( المتن )
قال المصنف رحمنا الله وإياه:
ولهما عن ابن مسعود قال: أن رسول الله ﷺ قال: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن إلي رجال من أمتي حتى إذا أهويت لأناولهم احتجبوا دوني فأقول: أي رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
ولهما عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني هم الذين لم يأتوا بعد قالوا: فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرا محجلة بين ظهراني خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال يوم القيامة عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال: إنهم بدلوا بعدك فأقول: سحقا ،سحقا.
وللبخاري: بينما أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم وعرفوني خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال: إلى النار والله . قلت : وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة - فذكر مثله - قال: فلا أُراه يخلُص منهم إلا مثل همل النعم.
ولهما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
( الشرح )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد..
فهذا الحديث أو هذه الأحاديث معناها واحد حديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة وحديث البخاري وحديث ابن عباس المؤلف تحت هذا الباب باب قول الله تعالى فأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ليبين رحمه الله أن مما يشمله الدخول في الدين التمسك بالفطرة والاستقامة على الفطرة السليمة التي هي ملة إبراهيم وإقامة الوجه للدين القويم ذكر المؤلف أولا هذه الآية آية الترجمة فأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا سدد وجهك وتجاهك للإخلاص واخلص عملك لله ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ يعني التمسك بالشريعة والفطرة السليمة هو الدين المستقيم.
وثنى بالآية الثانية وهي قوله وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُون وهو وصية الأنبياء عليهم من الصلاة والسلام التمسك بالدين والاستقامة عليه وهو الدين القويم.
والآية الثالثة قوله ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ هي دليل على كمال عظمة إبراهيم عليه الصلاة و السلام وصحة توحيده وطريقته.
ثم ذكر حديث ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال إن لكل نبي ولاة من النبيين وأنا وليي منهم أبي إبراهيم وخليل ربي وهذا الحديث فيه أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم على التوحيد وعلى الدين القويم وأن نبينا ﷺ هو أولى الناس بإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ثم ذكر حديث أبي هريرة إن الله لا ينظر إلى أجسادكم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم إذ أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى إنما يحصل بها طاعة القلب من عظمة الله وخشيته ومراقبته وأن الاعتبار بما في القلوب وأن صلاح القلوب هو دليل على صلاح الأعمال وأن الأعمال لا تصلح إلا بصلاح القلوب.
ثم ذكر حديث ابن مسعود في الورود على الحوض وأن النبي ﷺ هو السابق يسبق الأمة على الحوض أنا فرطكم أي أسبقكم وأتقدم إليكم وأنتظركم وأهيئ لكم وهو عليه الصلاة والسلام هذا حوضه كمضيف للأمة فهو يسبقهم ويهيئ لهم الفرط هو السابق الذي يسبق القوم ويستعد لهم لانتظارهم ويهيئ لهم ما يحتاجون ولهذا قال عليه الصلاة والسلام أنا فرطكم على الحوض. يعني أسبقكم.
وليرفعن إلي رجال من أمتي حتى إذا أهويت لأناولهم احتجبوا دوني فأقول: أي رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك قال الحديث أخرجه الشيخان كما قال البخاري.
ولهما يعني الشيخان البخاري ومسلم أخرجه البخاري في الرقاب باب في الحوض و كذلك مسلم في الفضائل أخرجه الإمام مسلم باب إثبات الحوض للنبي ﷺ وأخرجه غيره من الأئمة أخرجه أحمد وأبو يعلى وابن أبي عاصم والبيهقي وفي البخاري اختلجوا دوني بمعنى احتجبوا دوني يعني ينزعون ويجذبون دوني يقال اختلج إذا نزع منه جلبه بغير إرادته وقوله فرطكم على الحوض يعني المتقدم والسابق.
وفي الحديث في هذا الحديث الأحكام والفوائد إثبات الحوض لنبينا ﷺ والأحاديث متواترة في الحوض الأحاديث متواترة بلغت حد التواتر والسنة ثابتة في السند الصحيح والأسانيد الصحيحة الثابتة لكن لم يبلغ حد التواتر إلا ما يقارب أربعة عشر حديثا من السنة والباقي خبر آحاد والخبر الآحاد هو ما لم يصل حد التواتر ما لم يبلغ حد التواتر يسمى خبر آحاد يدخل في ذلك الغريب والعزيز والمشهور ما رواه ثلاثة فأكثر يسمى آحاد ما لم يبلغ حد التواتر والحديث إذا صح سنده إذا اتصل السند وعددت رواته ولم يكن فيه علة ولم يكن شاذاً فإنه صحيح يفيد العلم يعمل به في العقائد وفي الأعمال وأما من قال إن خبر الآحاد لا يعمل به في العقائد فهذا قول أهل البدع المعتزلة وغيرهم والصواب أن خبر الآحاد يعمل به في العقائد وفي الأعمال ويفيد العلم على الصحيح يفيد العلم إذا صح السند و اتصل السند وعددت الرواة والرواة عدول وليس شاذاً وليس فيه علة فإنه يفيد العلم على الصحيح خلافاً لبعض الفقهاء الذين يقولون يفيد الظن ويوجب العمل وخبر الآحاد يفيد الظن (09:40) العمل يوجب العمل ولا يوجب العلم وهذا ليس بصحيح الصحيح أنه يفيد العلم ويوجب العلم والعمل يفيد العلم هذا المحدثون يعلمون هذا يعلمون أنه يفيد العلم الحديث يجزمون بهذا وأنه يفيد العلم والقول والأحاديث في الصحيحين تلقتها الأمة بالقبول فحكمها حكم المتواتر.
إذاً السنة السنة النبوية كلها ثبتت عن طريق الآحاد ولم يثبت عن طريق التواتر إلا ما يقارب أربعة عشر حديثا منها حديث الحوض ومنها حديث الشفاعة ومنها حديث المسح على الخفين ومنها من بنى لله مسجداً بنى الله له به مسجداً في الجنة والباقي كله ثبت بخبر الآحاد وعلى قول أهل البدع لا يعمل بخبر الآحاد فيضيعون السنة وهذا باطل.
وهذا الحديث فيه إثبات الحوض وأحاديث إثبات الحوض من الأحاديث المتواترة ومع ذلك مع كون الحوض من الأحاديث المتواترة أنكره الخوارج والمعتزلة أنكروه كما أنكروا الشفاعة وحري بهم أن يطردوا من الحوض لا حول ولا قوة إلا بالله كما قال العلماء: أخلق بهم أن يطردوا من الحوض لإنكارهم الأحاديث في هذا.
وحوض نبينا ﷺ ثابت متواتر ودلت الأحاديث أن طوله مسافة شهر وأن عرضه مسافة شهر وأن أوانيه يعني الكيزان يعني الأكواب التي يشرب فيها عدد نجوم السماء و أنه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحاً من المسك من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً حتى يدخل الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين حوض النبي ﷺ.
كذلك الميزان ،الميزان ثابت بالأحاديث وأنه ميزان حسي له كفتان وأنكره المعتزلة قالوا ليس هناك ميزان حسي قالوا أول ميزان ،ميزان العدل وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ قالوا ما فيه ميزان حسي قالوا الميزان لا نحتاج إليه لأنهم أصلاً يعارضوا النصوص في عقولهم يقولون ما يحتاج الميزان إلا البقال والفوال أما الرب ما يحتاج ميزان والمراد بأن يزنون العدل هذا من جهلهم الميزان ثبت في الأحاديث وأنه ميزان حسي له كفتان كل كفة أعظم من أطباق السماوات والأرض وله لسان.
فهذا الحديث فهه إثبات الحوض وجاءت الأحاديث دلت النصوص على أن لكل نبي حوضاً ولكن حوض نبينا ﷺ أعظمها وأوسعها وأكثرها وارداً جعلنا الله منهم بمنه وفضله.
ففيه إثبات الحوض لنبينا ﷺ وفيه أن من أحدث وغير بعد النبي ﷺ وعصى الرسول ﷺ وأعرض عن اتباعه وارتد فإنه يطرد عن الحوض ثلث الذين يطردون عن الحوض قيل هم المرتدون وقيل هم أهل الكبائر وقيل هم المنافقون وقيل هم من جفاة الأعراب الذين ارتدوا بعد وفاة النبي ﷺ طبعاً من ارتد وانقلب على القهقرى فإنه يطرد من الحوض نعوذ بالله كما قال السفاري في منظومته:
عنه يذاد المفتري كما ورد | ومن نحا سبل السلامة لم يرد |
وفيه دليل على أن أهل السنة هم أهل الحق الذين سلموا من البدع ومن التبديل يردون الحوض وهذا هو الشاهد من الحديث.
وفيه دليل على أن النبي ﷺ لا يعلم الغيب في الرد على من غلا في النبي ﷺ وقال إنه يعلم الغيب وهذا الاعتقاد اعتقاد كفري من اعتقد أن النبي ﷺ يعلم الغيب فقد كفر لأنه كذب الله عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
وفيه دليل على أن النبي ﷺ لا يعلم أعمال أمته بعده لأنه قال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فلو كان يعلم أعمال أمته لما قيل له ما تدري فيه دليل على تضعيف الحديث الوارد بعرض أعمال الأمة على النبي ﷺ وأن أعمال أمته تعرض عليه فيستبشر بحسنها ويستغفر لسيئها هذا ضعيف يبطله هذا الحديث لو كانت تعرض أعمال أمته لكان يعلم والله قال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك لا يدري فلو كان يعلم أعمال أمته لكان يدري لكن النبي ﷺ أخبر أنه لا يدري فدل على بطلان هذا الحديث أن أعمال أمته تعرض عليه فيستبشر لحسنها ويستغفر لسيئها.
وفيه دليل على أن أهل البدع_ وهذا هو الشاهد من الترجمة _أن أهل البدع قد يطردون من الحوض فأهل البدعة إذا كانت مكفرة لا شك أنهم يطردون أما إذا كانت غير مكفرة فيخشى عليهم ألا يرد الحوض.
ورواية أبي هريرة في الصحيحين قال المؤلف ولهما عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال : وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد قالوا: فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرا محجلة الغر البياض في وجه الفرس والتحجيل إباضة القوائم قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرا محجلة بين ظهراني خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وهذا من خصائص هذه الأمة وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال يوم القيامة عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقا سحقا يعني سحقاً بعداً ،بعداً نعم دعا عليهم بالبعد سحقاً يعني بعداً يعني اللهم أبعدهم أبعد المغيرين والمبدلين دعا عليهم النبي ﷺ.
قوله ألا ليذادن رجال يوم القيامة أي هم الملائكة تطردهم الملائكة ،الملائكة معهم الحديث تطردهم وتكفهم فلا يستطيعون الوصول.
وفيه دليل على أنهم يردون عطشى يردون على الحوض كما يرد البعير الضال فيطردون نسأل الله السلامة والعافية. والنبي ﷺ يناديهم ألا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك هذا فيه دليل على أنه ما يعلم أعمال أمته.
وفي رواية البخاري قال بينما أنا قائم إذا زمرة يعني مجموعة من الأمة حتى إذا عرفتهم وعرفوني خرج رجل بيني وبينهم هذا الرجل من الملائكة على صورة رجل فقال هلم يعني تعالوا فقلت أين فقال إلى النار والله قلت وما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة وذكر مثله قال فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم يعني ما أراه يسلم منهم إلا الشاذ والنادر والهمل الإبل التي ليس لها راعي بلا راعٍ الهمل الإبل بلا راعٍ قيل إنها ما يرعى ما لا يرعى ولا يسلم والمعنى أنه لا يوجد منهم إلا القليل لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره يعني ما يسلم إلا القليل الذي سلم من التغيير و التبديل وهذا فيه الوعيد الشديد على من غير وبدل بعد النبي ﷺ وأنهم يتوعدون بالنار فيه الوعيد على أهل البدع لأن أهل البدع غيروا وبدلوا والتغيير يشمل أهل البدع ويشمل المرتدين والمنافقين فالمنافق والمرتد هؤلاء في النار يخلدون والمبتدع إن كانت بدعته مكفرة هذا فهو معهم وإن كانت غير مكفرة فهو على الخطر من دخول النار.
وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ يعرف أمته بالعلامة التي خصوا بها وهي الغرة والتحجيل هذا من خصائص هذه الأمة غراً محجلين يعني من آثار الوضوء فالغرة بياض في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين هذه علامة من بين الأمم ولهذا قيل للنبي ﷺ كيف تعرف أمتك قال أعرفهم بالعلامة كما أن الإنسان إذا كان له خيل بهم دهم وخيل غر محجلة ألا يعرفها ؟ واضح خيل بهم سود وخيل فيها بياض في الوجه وبياض في الأرجل والأيدي واضح يخرجها منها ويعرفها.
في حديث ابن عباس ورواهما في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فأقول كما قال العبد الصالح يعني إذا قيل له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: وهو العبد الصالح عيسى وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ فالنبي ﷺ أيضاً استشهد بهذه الآية وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام أنه بين أنه لا يدري ما أحدثوا بعده وأنه شهد عليهم ما دام فيهم وأنه لما توفي الرقيب عليهم هو الله فأقول كما قال العبد الصالح وهو عيسى والعبد الصالح يشمل الأنبياء وغيرهم كلهم عباد الله السلام علينا وعلى عباده الصالحين في التشهد يشمل الأنبياء وغيرهم كلهم عباد صالحون لكن الأنبياء أكمل عبودية من غيرهم أكمل عباد الله الصالحين هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وهذا حديث ابن عباس أخرجه البخاري في تفسير (22:58) وأخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأخرجه أيضاً عدد من أصحاب الكتب المصنفة الترمذي والنسائي قال بعض العلماء أنه لا يمتنع دخول أصحاب الكبائر والبدع وأنهم يدخلون في ذلك لأنه قيل أنه الذي ارتد هم المنافقون وقيل مرتكبو الكبائر وقيل هم الأعراب الذين دخلوا في الإسلام رغبة ورهبة وقال داود لا يمتنع دخول أصحاب الكبائر والبدع في هذا وقال النووي هم المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل لكونهم من جملة الأمة فيناديهم من أجل السيمة التي عليهم فيقال أنهم بدلوا بعده فلا يمتنع دخولهم لأن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا شاركوهم في الدنيا فهم يشاركوهم في الآخرة فيناديهم بالعلامة ثم يطردون وكذلك أيضاً في موقف القيامة تبقى هذه الأمة فيها منافقوها حينما ينادي منادٍ من كان يعبد شيئاً فليتبعه فمن كان يعبد الأصنام يتبع الأصنام ومن كان يعبد العزير يتبع العزير وهكذا ومن كان يعبد شيئاً يتبعه ثم يتساقطون في النار فتبقى هذه الأمة وفيها منافقوها المنافقون كانوا معهم فيتجلى لهم الرب يتجلى لهم أولاً ثم يتجلى في الصورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة فينكروا ثم يتجلى لهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة للمرة الثالثة فيسجدون فيسجد المؤمنون والمنافقون معهم فيريدون أن يسجدوا فيجعل الله ظهر كل واحد طبقا واحدة فلا يستطيعون السجود يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فهي العلامة التي جعلها الله لهم وهي كشف الساق يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ثم إذا رفعوا رؤوسهم تجلى لهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة هذه أربع مرات أربع مرات المؤمنون يرون ربهم في موقف القيامة ويرونه في الجنة وهي أعظم نعيم رؤيته في الجنة يرونه أول مرة ثم يرونه في المرة الثانية في الصورة التي لا يعرفون فينكرون ثم يرونه في الصورة التي يعرفون ثم يسجدون ثم يرونه مرة رابعة في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فالمنافقون بقوا الشاهد من الحديث أن المنافقين بقوا مع المؤمنين ثم ساروا معهم ولا يزالون الخداع لا يزالون يظنون منخدعون يظنون أنهم سيسلمون فإذا مشوا مع المؤمنين وكل واحد معه نور انطفأ نور المنافقين فإذا انطفأ نورهم فبقوا في الظلمة فيقولون للمؤمنين انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ انتظروا فيضرب بينهم وبين المؤمنين بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ فينفصلون نسأل الله السلامة والعافية.
ولهما عنه مرفوعاً: يعني في الصحيحين هذا مروي عن الراوي أبو هريرة روى عنه مرفوعاً ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء
( المتن )
قال رحمه الله:
ولهما عنه مرفوعاً: ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة
( الشرح )
تنتج هذا من الكلمات التي جاءت على صيغة المبني للمجهول تُنتج وتُزهى في ألفاظ معدودة المبني للمجهول وهي تبنى للمعلوم كما تنتج البهيمة.
( المتن )
كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها ثم قرأ أبو هريرة : فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
( الشرح )
هذا الحديث متفق عليه رواه الشيخان البخاري ومسلم رواه البخاري في الجنائز وكذلك أخرجه مسلم في القدر وكذلك أخرجه أبو داود وغيرهم وأحمد والترمذي وعدد من أصحاب الكتب والحديث فيه أن كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه يعني ينقلانه إلى اليهودية أو ينصرانه ينقلانه إلى النصرانية أو يمجسانه ينقلانه للمجوسية وفي لفظ أو يشركناه ينقلانه إلى الشرك والمعنى أنه كما ذكر الشراح كما قال القرطبي المعنى أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق يولد على الفطرة يعني خلق الله قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام هو الدين الحق ودل على هذا المعنى بقية الحديث كما قال كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء يعني أن البهيمة تولد تلد الولد الكامل الخلقة فلو ترك كذلك كان بريئاً من العيب لكنهم تصرفوا فيه بقطع أذانه فخرج عن أصله يعني إن البهيمة تولد مكتملة أعضاؤها أذنها وقرنها فإذا تركت بقيت سليمة لكن يأتيها من يقطع أذنيها يقطع أذنها حتى يصل إلى القرن مجتمعة الحواس مجتمعة كاملة الخلقة والحواس لها قرون لها آذان ثم بعد ذلك يأتيها القرن فكذلك الإنسان يولد على الفطرة ثم يأتيه بعد ذلك التغيير كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء مجتمعة هل تحسون فيها من جدعاء؟ يعني هل تجدون فيها تولد جدعاء حتى تكونون أنتم تجدعونها وتقطعون الأذن أو القرن ثم قرأ أبو هريرة فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: ليس المراد بقوله يولد على الفطرة أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين أنه ما يحتاج إلى الرسل لا لو كان لا يحتاج إلى الدين كان ما في حاجة إلى الرسل ليعلم تفاصيل الدين ولكن المراد أن فطرته مقتضية بمعرفة دين الإسلام ومحبته فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلاً بحيث يخرجان الفطرة عن القبول وإنما المراد أن كل مولود يولد على الإقرار بالربوبية كل مولود يولد على أنه يقر بالرب وأن له رباً خالقاً مدبراً فلو خلي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى (31:39) هذا كلام ابن القيم.
وفي هذا الحديث دليل على أن الأصل في المولود أنه يولد على الفطرة والمراد بالفطرة الإسلام هو الإقرار بالربوبية الإقرار بالربوبية هذا هو الإسلام لكن معرفة تفاصيل العبادة هذا إنما جاءت به الرسل ولهذا قال ابن عبد الوهاب هذا هو المعروف عند عامة السلف وهو أشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام وهي الإقرار بالربوبية ويدل على ذلك قول أبي هريرة : اقرؤوا ما شئتم فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وهو يدل أيضا في الحديث القدسي يقول الله تعالى إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم
وقوله بهيمة جمعاء يعني لم يذهب من بدنها شيء سميت بذلك لاجتماع أعضائها هل تحسون فيها من جدعاء يعني هل تعلمون أنها سقط منها شيء من أعضائها والجدعاء مقطوعة الأذن يريد أنها تولد لا جدع فيها وإنما يجدعها أهلها بعد ذلك فكذلك المولود يولد على الفطرة ثم يأتيه التغيير بعد ذلك.
قوله فأبواه يهودانه يعني هل المراد يهودانه حساً أو يهودانه حكما؟؟ أما قبل البلوغ فتبع لآبائه فإنه يلحق بأبويه حكما وأما بعد البلوغ فإنه يهودانه حساً يغيرانه ومثله النصرانية والمجوسية وفي هذا دليل على أن البيئة تؤثر على الإنسان ومناسبة هذا الحديث في الترجمة واضح لأن الترجمة فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا والفطرة هي الدين.
( المتن )
قال رحمه الله:
وعن حذيفة قال: كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وأنا أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. فقلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال نعم وفيه دخن قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم فتنة عمياء ودعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: يا رسول الله ما تأمرني إن أدركت ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة.
( الشيخ)
ولو أن تعضّ يعضّ تعضّ
( المتن )
( الشيخ)
( المتن )
يأتيك الموت وأنت على ذلك أخرجاه وزاد مسلم: ثم ماذا؟ قال: يخرج الدجال معه نهر ونار
( الشيخ)
المعلق يقول في الأصل وزاد مسلم والصواب أنه زاد أبو داود
( المتن )
وزاد أبو داود : ثم ماذا؟ قال: ثم يخرج الدجال معه نهر ونار فمن وقع في ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره قلت ثم ماذا؟ قال: هي قيام الساعة
قال أبو العالية: تعلموا الإسلام فإذا ...
( الشرح )
الحديث هذا حديث حذيفة وهو حديث عظيم أخرجه البخاري في المناقب وهو من علامات النبوة وفي الفتن باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة وفي مسلم أخرجه في كتاب الإمارة باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وأخرجه أيضاً بلفظ الصحيح البيهقي و أبو داود في الفتن والملاحم وابن حبان والحاكم و سند الزيادة التي زادها الزيادة فيها ضعف لأن في سنده (36:49) ولكن الحديث ثابت في الصحيحين والزيادات قوله فتنة عمياء هذه من الزيادة (37:00) قال دعاة على أبواب جهنم الزيادة في الصحيحين فتنة عمياء.
هذا الحديث حديث عظيم فيه أن حذيفة سأل النبي ﷺ كان الناس يسألون عن الخير وأنا أسأل عن الشر مخافة أن يدركني فيه حرصه كما أنه يسأل عن الخير يُسأل عن الشر حتى لا يقع الإنسان فيه فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر الجاهلية شرك وشر فجعل الله بهذا الخير الإسلام فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت هل بعد هذا الشر من خير قال نعم وفيه دخن ليس خالصا قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال نعم دعاة على أبواب جهنم و فتنة عمياء من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: من هم هؤلاء الدعاة قال قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا من العرب يعني ليسوا من الأعاجم من العرب يدعون إلى النار كيف يدعون إلى ذلك؟؟ يدعون إلى مثلاً الاشتراكية القومية يدعون إلى قوميات تخالف الإسلام من العرب فصحاء بلغاء قلت : يا رسول الله ما تأمرني إن أدركت ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم هذا هو الشاهد تلزم جماعة المسلمين وإمامهم فإذا قيل لك مثلاً ما الدليل على هذا الدليل حديث حذيفة وفيه الشاهد تلزم جماعة المسلمين وإمامهم إذا كان هناك إنسان فاهم وأراد أن يستدل يقول الدليل حديث حذيفة وفيه : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم فيكون اختصر هذا هو الشاهد : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ حذيفة سأل استفادت الأمة الآن من هذه الأسئلة فقال النبي ﷺ فاعتزل تلك الفرق كلها ما لهم جماعة ولا إمام أتركهم كلهم فيعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك يعني انج اترك هذه الفرق وانج بنفسك اعبد ربك لوحدك حتى يأتيك الموت لكن إذا كان لهم جماعة وإمام الزم الجماعة جماعة وإمام يحكم فيهم بشرع الله في جماعة وفي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وصلاة وفيه خير الزمهم أما إذا نزع الخير و لم يكن لهم جماعة ولا إمام وصاروا جماعات كل جماعة حزب اتركهم وانج بنفسك واعبد ربك حتى يأتيك الموت بعد ذلك مثل ما جاء في الحديث الآخر يوشك أن يكون خير مال المرء غنم يتبع لها شعف الجبال ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن قال العلماء هذا الحديث يعمل به إذا فسد الزمان ولم يكن هناك جماعة ولا جمعة تقام ولا تعلم علم ولا تعليم ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر وفسد الزمان وخشي الإنسان على نفسه من الفتن يفر يخرج إلى البوادي يخرج إلى البادية ويتخذ غنماً ويعبد ربه حتى يأتيه الموت ويكون في هذا يأتي في هذا الحال قول الشاعر :
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى | وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ |
أما إذا كانت البلد فيها جماعة تقام فيها الجمعة وتقام فيها الجمعة فيها تعليم فيها علم فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر هذا لا ينبغي للإنسان الخروج إلى البادية كون الإنسان يكون تبدى بادياً هذا من الكبائر المنهي عنها لأنه إذا ذهب إلى البادية فاتته الجمعة والجماعة فاته الخير وفاته سماع الذكر يكون عنده جفاء وبعد.
والشاهد فيه تلزم جماعة المسلمين وإمامهم وزاد أبو داود قال ثم ماذا قال ثم يخرج الدجال في آخر الزمان معه نهر ونار فمن وقع في ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره قلت ثم ماذا؟ قال: هي قيام الساعة
في صحيح مسلم في حديث النواس بن سمعان في قصة الدجال أنه قال معه جنة ونار فناره جنه وجنته نار فالجنة خضراء والنار سوداء تدخن فمن أدركه منكم فليقع في الذي يراه ناراً فإنه ماء بارد لكن هذا في رواية عند أبي داود كأنه انفرد فقال من وقع في النار أو وقع في النار وجب أجره على الله على كل حال ينظر في هذا الحديث ويجمع الأحاديث في هذا ( 42:57) فهذا هو المطلوب.
وهذا الحديث فيه من الفوائد كما سبق وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ولو كان الإمام -إمام المسلمين- عنده بعض المعاصي أو عنده بعض الجور وهذه الأمور التي ذكر التي سأل عنها حذيفة وقع بعضها ؟وقع بعضها وجد أناس يستنون بغير سنة النبي ﷺ ووجد الدعاة على أبواب جهنم يدعون إلى النار.
وفيه من الفوائد وجوب اعتزال الفرق كلها إذا لم يكن للمسلمين إمام ولا جماعة.
وفيه أن الإسلام خير كله فيما يتعلق بالعبادة والأخلاق والمعاملة.
والشاهد من هذا الحديث لزوم جماعة المسلمين وإمامهم لزوم الحق وهذا هو الدين القيم لزوم الاستقامة على الحق لزوم الدين القيم ولزوم جماعة المسلمين وهو الذي فطر الله الناس عليها.
( المتن )
قال رحمه الله:
قال أبو العالية: تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تحرفوا عن الصراط يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم وإياكم وهذه الأهواء. انتهى.
تأمل كلام أبي العالية هذا ما أجله، وأعرف زمانه الذي يحذر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب، يتبين لك معنى قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ وقوله: وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وقوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول والناس عنها في غفلة، وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها، وأما الإنسان الذي يقرؤها وأشباهها وهو آمن مطمئن أنها لا تناله ويظنها في قوم كانوا فبادوا أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
( الشرح )
نعم وقال أبو العالية الرياحي وهو من التابعين من أجلاء التابعين يقول رحمه الله تعلموا الإسلام، الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله يعني تعلموا التوحيد والعقيدة والانقياد لشرع الله ودينه وابتعدوا عن الشرك والبدع فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه استمسكوا بالإسلام اثبتوا على الإسلام ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام ،الإسلام هو الصراط المستقيم هو دين الله وهو الحق وهو ما أمر الله به وما أمر به رسوله ﷺ ولا تنحرفوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً وعليكم بسنة نبيكم الزموا عليكم بسنته يعني الزموا وإياكم وهذه الأهواء ،الأهواء البدع والتحريف.
قال أبو العالية رحمه الله يحث على تعلم الإسلام ويحذر عن الرغبة عنه ويقول الزموا الصراط المستقيم لأنه الإسلام ولا تنحرفوا عنه يميناً ولا شمالاً والزموا سنة النبي ﷺ والبدع تنافي الإسلام أو تنافي كماله وتفسير الإسلام بالسنة يقول فسر الإسلام بالسنة قال وعليكم بسنة نبيكم ﷺ فإنه الإسلام ،الإسلام هو العمل بالقرآن والسنة تفسير الإسلام بالسنة وخوفه على أعلام التابعين وعلماؤهم عليكم بالسنة وإياكم وهذه الأهواء احذروا البدع التي تخالف السنة فهذا من نصحه وعلمه الجليل رحمه الله أنه خاف على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب خاف عليهم الخروج عن السنة والكتاب وقال لهم الزموا الإسلام والزموا السنة.
قال إذا تأملت كلام أبو العالية تبين لك معنى قول الله تعالى إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أسلم ادخل في السلم ادخل في الإسلام في الأصول والفروع وقوله وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ هذه وصية يعقوب لبنيه وهي لزوم الدين والاستقامة عليه وجهاد النفس على لزوم الصراط المستقيم حتى يأتي الموت وهو على ذلك وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون
قال المؤلف وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول لزوم السنة لزوم الإسلام البعد عن البدع هذا أصل الأصول والناس عنها في غفلة وبمعرفته أي بمعرفة هذا الأمر يتبين معاني الأحاديث في هذا الباب وأمثالها هذا الذي يتأمل والذي يرجو خشية نفسه والذي عنده همة عالية ورغبة في فهم الإسلام ولزومه وأما الإنسان الذي يقرؤها ويشبهها وهو آمن مطمئن أنها لا تناله ويظنها أنها كانت في قوم كانوا فبادوا فهذا يخشى عليه أن يمكر به ولا حول ولا قوة إلا بالله الشخص الذي يقرأ هذه الآيات وأمثالها وهو آمن ما يخاف مطمئن أنها لا تناله ويظنها في قوم كانوا فبادوا يظن أنها في ناس مضوا وأنها ما تناله وأنه آمن من ذلك هذا يخشى عليه من أن يمكر به ولهذا استدل قال أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
هذا الأثر ،أثر أبي العالية أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كما ذكر المحقق والمروزي في السنة وابن وضاح في البدع والآجري في الشريعة (50:40) واعتقاد أهل السنة والجماعة من طريق حماد بن زيد عن عاصم الأحول قال :قال أبو العالية فذكره وإسناده صحيح.
( المتن )
قال رحمه الله:
وعن ابن مسعود قال: خط لنا رسول الله ﷺ خطا ثم قال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه وقرأ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِه رواه أحمد والنسائي.
( الشرح )
نعم هذا حديث ابن مسعود كما قال المصنف رواه أحمد والنسائي ورواه أحمد في المسند والنسائي في السنن الكبرى في التفسير باب قوله تعالى وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا وأخرجه الطيالسي والدارمي وابن أبي عاصم وعادل ورواه أبو جعفر الرازي وورقة و عمرو ابن أبي قيس (51:56) عن عاصم عن ابن أبي (51:58) – (52:00) قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه أبي بكر ابن عياش عن عاصم واختلف فيه و قال الحاكم إنه صحيح الإسناد قال الحافظ ابن كثير صححه الحاكم من طريقين وله أيضاً شواهد و له شواهد فيها ضعف (52:44) ولكن العمدة على حديث ابن مسعود على ما فيه من الاختلاف.
وهذا الحديث فيه من الفوائد أن طريق الحق واحدا لا يتعدد وأن طرق الباطل وطرق الشيطان كثيرة ومتفرقة.
وفيه حرص الشياطين على إغواء بني آدم حيث إن على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه.
وفيه الاعتصام بحبل الله ولزوم جماعة المسلمين والحذر من الزيغ والضلالة هذا هو الشاهد من الحديث الشاهد من الحديث في الترجمة باب قوله تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ فالاعتصام بحبل الله ولزوم جماعة المسلمين والحذر من الزيغ والضلال والبدع هذا هو الدين القيم وهذا هو الدخول في الدين والتمسك بالفطرة وإقامة الوجه للدين القيم هو هذا من اعتصم بحبل الله وأن يلزم جماعة المسلمين وأن يحذر من الزيغ والضلالة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: فهذا أصل جامع يجب على كل من آمن بالله ورسوله أن يتبعه ولا يخالف السنة المعلومة ولا يخالف السنة المعلومة وسبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان في اتباع من خالف السنة والإجماع القديم يعني لا يخالف السنة المعلومة ولا يخالف سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان بأن يتبع من خالف السنة والإجماع القديم ولا سيما وليس معهم في بدعة إمام من أئمة المسلمين ولا مجتهد يعتمد على قوله في الدين ولا يعتبر قوله في مسائل الإجماع والنزاع فلا يتم الإجماع بمخالفته ولا يتوقف الإجماع على موافقته المعنىأنه يجب على المؤمن أن يتبع الكتاب والسنة أن يعمل بالكتاب والسنة ولا يجيز له مخالفة السنة المعلومة ولا يجوز له مخالفة سبيل المؤمنين السابقين الأولين قال تعالى وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
( المتن )
قال رحمه الله:
باب ما جاء في غربة الإسلام وفضل الغرباء وقول الله تعالى: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ
وعن أبي هريرة مرفوعاً: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء رواه مسلم ورواه أحمد من حديث ابن مسعود وفيه : و من الغرباء؟ قال: النزاع من القبائل وفي رواية الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي
( الشرح )
نعم هذا الباب هو الباب الثاني عشر من أبواب هذه الرسالة يقول المؤلف باب ما جاء في غربة الإسلام وفضل الغرباء يعني فضل الغرباء الذين يتمسكون بالدين ولو كان الناس غالبون لهم غربة الإسلام هو أن يكون الإسلام غريباً بين أهله المراد بغربة الإسلام استغراب من تمسك بالإسلام بحيث يجد المؤمن نفسه كالغريب بين أناس عاش معهم لأنه يعبد الله ويستقيم على شرع الله ودينه وهو عابد لله قائم بأوامره ومن حوله على خلاف ذلك وغربة الإسلام كثرت في المؤلفات كما ذكر المحقق كتاب الغرباء للآجري وكتاب كشف الكربة في وصف حال الغربة لابن رجب الحنبلي وغيره.
صدر المؤلف هذا الباب بقوله بقول الله تعالى فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله يقول في تفسير هذه الآية يقول الله تعالى: فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير ينهون عن ما كان يفعل بينهم من الشرور والمنكرات والفساد في الأرض وقوله إِلَّا قَلِيلًا أي قد وجد منهم من هذا الضرب قليل لم يكونوا كثيراً وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه وفجأة نقمته ولهذا أمر الله هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما قال تعالى وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون
الحافظ ابن كثير رحمه الله يبين أن هذه الآية فيها حض على أن يكون في الأمة من ينهى عن الفساد في الأرض وبيان أنهم قليل وهذا يدل على غربة الإسلام كون الذين ينهون عن الفساد في الأرض قليل يدل على غربة الإسلام ،الإسلام غريب يعني هؤلاء القلة بين أناس كثيرين وهذا هو الشاهد من الترجمة.
وعن أبي هريرة مرفوعاً بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء رواه مسلم في كتاب الإيمان باب أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً وأخرجه ابن ماجه في الفتن.
وهذا الحديث فيه علم من أعلام النبوة وأنه سيقع هذا الأمر بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء طوبى يعني الجنة للغرباء فيه حث للمسلم أن يكون من الغرباء الذي عند فساد الزمان في آخر الزمان إذا كثر المنحرفون على المسلم أن يلزم الحق حتى يكون من الغرباء بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء يعني الجنة لهم.
من الفوائد التي ذكرها المحشي يقول روى ابن أبي أويس عن مالك أن معناه هذا الحديث في المدينة معنى هذا الحديث في المدينة وأن الإسلام بدأ بها غريباً وسيعود إليها لكن قال ابن عياض أن ظاهر الحديث العموم وأن الإسلام بدأ في آحاد الناس وقيل له ثم انتشر وظهر (01:00:36) فيه دليل لما ترجم له المؤلف بدأ الإسلام غريباً فيه دليل على غربة الإسلام.
ورواه أحمد في حديث ابن مسعود وفيه ومن الغرباء قال النزاع من القبائل وفي رواية الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس هذا أخرجه أحمد كما ذكر المؤلف وأخرجه الترمذي وهو حديث ثابت ولهذا قال البغوي حديث صحيح غريب كحديث ابن مسعود . وحكي عن البخاري في غيره أنه قال لا أعلم أحد روى هذا الحديث غير حفص بن إياس وهو حديث حسن.
وقوله النزاع من القبائل قال الهروي أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله.
وفيه دليل على فضل الغرباء و علو منزلتهم وأنهم قلة ثم ذكر في وصفه الثاني الذين يصلحون إذا فسد الناس.
وفي رواية الترمذي في حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي هذا رواه الترمذي في سننه في الإيمان باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريبا كما بدأ ورواه الطبراني في الكبير قال الترمذي حديث حسن لكن الحديث إسناده ضعيف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ضعيف فهو الحديث ضعيف الذين يصلحون ما أفسد الناس لكن معناه صحيح دلت عليه النصوص الأخرى دلت على أن يكون حسن بشواهده دلت على أن الذين يصلحون ما أفسد الناس قلة غرباء.
( المتن )
قال رحمه الله:
وعن أبي أمية قال: سألت أبا ثعلبة فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت رسول الله ﷺ فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعاً وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم رواه أبو داود والترمذي.
( الشرح )
رواه أبو داود والترمذي كما ذكر المؤلف رحمه الله رواه أبو داود في الملاحم باب الأمر والنهي والترمذي في تفسير القرآن عن طريق عبد الله بن مبارك عن عتبة بن حكيم قال حدثنا عمرو بن جارية اللخمي عند أبي داود عن أبي المصبح عن أبي أمية الشعباني فذكره.
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد وابن ماجه في الفتن باب قول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ
وأخرجه عدد أيضا وقال الترمذي حديث حسن ولكن الحديث في سنده كما ذكر المحشي عمرو بن جارية وأبو أمية حيث لم يوثقهما سوى ابن حبان وهما مجهولا الحال ولكن قد يقال أن الأحاديث في هذا الباب يشد بعضها بعضاً والآثار التي سيذكرها المؤلف ويقول المحقق أن المحفوظ في تفسير الآية غير هذا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ المحفوظ ما رواه أصحاب السنن وأحمد وابن حبان (..) عن أبي بكر الصديق أنه قام فحمد الله ثم قال يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله ﷺيقول إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغِّيِروه ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ (01:05:38) أنه فسر الآية بهذا وأن تفسير الآية عن أبي بكر الصديق . وعلى كل حال هذا الحديث له شواهد.
بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر يعني الآية عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ هذا إذا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ يعني هذا إذا أمر الإنسان ونهى فإنه يكون مهتديا فلا يضره بعد ذلك لأن الآية تقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ولا يكون الإنسان مهتدياً إلا إذا قام بالواجب أمر ونهى فإذا أمر ونهى عن المنكر ولم يسمع منه فيكون مهتدياً فلا يضره بعد ذلك من ضل لأنه يقول مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ولا يكون الاهتداء إلا بهذا لا يكون الإنسان مهتدياً إلا بالأمر والنهي.
وهنا قال أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت رسول الله ﷺ فقال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعاً شح في الحديث الأخر اتقوا الشح فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم
وهوى متبعاً اتبع الإنسان هواه ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام يعني الزم بيتك واترك لأنها فسد الزمان إذا حصلت هذه الأمر ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى يفسد الزمان ومتى يفسد الزمان إذا رأيتم شحا مطاعاً وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه يعني لا يفيد الأمر ولا يفيد النهي لأن الشح مطاع والهوى المتبع والدنيا مؤثرة وكل معجب برأيه فحينئذ لا يفيد ولهذا قال فعليك بنفسك، ودع عنك العوام ، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر لماذا لأنه لا يجد الخير على الشر من شدة ما يجد من المنكرات ولا يستطيع أن يغير وليس له معين ولهذا قال للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم وفي اللفظ الآخر قال تجدون على الخير عوناً ولا يجدون
لكن هل يكون أفضل من الصحابة الآن الصابر الحديث فيه ضعف لكن له شواهد لكن هل يكون أفضل من الصحابة للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم هل الظاهر أنه أفضل من الصحابة ؟ لا وإنما هذه مزية خاصة مزية خاصة لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر له أجر خمسين من الصحابة فيه خصوص هذه المسألة وهي الأمر والنهي وليس معنى ذلك أنه أفضل الصحابة ،الصحابة لهم فضائل كثيرة مزية الصحبة لا يمكن إلحاقها بأحد من بعدهم خاصة بالصحابة كذلك مزية الجهاد مع الرسول ﷺ مزية تبليغهم دين الله هذه مزايا للصحابة والقاعدة هنا أن الفضيلة الخاصة لا تقضي على الفضائل العامة قد يكون لديه فضيلة خاصة وغيره أفضل منه فهؤلاء الذين لهم أجر خمسين لهم هذه المزية من جهة الأمر والنهي أنهم لا يجدون على الخير عوناً لكن مزية الصحبة ومزية الجهاد في سبيل الله ومزية رؤية النبي ﷺ ولزومه والدفاع عنه وسماع كلامه هذه مزايا خاصة بالصحابة فالمزية الخاصة لا تقضي على المزايا العامة.
مثال ذلك قول النبي ﷺ إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جزي بصعقة يوم الطور هذه منقبة لموسى النبي ﷺ أفاق وجد موسى قائم فلا أدري هل هو أفاق قبل النبي ﷺ أو أنه لم يصبه الصعق أم جزي بصعقة يوم الطور وفي كلا الحالتين منقبة لموسى لكن هو أفضل من نبينا ﷺ؟ لا. النبي ﷺ له مزايا، مزايا وفضائل .
كذلك جاء أن إبراهيم أن الناس يحشرون يوم القيامة حفاة عراة لا نعال عليهم وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم هذه مزية ومنقبة لكن هل هو أفضل من نبينا ﷺ؟ هذه قاعدة المزية الخاصة لا تقضي على المزايا العامة فكذلك هنا في آخر الزمان الذين يثبتون على الحق كالقابض على الجمر وله أجر خمسين من الصحابة يعني في خصوص هذه المزية وهي الأمر والنهي والصبر ولكن الصحابة لهم مزايا لا يلحقها من بعدهم مزية الصحبة صحبة النبي ﷺ ومزية الجهاد معه ورؤيته وسماع كلامه وسؤاله والنبي ﷺ ينزل القرآن فيفسره لهم تبليغ دين الله هذي مزايا للصحابة خاصة لا يحق بها من بعدهم.
ولهذا النبي ﷺ فاضل بن الصحابة كما سبق لما حصل الصحابة أنفسهم بينهم تفاضل لما حصل سوء تفاهم بني عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولين وخالد بن الوليد أسلم بعد ذلك والفرق بين السابقين الأولين أن من أسلم قبل صلح الحديبية فهو من السابقين الأولين ومن أسلم بعدها فليس من السابقين الأولين قال بعض العلماء: السابقون الأولون من صلى إلى القبلتين وهذا ضعيف لأن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس لها مزية ولأن من صلى القبلتين يعني القبلة الأولى كانت ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهراً يعني عدد قليل يكون والله تعالى يقول لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ الفتح صلح الحديبية سماه الله فتحا لما يترتب عليه من المصالح لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى كلاً وعد الله الجنة من أنفق قبل الفتح وبعده لكن لا يستوي هؤلاء لا يستوي من أنفق وجاهد مع النبي ﷺ فأسلم وأنفق وجاهد أنفق قبل صلح الحديبية ومن أنفق بعد صلح الحديبية (01:12:53) سماه الله فتحاً والفتح الثاني فتح مكة حصل عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولين وخالد أسلم بعد صلح الحديبية فليس من السابقين الأولين فلما حصل سوء تفاهم بين النبي ﷺ لخالد لا تسبوا أصحابي كل أصحابه يعني لا تسبوا أصحابي الذين تقدمت صحبتهم فعبد الرحمن له صحبة أولى وخالد له صحبة أخرى فيقول النبي ﷺ لخالد لا تسبوا أصحابي الذين تقدمت صحبتهم فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم يعني خالد الذي تأخر إسلامه مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه يعني لو أنفق خالد مثل أحد ذهباً أحد ترونه الآن عظمه وأنفق عبد الرحمن مد ملء كف الرجل أو نصف المد ما سبقه خالد هذا التفاضل بين الصحابة أنفسهم فكيف التفاضل بين الصحابة والتابعين.
ولهذا لما أراد بعض العلماء أن يفاضل بين عمر بن عبد العزيز وورعه وعدله وبين معاوية بن أبي سفيان قال بعض المحققين الغبار الذي دخل في أنف معاوية في جهاده مع النبي ﷺ يعدل ورع عمر بن عبد العزيز وعدله فالصحابة لا (01:04:19) قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ وإبلاغ دينه لا كان ولا يكون مثلهم وأرضاهم.
( المتن )
قال رحمه الله:
وروى ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وروى ولفظه: إن من بعدكم أياما الصابر فيها المتمسك بمثل ما أنتم عليه اليوم، له أجر خمسين منكم قيل يا رسول الله منهم قال بل منكم
ثم قال: أنبأنا محمد بن سعيد، قال أنبأنا أسد، قال سفيان بن عيينة: عن أسلم البصري، عن سعيد أخي الحسن يرفعه قال قلت لسفيان عن النبي ﷺ قال:؟ قال: نعم، قال: إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في الله، ولم يظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك، فلا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر ولا تجاهدون في الله وتظهر فيكم السكرتان فالمتمسك يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين قيل: منهم؟ قال : لا بل منكم
وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله ﷺ طوبى للغرباء، الذين يتمسكون بالكتاب حين يترك ويعملون بالسنة حين تطفأ.
( الشرح )
نعم وهذه الآثار كلها تؤيد الحديث السابق وتشده وتقويه وإن كان فيه ضعف دل على أن له أصل.
قال المؤلف وروى ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر ولفظه: إن من بعدكم أياما الصابر فيها المتمسك بمثل ما أنتم عليه اليوم، له أجر خمسين منكم قيل يا رسول الله منهم قال بل منكم هذا رواه ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها من طريق أسلم بن موسى قال حدثني عدي بن فضل عن محمد (.) عن عبد الرحمن بن عمر وإسناده ضعيف لأن عدي بن فضل متروك لكنه الشاهد إذا كان فيه متروك فلا يصلح شاهدا.
ثم قال أنبأنا محمد بن سعيد، أنبأنا أسد، قال سفيان بن عيينة: عن أسلم البصري، عن سعيد أخي الحسن يرفعه قال قلت لسفيان عن النبي ﷺ قال:؟ قال: نعم، قال: إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في الله، ولم يظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك، أو تحولون على ذلك فلا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر ولا تجاهدون في الله وتظهر فيكم السكرتان فالمتمسك يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين قيل: منهم؟ قال : لا بل منكم
أيضاً هذا رواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها وإسناده فيه ضعف لأن فيه أسد البصري وهو مجهول ولكن أيضاً يصح شاهدا فيكون شاهدا وفيه في الزيادة وتظهر فيكم السكرتان سكرة الجهل وسكرة حب العيش يعني الجهل والرغبة في الدنيا وحب الدنيا هذه من الأمور التي تحمل الإنسان على ضعف الإيمان وتحمله على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله ﷺ طوبى للغرباء، الذين يتمسكون بالكتاب حين يترك ويعملون بالسنة حين تطفأ هذا أيضاً رواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها قال حدثنا محمد بن سعيد قال حدثنا نعيم بن حماد عن عروة بن نافع عن بكر بن عمر المعافي قال ،قال رسول الله ﷺ وهو حديث مرسل وإسناده ضعيف فيه عقبة بن نافع فيكون شاهداً (01:19:01) هذه الآثار وفيها ضعف يشد بعضها بعضاً ويقوي بعضها بعضاً وتدل على أن للحديث أصل.
وفي حديث المعافري فيه بيان الغرباء، طوبى يعني الجنة طوبى اسم الجنة طوبى للغرباء فسرهم الذين يتمسكون بالكتاب حين يترك ويعملون بالسنة حين تطفأ هؤلاء هم الغرباء وسبق تفسيرهم أنهم النزاع من القبائل وأنهم يصلحون ما أفسد الناس فهذه أوصاف لهم الغرباء نزاع القبائل يعني قلة ليسوا كثيرين وهم يصلحون إذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس ويعملون بالكتاب حين يترك وبالسنة حين تترك هؤلاء هم الغرباء جعلنا الله وإياكم منهم.
( المتن )
قال رحمه الله:
( الشيخ )
عضوا عض يعضّ
مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
عضوا عيها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة قال الترمذي حديث حسن صحيح.
( الشرح )
نعم هذا الباب الثالث عشر وهو الباب الأخير آخر باب في هذه الرسالة فضل الإسلام.
قال المؤلف باب التحذير من البدع فختم المؤلف هذه الرسالة الجميلة المباركة ختمها بالتحذير من البدع بأنه ذكر بالأول فضل الإسلام والأبواب وذكر وجوب الدخول فيه وفسر الإسلام وذكر ما يناقضه وذكر ما يضاده وما ينافي كماله ثم ختم ذلك بعد ذكر الفضائل ذكر بعض الرذائل والتي من جملتها البدع فبدأ الكتاب بذكر فضائل الإسلام وختمه بالتحذير مما يخالفه ويكدر صفوه وهي البدع ومحدثات الدين.
ثم ذكر المؤلف حديث العرباض بن سارية قال وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة، وجلت منها القلوب يعني خافت وذرفت منها العيون من الدموع يعني قلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع لأنها حارة وتؤثر في القلوب قالوا أوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي أوصيكم بتقوى الله النبي ﷺ أوصى الأمة بتقوى الله وهي وصية الله للأولين والآخرين فتقوى الله هي وصية الله لعباده ووصية نبيه ﷺ لأمته قال الله تعالى وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ والتقوى أصلها توحيد الله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه التقوى قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله و أن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله. والله تعالى قال في كتابه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قال بعض السلف تقوى الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى. هذه وصية النبي ﷺ لكم أوصيكم بتقوى الله
والوصية الثانية السمع والطاعة لولاة الأمور السمع والطاعة لولاة الأمور وعدم الخروج عليهم وإن تأمر عليكم عبد وفي لفظ آخر وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة هذا فيه دليل على أن الولاية تثبت لولي الأمر إذا غلب الناس بسيفه وسلطانه وجب له السمع والطاعة ولو كان عبداً حبشياً لأن الولاية تثبت كما سبق بالاختيار والانتخاب كما ثبت لأبي بكر الصديق وعثمان وعلي الخلفاء الراشدين وتثبت بولاية العهد كما ثبتت للفاروق بولاية العهد من أبي بكر وتثبت بالقوة والغلبة فإذا غلب الناس بقوته وبسلطانه وسيفه فإنه يجب السمع له والطاعة وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف وجب السمع له والطاعة لأن تشوه الإسلام بالأمن وفي الحديث الآخر يقول الأئمة من قريش وفي لفظ في البخاري لا يزال هذا الأمر يعني الولاية في قريش ما بقي منهم اثنان وفي رواية أخرى ما أقاموا الدين الولاية لقريش ما أقاموا الدين ما بقي منهم اثنان فإذا لم يقيموا الدين فتكون في غيرهم وهذا يكون عند الانتخاب والاختيار عند المسلمين إذا كان الاختيار اختير من قريش من يقيم الدين وإذا لم يكن بالاختيار وغلب الناس بقوته وسلطانه وجب له السمع والطاعة والولاية تثبت إما بولاية العهد وإما بالقوة والغلبة من عهد الخلفاء الراشدين إلى يومنا هذا الدولة الأموية والعباسية والعثمانية كلها ،كلها بالقوة فإذا غلب الناس بقوته وسلطانه وجب له السمع والطاعة فيستتب الأمن ولا يجوز الخروج عليه إلا بالشروط السابقة التي سبقت إذا فعل كفراً لا فسقاً بواحاً واضحاً لا لبس فيه (01:25:24) ووجد البديل ووجد القدرة والاستطاعة وإلا وجب السمع والطاعة.
لكن السمع والطاعة هذا مقيد في طاعة الله لقول النبي ﷺ في الحديث الآخر لا طاعة لمخلوق في معصية الله ولقوله ﷺ إنما الطاعة بالمعروف فذلك الحديث عام وهذا خاص فالسمع والطاعة يكون ايش لولاة الأمور في طاعة الله والله تعالى قال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُم
قال العلماء في الآية أعيد الفعل في طاعة الرسول ولم يعد في طاعة ولي الأمر أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ و لم يقل وأطيعوا أولي الأمر قال العلماء لأن طاعة الرسول ﷺ مطلقة لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله أما طاعة ولي الأمر فهي مقيدة بطاعة الله ورسوله فإن أمر بطاعة الله ورسوله وإلا فلا يطاع فإذا أمر بمعصية ولي الأمر فلا يطاع ولكن ليس معنى ذلك إن الإنسان يخرج عليه ويقاتله ويألب الناس عليه لا إذا أمر بشرب الخمر لا تطعه لكن ليس معنى أنك تخرج عليه وتألب الناس عليه لا بخصوص المعصية لا تطيعه لا يطاع أحد بمعصية الأب إذا أمر ابنه بمعصية لا يطيعه الابن لكن ليس معنى ذلك أن يتمرد عليه ويعقه لا لكن يخلص معه ويتلطف إليه إذا قال له أبوه جب لي دخان وإلا جب لي كذا ما يطيعه يقول يا أبي هذا ما يجوز هذا، هذا الرسول ﷺ نهاني عن هذا ولا أستطيع أن أجيبك بهذا فيتلطف معاه والزوجة إذا أمر زوجها بمعصية لا تطيعه والعبد إذا أمره سيده بمعصية لا يطيعه لا أحد يطاع في المعاصي إنما الطاعة بالمعروف لكن ليس معنى ذلك بالتمرد المرأة تتمرد على زوجها أو العبد يتمرد على سيده أو الناس يتمردون على ولاة الأمور لا المعنى أنه لا يطاعون في خصوص المعصية.
قال أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي وإنه ممن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الزموا السنة وسنة الخلفاء الراشدين تكون إذا لم تتبين السنة إذا لم يكن هناك (01:27:40) الخلفاء الراشدين.
ومثال لسنة الخلفاء الراشدين الأذان الأول ليوم الجمعة هذا سنه عثمان وهو خليفة راشد وأجمع عليه الصحابة وأجمع عليه المسلمين إلى يومنا هذا هذي سنة الخلفية الراشد وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها يعني تمسكوا بها بالنواجذ والنواجذ هي الأطراف وهذا يدل على وجوب التمسك بها وإياكم ومحدثات الأمور هذا هو الشاهد إياكم تحذير وإياكم ومحدثات الأمور هي البدع ،البدع هي الحدث في الدين هو البدعة ،البدعة هي الحدث في الدين كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح كما رواه الشيخان من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ مسلم من عمل علماً ليس عليه أمرنا فهو رد.
فالبدعة هي الحدث في الدين وإياكم ومحدثات الأمور ولهذا قال فإن كل بدعة ضلالة وفي لفظ آخر وكل ضلالة وزاد النسائي وكل ضلالة في النار في رواية النسائي.
وهذا الحديث يقول المؤلف أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وأخرجه أيضاً أبو داود في السنة في لزوم السنة وأخرجه عدد من أصحاب الكتب كابن أبي عاصم والدارمي والآجري وابن حاكم وابن حبان والالكائي وعدد من العلماء وهذا الحديث إسناده حسن وهو حديث حسن في إسناده عبد الرحمن بن عمرو السلمي وهو صدوق.
وهذا الحديث فيه كما سبق فيه من الفوائد وجوب السمع والطاعة لولي الأمر ولو لم يكن من العرب ولو كان أعجمياً إذا غلب الناس بسيفه وسلطانه فوجب له السمع والطاعة لقوله ولو تأمر عليكم عبد حبشي.
وفيه علم من أعلام النبوة وهو قول الاختلاف الذي أخبر عنه النبي ﷺ بقوله فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فقد وقع الاختلاف في الولاية والاختلاف والرأي بل وقع خلاف بين الصحابة منذ مقتل عثمان بن عفان .
وفي الحديث وجوب لزوم سنة النبي ﷺ عند الاختلاف وسنته هي طريقته التي سار عليها عقيدة وخلقاً وعبادة.
وفيه من الفوائد أن سنة النبي ﷺ هي سبيل النجاة لمن أراد الله نجاته عند الخلافات والفتن.
وفيه أن سنة الخلفاء الراشدين يعمل بها وتأتي بعد سنة النبي ﷺ إذا لم يكن المسألة في سنة النبي ﷺ يعمل بسنة الخلفاء الراشدين أما إذا كان هناك سنة فلا ولهذا ابن عباس رضي الله عنهما اشتد على من خالفه في مسألة المتعة ،المتعة في الحج كان ابن عباس يفتي في المتعة في الحج وغيره يفتي في الإفراد كالخلفاء الراشدين الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان يفتون بالإفراد والنبي ﷺ ألزم الناس بالعمرة في حجة الوداع تحلل من ساق الهدي فاجتهد الخلفاء الراشدين بعد النبي ﷺ أبو بكر وعمر وعثمان اجتهدوا بالإفراد يفرد بالحج وقالوا أن النبي ﷺ أمرهم بالمتعة ليزول اعتقاد أهل الجاهلية الذين يرون أن (01:3122) وزال اعتقاد الجاهلية فاجتهد الصديق وعثمان وعمر وصاروا يأمرون الناس بالإفراد وحتى يأتوا بالعمرة في وقت آخر ولا يزال هذا الحج البيت يحج ويعتمر وعلي يفتي بالمتعة وابن عباس يفتي بالمتعة وأبو موسى يفتي بالمتعة لأن النبي ﷺ حث الناس على هذا وألزمهم حتى ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب المتعة ابن القيم يرى أن المتعة واجبة وهو رأي الإمام أحمد اختيار الجماعة (01:31:56)الرسول ﷺ خيرهم عند الميقات خيرهم بين ايش بين الإفراد والتمتع والقران قال ثم نسخ لما قاربوا مكة ألزمهم بالمتعة وحتم ألزم (01:32:9) الجمهور يرون أنها باقية لكن المتعة أفضل شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن وجوب المتعة خاص بالصحابة وابن عباس يرى المتعة ويقول كل من أحرم فإنه يلزمه أن يتمتع شاء أم أبى وابن القيم في زاد المعاد مال إلى قول ابن عباس وقال : وأنا إلى قول ابن عباس أميل إليه من قول شيخنا شيخه ابن تيمية أخذه من قول ابن عباس .
والشاهد من هذا أن ابن عباس يفتي بالمتعة وبعض الصحابة بفتي بالإفراد فنظر ابن عباس فقال ابن عباس إن الصديق يفتي بالإفراد وأنت تفتي بالمتعة فقال ابن عباس يوشك أن تنزل عليك حجارة من السماء أقول قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر اشتد أنا الآن عندي نص الآن أنا أقول قال رسول الله وأنتم تقولون قال أبو بكر وعمر تخالفون السنة فإذا كان الذي يخالف السنة قول أبي بكر وعمر يخشى عليه أن تنزل حجارة من السماء فالذي يخالف السنة بأقوال بعيدة ليست قريبة من أقوال أبو بكر وعمر ماذا يكون حكمه يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر تعارضون السنة بقول أبي بكر وعمر هذا فيه لزوم السنة وأن سنة الخلفاء الراشدين تأتي بعد سنة النبي ﷺ.
وفي الحديث التحذير من البدع وهذا هو الشاهد من الترجمة وأنه يجب الحذر من البدع والمبتدعة وعدم مجالستهم وكان السلف يحذرون من المبتدعة وذكر الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الوالي بن سعيد عن الحفاظ وكان يضرب إليه المثل لفصاحته ويتهمونه بالتثبت إلا أنه قدري متعصب لعمر بن عبيد كان حماد بن زيد ينهى المحدثين عنه في القدر ينهى المحدثين عنه وقال يزيد بن زريع : من أتى مجلس عبد الوالي فلا يقربني قال في ترجمة عبيد الله بن موسى العبسي ثقته في نفسه لكنه شيعي محترق ثم قال وقد استشار محدث أحمد بن حنبل في الأخذ عنه فنهاه وذكر قبل ذلك (01:34:46) قال في ترجمة علي بن (01:43:50 ابن حسن الجوهري سمع ابن مسلم جملة لكن لم يخرج عنه في صحيحه شيئاً مع أنه من أكبر شيخ له وذلك لأن فيه بدعة قال مسلم ثقة لكنه جهمي وأما أحمد بن حنبل فما مكن ولده عبد الله من الأخذ عنه هذا السلف يحذرون من أهل البدع ولا يأخذون عنهم .
( المتن )
قال رحمه الله:
وعن حذيفة قال: كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد ﷺ فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالا، فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم. رواه أبو داود.
( الشرح )
نعم هذا الحديث رواه أبو داود وهذا الأثر فيه تحذير من حذيفة من العبادات التي لا يتعبدها أصحاب النبي ﷺ فإن الأول لم يدع للآخر مقالا يعني الأول لزم الحق وهم الصحابة والتابعون فلا مجال لمخالفتهم ولهذا قال فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم وهم الصحابة والتابعون.
وسبق عن حذيفة في الباب باب وجوب الإسلام المؤلف ذكر في الصحيح حذيفة قال يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً يعني استقمتم فإن ذهبتم يميناً وشمالاً فقد ضللتم ضلالاً بعيداً. وهنا قال يا معشر قال كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد ﷺ تعبدوها فلا تعبدوها يعني لا تعبدوا بعبادة لأن الصحابة هم أهل الحق هم أهل السنة والجماعة فإن الأول لم يدع للآخر مقالا فاتقوا الله يعني اعبدوا الله وأحسنوا له العبادة والزموا أمره ونهيه واحذروا البدع فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم فيه الحث على لزوم السنة والتحذير من البدع هذا هو الشاهد من الترجمة.
( المتن )
قال رحمه الله:
وقال الدارمي: أخبرنا الحكم بن المبارك، أنبأنا قال عمرو بن يحيى، قال قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعاً فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه قال: رأيت في المسجد قوما حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل. وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، فيقول: سبحوا مئة فيسبحون مئة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا، انتظار رأيك أو انتظار أمرك قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله
( الشيخ )
يا أبا عبد الرحمن
( المتن )
( الشيخ )
عبد الله بن مسعود كنيته أبو عبد الرحمن
( المتن )
قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم رسول الله ﷺ متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ﷺ أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لم يصبه.
( الشيخ )
لم يصبه عندك ؟ لم يصبه في لفظ آخر لم يصيبه
( المتن )
إن رسول الله ﷺ حدثنا أن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم،
( الشيخ )
تراقيهم
( المتن )
إن رسول الله ﷺ حدثنا أن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم فقال: عمرو بن سلمة
( الشيخ )
سلِمة
( المتن )
عنهم فقال: عمرو بن سلِمة رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج.
( الشرح )
نعم هذا الأثر أثر عبد الله بن مسعود كما قال المؤلف وقال الدارمي رواه الدارمي في سننه في المقدمة باب كراهية أخذ الرأي وأخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها عن أبي بكر عن أبي شيبة قال حدثنا عمرو بن يحيى والأثر في سنده عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلِمة بن (01:40:48) الهمداني (01:40:54) وكذلك أبو يحيى بن عمرو بن سلمة ذكره أبو حاتم في الجرح والتعديل لكن يعني في كلام هذا لكن الحديث اشتمل على لكن هذا اشتمل على الحديث الصحيح. وقوله إن قوماً يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم هذا الحديث صار في الصحيح في الصحيحين ثابت في الخوارج أنهم يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم لكن الأثر هو الذي في كلامه و على كل حال تشهد له الآثار السابقة.
وفيه أنهم كانوا يجلسون على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة قبل صلاة الفجر وهذا يدل على حرص الصحابة أنهم ينتظرون بعضهم فضل التابعين أنهم ينتظرون الصحابة ولما الصحابة ينتظرونهم على الأبواب حتى يستفيدون منهم يمشون معهم إذا خرجوا للصلاة.
قال كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة قبل صلاة الفجر في آخر الليل حرصهم على العلم والاستفادة من الصحابة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ونسأله يستفيدون منه في الطريق وهم يسألون فجاءنا أبو موسى الأشعري الصحابي الجليل فقال وهم ينتظرون عبد الله ابن مسعود فقال أخرج إليكم أبا عبد الرحمن ؟ يعني أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن مسعود بعد قلنا لا ما خرج فجلس معنا حتى خرج في بعض أبي موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود من علماء الصحابة السابقين وفيه تواضع أبي موسى الأشعري ومعرفة الفضل لأهله في فضل الصحابة عموماً جلس ينتظر معهم مع التابعين فلما خرج عبد الله بن مسعود خرجوا جميعاً مشوا جميعاً فتكلم أبو موسى الأشعري مع عبد الله بن مسعود فقال له أبو موسى الأشعري يا أبا عبد الرحمن إني رأيت المسجد آنفاً أمرا أنكرته رأيت شيئاً في المسجد أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيراً يعني ليس بالشيء الكبير قال فما هو قال إن عشت فستراه رأيت في المسجد قوما حلقاً ،حلقاً حلقة ،حلقة ،حلقة ينتظرون الصلاة وفي كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول هذا يعني يكون حلقة وعليهم رئيس أو كبير لهم في الحلقة فيقول : كبروا مئة، فيعدون الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر حتى تنتهي الحصى مئة فيقول: هللوا مئة، فيهللون لا إله إلا الله لا إله إلا الله لا إله إلا الله حتى تنتهي المئة، فيقول: سبحوا مئة سبحان الله سبحان الله سبحان الله قال فماذا قلت لهم قال أبو موسى يقول عبد الله بن مسعود لأبي موسى فماذا قلت لهم قلت : ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك أنتظر رأيك قال أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ يعدون السيئات الحسنات ما يعدونها محفوظة عند الله يعني هذا من باب الكراهية قال ثم مضى ومضينا معه حتى دخل المسجد عبد الله حتى أتى حلقة من تلك الحلق اللي عليهم واحد يقول هللوا مئة وسبحوا مئة وكبروا مئة ومعهم حصى يعدونها فوقف عليهم أنكر عليهم قال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح الحمد لله نسبح ونهلل ونكبر فأنكر عليهم فقال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء عدوا سيئاتكم فحسناتكم ليست ضائعة لا تبتدعوا هذا ما فعله الرسول ﷺ وما فعله الصحابة أنهم يجتمعون ويعدون وكل واحد يسبحوا ويهللوا كل واحد يسبح ويهلل وحده أما اجتماع تسبيح جماعي أو تكبير جماعي يرى عبد الله بن مسعود أن هذا من البدع ثم قال عدوا سيئاتكم فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء ثم قال منخفضاً ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هلكوا يعني بتركهم السنة الهلاك بالبدع ما أسرع هلكتكم تبتدعون هذه البدع هلاك فيه دليل على أن البدع هلاك لأنها مخالفة للسنة ويحكم يخاطبهم ما أسرع هلكتكم يعني فعلتم البدع الآن والصحابة متوافرون ما مضى مدة والرسول ﷺ ما توفي إلا من قريب ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل ثياب النبي ﷺ لم تبل وآنيته لم تكسر ما مضى مدة والذي نفسي بيده أنتم في أحد أمرين إما أنتم على ملة هي أهدى من الرسول ﷺ أو أهل بدع و ضلالة واحد من الأمرين من شدة الإنكار قال : والذي نفسي بيده أقسم إنكم على أحد أمرين إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ﷺ أو مفتتحوا باب ضلالة اختاروا هل أنتم على ملة أهدى من ملة الرسول ﷺ وإلا مفتتحوا باب ضلالة وباب بدعة إنكار وهم يعدون التسبيح والتهليل والتكبير فكونهم الجماعي يجتمعون وكل مئة هذي بدعة كل واحد يسبح وحده ولا يحتاج أن يكون جماعة ولا يحتاج حصاة قالوا لما قال لهم والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير ما أردنا إلا الخير قصدنا الخير نسبح ونهلل ونكبر قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لم يصبه كم شخص يريد الخير لم يصبه أنتم ما أصبتم الخير تريدون الخير الآن لكن ما أصبتم الخير عملكم هذا بدعة ثم قال ابن مسعود إن رسول الله ﷺ حدثنا إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم من هم هؤلاء ؟ الخوارج وأيم الله لعل أكثرهم منكم قسم وأيم الله وأيم الله أقسم إن رسول الله ﷺ أخبرنا إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله حلف لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم وتركهم فقال: عمرو بن سلمة الراوي صدق في الكلام ابن مسعود رأيت أكثر هؤلاء الذين جلسوا في هذه الحلق يقاتلون المسلمين مع الخوارج يوم النهروان يوم وقعة النهروان وهي الوقعة كبيرة بين علي والخوراج قال رأيت هؤلاء يقاتلون مع الخوارج قال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الحلق الذين يسبحون حلقة وحلقة وحلقة يسبحوا ويهللوا رأينا عامة أولئك يعني أكثرهم يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج يعني أكثرهم الذين ابتدعوا في الأول خرجوا مع الخوارج فصاروا يقاتلون علي والمسلمين.
وهذا فيه التحذير من البدع وأن على المسلم أن يلزم الحق وأن يحذر من البدع والمحدثات في الدين ولا يتساهل لزوم السنة ولزوم العمل وإن كان قليلاً إن كان فيه سنة واقتصاد خير من عمل كثير مع بدعة السنة فضلها عظيم وأجرها كبير لزوم السنة ولو كان العمل قليل ولهذا الصحابة فاقوا بهذا بلزوم السنة والعمل بالسنة والاقتصاد في السنة خير من عمل كثير مخالف للسنة وأبو بكر فاق الصحابة بتقوى في قلبه وهو بالسنة فاق غيره والصحابة فاقوا التابعين بهذا بلزوم السنة قد يكون من بعدهم أكثر عمل ولكن الصحابة يلزمون السنة والعمل بالسنة أجرها أجر كبير ومضاعفة لا حصر لها مع الإخلاص والصدق ولزوم السنة فالعمل القليل يبارك الله فيه ويثيب الله عليه أجراً كثيراً بخلاف العمل الكثير الذي فيه مخالفة للسنة.
وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة ويكون هذا هو الدرس الأخير في هذه الدورة في هذي الرسالة ونسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لفقه دينه والبصيرة بشريعته وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً وأن يثبتنا على دينه القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين .