شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري_9

00:00
00:00
تحميل
87

 

كتاب الصوم (9)

المدة صافية: (21:28 دقيقة)

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب فضل ليلة القدر، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر:1-5].

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ﴿ومَا أَدْرَاكَ﴾ فَقَدْ أَعْلَمَهُ وَمَا قَالَ ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، يقول ابن عُيينة الذي جاء في القرآن ﴿ومَا أَدْرَاكَ﴾ يعني أعلمه الله به، ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ لم يعلمه، ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾[الأحزاب:63]، ما يعلم متى الساعة، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ﴾[القدر:1-2]، أعلمك بليلة القدر، قال: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾[القدر:3]، هذا في فضل ليلة القدر، سُميت ليلة القدر لعِظَم قدرها، قيل لعظم قدرها وشرفها، وقيل لأنها ليلةٌ عظيمة، قيل أنها سُميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها، وقيل: لأنه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السَنة من صحةٍ ومرضٍ، وحياةٍ وموتٍ، وشقاوةٍ وعزٍ، وذل فليلة القدر لعِظَم قدرها ولعظم شرفها، ولأنه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السَنة، يُقدَّر فيها لأن التقدير أنواع، فيها التقدير العام، التقدير العام ما كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سُنَّة وكان عرشه على الماء، مكتوب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سَنة، ثُمَّ هُنا هذا التقدير العام، «أول ما خلق الله القلم قال له اكتُب، قال: ربي وما أكتب، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة»، وفي لفظٍ: «فجرى في تلك الساعة بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة»، وفي لفظٍ أن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «أول ما خلق الله القلم قال له: أكتب، قال: ربِ وماذا أكتب، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، فجرى في تلك الساعة بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة»، كل شيء مكتوب، (00:02:29).

وهُناك التقدير العُمري، الإنسان وهو في بطن أُمه، إذا مضى عليه أربعة أشهر دخل عليه مَلك على النطفة، وقال يا ربي: ما العمل؟ ما الرزق؟ ما الأجل؟ فيُكتب رزقه، وعمله، وشقاوته، وسعادته، وشقيٌ أو سعيد، الرزق، والأجل، والعمل، والشقاوة، والسعادة.

وهُناك تقدير سنوي في ليلة القدر، يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السُنَّة من صحةٍ ومرضٍ وشقاوةٍ وسعادةٍ وعزٍ وذُل.

وهُناك تقديرٌ يومي، قال تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾[الرحمن:29]، يُعز ويُذل، ويخفض ويرفع، ويُسقي ويُسعد، ويُحيي ويُميت -سبحانه وتعالى-.

هذه أنواع المقادير: تقديرٌ يومي كل يوم، وتقديرٌ سنوي، وتقديرٌ عُمري، والتقدير العام.

فهذه الليلة عظيمة، قال الله فيها هي خيرٌ من ألف شهر، يعني العبادة والدعاء والعمل فيها أفضل من ألف شهر، ألف شهر يعني أربع وثمانين سنة وأربعة أشهر، ألف شهر كم تُعادل من السنين؟ أربع وثمانين سنة وأربعة أشهر، عُمر واحد من الناس لو طال عُمره، عُمر مَن طال عُمره، فهي فضلها عظيم.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفوٌ تُحب العفو فأعفو عني»، فينبغي الإكثار من هذا الدعاء، والاستغفار، والصدقة، والاحسان، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، والإحسان إلى الناس، وكف الأذى كل هذا مطلوب في كل وقت ولا سيما في هذه الليلة، وقراءة القرآن بتدبر وخشوع وخضوع، الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير، كل هذا مطلوب، الصلاة، المُحافظة على الصلاة صلاة التراويح، وصلاة القيام وصلاة التهجد.    

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال:َ حَفِظْنَاهُ وَإِيُمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.

شرح الشيخ:

فيه أن صيام رمضان من أسباب المغفرة إذا كان إيمانًا واحتسابًا، وكذلك قيام ليلة القدر من أسباب المغفرة إذا كان عن إيمانٍ واحتساب.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

السبع الأواخر بدءًا من أمس، أمس من السبع الأواخر، من الليلة الثالثة والعشرين هي السبع الأواخر.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- أَنَّ رجالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا الحديث فيه فضل السبع الأواخر، وأنها السبع الأواخر أرجى من غيرها، وهذا الحديث فيه أن رجالًا من أصحاب النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أُروا ليلة القدر في المنام، توافقت رؤياهم، فقال النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ»، يعني توافقت، يشُد بعضه بعضًا، ويؤيد بعضُها بعضًا، يُقوي بعضُها بعضًا، لأن هذا رأى، وهذا رأى، وهذا رأى، وهذا رأى كلها، كلهم رأوا أن ليلة القدر في السبعة الأواخر، فقال النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ»، يعني توافقت في السبع الأواخر، «فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ»، هذا يدل على أن السبع الأواخر أرجى من غيرها.

ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر فيها كلام لأهل العلم:

بعض العلماء: يرى أن ليلة القدر رُفعت، وهذا قول ضعيف.

والقول الثاني لأهل العلم: أنها لم تُرفع لكنها باقية في السُنَّة ولا يُدرى في أي يوم من السُنَّة، وهذا ضعيف.

والقول الثالث: أنها باقيةٌ في رمضان ولا يُدرى في أي منه، وأيضًا هذا قولٌ ضعيف.

القول الرابع: أنها في رمضان في العشر الأواخر منه، وهذا هو الصواب، وتُطلب في الاشفاع وفي الأوتار، قد تكون في الشفع قد تكون ثمانية وعشرين، أو قد تكون اثنين وعشرين، وقال بعض العلماء أنها ثابتة والصواب أنها مُتنقلة تتنقل، يعني في سُنَّة تكون ليلة الواحد وعشرين، في سُنَّة ليلة اثنين والعشرين، في سُنَّة أربع وعشرين.

وفي عهد النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- وافقت ليلة الواحد وعشرين، قال: «إني أرى في ليلتها أني أسجد على الماء والطين»، فوكف المسجد ليلة إحدى وعشرين، وانفتل الرسول-صلَّى الله عليه وسلَّم- بها والناس يرون أثر الطين في جبهته وأرنبة أنفه -عليه الصلاة والسلام-، فكانت ليلة القدر في تلك السَنة ليلة واحد وعشرين، فهي مُتنقلة ولكن أرجاها الوِتر من العشر: ليلة واحد وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وتسع وعشرين، وأرجاها، والسبع الأواخر أرجى من غيرها، وليلة السابع والعشرين أرجى من غيرها، ولكن لا يُجزم بها، ما في جزم، وأحيانًا الناس يجزمون بأنها ليلة سبع وعشرين الازدحام الذي يكون في المسجد الحرام وفي غيره، بعض العامة يجزمون أنها يقولون ليلة القدر، ليلة السابع والعشرين ليلة القدر، لا ما يُجزم، ما يُدرى، قد تكون ليلة السابع والعشرين وقد تكون غيرها، تتنقل، قد تتنقل لكنها ليلة السابع والعشرين أرجى من غيرها، وكان أُبيَّ -رضي الله عنه- يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، وهذا على حسب ظنه، على حسب ظنه وعلى حسب فهمه، والصواب أنها ليست ثابتة، بل هي مُتنقلة وقد تكون في الأشفاع، وقد تكون في الأوتار، وقد تكون ليلة اثنين وعشرين، قد تكون ليلة أربع وعشرين، قد تكون ليلة ست وعشرين.

والحكمة في ذلك أن أخفاها الله على العباد حتى يجتهد الناس في العبادة، يجتهدوا في عشرة أيام فتكثُر عبادتهم، ويكثر ثوابهم، وأجرهم، هذا فضل عظيم، لو كانت ليلة واحدة لاجتهد الناس في الليلة وتركوا بقية الليالي، لكن إن كانت عشر ليالي، عشر ليالي والإنسان يتعبَّد، ويذكر الله، ويُصلي، ويدعو، ويقرأ القرآن، ويتحراها صار كم أجره؟ ثوابٌ عظيم وأجر كبير، فهذا هو الحكمة، كما أخفى ساعة يوم الجمعة، يوم الجمعة فيه ساعة استجابة، متى ساعة الجمعة؟ فيها ساعة لا يوافقها عبدٌ لا يسأل الله إلا أعطاه، لا يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، فيها أربعين قول، يقول ابن حجر فيها أربعين قول ذكرتُها في فتح الباري، لكن أرجاها ساعتان: الساعة الأولى من حين دخول الخطيب حتى تُقضى الصلاة، ومتى يكون الدعاء؟ الدعاء يكون بين الخطبتين، يكون في الصلاة، وإذا سكت الخطيب، يكون في السجود، والقول الثاني أنها آخر ساعةٍ بعد العصر، هذا أرجاها.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أنه قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ لِي صَدِيقًا فَقَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا وَقَالَ: «إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَلْيَرْجِعْ فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَأمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ على جَبْهَتِهِ الشريفة-صلَّى الله عليه وسلَّم-»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا فيه أن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يعتكف، يتحرى ليلة القدر، اعتكف العشر الأول من رمضان يطلب ليلة القدر قبل أن يُعلمه الله أنها في العشر الأواخر، ثُمَّ اعتكف العشر الأوسط يطلبُها، ثُمَّ أخبره الله أنها في العشر الأواخر، أعلمه الله أنها في العشر الأواخر، فلزم الاعتكاف في العشر الأواخر، وكان في الأول يعتكف العشر الأول، ثُمَّ يعتكف العشر الأوسط، ثُمَّ في السنوات القادمة اعتكف العشر الأواخر، أعلمه الله أنها في العشر الأواخر.

في تلك السُنَّة خرج وقال من معتكفه وقال: مَن اعتكف العشر الأوسط فليعتكف في العشر الأواخر، وقال إني أُريت أن أسجد في صبيحتها بماءٍ وطين، فمُطِر الناس في تلك الليلة ليلة الواحد وعشرين، وخرَّ المسجد لأنه من جريد النخل، وسجد النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- على الماء والطين، فلما أعطى وجهه للناس صار الطين على جبهته وعلى أرنبة أنفه، فعرفوا أنها ليلة القدر في تلك الليلة، فهذا دليل على أن ليلة القدر ما صارت ليلة السابع والعشرين، صارت ليلة الواحد والعشرين في تلك السُنَّة.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-:  باب تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِيهِ عُبَادَةَ.

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم يعني هذا فيه دليل على أن الوتر أفضل من غيرها، والوتر ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبعٌ وعشرين، وتسع وعشرين، فيه دليل على أن الوتر أرجى من غيرها.

في الحديث الآخر: «تحروا ليلة القدر في أشفاعها وأوتارها»، لكن الأوتار أفضل، أرجى من غيرها، ولكن لا يُجزم ما يُجزم بها في ليلةٍ مُعينة، قد تكون في الأشفاع وقد تكون في الأوتار، لكنها أرجى الأوتار أرجى من الأشفاع.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَاسْتَهَلَّتْ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَبَصُرَتْ عَيْنِي نَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنْ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

عليه الصلاة والسلام، ومعنى يُجاور يعتكف، كان النبي يُجاور في الْعَشْرَ الأوسط يعني يعتكف طلبًا لليلة القدر قبل أن يُعلمه الله أنها في العشر الأواخر، ثُمَّ لما خرج ليلة واحد وعشرين، قال للناس: جاورت اعتكفت العشر الأوسط طلبًا لليلة القدر، فمن كان اعتكف معي فليعد ويعتكف في العشر الأواخر، فاعتكف مرة أُخرى في العشر، وقال: «إني أُريت أن أسجد في صبيحتها في ماء وطين»، فمُطِر الناس وخرَّ المسجد، فانصرف النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- والطين والماء على جبهته وأنفه، فعرفوا أن ليلة القدر في تلك السنة صارت ليلة إحدى وعشرين.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قَالَ: «الْتَمِسُوا».

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، هذا عام في أشفاعها وأوتارها، تحروا ليلة القدر يعني اطلبوها، اطلبوها في العشر الأواخر في الأشفاع والأوتار.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني في الأوتار، في تاسعة تبقى، إذا بقي تسع أيام تصير ليلة واحد وعشرين، أو في السابعة ليلة السابع والعشرين، أو في الخامسة ليلة خمس وعشرين.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قال: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ وَعِكْرِمَةَ، قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أنه قَالَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

في تسعٍ يمضين أو سبعٍ يبقين، يعني يتحرى إذا بقي سبعٍ مضت تصير ليلة سبع وعشرين، أو سبعٍ بقيت تصير ليلة ثلاث وعشرين.

قارئ المتن:

تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ، وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْتَمِسُوها فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، والمقصود أن تُلتمس في العشر الأواخر في الأشفاع والأوتار، لكن الأوتار أرجى.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلاَحِي النَّاسِ.

وقال -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِت-رضيَّ الله عنه- أنه قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَن، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا فيه شؤم الاختلاف والنزاع بين الناس، فالنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- خرج ليُعلم الناس بليلة القدر، ثُمَّ اختصم رجلان وتلاحى فأُنسيها -عليه الصلاة والسلام-، وقال: «عسى أن يكون خيرًا لكم»، وأُنسيها من أجل اختلاف هؤلاء وتلاحيهم وشجارهم ونزاعهم، وهذا فيه شؤم، شؤم المعاصي وأن لها من آثار وشؤم الاختلاف والنزاع، وعدم الاتفاق، ولهذا كان النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- يسوي الصفوف ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»، يعني الاختلاف من أسباب اختلاف، «لا تختلفوا فتختلف وجوهكم»، يعني أراءكم، فالاختلاف هذا له شؤم، الاختلاف والنزاع والشقاق، ولهذا من أثاره أن النبي أُنسيَّ ليلة القدر، ثُمَّ قال: «عسى أن يكون خيرًا فالتمسوها في العشر الأواخر».

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّه، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم وهذا فيه دليل على أنه ينبغي الإكثار من العمل في العشر الأواخر والاجتهاد تأسيًا بالنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-، كان إذا دخل العشر أحيا ليله، أحيا الليل، وكان في غير العشر الأواخر ينام ويُصلي، فإذا دخلت العشر الأواخر أحيا الليل بالصلاة، وأيقظ أهله والصغار والكِبار يُوقظهم للصلاة، وشدَّ المئزر يعني امتنع من النساء، اعتزل النساء، يعتزل النساء في العشر الأواخر، ويُحيي الليل، ويُوقظ أهله، أما في العشرين الأول وبقية السُنَّة يُصلي بعض الليل وينام، ويأتي أهله ولا يُوقظ الصغار والكبار، لكن في العشر الأواخر لها خصوصية: يوقظ أهله، ويشُد المئزر يمتنع عن النساء، ويُحيي الليل وفي لفظ: ويأمر كل صغيرٍ وكبير يطيق الصلاة، ينبغي الاجتهاد في هذه العشر؛ لأنها أفضل أيام السَنة، أفضل الليالي.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد