والتي ألقيت بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية بمدينة الرياض وذلك في الفترة من الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى إلى الثالث من شهر جمادى الثاني لعام ألف وأربعمائة وسبعة وعشرين من الهجرة النبوية.
ومع شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل_رحمه الله تعالى _ .
والذي قام بشرحه فضيلة الشيخ :
عبد العزيز بن عبد الله الراجحي .
(مقدمة الشيخ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله , أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين من الجن والإنس للعرب والعجم , وأشهد أنه خاتم النبيين لا نبي بعده وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده , حتى أتاه من ربه اليقين , وصلوات الله وسلامه عليه و على إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وأصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله , وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا و ذرياتنا , كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً وأن يجعل تفرقنا من بعده هذا تفرقاً معصوما, وألا يجعل فينا ولا منا شقياً أو محروماً , كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماع خير وعلم تغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده.
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم , إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.
أيها الإخوان إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه , الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات والذي قرَ أهل العلم أنه أفضل من نوافل العبادة , فتعلم العلم وتعليمه أفضل من نوافل العبادة , إذا تعارض نافلة من نوافل العبادات كالصلاة أو الصيام أو الحج مع طلب مع تعلم العلم وتعليمه , فإن تعلم العلم وتعليمه مقدم و ما ذاك إلا لأن نوافل الصلاة والصيام والزكاة والحج قاصر نفعه على صاحبه أما العلم تعلماً وتعليماً فإن نفعه متعدد , لأن الإنسان إذا تعلم وتبصر وتفقه في شريعة الله رفع الجهل عن نفسه لأن الأصل أن الإنسان ما يعلم الأصل أن الإنسان لا يعلم , قال الله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وقال لنبيه الكريم : وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى
فأصل الإنسان أنه لا يعلم ثم يتعلم , فيتبصر فيرفع الجهل عن نفسه ثم يرفع الجهل عن غيره , ثم بهذا يكون الإنسان إذا تعلم وعمل ثم نشر علمه وصبر على الأذى يكون من الرابحين , يكون من الرابحين الذين استثناهم الله في قوله سبحانه : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ أقسم الله وهو الصادق, أن جنس الإنسان في خسارة إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلا من اتصف بهذه الصفات العظيمة
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا: والإيمان مبني على العلم والبصيرة ,
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ: أي العمل ,
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ : أي الدعوة إلى الله ونشر العلم
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فهؤلاء هم الرابحون أهل السعادة , نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
فلا بد لطالب العلم أن يستشعر هذا الأمر وأنه في عبادة وعليه أن يخلص لله في عبادته , فإذا كان تعلم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة فعلى أهل العلم أن يخلصوا أعمالهم لله , لأن العبادة لا تصح ولا تكون نافعة ولا مقبولة عند الله حتى يتحقق فيها الإخلاص لله والمتابعة لنبيه ﷺ ركنان أساسيان لا بد منهما في كل عبادة تتعبد بها لله وتعلم العلم وتعليمه , لا بد أن يكون العمل خالصاً لله , صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك برك للوالدين وصلتك للرحم وتعلمك للعلم وتعليمك للعلم لا بد أن يكون خالصا لله مراداً به وجه الله , ولا بد أن تكون متابعاً في ذلك رسول الله ﷺ.
هذان أمران وهذان ركنان أساسيان لا تصح أي عبادة إلا بهما ,
قال الله تعالى في كتابه العظيم : فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً والعمل الصالح ما كان لله والعمل الذي ليس فيه شرك ما كان خالصا لوجه الله . وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ وإسلام الوجه , هو الإخلاص لله قال سبحانه بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى الأعمال بالنيات , قال أهل العلم وهذا الحديث نصف الدين نصف الدين لأن الدين ظاهر وباطن وهذا الحديث فيه بيان حكم الباطن إنما الأعمال بالنيات النية أمر باطن وإنما لكل امرئ ما نوى وهذا الأصل وهو أن يكون العمل خالصاً لله , فهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وإذا تخلف حل محله الشرك.
ودل على الأصل الثاني ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ لمسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد هذا يتعلق بالظاهر , والحديث الأول إنما الأعمال بالنيات يتعلق بالباطن , وهذا يتعلق بالظاهر , وإذا تخلف الاتباع إذا تخلف الاتباع للنبي ﷺ, حل محله البدعة , فلا بد للمسلم أن يصحح نيته ويجاهد نفسه في إخلاص العمل لله حتى يكون العمل مقبولا ونافعاً عند الله وحتى يكون مباركاً ’ أما إذا دخل العمل الشرك كالرياء وخالطه وخامره فإن العمل يكون باطلا , يكون العمل باطلا
والرياء يكون شركا أكبر كرياء المنافقين , الرياء الكبير هو رياء المنافقين الذين دخلوا الإسلام نفاقاً كـعبد الله بن أبي وغيره في زمن النبي ﷺ, هؤلاء أشركوا شركاً أكبر فأعمالهم حابطة ولا يقبل منهم أي عمل . قال الله تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا
الثاني رياء أصغر : رياء يسير وهو الرياء الذي يصدر من المؤمن , المؤمن أسلم لله دخل في الإسلام لا نفاقاً بل دخل في الإسلام عن إخلاص وصدق ولكنه يرائي في بعض عمله يرائي في صلاته أو في صيامه أو في حجه أو في زكاته أو في تعلمه أو تعليمه فيكون هذا الرياء يحبط العمل , يحبط العمل الذي قارنه فقط , شرك أصغر , يبطل هذا العمل الذي قارنه , لكن إذا كان الرياء خاطراً , خطر الرياء فدفعه الإنسان وطرده واستعاذ بالله من الشيطان فلا يبطله , أما إذا استرسل الرياء واستمر الرياء إلى آخر العمل وآخر العبادة فقيل إنه يحبط العمل وقيل يجازى بنيته الأولى .
قد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبو هريرة أن النبي ﷺ قال :أول خلق الله يسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة قارئ أو عالم ومجاهد قتل في المعركة ومتصدق أنفق أمواله في سبل الخيرات فأما الأول فيؤتى به ويوقف بين يدي الله فيعرفه الله نعمه فيعرفها فيقول الله له فيقول سبحانه له : ماذا عملت ؟ فيقول يا ربي قرأت فيك القرآن وتعلمت فيك العلم , فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت , وإنما فعلت ذلك ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ , فليس لك إلا ذلك ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار , ويؤتى بالمقاتل الذي قتل في المعركة فيوقف بين يدي الله فيقول الله ماذا عملت ؟ فيقول ربي قاتلت في سبيلك حتى قتلت ابتغاء وجهك , فيقول الله له : كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما فعلت ذلك ليقال شجاع وليقال جريء فقد قيل وليس لك إلا ذلك ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار , ويؤتى بالمتصدق الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات فيوقف بين يدي الله فيقول الله له : ماذا عملت ؟ فيقول يا ربي ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها ابتغاء وجهك , فيقول الله له : كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما فعلت ذلك ليقال جواد وليقال كريم فقد قيل وليس لك إلا ذلك , ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه ويلقى في النار قال أبو هريرة : هؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .رواه مسلم في صحيحه .
هؤلاء الثلاثة ما الذي جعل أعمالهم وهي في ظاهرها عبادات عظيمة تنقلب وبالا عليهم ؟ ما الذي جعلها تنقلب وتكون وبالا عليهم ؟
النية السيئة النية الرياء , أرادوا بأعمالهم غير وجه الله وإلا لو كانت أعمالهم خالصة لله لكانت منزلتهم عالية , العالم أو القارئ , لو كان عملهم خالصاً كانا من الصديقين الذين يلون مرتبة الأنبياء , لو كان العالم أو القارئ الذي نشر علمه أراد بذلك وجه الله لكان من الصديقين وهم الذين يلون مرتبة الأنبياء ,
والذي قتل في المعركة لو كان مريداً بجهاده وجه الله لكان من الشهداء الذين يلون مرتبة الصديقين , المرتبة الثالثة .
والمتصدق الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات لو كان مخلصاً لله لكان من الصالحين الذين يلون مرتبة الشهداء ,
لأن المؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالعلم والعمل لهم أربع مراتب :
المرتبة الأولى مرتبة الأنبياء , والمرتبة الثانية مرتبة الصديقين , والمرتبة الثالثة مرتبة الشهداء , والمرتبة الرابعة مرتبة الصالحين .
قال الله في كتابه العظيم : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
إذاً على طالب العلم أن يجاهد نفسه حتى يكون تعلمه وعلى أهل العلم أن كل واحد عليه أن يجاهد نفسه في تعلمه وتعليمه حتى يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة لا رياء ولا سمعة والنية هي أساس العمل وإصلاح النية من أصعب الأمور .
قيل للإمام أحمد كيف ينوي في طلبه للعلم ؟ قال ينوي رفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن غيره , ينوي بذلك يعني لا يريد الدنيا ولا المناصب ولا الجاه ولا الشهرة ولا الوظيفة وإنما ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره يتعلم العلم لله .
وفي الحديث من تعلم العلم ليباري العلماء أو ليجاري به السفهاء أو ليقصد الناس إليه لم يرح رائحة الجنة أو كما ورد في الحديث عن النبيﷺ .
فلا بد لطالب العلم أن يستشعر طالب العلم والمتعلم أن يستشعر العبادة يستشعر هذه العبادة العظيمة وأنه في عبادة من أجل العبادات وأشرف القربات التي يتقرب بها إلى الله وأشرف العلم ,
العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله العلم بالله العلم بالله هو أشرف العلوم العلم بالله أشرف العلوم .
لأن العلم ثلاثة أنواع :
علم بالله , وعلم بدين الله , وعلم بالجزاء , بالجزاء يوم القيامة .
هذه أنواع العلم أشرف العلوم العلم بالله .
إذاً شرف العلم بشرف المعلوم .
أشرف العلوم الثلاثة العلم بالله بأسمائه وصفاته وأفعاله .
أن تعلم أن ربك موجود وأن له ذات لا تشبه الذوات وأنه فوق العرش مستو على عرشه من يوم خلقه وأنه كامل بذاته وأن له الأسماء الحسنى والصفات العلى التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسول عليه الصلاة والسلام . وأن الله لا يشبه أحداً من خلقه لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله .
هذا هو العلم بالله توحد الله في ربوبيته وتوحد الله في ألوهيته وتوحد الله في أسمائه وصفاته .
وهذه هي أنواع التوحيد الثلاثة :
توحيد الله وهو توحيد الله بأفعاله هو وهو أن توحد الله بأفعاله هو بأن تعتقد أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت وأنه مدبر الأمور وأنه المتصرف وأنه لا شريك له في ذلك لا أحد يشاركه في تدبيره ولا في ملكه ولا في ربوبيته ولا في خلقه .
هذا توحيد الربوبية توحد الله بأفعاله هو بأن تعتقد أن الله موجود وأنه الخالق وغيره المخلوق وأنه الرب وغيره المربوب وأنه المالك وغيره المملوك وأنه المدبِر وغيره المدبَر , وبهذا تكون وحدت الله في ربوبيته .
ثم توحد الله في أسمائه وصفاته بأن تؤمن بالأسماء و الصفات التي وصف سم الله بها نفسه أوسمَاه بها رسوله ﷺ أو وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله عليه الصلاة والسلام .
في الكتاب والسنة الأسماء لأن الأسماء والصفات توقيفية العباد لا يخترعون لله أسماء وصفات ,
الله سمى نفسه الله علم على الذات الإلهية لا يسمى به غيره, وكل اسم مشتمل على صفة ,الله أعرف المعارف الله لا يسمى به غيره مشتمل على صفة الألوهية .
الرحمن مشتمل على صفة الرحمة , الرحيم كذلك , العليم مشتمل على صفة العلم ,
القدير مشتمل على صفة القدرة , السميع مشتمل على صفة السمع , البصير مشتمل على البصر .
تؤمن بأن الله عالم الغيب والشهادة وأنه الرحمن وأنه الرحيم تؤمن بأن الله الملك أنه القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر , تؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت البارئ المصور وأن له الأسماء الحسنى ,
تؤمن بكل صفة , صفة العلو صفة الرضا صفة الغضب صفة السخط صفة العزة والعظمة والكبرياء , إلى غير ذلك من الأسماء والصفات التي وردت في الكتاب والسنة . فتكون بذلك وحدت الله بأسمائه وصفاته .
ثم توحد الله في ألوهيته وعبادته : بأن تصرف العبادة والقربى التي تتقرب بها لله فلا تعبد إلا الله و القربات والعبادات هي الأوامر والنواهي التي جاءت في الكتاب والسنة , أمر الله بالصلاة هذه عبادة توحد الله بها لا تصلي إلا لله , أمرك الله بالزكاة لا تزكي إلا لله , بالصوم لا تصوم إلا لله , الحج لا تحج إلا لله , الذبح لا تذبح إلا لله , النذر لا تنذر إلا لله , الدعاء لا تدع إلا لله , النذر لا تنذر لله , التوكل الرغبة والرهبة الإنابة ... الخ
وبذلك تكون وحدت الله في ربوبيته وفي ألوهيته وفي أسمائه وصفاته فتكون مؤمناً بالله هذا هو الإيمان بالله .
هذا النوع الأول , العلم بالله , العلم بالله بأسمائه وصفاته وأفعاله.
والنوع الثاني , العلم بدين الله , وهي الأوامر والنواهي التي شرعها الله في كتابه وعلى لسانه رسوله ﷺ.
والعلم الثالث , العلم بالجزاء , جزاء المؤمنين الموحدين في الجنة وما أعد الله لهم من الكرامة , تؤمن بيوم القيامة باليوم الآخر, و ما فيه من البعث والجزاء والحساب والحشر والنشر والحوض والميزان والصراط والجنة والنار .
تؤمن بالجزاء جزاء ما أخبر الله به جزاء الموحدين الجنة والكرامة والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم , وجزاء الكفار والعصاة النار التي أعدها الله لهم .
هذه أنواع العلم.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
والعلم أقسام ثلاث ما لها | من رابع والحق ذو تبيان |
علم بأوصاف الإله وفعله | وكذلك الأسماء للرحمن |
والأمر والنهي الذي هو دينه | وجزاؤه يوم المعاد الثاني |
علم بأوصاف الإله وفعله" هذه أوصاف وأفعال "
وكذلك الأسماء للرحمن :هذا العلم الأول
والأمر والنهي الذي هو دينهم : هذا الثاني
وجزاؤهم يوم المعاد الثاني : هذا الثالث .
هذه أقسام العلوم , ما عدا هذه ما عدا هذا العلم بأقسامه الثلاثة هذا العلم الشرعي وما عدا ذلك فإنها علوم أخرى علوم دنيوية , علم الطب , علم الفلك , علم الطبيعة , علم الزراعة , علم الصيدلة وكذلك سائر العلوم, علم الإدارة , علم السباكة علم النجارة ,علم الحدادة , إلى غير ذلك من العلوم هذه العلوم علوم دنيوية وهي فرض كفاية ,إذا قام بما يكفي وإذا أحسن الإنسان فيه النية له الأجر وله الثواب وإن قصد الدنيا فلا بأس لأنها علوم دنيوية تعلم الطب أو الهندسة أو الصيدلة أو الفلك والرياضة حتى تتعيش تكون لك حرفة لا بأس تعلم للدنيا لا بأس، لكن إذا حسنت نيتك وقصدت بذلك أن تكسب المكسب الشرعي لنفسك وتنفق على نفسك وعلى أهلك لا بأس
وإذا زدت على ذلك ونويت على ذلك في أن تغني المسلمين عن الحاجة إلى غيرهم من الكفار فأنت مأجور بهذه النية , لكن العلم الشرعي لا يجوز أن تتعلمه لأجل الدنيا لا يجوز أن يكون العلم الشرعي أن تقصد به الدنيا , يتعلم علم الكتاب والسنة لأجل الحصول على المال أو على الوظيفة أو على المرتبة هذا لا يجوز لا يجوز لأن هذه علوم الآخرة علوم الشريعة تتعلم لله تتعبد لله فإن تعلمت لأجل الدنيا فعليك الوعيد الشديد .
في الحديث من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة
لأنك قصدت بهذه العبادة الدنيا وحطامها والله تعالى يقول في كتابه العظيم مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فرق بين علوم الآخرة وعلوم الدنيا , فرق بين العلم الشرعي والعلم الدنيوي ,
العلم الدنيوي لا بأس أن تتعلم لأجل الدنيا ما فيه مانع لكن إن زدت وجعلت النية بأن تفيد المسلمين وتغني المسلمين عن الحاجة إلى الكفرة وغيرهم فأنت مأجور , لكن علوم الشريعة لا يجوز أن تتعلم لأجل الدنيا أبداً بل ما جاءك من الدنيا يكون وسيلة ،وسيلة معينة على تعلم العلم الشرعي .
فنسأل الله أن يرزقنا جميعاً أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأسأله أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه ونسأله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا نسأله أن يعيذنا من الرياء والسمعة وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه وأن يثبتنا على ديننا القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والرسالة التي سوف نشرحها إن شاء الله في هذه الدورة بين أيديكم أصول السنة لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .
معلوم للمسلم مذهب السلف الصالح الصحابة والتابعين أنهم مؤمنون بالكتاب والسنة ويؤمنون بالأسماء والصفات ويمرونها كما جاءت ولا يؤولون ولا يحرفون كأهل البدع , أما أهل البدع الذين ظهروا في أواخر عهد الصحابة، الخوارج والمعتزلة والمرجئة والجهمية والأشعرية والقدرية وغيرهم , فهؤلاء فرق من فرق الضلال انحرفوا عن (..) وضلوا عن الصراط المستقيم وهم أقسام منهم الكافر ومنهم المؤمن,
قد تكون بدعة هؤلاء أهل البدع قد تكون بدع مكفرة تخرج الإنسان من الملة كبدعة القدرية الأولى الذين أنكروا العلم والكتاب فقالوا إن الله تعالى لا يعلم الأشياء حتى تقع , هؤلاء كفرهم الصحابة , لأنهم نسبوا إلى الله إلى الجهل , قالوا إن الأمر أنف مستأنف وجديد كفرهم الصحابة كابن عمر وغيره , ثم انقرضوا وبقيت الفرقة المتوسطة الذين يؤمنون بالعلم والكتاب ولكنهم ينكرون عموم الإرادة والمشيئة وعموم الخلق , فأخرجوا أفعال العباد من مشيئة الله وخلقه(...).
ومثل أيضا الجهمية الذين أنكروا الأسماء والصفات لأن في الحقيقة أن جحد الأسماء والصفات ينتج العدم ما أثبتوا ذاتا الذات لا توجد إلا بالأسماء والصفات ولهذا كفرهم من العلماء خمسمائة عالم كفروا الجهمية , كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
ولقد تقلد كفرهم خمسون في | عشر من العلماء في البلدان |
واللالكائي الإمام حكاه عنهم | بل حكاه قبله الطبراني |
وكذلك الرافضة كفرهم العلماء وأخرجوهم من (..) فرقة والرافضة هم الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما سألوه عن أبي بكر وعمر قال هما وزيرا جدي رسول الله ﷺ فرفضوه ,فقال رفضتموني ، رفضتموني وسمو رافضة(...).
وهؤلاء وقعوا في ثلاثة أنواع من الكفر :
النوع الأول : أنهم يعبدون آل البيت عليا وفاطمة والحسن والحسين ويتوسلون بهم وهذا شرك .
النوع الثاني من الكفر : أنهم كذبوا الله بأن القرآن محفوظ قالوا إن القرآن ما هو محفوظ, ما بقي إلا الثلث وثلثا القرآن طار و ذهب ,ويدعون أن عندهم مصحفا يسمى مصحف فاطمة يعادل المصحف الذي بين يدي أهل السنة ثلاث مرات, والله تعالى يقول في كتابه العظيم : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ كذبوا الله في هذا ومن كذب الله كفر .
النوع الثالث من الكفر : أنهم كفروا الصحابة والله تعالى زكاهم وعدلهم ووعدهم بالجنة قال تعالى وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا وقال : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ وقال : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وقال عليه الصلاة والسلام : لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة
فكذبوا الله ورسوله وقالوا إنهم كفار وأنهم كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي ﷺ هناك فرق مبتدعة هناك فرق الشيعة الزيدية وغيرهم هناك المعتزلة الجمهور على أنهم مبتدعة وكفرهم بعضهم، وهناك الأشاعرة و هكذا .
فالإمام أحمد رحمه الله في هذه الرسالة يقرر مذهب أهل السنة والجماعة ويبين مذهب أهل البدع وأنه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة ,
ومعروف أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة والجماعة كما هو معروف لدى الجميع فقد امتحن في مسألة القول بخلق القران فثبته الله وصبر على الأذى والسجن والضرب حتى نصره الله فالله تعالى كما قال بعض العلماء "إن الله تعالى حفظ الإسلام بأبي بكر الصديق يوم الردة وحفظ الإسلام في زمن الإمام أحمد في يوم المحنة ".
نبدأ الرسالة أن يقرأ أحد الإخوان من أولها :
(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال الشيخ الإمام أبو المبصر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني قال حَدثنَا الشَّيْخ أَبُو عبد الله يحيى ابْن أبي الْحسن بن الْبَنَّا قَالَ أخبرنَا وَالِدي أَبُو عَليّ الْحسن بن عمر بن الْبَنَّا قَالَ أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بَشرَان الْمعدل قَالَ أَنا عُثْمَان بن أَحْمد بن السماك قَالَ ثَنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عبد الوهاب أَبُو النبر قِرَاءَة عَلَيْهِ من كِتَابه فِي شهر ربيع الأول من سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ 293 هـ قَالَ ثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمنْقري الْبَصْرِيّ بتنيس قَالَ حَدثنِي عَبدُوس بن ملك الْعَطَّار قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول :
(الشيخ)
هذه رسالة الرسالة إلى الإمام أحمد رحمه الله هي من روايات عبدوس بن مالك أبو محمد العطار سماعاً عن إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله بذلك تكون هذه الرسالة سندها متصل إلى الإمام أحمد وأن هذا الجزء مما قال الإمام أحمد رحمه الله " نعم .
(المتن)
أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء وترك المراء والجدال والخصومات في الدين والسنة عندنا.
(الشرح)
نعم، هذه أصول السنة يقول الإمام أحمد رحمه الله أصول السنة عندنا الأصول جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره الأصول التي تنبي عليها السنن التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم وترك البدع هذه أصول السنة عندنا.
يقول الإمام أحمد أصول السنة عندنا يعني نحن معشر أهل السنة أصول السنة عند الأئمة والعلماء التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم وترك البدع.
الصحابة رضوان عليهم هم أفضل الناس ما كان ولم يكن مثلهم والصحابة جمع صحابي والصحابي هو من لقي النبي ﷺ مؤمناً ومات على الإسلام ,هذا أصح ما قيل في تعريف الصحابي من لقي النبي ﷺ مؤمناً ولو لحظة ثم مات على الإسلام هذا هو الصحابي وهذا أولى من قول رأى النبي ﷺ ليشمل العميان كعبد الله بن المكتوم فإنه لقي النبي ﷺ لكنه لم يره لأنه أعمى ,ولكنه لم يره لكنه صحابي التعبير بلقي أولى من رآه كل من لقي النبي ﷺ مؤمناً ومات على الإسلام ولو لحظة هو صحابي .
ويشمل ذلك صغار الصحابة وأطفالهم الذين حنكهم النبي ﷺ فهم صحابة ولكنهم يتفاوتون يختلفون في الصحبة يختلفون كما سيبين المؤلف رحمه الله الذي طالت صحبته أفضل ممن لم تطل صحبته والأعراب الذين رأوا النبي ﷺ وآمنوا ليسوا كالصحابة الذين لازموا النبي ﷺ سنين وأشهرا، وكل له نصيبه وكل له حظه من الصحبة لكن يجمعهم أنهم صحابة.
.ومزية الصحبة خاصة بالصحابة لا يلحقهم من بعدهم من التابعين والأئمة فصحبة النبي ﷺ وسماع كلامه والجهاد معه هذه مزية خاصة للصحابة لا يحق لمن بعدهم ,قد يفوق بعض التابعين بعض الصحابة مثلاً في العبادة ولكنه لا يستطيع أن يصل إلى الصحبة ,الصحبة مزية خاصة ولهذا لما أراد بعض الناس أن يقارن بين عمر بن عبد العزيز ومعاوية بن أبي سفيان ,عمر بن عبد العزيز ورع عادل معروف عدله وورعه ومعاوية صحابي قال بعض أهل العلم الغبار الذي دخل في أنف معاوية في جهاده مع النبي ﷺ يعدل بورع عمر بن عبد العزيز .وورع ابن عبد العزيز له فضله وله مزيته لكن لا يلحق الصحبة , الصحبة مزية خاصة من الصحابة لا كان ولا يكون بعده لا يمكن أن يلحق من بعدهم أبدا.
فلذلك الصحابة عدول لا يبحث عنهم المحدثون إذا وصلت إلى الصحابي فهم عدول كل الصحابة عدول ما تبحث عنهم أما من بعدهم لا بد أن يبحث عنهم هل هو عدل أو ليس بعدل هل هو ثقة أو ليس بثقة هل هو ضابط أو ليس بضابط وكل واحد من رواة الحديث يبحث عنه يبحث عنه الأئمة من التابعين ومن بعده. أما الصحابة إذا وصل للصحابي فهم كلهم عدول لا يبحث عنه إذا ثبتت صحبته فالصحابة كلهم عدول وأرضاهم.
.فالإمام أحمد رحمه الله يقول أصول السنة عندنا , أصول جمع أصل وهو الذي يبنى عليه غيره وهو أصل الجدار يبنى عليه البناء أصل الشجرة , والسنة ضدها البدعة والسنة ضدها البدعة , والبدعة هي الحدث في الدين .كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد..
فالبدعة هي الحدث في الدين كل حدث في الدين هو بدعة , والسنة ما ثبت عن النبي ﷺ قولاً أو فعلاً أو تقريراً هذه السنة .قد تكون السنة واجبة قد تكون السنة مستحبة قد تكون السنة فرضا وأصلا،.السنة ما ثبت عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير أصول هذه السنة، أصول الأصول سنة الرسول عليه الصلاة والسلام التي هي قوله و فعله و تقريره،.التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم.وترك البدع.
يقول الإمام أحمد رحمه الله :أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم وترك البدع البدع هي الحدث في الدين وترك كل محدثات في الدين ترك كل حدث في الدين والأخذ والتمسك، التمسك معناه هو لزوم الشيء لزوم الشيء والتشبث به وأخذه ،وأخذه بقوة وعدم تركه والتهاون به التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم.
الاقتداء بهم يعني أن تحذوا حذوهم وأن تفعل مثل فعلهم وأن تقول مثل قولهم وأن تعمل مثل عملهم وترك البدع ترك كل حدث في الدين ولهذا قال وكل بدعة فهي ضلالة .هذا جزء من حديث العرباض قال : صلى بنا رسول الله ﷺ ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله : كأن هذه موعظة مودع ؟ فأوصنا وفي لفظ فماذا تعهد إلينا؟ فقال : أوصيكم بتقوى الله (..) تقوى الله خشيته وخوفه ومراقبته وأصل التقوى توحيد الله ,(..) أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة يعني سمع وطاعة لولاة الأمور وإن عبدا حبشياً وفي لفظ وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
وهذا الحديث الصحيح رواه عدد من الأئمة منهم الإمام أحمد في مسنده(..) وأبو داود في سننه الترمذي وابن ماجة والحاكم والآجري في الشريعة والطبراني وغيرهم كما ذكر محقق هذه الرسالة (..)فالإمام أحمد رحمه الله يقول أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ والاقتداء بهم وترك البدع ثم قال كل بدعة فيها ضلالة وترك الخصومات في الدين
هذه من أصول السنة , ترك الخصومات في الدين خصومات جمع خصام خصومات جمع خصومة وهي الجدال والنزاع لا تجادل ولا تنازع ولا تخاصم في الدين ولا تماري الدين ليس دين خصومات , الدين ما يدين الإنسان به ربه من العبادات والعبادات التي يدين الإنسان ربه توقيفية مأخوذة من الكتاب والسنة فلا جدال فيها ما ثبت من الكتاب والسنة من الدين والعبادة فهو دين وعبادة لا خصومة فيها ولا جدال فيها ليس هناك خصومات في الدين .
ومن خاصمك وجادلك فإنك ترد هذا الخصام أو إذا خاصم الناس وتنازعوا فإنه هذا النزاع يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ لقول الله في كتابه العظيم فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فحينئذ نرد هذه الخصومة نرد هذه الخصومة وهذا النزاع إلى الله والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول ﷺ رد إليه في حياته ورد إلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام .وقال تعالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ فلا خصومات في الدين .نعم .
(المتن)
والسنة عندنا آثار رسول الله ﷺ والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن وليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء إنما هو الاتباع وترك الهوى.
( الشرح )
نعم .. يقول المؤلف رحمه الله هو الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : السنة عندنا آثار رسول الله ﷺ : آثار رسول الله والآثار هي : أقواله وأفعاله وتقريراته. ما أثر عنه عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير هذه السنة. يقول السنة عندنا آثار رسول الله ﷺ.
.والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن : السنة تفسر القرآن وتوضحه فإذا كان الدليل من القرآن مجملا فالسنة تفصل هذا المجمل وإذا كان مبهما فالسنة توضحه وإذا كان عاما فالسنة تخصصه .فالسنة لها مع القرآن ثلاثة أحوال :
الحال الأولى , أن تكون السنة أن تأتي السنة بأحكام تماثل الأحكام التي جاءت في القرآن , فهذا من باب تواصل الأدلة وتواترها .فمثلاً : أوجب الله في القرآن الصلاة جاء في القرآن وجوب الصلاة وجاء في السنة وجوب الصلاة , جاء في القرآن وجوب الزكاة وجاء في السنة وجوب الزكاة .جاء في القرآن وجوب الصيام صيام رمضان وجاء في السنة وجوب صيام رمضان .جاء في السنة وجوب الحج وجاء في القرآن وجوب الحج .جاء في الكتاب بر الوالدين وجاء في السنة بر الوالدين جاء في الكتاب صلة الأرحام وجاء في السنة صلة الأرحام .هذا من باب توافر الأدلة وتواترها , فأتت السنة بأحكام مثل الأحكام التي جاءت في القرآن.
.الحالة الثانية , أن يأتي القرآن بأحكام مجملة أو أحكام مطلقة أو أحكام عامة ,فتأتي السنة بأحكام تبين المجمل , وبأحكام تقيد المطلق, وبأحكام تخصص العام .فتكون السنة مخصصة للعمومات التي جاءت في القرآن , تخصص العمومات التي جاءت في القرآن , الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ قال لهم الناس : هذا عام , المراد بهم الكفار , الذين قال لهم الناس المؤمنون؟ قال لهم الناس الكفار .
أو يأتي الحكم في القرآن مجملا فتأتي السنة وتبينه , أو يأتي الحكم في القرآن مطلقا فتأتي السنة وتقيده.
.النوع الثالث أن تأتي السنة بأحكام جديدة ليست في القرآن فيجب العمل بها , أن يأتي في السنة أحكام جديدة ليست في القرآن ,
مثل : تحريم الجمع بين المرأة وعمتها , وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها . هذا حكم ليس بالقرآن .لا يجوز الإنسان أن يتزوج المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها .قال النبي ﷺ : لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم .
جاء في السنة تحريم كل ذي ناب من السباع وتحريم كل ذي مخلب من الطير .هذا ليس في القرآن فيجب العمل به.
.جاء في السنة العقل في الديات ولا يقتل مسلم بكافر وهكذا.
ولهذا قال الإمام رحمه الله والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن يعني تدل عليه.
.(وليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء إنما هو الاتباع وترك الهوى) : ليس في السنة قياس تقيس شيئا على شيء أما قياس الشرعي والقياس المستند إلى النصوص فهذا ليس من الأقيسة العقلية المراد (..) أما القياس الشرعي كأن تقيس مثلا :جاء الشرع بتحريم الربا مثلاً في البر , فيأتي الفقيه ويقيس عليه الرز , ويقول الأرز كالبر ,في جريان الربا في كل منهما بجامع الطعم وبجامع الادخار وبجامع الكيل والوزن هذا قياس الشرعي ,لكن(..) يأتي القياس على القياس العقلي السنة ليس فيها قياس لا يقاس بالعقول ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء إنما هو الاتباع وترك الهوى .
جاء عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال : " عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس , وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول "(..).
وقال أبو محمد الحسن بن علي البربهاري(..): "واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا تتبع فيها الأهواء بل هو التصديق بآثار رسول الله ﷺ بلا كيف ولا شرح و لا يقال لم ولا كيف" لمَ ؟ لا يقال لمَ يعني في الأفعال , لمَ فعل الله كذا .ولا يقال كيف في الصفات ولا يقال كيفية الصفات كذا لم ولا يقال كيفية صفات الله كذا ولا كيفية استوائه كذا لا يقال كيف لا يسأل عن الصفات بكيف ولا يسأل عن الحال بلمَ لا يقال لم ولا كيف
فالكلام والخصومات والجدال والمراء في الدين محدث لأنه يقدح الشك في القلب فلهذا ينبغي ترك الخصومات والجدال فالسنة ليس فيها قياس عقلي وليس فيها جدال ولا تضرب بالأمثال ولا تدرك بالعقول والأهواء إنما هو اتباع الدليل الكتاب والسنة وترك الهوى ما يهواه الإنسان وما يميل إليه ما يوافق عقله وهواه ومما يبتدع في دين الله .
نعم.
(المتن )
ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها و يؤمن بها لم يكن من أهلها, الإيمان بالقدر خيره وشره والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها لا يقال لم ولا كيف إنما هو التصديق والإيمان بها فمن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له فعليه الإيمان به والتسليم له مثل حديث الصادق المصدوق.
(الشرح )
نعم المؤلف رحمه الله يقول (من السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها, الإيمان بالقدر خيره وشره) من السنة اللازمة التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها ويكون من أهلها والتي إذا ترك الإنسان خصلة منها ولم يقبلها لم يكن من أهلها الإيمان بالقدر خيره وشره .من السنة اللازمة الإيمان بالقدر هذه السنة من ترك خصلة منها ولم يقبلها ولم يكن من أهلها لم يكن من أهل الإيمان من ترك خصلة منها لم يقبلها ولم يؤمن بها لم يكن من أهل السنة.
.والإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان ،الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة التي من لم يؤمن بها أو جحد واحداً منها فإنه يخرج من دائرة الإيمان ويكون من الكافرين .
أصول الإيمان ستة : وهي الإيمان بالله والثاني الإيمان بالملائكة والثالث الإيمان بالكتب المنزلة والرابع الإيمان بالرسل والخامس الإيمان باليوم الآخر والسادس الإيمان بالقدر خيره وشره .هذه الأصول الستة جاءت في الكتاب والسنة وأجمع عليها المسلمون وآمن بها جميع الأنبياء والمرسلين ولم يجحد شيئا منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وصار من الكافرين فهذه الأصول دل عليها كتاب الله
قال الله تعالى : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وقال تعالى : وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ هذه خمسة أصول .والإيمان بالقدر في قوله تعالى : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وقال سبحانه : وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا فجعل الكفر هو الكفر بهذه الأصول فدل على أن الإيمان هو الإيمان بهذه الأصول.
.ومن السنة حديث جبرائيل في مجيئه للنبي ﷺ الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب حينما جاء إلى النبي ﷺ في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر حتى جاء إلى النبي ﷺ وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم سأل عن الإسلام ثم سأل عن الإيمان ثم سأل عن الإحسان ثم سأل عن الساعة ثم سأل عن أماراتها فلما ولى قال النبي ﷺ: أتدرون من السائل ؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .جعل الدين ثلاث مراتب : الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان .
لما سأل عن الإيمان قال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره إذا الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان من لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن .والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربعة وهي :العلم والكتابة والمشيئة والإرادة والخلق والإيجاد. هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر. العلم والكتابة والمشيئة والإرادة والخلق والإيجاد.
.الإيمان بمرتبته الأولى وهي العلم يشمل الإيمان بعلم الله الأزلي الماضي الذي ليس له بداية لأن الله تعالى هو الأول الذي لا بداية لأوليته كما أنه الآخر الذي لا نهاية لآخريته .العلم الأزلي العلم بأن الله علم الأشياء في الأزل قبل كونها والعلم بالأشياء الحاضرة والعلم بالأشياء المستقبلة والعلم بما لم يكن لو كان كيف يكون قال الله تعالى عن الكفار لما سألوا الرجعة إلى الدنيا قال الله : وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ هذا علم الله بما لم يكن لو كان كيف يكون.
.وقال تعالى : وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ أخبر الله عنهم بما لم يكن لو كان كيف يكون.وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ.
وقال عن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك : وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لو خرجوا فيكم ماذا يحصل ؟ هم ما خرجوا الآن , لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ هذه مفاسد من حكمة الله أنه منعهم من الخروج ثبطهم لئلا تحصل هذه المفاسد هم ما خرجوا لكن علم الله لو خرجوا ماذا كان يحدث . فالمرتبة الأولى من مراتب القدر :العلم الأزلي الماضي والعلم الحاضر , والعلم المستقبلي والعلم بما لم يكن لو كان يكون.
.المرتبة الثانية : الكتابة . الإيمان بالكتاب وأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ الإيمان بأن الله كتب كل شيء باللوح المحفوظ . ما الذي كتب ؟ كل شيء , الذوات والصفات والأفعال والحركات والسكون والأرزاق والأعمال والأخلاق و السعادة والشقاوة والفقر والغنى والإعجاز والحياة والموت حتى العجز والكيس العجز والكيس والكسل كل شيء مكتوب .والدليل على هاتين المرتبتين أدلة قال الله تعالى : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وهو اللوح المحفوظ .وقال : إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وقال الله تعالى : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ وهو اللوح المحفوظ .وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ الذكر هو اللوح المحفوظ.
.وقال عليه الصلاة والسلام : وكتب في الذكر كل شيء وهو اللوح المحفوظ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ وهو اللوح المحفوظ.
.وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في حديث عبد الله بن عمرو: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء وقال عليه الصلاة والسلام كما ورد في صحيح مسلم أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال يا رب وماذا أكتب ؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة وفي لفظ فجرى في تلك الساعة ما هو كائن إلى يوم القيامة
هاتان المرتبتان من لم يؤمن بهما لم يؤمن بالقدر .
وهاتان المرتبتان أنكرتهما طائفة القدرية الأولى الذين ظهروا في عصر الصحابة فكفرهم الصحابة ابن عمر وغيرهم .لأنهم نسبوا الله إلى الجهل وانقرضوا وانتهوا.فهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي رحمه الله : " ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصموا وإن أنكروه كفروا ".
المرتبة الثالثة : الإرادة والمشيئة , الإرادة الكونية . لأن الإرادة نوعان : دينية وكونية .والمراد هنا الإرادة الكونية المرادفة للمشيئة , وهو الإيمان بأن الله أراد وشاء كل شيء وقع في هذا الوجود , تؤمن بأن كل شيء وقع في هذا الوجود سبقته إرادة الله ومشيئته خيرا أو شرا , برا أو فجورا , طاعة أو معصية , إيمانا أو كفرا , كل شيء وقع في هذا الوجود وقعت بمشيئة الله وقدرته ,لا يقع في ملك الله ما لا يريد ولكنه مبني على الحكمة , فالله تعالى لا يخلق شيئا إلا لحكمة لا يخلق إلا لحكمة ولا يأمر إلا لحكمة ولا ينهى إلا لحكمة , ولا يقدر إلا لحكمة , ولا يأمر إلا لحكمة ولا ينهى إلا لحكمة , إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فهل يقع في ملك الله ما لا يريد ؟ لا يقع في ملك الله ما لا يريد , ولهذا لما أنكر القدرية وقوع المعاصي (..) بمشيئة الله رد عليهم أهل السنة وقالوا , أنتم وصفتم الله بالعجز فقلتم وقع في ملكه ما لا يريد يكون عاجزا, عاجز عن أن يفعل شيئا لا يريده وهذا من أبطل الباطل ولكن ما يقع في ملك الله ما يقع من الشرور والمعاصي والكفر هذه مرادة لا لذاتها ,المراد لما يترتب من الحكم , فالله أراد وقوع الكفر والمعاصي كوناً وقدراً ولكن ما أراده دينا وشرعاً ,لما يترتب عليه من الحكم .من الحكم : ظهور قدرة الله على المتقابلات , فالكفر يقابله الإيمان , والمعصية تقابلها الطاعة كما تظهر قدرة الله في وجود المتقابلات فالليل يقابله النهار والحر يقابله البرد والحلو يقابله الحامض , ومنها حصول العبودية المتنوعة , لو لا خلق الله للكفر والمعاصي لما وجدت عبودية متنوعة , عبودية الجهاد في سبيل الله , لو كان الناس كلهم مؤمنون أين عبودية الجهاد في سبيل الله , أين الولاء و البراء , أين عبودية الدعوة إلى الله , أين عبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , أين عبودية الولاء الحب في الله والبغض في الله , والولاء والبراء , فهذه مرادة لا لذاتها بل لشيء آخر لما يترتب عليه من الحكم , والله أرادها كوناً وقدراً ولكنه لم يردها دينا وشرعا يكرهها الكفر والمعاصي .
ولله المثل الأعلى " المريض الذي يصرف له الطبيب دواء مراً , فيقول له اشرب هذا الدواء هذا الدواء فيه شفاء يعافيك بإذن الله , فيقدم المريض على شرب الدواء المر يقدم طائعا مختارا لماذا ؟ هل لذاته؟ لذات الدواء المر ؟ لا الدواء المر مكروه لكن ما يترتب عليه من الشفاء .فمراد لا لذاته بل لغيره كذلك الله أراد الكفر والمعاصي لا لذاتها الكفر والمعاصي فهي مكروهة عند الله ولكن لما يترتب عليه من الحكم والأسرار , ولهذا ضل القدرية.
.المرتبة الرابعة : الخلق والإيجاد , أنكر القدرية عموم الخلق والإيجاد فقالوا إن الله ما خلق الكفر والمعاصي العبد هو الذي خلق الكفر والمعاصي ,فرد عليهم أهل السنة القدرية المتوسطة القدرية الثانية آمنوا بالعلم والكتاب ولكنهم أنكروا عموم الإرادة والمشيئة وعموم الخلق فأخرجوا أفعال العباد وقالوا إن الله ما أراد أفعال العباد ولا خلقها من الطاعات والمعاصي , فراراً من القول بأن الله قدر المعاصي وعذب عليها لئلا يكون ظالما في زعمهم وهذا باطل .لأن الذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد وهذا مبني على الحكمة فيكون خيرا بالنسبة لله لأنه خلقها لحكمة لكنه شر بالنسبة للعبد وقوعه في المعاصي شر بالنسبة للعبد الذي باشر المعاصي وفعلها فإنها تضره ويعذب عليها,والذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد فهو مبني على الحكمة.
فهؤلاء القدرية قدرية النفاة طائفتان الطائفة الأولى الذين أنكروا العلم والكتابة هؤلاء كفرة انقرضوا وانتهوا . والطائفة الثانية : الذين آمنوا بالعلم والكتاب وآمنوا بالإرادة والخلق ولكنه أنكروا عموم الإرادة وعموم الخلق وأخرجوا منها أفعال العباد.
.وهناك طائفة أخرى من القدرية تسمى القدرة المجبرة وهم الجبرية , الذين قالوا إن العباد مجبورون على أفعالهم وليس لهم اختيار فالله أجبرهم على أفعالهم فهم وعاء للأفعال وحركاتهم كلها اضطرارية كحركة المرتعش كحركة النائم فهم وعاء تمر عليهم الأفعال والله تعالى هو الذي يفعلها بهم هكذا يقولون فيقولون إن أفعال العباد كالكوز الذي يصب فيه الماء فالعذاب كأنه كوز والله صب الماء فيه هكذا يقولون إن الله هو المصلي والصائم وهو الفاعل , وهؤلاء يقولون إن العباد مجبورون على أفعالهم ولا اختيار لهم ولا يمكن أن يفعلوا شيئا غير ما أراد الله ويقول قائلهم :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له | إياك ،إياك أن تبتل بالماء |
فهؤلاء يقال لهم القدرية الجبرية .
فهؤلاء القدرية الجبرية طائفتان أيضاً :
طائفة مشركية الذين يحتجون بالقدر على المعاصي كالمشركين لما قالوا : لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا
والثانية الطائفة الإبليسية : الذين ينتمون إلى إبليس الذين يقولون إن الله قدر كل شيء وعلم كل شيء لكن الله ظالم والعياذ بالله ظلم العباد فهؤلاء والعياذ بالله إبليسية وهم الذين آمنوا بالأوامر والنواهي وآمنوا بالقدر والمشركية آمنوا بالقدر ولم يؤمنوا بالأوامر والطائفة المجوسية آمنوا بالأوامر ولم يؤمنوا بالقدر .فتكون القدرية بعد الطائفة القدرية الذين انقرضوا وماتوا وهم كفار ثلاثة أنواع : قدرية مجوسية وقدرية مشركية و قدرية إبليسية.
.فالقدرية المجوسية الذين يقولون إن الله قدر كل شيء إلا أفعال العباد وخلق كل شيء إلا أفعال العباد .العباد هم الذين يخلقون أفعالهم باختيارهم مستقلين فالخير والشر والطاعات والمعاصي العبد هو الذي يخلقها وما عاداه الله هو الخالق وسموا مجوسية لمشابهتهم المجوس ،المجوس يقولون بخالقين والعالم له خالقان خالق للخير وهو النور وخالق للشر وهو الظلمة .والقدرية يقولوا كل عبد يخلق فعل نفسه فقالوا بتعدد الخالق وشابهوا المجوس فلهذا سموا مجوسية لمشابهتهم المجوس بالقول بتعدد الخالق لكن المجوسية لكن المجوس قالوا بتعدد خالقين قالوا العالم له خالقان الخير والشر والقدرية كم خالق ؟ ملايين بعدد الناس كل إنسان يخلق فعل نفسه من الطاعات والمعاصي , لكنهم لما وافقوهم في تعدد الخالق سموا مجوسية .هؤلاء يؤمنون بالأوامر والنواهي ويقولون أن تكاليف العباد مأمورون ومنهيون ومجازون ومحاسبون , لكن أنكروا القدر فقالوا إن أفعال العباد ما أرادها الله ولا خلقها.
.الطائفة المشركية بالعكس آمنوا بالشرع بالأوامر والنواهي وكذبوا بالقدر والطائفة المشركية كذبوا بالشرع وآمنوا بالقدر , قالوا إن الإنسان مجبور على أفعاله وكل شيء مقدر والشرع وعارضوا الشرع للقدر, وقالوا إذا أمرك الله أن تصلي ولم تصل فأنت مع القدر كذبوا بالأوامر وآمنوا بالقدر مجبور على أفعاله ولهذا سموا مشركية لأنهم يحتجون بشركهم بمعاصيهم على على الشرع قال الله تعالى عن المشركين : لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ احتجوا بايش؟ احتجوا بشركهم على الله على الشرع وهؤلاء سموا مشركية لأنهم آمنوا بالقدر وكذبوا بالشرع والمجوسية آمنوا بالشرع وكذبوا بالقدر .
أيهما أشد ؟ القدرية المشركية أشد والقدرية المجوسية أخف يؤمنون بالشرع وأنها هي الأوامر والنواهي ويلزمون بها عظموا الشرع لكن تكذيبهم بالقدر بقولهم أن العبد يخلق بنفسه ,أما القدرية المشركية وهم الجبرية فهم لم يؤمنوا بالشرع آمنوا بالقدر وكذبوا بالشرع ومن آمن بالشرع معناه على قول الجبرية تكون الرسل والكتب (..) كذبوا بالقدر وآمنوا بالشرع الطائفة المجوسية الذين شيخهم إبليس آمنوا بالأمرين آمنوا بالشرع وآمنوا بالقدر لكن قالوا الرب متناقض يأمر بشيء ويقدر ضده قبحهم الله فقالوا الرب متناقض .فهؤلاء الطائفة الإبليسية شيخهم إبليسية قدموا إبليس الذي اعترض على الله لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ماذا قال إبليس شيخهم ؟ رفض امتنع واستكبر قال ما أسجد لآدم . لماذا لا تسجد لآدم ؟ قال ما يمكن أسجد لآدم عنصري أحسن من عنصر آدم كيف عنصري النار وعنصر آدم الطين والنار أحسن من الطين وأفضل " ولا يمكن أن يخضع الفاضل للمفضول أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ أول من اعترض على الله وأول من قاس قياساً فاسداً إبليس .هؤلاء الطائفة الثالثة الإبليسية آمنوا بالقدر وآمنوا بالشرع (..)ولكنهم قالوا الرب متناقض طعنوا في حكمة الرب قالوا أمره ينقض قدره وقدره ينقض أمره قبحهم الله هؤلاء هم خصوم الله الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية : " هؤلاء يساقون إلى النار سوقا معشر القدرية " هم خصوم الله وهم يدافعون عن إبليس ويتهمون الرب ويطعنون في حكمه ويقولون إبليس مسكين مظلوم أراد أن ينزه جبهته عن السجود لغيره فطرد ولعن من الجنة ما ذنبه مسكين إبليس مظلوم ظلمه الرب أراد أن ينزه جبهته عن السجود لغيره فطرد من الجنة ظلمه الرب ما ذنبه , لا يسجد إلا لله فظلمه الرب ما ذنبه ؟ هؤلاء والعياذ بالله خصوم الله الإبليسية .
فتكون القدرية ثلاثة أنواع :
والمجوسية آمنوا بالأوامر والنواهي والشرع وكذبوا بالقدر وهم أحسن و أفضل .
ومشركية كذبوا بالشرع وآمنوا بالقدر.
وإبليسية آمنوا بالشرع والقدر لكنهم جعلوا الرب متناقضا قالوا شرعه ينقض قدره وقدره ينقض شرعه قبحهم الله نسأل الله السلامة والعافية .
هذا القدر الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة لا يصح الإيمان إلا بها من لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن .قال المؤلف رحمه الله وهو الإمام أحمد رحمه الله : (ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها الإيمان بالقدر).
هذه الخصلة هي من السنة اللازمة من تركها ولم يؤمن بها فليس من أهل السنة وهو الإيمان بالقدر خيره وشره . يعني تؤمن بالقدر خيراً أو شراً طاعة أو معصية خيرا كأن إذا قدر الله لك وفقك الله رزقك الله مالاً حلالاً وزوجة صالحة وأعطاك الله الخصب والمطر والإبل والبقر والغنم والمال والصحة والعافية والولد هذا خير تؤمن بأن هذا من الله .وكذلك الشر إذا كانت مصيبة أصابك مصيبة في نفسك مثلا مصيبة أمراض وأسقام في نفسك وديون وهموم أو سلط عليك غلبة الرجال سجن أو قتل أو كذلك ضرر في أهلك أو في أولادك هذا تؤمن بهذا وبهذا تؤمن بالقدر خيره وشره سواء كان خيراً أو شراً والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان به تصدق بالأحاديث الواردة بها وتؤمن بها هذا هو مذهب أهل السلف لا يقال لم ولا كيف .
لا يقال لم في الأفعال ولا كيف في الصفات , فلا تقل لم فعل الله كذا ما تعترض على الله سلم لقضاء الله وقدره ,لم أعطى الله هذا العلم ولم يعط هذا ؟ لم هذا عالم وهذا جاهل ؟ لم هذا فقير وهذا غني ؟ لم كان هذا طويلا وهذا قصيرا لم كان هذا عمره يعيش مئة سنة وهذا يموت شابا وهذا يموت شيخا؟ هذا يسمى قدر لا تسأل لمَ ولهذا يقول الطحاوي " القدر سر الله في خلقه حجبه عن أنامه عن الناس ونهاهم عن مرابه فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين ".
قال الله تعالى : لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فلا تسأل هذا سر الله في خلقه واعلم أن ربك حكيم , جعل هذا طويلا و هذا قصيرا وهذا غنيا وهذا فقيرا وهذا عالما . هذا سر الله مبني على الحكمة لكننا لا نعلم.
كذلك لا تسأل عن الكيفية لا تقل كيف الصفات لا تقل كيف استوى ,تؤمن بالاستواء ولا تسأل تؤمن بالاستواء والاستواء معناه معلوم لكن لا تسأل عن الكيفية تنظر في الاستواء يجب أن تؤمن بأن الله استوى على العرش لكن لا تسأل عن الاستواء لكن لا تقل كيفيته .كما قال الإمام مالك رحمه الله لما سئل عن الاستواء قال " الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة "
كذلك أيضاً النزول معلوم في اللغة العربية لكن لا تسأل عن الكيف الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ,الصفات معلوم معانيها في اللغة العربية والإيمان بها واجب والسؤال عنه بدعة .الصفات معلوم معانيها في اللغة العربية والإيمان بها واجب ولا يسأل عن الكيفية فالسؤال عنها بدعة لا تقل كيف علم الله كيف سمع الله كيف بصره كيف رؤيته ؟ لا تسأل الكيفية لا يعلمها إلا الله فالسؤال عنها بدعة كما أنك لا تسأل لا (..) على الله في أفعاله ولا كيفية صفاته لا يقال لم ولا يقال كيف ؟ إنما هو التصديق بها .
وفق الله الجميع لطاعته .
(كلام الشيخ )
" بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ..
قال المؤلف رحمه الله تعالى وهو الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة:
(المتن)
وَمن السّنة اللَّازِمَة الَّتِي من ترك مِنْهَا خصْلَة لم يقبلهَا ويؤمن بهَا لم يكن من أَهلهَا الْإِيمَان بِالْقدرِ خَيره وشره والتصديق بالأحاديث فِيهِ وَالْإِيمَان بهَا لَا يُقَال لم وَلَا كَيفَ إِنَّمَا هُوَ التَّصْدِيق وَالْإِيمَان بهَا وَمن لم يعرف تَفْسِير الحَدِيث ويبلغه عقله فقد كفي ذَلِك وَأحكم لَهُ فَعَلَيهِ الْإِيمَان بِهِ وَالتَّسْلِيم مثل حَدِيث الصَّادِق المصدوق.
يعني لا يقال لم في الأفعال يعني لا يعترض على الله في أفعاله ويقال لم فعل كذا ؟
قال الله تعالى : لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته لا لأنه يفعل بالقدرة والمشيئة كما يقوله الجبرية يقول لا يسأل لم يفعل لأنهم أنكروا حكمة الله قالوا إن الله يفعل بالإرادة وليس له حكمة وهذا باطل . يقولون والعياذ بالله الإرادة والمشيئة تخبط خبط عشواء تجمع بين المختلفات وتفرق بين المتماثلات , أنكروا حكمة الله هذا من أبطل الباطل , الجبرية ومنهم الأشاعرة والجهمية وقالوا إن الله لا يفعل بالإرادة فقط والله تعالى يقول إن الله يفعل كل شيء أمره لحكمة ونهيه لحكمة وقضاؤه لحكمة وقدره لحكمة وخلقه لحكمة إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لا يقال لم لأنه حكيم ولا كيف في الصفات لا يسأل عن كيفية النزول وكيفية الاستواء ,كيفية العلم كيفية القدرة لأن الكيفية لا يعلمها إلا هو .فلا يعلم كيفية صفاته إلا هو كما لا يعلم بقية صفاته إلا هو
ولهذا قال الإمام المؤلف رحمه الله (إنما هو التصديق والإيمان بها) ولهذا روى الخلال في السنة والدار قطني في الصفات والآجري في الشريعة عن الوليد بن مسلم أنه قال : سألت سفيان والأوزاعي ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث أحاديث الصفات فقال "مروها كما جاءت" وهذا سنده صحيح كما قال المحقق.
وروى ابن عبد البر في جامع بيان العلم من طريق عبد الوهاب بن الأجدع قال حدثنا بقية عن الأوزاعي قال: كان .. والزهري يقولان أمر هذه الأحاديث كما جاءت وسنده صحيح.
وقال ابن عبد البر وقد روينا عن مالك بن أنس و الأوزاعي وسفيان بن سعيد وسفيان ابن عيينة(..)كلها أحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا:" أمروها كما جاءت ".
وروى عبد الله بن أحمد رحمه الله في السنة بسند صحيح عن وكيع بن الجراح قال : "يسلم هذه الأحاديث كما جاءت ولا يقول كيف كذا ولا لم كذا؟"
يعني مثلا في حديث ابن مسعود أن الله يحمل السماوات على أصبع والجبال على أصبع وحديث النبي ﷺ قال : قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء ... الحديث } (...).
فقيه العراق قال " اتفق الفقهاء من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت فيها الصفات عن رسول الله ﷺ في صفات الرب من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه " من غير تفسير كتفسير الجهمية , فمن فسر شيئاً من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي ﷺ وفارق الجماعة ومن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيء لأن الجهم نفى الأسماء الصفات ووصفه بصفة المعدوم وروى.
الدارقطني في الصفات بسند صحيح عن العباس بن محمد الدوري قال سمعت أبا قاسم أبو عبيد القاسم بن سلام وذكر الباب الذي يروى في الرؤية والكرسي وموضع القدمين وضحك ربنا من قرب عباده(...) وأين كان ربنا قبل يخلق السماء وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع رب العزة حتى يضع ربك قدمه فيها فتقول قط ،قط (...) الحديث فقال : هذه الأحاديث .صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضها عن بعض وهو عندنا حق لا نشك فيها لا يشك فيها .ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه وكيف ضحك ؟ قلنا لا يفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره .
وكلام السلف في هذا كثير , قال أبو بكر الخلال في السنة حدثنا أبو بكر المروني رحمه الله قال : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش , قال : صححها أبو عبد الله , وقال : قد تلقاها العلماء بالقبول يسلموا الأخبار كما جاءت قال : فقلت له : إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت, فقال : يجفى. وقال واعتراضه في هذا الموضع يسلم الأخبار كما جاءت .فأقوال العلماء في هذا كثيرة.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله (ومن لم يعرف تفسير الأحاديث ويبلغها فقد كفي ذلك وأحكم له فعليه الإيمان به والتسليم) عليه الإيمان والتسليم (مثل حديث الصادق المصدوق) المقصود بحديث الصادق المصدوق هو حديث ابن مسعود الذي رواه أصحاب الكتب الستة والإمام أحمد قال حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يوصي بالملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ويسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها يعني الكتاب الذي كتب عليه وفي بطن أمه ,, نعم .
(المتن)
وَمثل مَا كَانَ مثله فِي الْقدر وَمثل أَحَادِيث الرُّؤْيَة كلهَا وَإِن نبت عَن الأسماع واستوحش مِنْهَا المستمع وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِيمَان بهَا وَأَن لَا يرد مِنْهَا حرفا وَاحِدا وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث المأثورات عَن الثِّقَات.
(الشرح)
نعم يقول المؤلف رحمه الله : على المسلم أن يسلم الأحاديث ويؤمن بها ويسلم ولا يعترض ولا يسأل عن الأفعال بـلم ولا عن الصفات بـكيف؟
مثل الحديث الصادق المصدوق في القدر هذا يسلم في قدره وأن الله كتب رزقه والأجل والعمل والشقاء والسعادة فلا تسأل فالله حكيم الله عليم بالذوات(..) بالكرامة فلا تسأل لماذا قدر على هذا الشقاوة ؟ولماذا قدر على هذا السعادة ؟ ولماذا قدر الفقر على هذا ؟ ولماذا قدر الغنى على هذا ؟ ولماذا هذا رزقه هكذا هذا عامل وهذا بناء وهذا تاجر وهذا مزارع ؟ ربك حكيم عليم .فلا تعترض على الله بل عليك الإيمان والتسليم.
ومثل ما كان مثله في القدر يعني كذلك كل ما كان في القدر فلا تسأل ,سلم لله ولهذا قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته "فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين قالوا القدر سر الله في خلقه لا يسأل عما يفعل فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين".
ومثل أحاديث الرؤية كلها ومثل ما كان مثله في القدر ومثلها في الرؤيا كلها وَإِن نبت عَن الأسماع واستوحش مِنْهَا المستمع وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِيمَان بهَا وَأَن لَا يرد مِنْهَا حرفا وَاحِد وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث المأثورات عَن الثِّقَات.
يعني على الإنسان أن يسلم بأحاديث الرؤية والمراد بحديث الرؤية يعني رؤية الله ورؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة , يؤمن بها .عرفنا أن من لم يؤمن بالقدر كافر , كذلك من لم يؤمن برؤية الله يوم القيامة فهو كافر .كفره الأئمة الإمام أحمد وغيره , قالوا من لم يؤمن بأن الله يُرى في الآخرة فهو كافر والمراد الكفر على العموم الحكم على العموم أما فلان ابن فلان إذا رأى رأياً لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة , الشخص المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة يعني بلغه الدليل ثم عاند يكفر في هذه الحالة .أما من أنكر الرؤية فيقال أنه كافر على العموم كل من أنكر رؤية الله فهو كافر ومن أنكر رؤية الله فهو كافر لكن فلان ابن فلان ينكر رؤية الله لا يكفر إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع إذا قامت عليه الحجة.
.أحاديث الرؤية أو نصوص الرؤية وردت في الكتاب العزيز والسنة المطهرة في كتابه العزيز قال الله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ فأسند النظر إلى الوجه الذي هو محله وعداه بأداة إلى الدالة على النظر بالعين المجردة إلى الرب وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ,وأخلى القرينة وأخلى المقام الكلام عن القرينة تدل على خلاف الموضوع وحقيقته فدل على أن المراد النظر بالعين التي في الوجه إلى الرب وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
وقال سبحانه : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ جاء في صحيح مسلم حديث صهيب ,تفسير الزيادة : بأنها النظر إلى وجه الله الكريم .
وقال سبحانه : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ استدل الإمام الشافعي رحمه الله بهذه الآية على وجوب رؤية المؤمنين إلى ربهم ,استدل بهذا على رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة , قال لما حجب هؤلاء في السخط دل على أن المؤمنين يرونه في الرضا , ولو كان المؤمنين لا يرون ربهم لاستووا هم والكفار في الحجب , فلما حجب هؤلاء عن الرؤية دل على أن المؤمنين يرونه.
.وأما الأحاديث الصحيحة فهي متواترة قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح : متواتر في الصحاح والسنن والمسانيد رواه عن النبي ﷺ أكثر من ثلاثين صحابيا كلها تثبت رؤية المؤمنين لربهم منها حديث جرير بن عبد الله البجلي الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم قال : كنا جلوسًا عند رسول الله ﷺ إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل شروق الشمس وقبل غروبها فافعلوا يعني العصر والفجر .ثم قرأ جرير : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وهذا يدل على أن المحافظة على صلاتي الفجر والعصر لها مدخل لرؤية الله يوم القيامة .
ومن الأحاديث حديث أبي هريرة قال: قال ناس يا رسول الله أنرى ربنا يوم القيامة ؟ هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليس فيه سحابة ؟ قالوا : لا قال هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس فيه سحابة ؟ قالوا : لا قال والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤية أحدهما رواه مسلم وأبو داود.
.ومن الأدلة حديث أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحواً ؟ قلنا لا قال فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما. رواه الشيخان وغيرهم.
.ومن ذلك حديث صهيب إذا دخل أهل الجنة ،الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم ؟ فقالوا ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب فما يكون شيء أحب إليهم من النظر إلى ربهم . رواه الإمام مسلم والنسائي والترمذي وغيرهم.
.ومن ذلك حديث أبي موسى الأشعري الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما عن النبي ﷺ أنه قال : جنتان من فضة آنيتاهما وما فيهما , وجنتان من ذهب آنيتاهما وما فيهما وما بين القوم أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن.
ولهذا قال روى أبو بكر الخلال في السنة والآجري في الشريعة بسند صحيح عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال : وذكرت عنده هذه الأحاديث في الرؤية هذه عندنا حق نقلها الناس بعضهم عن بعض وأقوالهم أهل العلم في وجوب الإيمان والتصديق برؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة أكثر من أن تحصى كثيرة.
.ولهذا قال المؤلف رحمه الله : (ومثل ما كان مثله في القدر ومثلها في الرؤيا كلها وَإِن نبت عَن الأسماع واستوحش مِنْهَا المستمع) يستوحش منها أهل البدع أهل البدع الجهمية والمعتزلة أنكروا رؤية الله يوم القيامة . مع أنها الآيات صريحة والنصوص واضحة وأولوها قالوا المراد بالرؤية العلم يقول المعتزلة : إنكم ربكم ترونه كما ترون القمر , إنكم تعلمون ربكم كما تعلمون هذا القمر أنه قمر لا تشكون في العلم به .تعلمون ربكم كما تعلمون أن هذا القمر قمر هذا كيف يفسرون هذا العلم زائل عند جميع الناس يوم القيامة ما فيه إشكال .حتى الكفرة الذين ينكرون وجود الله يؤمنون يوم القيامة , يكون تحصيل حاصل والأحاديث ما لها معنى .يقول إنكم ترون ربكم يعني تعلمون ربكم الرؤية معناها العلم مثل أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ يعني ألم تعلم الأحاديث صريحة إنكم ترون ربكم كما ترون الشمس صحوا ليس فيه سحاب هذا علم وإلا رؤية بصر؟ ومع ذلك أنكره المعتزلة أنكروا رؤية الله وأنكروا علوه أنكروا كونه فوق السماوات وفوق العرش وأنكروا العلو .وأهل السنة آمنوا بعلو الله وأن الله فوق العرش وآمنوا برؤية الله يوم القيامة .والأشاعرة مذبذبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء دائما الأشاعرة تجدهم وسط بين إيش بين المعتزلة وبين مذهب السنة .هم يريدون أن يكون من أهل السنة في الرؤية ومع المعتزلة في إنكار العلو وصاروا مع هؤلاء ومع هؤلاء .فأثبتوا رؤية الله يوم القيامة(..) لكن أنكروا علو الله أنكروا أن يكون الله فوق العرش .
أين يرى ربنا يا أشعرية ؟ قالوا لا في جهة أين يرى من فوق قالوا لا ’ من تحت : لا , أمام : لا , خلف : لا , يمين : لا , شمال : لا . أين يرى ؟ يقولوا يرى لا في جهة .
فأنكروا عليهم أهل السنة وبدعوهم وحتى أنكر عليهم الصيبان وضحكوا من قول الأشاعرة إن الرؤية تكون بلا مقابلة , قالوا ما يمكن أن تكون الرؤية إلا بالمقابلة من المرء فالمرء لا بد أن يكون مقابلاً للرائي مواجهاً مبيناً له أما رؤية بدون جهة بدون مقابلة ما يمكن ولهذا سماهم بعض أهل العلم خناثى كالخنثى لا ذكر ولا أنثى ليسوا من أهل السنة وليسوا من المعتزلة , أرادوا أن يكونوا مع المعتزلة في إنكار العلو وأرادوا أن يكونوا مع أهل السنة في الرؤية فعجزوا عن ذلك فلجؤوا إلى حجج سوفسطائية مموهة وهي التي تشبه الحجة وليست حجة فقالوا من حججهم إن في عندنا دليل عندنا دليل أنه يمكن الرؤية بلا مواجهة ما هي ؟ قالوا الرؤية الإنسان وجهه بالمرآة يرى بلا جهة .نقول لهم : أولا : الرؤية في المرآة ليست ثابتة , والثانية : أنهم مواجهة إذا واجه الإنسان المرآة صارت أمامه رأى صورته في المرآة وبهذا يكون أهل السنة والجماعة السنة آمنوا بعلو الله وأنه فوق العرش و بالرؤية والمعتزلة أنكروا الأمرين أنكروا علو الله وأنكروا الرؤية فسروه بالعلم , والأشاعرة : آمنوا بالرؤية وأنكروا العلو , فصاروا مع المعتزلة في إنكار العلو ومع أهل السنة في إثبات الرؤية
ولهذا قال المؤلف رحمه الله يجب الإيمان بها (وَإِن نبت عَن الأسماع واستوحش مِنْهَا المستمع) من الذي يستوحش منها ؟ أهل البدع: (وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِيمَان بهَا وَأَن لَا يرد مِنْهَا حرفا وَاحِدا) ،يقول الإمام أحمد لا ترد ولا حرفا واحدا آمن بالنصوص من الكتاب والسنة لا ترد حرف من القرآن كفر وكذلك السنة (وألا يرد منها حرفا واحدا وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات) يعني كل الأحاديث التي أثرت ورويت عن الثقات (..) يجب الإيمان بها.
نعم ..
(المتن)
وَأَن لَا يُخَاصم أحدا وَلَا يناظره وَلَا يتَعَلَّم الْجِدَال فَإِن الْكَلَام فِي الْقدر والرؤية وَالْقُرْآن وَغَيرهَا من السّنَن مَكْرُوه ومنهي عَنهُ لَا يكون صَاحبه وَإِن أصَاب بِكَلَامِهِ السّنة من أهل السّنة حَتَّى يدع الْجِدَال ويؤمن بالآثار.
(الشرح)
الواو أصح لا يكون صاحبه وإن أصاب، عندك بالواو ؟ الواو أصح النسخة الي عندي ما فيها واو لا يكون صاحبه وإن أصاب بكلامه السنة. نعم.
هذا الكلام حق يقول المؤلف رحمه الله يجب على المسلم أن يؤمن بالأحاديث وألا يخاصم أحدا ولا يناظره ولا يتعلم الجدال : كل هذا مطلوب من المسلم ألا يخاصم أحدا ولا يناظر فإن الخصومات والجدال في الدين منهي عنه فلا يخاصم الإنسان ولا يناظر في النصوص فهذا يؤدي إلى الإنكار والتأويل وهذه طريقة أهل البدع , الخصومات والجدال من طريقة أهل البدع , وفي الحديث : إن الله يبغض الألد الخصم وقال تعالى في ذمهم بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ فالخصومة والجدال والمناظرة مذموم في النصوص.
ولهذا روى الآجري في الشريعة بإسنا حسن عن معن بن عيسى قال: انصرف مالك بن أنس يوما إلى المسجد وهو متكئ على يدي فلحقه رجل يقال له أبو الحورية كان يتهم بالإرجاء فقال يا أبا عبد الله يخاطب مالكا , اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأيي قال فإن غلبتني أتبعك وإن غلبتك تتبعني قال فإن جاء رجل آخر فكلمنا فغلبنا قال نتبعه فقال مالك رحمه الله : يا عبد الله بعث الله محمدا بدين واحد وأراك تنتقل من دين إلى دين.
قال عمر بن عبد العزيز : من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل.
وعنه رحمه الله قال " الكلام في دين الله أكرهه".
وعن سلام بن أبي مطيع أن رجلا من أصحاب الأهواء يعني أهل البدع قال لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمة ،كلمة من أهل البدع يقول لأيوب السختياني فولى أيوب فجعل يشير بإصبعه ولا نصف كلمة , ما يريد يكلم أهل البدع .رواه الآجري في الشريعة.
وعن معاوية بن قرة قال : الخصومات في الدين تحبط الأعمال.
قال الحسن بن علي البربهاري في شرح السنة : { والكلام والجدال والخصومة بالقدر خاصة منهي عنه عند جميع الفرق لأن القدر سر الله ونهى الرب جل اسمه الأنبياء عن الكلام في القدر ونهى النبي ﷺ عن الخصومة في القدر وكرهه أصحاب رسول الله ﷺ والتابعون وكرهه العلماء وأهل الورع ونهوا عن الجدال في القدر فعليك بالتسليم والإقرار والإيمان واعتقاد ما قاله رسول الله ﷺ في جملة الأشياء واسكت عما سوى ذلك.
إذاً لا يجوز للإنسان أن يخاصم أحدا ولا يناظره في النصوص ولا يتعلم الجدال.
.قال المؤلف رحمه الله : (فَإِن الْكَلَام فِي الْقدر والرؤية وَالْقُرْآن وَغَيرهَا من السّنَن مَكْرُوه ومنهي عَنهُ لَا يكون صَاحبه وَإِن أصَاب بِكَلَامِهِ السّنة من أهل السّنة حَتَّى يدع الْجِدَال ويؤمن بالآثار.) : هذا كلام الإمام أحمد رحمه الله، يقول كلامه في القدر كما سبق يتكلم في القدر يسأل ويعترض على الله لم فعل الله كذا ويسأل عن الكيفية وكذلك الكلام في الرؤية ويجادل في النصوص.