شعار الموقع

فضل الإسلام لمحمد بن عبدالوهاب (3) من قوله: باب تفسير الإسلام" إلى قوله: "باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام"

00:00
00:00
تحميل
192

فضل الإسلام 3

( المتن )

قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه:

باب تفسير الإسلام وقول الله تعالى: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وفي الصحيح عن عمر أن رسول الله ﷺ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. وفيه عن أبي هريرة مرفوعا: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

( الشيخ )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب تفسير الإسلام ذكر المؤلف رحمه الله في الباب الأول فضل الإسلام وأن من دخل في الإسلام كفرت ذنوبه والإسلام يجب ما قبله والتوبة تمحو ما قبلها والإسلام يجب ما قبله فتغفر ذنوبه السابقة والإسلام يهدم ما قبله  هذا من فضله.

ومن فضل الإسلام أن المسلم تعمه دعوة المسلمين.

ومن فضل الإسلام أن المسلم أتى بالسبب الذي يدخل فيه الجنة أتى بالسبب الذي يرحمه الله فيدخل الجنة برحمة الله.

ثم ذكر وجوب الإسلام وأن الله تعالى أوجب على عباده أن يعبدوه والإسلام هو العبادة توحيد الله وإخلاص الدين له وأداء حقوقه هذا أوجبه الله على الناس بل على الثقلين الجن والإنس لأن الله خلقهم لذلك وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

 ذكر في هذا الباب تفسير الإسلام وما المراد به سبق أن المراد بالإسلام (02:22) الإسلام الخاص وهو ما عليه محمد ﷺ ما أتى به النبي ﷺ  ما أتى به النبي ﷺ من الشريعة الخاتمة والإسلام سبق أنه له معنى عام وله معنى خاص له معنى عام وهو دين الأنبياء جميعاً وتوحيد الله وإخلاص الدين له وطاعة كل نبي في كل زمانه فالإسلام هو دين آدم وهو دين نوح وهو دين هود وهو دين صالح وهو دين لوط وشعيب وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه الصلاة والسلام دين الأنبياء جميعاً والإسلام بمعناه الخاص هو توحيد الله والعمل بالشريعة الخاتمة التي جاء بها محمد ﷺ كما في الحديث في حديث عمر  فسر الإسلام فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وتشهد أن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت فسره بالأعمال بالشهادة لله وحده أصله الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة للرسول ﷺ بالرسالة، الإسلام الخاص الإسلام بمعناه الخاص وهو توحيد الله والعمل بالشريعة الخاتمة التي جاء بها نبينا محمد ﷺ.

صدر المؤلف رحمه الله هذا الباب  بقول الله تعالى في الآية الكريمة فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ فَإِنْ حَاجُّوكَ يعني خاصموك يا محمد فَإِنْ حَاجُّوكَ فإن خاصموك في الدين فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وذلك أن اليهود والنصارى ادعوا الإسلام بأن قالوا نحن على الإسلام وإنما اليهودية والنصرانية نسب والدين هو الإسلام ونحن عليه فقال الله تعالى فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ يعني انقدت لله انقدت لله وحده بقلبي وجوارحي ولساني وأسلمت وجهي له وإنما خص الوجه لأنه أكرم الجوارح للإنسان فإذا خضع الوجه فقد خضعت له جميع الجوارح أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ يعني أخلصت عملي لله إسلام الوجه هو إخلاص العمل لله المعنى أخلصت عملي لله عملي الذي أعمله بجوارحي بقلبي وبلساني أخلصته لله فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أخلصت عملي لله وانقدت بجوارحي وبقلبي وبلساني لله  فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ يعني أخلصت عملي لله ومن اتبعني يعني من اتبعني فأسلم كما أسلمت ذكر هذا معنى هذا الكلام القرطبي رحمه الله في تفسيره والبغوي في تفسيره.

وقال ابن القيم رحمه الله توجيه وجهه لله يتضمن إقباله بالكلية وجهت وجهي أسلمت وجهي توجيه وجهه يتضمن إقباله بالكلية على ربه وإخلاص القصد والإرادة له وإقراره بالخضوع والذل والانقياد قال وذكر الوجه وهو أشرف ما في الإنسان ومجمع الحواس أيضاً ففيه معنى التوجه والقصد كما قال الشاعر:

أستغفرُ الله ذنبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ رب العِبادِ إِليهِ الوجهُ والعَمَلُ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قال الإسلام والآية واضحة في تفسير الإسلام وهو أن الإسلام هو إخلاص ،إخلاص العمل لله والخضوع بالجوارح كما سبق أن الإسلام يشمل أمورا ثلاثة الإخلاص في الباطن وانقياد الجوارح في الظاهر والبراءة من الشرك وأهله فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ هذا هو تفسير الإسلام إسلام الوجه لله إسلام الوجه لله يعني إخلاص العمل لله والانقياد بالجوارح ظاهراً والبراءة من الشرك وأهله.

ثم ذكر حديث عمر : وفي الصحيح عن عمر أن رسول الله ﷺ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً وهذا الحديث رواه الشيخان من حديث عمر وهذا الحديث فيه تفسير الإسلام فسر الإسلام بالشهادتين بالصلاة والزكاة والصوم والحج وهو ظاهر في مناسبته الترجمة باب تفسير الإسلام فسر الإسلام بالشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج وأصل الإسلام وأساسه الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة لنبيه محمد ﷺ بالرسالة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله هذا أصل الدين وأساس الملة ولا إسلام بدون الشهادتين.

ثم إقام الصلاة بعد الشهادتين و هي عمود الإسلام قال وتقيم الصلاة ولم يقل وتصلي لأن هناك فرق بين الصلاة وبين إقامة الصلاة قد يصلي الإنسان صلاة صورية يركع ويسجد ويقف ويأتي بالأركان وشروطها لكنها صلاة صورية بالصورة ليست صلاة حقيقية الصلاة الحقيقية هي أن يقيمها كما أمر الله وكما أمر الرسول ﷺ يقيمها بشروطها وخشوعها وهيأتها وإخلاصها قد يصلي بدون إخلاص هذه الصلاة الصورية لكن لم يقم الصلاة قد يصلي بدون وضوء هذه الصلاة الصورية لكن ما أقامها فإقامة الصلاة إقامتها ظاهراً وباطناً إقامتها ظاهراً بأداء الشروط والأركان والواجبات وباطناً بحضور القلب والإخلاص ولذا قال وتقيم الصلاة ولم يقل وتصلي.

وتؤتي الزكاة تؤتي الزكاة يعني تؤديها إلى مستحقيها عن طيب نفس .

وتصوم رمضان كما أمر الله وهو أن يصوم هذا الشهر من كل عام.

وتحج البيت في العمر مرة مع الاستطاعة ولهذا قال إن استطعت إليه سبيلاً.

فهذا الحديث فيه من الفوائد بيان أركان الإسلام الخمسة وأنها دعائم وقواعد لا يقوم الإسلام إلا بها وأن أصلها وأساسها الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة للنبي محمد ﷺ بالرسالة.

وفيه أنه يدل على أن من ترك شيئاً من هذه الأركان جاحداً لوجوبها فهو كافراً  بالإجماع إذا جحد وحدانية الله أو جحد الرسالة رسالة النبي ﷺ أو جحد الصلاة أو جحد الصوم أو جحد الزكاة أو جحد الحج فهو كافر بإجماع المسلمين أما إذا تركها تهاوناً وكسلاً فالشاهدتان لا يتركهما لا بد من الإتيان بهما ومن لم يأت بهما لم يدخل في الإسلام لكن ما عداهما من الأركان الخمسة الصلاة والزكاة والصوم والحج إذا ترك واحداً منها جاحداً فهو كافر بالإجماع وإن تركها كسلاً وتهاوناً مع الإقرار اختلف العلماء هل يكفر أو لا يكفر؟

من العلماء من قال إذا ترك الصلاة كسلاً كفر وإذا ترك الزكاة كسلاً وتهاوناً كفر وإذا ترك الصوم كسلاً وتهاوناً كفر وإذا ترك الحج كسلاً وتهاوناً كفر.

قال آخرون من أهل العلم إذا ترك الزكاة تهاوناً لا يكفر لكن تؤخذ منه ويعزر يعزره الحاكم بالحبس بالضرب ولا يكفر بدليل أن النبي ﷺ ذكر الزكاة وأن من تركها يعذب يوم القيامة (11:47) – (12:02) في يوم مقداره خمسين ألف سنة ثم قال ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار فدل على أنه ليس بكافر لأنه لو كافر لم يكن له سبيل إلى الجنة.

وكذلك الصوم الصواب أنه لا يكفر إذا تركه تهاوناً وكسلاً مرتكب لجريمة كبيرة (12:17) وكذلك الحج.

أما الصلاة فالصواب أنه إذا تركها كسلاً وتهاوناً يكفر لكن متى يكفر بعض العلماء قال لا يكفر إلا إذا تركها بالكلية لم يصل لا الصبح ولا الظهر ولا العصر ولا المغرب ولا العشاء أما إذا كان يصلي ويخلي فلا يكفر وقال آخرون من أهل العلم بل إذا ترك فرضاً واحداً متعمداً حتى خرج الوقت وليس له عذر ليس نائماً نوما يعذر فيه ولا متأولاً ولا نائماً نوما يعذر فيه ولا ناسياً فإنه يكفر بأدلة كثيرة يقول ﷺ  العهد الذي بيننا وينهم الصلاة  فمن تركها فقد كفر  رواه الإمام أحمد وفي السنن في (12:11) ولقول النبي ﷺ بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة رواه مسلم حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ فجعل الصلاة الحد الفاصل بيننا وبين الكفر البينية تفصل بينها وبين ما سواها ومن الأدلة أيضاً حديث (13:31) عن النبي ﷺ قال من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله والذي يحبط عمله هو الكافر صلاة العصر مثال ومن الأدلة أن النبي ﷺ نهى عن الخروج عن الأمراء وقال إلا أن تروا كفراً بواح عندكم من الله برهان لما ذكر أن الأمة منهم أخيار ومنهم أشرار قال الأشرار وهم يتلاعنون قلنا أفلا ننابذهم بالسيف قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة فدل على أنهم إن لم يقيموا الصلاة فهم كفار فننابذهم بالسيف ومن الأدلة أيضاّ (14:21) نقل الإجماع قال كان أصحاب النبي محمد ﷺ لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة وإذا (14:34) وترك الصلاة يقتل بعد إسلامه إما كفراً وإما حداً هذا قولين والصواب أنه يقتل كفراً.

قال وفيه عن أبي هريرة مرفوعاً المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده فيه يعني في الصحيح وهذا الحديث قال المؤلف هو في الصحيح ذكر المحقق أنه أخرجه الترمذي والنسائي والجماعة ولم يذكر أنه قال قول المؤلف يوهم فيه يوهم بأنه في صحيح مسلم حيث عطفه على حديث عمر ((15:22) وليس كذلك ويرى أنه ليس في الصحيح وهو -الحديث- له شواهد حديث عبد الله بن عمرو  أخرجه البخاري حديث جابر  حديث أنس  والحديث في مسلم يقول المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده 

اختلف العلماء ما المراد بالإسلام في هذا الحديث المسلم من سلم المسلمون قيل المراد أفضل المسلمين من أدى حقوق الله  وحقوق العباد ومن أداء حقوق العباد أن يسلم المسلمون من لسانه ويده قول المسلم يعني المسلم الأفضل المسلم الفاضل الذي فضله على غيره الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ومن سلم المسلمون من لسانه ويده ومعلوم أن من سلم المسلمون من لسانه ويده لا بد أن يؤدي حقوق الله أولاً ويؤدي حقوق العباد النصوص يضم بعضها إلى بعض فالمعنى أن المسلم الأفضل إسلاماً هو من أدى حقوق الله والصلاة والزكاة والصوم والحج معلوم أنه لا بد من التوحيد هذا الأصل والأساس ثم أدى حقوق العباد ومن حقوق العباد سلامتهم من لسانه ويده.

وقال بعض العلماء المراد من المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده بيان علامة المسلم المراد من الحديث بيان علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده علامة المسلم سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر علامة المنافق آية المنافقين ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف.

وقال بعض العلماء المراد من هذا الحديث الحث على حسن المعاملة المراد الحث على حسن معاملة العبد  مع ربه لأنه إذا أحسن المعاملة مع إخوانه المسلمين من الأولى والأحرى أن يحسن المعاملة مع ربه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.

وقيل إن المراد بالإسلام الحث الإسلام الخاص وهو بالنسبة لمعاملة الغير المسلم يعني الخاص بالنسبة لمعاملة الغير من سلم المسلمون من لسانه ويده وأما المسلم على سبيل العموم هو الذي يأتي بأركان الإسلام فالحديث أراد أن يبين المسلم الإسلام الخاص في معاملة الغير المسلم مع الغير من سلم المسلمون من لسانه ويده وأما من أدى أركان الإسلام الخمسة فهذا مسلم عام قد يسلم المسلم من لسانه وقد لا يسلم.

وفسر النبي ﷺ المسلم بأمن الناس وهو سلامة المسلمين منه بقية الحديث المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم الحديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ففسر المسلم بأمن الناس وسلامة المسلمين من لسانه ويده وفسر المؤمن بأمر باطن وهو أن يأمنوه على دمائهم وأموالهم وهذه الصفة أعلى  من ذلك هذي الصفة في الإيمان أعلى فإن من كان مأموناً يأمنه الناس فإن من كان مأموناً في الباطن سلم المسلمون منه في الظاهر وليس كل من سلم المسلمون منه في الظاهر يكون مأموناً في الباطن فدل على أن الإيمان أعلى فصار الإسلام بأمر ظاهر ووصف المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ووصف الإيمان بأنه من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم والذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم هذا لا بد لا شك أنهم يسلمون من لسانه ويده والذي يسلم المسلمون من لسانه ويده لا يلزم أن  يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم ففسر الإيمان بأمر أعلى لأنه قد يكون آذاهم وهم لا يأمنون إليه خوفاً من أن يكون ترك أذاهم لرغبة أو لرهبة لا للإيمان في قلبه من سلم المسلمون من لسانه ويده خوفاً من السلطان خوفاً من أن يقام عليه الحد لا للإيمان في قلبه.

نقول هنا المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده هذا خرج مخرج الغالب وإلا فإن غير المسلم أيضا من له عهد وذمة كفار لديهم عهد وذمة لا بد أن يسلمون من لسانه ويده أيضاً  لا يجوز أن نعتدي على أموال اليهود والنصارى الذين هم أهل الذمة أو من دخلوا بأمان وعهد.

وخص اللسان في الحديث بالذكر لأنه المعبر والمترجم عما في النفس وعبروا باليد لأنه أكثر الأفعال والتعامل يكون باليد ولهذا خصها اللسان هو المعبر والمترجم عما في النفس واليد هي التي يباشر بها أكثر الأفعال واللسان أعم من جهة من جهة أن اللسان يتكلم بالماضيين والموجودين والحاضرين وأما اليد فلا تتناول إلا الحاضر إلا المشاركة في الكتابة.

وفي الحديث الحث على حفظ اللسان واليد وأن أعراض المسلمين محترمة الحث على حفظ اللسان واليد من الاعتداء على الناس أو على أموالهم بالسرقة والغصب حتى يسلم دينهم ويسلمه من النقص فالحديث فيه حث على حفظ اللسان واليد من العدوان على الناس حتى يسلم دينه وحتى يسلم إسلامه من النقص والحديث ظاهر في الترجمة باب تفسير الإسلام فسر المسلم بأنه من سلم المسلمون من لسانه ويده.

( المتن )

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ، أنه سأل رسول الله ﷺ عن الإسلام فقال: أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة رواه أحمد.

وعن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام عن أبيه أنه سأل رسول الله ﷺ، ما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك قال: أي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت.

 ( الشيخ )

(23:23) في بعض الروايات أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

طيب هذان الحديثان معناهما واحد الحديث الأول وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، أنه سأل رسول الله ﷺ عن الإسلام فقال: أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة هذا الحديث يقول المؤلف رواه الإمام أحمد في مسند أحمد من طريق حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية و بهز بن حكيم عن أبيه عن جده هذه سلسلة معروفة في الحديث من أعلى مراتب الحديث الحسن كما ذكر الذهبي في (24:15 ) وله في السنن الأربعة أربعة عشر حديثا قد علق البخاري أحدهما كما ذكر المحقق يعني السلسلة معروفة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده فالحديث حسن فالحديث يكون حسنأً.

والحديث الثاني عن أبي قلابة هذا رجل من أهل الشام هذا أخرجه (24:39) أخرجه عبد الرزاق والحديث رجاله ثقات  إلا أن أبا قلابة وهو عبد الله بن زيد الزرمي لم يدرك عمر بن أبا (25:00) كما نص على ذلك المزي يقول الحديث فيه انقطاع عن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام أنه سأل رسول الله ﷺ ولكن الحديث له شواهد وفي هذا الحديث.

الحديث الأول أنه فسر الإسلام على أن تسلم قلبك لله وأن تولي وجهك إلى الله وأن تصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة إسلام القلب وتولية الوجه معناه إخلاص العمل لله هذا الإخلاص وتصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة هذا العمل وهو إخلاص مع عمل إخلاص في الباطن وعمل في الظاهر.

فكذلك حديث أبي قلابة فسر الإسلام قال الإسلام أن تسلم قلبك ويسلم المسلمون من لسانك ويدك أن تسلم قلبك هذا الإخلاص ويسلم المسلمون من لسانك ويدك هذا العمل إلى أي الإسلام أفضل قال الإيمان فجعل الإيمان أفضل الإسلام وكما سبق أن الإسلام إذا أطلق دخل فيه الإيمان والإيمان إذا أطلق دخل فيه الإسلام هنا جعل الإيمان أفضل خصال الإسلام قال أي الإسلام أفضل قال الإيمان قال وما الإيمان فسره بالأعمال الباطنة قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت.

وهذان الحديثان كلاهما يدلان على أن الإسلام يتضمن أمرين إخلاصا في الباطن وانقيادا في الظاهر فالإسلام في الباطن هو إسلام القلب لله وتولي الوجه لله وهذا يتضمن الخضوع والذل والإقبال على الله بالكلية والإخلاص في القصد له والإرادة.

علق شيخ الإسلام كما ذكر المحقق على حديث أبي قلابة قال أي الإسلام أفضل قال الإيمان قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ففي هذا الحديث يعني حديث أبي قلابة جعل الإيمان خصوصاً في الإسلام والإسلام أعم منه يعني لما سئل قال ما الإسلام جعله عاما قال أن تسلم قلبك لله (27:42) ثم قال أي الإسلام أفضل قال الإيمان فجعل  الإسلام عاما والإيمان خاصا.

يقول رحمه الله في هذا الحديث يعني حديث أبي قلابة جعل الإيمان خصوصاً في الإسلام والإسلام أعم منه كما جعل الهجرة خصوصاً في الإيمان والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه والإيمان أعم منه قال وما الإيمان قال أن يأمن الناس على دمائهم وأموالهم قال وما الهجرة قال المهاجر من هجر ما نهى الله عنه المؤمن من أمنه الناس والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه يقول شيخ الإسلام جعل الإيمان خصوصاً في الإسلام وجعل الإسلام أعم منه كما جعل الهجرة خصوصاً في الإيمان والإيمان أعم منه وجعل الجهاد خصوصاً في الهجرة والهجرة أعم منه فالإسلام أن تعبد الله وحده لا شريك له مخلصاً له الدين وهذا دين الله الذي لا يقبل من أحد ديناً غيره لا من الأولين ولا من الآخرين ولا تكون عبادته مع إرسال الرسل إلينا إلا بما أمرت به رسله لا بما يضاد ذلك لأن ضد ذلك معصيته بل ختم الله الرسل بمحمد ﷺ فلا يكون مسلماً إلا من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهذه الكلمة بها يدخل الإنسان للإسلام فمن قال الإسلام الكلمة وأراد هذا فقد صدق كما قال الزهري الإسلام الكلمة والكلمة الشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله الزهري يقول الإسلام الكلمة والإيمان العمل يقول شيخ الإسلام  فمن قال الإسلام كلمة وأراد هذا فقد صدق ثم لا بد من الالتزام بما أمر به الرسول ﷺ من الأعمال الظاهرة كالمباني الخمس يعني الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج ومن ترك من ذلك شيئاً نقص إسلامه بقدر ما نقص من ذلك كما في الحديث من انتقص منهن شيئاً فهو سهم من الإسلام تركه يقول شيخ الإسلام وهذه الأعمال إذا عملها الإنسان مخلصاً لله تعالى فإنه يثيبه عليها ولا يكون ذلك إلا مع إقراره بقلبه أنه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن يكون معه من الإيمان هذا الإقرار يعني هذه الأعمال الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج يقوم بها الإنسان يفعلها بجوارحه لكن لا بد من الإقرار بالقلب واعتقاد معناها  هذا كلام شيخ الإسلام.

يتبين من كلام شيخ الإسلام أنه لا بد أن يجتمع مع الإسلام إيمان ،إيمان بالله وإقرار بالقلب وإلا فلا يصح الإسلام وفيه من الفوائد أنه إذا جمع الإسلام مع الإيمان صار المراد بالإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان بما في القلب أما إذا انفردا فإنه يشمل كل منهما الآخر وهذا هو الصواب وعين الحق أن الإسلام إذا أطلق دخل فيه الإيمان والإيمان إذا أطلق دخل فيه الإسلام وإذا انفرد كل منهما دخل فيه الآخر وهما إذا اجتمعا انفردا إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.

وفيه أن أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين الصلاة والزكاة حيث نص عليهما في حديث بهز.

وفيه بيان أركان الإيمان وهي دعائمه وقوائمه وقواعده والإيمان له أركان وهي مذكورة في هذا الحديث وله شعب في الصحيحين أن النبي ﷺ قال الإيمان بضع وستون شعبة وهذه الشعب اختلف العلماء رحمهم الله فيها فمنهم من قال إنها معدودة بهذا العدد بضع وستون شعبة وصاروا يستنبطونها من الكتاب والسنة وعلى هذا جرى البيهقي في كتاب شعب الإيمان البيهقي ألف كتابا سماه شعب الإيمان وتتبع الشعب التي وردت في الأحاديث فبلغت أعلى البضع بضع وسبعون شعبة والبضع (31:50) أوصلها إلى تسع وسبعين جمعها من النصوص ومن العلماء من قال إنها غير محدودة بحد وضابط وإنما ضابطها كل عمل اجتمع فيه الإخلاص والمتابعة فهو من شعب الإيمان وضابطها الأول بأنها كل عمل اجتمع فيه الإخلاص والمتابعة للرسول ﷺ فهو من الشعب والإيمان يقول (32:25) هذا القول أصح.

( المتن )

قال رحمه الله:

 باب قول الله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ

وعن أبي هريرة قال: قال: رسول الله ﷺ تجيء الأعمال يوم القيامة فتقول: يا رب أنا الصلاة فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الصدقة فتقول: يا رب أنا الصدقة، فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الصيام فيقول: يا رب أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال على ذلك فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام فيقول: يا رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول: إنك على خير ، بك اليوم آخذ وبك أُعطي قال الله تعالى في كتابه : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين رواه أحمد.

وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد  رواه أحمد.

( الشيخ )

نعم هذا الباب هو الباب الرابع في هذا الكتاب فضل الإسلام باب قوله تعالى قال المؤلف رحمه الله باب قول الله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ

 مناسبة هذا الباب لما قبله أن المؤلف رحمه الله ذكر فضل الإسلام ثم ذكر وجوب الدخول فيه ثم ذكر تفسيره ثم ذكر في هذا الباب ما يضاده ويناقضه هذه مناسبة الأبواب أولاً ذكر فضل الإسلام ثم ذكر وجوبه وجوب الدخول فيه ثم ذكر تفسيره وبيان ما يدخل فيه ثم ذكر ما يضاده وهو الإعراض عن الإسلام واتخاذ غيره ديناً ومنهجاً ومسلكاً وهذا فيه ترتيب المؤلف تريبا ترتيب حسنا ذكر فضل الإسلام ثم وجوبه ثم تفسيره ثم بيان ما يضاده ما يضاده هو الإعراض عنه وتركه وهذا من نواقض الإسلام من الردة الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به لا يتعلمه ولا يعبد الله قال الله تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ

 باب قول الله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ثم ذكر حديث أبي هريرة  قال ،قال: رسول الله ﷺ تجيء الأعمال يوم القيامة فتقول: يا رب أنا الصلاة فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الصدقة فتقول: يا رب أنا الصدقة، فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الصيام فيقول: يا رب أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال على ذلك فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام فيقول: يا رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول: إنك على خير ، بك اليوم آخذ وبك أُعطي قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ رواه أحمد.

هذا الحديث فسر الآية -آية الترجمة- والحديث يفسر الآية -آية الترجمة- والحديث رواه الإمام أحمد كما ذكر المؤلف رحمه الله في مسنده عن أبي سعيد مولى بني هاشم قال حدثني عباد بن هاشم قال حدثني الحسن البصري قال حدثنا أبو هريرة  تذكروا وأخرجه أبو يعلى في المسند وفي رواية أبي يعلى انتهى من قوله بقوله وبك أعطي فجعل بقيته من كلام الحسن البصري بإضافة آية أخرى وهي إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ والحديث ضعيف لضعف عباد بن راشد إسناده عباد بن راشد قد ضعفه البخاري وابن معين وأبو داود والنسائي والثانية فيه علة أخرى وهي الانقطاع فإن الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة  كما في المراسيل لابن أبي الحاكم فتصريحه بالتحديث عند أحمد خطأ، خطأ عليه عباد بن راشد  فالحديث ضعيف.

لكن له شواهده الحديث شواهده كثيرة يرتقي بها إلى درجة الحسن كل يعني المعنى صحيح أن في ظاهره أن الحديث قدسي (37:45) يوم القيامة فيقول يا ربي والحديث القدسي من كلام الله وفيه أن الله تعالى يأخذ بالإسلام ويعطي بالإسلام وهذا حق من لم يدخل في الإسلام فلا ينفع أن يقبل لكن له شواهد والآيات القرآنية كلها تؤيده.

والشاهد منها قوله ثم يجيء الإسلام ففيه دليل على أن الإسلام هو الدين المطلوب عقيدة وقولاً وعملا هذا هو الشاهد ثم يجيء الإسلام فيدل على أن دين الإسلام هو الدين المقبول عقيدة وقولاً وعملاً وسلوكاً وغير الإسلام لا يقبل ولهذا قال بك اليوم آخذ وبك أُعطي وقرأ قوله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ فظهرت مناسبة الترجمة من قوله قال في الإسلام  بك اليوم آخذ وبك أُعطي وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ إذاً الإسلام هو الدين الحق عند الله وبه الله تعالى يأخذ وبه يعطي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد هذا رواه الإمام مسلم في صحيحه وروى الشيخان بلفظ آخر من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد هذا رواه الشيخان من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد هذا أخرجه الإمام مسلم.

سبق هذا الحديث أنه أصل عظيم من أصول الدين وأنه في ميزان الأعمال في ظاهرها كما أن حديث الأعمال بالنيات ميزان للأعمال في باطنها وكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله فليس لعامله فيه ثواب فكذلك كل عمل ليس عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله سبق أن النووي رحمه الله قال هذا الحديث مما ينبغي أن يعتنى به يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به وسبق أن الأئمة عدوا هذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وفي هذا الحديث كما سبق كمال الدين من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد يرد عليه عمله إن كان ( 40:56) ولا يحتاج زيادة إلى زيادة ونقص لقوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً قال أبو الدرداء لقد مات رسول الله ﷺ وما طائر يقلب بجناحيه   (41:10)

وفيه دليل على أن من شروط العمل الاتباع يكون متبعا لرسول الله عليه الصلاة والسلام.

وفيه من الفوائد تحريم البدع وأن كل عمل ليس عليه أمر الشارع أمر الله والرسول ﷺ فهو مردود.

وفيه وجوب الدخول في الإسلام وأن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة لوجوب دخولهم في الإسلام كله وأن أعمال العاملين ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليهم بأمرها ونهيها وهذا هو الشاهد قوله من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد يعني مردود على صاحبه.

( المتن )

قال رحمه الله:

 باب وجوب الاستغناء بمتابعة يعني القرآن وقول الله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ 

روى النسائي وغيره عن النبي ﷺ أنه رأى في يد عمر بن الخطاب ورقة من التوراة فقال: أمتهوكون يا ابن الخطاب، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حياً واتبعتموه وتركتموني ضللتم وفي رواية: لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي فقال عمر: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ نبيا.

( الشيخ )

نعم هذا الباب الخامس من أبواب هذه الرسالة قال المؤلف باب وجوب الاستغناء بمتابعته يعني القرآن.

القرآن هو كلام الله لفظه وحروفه منه بدأ وإليه يعود وليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف كما ذكره شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية والإسلام والقرآن هو كلام الله لفظه ومعناه وهو كلام الله منزل غير مخلوق قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ سمعه جبرائيل من الله ونزل به على قلب محمد كما قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ 

فالقرآن هو كلام الله لفظه ومعناه وهو بحرف وصوت خلافا للمعتزلة القائلين بأن القرآن مخلوق لفظه ومعناه وخلافا للأشاعرة الذين قالوا لفظه مخلوق ومعناه غير مخلوق الأشاعرة يقولون القرآن كلام الله لكن الكلام هو المعنى والحروف والألفاظ مخلوقة ليست بكلام الله وقالوا إن الله لم يتكلم بحرف ولا بصوت جعلوا الرب أبكم نعوذ بالله فإذا قيل لهم كيف سمع هذا القرآن؟  الله لا يتكلم ؟؟كيف جبريل لم يسمع كلام الله قالوا ما سمع كلام الله كيف وصل إلى هذا القرآن قالوا الله تعالى اضطر جبريل اضطرارا ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر بهذا القرآن هذا القرآن عبارة عبر به جبريل عما في نفس الرب إنه ما سمع شيئا لا سمع حرفا ولا صوتا (44:51) لو قلنا إن إن الكلام حرف وصوت (44:54) وتحدث الحروف والأصوات في نفس الرب والحادث من صفات المخلوق والله ليس بحادث هذه شبهتهم فجعلوا الرب لا يتكلم وقالت الطائفة الأخرى الذي سمع الذي عبر بهذه العبارة عبر به جبريل  عما في نفس الرب.

وقالت طائفة أخرى من الأشاعرة الذي عبر به محمد واستدلت الطائفة الأولى بقوله  إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ۝ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ  ۝  مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ قول الرسول إذاً قوله ما هو قول الله قول جبريل وفي الآية الأخرى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ  ۝ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ هذا قول محمد أولاً نقول هؤلاء متناقضون من قال إن القول قول جبريل يبطل بقول من قال إنه قول محمد ومن قال إنه قول محمد يبطل بقول من قال إنه قول جبريل قول الرسول يعني أنه بلغ عن الله قول الرسول تبليغ عن الله.

وقالت طائفة ثالثة من الأشاعرة جبريل  أخذ من اللوح المحفوظ ولم يسمع من الله ولا كلمة.

كل هذه الأقوال فاسدة الصواب أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه حروفه ومعانيه سمعه جبرائيل من الرب فنزل به على النبي محمد ﷺ ومن تدبر القرآن طالباً الهدى منه فإنه يتبين له طريق الحق كما ذكر شيخ الإسلام كما قال العلامة ابن القيم

فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن

وقول المؤلف في الترجمة وجوب الاستغناء بمتابعته يعني بمتابعة القرآن يعني ما سواه بمتابعته يعني عما سواه من الآراء الفاسدة والعقائد المنحرفة من علم الكلام ونحوه ولهذا أهل الكلام حاروا أصابتهم حيرة في آخر حياتهم قال أبو المعالي الجويني: لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم. تمنى إنه لم يدخل في المناهج الفلسفية والطرق الصوفية يقول لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني قال وها أنا أموت على عقيدة أمي وبعضهم قال أنا أموت على عقيدة عجائز نيسابور يعني على الفطرة (47:40) وقال الرازي في حيرة لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أفضل الطرق طريقة القرآن اقرأ في الإثبات الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى  إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ  وقال في النفي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ و وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا قالوا ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.

وبوب البخاري في صحيحه باب من لم يتغن بالقرآن وقول الله تعالى أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ثم أورد حديث أبي هريرة  عن النبي ﷺ قال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن قال سفيان بن عيينة تفسير يستغني به يتغنى بالقرآن تفسيره يستغني به قال الشراح (49:00) يفهم من الترجمة أن المراد بالتغني الاستغناء لكونه أتبعه الآية التي تتضمن الإنكار على من لم يستغن بالقرآن عن غيره فحول الاستغناء عن الاكتفاء به وعدم الافتقار إلى غيره وحمل على ضد الفقر من جملة ذلك ويستغني به يعني يستغني به عن غيره يكتفي به عن غيره يتغنى بالقرآن وجوب الاستغناء بمتابعته يعني أستغني به عن غيره وحمله بعضهم على ضد الفقر يعني يستغني به من الغنى وحمل بعضهم على الاكتفاء من الإغناء وأبو عبيد اختار تفسير يتغنى يستغني وقال إنه جائز في كلام العرب وقول الله تعالى (50:13 ).

قوله وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ قال ابن مسعود قد بين الله لنا في القرآن كل علم وكل شيء قد بين في القرآن كل شيء نحتاج إليه من الأمر والنهي والحلال والحرام والحدود والأحكام وهذا إما مشروح مفصل وإما مجمل يتلقى بيانه من السنة كما قال تعالى وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا هذا الكلام قاله الحافظ بن كثير في تفسير هذه الآية  وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ قال بين الله في القرآن كل شيء نحتاج إليه من الأمر والنهي والحلال والحرام والحدود والأحكام وهذا إما مشروح مفصل وإما مجمل يتلقى بيانه من السنة.

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله على هذه الآية وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ قال في أصول الدين وفروعه وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد وهو مبين فيه أتم التبيان في ألفاظ واضحة ومعاني جلية حتى إنه تعالى يثني فيه الأمور الكبار التي يحتاج القلب لمرورها عليه في كل وقت كل وقت وإعادتها في كل ساعة ويعيدها ويبديها بألفاظ مختلفة وأدلة متنوعة يستقر في القلوب فتثمر من الخير والبر بحسب ثبوتها في القلب وحتى إنه تعالى يجمع في اللفظ القليل الواضح المعاني معاني كثيرة يكون لفظه لها كالقاعدة والأساس.

 وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ومناسبة هذه الآية الكريمة أنه إذا كان القرآن تبياناً لكل شيء إذاً يستغنى به يستغنى به عن كل شيء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ بأصول الدين وفروعه بأحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد إذاً يستغنى بالقرآن عن غيره وهو ظاهر في الترجمة.

ثم ذكر المؤلف حديث النسائي روى النسائي وغيره عن النبي ﷺ أنه رأى في يد عمر بن الخطاب  ورقة من التوراة فقال أمتهوكون يا ابن الخطاب لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حياً واتبعتموه وتركتموني ضللتم وفي رواية لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي فقال عمر  رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد ﷺ نبياً.

هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد المؤلف قال أخرجه النسائي وأخرجه أبو عبيد في هذا الحديث وعبد الرزاق في المصنف رواه أيضاً (53:13) – (53:22) له أيضاً شواهد عن الحسن البصري أن عمر بن الخطاب  قال يا رسول الله إن أهل الكتاب يحدثوننا بأحاديث قد أخذت في قلوبنا وهممنا أن نكتبها فقال يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى أما والذي نفس محمد بيده  لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولكني أعطيت جوامع الكلم  (53:46) الحسن البصري ضعيفاً عند أهل العلم.

وقوله أمتهوكون يعني أمتحيرون التهوك التحير فسر هذا أبو عبيد في غريب الحديث في حديث آخر قال حدينا معان قال ابن عون قلت للحسن ما متهوكون قال متحيرون قال أبو عبيد أمتحيرون أنتم في الإسلام لا تعرفون نبيكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى إنكار لما رأى النبي ﷺ ورقة من التوراة في يد عمر  قال أمتهوكون يعني أمتحيرون قوله لقد جئتكم بها بيضاء قال معناه يفهم منه كراهة أهل العلم لأهل الكتاب وقوله قد جئتكم بها بيضاء نقية كأنه أراد بها الملة الحنفية. وقال ابن أثير التهوك مثل التهور وهو الوقوع في الأمر بغير روية المتهور كالذي يقع في كل أمر وقيل هو المتحير .

والحديث فيه من الفوائد أنه لا يجوز اقتناء شيء من الكتب السابقة على القرآن وأنه يحرم اقتناء شيء من الكتب السابقة على القرآن من الإنجيل أو التوراة أو الزبور لأن النبي ﷺ أنكر على عمر  لما رأى في يده ورقة من التوراة بأمرين الأمر الأول أن ما كان نافعاً منها فقد بيناه في القرآن أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ والثاني أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب.

وفيه دليل على أن من خالف شرعنا أن من خالف شرعنا بما في شرع قبلنا بأنه باطل لا يجوز اتباعه وما يأتي وما يذكر من شرع من قبلنا وغيره من كلام بني إسرائيل له أحوال ثلاثة:

الحالة الأولى أن يأتي شرعنا بما يوافقه هذا المقبول.

الحالة الثانية أن يأتي شرعنا بما يخالفه وينافيه وهذا مرفوض.

والحالة الثالثة أن يكون مسكوتا عنه وهذا ما نتحدث عنه لا يصدق ولا يكذب في حديث حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنهم قوم قد كانت فيهم الأعاجيب.

( المتن )

قال رحمه الله:

 باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام وقوله تعالى : هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا

 وعن الحارث الأشعري عن رسول الله ﷺ قال: آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام قال: وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وفي الصحيح: من فارق الجماعة شبرا فميتته جاهلية وفيه: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم.

 قال أبو العباس رحمه الله : كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! قال: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ وغضب لذلك غضبا شديداً . انتهى كلامه.

( الشيخ )

هذا الباب السادس من أبواب هذا الكتاب قال المؤلف رحمه الله باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام ذكر المؤلف الباب الأول في فضل الإسلام والباب الثاني وجوب الإسلام والباب الثالث تفسير الإسلام والباب الرابع ما يضاده وذكر هنا شيئاً مما يضاده وهو الخروج عن دعوى الإسلام إلى دعاوٍ أخرى جاهلية باطلة.

ثم قال وقوله تعالى هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا قال مجاهد على هذا الله سماكم المسلمين من قبل في الكتب المتقدمة وفي الذكر وَفِي هَذَا يعني القرآن.

جاء عن مجاهد: بنفسه وقال الله سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ يعني في الكتب المتقدمة ومِنْ قَبْلُ في الذكر في اللوح المحفوظ وَفِي هَذَا يعني القرآن.

والآية واضحة بأنه لا يحوز الخروج عن دعوى الإسلام وأن من خرج عن دعوى الإسلام فهو قد يكون مرتداً وقد لا يكون مرتداً  إذا كان بلسانه أو لأسباب.

ذكر المؤلف قوله هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا وكيف يخرج الإنسان عن دعوى الإسلام والله سمانا المسلمين سمانا مسلمين يقول مجاهد سماكم المسلمين من قبل يعني في الكتب المتقدمة في التوراة والإنجيل وكذلك في اللوح المحفوظ سماكم المسلمين في الذكر وفي هذا وفي القرآن سماكم مسلمين في الكتب السابقة وفي اللوح المحفوظ وفي القرآن هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا فكيف يسوغ الخروج عن دعوى الإسلام والله سماهم المسلمين في الكتب السابقة وفي اللوح المحفوظ وفي القرآن فالمناسبة ظاهرة.

ولهذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا هو الصواب سماكم من قبل وفي الأمم السابقة لأنه تعالى قال هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه بأنه ملة أبيهم الخليل ملة أبيكم إبراهيم ثم ذكر منته على هذه الأمة بما نوه به من ذكرها والثناء عليها من سلف الدهر وقديم الزمان في كتب الأنبياء يثنى على الأحبار والرهبان فقال هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ أي من قبل هذا القرآن وَفِي هَذَا

 وفي الآية إشارة أن من انتسب إلى غير الإسلام أو فارق جماعة المسلمين فقد خرج عن دعوى الإسلام وهذا وجه الاستدلال من هذه الآية يأتي فيها إشارة أن من انتسب إلى غير الإسلام كاليهودية والنصرانية أو فارق جماعة المسلمين فقد خرج عن دعوى الإسلام أن من انتسب إلى غير الإسلام أو فارق جماعة المسلمين فقد انتسب إلى غير  الإسلام.

وهذه الآية فيها بيان فضل هذه الأمة وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وهي آخر آية في سورة الحج وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ يعني اختاركم اصطفاكم وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ  فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ هذه آخر آية في سورة الحج والشاهد يقول هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا فلا خروج للمسلمين عن دعوى الإسلام.

ثم ذكر المؤلف حديث الحارث الأشعري عن النبي الله ﷺ قال: آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة السمع والطاعة يعني السمع والطاعة يعني (01:02:42) في طاعة الله السمع والطاعة لله ورسوله في كل شيء والجهاد في سبيل الله والهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام والجماعة يعني لزوم الجماعة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام قال: وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

الحديث كما ذكر المؤلف أخرجه أحمد والطبراني والمروزي وأخرجه الترمذي في الأمثال وأخرجه ابن أبي عاصم والحديث حسنه الحافظ ابن كثير في تفسيره قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ساق طرقه وألفاظه وهو من الأحاديث التي ألزمها الدار قطني مسلماً أن يخرجها كما في كتاب الإلزامات كما ذكر المحقق.

والحديث فيه الحث على لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية الله وعلى الهجرة والجهاد حث على الجماعة فإنه من فارق  الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع من فارق الجماعة قيد شبر يعني قد رسب ومعنى فارق ما عليه الجماعة بترك السنة واتباع البدعة ونزع اليد من الطاعة ولو كان بشيء يسير بقدر يقدر في الشاهد بقدر شبر فارق الجماعة يعني ترك السنة واتبع البدعة ونزع اليد من الطاعة طاعة ولاة الأمور يعني خرج من طاعة ولاة الأمور ولو كان بشيء يسير وقوله فقد خلع أي نزع من خلعت الثوب إذا ألقيته عنك ربقة الإسلام من عنقه الربقة يقصد العروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يأتي بها يمسكها فاستعارها للإسلام يعني ما يشد به المسلم نفسه من عرى الإسلام من حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه وقوله ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم جمع جثوٌ بالضم وهو الشيء المجموع وقوله فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام قال: وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله  قوله عباد الله يعني يا عباد الله ففيه إغراء والحث على الالتزام بدعوى الله بكونهم عباد الله.

وهذا الحديث فيه من الفوائد التحذير من معارضة النصوص والخروج على ولاة الأمور التحذير من معارضة النصوص تعصباً للأحزاب والمذاهب والطوائف لأن في ذلك مفسدتين الأولى رد الحق  إذا عارض النصوص تعصباً رد الحق الذي يأتي من غير الجماعة التي ينتمي إليها كما وقع لليهود قال الله تعالى عنهم وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قال ابن القيم رحمه الله حذار ،حذار من أمرين لهما عواقب سيئة وفيه رد الحق لمخالفته هواه لأنك تعاقب بتقليب القلب ومصداقه قول الله تعالى وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ المسألة تخص بعضهم بعضاً وهذا وقع لليهود وقع للنصارى مع اليهود.

وقوله في الصحيح من فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية ولفظ مسلم فميتته ميتة الجاهلية ولفظ البخاري فمات ميتة الجاهلية وفي أخرى فمات إلا مات ميتة الجاهلية.

 قوله من فارق الجماعة وفي رواية من خرج عن السلطة قال(01:06:51) المراد من فارق السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكن عنها بمقدار شبر لأن النخل في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق، وقد يقال إن الحلف أعم من ذلك فيشمل من فارق الجماعة بالخروج عن السلطة وتأليب الخلق عليه ومن فارق الجماعة بعدم السمع والطاعة لولي الأمر من فارق الجماعة يعني خرج على ولاة الأمور يألب الناس عليهم ويقاتلهم فمات قوله فميتته جاهلية المراد بميتة الجاهلية حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إلا مطاع لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك ما كانوا يخضعون  للأمير ولا كانوا يسمعون له ويؤيد هذا المعنى ما ورد في الحديث الحالة المتقدمة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

والحديث فيه من الفوائد كما قال ابن بطال المنع من الخروج على ولي الأمر قال ابن بطال فيه حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار يعني في الحديث دليل على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور ولو جاروا وظلموا لأنه قال من فارق الجماعة شبراً فمات ميتة جاهلية فيه الحث على لزوم الجماعة تحريم الخروج على ولاة الأمور وأن من خرج على ولاة الأمور فقد ارتكب جريمة كبيرة من كبائر الذنوب قال فمات ميتة جاهلية فهذا دليل على أنه لا يجوز الخروج على ولي الأمر لأن الخروج على ولاة الأمور يترتب عليه مفاسد من هذه المفاسد إراقة الدماء واختلال الأمن واختلال الأحوال واختلال التعليم والزراعة والتجارة وتدخل الأعداء وحصول سفك الدماء وحصول الفرقة والاختلاف وحلول الفتن تأتي على الأخضر واليابس أما الصبر على جورهم وظلمهم فهذه مفسدة صغرى والنصيحة مبذولة من قبل أهل العلم فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا(..)  أما الخروج لا الخروج يترتب عليه إراقة الدماء اختلال الأمن تدخل الأعداء شرور وفتن وهو قاعدة عند أهل العلم إذا وجدت مفسدتان لا يمكن تركهما نرتكب المفسدة الصغرى لدفع الكبرى والمفسدة الصغرى ما هي؟ الصبر على جور السلطان والمفسدة الكبرى الخروج عليه القتال هذا يترتب عليه إراقة الدماء اختلال الأمن تدخل الأعداء وشرور وفتن لا أول لها ولا آخر.

والسلطان هو ولي الأمر وتثبت الخلافة لولي الأمر إما  بالاختيار أو الانتخاب كما حصل لأبي بكر الصديق وعثمان أو بولاية العهد من الخليفة السابق كما حصل لعمر أو بالغلبة والقوة يعني غلب الناس بقوته وسيفه وسلطانه وجب السمع له والطاعة (01:10:21) عبد حبشي لو كان الاختيار ما اختار العبد الحبشي.

والفقهاء أجمعوا على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك حقن الدماء وتسكين الدهماء حجتهم هذا الخبر و حجتهم هذا الخبر و غيره مما يسنده.

قوله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم هذا اللفظة أيضاً أخرجها البخاري في المناقب باب ما ينهى عن دعوى الجاهلية وفي التفسير (01:11:3) وأخرجه مسلم وعبد الرزاق في المصنف والحميدي والطيالسي وغيرهم أخرجه عدد وعند البخاري والترمذي من طريق عامر بن دينار بزيادة فسمع بذلك عبد الله بن أبي بن سلول فقال أوقد فعلوا ؟ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ قال عمر بن الخطاب دعني  يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق قال النبي ﷺ دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.

والحديث فيه من الفوائد النهي عن دعوى الجاهلية وهي كما فسرها الحافظ ابن حجر الاستغاثة عند إرادة الحرب كأن يقول يا آل فلان فإن سمعوه نصروا القاتل ولو كان ظالماً فجاء الإسلام بالنهي عن ذلك قال أبو العباس هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كنيته أبو العباس كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية.

بل لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري يا آل المهاجري وقال الأنصاري يا آل الأنصاري فقال النبي ﷺ أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم وغضب لذلك غضباً شديداً يعني هذه القصة حصلت في بعض الغزوات أن مهاجريا كسع أنصاريا أو  العكس يعني ضربه في عجيزته فصاح الأنصار فجعل ينادي يا آل الأنصار اختصموا فصاح المهاجري يا آل المهاجرين فصار انقسم هذي أسماء إسلامية المهاجرون والأنصار إسلاميون كانوا أما تحزب وتعصب قال النبي ﷺ أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم اتركوها فإنها منتنة يعني تحزب بعزاء الجاهلية يعني والواجب أن يقول يا مسلمين (01:13:34) هذا يقول يا آل المهاجرين وهذا يقول يا آل الأنصار يعني تحزب جاهم قسمين يتعصبون قال هذا يا آل المهاجرين وقال هذا يا آل الأنصار تحزب فأنكر النبي ﷺ فقال أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم اتركوها فإنها منتنة يعني دعوى التحزب دعوى الجاهلية تحزب طيب ماذا يقولون يقول يا آل المسلمين حتى يشمل الأنصار والمهاجرين ولا فيه تحزب يا آل المسلمين يا عباد الله انصروا المظلوم أما يقول يا آل المهاجرين يا آل الأنصار هذا تحزب وإن كان من أسماء الإسلام فكيف إذا قال دعا بالقومية أو بالاشتراكية أو بالبعث أو بغيرها أعظم وأعظم هذي الأسماء بعضها كفرية وهذه أسماء إسلامية المهاجرين والأنصار  ومع ذلك أنكرها النبي ﷺ لما فيها من التحزب والتقسيم والفرقة والاختلاف ومع أنها أسماء إسلامية فكيف لو أنها أسماء كفرية كأن يدعو بدعوى القومية العربية أو بالحزبية أو البعث بحزب البعث أو بالاشتراكية أو بالشيوعية أعظم وأعظم.

قال أبو العباس كل ما خرج من دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية كل ما خرج من دعوى الإسلام  من نسب يدعو إلى النسب أو يدعو  إلى بلد أو  يدعو إلى جنس عربي أو بلد عربي أو مذهب ،مذهب الشافعية أو المالكية أو الطريقة طريقة فلان فهو من عزاء الجاهلية.

بل يقول المؤلف قول شيخ الإسلام لما اختصم المهاجري والأنصاري قال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار قال النبي ﷺ أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ وغضب لذلك غضبا شديداً وفي لفظ آخر قال دعوها فإنها منتنة تعصب وهذا ظاهر حديث من فارق الجماعة ومات بدعوى الجاهلية أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ظاهر في الترجمة وأن دعوى الجاهلية ومفارقة الجماعة فيه خروج عن دعوى الإسلام وكذلك الحديث الأول من فارق الجماعة فهو من جثي جهنم وكذلك من فارق الجماعة فمات فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وقال فادعوا بدعوى الله هو الذي سماكم كلها ظاهر في الترجمة وأن هذه الدعاوي والخروج عن الجماعة كله خروج عن دعوى الإسلام.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد