والرابع عشر) يجوز صومها للحاج الذي لا يجد الهدي، ويوم العيد وهو يوم عيد الفطر وعيد الأضحى هذا يحرم صومهما بكل حال.

فيه تعليق عليها، تعليق على صيام يوم عرفة، وإرسال ميمونة.

قارئ المتن:

أولًا: أي هو في الموقف في عرفة وإن كان جالسًا على بعيره؛ لأن المراد بالوقوف بعرفة هو الكينونة فيها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني الوقوف بعرفة أن توجد في أرض عرفة، وليس المراد تقف سواء جالس، ولا نائم، ولا تمشي هذا يعتبر وقوف، المهم توجد على أرض عرفة من زوال الشمس إلى غروبها هذا يعتبر وقوف، وليس المراد تقف على قدمك لا، حتى ولو كنت نائم، ولو مضطجع، ولو كنت تأكل جالس أو تمشي.

قارئ المتن:

ثانيًا: ويحرم عليه صوم عرفة وهذا هو الأرجح؛ لأنه الأصل هو والنهي عند الجمهور على أنه للتنزيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني (جمهور العلماء: على أنه للتنزيه) ما يحرم.

والقول الثاني: أنه يحرم صوم عرفة؛ لأن النبي نهى عنه، نهى عن صوم عرفة بعرفة.

على هذا يكون يأثم إذا صام عند المحققين، وعند الجمهور خلاف الأولى فمكروه.

قارئ المتن:

ثالثًا: ميمونة زوجة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأختها أم الفضل فيحمل على أنهما أرسلتا معًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

(أرسلتا معًا)، يعني ميمونة وأم الفضل اتفقتا على أن يرسلا (25:51). الحديث الأول: لما أم الفضل أرسلت ولا حديث ميمونة؟ اتفقتا أُختان، اتفقتا على أن ترسلا الحِلاب للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قارئ المتن:

رابعًا: في هذين الحديثين: مشروعية الفطر في يوم عرفة للحاج، واستحبابه وكراهة صومه للحاج؛ لحديث أبي هريرة: «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة والحاكم.

وأخذ بظاهر هذا الحديث بعض السلف، فقال: "يجب الفطر يوم عرفة للحاج، وأما غير الحاج فصومه مستحب؛ لما ورد من الترغيب فيه، وأنه يُكفِّر ذنوب سنتين".

قال البخاري -رحمه الله-: بَابُ: صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَقَالَ: «هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ قَالَ: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

فيه تحريم صوم: يوم الفطر ويوم الأضحى، عيد الفطر هو الفطر بعد صيام رمضان، ويوم الأضحى وهو عيد الأضحى يؤكل فيه من النسك.

قارئ المتن:

قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ صَلاَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

(اشتمال الصَّماء): هو أن يشتمل بثوبٍ واحد، وله تفسير عند أهل اللغة، وله تفسير عند الفقهاء.

فتفسيره عند أهل اللغة: أن يأتي بثوب واحد قطعة قماش، أو فوطة كبيرة ولا عليه، ما عليه السراويل، ولا فنايل، ولا شيء ثم يتجلل به ويكون كالكيس كـ (الصخرة الصماء)، قالوا: "يحتبس نفسه".

والفقهاء فسروه: بأنه إذا رفع أحد طرفيه على كتفيه بدت العورة؛ فنهي عنه لما فيه في كشف العورة، أما إذا كان عليه السراويل فما في إشكال. هذا (اشتمال الصماء).

و"الاحتباء" كذلك: الاحتباء هو أن يجلس على أليتيه، ويضم رجليه على ساقيه، ويجعل ثوب على رجليه وعلى كذا، فاللي أمامه ما يشاهد العورة ما عليه السروال، واللي واقف يشاهد عورته؛ فنهي عنه لما فيه من كشف العورة. وهذا كان العرب هكذا كانت السراويل، لكن إذا كان عليه السراويل ما فيه إشكال.

وكذلك الصلاة، نهى عن صلاة بعد (الصبح) وبعد (العصر).

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: بابُ صَّوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ.

قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قال: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَار، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا، قَالَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ، وَبَيْعَتَيْنِ: الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالمُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نهى عن صوم يومين: (الفِطْرِ وَالنَّحْرِ)، (فطر) يوم عيد الفطر وهو أول يوم من شوال بعد صيام رمضان، والأضحى هو اليوم العاشر من ذي الحجة يوم الأضحى.

(لبَيْعَتَيْنِ: المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ):

(المُلاَمَسَةِ): هو أن يقول البائع للمشتري: أي ثوبٍ لمسته فهو لك بمائة. تكون عنده ثياب معلقة قد يلبس ثوب يساوي مائة، وقد يلبس ثوب يساوي مائتين، وقد يلبس ثوب ما يساوي إلَّا عشرة ريالات هذا فيه غرر، فلا يجوز بيع (المُلاَمَسَةِ).

كبيع (المُنَابَذَةِ)، يقول: أي ثوبٍ نبذته وطرحته إليك فهو لك بخمسين، قد ينبذ له ثوب يساوي مائتين، وقد ينبذ له ثوب ما يساوي إلَّا خمسة ريالات هذا فيه غرر.

وفسره بعضهم (المُنَابَذَةِ) أيضًا: بأن يرمي الحصاة، وبعضهم سماها بالحصاة، ويقول: أي مكانٍ وصلت لها الحصاة من هذه الأرض فهو عليك بألف أو بألفين أو مائة هذا منهم، ونهي عن هذه لما فيه من الغرر، نهي عن هذه البيوع لما فيها من الغرر.

فالواجب على الإنسان إذا اشترى سلعة أن يقلبها وينظر إليها، ما يقول: أي ثوب تلبسه أو ثوب أطرحه لك بكذا وكذا ما يصلح هذا، هذا غرر لابد ينظر الثوب ويقلبه، ويتفقان على السعر.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْر، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، -قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: الِاثْنَيْنِ-، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ هَذَا اليَوْمِ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني إذا نذر أن يصوم يوم الاثنين ووافق يوم الأضحى، يجب عليه أن يفطر ويصوم يومًا آخر؛ لا يجوز لأنه ليس له أن يصوم يوم العيد. إذا نذر، قال: نذر أن يصوم الاثنين، وصادف الاثنين يوم العيد، هل يفي بنذره؟

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «اللَّهُ أمر بالوَفَاءِ بالنَّذْرِ، والنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهى عَنْ صَوْمِ يَوْم الفطر» يجمع بينهما: بأنه يجب عليه أن يفطر يوم العيد، ويقضي نذره في يومٍ آخر، الاثنين الذي بعده.

قارئ المتن:

قال البخاري -رحمه الله تعالى-، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَزَعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَة- قَالَ: سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَعْجَبْنَنِي، قَالَ: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْس، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرمِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذه الثلاث كلها منهي عنها:

الأول: (لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ معها مَحْرَم) هذا فيه تحريم سفر المرأة حتى ولو للحج بدون محرم.

وثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطب الناس، وقال: «لا تسافرون إلَّا مع ذي محرم»، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأتي خرجت حاجة، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ارجع فحج مع امرأتك». أمره أن يترك الغزو، وأن يكون مع امرأته. هذا يدل على أهمية المحرم، يعني هو مكتوب في الغزو وامرأته تريد الحج وحدها، فقال: «اترك الغزو واذهب مع امرأتك».

فما بال هذه النساء التي تسافر وحدها، ولا تبالي، وبعض الناس يرسل موليته ولا يبالي.

الثاني: نهى عن صلاتين: (الصَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، والصَلاة بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْس).

والثالث: النهي عن صوم: يوم (الفطر)، ويوم (الأضحى).

الرابع: (شد الرحال إلى ثلاثة): يعني لا يسافر الإنسان، يشد الرحل لقربة أو لعبادة (إلَّا لثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمسجد الأقصى) ما عداه ما يجوز أن تسافر إلى مسجد في الرياض، أو في مصر، أو في الشام، أو في العراق تسافر للمسجد لا أو للقربة، ما تسافر إلَّا لثلاثة مساجد للقربة وطاعة، لكن تسافر للتجارة، تسافر للزيارة، تسافر للتعزية.

لكن تسافر للعبادة، بقعة لأجل العبادة منهي عنه (إلَّا هذه الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم -المسجد النبوي-، والمسجد الأقصى).

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد