(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :
فقال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا و الاخرة وأن يجعلك مباركاً أينما كنت وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هذه الثلاث عنوان السعادة.
(الشيخ)
الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسولنا ونبينا محمد على آله وصحبه أجمعين أما بعد :
هذه الرسالة وهي رسالة القواعد الأربع للإمام الشيخ محمد عبد الوهاب رحمة الله عليه رسالة عظيمة وهي قصيرة سماها تسمى القواعد الأربع لاشتمالها على قواعد أربع تميز بين المشركين والمسلمين .
قواعد أربع يتميز بها المؤمن من الكافر يتبين بها المشرك من الموحد .
قال الإمام الشيخ المجدد محمد عبد الوهاب رحمة الله عليه في أولها أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن يجعلك مباركاً أينما كنت و أن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة .
المؤلف رحمة الله بدأ هذه الرسالة بالدعاء وتوسل إلى الله بربوبيته وتوسل إلى الله بصفاته وباسمه الكريم وربوبية ذي العرش العظيم ودعا لك يا طالب العلم سأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن يجعلك مباركا أينما كنت وهذا من نصح هذا الإمام رحمه الله يعلمك ويدعو لك يسأل الله ويتوسل إلى الله باسمه الكريم وبربوبية العرش العظيم بأن يتولاك الله الدنيا والآخرة ومن تولاه الله الدنيا والآخرة سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وأن يجعلك مباركا أينما كنت في أي مكان حللت يجعلك مباركا , وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة .
يعني أن الإنسان يتقلب بين هذه الأحوال الثلاثة :
إما أن يكون في نعمة فيحتاج إلى شكر .
وإما أن يكون في مصيبة وبلية فيحتاج إلى صبر .
وإما أن يكون يقع في ذنب فيحتاج على توبة واستغفار .
فإذا كان الإنسان إذا أصابته نعمة حصل على نعمة شكر , شكر لله بقلبه بأن اعترف بأنها لله من الله , وشكر بلسانه أثنى على الله بها ونسبها إلى الله ، وبجوارحه استعملها في مرضاة الله , هذا الشكر بالقلب وباللسان وبالجوارح .
فإذا كان الإنسان إذا حصل له نعمة شكرها وإذا حصل له بليه ومصيبة صبر بمعنى حبس نفسه عن التشكي وحبس نفسه عن الجزع وحبس لسانه عن التشكي وحبس جوارحه عما يغضب الله هذا الصابر .
يحبس نفسه عن الجزع فلا يجزع , ويحبس لسانه عن التشكي , ويحبس جوارحه عما يغضب الله هذا الصابر.
وإذا أذنب تاب واستغفر.
هذا قال المؤلف هؤلاء الثلاث عنوان السعادة ، يعني علامة على السعادة .
ما هي علامة السعادة ؟
علامة سعادة العبد أنه إذا أصابته نعمة شكر , وإذا أصابته بليه ومصيبة صبر , وإذا وقع في ذنب تاب واستغفر ,
إذا كنت كذلك فاعلم أن هذه علامة السعادة لأن الإنسان يتقلب بين هذه الأمور الثلاثة:
إما في نعمه فيحتاج إلى شكر , وإما في بلية ومصيبة فيحتاج إلى صبر , وإما في ذنب ومعصية فيحتاج توبة واستغفار. نعم .
(المتن)
اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم وهو أن تعبد الله مخلصا له الدين وبذلك أمر الله جل وعلا جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
(الشيخ)
يقول المؤلف رحمة الله اعلم أرشدك الله لطاعته ، اعلم يعني تيقن واجزم فإن العلم حكم الذهن الجازم اعلم تيقن من غير شك ومن غير تردد ، اعلم يعني تيقن واجزم .
ثم دعا لك أيضا دعاء قال أرشدك الله لطاعته سأل الله أن يرشدك لطاعته وهذا من نصحه رحمه الله ،
اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصا له الدين هذه الحنيفية .
إذا قيل لك ما هي الحنيفية ملة إبراهيم ؟
الجواب: أن تعبد الله مخلصا له الدين هذه هي الحنيفية التي قال الله لنبينا ﷺ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا التي أمر نبينا ﷺ أن يتبعها ما هي ؟
الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصا له الدين والحنيفة هي التوحيد وهي دين الاسلام سميت حنيفية لكونها من الحنف وهو الميل لكونها مائلة عن الشرك .
ولهذا تسمى دين الإسلام تسمى الملة العوجاء لأنها منحرفة الحنيفية منحرفة ومائلة عن الشرك والبدع وان كانت نفسها مستقيمة هي في نفسها مستقيمة لكنها عوجاء بالنسبة لميلها عن ملل الكفر وعن البدع فالحنيفية ملة إبراهيم سميت حنيفية لكونها مائلة عن الشرك ومستقيمة على الحق.
الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصا له الدين ، تعبد الله مع الإخلاص ، شيئان عبادة مع إخلاص أما عباده وحده فلا.
لو قيل تعبد الله فقط ما يكفي لأن الانسان قد يعبد الله ويعبد غيره معه غيره فالمشركين يعبدون الله ويعبدون معه غيره , ما صارت الحنيفية.
ما تكفي العبادة لكن لا بد لها من أمرين : أن تعبد الله مخلصا له الدين، وإذا كنت تعبد الله مخلصا له الدين هذا هو معنى لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله عبادة مع اخلاص، نفي وإثبات تنفي العبادة عن غير الله و تثبتها لله ، أن تعبد الله بمعى أنك تتقرب إلى الله بالعبادات وتوجه جميع إراداتك إلى الله مع الإخلاص بمعنى أن تخص لله بهذه العباده وتنفيها عن غيره هذه الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله بالدعاء ولا تدعو غيره تعبد الله بالذبح ولا تذبح لغيره تعبد الله بالركوع ولا تركع لغيره تعبد الله بالسجود ولا تسجد لغيره تعبد الله بالصلاة ولا تصلي لغيره ، تعبد الله بالصلاة هذا عبادة الله ولا تسجد لغيره هذا الإخلاص تسجد لله هذا العبادة هذا عبادة الله ولا تسجد لغيره هذا الإخلاص لا بد من الأمرين أن تعبد الله مخلصا له الدين .
يقول المؤلف وبذلك أمر الله العباد وخلقهم له أمر الله جميع العباد بهذه الحنيفية ملة إبراهيم وخلقهم لها خلق الله جميع الخلق لذلك قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الجن والأنس خلقوا لماذا ؟
لعبادة بالتوحيد والإخلاص لعبادة الله وتوحيده وإخلاص الدين له وهي الحنيفية ملة إبراهيم . نعم .
(المتن)
فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة فإذا دخل الشرك فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة كما قال تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ.
(الشيخ)
يقول المؤلف رحمة الله : إذا عرفت أن الله خلقك لعبادته، (عرفت) كل إنسان يعرف أن الله خلقة لعبادته قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . فاعلم وتيقن أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد ، العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، والتوحيد هو الإخلاص، هو إخلاص الدين لله.
والإخلاص معناه أن تتبرأ من عبادة كل معبود سواه وهو الكفر بالطاغوت الإخلاص هو الكفر بالطاغوت، العبادة لا تسمى عبادة إلا مع الإخلاص وهو لا يكون إلا مع الكفر بالطاغوت ، والطاغوت كل معبود سوى الله ، ومعنى الكفر بالطاغوت يعني البراءة , البراءة من كل عبادة معبود سوى الله , البراءة منها ونفيها وإنكارها وبغضها ومعاداتها ومعاداة أهلها هذا الكفر بالطاغوت ، الطاغوت: كل ما عبد من دون الله طاغوت، والكفر به معناه: إنكاره ونفيه والبراءة منه وبغضه ومعاداته ومعادة أهله.
فالعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد لأن الانسان إذا صلى هل يكون موحدا؟
ما يكون موحدا إلا إذا أخلص العبادة لله يصلي ولا يصلي لغير الله بمعنى ينكر وينفي ويتبرأ من عباده كل معبود سوى الله، لا بد من هذا .
أما إذا كان الإنسان يصلي فقط قد يصلي لله ويصلي لغيره مرة يصلي لله ومرة يصلي لغيره كما يفعل المشركون يعبدون الله ويعبدون غيره، فالمشركون يحجون على عهد النبي ﷺ في الجاهلية يحجون ويصلون ويصومون لكن يشركون يعبدون الله ويعبدون غيره ولهذا قال المشركون للنبي ﷺ اعبد إلهنا سنة ونعبد إلهك سنة فأنزل الله : قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ قطع لأطماعهم لأطماع المشركين لا يمكن أن أوافقكم وأنتم لا يمكن أن توافقوني ما دمتم على شرككم إذا العبادة ما تسمى عبادة إلا مع التوحيد ، والتوحيد هو الإخلاص لله والبراءة من كل معبود سوى الله .
كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة لو صلى الإنسان وهو لم يتطهر هل تسمى صلاة؟ ما تسمى صلاة فكما أن الصلاة إذا دخل الحدث، الطهارة دخل الحدث بطلت فكذلك التوحيد العبادة إذا دخلها الشرك بطلت ،الطهارة إذا دخلها الحدث كان الإنسان متطهرا متوضئا ثم أحدث خرج منه بول أو غائط او ريح عين الطهارة بطلت وزالت ولا تصح الصلاة.
كذلك التوحيد إنسان موحد لله يعبد الله يصلي ويصوم لكن أشرك قال يا رسول الله اشفع لي ، أو قال مدد يا بدوي ، مدد يا عبد القادر ، أو ذبح للبدوي ، أو للرسول أو للقمر أو للنجم أو طاف بغير بيت الله تقربا إلية أو صلى أو ركع لغير الله وإيش يكون ؟
بطل التوحيد دخل الشرك فبطل التوحيد صار وثنيا انتقل من كونه موحدا إلى كونه وثنيا لأن الشرك دخل في العبادة فأبطلها .
فكذلك الإنسان إذا تطهر وصلى صلاته صحيحة لكن إذا أحدث بعد ما تطهر أحدث وبال أو تغوط أو خرج منه ريح بطلت الطهارة ولا تصح الصلاة معه.
فكذلك العبادة إذا عبد الإنسان ربه ثم أشرك بطلت العبادة وفسدت وصار من أهل الشرك والأوثان نسأل الله السلامة والعياذ بالله ، كما قال الله : مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أعمالهم تشهد عليهم أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
المشركون ليسوا من عمار المساجد ولو عمروها حسيا ولو بنوها ، المراد بالعمارة المعنوية العمارة بالعبادة والتوحيد والطاعة المشركين ليسوا من عمار المساجد : مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
(المتن)
فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة.
(الشيخ)
نعم إذا عرفت أن العبادة إذا دخلها الشرك بطلت وصار صاحبها من أهل النار صار وثنيا من أهل النار والمخلدين فيها فإذاً إذا تحققت هذا صار أهم ما عليك أن تتبين معرفة التوحيد والشرك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكه التي فيها التباس الحق بالباطل، والتوحيد بالشرك لا بد أن تميز التوحيد من الشرك تميز العبادة من غيرها العباده الصحيحة من العبادة الفاسدة لعل الله أن يخلصك ويسلمك من الشرك.
هذه مقدمة قبل البدء في القواعد الأربع مقدمة عظيمة للمؤلف رحمه الله
ثم بعد ذلك ذكر القواعد الأربع التي يتميز بها المشرك من المؤمن والموحد من الكافر.
(المتن )
لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله وذلك بمعرفة أربع قواعد .
(الشيخ)
إذا عرفت هذا عرفت أن أهم ما عليك أن تميز التوحيد من الشرك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك وذلك بمعرفة هذه القواعد الأربع التى يتميز بها الكافر عن المؤمن والموحد من المشرك ، أربع قواعد، نعم.
(المتن)
وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله جل وعلا في كتابة.
(الشيخ)
يعني القواعد الأربع يقول المؤلف ما جبتهم من كيسي ولا من عندي ، لا هذه أخذتهم من الكتاب العزيز ما جئت بها من نفسي ولا جئت بها من فلان أو علان ، وإنما أخذتها من كتاب الله، نعم.
(المتن)
القاعدة الاولى : أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله ﷺ كانوا مقرين أن الله هو الخالق الرازق المحي المميت النافع الضار الذي يدبر جميع الأمور وما أدخلهم ذلك في الإسلام والدليل قوله تعالى : قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ.
(الشيخ)
نعم، هذه القاعدة الأولى التي يتميز بها المشرك من الموحد أن تعلم وتتيقن أن الكفار في زمن النبي ﷺ كفار مكة وكفار قريش وكفار العرب الذين قاتلهم النبي ﷺ واستحل دماءهم وأموالهم كانوا مقرين بتوحيد الربوبية ولم يدخلهم في الإسلام.
كانوا يقرون أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت النافع الضار مسبب الأسباب بيده كل شيء ومع ذلك هذا التوحيد الذي أقروا به ما أدخلهم في الإسلام ولا أخرجهم من الشرك بل مع ذلك قاتلهم رسول الله ﷺ واستحل دماءهم وأموالهم وسبى ذراريهم وأموالهم وهم يقرون بهذا التوحيد لماذا؟
لأنهم أشركوا في توحيد العبادة والإلوهية ما يكفي الإقرار بتوحيد الربوبية ما يكفي توحيد الربوبية وحده بل لا بد أن تضم إليه توحيد الإلوهية .
الدليل على أن الكفار مقرون بتوحيد الربوبية
ذكر المؤلف رحمة الله الآية وهي قول الله في سورة يونس قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .
قُلْ يا محمد للكفار للمشركين مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ من الذي يرزق أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ من الذي يملك السمع والأبصار وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ماذا يقولون فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ إذا هم مقرين بهذا.
والمؤلف اقتصر على آية ، وهناك آيات كثيرة مثل قوله : قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ وقال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ وقال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ
إذاً هم مقرون بتوحيد الربوبية ومع ذلك ما نفعهم هذا الإقرار لماذا ؟
لأنهم أشركوا في توحيد العبادة والإلوهية، لا بد من التوحيدين توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية من أقر بأحدهما دون الأخر ما ينفع ما نفع لا يكون موحدا لا بد أن يوحد الله في الربوبية والإلوهية، نعم .
(المتن)
القاعدة الثانية : أنهم يقولون ما توجهنا إليهم ودعوناهم إلا لطلب القربه والشفاعة نريد من الله لا منهم لكن بشفاعتهم والتقرب إليهم.
ودليل القربة قوله تعالى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ
ودليل الشفاعة قوله تعالى : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
(الشيخ)
القاعدة الثانية من القواعد التي يتميز بها المشرك من المؤمن :أن الكفار في زمن النبي ﷺ الذين قالتهم النبي ﷺ واستحل دماءهم وأموالهم أنهم حينما يعبدون الأصنام والأوثان والأحجار ما يعبدونها لأنها تنفع ولا تضر، ما يعتقدون أنها تنفع وتضر، بل يعتقدون أن الذي ينفع ويضر هو الله لكن يقولون ما توجهنا إليهم ودعوناهم إلا لأجل القربه والشفاعة فقط.
فالذين يعبدون اللات العزى والذين يعبدون الملائكة والصالحين ما يعتقدون أنهم ينفعون أو يضرون بل يعتقدون أن الذي ينفع ويضر هو الله لكن يقولون ندعو الصالحين ندعو الملائكة ندعو الأولياء ندعو الأشجار والأحجار لأجل القربه والشفاعة لأجل أنهم يقربوننا من الله فهم يدعون مثلا أنبياء أو ملائكة أو رجالا صالحين يقولون هم أقرب منا إلى الله وينقلون حوائجنا إلى الله يشفعون لنا إلى الله وينقلون حوائجنا إلى الله أو يعبدون أشجارا وأحجارا تسبح الله وتعبد الله فهي أقرب منا إلى الله أما نحن علينا ذنوب فنحن الآن ندعو الصالحين أو ندعو الملائكة أو ندعو الأنبياء أو ندعو الأشجار والأحجار لأجل القربة والشفاعة فقط ، لا لأنها تنفع أو تضر ولا لأن بيدها شيء بل الذي ينفع ويضر هو الله والذي بيده الأمور هو الله ، لكن نعبدها ندعوها ونتوسل بها إلى الله حتى تنقل حوائجنا إلى الله وتشفع لنا عند الله ، ومع ذلك صاروا مشركين.
هذا هو الشرك بعينه هذا القول هو الشرك بعينه يعني ما يشترط في الشرك أن يعتقد الإنسان أن هذه الأشجار أو الأحجار تنفع أو تضر؟ لا ، حتى ولو اعتقد أنها ما تنفع ولا تضر , دعاؤها من دون الله شرك ولو لم تعتقد أنها تنفع أو تضر إذا دعوتها وقعت في الشرك حتى ولو لم تقصد أنها تنفع أو تضر يعني يدعونها يقولون لأنها تقربنا إلى الله وتنقل حوائجنا إلى الله .
ما الدليل على أنهم يقصدون القربة والشفاعة؟
الدليل قول الله : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى والذين اتخذوا من دونه من دون الله يعني أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ يعني قائلين على حذف تقدير المحذوف قائلين مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى يعني ما نعبدهم لأنهم ينفعون أو يضرون بل يقربونا إلى الله زلفى (قربة)، كيف يقربونا إلى الله؟ ينقلون الحوائج إلى الله، هم أقرب منا الى الله ويشفعون لنا عند الله هل هم صادقون في هذا ؟ كذبة، كذبهم الله بهذا القول، وهو أنهم يقربونا إلى الله، وكفرهم والذين اتخذوا من دون الله قائلين ما نعبدهم إلى ليقربونا إلى الله زلفى ، قال الله : إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ حكم عليهم بالكذب والكفر فهم كذبة في قولهم ليقربونا إلى الله وهم كفره بهذا العبادة بهذا الدعاء.
ودليل الشفاعة قول الله تعالى : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ إذاً ما يقصدون إلا الشفاعة ما يعتقدون أنهم ينفعون أو يضرون رد الله عليهم بقوله من قال لكم أنها تشفع لكم عند الله قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ هل أنتم تخبرون الله بشيء لا يعلمه في السماوات ولا في الأرض، وهو الله سبحانه لا يعلم أن له شريكا في العبادة؟ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ نعم .
(المتن)
والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبته.
فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله والشافع مكرم بالشفاعة والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الأذن كما قال تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
(الشيخ)
نعم، الشفاعة يقول المؤلف الشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبته، يعني شفاعة باطلة منفية وشفاعة حق.
فالشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله وهي الشفاعة للمشرك هذه باطلة قال تعالى : مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ وقال مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ هذه شفاعة منفية وهي التي تكون للمشرك الذي يدعوا غير الله يطلبها من الله يقول يا رسول الله اشفع لي هذا أشرك طلبها من غير الله أو قال يا بدوي اشفع لي ، يا عبد القادر يا فلان ، إذا طلبها من الله ودعا غير الله هذه منفية هذه باطلة ليس له شفاعة، المشرك ليس له شفاعة.
الثاني: الشفاعة المثبتة، وهي التي تطلب من الله ، يقول يا ربي شفع في نبيك! يسأل الله، يا رب شفع في نبيك! وهو موحد.
فالشفاعة المنفية للمشرك هذه باطلة، والشفاعة المثبتة للموحد وهي التي يطلبها من الله ولها شرطان :
الشرط الأول: إذن الله للشافع أن يشفع ، والثاني رضاه عن المشفوع له .
فالشافع الذي يشفع عند الله لا بد أن يأذن الله له حتى نبينا ﷺ يوم القيامة ما يبدأ بالشفاعة حتى يأتيه الأذن ، يسجد تحت العرش ويحمد الله بمحامد يفتحها عليه ويستمر ساجداً حتى يأتيه الأذن فيقول الله يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع هذا الأذن.
والثاني رضى الله عن المشفوع له، الذي يشفع له لا بد أن يرضى الله عنه بأن يكون موحدا والله لا يرضى إلا التوحيد فلو شفع لمشرك ما رضيه الله ولهذا قال الله تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قال وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى فالشفاعة المنفية التي تطلب من غير الله وهي التي تكون للمشرك هذه باطلة منفية غير واقعه ولا يمكن تحصل.
الثانية: الشفاعة المثبتة للموحد لأهل التوحيد الذي يطلبونها من الله، ولها شرطان: إذن الله للشافع أن يشفع كما قال : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ورضاه عن المشفوع له كقوله : وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى نعم.
(المتن)
القاعدة الثالثة: أن النبي ﷺ ظهر على ناس متفرقين في عباداتهم منهم من يعبد الشمس والقمر ومنهم من يعبد الصالحين ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الأنبياء ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار وقاتلهم ﷺ ولا فرق بينهم .
والدليل قوله تعالى :وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ودليل الشمس والقمر قوله جل وعلا : وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
ودليل الصالحين قوله تعالى : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا
ودليل الملائكة قوله تعالى : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
ودليل الأنبياء قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى :أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى وحديث أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا أنواط كما لهم ذات أنواط فقال ﷺ الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
الشيخ
القاعدة الثالثة من القواعد التي يتميز بها المشرك من المؤمن الموحد أن النبي ﷺ بعثه الله وظهر على أناس من المشركين لهم معبودات شتى لهم عبادات متنوعة منهم من يعبد الشمس ومنهم من يعبد القمر ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الصالحين ومنهم من يعبد الملائكة والأنبياء فكفرهم رسول الله ﷺ كلهم ولم يفرق بينهم كلهم جعلهم كفره ، لا فرق، من يعبد الأشجار كافر، وقاتلهم دمه حلال وماله حلال، من يعبد الملائكة كافر ، من يعبد الصالحين كافر من يعبد الأنبياء كافر كلهم كفرهم رسول الله ﷺ ولم يفرق بينهم
والدليل وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ والفتنه الشرك وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ حتى لا يكون الشرك حتى ينتهي الشرك ويأتي التوحيد ، إذا جاء التوحيد انتهى القتال وَقَاتِلُوهُمْ استمروا في قتالهم حتى يذهب الشرك ويأتي التوحيد وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ يزول الشرك وإذا جاء التوحيد وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ هذا التوحيد وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ
ولذلك قاتل النبي ﷺ من يعبدوا الأشجار واستحل دمه وماله وقاتل من يعبد الأحجار وقاتل من يعبد الصالحين وقاتل من يعبد الملائكة وقاتل من يعبد الشمس وقاتل من يعبد القمر كلهم كفرة وجعلهم وثنيين ودماؤهم حلال وأموالهم حلال لا فرق فهذه قاعد، أنت تعلم كل من عبد غير الله فهو مشرك، ما في فرق من يعبد نبيا أو يعبد صالحا أو يعبد رسولا أو يعبد شجرا أو يعبد حجرا أو يعبد جنيا أو يعبد وثنا أو أي شيء , أي شيء معبود سوى الله يكون شركا لا بد أن تكون العباده لله التوحيد حق الله لا يصرف لغير الله أيا كان فالنبي ﷺ بعثه الله وظهر على أناس مشركين معبوداتهم متنوعة ومع ذلك سوى بينهم في القتال واستحلال الدم والمال وحكم عليهم بالشرك والكفر.
ثم ذكر المؤلف رحمة الله أدلة، الدليل أن هناك على عهد النبي ﷺ من يعبد الشمس والقمر قول الله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ نهى عن عبادتهن وَاسْجُدُوا لِلَّهِ
والدليل على أن هناك من يعبد الصالحين قوله سبحانه : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا الذين تدعون من دونه لا يملكون كشف الضر إزالة الضر الذي حصل بكم ولا تحويله من حال إلى حال أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ يعني هؤلاء الذين تدعونهم قيل إن هذه نزلت في قوم يعبدون الجن فأسلم الجن وبقي الذين يعبدونهم على شركهم فأخبرهم الله قال الذين تدعونهم موحدون وأنتم بقيتم على شرككم أولئك الذين تدعون أيها الإنس المشركون أولئك الذين تدعون يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ يعني القرب يبتغون القربة إلى الله بطاعته وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا
والدليل على أن هناك من يعبد الملائكة قول الله تعالى في سورة سبأ: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
والدليل على أن هناك من يعبد الأنبياء قول الله تعالى في شأن عيسى عليه السلام : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
والدليل على أن من هناك من يعبد الأشجار والأحجار قول الله تعالى في سورة النجم : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى هذه الأصنام الكبيرة عند العرب لما بعث النبي ﷺ هناك أصنام كبيرة هناك اللات لأهل الطائف (ثقيف)، وهو رجل يلت السويق للحاج ، والسويق الحب المحموس يبله بالماء أو بالسمن، فلما مات عكفوا على قبره وعبدوه من دون الله، هذا الرجل يلت السويق على صخرة وقيل إن اللات اسم للصخرة التي عبدوها وقليل للرجل الذي يلتها يقال اللات بالتشديد اسم للرجل ، أو اللات بتخفيف التاء اسم للصخرة (صنم كبير)، والعزى شجرة لقريش ومن حولهم، ومناة منية لأهل المدينة ومن حولهم على الساحل. هذه الأصنام الكبيرة ذكرها الله في القران العظيم والأصنام كثيرة حتى صار لكل أهل قبيلة صنم بل صار لكل أهل بيت صنم يعبدونه، كل أهل البيت , بل كان الإنسان ما يصبر على الأصنام والعياذ بالله من المشركين إذا خرج في البرية أو ذهب لا بد أن يأخذ معه صنما يعبده إذا وجد ماذا يعمل ؟ يعني يأخذ الأحجار يأخذ أحجارا ثلاثة للقدر الذي ينصبه إذا أراد يطبخ أو كذا يأتي بقدر ويأتي بثلاثة أحجار يضع القدر عليه ما عندهم غاز مثلنا الآن , ثم بعد ذلك ينظر يجيء بثلاثة الأحجار الأحسن من الأحجار يأخذه له ربا يعبده (واحد يعبده) وإذا رأى حجرا ثانيا رماه وأخذ الجديد وعبده حتى كان بعضهم إذا لم يجد شيئا يجمع ترابا، تراب ثم يحلب الشاة يحلب ما عليه ثم يعبده وبعضهم يأخذ قطعة من التمر ثم يعبدها ويعبدها ثم يأكلها هكذا وصلت بهم الحال نسأل الله السلامه والعافية لكن هذه الأصنام الكبيرة الثلاثة اللات والعزى ومناة أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى
وحديث أبي واقد الليثي قال قال: "خرجنا مع النبي الله ﷺ إلى حنين" في غزوه حنين وغزوة حنين بعد فتح مكة "ونحن حدثاء عهد بشرك" اعتذار هذا من الصحابي يقول نحن الآن حدثاء عهد بشرك حدثاء يعني قريب عهدنا بالشرك يعني أسلمنا جديدا أسلمنا من قريب ولا تمكن الإيمان من قلوبنا ما تمكن التوحيد، النبي ﷺ فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة ولما فتح مكة انصرف لقتال هوازن في حنين في الحال وأخذ من أهل مكة الذين أسلموا ما يقارب ألفين جدد أسلموا جديدا ما تمكن الإسلام في قلوبهم ولهذا يقول أبو واقد الليثي ونحن خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بشرك.
يقول "فمررنا بسدرة" شجرة كبيرة للمشركين "ووجدنا المشركين يتبركون بهذه الشجرة ويعلقون بها أسلحتهم" يرجون بركتها مشركين وثنيين المشركون وثنيون مروا بسدرة كبيرة عظيمة للمشركين، المشركون يدورون حولها ويتبركون بها ويعلقون بها أسلحتهم وينوطون يتبركون بها فقال الذين اسلموا من جديد أبو واقد ومن جماعته "يا رسول الله لو جعلت لنا سدرة نتبرك بها كما يتبرك هؤلاء" لماذا قالوا ؟ اعتذر الصحابي قال نحن حدثاء عهد بشرك ما عرفوا التوحيد ما تمكن الإيمان من قلوبهم فالنبي ﷺ أنكر عليهم طلبوا الشرك لكن هل وقعوا في شرك ؟ ما وقعوا فيه، فيه دليل أن الانسان إذا أراد أن يفعل الشرك أو طلب الشرك ثم زجر ونهي وانتهى ما يقع في الشرك
قال: قالوا يا رسول الله لو جعلت لنا "اجعل لنا ذات أنواط" اجعل لنا شجرة نتبرك بها مثل هؤلاء فزجرهم النبي ﷺ وقال: الله أكبر إنها السنن بتعجب، تعجب النبي ﷺ من قولهم إنها السنن يعني الطرق أردتم أن تسلكوا مسلك المشركين السابقين الطرق قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ يعني النبي ﷺ قال مقالتكم مثل مقالة بني اسرائيل لموسى
النبي ﷺ جعل إيش ؟ هذه المقالة مثل هذه المقالة لكن هل هي مثلها ، بنو إسرائيل قالوا لموسى اجعل لنا إلها نعبده وأصحاب النبي ﷺ قالوا اجعل لنا شجرة نتبرك بها ، هل المقاله مثل المقالة ؟ وإلا مختلفة ؟ مختلفة لكن النبي ﷺ جعلها مثلها لأن العبرة بالحقائق والمقاصد ليست العبرة بالألفاظ العبرة بالحقيقة والمقصد بنو إسرائيل قالوا اجعل لنا إلها كما لهم آلهة وأصحاب النبي ﷺ قالوا اجعل لنا شجرة كما لهم شجرة نتبرك بها العبارة مختلفة لكن المعنى واحد التبرك بالشجرة واعتقاد البركة وأنها تنفع وأنه يحصل منها البركة هذا شرك كما أن بنو إسرائيل قالوا اجعل لنا إلها نعبده فالمعنى واحد فالنبي ﷺ ألغى الألفاظ واعتبر المقاصد والمعاني قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينوفيه دليل على أن الإنسان إذا أراد أن يفعل الشرك عن جهل ثم زجر ونهي ولم يفعل لا يقع في الشرك ولهذا زجرهم النبي ﷺ ونبههم فلم يقعوا في الشرك . نعم .
(المتن)
القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أعظم شركاً من الأولين ، لأن الأولين يخلصون لله في الشدة ويشركون في الرخاء ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة.
والدليل قوله جل وعلا : فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(الشيخ)
نعم، القاعدة الرابعة أن تعلم أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، المعنى أن المشركين المتأخرين شركهم أعظم وأغلظ وأشد من شرك المتأخرين
طيب هل الشرك فيه أعظم وأغلظ ؟ نعم كلهم مشركون الأولون مشركون والآخرون مشركون لكن الأولين شركهم أخف والمتأخرون شركهم أغلظ وأشد فالشرك يتضاعف كما أن الموحدين يتفاوتون في التوحيد والإيمان بعضهم أقوى إيمانا وتوحيدا فكذلك المشركين بعضهم أشد وأغلظ شركا فالمشرك الذي يدعوا غير الله مشرك لكن إذا كان يدعوا غير الله ويؤذي المؤمنين ويفتنهم عن دينهم و يحملهم على الكفر ، يكون أشد وإلا أخف ؟ أشد.
فالمشرك الذي يقتصر شركه على نفسه هذا مشرك لكن شرك خفيف ، لكن المشرك الذي يشرك بالله ويحمل المؤمنين ويؤذي المؤمنين ويفتنهم ويجبرهم على الشرك هذا يكون إيش ؟ شركه أغلظ وعذابه مضاعف قال الله تعالى : الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ فرق بين الذي يكفر بنفسه فقط ولا يؤذي غيره أو يصد عن سبيل الله ويحمل الناس على الكفر ويؤذيهم هذا كفر غليظ ذنبه أشد الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ
فالمؤلف رحمة الله يقول القاعدة الرابعة أن تعلم أن شرك الأولين أخف من شرك المتأخرين ، المتأخرين الذي في زماننا الآن في زمان الشيخ محمد عبد الوهاب وما بعده أن تعلم أن شرك الأولين أخف من شرك المتأخرين وأن شرك المتأخرين أغلظ وأعظم وأشد وأقبح من شرك الأولين بيان ذلك قال بيان ذلك أن الأولين يشركون في بعض الأحيان ويوحدون في بعض الأحيان يشركون في وقت الرخاء والسعة ويوحدون في وقت الشدة والضيق، فدل على أن هذا أخف، يشركون بعض الأحيان وبعض الأحيان يوحدون ، لكن ما ينفعهم هذا ، ما ينفهم لو كانوا يوحدون في بعض الأحيان لا بد أن يكون الإنسان موحدا في جميع الأوقات لكن مع ذلك يكون هذا أخف , أخف من الذي يشرك في جميع الأوقات فقال: المشركون الأولون يشركون في بعض الأوقات ويوحدون في بعض الأوقات ، وأما المشركون المتأخرون فهم يشركون في جميع الأوقات ما في وقت يوحدون كيف ذلك ؟
قال المشركون الأوائل يشركون في الرخاء والسعة والراحة وإذا جاءت الشدة والضيق وحدوه كيف الشدة والضيق ؟
إذا ركبوا في البحر وتلاطمت بهم الأمواج وصارت السفينة تضرب يمينا وشمالا وتتقلب بهم قالوا يا الله يا الله يا الله يا الله وحدوه زال الشرك فإذا وصلوا إلى البر وشاطئ السلامة قالوا خلاص صاروا يعبدون اللات والعزى والأشجار والأحجار أشركوا فإذا ركبوا في الفلك وتلاطمت بهم الأمواج وحدوه وإذا وصلوا إلى السعة والسلامة وزالت عنهم الشدة أشركوا الدليل قوله الله تعالى : فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ مخلصين ما في شرك أخلصوا له الدين العبادة مخلصين له العبادة فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ ماذا يحصل إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ وقال سبحانه : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا وقال سبحانه : وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ إذاً صار شرك الأولين أخف وأسهل لأنه في بعض الأحيان وفي بعض الأحيان يوحدون .
أما شرك المتأخرين فإنهم يشركون في الرخاء وفي الشدة بل إن إنهم يزيدون , يزيدون في الشدة بعض المشركين المتأخرين إذا ركبوا في الفلك وتلاطمت بهم الأمواج قالوا يا علي يا علي يا حسين يا حسين صاروا أشد زاد شركهم فصاروا يلهجون بمعبوداتهم فصار شركهم في الشده أشد صاروا يلهجون بمعوداتهم يا فلان يا علي يا كذا يا كذا واضح هذا .
وهناك أيضا فارق آخر , هناك فارق آخر أيضا فرق آخر بين شرك الأولين وشرك المتأخرين ويتبين به أن شرك الأولين أخف وأن شرك المتأخرين أشد وذلك أن الأولين ماذا يعبدون ؟ الأولين يعبدون إما نبيا أو صالحا أو شجرا أو حجرا يعبد الله ما يعبد إلا أنبياء أو صالحين أو أشجارا وأحجارا تعبد الله أو الشمس أو القمر المسخرة.
أما المتأخرون فزادوا عليهم فصاروا يعبدون كفارا و فساقا، وفرق بين من يعبد الكافر والفاسد ومن يعبد الصالح والنبي وإن كان كل منهم مشرك ، هذا مشرك وهذا مشرك ، لكن هذا شركه أشد وأغلظ الذي يعبد الكافر والفاسق أشد من الذي يعبد النبي والصالح والشجر والحجر .
فالأولون لا يعبدون إلا أنبياء أو صالحين أو أشجارا وأحجارا تسبح الله وأما الكفار فزادوا عليهم وعبدوا مع ذلك كفارا وفساقا فصار شرك الأولين أخف من شرك المتأخرين.
وشرك المتأخرين أغلظ من جهتين :
الجهة الأولى أن المشركين الأوائل يوحدون الله عند الشدة ويشركون عند الرخاء وأما المتأخرون فشركهم دائم في الرخاء والشدة.
الثاني أن المشركين الأوائل يعبدون أنبياء وصالحين أو أشجارا وأحجارا تسبح الله ولا يعبدون كفارا ولا فساقا ، أما المتأخرون فزادوا عليهم وعبدوا مع ذلك كفارا وفساقا فصار شركهم أشد وأغلظ.
وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على محمد.