قال(قارئ المتن): الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد صل الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) أما بعد: فأحسن الله إليكم، وغفر لكم وللمسلمين أجمعين، يقول الإمام أبوبكر ابن خزيمة رحمه الله تعالى في كتابه كتاب التوحيد:
باب ذكر البيان أن الله جل وعلا كلم موسى عليه السلام من وراء حجاب، من غير أن يكون بين الله تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام رسول يبلغه كلام ربه، ومن غير أن يكون موسى عليه السلام يرى ربه عز وجل في وقت كلامه إياه.
قال: حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: حدثني عمي، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن موسى عليه السلام قال: يا رب: أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم عليه السلام فقال: أنت أبونا آدم، قال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها؟ وأمر ملائكته فسجدوا لك؟ قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ قال له آدم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى. قال: نبي بني إسرائيل، الذي كلمك الله من وراء حجاب، لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم. قال: فما وجدت في كتاب الله أن ذلك كان في كتاب الله عز وجل قبل أن يخلق آدم؟ قال نعم. قال: فما تلومني في شيء سبق من الله عز وجل فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عند ذلك، فحج آدم موسى عليهما السلام)). (الشيخ حفظه الله تعالى) ( معنى فحج آدم موسى أي: غلبه بالحجة، وذلك أن موسى عليه السلام لامه على المصيبة التي حصلت له ولذريته، فاحتج آدم بأن المصيبة مقدرة، والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به، وإنما الممنوع الاحتجاج بالقدر على الذنوب والمعاصي، لهذا حج آدم موسى أي غلبه بالحجة فحج آدم موسى كررها ثلاثا، نعم، وفي هذا إثبات الكلام لله عز وجل وأن الله كلم موسى، من غير ملك، لكن كلمه من وراء حجاب لم يره، نعم، ولهذا لما قال الله في القرآن الكريم إن موسى سأل ربه، ((وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ... (143) الأعراف))كلما تجلى ربه للجبل انساح الجبل وخر موسى صاعقا نعم ولكن الرؤية في الآخر ثابت واقع، النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما سألهم هل ترون ربكم؟ قال: إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، وفي لفظ كما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب، نعم)
باب: صفة تكلم الله بالوحي، وشدة خوف السموات منه، وذكر صعق أهل السموات، وسجودهم لله عز وجل.
قال: حدثنا ذكريا بن يحيى بن إياس المصري، قال: ثنى نعيم بن حماد، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس بن سمعان، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) ((إذا أراد الله عز وجل أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي، فإذا تكلم، أخذت السموات منه رجفة، أو قال رعدة شديدة، خوفاً من الله، فإذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا، وخروا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر سماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل عليه السلام: قال الحق، وهو العلي الكبير، قال فيقولون: كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمره الله)). قال أبوبكر: عبدالله بن أبي زكريا، أحد عبادهم. (الشيخ حفظه الله تعالى) (هذا فيه عظمة الله عند تكلم الله بالوحي أن السموات يحصل لها رجفة وشدة، نعم، الرجفة والرعدة الصوت المسموع وهذا يعني تقريب، وليس المراد أنه مثله، نعم المراد كما أنه يحصل صوت قوي، ... الدقيقة الخامسة وثلاثة وخمسون ثانية الصوت غير واضح نعم)
باب من صفة تكلم الله عز وجل بالوحي والبيان: أن كلام ربنا عز وجل لايشبه كلام المخلوقين، لأن كلام الله كلام متواصل، لا سكت بينه، ولا سمت، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامهم سكت وسمت، لانقطاع النفس أو التذاكر، أو العي، منزه الله مقدس من ذلك أجمع تبارك وتعالى.
قال: حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر، قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبدالله، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) ((إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصة كجر السلسلة على الصفا، قال: فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا أتاهم جبريل فزّع عن قلوبهم، فيقولون : يا جبريل : ماذا قال ربك؟ قال: يقول الحق: قال فينادون: الحق الحق)).
قال: حدثنا أبو موسى، وسلم بن جنادة، قالا: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن مسلم وهو ابن صبيح عن مسروق عن عبدالله، رضي الله عنه، قال: ((إن الله إذا تكلم بالوحي سمع أهل السموات للسماء صلصة كجر السلسلة علي الصفا، فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم، قال: فيقولون: يا جبريل: ماذا قال ربك؟ قال: الحق. قال سلم: فيقول الحق، وقالا: فينادون: الحق الحق)). (الشيخ حفظه الله تعالى) (الحق الحق يعني قال الحق قال الحق نعم). قال(قارئ المتن): أحسن الله إليكم.
قال: حدثنا محمد بن بشار بندار، قال ثنا ابن أبي عدي، عن شعبة. قال: وثنا بشر بن خالد العسكري، قال: ثنا محمد، عن شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، يحدث عن مسروق، قال: قال: عبدالله رضي الله عنه،: (( إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصة كصلصة السلسلة على الصفوان، فيرون أنه من أمر السماء، فيفزعون، فإذا سكن عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير)). هذا حديث محمد بن صبيح، الصواب مسلم بن صبيح.
وقال بندار، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبدالله، رضي الله عنه، قال: ((إذا تكلم الله بالوحي، سمع أهل السموات للسموات صلصة، كجر السلسلة على الصفوان، فيفزعون، يرون أنه من أمر السماء حتى إذا فزع على قلوبهم ينادون ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير)).
قال: حدثنا أبو موسى، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان
قال: ثنا منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: سئل عبدالله رضي الله عنه، عن هذه الآية : (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ (23) سبأ) قال: ((إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات للسموات صلصة كجر السلسلة على الصفا)). قال أبو موسى فذكر نحواً مما ثنا أبو معاوية.
قال:حدثنا عبدالله بن سعيد الأشج، قال: ثنا ابن أبي نمر، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبدالله رضي الله عنه، قال: ((إذا تكلم الله سبحانه وتعالى بالوحي، سمع أهل السموات صلصة كصلصة السلسلة على الصفوان، فيصعقون لذلك، ويخرون سجداً، فإذا علموا أنه وحي، فزع عن قلوبهم، قال: ردت إليهم أرواحهم، فينادي أهل السموات بعضهم بعضاً ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير)).
قال: حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبدالله، رضي الله عنه، قال: (( إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات للسموات صلصة كصلصة السلسلة على الصفوان، (الشيخ حفظه الله تعالى) (إذا تكلم الله بالوحي فيه إثبات الكلام لله كما يليق بجلاله وعظمته وفيه عظمة الرب سبحانه كما يليق بجلاله وعظمته، وفيه خوف السموات، وهي جمادات، إلا أن لها إحساس ((...وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... (74) البقرة )) نعم ). قال(قارئ المتن): أحسن الله إليكم.فيخرون سجداً، فيرفعون رؤوسهم فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقولون : قال الحق وهو العلي الكبير)).
قال: حدثنا عبدالجبار بن العلاء، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي، قال: ثنا سفيان، عن عمرو وهو ابن دينار عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) وقال المخزومي في روايته إن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (( إذا قضى الله في السماء أمراً ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنها سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال: ربكم؟ قالوا : للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع وهم هكذا واحد فوق الآخر، وأشار سفيان بأصابعه وربما أدرك الشهاب المستمع فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي أسفل منه ويرميها الآخر على من هو أسفل منه، فيلقيها على فم الساحر، أو الكاهن، فيكذب عليها ما يريد، فيحدث بها الناس، فيقولون قد أخبرنا بكذا، فوجدناه حقا، فيصدق بالكلمة التي سمعت من السماء)). قال: هذا حديث عبدالجبار، إلا أنه قال: (( إذا قضي الأمر في السماء، وقال المخزومي: قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا : الحق، قال: ومسترقو السمع بعضهم فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، فيدركه الشهاب، فيلقيها على لسان الساحر، أو الكاهن فيكذب معها مائة كذبة، قال: فقال أليس قد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة)).
قال أبوبكر: قد أمليت خبر ابن عباس عن رجال من الأنصار، ((كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذا رمي بنجم فاستنار..)) الحديث بتمامه. وخبر سعيد بن جبير، عن ابن عباس في كتاب التوكل.
قال:حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: ((إذا حدث أمر عند ذي العرش، سمعت الملائكة صوتاً كجر السلسلة، قال: فيغشى عليهم، فاذا فزع عن قلوبهم، فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقولون: ما شاء الله، الحق وهو العلي الكبير)).
قال: حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن
الضحاك، قال: ((إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصة كصلصة الحديث على الصفوان)). (الشيخ حفظه الله تعالى) (صوت قوي، نعم)
قال: حدثنا سلم، قال: ثنا وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، قال:سمعت
الحسن يقول: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ (23) سبأ) قال: ((يجلى عن قلوبهم)).
باب: صفة نزول الوحي على النبي، صلى الله عليه وسلم.