شعار الموقع

شرح كتاب صريح السنة للطبري_2

00:00
00:00
تحميل
86

 

ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بَعْدِ مُضِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِسَبِيلِهِ حَوَادِثُ فِي كُلِّ دَهْرٍ تَحْدُثُ، وَنَوَازِلُ فِي كُلِّ عَصْرٍ تَنْزِلُ، يَفْزَعُ فِيهَا الْجَاهِلُ إِلَى الْعَالِمِ، فَيَكْشِفُ فِيهَا الْعَالِمُ سَدَفَ الظَّلَامِ عَنِ الْجَاهِلِ بِالْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، إِمَّا مِنْ أَثَرٍ وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ، فَكَانَ مِنْ قَدِيمِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي تَنَازَعَتْ فِيهِ أُمَّتُهُ، وَاخْتِلَافُهَا فِي أَفْضَلِهِمْ بَعْدَهُ ، وَأَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَأَوْلَاهُمْ.

ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أَعْمَالِ الْعِبَادِ طَاعَتِهَا وَمَعَاصِيهَا، وَهَلْ هِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ أَمِ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ الْمُبْهَمِ مُفَوَّضٌ؟ .

ثُمَّ الْقَوْلُ فِي الْإِيمَانِ هَلْ هُوَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ أَمْ هُوَ قَوْلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟ وَهَلْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ أَمْ لَا زِيَادَةَ لَهُ وَلَا نُقْصَانَ؟ .

ثُمَّ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ هَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟

ثُمَّ رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهَمْ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أَلْفَاظِهِمْ بِالْقُرْآنِ.

ثُمَّ حَدَثَ فِي دَهْرِنَا هَذَا حَمَاقَاتٌ خَاضَ فِيهَا أَهْلُ الْجَهْلِ وَالْغَبَاءِوَنَوْكَى الْأُمَّةِ وَالرَّعَاعُ، يُتْعِبُ إِحْصَاؤُهَا، وَيُمَلُّ تَعْدَادُهَا، فِيهَا الْقَوْلُ فِي اسْمِ الشَّيْءِ أَهُوَ هُوَ أَمْ هُوَ غَيْرُهُ؟ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ الصَّوَابَ لَدَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا يزال المؤلف رحمه الله يبين فضل العلماء، وأن العلماء هم الذين يُرجع إليهم الناس في الحوادث التي تنزل، والنوازل التي تنزل بالأمة، ويفزع فيها الناس إلى العلماء الذين آتاهم الله العلم ، فالعلماء يكشفون ما أشكل على الناس ويزيلون الغبش والظلام ، ولهذا قال:"فَيَكْشِفُ فِيهَا الْعَالِمُ سَدَفَ الظَّلَامِ"يقال: سدف الليل وسدف الدجى، والسدف: الظلمة([1]).

  • بماذا يكشفونه؟

الجواب: (بِالْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، إِمَّا مِنْ أَثَرٍ وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ) أي: من أدلة نقلية أو أدلة عقلية.

ثم ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أن هناك أمور وحوادث تنازع الناس فيها، واختلفوا فيها فلابد أن نبين الصواب.

مثل اختلافهم في الإمامة بعد النبي ﷺ ، من أحق الناس بالإمامة، ومن أولاهم بالخلافة.

وكذلك من المسائل القول في أعمال العباد، أهي بقضاء الله وقدره، أم الأمر فيها مبهم ومفوض؟

ومن المسائل: الإيمان هل هو قول وعمل،أم هو قول بلا عمل، وهل يزيد وينقص؟

وكذلك من المسائل التي جَدَّت: القول في القرآن هل هو مخلوق؟أم غير مخلوق؟

وكذلك القول في ألفاظ الناس في القرآن هل هو مخلوق؟ أم غير مخلوق؟

وكذلك مسألة: رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، هل يرونه أم لا يرونه؟

ثم قال: (ثُمَّ حَدَثَ فِي دَهْرِنَا هَذَا حَمَاقَاتٌ خَاضَ فِيهَا أَهْلُ الْجَهْلِ وَالْغَبَاءِ  وَنَوْكَى الْأُمَّةِ وَالرِّعَاعُ، يُتْعِبُ إِحْصَاؤُهَا، وَيُمَلُّ تَعْدَادُهَا)

(نَوْكَى الْأُمَّةِ) يعني: الحمقى([2]).

(الرِّعَاعُ) يعني: عامة الناس ودهماؤهم([3]).

خاضوا في أمور يُتعب إحصائها، ويُمل تعدادها، تعداد بفتح التاء، وهذه قاعدة مهمة وهي: تعداد وتكرار وترداد، فالأصل فيها فتح التاء إلا مصدران هما: تلقاء وتبيان تكون بكسر التاء.

قوله: (فِيهَا الْقَوْلُ فِي اسْمِ الشَّيْءِ أَهُوَ هُوَ أَمْ هُوَ غَيْرُهُ؟) يعني: القول في الاسم هل هو المسمى أم غير المسمى؟ ثم قال رحمه الله: (وَنَحْنُ نُبَيِّنُ الصَّوَابَ لَدَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ).

 

PPP

 

 

 

الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ كَلَامُ اللَّه

فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِالْقَوْلِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَتَنْزِيلُهُ؛ إِذْ كَانَ مِنْ مَعَانِي تَوْحِيدِهِ، فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ: كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَيْفَ كُتِبَ وَحَيْثُ تُلِيَ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ قُرِئَ، فِي السَّمَاءِ وُجِدَ، وَفِي الْأَرْضِ حَيْثُ حُفِظَ، فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَانَ مَكْتُوبًا، وَفِي أَلْوَاحِ صِبْيَانِ الْكَتَاتِيبِ مَرْسُومًا، فِي حَجَرٍ نُقِشَ، أَوْ فِي وَرِقٍ خُطَّ، أَوْ فِي الْقَلْبِ حُفِظَ، وَبِلِسَانٍ لُفِظَ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ أَوِ ادَّعَى أَنَّ قُرْآنًا فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ سِوَى الْقُرْآنِ الَّذِي نَتْلُوهُ بِأَلْسِنَتِنَا وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا، أَوِ اعْتَقَدَ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، أَوْ أَضْمَرَهُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ قَالَهُ بِلِسَانِهِ دَائِنًا بِهِ، فَهُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ، حَلَالُ الدَّمِ، بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ مِنْهُ بَرِيءٌ، بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﭽ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼالبروج: ٢١ - ٢٢ ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ - عَزَّ وَجَلَّ : ﭽ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼالتوبة: ٦.فَأَخْبَرَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، أَنَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ، وَأَنَّهُ مِنْ لِسَانِ مُحَمَّدٍ مَسْمُوعٌ، وَهُوَ قُرْآنٌ وَاحِدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ مَسْمُوعٌ، فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصُّدُورِ مَحْفُوظٌ، وَبِأَلْسُنِ الشُّيُوخِ وَالشَّبَابِ مَتْلُوٌّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المسألة الأولى في مسألة القرآن، وأنه كلام الله، وما أقره المؤلف ـ رحمه الله ـ هو الصواب الذي دلت عليه النصوص، وهو معتقد أهل السنة والجماعة، أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه، وأن القرآن لفظا ومعنى وحروفا وسورا وآيات كلام الله، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، كما أقر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ـ وهي على صغر حجمها عقيدة عظيمة، ينبغي على الطالب يحفظهاـ قال: (وكلام الله هو الحروف والمعاني، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف) ([4]) قال المؤلف:(فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِالْقَوْلِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَتَنْزِيلُهُ) أنزله الله ـ سبحانه وتعالى ـ على نبينا محمد بواسطة جبرائيل ، وجبرائيل سمع القرآن من الله، تكلم الله به بحرف وصوت، وجبرائيل نزل به على قلب محمد ، قال الله تعالى: ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﭼالشعراء: ١٩٣ – ١٩٥.

  • وسبب بداءة المؤلف بالقول بأن القرآن عندنا كلام الله وتنزيله:(إِذْ كَانَ مِنْ مَعَانِي تَوْحِيدِهِ) فمن معاني توحيد الله ـ عز وجل ـ أن يعتقد المسلم أن القرآن كلام الله ، فالموحد يؤمن بأسمائه وصفاته وأفعاله، والقرآن كلام الله، صفة من صفاته، منزل غير مخلوق.

قوله: (فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ: كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَيْفَ كُتِبَ وَحَيْثُ تُلِيَ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ قُرِئَ، فِي السَّمَاءِ وُجِدَ، وَفِي الْأَرْضِ حَيْثُ حُفِظَ، فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَانَ مَكْتُوبًا، وَفِي أَلْوَاحِ صِبْيَانِ الْكَتَاتِيبِ مَرْسُومًا، فِي حَجَرٍ نُقِشَ، أَوْ فِي وَرِقٍ خُطَّ، أَوْ فِي الْقَلْبِ حُفِظَ، وَبِلِسَانٍ لُفِظَ) المعنى أن القرآن كلام الله كيفما تصرف، إذا قرأه القارئ فالقرآن كلام الله مقروء له ، وإذا سمعه السامع فالقرآن مسموع له، وإن حفظه الحافظ فكلام الله محفوظ له، إن كتبه الكاتب فكلام الله مكتوب له، فالقرآن كلام الله مكتوب في المصاحف، محفوظ  في الصدور، مسموع بالآذان.

  • مسألة: والمصحف فيه كلام الله وكلام غيره، فلا يحلف بالمصحف؛ لأنه فيه الورق والحبر، إنما يحلف بكلام الله.

فالمصحف فيه كلام الله فإذا حفظه الحافظ فكلام الله محفوظ له، وإذا سمعه السامع فكلام الله مسموع له، وإذا قرأه القارئ فكلام الله مقروء له،  وإذا كتبه الكاتب فكلام الله مكتوب له، يعني كيفما تصرف فهو كلام الله، هذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص، والذي قرره الأئمة والعلماء، كالإمام أحمد وغيره من الأئمة الأربعة، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهم من أهل العلم، كما قرره العلماء في مؤلفاتهم، وفي عقائدهم، مثل العقيدة الواسطية، والطحاوية وفي غيرهما من كتب السنة، ولهذا قال المؤلف؛ أن الصواب أنه كلام الله غير مخلوق (كيف كتب)، إذا كتب فهو كلام الله مكتوب، و(حيث تُلي) إذا تلي فكلام الله متلوْ ، (وفي أي موضع قرئ)، في السماء وجد فهو كلام الله، وفي الأرض حيث حُفظ فهو كلام الله محفوظ، في اللوح المحفوظ كان مكتوب، وفي ألواح صبيان الكتاكيب مرسوم، في حجر نُقش اذا نقشته قال فيه كلام الله، اذا كتبته في ورق الخط فهو كلام الله، في القلب حُفظ فهو كلام الله، بلسان لُفظ فكلام الله ملفوظ.

قوله: (فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ أَوِ ادَّعَى أَنَّ قُرْآنًا فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ سِوَىالْقُرْآنِ الَّذِي نَتْلُوهُ بِأَلْسِنَتِنَا وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا، أَوِ اعْتَقَدَ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، أَوْ أَضْمَرَهُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ قَالَهُ بِلِسَانِهِ دَائِنًا بِهِ) دائن به يعني: يدين ويعتقد به ربه، (فَهُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ، حَلَالُ الدَّمِ، بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ مِنْهُ بَرِيءٌ)

المؤلف ـ رحمه الله ـ يرى أن من قال:إن القرآن مخلوق فهو كافر، وهذا هو قول الأئمة من أهل السنة والجماعة.

والذين يقولون:القرآن مخلوق هم المعتزلة،فهم يقولون: كلام الله مخلوق لفظه ومعناه.

والأشاعرة يقولون: كلام الله هو المعنى دون اللفظ، فالألفاظ والحروف  مخلوقة، والمعاني هي كلام الله.

فعند الأشاعرة أن الكلام اسم للمعنى فقط؛ أما اللفظ والحروف فليست من كلام الله.

ولهذا يكون مذهب الاشاعرة نصف مذهب المعتزلة:

فالمعتزلة يقولون: الكلام مكون من لفظ ومعنى مثل ما يقوله أهل السنة؛ لكن يقول المعتزلة: مخلوق.

والأشاعرة يقولون: الكلام هو المعنى ليس بمخلوق، واللفظ مخلوق.

ولهذا يقول الأشاعرة : إن الله لا يتكلم بحرف وصوت ويسمع، والكلام معنى قائم في نفسه، مثل: العلم فلا يسمع.

كيف سمعه جبريل؟

قالوا: ما سمعه جبريل  من الله ولا كلمه.

كيف ذلك ؟

فكانوا ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى/ قالوا: الله اضطر جبريل اضطرارا ففهم المعنى القائم في نفسه فعبّر به، هذا القرآن عبّر به جبريل عليه السلام.

الطائفة الثانية/قالوا: الذي عبر به محمد r.

الطائفة الثالثة/قالوا: جبريل أخذ من اللوح المحفوظ، والله لم يتكلم ولا كلمة،ليس ثَمّ لفظ ولا حرف ولا صوت.

  • المسائل المبنية على قول الأشاعرة:
  1. لهذا يقولون:المصحف ليس كلام الله،إنما هو عبارة عن كلام الله -فيه الحروف والألفاظ- وهذا يتأدى به كلام فالله، فيسمى كلام الله مجازا.

فهم يقولون كلام الله؛ ولكن عند المناقشة يقولون: نحن نقول إنه:  كلام الله على سبيل المجاز،فنسميه كلام الله؛ لأنه تأدى به كلام الله، وإلا فليس هو بكلام الله .

  1. ولهذا فإن بعض غُلاتهم لا مانع عنده أن يطأ الإنسانُ المصحف برجله لأنه ليس كلام الله!

هذا مذهب الأشاعرة ، الذين هم أقرب الطوائف لأهل السنة.

والمؤلف ـ رحمه ـ الله قال كما قال أئمة العلم: من قال القرآن مخلوق فهو كافر، والمعنى أنه يكفّر على العموم، أما الشخص المعيّن فلا يكفّر، حتى تقوم عليه الحجة، فلان ابن فلان قال: القرآن مخلوق، لابد تقوم عليه الحجة وتُكشف الشبهة .

ثم استدل المؤلف رحمه الله بما يلي :

  1. قال تعالى ﭽﯮﯯﯰﯱﭼالبروج: ٢١.
  2. وقال:ﭽﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﭼالتوبة:٦

فأخبر أنه مسموع بالآذان من النبي صلى الله عليه وسلم، ومكتوب في اللوح المحفوظ .

قوله: (فَأَخْبَرَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، أَنَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ، وَأَنَّهُ مِنْ لِسَانِ مُحَمَّدٍ مَسْمُوعٌ، وَهُوَ قُرْآنٌ وَاحِدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ مَسْمُوعٌ، فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصُّدُورِ مَحْفُوظٌ، وَبِأَلْسُنِ الشُّيُوخِ وَالشَّبَابِ مَتْلُوٌّ)

بيّن المؤلف رحمه الله وجه الدلالة من هذه الآيات أنه في اللوح المحفوظ مكتوب، وأنه من لسان محمد مسموع.

فأراد المؤلف بيان أن القرآن محفوظ سواء:

  1. من محمد مسموع.
  2. في اللوح المحفوظ مكتوب.
  3. في الصدور محفوظ.
  4. في ألسنة الشيوخ والشباب متلو،فتتلوه ألسنة الشيوخ والشباب كما قال القحطاني في نونيته:

إن الذي هو في المصاحف مثبت ... بأنـامل الأشيـاخ والشبـان([5])

PPP

 

 

موقف أبي جعفر ممن تقول عليه

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَنْ رَوَى عَنَّا، أَوْ حَكَى عَنَّا، أَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا، فَادَّعَى أَنَّا قُلْنَا غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، وَلَعْنَةُ اللَّاعِنَيْنِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا قَبِلَ اللَّهُ لَهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَهَتَكَ سِتْرَهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطبري ـ رحمه الله ـ دعا على من روى عنه أو حكى عنه أو تقول عليه (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، وَلَعْنَةُ اللَّاعِنَيْنِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا قَبِلَ اللَّهُ لَهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) الصرف قبل التوبة، وقيل: النافلة، والعدل، قيل: الفدية، وقيل: الفريضة، يدعو (وَهَتَكَ سِتْرَهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ولو دعا له بالهداية كان أولى أن يهديه الله للصواب  .

PPP

 

 

 

جعفر الصادق والقول بخلق القرآن

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ عَنِ الْقُرْآنِ: مَخْلُوقٌ أَوْ خَالِقٌ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»([6])

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا القول لجعفر بن محمد الصادق، وهو من أئمة أهل البيت، وهو معروف  بالصلاح والعدالة، لما قيل له:«إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ عَنِ الْقُرْآنِ: مَخْلُوقٌ أَوْ خَالِقٌ؟ »،  وقال رحمه الله:«إِنَّهُ لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وهذا ثابت عن جعفر الصادق فقد أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"، والحديث له طرق يشد بعضها بعضا.

وهذا هو الحق أن القرآن كلام الله، والله هو الخالق والقرآن ليس خالق ولا مخلوق؛  بل كلام الله صفة من صفات الله.

سؤال: هذا سائل يقول ما الآثار المترتبة على الخلاف بين أهل السنة وغيرهم في مسألة خلق القرآن؟

جواب:لمسألة أن أهل السنة يقولون أن القرآن كلام الله صفة من صفاته ، منزل

غير مخلوق، والمعتزلة يقولون الكلام مخلوق، فيقولون أن الله خلق الكلام في الهواء،أو في الشجرة، وأن الشجرة هي التي كلمت موسى، وقالت يا موسى إني أنا الله رب العالمين: ﭽﭵ ﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼالقصص: ٣٠، هؤلاء جعلوا صفة الله مخلوق، هذا كفر وضلالة، وأهل السنة يقولون كلام الله ليس مخلوقا، والأشاعرة يقولون الكلام هو المعنى، والحروف والألفاظ مخلوقة ليست من كلام الله، ما هو دليلكم على هذا؟ قالوا دليلنا بيت منسوب للأخطل النصراني :

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما             جعل اللسان على الفؤاد دليلا

هذا ينسب إلى الأخطل وهو بيت مصنوع لا يوجد في ديوانه ولو وجد في ديوانه فهو نصراني، والنصارى لا يحتجون بقولهم بل إن النصارى ضلوا في معنى الكلام، النصارى يقولون أن عيسى نفس كلمة الله أي جزء من الله  ، والمسلمون يقولون أن عيسى مخلوق بالكلمة: ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﭼ آل عمران: ٥٩، عيسى مخلوق بالكلمة وليس هو الكلمة ، والنصارى يقولون عيسى نفس الكلمة وهو جزء من الله نعوذ بالله ، إذا النصارى ضلوا في معنى الكلام، كيف استدلوا بقول الأخطل في معنى الكلام؟هل يستدلوا بقول نصراني ضلّ في معنى الكلام على  معنى الكلام؟ ، أيترك قول الرسولﷺ ويستدل بقول نصراني؟ !!

PPP

 

 

القرآن كلام الله

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْأمُلِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأمُلِيُّ أَبُو مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: أَدْرَكْتُ مَشَايِخَنَا مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: « الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ» ([7])

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الأثر عن المحدث المشهور عمرو بن دينار، يقول فيه: (أَدْرَكْتُ مَشَايِخَنَا مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: « الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ») أي: ليس بخالق ولا مخلوق، («مِنْهُ بَدَأَ») أي: تكلم الله به، («وَإِلَيْهِ يَعُودُ») يعني في آخر الزمان حينما يترك الناس العمل(به)، فيرفع القرآن، فمن الأشراط نزع القرآن من الصدور، فيصبح الناس لا يجدون في صدورهم آية، ولا في مصاحفهم آية.

ومن أشراط الساعة الكبار التي تتبعها الساعة:

المهدي، والدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج([8]).

PPP

 

 

الْقَوْلُ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

وَأَمَّا الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهَمْ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ دِينُنَا الَّذِي نَدِينُ الِلَّهَ بِهِ، وَأَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَهُوَ: أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَهُ عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المسألة الثانية وهي: القول في رؤية الله ـ عز وجل ـ وبيّن أبو جعفر أن الصواب هو قول أهل السنة والجماعة، التي دلت عليه النصوص والصواب أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عياناً بأبصارهم ، وهذا الذي أقره الأئمة، وهو الذي دلت عليه النصوص:

  1. ﭽﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭼالقيامة: ٢٢ – ٢٣.

 والمراد النظر بالعين بدليل:

  • أنه إضاف النظر إلى الوجه.
  • عدّاه بكلمة (إلى).

فدل على أن النظر بالعين المجردة.

  1. قال الله تعالى عن الكفرة:ﭽﮄﮅﮆﮇﮈﮉﭼالمطففين: ١٥
  2. الأحاديث الكثيرة في الصحيحين وفي غيرهما، التي بين النبيrفيها أن المؤمنين يرون ربهم كما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب ، كما في حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ r، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ،...»([9]).

هذه عقيدة أهل السنة والجماعة،أن المؤمنينيرون ربهم عياناً بأبصارهم، يرونه في موقف القيامة، ويرونه في الجنة.

وثبت أن المؤمنين يرون ربهم أربع مرات في موقف القيامة، كما بينت الأحاديث؛ - يرونه أولاً، ثم يتحول.

  • ثم يرونه ثانية في غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة،  فينكرون.
  • ثم يرونه في الصورة التي رأوه فيها أول مره، فيسجدون له، إلا المنافقين لا يستطيعون السجود.
  • فإذا رفعوا رؤوسهم رأوه مره أخرى، فهذه أربع مرات.

أما الكفرة فهم محجوبون ﭽﮄﮅﮆﮇﮈﮉﭼالمطففين: ١٥، وهل يرونه في موقف القيامة؟

الجواب: فيه خلاف؛ فبعضهم:

القول الأول: قال: يرونه ثم يحجبون، ويكون حجبهم عذاب عليهم.

القول الثاني: ومنهم من قال: أن الرؤية خاصة بالمؤمنين،ولا يراه إلا المؤمنون والمنافقون؛ لأنهم كانوا معهم.

القول الثالث: لا يراه إلا المؤمنون.

* مذهب أهل البدع في رؤية الله:

أنكرت المعتزلة والجهمية رؤية الله في الآخرة، وفسروا الأحاديث بأنها العلم «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ» قالوا:أنكم تعلمون ربكم كما تعلمون القمر، لا تشكون في العلم به ، وهذا من أفسد مما قيل في تفسير الحديث.

أما الأشاعرة فإنهم جمعوا بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، فقالوا قولا مذبذباً، قالوا:إن المؤمنين يرون ربهم؛ لكن في غير جهة.

أيرون ربهم من فوق؟ يقولون: لا.

من تحت؟ يقولون: لا.

من يمين؟يقولون: لا.

من شمال؟يقولون: لا.

من أمام؟يقولون: لا.

من خلف؟يقولون: لا.

أين يرونه؟يقولون: يرون الله في غير جهة!

فسخر كثير من العقلاء منهم، وقالوا:إن هذا قول يضحك منه العقلاء، ولا يمكن أن تكون الرؤية إلا بمواجهة الرائي، ومباينته له.

فنقول: إن قول أن الله في غير جهة، قول لا وجه له، ولا يمكن أن تكون الرؤية إلا بجهة من الرائي .

PPP

 

دليل الرؤية من  السنة

حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، وَحَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ تَمِيمٌ: أَنْبَأَنَا يَزِيدُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ رَاءُونَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ r : ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇﮈﭼق: ٣٩([10]).

وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ، قَالَ يَزِيدُ: مَنْ كَذَّبَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. حَلَفَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَقُولُ أَنَا: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَدَقَ يَزِيدُ وَقَالَ الْحَقَّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحديث أصله في الصحيحين في حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ r، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ،...»([11]) أي: لا يصيبكم ضيم، ولا ازدحام ، كما أن الإنسان يرفع رأسه ويرى القمر فوقه، فكذلك الإنسان يرى ربه يوم القيامة من دون ازدحام، بخلاف الشيء الذي تنظر له تحت فتحتاج الى ازدحام، وكلٌ  يرى القمر وهو في مكانه، تشبيه برؤية الله رؤيةً واضحة، كما ترون القمر فوقكم رؤية واضحة ، وليس المراد تشبيه الله بالقمر ـ تعالى الله ـ وإنما المراد تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي ، كما في حديث الصحيحين.

وذكر وجاء عند الشيخين زيادة وهي من قول النبي r: «فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا»([12]) والصلاة التي قبل طلوع الشمس هي الفجر، والتي قبل غروبها هي العصر.

قال العلماء:إن المحافظة على هاتين الصلاتين: الفجر والعصر لهما مزيّة في الرؤية،فالمحافظة عليهما من أسباب النظر لله يوم القيامة.

قوله: (قَالَ يَزِيدُ: مَنْ كَذَّبَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. حَلَفَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَقُولُ أَنَا: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَدَقَ يَزِيدُ وَقَالَ الْحَقَّ)([13]) ، من أنكر رؤية الله ثبت عند العلماء والأئمة أنه كافر، وهذا التكفير ـ كما سبق ـ على العموم؛أما المعيّن فلا يكفر حتى تقوم عليه الحجة.

والمعتزلة أنكروا  رؤية  الله ـ عز وجل ـ فقالوا:إن الله لا يُرى، كما قالوا:أن القرآن مخلوق، وقد كفر المعتزلة جمع من أهل العلم.

سؤال:أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة هذا سائل يقول هل يصح إطلاق

الجهة في مسألة الرؤية؟، فيقال إن الله يرى إلى جهة العلو، أو يقال في العلو من دون ذكر الجهة؟

جواب:نعم الأصل في لفظ الجهة لفظ مجمل لم يرد في كتب السنة لا بنفي ولا

بإثبات، فمن قال إن الله في جهة استفسر، يقال  ما مرادك بالجهة؟ فإذا كانت جهة ثبوتيه وأن الله في شي (من) مخلوقاته فهذا باطل، وإن قال جهة عدمية وهي ما فوق العرش نعم  فالله في جهة، كذلك لا يقال إن الله جسم أو غير جسم، هذا لا ينكر  بنفي ولا إثبات؛ولكن الله في علو  من فوق ﭽﯔﯕﯖﯗﭼالنحل: ٥٠،أما إذا قال الله  في جهة نقول ما مرادك بالجهة؟ إذا كان مرادك العرش وما دونه؟ فهذا باطل فالله ليس في شيء من مخلوقاته، وإن قال من الجهة العدمية وهي ما فوق العرش انتهت المخلوقات،  والمخلوقات سقفها عرش الرحمن والله فوق العرش، إن أراد جهة عدمية فهذا حق، المقصود أن من أثبت الجهة أو نفاها لابد أن يستفصل؛ لكن يقال إن الله في العلو فوق يرون الله من فوقهم وهو العلي العظيم، ﭽﭴﭵﭶﭷﭼ الملك: ١٦، كلمة الجهة لا تطلق نفياً ولا إثباتاً ، لكن إذا أطلقت لا بد أن يستفصل ، فالمؤمنين يرون ربهم من فوقهم .

 

 

الْقَوْلُ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ

وَأَمَّا الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ لَدَيْنَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ أَفْعَال الْعِبَادِ وَحَسَنَاتِهِمْ وَسَيِّئَاتِهِمْ: فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُقَدِّرُهُ وَمُدَبِّرُهُ، لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَحْدُثُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كَمَا يُرِيدُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المسألة الثالثة في: أفعال العباد حسناتهم وسيئاتهم، ومسألة أفعال العباد اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال :

القول الأول: وهو القول الحق، قول أهل السنة والجماعة، والذيدلت عليه النصوص؛أن أقوال وأفعال العباد وقعت باختيارهم، وأن لهم قدرة واختيار، وإن كان الله خلق العباد؛ لكن العباد باشروا الأعمال والأقوال مختارين، فلهم قدرة ولهم اختيار، وأفعال العباد نوعان :

النوع الأول: أفعال اضطرارية، كحركة المرتعش والنائم ونبض العروق، هذه أفعال ليس فيها اختيار .

النوع الثاني: أفعال اختيارية، كأن تقوم وتصلي وتصوم،فلا أحد يمنعك، فأفعال العباد تنسب إليهم حسناتهم وسيئاتهم، فهم يثابون على الطاعات، ويعاقبون على المعاصي، فهي أقوالهم وأفعالهم من الله خلقا وإيجادا، و من العباد كسبا وتسببا واختيارا، فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة.

القول الثاني: ذهبت القدرية إلى أن العباد خالقون لأفعالهم الطاعات والمعاصي، قالوا: إن العباد هم الذين خلقوا أفعالهم وأقوالهم.

شبهتهم في ذلك أنهم قالوا: لو قلنا : أن الله خلق المعاصي، وعذب عليها لصار ظالما، فنقول: أن العبد هو الذي خلق المعصية، حتى يعذب عليها، والعبد هو الذي فعل الطاعة، حتى يثاب عليها.

ولهذا قالوا: يجب على الله أن يثيب المطيع، فيستحق المطيع الثواب على الله كما يستحق الأجير أجرته؛ لأنه هو الذي خلق فعله، كما أن على الله أن يعاقبه، وليس أن يعفو عنه.

القول الثالث: ذهبت الجبريه ـ جبرية الأشاعرة والجهمية ـ إلى أن الأفعال أفعال الله، قالوا: إن  الأقوال والأفعال كلها لله، والعبد ليس له أفعال؛ بل هي أفعال الله، فالله هو المصلي والصائم والفاعل ، والعباد وعاء، فأفعال العباد كلها اضطرارية، مثل نبض العروق؛ والأفعال والأقوال تُمَرُّ عليهم فهم كالكوز الذي يصب فيه الماء، والله هو الفاعل كصبّاب الماء فيه، فليس لهم قدرة واختيار، وهذا من أبطل الباطل .

والصواب ما أقره أبو جعفر وهو مذهب أهل السنة والجماعة؛ أن العباد لهم أفعال اضطرارية، ولهم أفعال اختيارية، فهي من الله خلقا وإيجادا وتقديرا، ومن العبد فعلا وتسببا وكسبا ومباشرة  كما قرره المؤلف، ولهذا قال: (وَأَمَّا الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ لَدَيْنَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ أَفْعَال الْعِبَادِ وَحَسَنَاتِهِمْ وَسَيِّئَاتِهِمْ: فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُقَدِّرُهُ وَمُدَبِّرُهُ، لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَحْدُثُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كَمَا يُرِيدُ) هذا مذهب أهل السنة والجماعة؛

خلافا للقدرية القائلين أنهم العباد يخلقون أفعالهم، وخلافا للجبرية القائلين إن الأفعال أفعال الله، وأن العبد مجبور على أفعاله .

PPP

 

 

الإيمان بالقدر

حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ»([14]). اللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي الْخَطَّابِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (بن يحيى).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحديث ضعيف فإن فيه: عبد الله بن ميمون، منكر الحديث متروك ، فإنه متهم بالكذب، وإن كان له شواهد، لكن أصح منه حديث جبريل عليه السلام، الذي رواه الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب مطولا، ورواه البخاري عن أبي هريرة مختصراً أن جبريل عليه السلام لما سأل النبي ﷺعن الإيمان قال:"الايمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"([15]).

ومن القدر أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وفي الباب أيضا أحاديث أخرى أن عبادة بن الصامت قال لابنه:«يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، وَلَنْ تَبْلُغْ حَقَّ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِاللهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ وَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ الْقَدَرِ مِنْ شَرِّهِ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ»([16])


PPP

 

 

القدرية

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ  ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ»([17])

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحاديث المرفوعة إلى النبي r في القدرية بين العلماء أنها ضعيفة ولكنها ثابتة عن الصحابة، بخلاف أحاديث الخوارج، فأحاديثهم ثابتة في الصحيحين وغيرها، وشيخ المؤلف اسمه الدورقي وليس الجوزجاني، فليس في شيوخ المؤلف من اسمه يعقوب ابراهيم الجوزجاني.

وحديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه كلام وله شواهد.

فالحديث ثابت عن ابن عمر وهو حديث حسن ،  يقول ابن عمر:«الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ »، سمّاهم مجوس؛ لمشابهتهم للمجوس في القول بتعدد الخالق، فالمجوس تقول العالم له خالقان: خالق للخير وهو النور، وخالق للشر وهو الظلمة، ووافقهم القدرية فسمّوا  مجوس؛ لأنهم يوافقونهم؛ لأنهم يقولون العبد يخلق فعل نفسه، وعلى هذا كل واحد خالق، فوجه الشبه القول بتعدد الخالق.

ولكن القدرية زادوا على المجوس،فالمجوس ما قالوا  إلا بخالقَينِ، والقدرية قالوا: خالقِينَ بعدد الجن والإنس.

فالقدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم، لأنهم مبتدعة، والمبتدع لا يُزار لا يُعاد ولا تُتبع جنازته ، قد حذر الأئمة والعلماء من أهل البدع وحضور مجالسهم وزيارة مرضاهم، تحذير للناس من بدعتهم وهجراً لهم لأهل البدع.

PPP

 

 

الْقَوْلُ فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَمَّا الْحَقُّ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي أَفْضَلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَتَابَعَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ السَّلَفُ وَذَلِكَ مَاحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ سِوَى النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَاخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَهُمْ خَيْرَ أَصْحَابِي، وَفِي أَصْحَابِي كُلِّهِمْ خَيْرٌ، وَاخْتَارَ أُمَّتِي عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَاخْتَارَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَةَ قُرُونٍ مِنْ بَعْدِ أَصْحَابِي، الْقَرْنَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ تَتْرَى، وَالْقَرْنَ الرَّابِعَ فَرْدًا»([18])

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المسألة الرابعة وهي:الْقَوْلُ فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ r، تكلم فيها المؤلف عن الصحابة وعن الخلفاء بعد النبيﷺ، وبين أن أحقّ الناس بالخلافة أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، وهذا هو الذي أجمع عليه الصحابة، فقد أجمعوا على أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة، مرتبون هكذا في الخلافة وفي الفضل، أفضل الناس وأحقهم بالخلافة أبو بكر، ثم أفضل الناس وأحقهم بالخلافة بعد أبي بكر عمر، ثم أفضل الناس وأحقهم بالخلافة بعد عمر عثمان، ثم أفضل الناس وأحقهم بالخلافة بعد عثمان علي رضي الله عنهما.

لكن حصل في تفضيل عثمان رضي الله عنه على علي رضي الله عنه خلاف في مذهب الإمام أبي حنيفة، فقد روي عن الإمام أبي حنيفة أنه يقول أن عليا أفضل من عثمان في الفضيلة؛ لكن في الخلافة يقدم عثمان على علي.

الخلاف في أي شيء ؟ خلاف في الفضيلة ، هذه رواية ، ثم روي عنه أنه رجع ووافق الجمهور.

هذا الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية([19])،أن الخلاف في الأفضلية لا في الخلافة، فمن قدم عليا على عثمان رضي الله عنهما في الخلافة فهو أضل من حمار أهله؛ ولأن من قدم عليا على عثمان رضي الله عنهما فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، لأن المهاجرين والأنصار أجمعوا على بيعة عثمان رضي الله عنه وأن عثمان رضي الله عنه أحق، ومن قال أن عليا أفضل من عثمان t في الخلافة فقد احتقر قول المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم وأرضاهم:ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ التوبة: ١٠٠.

هذا ما أقره ابن  جرير ـ رحمه الله ـ وفي حديث  جابر بن عبد الله قال رسول اللهﷺ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ سِوَى النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَاخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَهُمْ خَيْرَ أَصْحَابِي، وَفِي أَصْحَابِي كُلِّهِمْ خَيْرٌ»، والشاهد أنه قال: « وَاخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا» لكن ليس فيه ترتيب، ثم قال:«وَاخْتَارَ أُمَّتِي عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَاخْتَارَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَةَ قُرُونٍ مِنْ بَعْدِ أَصْحَابِي الْقَرْنَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ تَتْرَى، وَالْقَرْنَ الرَّابِعَ فَرْدًا» وهذا الحديث ضعيف، وفي متنه نكارة كما قال المحقق ابن عساكر في تاريخ دمشق([20])، وسنده ضعيف:

  1. لضعف عبد الله بن صالح، أبو صالح.
  2. في متنه نكارة،وهذه النكارة من جهتين:

الجهة الأولى: أنه قال: «وَاخْتَارَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَةَ قُرُونٍ مِنْ بَعْدِ أَصْحَابِي»، والصواب: أن القرن الأول هو القرن الذي فيه النبيﷺ ليس من بعد أصحابي.

الجهة الثانية: قوله: «وَالْقَرْنَ الرَّابِعَ فَرْدًا»، ذكر أربعة قرون بعد قرنهﷺ، فصارت خمسة قرون، والقرن الذي فيه النبي ﷺ ليس فيه فضيلة أربعة قرون بعد قرن النبيﷺ، وهذا مخالف للحديث الصحيح، والأحاديث الصحيحة  دلت على أن القرون المفضلة ثلاثة.

القرن الأول هو قرن النبي ﷺ كحديث عمران بن حصين:«خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» - قَالَ عِمْرَانُ: لاَ أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ r بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً»والصواب أنه ذكر بعد قرنه: قرنين. قَالَ ﷺ: «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ»([21]). لو أتى المؤلف بحديث عمران بن حصين الصحيح لكان أولى من أن يأتي بذاك الحديث.

PPP

فضل الخلفاء وترتيبهم

وَكَذَلِكَ نَقُولُ: فَأَفْضَلُ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصِّدِّيقُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ الْفَارُوقُ بَعْدَهُ عُمَرُ، ثُمَّ ذُو النُّورَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، ثُمَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذكر المؤلف أن أفضل الصحابة الصديق ثم الخلفاء عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، و(ثم) تفيد الترتيب والتراخي، ولكن في عبارته رحمه الله غاير بين الأئمة الثلاثة، وبين الخليفة الرابع، فالصديق رضي الله عنه أتى بكنيته ولقبه ، وعمر رضي الله عنه أتى بالكنية واللقب، ثم أتى بكنية ولقب عثمان رضي الله عنه، ثم قال: (ثُمَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ).

ومن هنا ذهب بعض من قال: إن الطبري متشيع؛ لأنه ميّز عليا على عثمان رضي الله عنهما بل يميز عليا رضي الله عنه على الخلفاء الراشدين، فهو ذكرهم جميعهم بالكنية، ثم ميز عليا رضي الله عنه بأمير المؤمنين،وكان الأولى أن يقول: أبا الحسن.

أما أن يميز عليا رضي الله عنه ويقول: (أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ) فهذا الذي دعا بعض الناس أن يرموه بالتشيع.

ولكنه لديه عذر أنه لم يخصه بشيء، وأنه إنما هو:أمير المؤمنين وإمام المتقين.

ليس كما تقول الرافضة:أنه معصوم، فبين أنه ليس معصوما، وأنه ليس الخليفة الأول، فلهذا أنا أصفه أنه أمير المؤمنين ولا أصفه كما تصفه الرافضة بالمعصوم،أو كرّم الله وجهه.

فالرافضة يقولون أن النبي ﷺنص على أن الأئمة بعده اثني عشر،  وأن الأئمة معصومون، وأن أول نص على علي بن أبي طالب، ثم على الحسن بن علي ثم الحسين بن علي، ثم البقية من نسل حسين ، الرابع علي بن الحسن زين العابدين والخامس ثم محمد بن علي الباقر، ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى، ثم محمد علي الجواد، ثم بعد ذلك الهادي ثم المهدي، حتى يصل إلى المهدي المنتظر محمد بن حسن الثاني عشر من نسل الحسين.قالوا: [هؤلاء الأئمة معصومون[ وقالوا: [إن الصحابة كفروا وارتدوا بعد موت النبي ﷺوأخفوا النصوص التي تدل على النص للأئمة ، وولوا أبا بكر زورا وبهتانا . ثم ولّوا عمر زورا وبهتانا،ثم ولّوا عثمان زورا وبهتانا، ثم وصلت للخليفة الأول علي بن أبي طالب].

وتكفير الصحابة هذا مذهب الرافضة ، تكفير الصحابة ردة عن الإسلام؛ لأن الله زكاهم وعدلهم ووعدهم بالجنة ، فمن كفّرهم فقد كذب الله، ومن كذب الله فقد كفر.

كما أنهم يعبدون آل البيت ويستغيثون بهم وهذا  شرك ، كما أنهم يعتقدون أن القرآن غير محفوظ أو ما بقي منه إلا الثلث، وهذا تكذيب لله في قوله ـ عز وجل ـ ﭽ ﮗ  ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼالحجر: ٩.

فأبو جعفر ابن جرير عذره أنه أراد أن يبين أنه ليس معصوماً، ويريد أن يتبرأ من قول النواصب والخوارج الذين يكفّرون عليا، وينصبون له العداوة أو يفسقونه، فقال:إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين.

لكن مع ذلك الأولى أن يقول كما قال في الأئمة الثلاثة: أبو الحسن علي بن أبي طالب.

وإمام المتقين على الإطلاق هو الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لكن مقصود المؤلف أن عليا إمام المتقين في زمانه بعد النبي ﷺ، وإلا فالرسول ﷺ هو إمام المتقين في حياته وبعد مماته .

PPP

 

 

 

الصواب فيمن هو أحق بالإمامة

وَأَمَّا أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا مَنْ أَوْلَى الصَّحَابَةِ بِالْإِمَامَةِ، فَبِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جَمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مُلْكٌ»([22])، قَالَ لِي سَفِينَةُ: أَمْسِكْ خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ: سَنَتَانِ، وَخِلَافَةُ عُمَرَ: عَشْرٌ، وَخِلَافَةُ عُثْمَانَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ، وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ: سِتٌّ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهَا ثَلَاثُونَ سَنَةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحديث أخرجه أبو داوود والترمذي، وهو حديث حسن،ومقصود المؤلف بهذا أن يبين إثبات خلافة الخلفاء الراشدين، خلافا للرافضة الذين ينكرون خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.

وهذا الحديث معروف بحديث سفينة، قال: فنظرت فوجدتها ثلاثون سنة، أي: تستغرق خلافة الخلفاء الراشدين. ولهذا قال له:أمسك؛ خلافة أبي بكر سنتان - والمقصود حذف الكسر، وإلا فخلافة أبي بكر سنتان وأربعة أشهر-، وخلافة عمر عشر - حذف الكسر، وإلا فهي عشر وستة أشهر -، وخلافة عثمان اثنا عشر  - وكسر-، وخلافة علي أربع سنين - وكسر - إذا جمعتها يبقى ستة أشهر للحسن بن علي رضي الله عنه الذي تولى الخلافة بعد أبيه، ثم تنازل بعد ستة أشهر عنها لمعاوية رضي الله عنه لحقن دماء المسلمين.

فيكون جميعها ثلاثون سنة من خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وستة أشهر التي تولي فيها الحسن بن علي رضي الله عنه.

وهذا خلافا للرافضة الذين يقولون:إن أبا بكر مغتصب وظالم، وعمر مغتصب وظالم، وعثمان مغتصب وظالم، وأن الخليفة الأول الذي نُص عليه هو: علي ـ رضي الله عنه ـ  وهذا باطل.

وحديث سفينة حديث حسن تلقاه العلماء بالقبول، وفيه:إثبات خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم خلافاً للرافضة .

 

([1])انظر: لسان العرب، ابن منظور (9/ 146) والقاموس المحيط، الفيروز آبادي (818).

([2])قال ابن منظور: "الأنوك: الأحمق، وجمعه نوكى" لسان العرب، (10/ 501) .

([3])انظر: لسان العرب (8/ 128) القاموس المحيط (722) .

([4])

([5])نونية القحطاني ـ رحمه الله ـ  ص: 53

 

([6])  أخرجه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد ص44،  في كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمدج1/151 ،152 ،153، وله في كتاب الرد على الجهمية ج2/482، والدارمي في كتاب الرد على الحهمية ص 189،  وفي شرح اصول اعتقاد أهل السنة للالكائ ج2/264، و البيهقي في الأسماء والصفات ج2/602، وفي الاعتقاد  ص 107، وقال عقيبه : وكذلك رواه سويد بن سعيد، عن معاوية بن عمار، عن جعفر الصادق، وكذلك رواه قيس بن الربيع، عن جعفر، فهو عن جعفر صحيح مشهور.

([7])  وذكره اللالكائي في شرح أصول اعتقاد هل  السنة والجماعة بسنده من طريق البخاري قال حدثنا الحكم بن محمد ، قال حدثنا سفيان بن عيينة، قال : وذكره ج2/262، 267، 302.

([8])  أخرج أبو داود في سننه كتاب الملاحم، باب أمارات الساعة، رقم (4310) عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: كُنَّا قُعُودًا نَتَحَدَّثُ فِي ظِلِّ غُرْفَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَذَكَرْنَا السَّاعَةَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لَنْ تَكُونَ - أَوْ لَنْ تَقُومَ - السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَالدَّجَّالُ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالدُّخَانُ، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ، خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنَ الْيَمَنِ، مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ " وصححه الألباني.

([9])  متفق عليه أخرجه البخاري في أكثر من موضع، منها في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، رقم (7434) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع  الصلاة، باب فضل صلاة العصر والمحافظة عليها، رقم (633).

([10])  سبق تخريجه.ولفظه في الصحيحين: (سترون ربكم).

([11]) سبق تخريجه.

([12])  جزء من حديث جرير بن عبدالله في الصحيحين المخرج سابقا.

([13])  هذا كلام ابن جرير ـ كما سبق ـ  وقول يزيد بن هارون كما ذكره ابن جرير، ذكره ـ يضا ـ  عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب السنةج1/232، وأبو حفص ابن شاهين  في شرح مذاهب أهل السنة ص30.

([14])  أخرجه الترمذي في كتاب أبواب القدر، باب ما جاء في الإيمان بالقدر خيره وشره، رقم (2144)، وقال عقيبه:وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن ميمون، وعبد الله بن ميمون منكر الحديث.

([15])  صحيح مسلم من حديث أبي هريرة في كتاب الإيمان ، باب الإسلام وما هو وبيان خصاله، رقم (10) وفي البخاري كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عن الإسلإم .... رقم (50).

([16])  أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في القدر ، رقم (4700)، والإمام أحمد ج5/317، رقم (22757)، واللفظ له، وصححه الألباني.

([17])  أخرجه أبو داود في كتاب السنة ، باب  في القدر، رقم (4691)، وابن أبي عاصم في السنة ج1/149، والطبراني في الأوسط ج3/65.

([18])  أخرجه ابن حبان في المجروحين ج2/41، والخطيب في تاريخ بغداد ج 4/272، وأبو نعيم الأصبهاني في كتاب (فضل الخلفاء الأربعة وغيرهم ص173).

([19])  العقيدة الواسطية ص117، 118 ط 1420هـ

([20]) انظر تاريخ دمشق ج29/184، 185، 198.

([21])  متفق عليه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، رقم (2651)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ ـ باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم (2535).

([22])  أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في الخلفاء، رقم (4646)،  والترمذي في كتاب أبواب الفتن، باب ما جاء في الخلافة، رقم (2226).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد