الشيخ:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فنبدأ بعون الله تعالى درسنا هذا المساء بإكمال قراءة رسالة التوحيد لسماحة شيخنا الشيخ/ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله تعالى.
المقدم:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، قال المؤلف -رحمه الله-:
وروى حديث النزول علي بن أبي طالب، وعبد الله ابن مسعود، وجبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيدٍ الخدري، وعمرو بن عبسة، وأبو الدرداء وعثمان بن أبي العاص، ومعاذ بن جبل، وأم سلمة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وخلقٌ سواهم -رضي الله عنهم-، ونحن مؤمنون بذلك مصدقون من غير أن نصف له كيفيةً أو نشبهه بنزول المخلوقين.
الشيخ: نعم، حديث النزول حديث متواتر، هو رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟»، هذا حديث متواتر، بلغ حد التواتر، وفيه إثبات النزول لله -عز وجل- كما يليق بجلاله وعظمته.
وهو سبحانه ينزل ولا نعرف كيف ينزل، المخلوق نعلم كيف ينزل، ينزل إلى الأسفل من الأعلى، يتحرك ويأتي، أما الخالق ما نعرف الكيفية، لكن نؤمن، وهو ينزل وهو فوق العرش، فعلٌ يفعله وهو فوق العرش يليق بجلاله وعظمته سبحانه.
فإذا كنت في أي مكان في أرض الله من الدنيا إذا جاء ثلث الليل الآخر؛ فاعلم أن هذا وقت النزول، وقت التنزُّل الإلهي، وهو وقتٌ شريف، وقتٌ فاضل، يُستجاب فيه الدعاء؛ فينبغي للإنسان أن يستفيد من هذا الوقت الثمين الشريف الفاضل، ويكون من المُستغفرين، ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾[آل عمران:17]، ثلث الليل الآخر، وقت السَحَر، وقت التنزُّل الإلهي.
والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان أوتر أول الليل وأوسطه وانتهى وتره إلى السَحَر -عليه الصلاة والسلام-، وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام يُصلي، وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: «أفضل الصلاة صلاة داود كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ»، فداود -عليه السلام- نبي، وملِك، وحاكم بين الناس، ويصنع الدروع، ومع ذلك أفضل الصلاة صلاة داوُد، «أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى»، وهو نبي، وملك من الملوك، ونبي من الأنبياء -عليه الصلاة والسلام-، فكان ينام نصف الليل الأول، ثُمَّ يصلي السدس الرابع والسدس الخامس، ثُمَّ ينام السدس السادس يتقوى به على أعمال النهار، هذا حاكم ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾[ص:26]، ويصوم يومًا ويُفطر يومًا، ويصنع الدروع، ولا يفر إذا لاقى في الحرب (الجهاد)، عليه الصلاة والسلام.
والنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ»، ثلث الليل الآخر هو السدس الخامس والسادس، فيكون السدس الرابع والسدس الخامس هذا قيام داود، والسدس الخامس والسادس هو وقت التنزُّل الإلهي، فيكون نصف الليل الآخر بأسداسه الثلاثة هو أفضل، أفضل من النصف الأول، وهذا الحديث متواتر. نعم.
المقدم: اليدان: ومن صفاته سبحانه الواردةُ في كتابه العزيز، والثابتة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم- اليدان، قال الله -عز وجل-: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64]، وقال -عز وجل-: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص:75]، فلا نقول يدٌ كيد، ولا نُكيِّف ولا نُشبِّه، ولا نتأول اليدين على القدرتين، كما يقول أهل التأويل.
بل نؤمن بذلك، ونُثبت الصفة من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا يصح حمل اليدين على القدرتين؛ فإن قدرة الله -عز وجل- واحدة، ولا على النعمتين؛ فإن نِعَم الله -عز وجل- لا تُحصى كما قال -عز وجل-: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾[إبراهيم:34].
الشيخ: اليدان، صفة اليدين صفة ثابتة لله -عز وجل-، صفة ذاتية، اخبر الله بها عن نفسه، قال: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64]، وقال عن إبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص:75].
وفي الحديث الصحيح: «إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ»، وفي الحديث قال: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ»، وقال: «يقبض بيده اليمنى»، وقال تعالى: ﴿وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، ويطوي السماوات بيده اليُمنى والأخرى هي القبض والفيض، فاليدان ثابتتان لله على ما يليق بجلال الله وعظمته.
أهل البدع أنكروا اليدين، بعضهم قال: اليدين معناها القدرة، ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص:75]، بقدرتيَّ، القدرتين! القدرة واحدة ليست قُدرتين، فتفسير اليد بالقدرة هذا باطل، وبعض أهل البدع فسرها بالنعمة، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بنعمتيَّ! نِعَم الله كثيرة، ليست نعمتين، فتأويل اليد بالقدرة، أو النعمة تأويلٌ باطل.
الصواب إثبات اليدين لله -عز وجل-كما يليق بجلاله وعظمته، لا يشبه أيدي المخلوقين، المُشبهة يقولون يدٌ كيدي، وسمعٌ كسمعي، وبصرٌ كبصري، وهؤلاء المُشبهة كُفَّار، مَن شبَّه الله بخلقه كفر، ومَن نفى والمُعطلة الذين ينفون الصفات أيضًا كذلك.
كما قال نعيم بن حمَّاد -رحمه الله-: "مَن شبَّه الله بخلقه كفر، ومَن نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من ذلك تشبيه". نعم.
المقدم: ونُثبت -لله عز وجل-صفةَ النفس التي وردت في كتاب الله –تعالى، وثبتت في سنة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، قال الله -عز وجل– إخبارًا عن نبيه عيسى -عليه السلام- أنه قال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾[المائدة:116]، وقال -عز وجل-: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾[الأنعام:54]، وقال -سبحانه وتعالى- لموسى -عليه السلام-:﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾[طه:41]، وقال: ﴿يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾[آل عمران:28].
الشيخ: هذه النصوص فيها إثبات النفس لله -عز وجل-، إثبات النفس، ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾[المائدة:116]، الله له نفس، والمخلوق له نفس، والله تعالى نفسه لا تُشابه أنفس المخلوقين، قال: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾[طه:41]، ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾[آل عمران:28].
وهل النفس صفة أو هي الموصوفة بالصفات؟ ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾[آل عمران:28]؟
المؤلف -رحمه الله- (الشيخ) قال: نثبت لله صفةَ النفس، هل هي صفة النفس؟ أو النفس هي ذات الرب -سبحانه وتعالى- (نفسه: ذاته)؟ نفسه هي الموصوفة بالصفات، هذا هو ظاهر النصوص. نعم.
المقدم: وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: يقول الله -عز وجل-: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ حين يذَكُرني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملأٍ، ذكَرتُهُ في ملأٍ خَيْرٍ منْهُمْ، وإن اقترب إليّ شبرًا اقتربت إليه ذراعًا، وإن اقترب إليّ ذراعًا اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» رواه مُسلم.
الشيخ: نعم، هذا الحديث فيه إثبات عدة صفات، قوله: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ»، إثبات المعية لله -عز وجل-، «وَأَنَا مَعهُ حين يذَكُرني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي»، فيه إثبات المعية لله -عز وجل- وأن الله مع الذاكرين.
والمعية معيتان: معيةً عامة للمؤمن والكافر، والله مع خلقه جميعًا في اطلاعه، وإحاطته [00:09:47] بقدرته ومشيئته وهو فوق العرش-سبحانه وتعالى-.
والمعية الخاصة خاصة بالمؤمنين، والأنبياء، والرسل، معية خاصة تقتضي التوفيق، والتسديد، والتأييد، والحفظ، والكلاءة، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى.
«أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ حين يذَكُرني»، هو مع الذاكرين، ولكنه مع كل أحد باطلاعه وإحاطته، ومع الذكرين بتأييده، ونصره، وحفظه، وكلاءته، وثوابه، وفيه إثبات النفس لله، قال: «فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإن اقترب إليّ شبرًا اقتربت إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»، كل هذه الصفات تليق بجلال الله وعظمته، لا تماثل صفات المخلوقين.
ومن آثار هذه الصفات وثمراتها أن الله تعالى أسرع إلى الخير من العبد، وأن الله لا يقطع الثواب حتى يقطع العبد العمل. نعم.
المقدم: الوجه: ومن الصفات التي نطق بها القرآن وصحَّت بها الأخبار: الوجه. قال الله -عز وجل-: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾[الرحمن:27]، وقال:﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾[القصص:88].
وفي حديث أبي موسى قال: «قام فينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأربع، فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه كل شيءٍ أدركه بصره»، ثم قرأ: ﴿أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾[النمل:8]، فهذه صفةٌ ثابتة بنص الكتاب، وخبر الصادق الأمين، فيجب الإقرار بها والتسليم كسائر الصفات الثابتة بواضح الدلالات.
الشيخ: صفة الوجه ثابتة لله تعالى، الله تعالى له وجه لا يُشبه وجوه المخلوقين، قال: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾[الرحمن:27]، ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾[القصص:88]، لو كشف ... حجابه النور، احتجب من خلقه بالنور، وفي لفظ: النار، لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، لو كشف الحجاب لاحترق الخلق، فلا يمكن أن يستطيع أن يقدر الناس أهل الدنيا على رؤية الله.
وقد سمع موسى كلام الله، كلمه الله، سمع موسى كلام الله من غير واسطة، ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164]، فلما سمع كلام الله موسى طمع أن يراه، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾[الأعراف:143]، فقال الله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾[الأعراف:143]، ما تستطيع ببشريتك الضعيفة، ما تتحمل الرؤية، لكن في يوم القيامة يُنشئ الله الناس تنشئة قوية يثبتون فيها لرؤية الله، يستطيعون، يُنشئهم تنشئة قوية، أجسام قوية، لكن الآن ببشريتهم الضعيفة ما يستطيعون.
قال الله: ﴿لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾[الأعراف:143]، فَلَمَّا تَجَلَّى الله لِلْجَبَلِ تدكك الجبل وانساخ، ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾[الأعراف:143]، قال بعض المُفسرين والعلماء: إن الله تجلَّى للجبل بقدر الخنصر، كشف حجابه بقدر الخنصر، فاندك الجبل وانساخ، ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الأعراف:143]، أنه لا يراك أحدٌ في الدنيا إلا مات، ولا جبل إلا تدهده، فلا يستطيع الإنسان أن يرى الله سبحانه وتعالى.
قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: «واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا»، أما في الآخرة فإن المؤمنون يرون ربهم، قال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 22-23]، وأعلى نعيم يلقاه أهل الجنة هو رؤية الله في الآخرة، نعيم.
قال -تعالى-: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾[يونس:26]، جاء في تفسير زيادة أنها النظر إلى وجه الله الكريم، وكذلك يرونه في موقف القيامة، ويحتجب عن الكفار، ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾[المطففين:15]، لكن في الدنيا لا يستطيع أحد أن يراه، نعم؛ ولا يمكن لأحد أن يرى الله في الدنيا حتى النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصحيح ليلة المعراج ما رآه بعين بصره، قال بعض العلماء رآه، لكن الصواب أنه لم يره، وإنما سمع كلامه من دون واسطة ولكنه ما رآه. نعم.
المقدم: ونعتقد أن الله -سبحانه وتعالى-يُرى في الآخرة كما جاء في كتابه، وصحَّ به النقل عن رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال الله -عز وجل-: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 22-23].
الشيخ: ناضرة الأولى من النُضرة والبهاء والحُسن، ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 23]، من النظر بالعين. نعم.
المقدم: وروى جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-، قال: كنا جلوسًا ليلةً مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: «إنكم سترون ربكم -عز وجل-، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته» الحديث.
الشيخ: نعم، وهذا في رؤية المؤمنين يوم القيامة، يرونه رؤية واضحة كما يُرى القمر ليلة البدر، وكما تُرى الشمس صحوة ليس دونها سحاب. نعم.
المقدم: قال مالك بن أنس -رضي الله عنه-: (الناس ينظرون إلى الله تعالى بأعينهم يوم القيامة).
الشيخ: نعم، هذا حق.
وفي معتقد أهل السنة والجماعة أن الله -عز وجل- لم يزل متكلمًا بكلامٍ إذا شاء متى شاء، قال الله -عز وجل-: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164].
قال أبو العباس بن سُريج: "إن جميع الآي الواردة عن الله في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في صفاته التي صححها أهل النقل يجب على المرء المسلم الإيمان بكل واحدٍ منه كما ورد، وتسليم أمره إلى الله كما أمر.
وذلك مثل قوله سبحانه: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾[البقرة:210]، وقوله: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾[الفجر:22]، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5]، وقوله: ﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67].
الشيخ: نعم، معتقد أهل السُنَّة والجماعة أن الله يتكلم بكلام إذا شاء، متى شاء، كيف شاء على ما يليق بجلاله وعظمته، وهو -سبحانه وتعالى-كلَّم موسى، وكلم آدم يوم القيامة، «يقول: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، يقول: أخرج بعث النار، يقول: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد على الجنة»، وقال الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164].
قال أبو العباس بن سُريج: "إن جميع الآي الواردة عن الله في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في صفاته التي صححها أهل النقل يجب على المرء المسلم الإيمان بكل واحدٍ منها".
يجب على كل مسلم أن يُصدق ويؤمن بالنصوص الواردة ... بالصفات الواردة في النصوص كما ورد، ويُسلم أمره إلى الله، مثل قوله: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾[البقرة:210]، إثبات الإتيان لله، الله يأتي على ما يليق بجلاله وعظمته.
وقال: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾[الفجر:22]، إثبات المجيء لله على ما يليق بجلاله وعظمته، ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5]، استوى على العرش كما يليق بجلاله وعظمته،﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، إثبات اليمين لله، وإثبات القبض لله، كل هذه الصفات يجب إثباتها لله. نعم.
المقدم: ونظائرُها مما نطق به القرآن كالفوقية، والنفس، واليدين، والسمع، والبصر، والكلام، والعين، والنظر، والإرادة، والرضاء، والغضب، والمحبة، والكراهة، والقرب والبُعد، والسخط، والاستجابة، وصعود الكلام الطيب إليه، وعروج الملائكة والروح إليه، ونزول القرآن منه، وندائه الأنبياء، وقوله للملائكة، وقبضه وبسطه، وعلمه، ووحدانيته، وقدرته، ومشيئته، وصمدانيته، وفردانيته، وأوليته، وآخريته، وظاهريته، وباطنيته، وحياته، وبقائه، وأزليته، ونوره، وتجليه، والوجه، وخلق آدم بيده.
ونحو قوله: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾[الملك:16]، وسماعه من غيره، وسماع غيرهِ منه، وغير ذلك من صفاته المذكورة في كتابه المُنزَّل، وجميع ما لفظ به المصطفى من صفاته، كغرس جنة الفردوس بيده، وشجرة طوبى بيده، وخط التوراة بيده، والضحك والتعجب، ووضعه القدم، وذكر الأصابع، والنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا، وغيرته، وفرحه بتوبة العبد، وأنه ليس بأعور، وأن كلتا يديه يمين، وحديث القبضتين، وله كل يوم كذا وكذا نظرةً في اللوح المحفوظ، وأنه «يوم القيامة يحثوا ثلاث حثيات من حثياته، فيدخلهم الجنة» وحديث «القبضة التي يُخرج بها من النار قومًا لم يعملوا خيرًا قط».
وإثبات الكلام بالحرف والصوت، وكلامه للملائكة ولآدم، ولموسى، ومُحمد والشهداء وللمؤمنين عند الحساب وفي الجنة، ونزول القرآن إلى سماء الدنيا، وكون القرآن في المصاحف، وما أذِن الله بشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن، وصعود الأقوال والأعمال والأرواح إليه، وغير هذا مما صح عنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الأخبار الواردة في صفات الله سبحانه ما بلغنا.
وما لم يبلُغنا مما صح عنه اعتقادنا فيه أن نقبلها ولا نَرُدَّها، ولا نَتَأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المُشبهين، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نُكَيِّفها، ولا نشير إليها بخواطر القلوب، بل نطلق ما أطلقه الله، ونُفسر ما فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعون، والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدِّين والأمانة، ونُجمع على ما أجمعوا عليه، ونُمسك عما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر لظاهره والآية لظاهرها، مع اعتقاد معناها وما دلَّت عليه.
لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية، والجهمية، والمُلحِدة، والمُجَسِّمة، والمشبهة، والكرامية، والمُكيفة، بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول الإيمان بها واجبٌ على وجهٍ يليق بجلاله.
الشيخ: نعم، المؤلف -رحمه الله- ذكر جُملة من الصفات كلها لها دلالتُها من الكتاب والسُنَّة، قال: ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية، يقول: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾[النحل:50]، والنفس: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾[المائدة:116]، واليدين: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64].
والسمع والبصر: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، والكلام ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164]، والعين: «إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور العين اليمنى»، أخذ العلماء من هذا إثبات العين لله تعالى، وأن الدجال أعور العين اليُمنى، و الله تعالى له عينان سليمتان، «إن ربكم ليس بأعور».
والنظر: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾[البقرة:210]، ينظرون إلى الله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة فهم ينظرون إلى ربهم، والإرادة: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾[البقرة:253]، والرضا: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾[المائدة:119]، والغضب: ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[المجادلة:14]، والمحبة: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[المائدة:54]، والكراهة: ﴿كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾[التوبة:46]، والقرب: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾[ق:16]، وكذلك القرب والبُعد: «إذا تقرَّب منِّي شبرًا تقربت منه ذراعًا، وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً»، والسخط ﴿سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[المائدة:80].
والاستجابة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ﴾[الأنفال:24]، الاستجابة فيها في قوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر:60]، الاستجابة: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر:60]، ولكن هل يُشتق منها الاستجابة هكذا؟ يعني إنما يُقال إن مَن دعا الله استجاب له، لكن هل يُشتق منها الاستجابة هكذا؟ هذا محل نظر، وكذلك البعد، إثبات صفة البُعد.
وصعود الكلام الطيب إليه: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾[فاطر:10]، والعروج ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾[المعارج:4]، ونزول القرآن منه: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾[الزمر:1]، ونداؤه: «إن الله يُنادي يوم القيامة آدم بصوتٍ يسمعه من بُعد كما يسمعه من قُرب»، وقوله للملائكة، أو يُنادي الملائكة، ويُنادي جبريل، يُكلم جبريل، قبضه، يقبض السماء، يقبض السماوات: ﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾[الزمر:67]، وبسطه: «يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار»، وعلمه ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[التحريم:2].
ووحدانيته: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ﴾[القصص:70]، «اللهم أَنْتَ اللَّه لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ»، وهو الواحد: ﴿هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾[الزمر:4]، وقدرته: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[الشورى:9]، ومشيئته: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾[الإنسان:30]، وصمدانيته: «الأَحَدُ الصَّمَدُ»، فرْدانيته كما جاء في الحديث: «اللهم أنت الأحد الفرد الصمد»، وأوليته: ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾[الحديد:3]، وآخريته ﴿هُوَ الأَوَّلُ والآخر﴾[الحديد:3]، وظاهريته، وباطنيته ﴿وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾[الحديد:3].
وحياته قال -تعالى-: ﴿هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾[آل عمران:2]، وبقاؤه: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾[الرحمن:27]، وأزليته ويعني الله هو الأزل، يعني أن الله تعالى هو الواحد هو الأول الذي في الأزل، الذي لا بداية لأوليته، ونوره، قال الله تعالى:﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾[النور:35]، وتجليه: «إن الله يتجلَّى لعباده»، يتجلَّى لخلقه، والوجه: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾[الرحمن:27].
وخلق آدم بيده: «خلق الله آدم بيده» كما في الحديث، ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾[الملك:16]، في إثبات العُلو لله عزَّ وجل، وسماعه يسمع كلام عباده، ويسمع العِباد كلام الله، وغير ذلك من صفاته [00:26:11]
قال: في كتابه المنزل، وجميع ما لفظ به المصطفى من صفاته كغرس جنة الفردوس بيده، «إن الله -تعالى- خلق جنة عدن بيده» في الحديث، وشجرة طوبى بيده أيضًا كذلك هذا إذا صح به الخبر، وخط التوراة بيده، إن الله خطَّ لموسى التوراة بيده.
والضحك: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة»، والعَجب: «يَعْجَب ربُّك من الشاب ليست له صَبوة»، والآية التي قرأها في الصافات: ﴿بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ﴾[الصافات:12]، ووضعه القدم: «لا تمتلئ النار حتى يضع ربك فيها قدمه فتمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض»، وذكر الأصابع «أَنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أُصْبُعٍ وَالأَرضين عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْمَاءُ وَالثَّرَى عَلَى أُصْبُعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى أُصْبُعٍ»، خمسة أصابع كما يليق بجلاله وعظمته.
والنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا كما سبق «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا»، وغيرته: «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وغيرته أَنْ يَأْتِيَ المرء مَا حَرَّمَ اللَّهُ عليه»، وفرحه بتوبة العبد «إن الله يفرح بتوبة عبده كما يفرح مَن فقد راحلته في أرض مهلكة إذا وجدها»، وأنه ليس بأعور كما في الحديث: «إن ربكم ليس بأعور، والدجال أعور العين اليُمنى».
كلتا يديه يمين، إن الله تعالى كلتا يديه يمين، إثبات اليدين لله، وحديث القبضتين، «الله يقبض بيده اليُمنى، ويقبض بيده الأخرى»، وله كل يوم ٍكذا وكذا نظرةً في اللوح المحفوظ، و«يوم القيامة يحثوا ثلاث حثيات من حثيات الله، فيدخلهم الجنة» وحديث «القبضة التي يخرج بها من النار قومًا لم يعملوا خيرًا قط»، وإثبات الكلام وأنه يتكلم بحرف وصوت.
إثبات الكلام وأن الله يُكلم الملائكة، ويُكلم آدم، وكلَّم موسى، وكلَّم مُحمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليلة المعراج، وكلَّم الشهداء، جابر -رضي الله عنه- لمَّا مات والده عبد الله بن حرام، قال النبي لجابر: «إن الله كلَّم أباك كفاحًا، وقال: يا عبدي -كفاحًا يعني بدون واسطة-، قال: يا عبدي تمنى، قال: يا ربي أن أرجع إلى الدُنيا فأُقتل مرةً أُخرى، فقال الله: إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون»، وكلام الله للمؤمنين يوم الحساب، وكلام الله للمؤمنين في الجنة.
ونزول القرآن إلى السماء الدنيا، وكون القرآن في المصاحف، المصحف فيه كلام الله، وما أَذِن الله لشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن، "أذِن" يعني ما استمع، "أذِن" يعني استمع، أنت ما تستمع الآن؟ ما استمع لشيءٍ استماعه لنبيٍ يتغنى بالقرآن.
وصعود الأقوال والأعمال والأرواح إليه: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾[فاطر:10]، وغير هذا -يقول- مما صح عنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الأخبار الواردة في صفات الله ما بلغنا.
وما لم يبلُغنا مما صح عنه، اعتقادنا فيها أن نقبلها، نقبل ما جاء بالكتاب والسُنَّة من الصفات، ولا نَرُدَّها، ولا نَتَأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المُشبهين، لأن الله -تعالى- لا يُماثل أحدًا لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نُكَيِّفها، نقول أنها شيء على كيفية كذا، ولا نشير إليها بخواطر القلوب، يعني يتصور الإنسان شيء ثم يحمل صفات الله عليها.
قال: بل نطلق ما أطلقه الله، ونُفسر ما فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعون لهم، والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدِّين والأمانة، ونُجمع على ما أجمعوا عليه، ونُمسك عما أمسكوا عنه، ونسلَّم الخبر، يعني نقبل الخبر من الكتاب والسُنَّة لظاهر الآية، والآية لظاهرها، مع اعتقاد معناها، يعني إذا كانت الآية لها (00:30:13) على ظاهرها ونؤمن بمعناها وما دلَّت عليه.
قال: ولا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية، والجهمية والمُلحِدة، والمُجَسِّمة، والمشبهة، والكرَّامية، والمكيفة، كل هؤلاء انحرفوا في باب الصفات بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، لا نؤولها، ولا نُمثلها (00:30:37)، ونقول الإيمان بها واجبٌ على وجه يليق بجلال الله وعظمته. نعم.
المقدم: قال نعيم بن حمَّاد شيخ البخاري – رحمه الله -: "مَنْ شَبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومَن جحد ما وصف الله به نفسه، فقد كفر، وليس ما وصف الله نفسه تشبيها".
وقد قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، فقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ردٌ على المُشبِهَة، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ردٌ على المعطلة.
الشيخ: نعيم بن حمَّاد هذا شيخ الإمام البُخاري يقول -رحمه الله-: "مَنْ شَبَّه الله بخلقه فقد كفر"، من قال إنه يشبه المخلوقين في ذاته، أو في صفاته كفر.
"ومَن جحد ما وصف الله به نفسه كفر"، فالمُعطِل كافر، والمُشبه كافر، وهذا التكفير على العموم، أما الشخص المُعيَّن ما يُكفَّر حتى تقوم عليه الحُجَّة، حتى يُبلَّغ، وتقوم عليه الحُجَّة، ويُناقشن ويُبين له، فإذا بُين له واتضح له الحق، ثُمَّ أصر على ما هو عليه، عند ذلك يُحكم بكفره، وقد قال الله تعالى:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:11]، هذا ردٌ على... :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ردٌّ على المُشبهة، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ردٌّ على المعطلة. نعم.
المقدم: فكما أن ذات الله ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس المخلوقات، فصفاته ثابتةٌ حقيقة من غير أن تكون من جنس صفات المخلوقين.
الشيخ: نعم، يعني كما أن لله ذات حقيقة لا تشبه ذات المخلوقين، فكذلك له صفات في الحقيقة لا تُشبه صفات المخلوقين. نعم.
المقدم: فمَن قال: لا أعقل علمًا ويدًا إلا من جنس العلم واليد المعهودة، قيل له: فكيف تعقل ذاتًا من غير جنس ذات المخلوقين.
الشيخ: نعم، هذا يعني فيه إلزام الخصَم، إذا قال: أنا لا أعقل علمًا ويدًا إلا من جنس العلم واليد المعهودة من المخلوقين. ما أعرف العلم إلا علم المخلوق، ولا أعرف اليد إلا يد المخلوق، قل له: كيف تعقل ذاتًا من غير جنس ذات المخلوقين، أليست لله ذات من غير جنس ذات المخلوقين؟!
فإذا قال: بلى، خُصِم، وقيل له: كذلك الصفات. نعم.
المقدم: ومن المعلوم أن صفاتِ كل موصوف تناسب ذاته، وتلائم حقيقته، فمن لم يفهم من صفات الرب الذي:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:11]، إلا ما يناسب المخلوقين، فقد ضل في عقله ودينه.
وما أحسن ما قال بعضهم: إذا قال لك الجهمي: كيف استوى؟ أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا؟ أو كيف يراه؟ ونحو ذلك. فقل له: كيف هو في نفسه؟ فإذا قال: لا يعلم ما هو إلا هو، وكُنْهُ الباري غير معقول للبشر،
الشيخ: الكُنه يعني الحقيقة، وكُنه الباري يعني حقيقته. نعم.
فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مُستلزمٌ للعلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن يعلم كيفية صفةٍ لموصوفٍ لم تعلم كيفيته؟ وإنما تُعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي.
ومَن أَوَّلَ نصوص الصفات أو قال إنها ألفاظ لا يعقل معناها، ولا يُدري ما أراد الله ورسوله منها، ولكن نقرأها ألفاظًا لا معاني لها، فقد أخطأ خطأً بينًا، بل هي آياتٌ بيناتٌ دالةٌ على أشرف المعاني وأجلها.
الشيخ: يعني مَن قال من المُعطِلة: أنا لا أعقل علم ويد إلا من جنس العلم واليد المعهودة، نقول له: كيف تعقل ذاتًا من غير جنس ذات المخلوقين؟
قال المؤلف -رحمه الله-: ومن المعلوم أن صفاتِ كل موصوف تناسب ذاته، وتلائم حقيقته؛ فصفات الإنسان تُناسب ذاته، صفات الحيوان تُناسبه، صفات الفرس تُناسب ذات الفرس، صفات الإبل تُناسب صفات الإبل، صفات الغنم تُناسب صفات الغنم، صفات الملائكة تُناسب ذات الملائكة، صفات المخلوقين الآدميين تُناسب ذواتهم، وهكذا، فمن المعلوم أن صفة كل موصوف تناسب ذاته وتُلائم حقيقته. فمن لم يفهم من صفات الرب الذي﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:11]، إلا ما يناسب المخلوقين، فقد ضل في عقله ودينه.
الذي يقول: أنا ما أعرف من صفات الخالق إلا مثل صفات المخلوقين، نقول له: أنت ضالٌّ في عقلك ودينك، المخلوقات كل مخلوق له صفات تُناسبه، والله له صفاتٌ تُناسبه.
يقول: وما أحسن ما قال بعضهم: إذا قال لك الجهمي: كيف استوى؟ أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا؟ أو كيف نراه؟ فقل له: كيف هو في نفسه؟ فإذا قال: لا يعلم ما هو إلا هو، وكُنْهُ الباري غير معقول للبشر -يعني حقيقته- فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مُستلزمٌ للعلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن تعلم كيفية صفةٍ لموصوفٍ لم تُعلم كيفيته، وإنما تُعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي.
ومَن أَوَّلَ نصوص الصفات أو قال إنها ألفاظ لا يعقل معناها، ولا يُدري ما أراد الله ورسوله منها، ولكن نقرأها ألفاظًا لا معاني لها، فقد أخطأ خطأً بينًا.
الذي يقول إنها ألفاظ لا يُعقل معناها، ولا يُدري ما أراد الله ورسوله منها، ولكن نقرأها ألفاظًا لا معاني لها؛ فهذا أخطأ خطأً بينًا.
بل هي آياتٌ بيناتٌ دالةٌ على أشرف المعاني وأجلها، كما قال الله -تعالى-: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾[العنكبوت:49]. نعم.
المقدم: وبالجملة: إن مذهب أهل السنة والجماعة: إثبات ما أثبته الرب لنفسه وما أثبته له أعلم الخلق به محمدٌ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كالاستواء، والمحبة، والغضب، والرضا، والسمع، والبصر، والرحمة، والعلم، والكلام، واليدين، والوجه، والنداء.
وإن هذا القرآن المحفوظ في صدورنا المتلو بألسنتنا المسموع بآذاننا هو كلامه حقيقة كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾[العنكبوت:49]، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ﴾[فاطر:29]، وقوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾[التوبة:6].
إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب وصح عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من إثبات الصفات له -جل وعلا-، إثباتًا بلا تمثيل وتنزيهًا بلا تعطيل مع اعتقاد معناها وما دلت عليه على حد قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، وقوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[الإخلاص:1-4].
وهذا هو حقيقة مذهب سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة العلماء المُحققين.
والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
الشيخ: نعم، هذا خُلاصة، المؤلف ذكر خُلاصة، خلاصة في مُعتقد أهل السُنَّة والجماعة في باب الأسماء والصفات.
قال: وبالجملة: فإن مذهب أهل السنة والجماعة: إثبات ما أثبته الرب لنفسه وما أثبته له أعلم الخلق به محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم.
إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، ونفاه عنه رسوله، وهذا مذهب السلف، إثبات ما أثبته الله، أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
مثال الإثبات: الله الصمد، إثبات اسم الصمد، وصفة الصمدية لله، كذلك في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[التحريم:2] إثبات اسم العليم، واسم الحكيم، صفة العلم، وصفة الحكمة، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾[المجادلة:22]، إثبات صفة الرضا، ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[الممتحنة:13] إثبات صفة الغضب.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾[غافر:10]، إثبات صفة المقت وهو أشد البُغض، وهكذا قوله تعالى: ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾[الحشر:22]، إثبات الرحمن وهو مشتمل على صفة الرحمة، ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ... * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[الحشر:23-24]، كل هذه صفات ... أسماء، وكل اسم مشتمل على صفة، الملك اسم مشتمل على صفة المُلك، القدوس، السلام صفة السلامة، المؤمن من أسماء الله، المُهيمن، المُتكبر، إلى غير ذلك من الأسماء والصفات، فأسماء الله مشتملة على الصفات، وليست مُشتقة، وهي مُشتقة وليست جامدة.
قال المؤلف هُنا: نثبت ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله كالاستواء، يعني صفة الاستواء: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5]، والمحبة :﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[المائدة:54]ن والغضب: ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[المجادلة:14]، والرضا: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾[المائدة:119]، والسمع والبصر: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، والرحمة ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾[الأعراف:156]، والعلم: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[الحديد:3]، والكلام: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164]، واليدين: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص:75]، والوجه صفة الوجه لله كما سبق في النصوص: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾[الرحمن:27]، والنداء: «إن الله يُنادي يوم القيامة آدم».
وهذا القرآن محفوظٌ في الصدور، متلوٌ بالألسن، مسموعٌ بالآذان، يعني القرآن ... يعني هذا القرآن محفوظٌ في صدورنا، متلوٌ بألسنتنا، مسموعٌ بآذاننا هو كلام الله حقيقة، كما قال الله -تعالى-: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾[العنكبوت:49]، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾[فاطر:29]، وقوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾[التوبة:6]، ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾[العنكبوت:49]، إن القرآن محفوظ في الصدور.
وقوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾[التوبة:6]، إثبات الكلام، إثبات صفة كلام الله، إثبات الكلام لله -عز وجل-، إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب والسُنَّة وصحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من إثبات الصفات لله -جلَّ وعلا- إثباتًا بلا تمثيل.
يعني تُثبت الصفات العلم لكن لا نُمثلها بصفات المخلوقين، السمع لا نُمثله، نقول لله سمع ولا نُمثل، ما نقول مثل صفة المخلوقين، وهكذا القدرة، والسمع، والبصر، والكلام، والرحمة، والغضب، إلى غير ذلك من الصفات.
فالصفات ثابتة لله -جلَّ وعلا- إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل مع اعتقاد معناها، وما دلَّت عليه، تثبت لله إثبات بلا تمثيل، ويُنزه الله عن مُشابهة المخلوقين تنزيهًا بلا تعطيل مع اعتقاد معناها، وما دلَّت عليه، على حد قول الله تعالى:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، وقوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[الإخلاص:1-4].
قال المؤلف: وهذا هو حقيقة مذهب سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة العلماء والمُحققين.
هذا هو مذهبهم، سلف الأمة هم الصحابة، والتابعون لهم، والأئمة المحققون، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
بهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة، وغدًا إن شاء الله نقرأ في الهداية إن شاء الله، الرسالة الأولى، ونتوقف الآن للأسئلة.