شعار الموقع

شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد_2

00:00
00:00
تحميل
129

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, قال شيخ الإِسْلَامِ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رسالته: "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد".

(المتن)

فقال الشيخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: في الرسالة السنية قال الشيخ رحمه الله في الرسالة السنية: لما ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الدين وأمره صلى الله عليه وسلم بقتالهم.

 قَالَ.

(الشرح)

يَعْنِي: شيخ الإسلام اِبْن تيمية.

(المتن)

فإذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة، حتى أمر صلى الله عليه وسلم بقتالهم، فيُعلم أن المنتسب إلى الإسلام أو السنة قد يمرق أيضًا من الإسلام في هذه الأزمان, وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه.

(الشرح)

يَعْنِي: الخوارج مرقوا من الدين, كما يمرق السهم من الرمية, وهم على عهد الصحابة وعندهم عبادة وجهد, ومع ذلك أخبر أنهم يمرقوا من الدين كالسهم من الرمية, فَإِذاْ كان هذا في زمن الصحابة فإنه قد يمرق الإنسان من الدين بعدهم بعد الصحابة من باب أولى بأسباب منها الغلو في الدين.

(المتن)

   منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه, حيث يقول: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ}[المائدة/77], وعلي بن أبي طالب حرق الغالية من الرافضة, فأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كندة، فقذفهم فيها, واتفق الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس كان مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق.

(الشرح)

ابن عباس يرى قتلهم (بالسيف بلا تحريق) للحديث اللي به النهي عن سعيد: «ما يعذبُ بالنار إلا رب النار», وعلي t أو لما بلغ منهم النقم حنت عليهم وحرقهم بالنار..قال: لما رأيت الأمر منكرًا وقتلتهما, فهذا دليل على أن الغلو في الدين قد يخرج به الإنسان من الإِسْلَامِ, هؤلاء غلو, من غلوهم غلو في علي حَتَّى جعلوهم يحرقهم بالنار.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: نعم تأول.

 (المتن)

وكذلك الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه.

(الشرح)

كل هذا من الكفر والغلو, قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ}[المائدة/77].

(المتن)

  فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعًا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني! أو أغثني! أو ارزقني! أو أجبرني! أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال, فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه؛ فإن تاب وإلا قتل, فإن الله سبحانه إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده لا شريك له، لا يجعل معه إله آخر.

والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنْزل المطر أو تنبت النبات, وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون صورهم ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله فبعث الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.

 قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا}[الإسراء/56].

(الشرح)

يَعْنِي: هم ما أشركوا في الربوبية, وإنما شركهم في العبادة في عبادة غير الله.

(المتن)

   قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيزا والملائكة,  ثم ذكر رحمه الله تعالى آيات, ثم قال: وعبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدين، وهي التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب. قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل/36].

  وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء/25], وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد، ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت قال: «أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده» ونهى عن الحلف بغير الله وقال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك».

وقال في مرض موته: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا، وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد»  وقال: «لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا وصلوا علي حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني».

ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا الصلاة عندها، وذلك لأن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان تعظيم القبور.

 ولهذا اتفق العلماء على أنه من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها؛ لأنه إنما يكون ذلك لأركان بيت الله، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.

(الشرح)

 (فلا يُشبه بيت المخلوق ببيت الخالق) بالاستلام الركن اليماني والحجر الأسود ويقبله, وهذا بيت الخالق, ولا يقبل الحجرة من بيت المخلوق.

(المتن)

   كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملا إلا به، ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه كما, قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء/48].

ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه, وأعظم آية في القرآن آية الكرسي: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة/255].

وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، دخل الْجَنَّة».

(الشرح)

 

الطالب: هذا الحديث: «من كان آخر كلامه دخل الجنة», لو عُرف شخص بعينه, قال كلمة التوحيد في سكرة الموت ومات, هل يُقال إن له الجنة؟

الشيخ: المعين ما يجوز, على العموم.

(المتن)

   والإله هو الذي تؤلهه القلوب عبادة له واستعانة به، ورجاء له وخشية وإجلالا. انتهى كلامه رحمه الله تعالى, فتأمل أول الكلام وآخره، وتأمل كلامه فيمن دعا نبيًا أو وليًا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني! ونحوه، أنه يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل, هل يكون هذا إلا في المعين. والله المستعان.

(الشرح)

يعني: قصده الرد على من قال: أنه لا يكفر المعين.

(المتن)

  فتأمل أول الكلام وآخره، وتأمل كلامه فيمن دعا نبيًا أو وليًا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني! ونحوه، أنه يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل, هل يكون هذا إلا في المعين. والله المستعان.

(الشرح)

من دعا نبيًا أو وليًا تاب وإلا قُتل بعينه لأن قتله إنما هو بعد تكفيره, فالمعين إذا قامت عليه الحجة كفر, لكن إذا ما قامت عليه الحجة لا يكفر, قد يكون له شبهة يأتي أمامي أبين له وأوضح له وأصر يُقتل.

(المتن)

وتأمل كلامه في اللات والعزى ومناة وما ذكر بعده، يتبين لك الأمر إن شاء الله تعالى:

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: في شرح المنازل في باب التوبة: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر, فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندًا يحبه كما يحب الله، بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويغضبون لمنتقص.

(الشرح)

إذا انتقص اللي يعبدون غضبوا أكثر مما يغضبون إذا انتقص أحد الرب, يفضلون هذا, (وإذا انتقص أحد معبودهم) غضبوا أكثر مما (إذا انتقص أحد رب العالمي  من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين).

(المتن)

 وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة.

(الشرح)

والله أعلم, المصنف يقول: (شاهدنا هذا) جهر يعني يغضبون لما ينتقص معبودهم أعظم من غضبهم إذا انتقص أحد رب العالمين نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.

(المتن)

وترى أحدهم قد اتخذ ذكر معبوده على لسانه, إن قام وإن قعد وإن عثر وإن استوحش، وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله، وشفيعه عنده، وهكذا كان عباد الأصنام سواء.

(الشرح)

وهذا الواقع من كثير من المشركين, تجده يلهج يتحرك, كما يلهج المؤمن بربه, هم يلهجوا بمعبودهم, فَإِذاْ حلف حلفوا, وإذا أصابه شيء قال: يا علي, بدل ما يقول: يا الله يقول: يا علي, يا حسين, إذا استغفل أحد وأصابه شيء انطلق قائلًا يا علي يا حسين بدل ما يقول يا الله.

لأنه لهج على لسانه, يحلف به, ويذكره ويندبه, ويدعوه, فبعض المشركين إذا قام بدل ما يقول يا الله قاله: يا حسين يستعين به, المؤمن يقول: يا الله, هو يقول: يا علي, حتى بعضهم يقول: يا رسول الله نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ فهم تعودوا على هذا.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: لا, حَتَّى لو حيٌ حاضر.

 (المتن)

وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم، وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم. فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذوها من البشر, قال الله تعالى حاكيًا عن أسلاف هؤلاء: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر/3].

(الشرح)

يعني قائلين, تقدير: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[الزمر/3], قائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر/3].

 (المتن)

فهذه حال من اتخذ من دون الله وليا يزعم أنه يقربه إلى الله تعالى, وما أعزّ من يتخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره.

(الشرح)

يعني ما أعز من يتخلص من هذا الشرك, (بل ما أعز من لا يعادي من فعله) لا يعادي من فعل هذا يعني يقرون الشرك, فقليل من يتخلص من هذا الشيء وقليل من يعادي ما فعلوه.

(المتن)

والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله. وهذا عين الشرك, وقد أنكر الله عليهم ذلك في كتابه وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له ثم ذكر الشيخ يعني ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فصلًا طويلًا في ذكر هذا الشرك الأكبر.

ولكن تأمل قوله: وما أعز من يتخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره يتبين لك بطلان الشبهة التي أدلى بها الملحد وزعم أن كلام الشيخ, في الفصل الثاني يدل عليها وسيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.

 وذكر في آخر هذا الفصل، أعني الفصل الأول، في الشرك الأكبر الآية التي في سورة سبأ {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[سبأ/22].

إلى قوله: {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ/23], وتكلم عليها، ثم قال: والقرآن مملوء من أمثالها, ولكن أكثر الناس لا يشعر بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا ولم يعقبوا وارثًا.

(الشرح)

(ولم يعقبوا وارثًا) بعض الناس يقرأ ويظن أن هَذِهِ في سنة مضت وتنطبق عليهم هذا في الجاهلية أما نحن نصلي ونصوم ولا ينطبق هذا وهم مشركون, يقول: هذه مضت في قوم ولم يعقبوا عليها وارثًا.

(المتن)

    وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القُرْآنَ.

(الشرح)

 (وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القُرْآنَ) يظن أن الشرك إنما يقع من السابقين ولا يقع من اللاحقين, وإنما ما يعمله الآن ليس بشرك لأنه في أمة مضوا وهو مطهر هذا يحول بين القلب وبين فهم القُرْآنَ, ما يفهم القُرْآنَ يظن أن ما يقع منه الشرك, وأن ما يفعله من دعاء للصالحين والذبح لهم والنذر لهم إن هذا لا يُسمى شرك.

 وإنما شرك بالنسبة للكفار قريش, أما هم ما يصلهم هذا, لأنه يصلي ويصوم ويشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأن محمد رسول الله ولا يظن أنه فعل ناقض من نواقض الإِسْلَامِ فيكون مرتد.

(المتن)

    وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القُرْآنَ,كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" وهذا لأنه إذا لم يعرف الشرك وما عابه القرآن وذمه، وقع فيه وأقره وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، فتنقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرا والمنكر معروفًا والبدعة سنة والسنة بدعة ويُكفر الرجل.

(الشرح)

هذا هو الواقع, كلمة عظيمة هذه, (إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية) إذا نشأ في الإِسْلَامِ من لا يعرف الجاهلية وقع في الشرك وهو لا يدري, يقع في الشرك ويظن أنه التوحيد لكن أهل الجاهلية اللي نشئوا في الجاهلية من الصحابة ثم أسلموا بعد ذلك لا يقعوا في الشرك.

 لأنهم عرفوا الشرك وخبروه وعرفوه فلا يقعون فيه, لكن نشأ في الإِسْلَامِ ما عرف الجاهلية ولا عرف الشرك يقع فيه وهو يظن أنه التوحيد, ومن هذا سأل حذيفة t النبي r قال: «كان يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافةَ أن يدركَني» ويكفر الرجل بمحض التوحيد, فالموحد يُكفر بمحض التوحيد كما كفر كثير من الشيخ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

كفروه بمحض التوحيد, قالوا: لا يحبون الصالحين, إذا نهى عن الشرك, قالوا: أنتم وهابين أنتم ما تحبون النبي r أنتم تبغضون الصالحين, أنتم كفار ويكفرونهم بمحض التوحيد هذا جهل.

(المتن)

 ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

(الشرح)

واللي يأمر بالتوحيد يقولون: أنتم ما تحبوا الصالحين تنتقصوا الصالحين, تنكروا الفضل لهم.

(المتن)

  ويبدع بتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم, ومفارقة الأهواء والبدع, ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عِيانًا، فالله المستعان.

(الشرح)

(عِيانًا) يَعْنِي: معاينة.

(المتن)

ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانا، فالله المستعان.

(الشرح)

رسالة عظيمة, مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد.

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

قال شيخ الإِسْلَامِ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: في رسالته مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد, قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وقد ذكر في الإقناع عن الشيخ تقي الدين أن من دعا علي بن أبي طالب فهو كافر، وأن من شك في كفره فهو كافر.

فإذا كان هذا حال من شك في كفره مع عداوته له ومقته له، فكيف بمن يعتقد أنه مسلم ولم يعاده؟ فكيف بمن أحبه؟ فكيف بمن جادل عنه, وعن طريقته وتعذر أنا لا نقدر على التجارة وطلب الرزق إلا بذلك.

(الشرح)

وهو شيخ الإِسْلَامِ, من دعا قال: يا علي كافر ومن شك في كفره فهو كافر, من شك كفر قال: من لم يكفر الكافر قال: من نواقض الإِسْلَامِ عدم تكفير الكفار.

(المتن)

فإذا كان هذا حال من شك في كفره مع عداوته له ومقته له، فكيف بمن يعتقد أنه مسلم ولم يعاده.

(الشرح)

يعني إذا شك كفر من يقول: يا علي فهو كافر لو أبغضه, ولو عاده.

(المتن)

 فكيف بمن يعتقد أنه مسلم ولم يعاده.

(الشرح)

هذه أعظم وأعظم.

(المتن)

فكيف بمن أحبه.

(الشرح)

أشد وأشد درجات من الكفر, إذا كان لم يشك في كفر فإنه يكون كافر وإن مقته, فكيف بمن يعتقد بمن قال: إنه مسلم يكون أعظم, فكيف إذا قال: أنه مسلم وأحبه وواله هذا أعظم وأعظم.

(المتن)

فكيف بمن جادل عنه, وعن طريقته.

(الشرح)

هذه أعظم وأعظم (جادل عنه وعن طريقته) جادل عن الشرك فتكون درجات من شك في كفر الكافر فهو كافر وأعظم منه من يعتقد أنه مسلم وأعظم منه يعتقد أنه مسلم ويحبه وأعظم منه من يعتقد أنه مسلم ويحبه ويجادل عن طريقته.

(المتن)

   وتعذر أنا لا نقدر على التجارة وطلب الرزق إلا بذلك.

(الشرح)

 (أنا لا نقدر على التجارة وطلب الرزق) إلا باعتقاد أن هذا الكفار مسلم والجدال على طريقته.

(المتن)

وقد قال تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}[القصص/57].

فإذا كان هذا قول الله تعالى فيمن تعذر عن التبيين بالعمل بالتوحيد ومعاداة المشركين بالخوف على أهله وعياله، فكيف بمن اعتذر في ذلك بتحصيل التجارة؟

(الشرح)

هذا قول المشركين وقولهم, قال تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}[القصص/57], فروا عن إتباع النبي r لأنهم خافوا على أنفسهم وأهليهم ومع ذلك لم يعذرهم الله, فكيف بمن اعتذر عن التوحيد بأنه يخشى على تجارته.

أيهم الذي يخشى على أهله ونفسه أو الذي يخشى على تجارته أيهم أشد؟ ماله ونفسه, مع ذلك لم يعذرهم الله: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}[القصص/57], ونخشى على أهلينا وكذا وتُنهب أموالنا إذ أمنا معه, ومع ذلك لم يعذرهم فكيف بمن اعتذر, قال: أنه يخشى على تجارته, تكون أشد وأشد التجارة أمرها سهل.

الدين أغلى ما يكون مُقدم على كل, مُقدم على النفس وعلى المال وعلى الأهل وعلى التجارة ولهذا لا يذوق الإنسان من حلاوة الإيمان حتى يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار.

الطالب: هناك فرق بين الخوف على النفس, يخاف على نفسه وعلى ملكه وعلى الإكراه في فرق؟

الشيخ: فرق بين المكره والمجبر, لا خيارة له, يعني يُقال: تكلم بكلمة الكفر وإلا قتلناك, أما هذا خوف, خوف ما جاء إكراه, نقول: لا عذر له في الخوف حتى يُكره, فإذا أُكره على الكفر صار مجبر جاز له النبي أن يتكلم بكلمة الكفر أو فعل الكفر بشرط أن يكون قلبه مطمئن بالإيمان, كما قال: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل/106].

(المتن)

فإذا كان هذا قول الله تعالى فيمن تعذر عن التبيين بالعمل بالتوحيد ومعاداة المشركين بالخوف على أهله وعياله، فكيف بمن اعتذر في ذلك بتحصيل التجارة؟ لكن الأمر كما تقدم عن عمر رضي الله عنه: إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

(الشرح)

(من لا يعرف الجاهلية وقع في الشرك) هو الآخر, فهؤلاء الذين لم يعرفوا الإِسْلَامِ يقعون في الشرك.

(المتن)

لهذا لم يعرفوا معنى القُرْآنَ.

(المتن)

كلام عمر يقول: (إنما تُقرأ عرة الإِسْلَامِ عرة عرة, إذا نشأ في الإِسْلَامِ من لا يعرف الجاهلية).

(المتن)

لهذا لم يعرفوا معنى القُرْآنَ, وأنه أشر وأفسد من الذين قالوا: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}[القصص/57], ومع هذا فالكلام الذي يظهرونه نفاق، وإلا فهم يعتقدون أن أهل التوحيد ضالون مضلون، وأن عبدة الأوثان أهل الحق والصواب.

 كما صرح به إمامهم في الرسالة التي أتتكم قبل هذه، خطه بيده يقول: بيني وبينكم أهل هذه الأقطار وهم خير أمة أخرجت للناس وهم كذا وكذا, فإذا كان يريد التحاكم إليهم, ويصفهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس فكيف أيضًا يصفهم بشرك, ومخالطتهم للحاجة؟

وما أحسن قول أصدق القائلين: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}[الذاريات/7-9].

{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}[ق/5].

فرحم الله امرأ نظر لنفسه وتفكر فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله من معاداة من أشرك بالله من قريب أو بعيد، وتكفيرهم وقتالهم حتى يكون الدين كله لله, وعلم ما حكم به محمد صلى الله عليه وسلم فيمن أشرك بالله مع ادعائه الإسلام وما حكم به في ذلك الخلفاء الراشدون كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره لما حرقهم بالنار، مع أن غيرهم من أهل الأوثان الذين لم يدخلوا في الإسلام لا يقتلون بالتحريق، والله الموفق.

وقال أبو العباس أحمد بن تيمية رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: في الرد على المتكلمين, لما ذكر بعض أحوال أئمتهم قال: وكل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له، ومن لم يأمر منهم بالشرك فلم ينه عنه، بل يقر هؤلاء وهؤلاء.

 وإن رجح الموحدين ترجيحًا ما فقد يرجح غيره المشركين, وقد يعرض عن الأمرين جميعًا, فتدبر هذا فإنه نافع جدًا.

(الشرح)

يَعْنِي: من لم ينهى عن الشرك أو رجح المشركين على غيرهم, أو لم ينهى عن الشرك فإنه لا يكون موحدًا نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: لا, (ترجيحًا ما) يعني ترجيحًا قوليًا.

(المتن)

   ولهذا كان رؤوسهم المتقدمون والمتأخرون يأمرون بالشرك, وكذلك الذين كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد, بل يسوغون الشرك أو يأمرون به, أو لا يوجبون التوحيد؛ وقد رأيتُ من مصنفاتهم في عبادة الملائكة وعبادة الأنفس المفارقة، أنفس الأنبياء وغيرهم، ما هو أصل الشرك.

(الشرح)

الذي يسوغ الشرك ولا ينهى عنه, فهو مشرك.

الطالب: معنى يسوغ؟

الشيخ: يسوغ, يجيز يعني, يرى أن الشرك جائز هذا, هَذَا ولو زعم أنه موحد.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: معاملة يعني؟

الطالب: نعم.

الشيخ: المعاملة شيء آخر إذا تعتقد أن هناك تقارب فهذا ردة, تعتقد أنه يمكن أن يبقى وأنه يمكن أن يكون تقارب الإِسْلَامِ واليهودية وأن يكون كل منهم على حق هذا ردة عن الإِسْلَامِ, هذا من مسألة التقارب بين الأديان.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: نقول: لا, القتال مطلوب, الواجب قتالهم إلا إذا دفعوا الجزية.

الطالب: من قال: أن اليهود ليسوا كفار بالله هم كفار بالمسلمين ونحن كفار بالله.

الشيخ: هم كفروا بالله: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}[التوبة/84], نص القُرْآنَ.

الطالب: تكون ردة.

الشيخ: نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ, من قال: لا يكفرون بالله؟

الطالب: يقول: هم مؤمنون بالله وكفار بنبينا.

الشيخ: لا هم ليسوا مؤمنين بالله, هذا من أبطل الباطل هم كفار بالله نص القُرْآنَ: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}[التوبة/84], كفر بالله, والآيات الأخرى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ}[التوبة/29], نص القُرْآنَ هذه مغالطات.

الطالب: هذا تكذيب لله.

الشيخ: نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: هذا في زمانهم.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: يسموا أهل الكتاب, ويسموا اليهود ويسموا النصارى, سماهم الله بهذا وبهذا.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: يعني يُطلق عليهم كفار, كما أطلق النبي r عليهم كفار, وإن كانوا أهل الكتاب, أهل الكتاب كفار, اليهود كفار والنصارى كفار والوثنين كفار كفرهم جميعًا.

(المتن)

 وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول لا بالعبادة والعمل, والتوحيد الذي جاءت به الرسل لابد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله وعبادته وحده لا شريك له وهذا شيء لا يعرفونه.

 فلو كانوا موحدين بالقول والكلام لكان معهم التوحيد دون العمل، وذلك لا يكفي في السعادة والنجاة، بل لابد من أن يُعبد الله وحده ويتخذ إلها دون ما سواه، وهذا هو معنى قول لا إله إلا الله, انتهى كلام الشيخ.

(الشرح)

لابد من العمل, القول والعمل جميعًا.

(المتن)

فتأمل رحمك الله هذا الكلام فإنه مثل ما قال الشيخ فِيه: نافع جدًا، ومن أكبر ما فيه من الفوائد أنه يبين حال من أقر بهذا الدين وشهد أنه الحق وأن الشرك هو الباطل, وقال بلسانه ما أريدَ منه.

(الشرح)

(ما أريد منه) يعني ما طُلب منه, قال شيخ الإِسْلَامِ ابن تيمية: (أريد منه) يعني أعطاهم ما يطلبون منه.

(المتن)

   ومن أكبر ما فيه من الفوائد أنه يبين حال من أقر بهذا الدين وشهد أنه الحق وأن الشرك هو الباطل, وقال بلسانه ما أريد منه, ولكن لا يدين بذلك.

(الشرح)

يقول: أنا مؤمن, أنا كذا ولكن لا يجوز لا يعمل.

الطالب: (...)؟.

الشيخ: يعني ما طُلب منه, الشيخ يطلبونه ويعطيهم إياه بالكلام لكن ما يجوز في التوحيد ما يعمل.

(المتن)

   إما بغضًا لهم، أو عدم محبته كما هي حال المنافقين الذين بين أظهرنا، وإما إيثارًا للدنيا مثل تجارة أو غيرها فيدخلون في الإسلام ثم يخرجون منه كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}[المنافقون/3].

(الشرح)

يَعْنِي: هو يقول بلسانه ولكن لا يجوز, (إما بغضًا له) وإما إيثارًا بماله وتجارته يقول بلسانه.

(المتن)

ولكن لا يدين بذلك, إما بغضًا له.

(الشرح)

بغضًا لدين.

(المتن)

 أو عدم محبته كما هي حال المنافقين الذين بين أظهرنا، وإما إيثارا للدنيا مثل تجارة أو غيرها فيدخلون في الإسلام ثم يخرجون منه كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}[المنافقون/3].

وقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ}[النحل/106] إلى قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ}[النحل/107].

فإذا قال هؤلاء بألسنتهم: نشهد أن هذا دين الله ورسوله، ونشهد أن المخالف له باطل، وأنه الشرك بالله، غر هذا الكلام ضعيف البصيرة.

(الشرح)

لأنه مجرد قول باللسان.

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

قال شيخ الإِسْلَامِ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رسالته مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد, قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وأعظم من هذا وأطم أن أهل حريملا ومن وراءهم يصرحون بمسبة الدين، وأن الحق ما عليه أكثر النَّاس.

(الشرح)

يَعْنِي: في زمانه في أول الدعوة رحمه الله.

(المتن)

يستدلون بالكثرة على حسن ما هم فيه من الدين، ويفعلون ويقولون ما هو من أكبر الردة و أفحشها.

 فإذا قالوا: التوحيد حق والشرك باطل، وأيضًا لم يُحدثوا في بلدهم أوثانًا، جادل الملحد عنهم, وقال: إنهم يقرون أن هذا شرك، وأن التوحيد هو الحق، ولا يضرهم عنده ما هم عليه من السب لدين الله، وبغي العِوج له، ومدح الشرك، وذبهم دونه بالمال واليد واللسان, فالله المستعان.

(الشرح)

هذا ناقض من نواقض الإسلام ولو كانوا يزعمون أنهم يحبون التوحيد, إذا سبوا الدين انتقض, انتقض ما هم عليهم من الدين.

(المتن)

وقال أبو العباس رحمه الله أيضًا في الكلام على كفر مانعي الزكاة: والصحابة لم يقولوا: هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة, بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما: "والله لو منعوني عقالًا أو عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه" فجعل المبيح للقتال مجرد المنع، لا جحد الوجوب.

(الشرح)

 مجرد منع مع القتال, هم منعوا مع قتالهم فلم منعوا الزكاة وقاتلوا عليها عُوملوا معاملة الجاحد, أما لو منعوا أو طائفة منعوا ولم يقاتلوا تؤخذ منهم ويُؤدبون تؤخذ منهم ولا يحصلوا..إذا منع شخص الزكاة تؤخذ منه ويُؤدب أو جماعة تُؤخذ منهم أما إذا منعوا أو قاتلوا عليها فإنهم يُعاملوا معاملة المرتد كما فعل الصحابة, لأنهم قاتلوا عليها هذا غير منهيًا عنه.

(المتن)

      وقد روى أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب، لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة، وهي قتل مقاتِلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم.

(الشرح)

يعني: يقاتلون ما منعوها فقط هم منعوها ويقاتلون عليها, فعاملهم معاملة المرتدين مرتدين على طبقات منهم من أنكر نبوة النبي r وقال: لو كان نبيًا ما مات, ومنهم من أقر بنبوة مسيلمة, ومنهم من منع الزكاة وقاتل عليها, ومنهم من رجع إلى عبادة الأوثان وكلهم قاتلهم الصحابة فسموهم المرتدين ما فرقوا بينهم.

(المتن)

  ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة، وهي قتل مقاتِلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم, والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعهم أهل الردة, وكان من أعظم فضائل الصديق, رضي الله عنه عندهم أن ثبته الله على قتالهم، ولم يتوقف كما يتوقف غيره، فناظرهم حتى رجعوا إلى قوله, وأما قتال المقرين بنبوة مسيلمة، فهؤلاء لم يقع بينهم نزاع في قتالهم, انتهى كلامه.

 فتأمل كلامه رحمه الله في تكفير المعين والشهادة عليه إذا قُتل بالنار وسبى حريمه وأولاده عند منع الزكاة، فهذا الذي يُنسب عنه أعداء الدين عدم تكفير المعين.

(الشرح)

وهذا شيخ الإسلام ما يكفر المعين, قال: مانع الزكاة يُقتلون ويُعملوا معاملة المرتدين.

(المتن)

قال رحمه الله بعد ذلك: وكفر هؤلاء وإدخالهم في أهل الردة قد ثبت باتفاق الصحابة المستند إلى نصوص الكتاب والسنة.

ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال عمن قصد إتباع الحق، إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وإدخالهم في أهل الردة، وسبي ذراريهم، وفعلهم فيهم ما صح عنهم، وهو أول قتال وقع في الإسلام على من ادعى أنه من المسلمين.

 فهذه أول وقعة وقعت في الإسلام على هذا النوع، أعني المدعين للإسلام، وهي أوضح الوقعات التي وقعت من العلماء عليهم من عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى وقتنا هذا.

(الشرح)

الطالب: (...)؟.

الشيخ: اللي يقول: اليهود والنصارى ما هم كفار مرتد؛ لأن من نواقض الإسلام من لم يكفر المشركين أو يشكك في كفرهم أو يصح مذهبهم فهو كافر وهذا من نواقض الإسلام؛ لأن اليهود والنصارى كفار.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد