شعار الموقع
شعار الموقع

الإبانة الصغرى لابن بطة (1) من بداية الكتاب إلى قوله: "ثم على إثر ذلك شرح السنة من إجماع الأئمة...".

00:00

00:00

تحميل
326

 

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبد الله و رسوله و صفيه و خليله من خلقه , صلى الله و بارك عليه و على آله و أصحابه و التابعين له بإحسان إلى يوم الدين و سلم تسليما كثيرا , أما بعد :

فإنا نحمد الله و نشكره أن وفقنا للمشاركة في هذه الدروس العلمية و أسأل الله أن يرزقنا جميعا العلم النافع و العمل الصالح و أن يرزقنا الإخلاص في العمل و الصدق في القول و أسأله أن يتوفانا على الإسلام غير مغيرين ولا مبدلين إنه ولي ذلك و القادر عليه .

أيها الإخوان إن الكتاب الذي سوف ندرسه إن شاء الله في هذه الدورة كما تعلمون هو كتاب " الشرح و الإبانة على أصول السنة و الديانه و مجانبة المخالفين و مباينة أهل الأهواء المارقين " هذا اسم الكتاب كتاب " الشرح و الإبانة على أصول السنة و الديانه و مجانبة المخالفين و مباينة أهل الأهواء المارقين " و هذا الكتاب ألفه العالم الجليل الإمام عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن عمر بن عيسى بن إبراهيم بن عتبة بن فرقد ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل عتبة بن فرقد، و هذا الإمام كنيته أبو عبد الله يكنى بأبي عبد الله و يكنى بالإمام , كنيته أبو عبد الله و أما لقبه فيلقب بالإمام و يلقب بابن بطة ،كنيته أبو عبد الله و لقبه ابن بطة و الإمام يلقب بهذين بابن بطة و الإمام.

 و بطة يقال: إنه اسم أو لقب لأحد أجداده و هو عمر و أبو عبد الله بن  بطة العكبري نسبة إلى عكبر و هي بلدة في العراق قريبة من نهر الدجلة ينتسب إليها كثير من العلماء يقال لها العكبري نسبة لهذه البلدة عكبر و هي بليدة الصغيرة على نهر دجلة على مسافة من بغداد.

 و الإمام ابن بطة -رحمه الله- من علماء القرن الرابع الهجري فهو ولد في سنة أربع و ثلاثمائة من الهجرة و توفي سنة ست و ثمانين وثلاثمائة  من الهجرة النبوية، فهو من علماء القرن الرابع الهجري.

 و المؤلف عبيد الله ابن بطة -رحمه الله- اشتهر بالعلم و الفقه و الحديث، فهو سلفي المعتقد على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه و غيره من أهل السنة، و له مؤلفات في العقيدة و بيان  مذهب أهل السنة و الجماعة و بيان المذاهب المخالفة لأهل السنة و الجماعة منها هذا الكتاب الذي بين أيدينا " الشرح و الإبانة على أصول السنة و الديانه و مجانبة المخالفين و مباينة أهل الأهواء المارقين " و يقال لها " الإبانة الصغرى ".

و له كتاب أكبر من هذا و هو " الإبانة الكبرى " كتاب كبير توسع فيه -رحمه الله- في بيان معتقد أهل السنة و الجماعة أو بيان المذاهب المخالفة لأهل السنة و الجماعة توسع في هذا الكتاب و ذكر الأسانيد، أما كتابنا هذا فإنه حذف الأسانيد اختصارا و ذكر في القدمة أنه حذف الأسانيد لأجل الاختصار حتى لا يمل القارئ، أما الإبانة الكبرى فإنه ساق الأسانيد، فله هذان الكتابان العظيمان في مسائل الاعتقاد.

 و ابن بطة أيضا محدث من المحدثين و من أهل الحديث  و رحل في طلب العلم، وهو يروي الأحاديث بالسند و ينقل عنه الأئمة و العلماء , ينقل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم في مسائل الاعتقاد و كذلك فهم ينقلون عنه و يعزون إلى كتابه الإبانة , شيخ الإسلام و ابن القيم و غيرهم مما يدل على أنه من الأئمة العلماء الذين يرجع إليهم و إلى مؤلفاتهم، فهو محدث يروي الأحادث بالسند إلا إنه عنده بعض الضعف في الحديث و الأئمة النقاد قالوا ضعفوه من جهة الفهم و الحفظ لا من جهة الديانة و الأمانة , من جهة الأمانة و الديانة و الإمامة فهو ثقة وإمام، لكن من جهة الحفظ له أوهام و له أغلاط بينها النقاد في الحديث، و لهذا يروي أحيانا أحاديث ضعيفة كما في هذا الكتاب، و قد يروي أحاديث لا يوجد لها أصل و إن كانت قليلة لكنه محدث يروي الأحاديث بالسند.

و هو أيضا فقيه من الفقهاء من فقهاء الحنابلة تربى على مذهب الإمام أحمد بن حنبل و له مسائل و رسائل فقهية في المناسك و في الصلاة و في النكاح وفي الطلاق مسائل و رسائل، و ينقل عنه صاحب الإنصاف المرداوي من الحنابلة ينقل عن ابن بطة المسائل بالمسائل فقهية فهو فقيه.

 فهو إمام فقيه محدث سلفي المعتقد فهو سلفي المعتقد و له في مسائل الاعتقاد له عناية عظيمة في بيان معتقد أهل السنة و الجماعة و في بيان المذاهب المخالفة و لا سيما في الإبانة الكبرى فهو توسع و أطال و في الإبانة الصغرى التي بين أيدينا أيضا كذلك ساق كثيرا من البدع و المحدثات في الدين بين معتقد أهل السنة و الجماعة و ما خالفها، فله مؤلفات له مؤلف الإبانة الكبرى و له الإبانة الصغرى الذي بين أيدينا، و له كتاب السنن مما يدل على أنه محدث و له كتاب إبطال الحيل و له رسائل في الفقه كثيرة و هذا الكتاب الذي بين أيدينا الذي سماه " الشرح و الإبانة على أصول السنة و الديانة و مجانبة المخالفين و مباينة أهل الأهواء المارقين " المؤلف رحمه الله قسمه إلى أربعة أقسام , قسم هذا الكتاب الذي بين أيدينا إلى أربعة أقسام:

 _القسم الأول: ساق النصوص من كتاب الله تعالى و سنة رسوله ﷺ في الحث على لزوم السنة و الجماعة و التحذير من البدع و المحدثات في الدين و الحث على موالاة الصحابة و محبتهم و التحذير من مخالفتهم هذا هو القسم الأول و ساق في هذا القسم نصوصا كثيرة إلا أنه حذف الأسانيد، ما يزيد على ثلاثمائة أثر و حديث أحاديث و آثار زادت على ثلاثمائة و هذا القسم يقرب من نصف الكتاب , نصف الكتاب هذا القسم الأول ساق النصوص من الكتاب و من السنة و من الآثار عن الصحابة و من بعدهم في الحث على لزوم السنة والجماعة و التحذير من البدع و المخالفة في الدين و الحث على حب الصحابة و موالاة الصحابة و محبتهم و البعد عن مذاهب التي تتنقص الصحابة أو لا تتولاهم.

 _و القسم الثاني: مسائل الاعتقاد  مسائل الاعتقاد ساق فيها أغلب مسائل الاعتقاد  التوحيد الإيمان بالله و إثبات الربوبية والوحدانية و الألوهية لله و الإيمان بالملائكة و الإيمان بالكتب و الإيمان بالرسل و الإيمان باليوم الآخر و ساق مسائل الاعتقاد الإيمان باليوم الآخر و الحوض و الشفاعة و الصراط و الميزان، وكذلك مسائل الاعتقاد مثل: إثبات الصفات لله و الرد على المخالفين و إثبات الكلام لله و الرد على من قال أن القرآن مخلوق , ساق مسائل الاعتقاد و آثارها و هي مسائل عظيمة و نافعة، فهي تشمل أغلب مسائل الاعتقاد فهو كتاب عظيم.

 _و القسم الثالث و هذا أيضا ساقه يعني يلي القسم الثاني في الطول ثم القسم الثالث مسائل فقهية في العبادات و العادات و ساق في هذا الآثار يسوق آثارا يحدث يسوق الآثار في مسائل العبادت و العادات، و هذا القسم ليس بطويل، قصير.

_ ثم القسم الرابع: البدع و المحدثات في الدين ساق كثيرا من البدع والمحدثات في الدين و حذر منها، و ساق الآثار في هذا، و هذا القسم قسم قصير أيضا، فالكتاب هو على هذه الأقسام الأربعة، - كما سمعتم- و إن شاء الله سوف نقرأ في الكتاب -إن شاء الله- و نتكلم على ما يفتح الله فنسأل الله أن يفتح علينا و عليكم و أن يلهمنا الصواب و أن يرزقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول و أن يرزقنا علما نافعا و عملا صالحا، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ, اللهم علمنا ما ينفعنا و أنفعنا بما علمتنا يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم.

 و هذا كتاب الشرح و الإبانة محقق حققه الدكتور رضا بن حسان المعطي حصل على شهادة الماجستير فترجم للمؤلف -رحمه الله- ترجمة واسعة فذكر نسبه و مولده و تحدث عن الزمان وعن زمانه وتأثير ذلك عليه و على شيوخه و تلاميذه، و كذلك خرج الأحاديث و الآثار ، خدم الكتاب خدمة لأنه رسالة مقدمة.

 و الآن نحن الآن نبدأ بالقسم الأول و نتجاوز ما كتبه الشارح من ترجمة للتلاميذ و الشيوخ و وبيان المخطوطات و الكلام عن المخطوطات كل هذا نتجاوزه، ننتقل إلى القسم الأول و هو صفحة 117 .

( المتن )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين وصلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

 قال رحمه الله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر و أعن و لك الحمد .

 قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ:

( شرح )

القاعدة في هذا أن لفظ الجلالة إذا سبقه ضم أو فتح يفخم " عبيد الله " بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ و إذا سبقت كسرة فإنه يرقق ( عليهِ الله، لله) فلفظ الجلالة إذا سبقه ضم و فتح يفخم عَلَيْهُ اللَّهَ عبيدُ الله و إذا سبقه كسرة مجرور، أو سبقه حرف جر فإنه يرقق ( عليهِ الله ) و هكذا أبو عبد الله عبيد الله .

( متن )

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ ابْنِ بَطَّةَ العكبري رحمه الله.

( شرح )

نعم , هذه كنيته أبو عبد الله و اسمه عبيد الله و أبوه اسمه محمد وجده محمد بن حمدان بن عمر بن عيسى ابن إبراهيم بن عتبة بن فرقد و ابن بطة هذا لقبه و العكبري هذا نسبة إلى البلد بلدته عكبر .

( متن )

الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه وظاهر لدينا مننه و جعل من أجلها قدرا و أعظمها خطرا أن هدانا معرفته و الإقرار بربوبيته و جعلنا من أتباع دين الحق و أشياع ملة الصدق .

( شرح )

افتتح المؤلف -رحمه الله- هذه الرسالة بالحمد لله , الحمد هو الثناء على المحمود بالصفات الاختيارية فإذا أثنيت على محمود بالصفات الاختيارية فإنه يسمى هذا حمدا، سواء كانت هذه الصفات لازمة أو متعدية، أما إذا أثنيت عليه بالصفات الاختيارية المتعدية التي يفعلها باختياره فإنه يكون حمدا، أما إذا كان يفعله بالصفات اللازمة فإنه يسمى مدحا، كما لو أثنيت على الأسد قلت بأن الأسد قوي مفتول الساعدين هذا يسمى مدحا لا يسمى حمدا، لأن هذه الصفات لازمة وثابته في اللفظ فيه، أما إذا أثنيت على الإنسان بالكرم و الشجاعة و الجود فهذا يسمى حمدا.

 و الله تعالى له جميع أنواع المحامد و له الكمال جميع المحامد بأنواعها هي ملك لله وهو مستحق لها، فهو محمود عليها  لما له من الصفات العظيمة و لما له من النعم المتعدية إلى عباده و هو سبحانه و تعالى محمود على ما له من الصفات العظيمة و الأسماء الحسنى و محمود على نعمه و آلائه على عباده

 و الحمد أ كبر من المدح ولهذا قال الحمد لله و لم يقل أمدح الله، و ولهذا قال " الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ".

و الله تعالى أسبغ على عباده نعمه الظاهرة و الباطنة قال تعالى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ و قال سبحانه أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فالله تعالى خلقنا أوجدنا من العدم و ربانا بنعمه وأعطانا السمع و البصر و العقل و ربانا بنعمه ثم هدانا للإسلام و وفقنا للإيمان هذه أعظم نعمة , أعظم نعمة على العبد أن خلقه و هداه و وفقه للإيمان و الإسلام، أعظم و أجل ما يقسمه الله و يقدره الله على عبده من النعم هي الهداية للإسلام، و أعظم مصيبة و أعلى مصيبة و أشد مصيبة يقدرها الله على العبد هي الكفر -و العياذ بالله- و له الحكمة البالغة

 فالكفر مقدر و الإسلم مقدر , الإيمان مقدر و الإسلام مقدر و الكفر و المعاصي مقدرة، ولله الحكمة البالغة، فهو يهدي من يشاء بفضله و نعمه و منته فضلا منه وإحسانا و يضل من يشاء بعدله و حكمته، وله الحكمة البالغة فأعظم نعمة منَّ الله بها على المسلم أن هداه  للإسلام و الإيمان، أعظم نعمة بعد أن خلق الله العبد أعظم نعمة وأعظم منة و أجلها هي نعم الإسلام و نعمة الإيمان فنحمد الله على نعمة الإسلام و الإيمان و نسأله أن يثبتنا على دينه حتى الممات .

( المتن )

فله الحمد نحمده و نثني عليه.

( الشرح )

و قوله " و ظاهر لدينا مننه و أسبغ علينا نعمه " كما سمعتم النعم كثيرة وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ نعمة الخلق و الإيجاد و نعمة السمع و البصر و العقل و نعمة  الإيمان والإسلام، و نعمة النفس التي يتردد بين جنبي الإنسان و نعمة السمع و نعمة البصر و نعمة المال و نعمة الولد و نعمة الرزق ورغد العيش وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا لا يستطيع الإنسان عداً.

و لهذا قال المؤلف " و ظاهر لدينا مننه " ظاهر يعني أردف , أردف علينا بالنعم بالمنن، ظاهرها جعلها فوقها و تأتي بعدها، وأسبغ علينا نعمه و ظاهر لدينا مننه.

ثم قال المؤلف " و جعل من أجلها قدرا و أعظمها خطرا أن هدانا لمعرفته و الإقرار بربوبيته، و جعلنا من أتباع دين الحق و أشياع ملة الصدق" فبين المؤلف -رحمه الله- أن من أجل النعم أجلها قدرا و أعظمها خطرا أن هدانا لمعرفته و الإقرار بربوبيته أننا نعرف الله بأسمائه و صفاته تعرف لعباده بأسمائه و صفاته فأقر العباد بربوبيته و وحدانيته و ما له من الأسماء و الصفات، ثم بعد ذلك يعبد الإنسان ربه و يوحده و يخلص له العبادة أنت أولا تعرف ربك بأسمائه و صفاته وأفعاله بما له سبحانه من الأسماء الحسنى التي أثبتها في كتابه وبينها في كتابه و على لسان رسوله ﷺ و كذلك ما وصف به نفسه في كتابه وقال به رسوله ﷺ، فإذا عرفت الله فإنك تعبده و توحده.

و لهذا فإن توحيد الربوبية و توحيد الأسماء و الصفات وسيلة إلى توحيد العبادة و الألوهية، الغاية توحيد العبادة , الغاية المحبوبة لله و المرضية له و التي من أجلها خلق الله الخلق و خلق الجن و الإنس توحيده قال سبحانه وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ و من أجل ذلك أرسل الله الرسل و أنزل الكتب وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ و هي دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم كل نبي يدعوا قومه إلى التوحيد  قال: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ كما أخبر الله عن نوح و عن هود و عن صالح وشعيب لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ و قال سبحانه  وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

إذا العبادة المحبوبة لله و المرضية له الغاية المحبوبة لله و المرضية له هي توحيد الله و إفراده بالعبادة بجميع أنواعها هذا هي الغاية، أما توحيد الأسماء و الصفات و توحيد الربوبية فهذا وسيلة , وسيلة و الغاية توحيد العبادة.

فالله تعرف إلى عباده بأسمائه و صفاته و أفعاله فلما عرفه العباد وجب عليهم توحيده و طاعته و إفراده بالعبادة.

و لهذا المؤلف رحمه الله قال " و جعل من أجلها قدرا و أعظمها خطرا أن هدانا لمعرفته و الإقرار بربوبيته"  هذا توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

 ثم قال " و جعلنا من أتباع دين الحق " هذا هو توحيد العبادة , المتبع لدين الحق هو الذي يعبد الله و يخلص له العبادة يوحده بالدعاء بالخوف  بالرجاء بالصلاة بالزكاة بالصوم بالحج في بر الوالدين في صلة الرحم في الجهاد في سبيل الله في الأمر بالمعروف في النهي عن المنكر و لهذا قال " و جعلنا من أتباع دين الحق " و هو دين الإسلام وهو ما جاء في كتاب الله و سنة رسوله ﷺ " و أشياع ملة الصدق " أشياع يعني المؤيدين لملة الصدق، الملة الدين ملة الصدق هي ملة الإسلام " و جعلنا من أتباع دين الحق و أشياع ملة الصدق .

( متن )

فله الحمد نحمده و نثني عليه بما اصطنع عندنا أن هدانا للإسلام و علمنا و وفقنا للسنة و ألهمناها و علمنا ما لم نكن نعلم و كان فضل الله علينا كبيرا .

( شرح )

فله الحمد كرر الحمد لأهميته و لعظم شأنه لأن الله تعالى هو المستحق للحمد،  فله الحمد نحمده و نثني عليه الثناء هو التكرار، الحمد مرة بعد أخرى كما قال سبحانه في سورة الفاتحة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثم قال الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرحمن ثناء فنحمد الله و نثني عليه تكرار للثناء ثم مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ توسع في المحامد.

و لهذا قال المؤلف " فله الحمد و نثني عليه بما اصطنع علينا " يعني بما أعطانا و وهبنا من النعم و اصطناع المعروف بما أسبغ علينا من النعم، يقال فلان صنع إليك معروفا اصطنع إليك معروفا يعني: أسدى إليك معروفا، فالله تعالى أسدى علينا النعم و وهبنا إياها، و أعظمها أن هدانا للإسلام بما اصطنع عندنا أن هدانا للإسلام، فله الحمد نحمده سبحانه و نثني عليه ثناء بعد ثناء حيث منَّ علينا باللإسلام و هدانا للإسلام و وفقنا للإسلام و لهذا قال " و علمنا سبحانه و وفقنا للسنة و لم يجعلنا من أهل البدع و ألهمنا و علمنا ما لم نكن نعلم، كل هذا من فضله و احسانه، لو شاء لم يهدك للإسلام و لو شاء لم يعلمك و لم يفهمك في السنة و لكنت من أهل البدع و لكنه سبحانه بفضله و بعظيم منته و إحسانه هدانا للإسلام و علمنا و وفقنا للسنة و ألهمنا و علمنا ما لك نكن نعلم و كان فضل الله علينا كبيرا، فنحمد الله على ذلك .

( متن )

و صلى الله علىى نبيه المرتضى و رسوله المصطفى أرسله لإقامة حجته و إثبات وحدانيته و الدعاء إليه بالحكمة و الموعظة الحسنة .

( شرح )

بعد أن حمد الله صلى على نبيه فقال: صلى الله على محمد، و صلاة الله على عبده أصح ما قيل في الصلاة في صلاة الله على عبده ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال " صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى " ثناؤه عليه في الملأ الأعلى. فنحن نسأل الله أن يثني على عبده محمد في الملأ الأعلى.

 و قيل إن الصلاة إذا أطلقت تشمل الثناء و الرحمة و إذا اجتمعا صارت الصلاة في الثناء، كما في قوله تعالى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ لما عطف الرحمة على الصلاة صارت الصلاة هي الثناء و الرحمة خرجت منها، و إذا أطلقت الصلاة وحدها دخلت فيها الرحمة.

 فأنت تسأل الله أن يثني على عبده محمد ﷺ في الملأ الأعلى و أن يرحمه، و في الحديث القدسي يقول الله سبحانه من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في مَلإٍ ذكرته في مَلإٍ خير منه.

 و صلى الله على عبده أي اللهم صل على محمد و هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العربي المكي ثم المدني من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم، فهو عبد الله و رسوله المصطفى يعني الذي اصطفاه الله من بين خلقه فهو عليه الصلاة و السلام نبي الله و رسوله المجتبى و المصطفى و هو أفضل الأنبياء و المرسلين عليه الصلاة و السلام، و رسالته عامة شاملة للعرب و العجم و للجن و الإنس للثقلين، فمن أنكر نبوته عليه الصلاة و السلام فهو كافر بإجماع المسلمين، قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار و من قال أنه رسول للعرب خاصة فهو كافر بإجماع المسلمين، من أنكر نبوته إلى العجم أو أنكر نبوته إلى الجن فهو كافر و هو خاتم النبين عليه الصلاة و السلام، و من قال أنه بعده نبي فهو كافر بإجماع المسلمين هو نبي إلى قيام الساعة.

 فلا بد أن يؤمن المسلم بأن محمدا عبد الله و رسوله عبد و رسول و لا بد أن يؤمن بأن رسالته عليه الصلاة و السلام عامة للعرب و للعجم و للجن و للإنس و لا بد أن يؤمن بأنه خاتم النبيين، فمن قال أن نبوته خاصة بالعرب أو خاصة بالإنس أو بعده نبي فهو كافر بإجماع المسلمين.

 و شريعته عليه الصلاة والسلام ناسخة لجميع الشرائع، فليس بعده نبي و ليس بعده رسول و ليس بعده شريعة فشريعته الشريعة الخاتمة، فصلى الله على محمد نبيه المرتضى الذي ارتضاه الله و رسوله المصطفى اصطفاه أرسله لإقامة الحجة على عباده، الرسل أرسلهم الله لإقامة الحجة على العباد قال تعالى رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ أرسله الله لإقامة حجته و إثبات وحدانيته , وحدانيته في الربوبية و في الأسماء و الصفات و في الألوهية و الدعاء إليه بالحكمة و الموعظة الحسنة أرسله الله يدعو إلى الله و يدعو إلى توحيد الله و ينهى عن الشرك يبلغ رسالة الله يأمر الناس بتوحيد الله و ينهاهم عن الشرك، أرسله ليدعو إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة بالحكمة باللين و الرفق و الحكمة مبنية على العلم و الموعظة الحسنة لمن كان عنده شبهة و بالتي هي أحسن للمعاند .

( متن )

و الحمد لله على الشرائع الظاهرة و السنن الزاكية و الأخلاق الفاضلة و سلم تسليما .

( شرح )

كرر الحمد لبيان متعلقها " و الحمد لله على الشرائع الظاهرة " الشرائع التي شرعها الله في كتابه و على لسان رسوله ﷺ جمع الشرائع لأن الأحكام متعددة الأحكام و الأخلاق و الأعمال فالشرائع الظاهرة لكل أحد لظهورها في الكتاب و السنة و السنن الزاكية التي تزكي النفوس و تطهرها من أدرانها، و الأخلاق الفاضلة التي جاء بها عليه الصلاة و السلام من الإحسان و البر و الإيثار و الشجاعة و الكرم و العدل إلى غير ذلك.

 "و الأخلاق الفاضلة" و سلم تسليما كثيرا يعني بعد أن صلى عليه سلم عليه في الأول قال و صلى الله على محمد ثم قال و سلم، اللهم سلم عليه و نحن نسلم على النبي ﷺ في كل صلاة في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " و لهذا قال الصحابة ( يا رسول الله ) أو كما في الحديث ( قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ ) يعني قد علمنا كيف نسلم عليك في التشهد السلام عليك أيها النبي  ورحمة الله وبركاته فكيف نصلي عليك ؟ فقال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

( متن )

و نستوفق الله لصواب القول و صالح العمل .

( شرح )

نستوفق الله يعني نسأل الله التوفيق , نستوفقه بأن نسأله التوفيق لصواب القول و صالح العمل، هذا دعاء بعد أن ذكر المؤلف -رحمه الله الثناء- على الله ثم ثنى بالصلاة على النبي ﷺ، ثم سأل الله و تضرع إليه سأل الله التوفيق نستوفق الله يعني نسأله التوفيق استوفق سأله التوفيق نسأله التوفيق لأي شيء ؟! لصواب القول و صالح العمل و هذا هو طريق السعادة من وفقه الله لصواب القول و صالح العمل فهو سعيد، كان عمله صالحا و العمل الصالح هو ما كان خالصا لوجه الله موافقا لشرع الله و دينه , إذا كان العمل خالصا لله و موافقا للشرع هذا هو العمل الصالح المقبول عند الله، أما إذا كان العمل ليس خالصا فإنه يكون فيه شرك إذا فقد الإخلاص جاء الشرك و إذا فقدت المتابعة جاءت البدعة، فنسأل الله نستوفق الله يعني نسأل الله أن يوفقنا لصواب القول فيكون القول صائبا و العمل صالحا، و هذا هو طريق السعادة من وفقه الله لصادق القول و صالح العمل كان من الموفقين و من السعداء , فنسأل الله التوفيق لصواب القول و صالح العمل .

( متن )

و نسأله أن يجعل غرضنا فينا نتكلفه من ذلك ابتغاء وجهه و إيثار رضاه و محبته ليكون سعينا عنده مشكورا و ثوابنا لديه موفورا .

( شرح )

بعد أن سأل الله التوفيق لصواب القول و صالح العمل سأل الله الإخلاص فالعمل الصالح إذا أطلق يراد به أن يكون موافقا للشرع، و الخالص مراد به أن يكون لوجه الله، و هذان ركنا العمل شرطان لا يصح العمل إلا بهما :

 الشرط الأول: أن يكون العمل صالحا وهو أن يكون موافقا للشرع و الدين و السنة.

 و الشرط الثاني: أن يكون خالصا لله.

 و قد جمع الله بين الشرطين في مواضع من كتابه , قال الله   فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا العمل الصالح هو ما وافق الشرع و لا يشرك بعبادة ربه أحدا هذا هو العمل الخالص و قال   وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ فإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله و الإحسان هو أن يكون العمل موافقا للشرع والعمل الصالح و قال سبحانه  بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ إسلام الوجه هو إخلاص العمل و الإحسان هو أن يكون العمل صالحا موافقا للشرع و قال سبحانه وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فإسلام الوجه هو أن يكون العمل خالصا، و الإحسان هو أن يكون العمل موافقا للشرع.

 قد دلت النصوص أيضا على هذين الشرطين و أنه لا يصح العمل إلا بهما , ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى العمل بالنية و هذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.

و دل على الشرط الثاني ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد و في لفظ لمسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد و هذا هو مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله.

فمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن يكون العمل خالصا لله و مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله أن يكون العمل موافقا للشرع فتبين بهذا أن هذين الشرطين هما أصل الدين و أساس الملة، أصل الدين و أساس الملة الشهادة لله تعالى بالوحدانية و لنبيه ﷺ بالرسالة هذا أصل الدين و أساس الملة و هو الذي ترتكز عليه الأعمال و تبنى عليه الأعمال، و لهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح بني الإسلام على خمس الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج بيت الله الحرام فأصل الدين و أساس الملة شهادة أن لا إله إلا الله و إذا أطلقت شهادة أن لا إله إلا الله دخلت فيها شهادة أن محمدا رسول الله، و إذا أطلقت شهادة أن محمدا رسول الله دخلت فيها شهادة أن لا إله إلا الله شهادتان لا تصح إحداهما بدون الأخرى، من شهد أن لا إله إلا الله و لم يشهد أن محمدا رسول الله لم تقبل منه و لم تصح شهادة أن لا إله إلا الله، و من شهد أن محمدا رسول الله و لم يشهد أن لا إله إلا الله لم تصح منه و لم تقبل منه.

 و لهذا فإن اليهود و إن كانوا يزعمون أنهم يؤمنون بالله و يشهدوا أن لا إله لا الله لكن الله أبطل إيمانهم لأنهم لم يشهدوا أن محمدا رسول الله و لم يؤمنوا به أهل الكتاب من اليهود و النصارى فقال سبحانه في سورة التوبة قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ فنفى عنهم الإيمان فقال لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لماذا نفى عنهم الإيمان بالله و هم يزعمون بأنهم يؤمنون بالله؟ لأنهم لم يشهدوا أن محمدا رسول الله و لم يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة و السلام و لم يقبلوا شرعه و دينه فبطلت دعواهم بالإيمان، بالله. فتبين بهذا، أن هذين الأساسين هما أصل الدين و أساس الملة.

و لهذا المؤلف رحمه الله نسأل الله التوفيق لصواب القول و صالح العمل هذا هو الركن الأول، و سأله الإخلاص بالعمل قال: و نسأل الله أن يجعل غرضنا فيما نتكلفه من ذلك ابتغاء وجهه و إيثار رضاه و محبته، يعني: نسأل الله أن يجعل غرضنا فيما نتكلفه فيما نقول و نعمل و نكتب و نؤلف أن يكون العمل ابتغاء وجه الله، و أن يكون مرادا به إيثار رضا الله و محبته، فمن وفقه الله لصالح القول لصواب القول و صالح العمل و جعل عمله خالصا صار سعيه مشكورا عند الله و ثوابه لديه موفورا.

 و لهذا قال ليكون "ليكون" هذا تعليل و نتيجة , نتيجة صواب العمل و الإخلاص النتيجة أن يكون السعي عند الله مشكورا و الثواب لديه موفورا، و لهذا قال المؤلف: ليكون سعينا يعني عملنا من صلاة و صوم و  زكاة وحج و بر للوالدين و صلة للرحم و دعوة للناس و أمر بالمعروف و نهي عن المنكر و إحسان للناس و كف الأذى و بعد عن المحرمات و البعد عن العدوان على الناس بالدماء و العدوان عن الناس بالأموال والعدوان على الناس بالأعراض هذا السعي هذا العمل ليكون سعينا عنده مشكورا و ثوابنا لديه موفورا.

 فمن كان عمله خالصا لله و موافقا لشرع الله فسعيه مشكور يشكره الله لصاحبه وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا فهو يثيب على العمل القليل ثوابا كثيرا، فمن أخلص عمله لله و كان موافقا للشرع فسعيه عند الله مشكور و ثوابه موفور عظيم فنسأل الله أن يزقنا الإخلاص في العمل و الصدق في القول و أن يوفقنا للصواب في القول و العمل  حتى يكون سعينا مشكوا و ثوابنا لديه سبحانه موفورا .

( متن )

أما بعد : فإني أسأل الله أن يخبرنا و إياك توفيقا يفتح لنا و لك به أبواب الصدق و يقيض لنا به العصمة من هفوات الخطاء وفلتات الآراء إنه رحيم ودود فعال لما يريد .

( شرح )

 أمابعد , هذه كلمة يؤتى بها للانتقال من شيء إلى شيء، انتقل المؤلف رحمه الله من الخطبة خطبة الكتاب إلى الدخول في الموضوع، قال: "أما بعد".

 و يسن للإنسان و ينبغي للإنسان أن يبدأ إذا انتقل من شيء إلى شيء سواء في الكتابة التأليف الرسائل و الخطب و المواعظ أن يقول الإنسان أما بعد فالنبي ﷺ كان يقولها في خطبه.

و اختلف في أول من قالها قيل: أول من قالها قس بن ساعدة الإيادي،  و قيل: أول من قالها داود و قيل أنها داخلة في قوله وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ

و الرسول ﷺ كان يقول في خطبه كما جاء في الحديث أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسول الله فكان عليه الصلاة و السلام في خطبه كثيرا ما يقول أما بعد.

 فيسن للخطيب أن يقول أما بعد في الخطبة، و يسن أيضا في الرسائل و هي أحسن من قوله "و بعد" بعض الناس يقولون "و بعد" ، " أما بعد"  أحسن من "و بعد" بعض الواعظين و بعض المرشدين بعد أن يحمد الله يقول "و بعد" الأحسن أن يقول "أما بعد" , "أما بعد" أحسن في الخطب و في الرسائل و خطب الجمعة للدخول في الموضوع.

 "أما بعد" فإني أسأل الله أن يحضرنا و إياك توفيقا هذا دعاء أيضا هذا من نصح المؤلف -رحمه الله- المؤلف عالم ناصح ينصح طالب العلم يعلم طالب العلم و يدعو له، يدعو له وينصحه،  فإني أسأل الله السؤال لا يكون إلا لله، الله تعالى هو الذي بيده ملكوت السماوت و الأرض بيده كل شيء و هو الذي بيده كل شيء لا يُسأل إلا الله فيما لا يقدر عليه إلا الله لا يسأل إلا الله فمن سأل غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله وقع في الشرك، من سأل غير الله تفريج الكربات أو إجابة الدعوات أو ما أشبه ذلك فإنه يكون مشركا، لكن لو سأل الإنسان مخلوقا يقدر عليه فلا بأس حي حاضر، إذا سأل حيا حاضرا فيما يقدر عليه فلا بأس، كأن يقول يا فلان أسألك أن تقرضني مالا أسألك أن تعطين كذا أن تساعدني في كذا في إصلاح سيارتي في إصلاح مزرعتي في إصلاح بيتي لا بأس حي حاضر قادر، أما الغائب و الميت فلا يدعى و لا يطلب منه شيء من سأل الغائب و الميت فإنه يكون شرك و لهذا المؤلف -رحمه الله- سأل الله قال: "أما بعد" فإني أسأل الله أن يحضرنا و إياك توفيقا سأل الله التوفيق وسأل في  الأخرى و في الخطبة قال: نستوفق الله يعني: نسأل الله التوفيق ثم سأله مرة أخرى قال نسأل الله أن يحضرنا و إياك توفيقا يعني أن يوفقنا و يفتح لنا و لك به أبواب الصدق يعني سأل الله التوفيق.

و هذا التوفيق يفتح الله به أبواب الصدق في القول و في العمل، يعني نسأل الله أن يوفقنا للصدق و من وفقه الله للصدق فقد حصل على السعادة الأبدية، الصادق في صدق الاعتقاد و الصدق في القول و الصدق في العمل، فصادق الاعتقاد هو الموحد لله ويشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله عن صدق و إخلاص بخلاف المنافقين فإنهم لا يشهدون لله عن صدق، بل عن كذب و نفاق، و إن أقروا بشهادة أن لا إله إلا الله و شهادة أن محمد رسول الله بألسنتهم إلا أن قلوبهم مكذبة قال الله تعالى في كتابه المبين وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ و قال سبحانه إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ.

إذا المنافقون كاذبون , كاذبون في أي شيء ؟ كاذبون في شهادتهم لله بالحدانية و لنبيه بالرسالة لأنهم في الدرك الأسفل من النار – نعوذ بالله- لأن الألسن مصدقة تنطق و القلوب مكذبة -نسأل  الله السلامة و العافية-.

فقال المؤلف -رحمه الله- نسأل الله أن يحضرنا و إياك توفيقا يفتح لنا و لك به أبواب الصدق في الاعتقاد حتى لا يكون الإنسان من المنافقين و كذلك أبواب الصدق في القول فيكون الإنسان صادقا في أقواله و في حديثه و من صفات المنافقين العملية إذا حدث كذب آية المنافق إذا حدث كذب، و كذلك الصدق في العمل يكون الإنسان صادقا في أعماله تكون أعماله تصدق أقواله في مواعيده و في أعماله يكون صادق يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ثم الأعمال تصدق يكون منقادا لشرع الله و دينه تنقاد الأعمال بالجوارح والأعمال.

 و الصادقون هم السعداء قال الله تعالى لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ و قال   إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا و قال سبحانه قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

فالصدق منجاة من اتصف بالصدق في اعتقاده و في قوله و في عمله فهو السعيد، و من اتصف بالكذب في عقيدته أو في عمله فهو من الهالكين نسأل الله السلامة و العافية.

 و لهذا من نصح المؤلف رحمه الله أنه يسأل لنفسه و لك أيها القارئ و أيها المستمع التوفيق و هذا التوفيق يفتح الله به أبواب الصدق , أسأل الله أن يحضرنا و إياك توفيقا يفتح لنا و لك به أبواب الصدق يعني: في القول و في العمل و يقيض لنا به العصمة من هفوات الخطأ يعني هذا الصدق إذا وفق الله الإنسان للصدق عصمه الله به من الزلل و الخطأ، و لهذا قال و يقيض لنا به يعني بالصدق العصمة من هفوات الخطأ و فلتات الآراء، فمن وفقه الله للصدق عصمه من الخطأ في اللسان و فلتات الآراء يعني الآراء المضلة.

ثم توسل إلى الله بأسمائه و صفاته فقال إنه رحيم ودود فعال لما يريد توسل إلى الله بأسمائه توسل إلى الله في قبول هذا الدعاء بأسمائه إنه رحيم و من رحمته سبحانه أن يوفق العبد للصدق ودود يتودد إلى عباده بنعمه، فعال لما يريد بيده كل شيء .

( متن )

إني لما رأيت ما قد عم الناس و أظهروه و غلب عليهم فاستحسنوه، من فضائع الأهواء و وقذائع الآراء و تحريف سنتهم و تبديل دينهم حتى صار ذلك سببا لفرقتهم و فتح باب البلية و العمى على أفئدتهم و تشتيت ألفتهم و تفريق جماعتهم و نبذوا الكتاب وراء ظهورهم و اتخذوا الجهال و الضلال أربابا لأمورهم من بعد ما جاءهم العلم من ربهم و استعملوا الخصومات فيما يدعون و قطعوا الشهادات عليها بالظنون و احتجوا بالبهتان فيما ينتحلون و قلدوا في دينهم الذين لا يعلمون فيما لا برهان لهم به في الكتاب و لا حجة عندهم فيه من الإجماع , وأيم الله لكثير مما ألقت الشياطين على أفواه إخوانهم الملحدين من أقاويل الضلال و زخرف المقال من محدثات البدع بالقول المخترع بدع تشتبه على العقول و فتن تتلجلج في الصدور فلا يقوم لتعرضها بشر ولا يثبت لتلجلجها قدم إلا من عصم الله بالعلم و أيده بالتثبت و الحلم , جمعت في هذا الكتاب طرفا مما سمعنا

( شرح )

جمعت في هذا الكتاب هذا جواب "لما" إني لما رأيت "جمعت" أول الصفحة ( إني لما رأيت ), لما رأيت جمعت المسافة بين جواب لما و وبين  فعلها مسافة طويلة و هذا هو سبب تأليف المؤلف لهذا الكتاب هذا هو السبب هذه مسوغات لتأليف هذا الكتاب و سبب تأليفه هو هذا، قال المؤلف: أنه في زمانه رأى أن كثيرا من البدع و الأهواء انتشرت و كثير من الناس اتبع الهوى و غير السنة و ارتكب البدعة و صار الجهال روؤساء يقتدي بهم كثير من الناس و صارت الشهادة بالظن و يحتج عليها بالهتان و كثير من الناس عمل بما ألقت الشياطين على أفواه الملحدين من الضلال أو زخرف المقال مما أحدث من البدع و الشبه من أجل ذلك إلا من عصم الله، استثنى من عصم الله من أجل ذلك جمعت هذا الكتاب.

و هذا قاله المؤلف رحمه الله في زمانه في القرن الرابع الهجري فكيف لو رأى القرن الخامس عشر ماذا تكون الحال هذا بعد في آخر القرون المفضلة، في القرن الرابع الهجري فكيف لو رأى زماننا هذا، يقول: إني لما رأيت ما قد عم الناس و أظهروه و غلب عليهم و استحسنوه، و قوله عم يعني: أكثر الناس المراد أكثر الناس و ليس المراد العموم لأن هذ الدين محفوظ بحفظ الله قال الله  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ و لا يزال على الحق طائفة , لا يمكن أن يرفع الخير من هذه الأمة وينتهي و يعم الشر و الفساد بل لا بد أن يبقى على الحق طائفة منصورة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي ﷺ قال لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك و تعالى.

 فإذاً مراد المؤلف -رحمه الله- الأغلب يعني المراد غلب هذا على كثير من الناس.

 و لهذا استثنى -رحمه الله- قال: في آخره إلا من عصم الله بالعلم , من عصمه الله بالعلم فإنه مستثنى، و لهذا قال المؤلف: إني لما رأيت ما قد عم الناس و أظهروه و غلب عليهم فاستحسنوه من فضائع الأهواء و قذائع الآراء من الأهواء الفضيعة التي عمل الناس بها بأهوائهم و شهواتهم و ما تهوى نفوسهم و خالفوا النصوص من الكتاب و السنة و قذائع الآراء المضلة و حرفوا السنن و بدلوا الدين حتى صار هذا سببا للفرقة و الإختلاف و فتح لهم باب البلية و العمى على أفئدتهم .

يقول المؤلف -رحمه الله- أنه غلب على كثير من أهل زمانه استحسان الآراء المضلة و اتباع الأهواء و تحريف السنن و تبديل الدين حتى صار هذا سببا لفرقتهم، و فتح باب البلية و العمى على أفئدة كثير من الناس الذين اتبعوا أهوائهم و تركوا كتاب الله و سنة رسوله، و لهذا قال: و فتح باب البلية و العمى على أفئدتهم و تشتيت إلفتهم بعد ما كانوا مؤتلفين و مجتمعين تفرقوا و تفريق جماعتهم فنبذوا الكتاب وراءهم ظهريا، يعني لم يعملوا بكتاب الله و سنة رسوله ﷺ و اتخذوا الجهال و الضلَّال أربابا في أمورهم يعني صار الجهال و الضلَّال هم الذين يشرعون للناس فيتبعونهم و هذا فيه تفصيل أن من اتخذهم يشرعون لهم و يرون أن لهم حق التشريع هذا كفر و ردة و إن كانوا يتبعونهم في الباطل مع اعتقادهم أنه باطل فهذا معصية.

 و المراد كما سبق المراد الأغلب و ليس المراد الجميع فاتخذوا الجهال و الضلال أربابا في أمورهم من بعد ما جاءهم العلم من ربهم يعني ليس عن جهل و لكن كثيرا منهم عصوا على بصيرة بعد معرفة الحق كما ضل أهل الكتاب كما أخبر الله عن أهل الكتاب و قال وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ  فهؤلاء الذين تركوا الحق مع علمهم شابهوا أهل الكتاب نسأل الله السلامة و العافية .

يقول المؤلف: (و استعملوا الخصومات فيما يدعون)، أيضا صارت الخصومات و الجدال يستعملونها في أمورهم و في ما يدعون و لم يعملوا بالنصوص، (و قطعوا الشهادات عليها بالظنون) شهدوا الشهادات صارت إنما يقطع عليها بالظن لا بالعلم المبني على الدليل، (و احتجوا بالبهتان فيما ينتحلون) فيما ينتحلونه و يقولونه يحتجون بالبهتان، (و قلدوا في دينهم الذين لا يعلمون) قلدوا الجهال فيما لا برهان لهم فيه في الكتاب يعني قلدوا الجهال فيما ليس لهم فيه دليل من الكتاب العزيز و على حجة عندهم فيه من الإجماع، ( و أيم الله ) هذا قسم أصله و "ايمن الله" (و كثير مما ألقت الشياطين على أفواه إخوانهم الملحدين) الملحدين الذين انحرفوا و الإلحاد هو: الميل و منه سمي اللحد في القبر لحدا لكونه مائلا عن سمك القبر إلى القبلة فالإلحاد هو الميل , الميل عن الحق و الصواب إلى الباطل و قد يكون الإلحاد في الاعتقاد فيكون كفرا و ردة -و العياذ بالله- و قد يكون في معصية مما هو أقل من ذلك، فيكون معصية و لهذا قال المؤلف -رحمه الله- و أيم الله لكثير مما ألقت الشياطين على أفواه إخوانهم الملحدين من أقاويل الضلال و زخرف القول يعني: ألقت الشياطين على أفواه الملاحدة أقولا ضالة مزخرفة و هي من البدع المحدثة في الدين بقول مخترع و بدع تشتبه على العقول تشتبه و يلتبس بها الحق بالباطل، و فتنة تتلجلج في الصدور يعني تتردد فلا يقوم لتعرضها بشر يعني: لا يقوم بالنهي عنها و إبطالها بشر، و لا يثبت لتلجلجها قدم بسبب الاشتباه و قوة الشبهة إلا من عصمه الله بالعلم من عصمه الله بالعلم و نور بصيرته و اعتصم بكتاب الله و سنة رسوله ﷺ فإنه ينجو من هذه الظلمات و هذه الأهواء المضلة، و لهذا قال إلا من عصم الله بالعلم وأيده بالتثبت و الحلم.

 من أجل ذلك قال المؤلف: جمعت في هذا الكتاب طرفا مما سمعناه هذا سبب التأليف سبب تأليف هذا الكتاب ما سمعته أنه عم الناس في زمانه البدع و الفتن و الأهواء المضلة و كثر الإشتباه و التبس الحق بالباطل إلا من عصم الله فلهذا ألف المؤلف -رحمه الله- هذه الرسالة العظيمة و سماها " الشرح و الإبانة على أصول السنة و الديانة و مجانبة المخالفين و مفارقة أهل الأهواء المارقين " حتى ينور الله بما كتبه المؤلف -رحمه الله- و بما استدل به من النصوص من كتاب الله و سنة رسوله ﷺ البصائر و حتى تزول الظلمات و الحواجز و لهذا قال المؤلف جمعت في هذا الكتاب .

( متن )

جمعت في هذا الكتاب طرفا مما سمعناه و جملا مما نقلناه عن أئمة الدين و أعلام المسلمين مما نقلوه لنا عن رسول رب العالمين مما حض عليه من اتبعه من المؤمنين و ما أمر به من التمسك بسنته و سلوك طريقته و الاقتداء بهديه و الاقتفاء لأثره و قدمت بين يدي .

( شرح )

يعني يقول المؤلف -رحمه الله- هذا هو سبب التأليف جمعت هذه الرسالة بهذا الكتاب طرفا مما سمعناه يعني آثارا و أقوالا لأهل العلم مشملة على النصوص من الكتاب و من السنة و أقوال أهل العلم و جمل نقلها عن أئمة الدين و أعلام المسلمين من الأئمة و العلماء، و نقل ذلك بالسند و الأسانيد -رحمه الله- و استدل نقل طرفا مما سمعه من مشايخه و جملا نقله عن أئمة الدين في السند عن شيخه ثم عن شيخ شيخه و هكذا، حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ.

 و لهذا قال نقلت في هذا الكتاب طرفا مما سمعناه و جملا مما نقلناه عن أئمة الدين و أعلام المسلمين مما نقلوه لنا عن رسول رب العالمين، و هذا الكتاب حذف المؤلف -رحمه الله- الأسانيد اختصارا لكنه في كتابه الإبانة الكبرى سرد الأسانيد و ذكرها أما الأسانيد في هذا الكتاب فإنه قيل أنه حذف اختصارا حتى لا يحصل الملل.

 يقول مما نقلوه لنا عن رسول رب العالمين مما حض عليه من اتبعه من المؤلفين مما حض عليه يعني: على العمل بما جاء في لكتاب و السنة حض عليه المؤلفون، و ما أمر به من التمسك بسنته و سلوك طريقته يعني ما أمر به العلماء و الأئمة من سلوك سنة النبي ﷺ و سلوك طريقته التي سنها عليه الصلاة و السلام، و الإقتداء بهديه عليه الصلاة و السلام و ما جاء في الكتاب و السنة، و الاقتفاء لأثره عليه الصلاة و السلام بالاتباع و السير على منهاجه .

( متن )

و قدمت بين يدي ذلك التحذير من الشذوذ و التخويف من الندود و ما أمر الله به رسوله ﷺ من لزوم الجماعة و مباينة أهل الزيغ و التفرق و الشناعة .

( شرح )

يقول المؤلف -رحمه الله- قدم بين يدي  بيان السنة و بيان معتقد أهل السنة و الجماعة و بيان السنن في العبادات و العادات قدم بين يدي ذلك مقدمة , مقدمة طويلة ساق فيها النصوص من كتاب الله و سنة رسوله و أقوال أهل العلم من الصحابة و التابعين و من بعدهم جعلها مقدمة و هي القسم الأول قدمها للتحذير من الشذوذ و الشذوذ هو مخالفة الكتاب و السنة و مخالفة ما عليه الصحابة و التابعين و التخويف من الندود يعني التخويف من الندود يعني الشذوذ , الندود جمع ند و يقال ند الجمل يعني إذا شرد و هرب، و لهذا يقول العلماء لا يصح بيع الجمل إذا ند جمل فلا يصح بيعه لأنه لا يقدر على تسليمه، الجمل الشارد و العبد الآبق و الطير في الهواء لا يصح بيعه لأن شرط البيع القدرة على التسليم.

 فالمؤلف -رحمه الله- قدم بين يدي الكتاب القسم الأول النصوص التي فيه التحذير من الشذوذ و الشذوذ يعني الانفراد، الانفراد عما عليه أهل السنة و الجماعة و التخويف من الند يند الإنسان و يشذ عن أهل السنة و الجماعة و يخالف ما عليه الصحابة و التابعون و ما أمر الله به رسوله ﷺ من لزوم الجماعة فإن الله أمر رسوله بلزوم الجماعة فقال تعالى وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ و قال   وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بعد قوله سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ۝  وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ۝ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

فالنصوص كلها جاءت بلزوم الجماعة و مباينة أهل الزيغ و التفرق و الشناعة يعني مخالفتهم و البعد عنهم أهل الزيغ و والانحراف في المعتقد و هذا هو الأعظم و التفرق و البعد عن أهل السنة و الجماعة والشناعة يشنعون على أهل السنة و الجماعة .

( متن )

و ما يلزم أهل السنة من المجانبة و المباينة لمن خالف عقدهم و نكث عهدهم و قدح في دينهم و قصد لتفريق جماعتهم  .

( شرح )

الذي يلزم أهل السنة و الجماعة أن يجانبوا و يباينوا لمن خالف عقدهم و اعتقادهم، أهل السنة و الجماعة  يباينون و يجانبون و يبتعدون عمن خالف اعتقادهم من أهل البدع الجهمية و المعتزلة و الرافضة و المرجئة و الكرامية و الأشاعرة و غيرهم، ممن خالف السنة أهل السنة و غيرهم يلزمهم المجانبة أن يكونوا في جانب بعيد و مباين لمن خالف عقدهم أي اعتقادهم و نكث عهدهم فإن المؤمن له عهد مع الله أن يلتزم بشرع الله و دينه قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

و قد أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ هذا عهد و عقد لبني إسرائيل و هو معقود على هذه الأمة، من أقام الصلاة و آتى الزكاة و آمن بالرسل و آمن بمحمد ﷺ و عزره و نصره و نصر سنته كفر الله سيئاته و استقام على دينه كفر الله سيئاته، و من كفر فهو هالك و له العذاب العظيم.

 و لهذا قال: و ما يلزم أهل السنة من المجانبة و المباينة لمن خالف عقدهم و نكث عهدهم و قدح في دينهم هذه طريقة أهل البدع , فأهل السنة و الجماعة يباينون أهل البدع و يخالفونهم، و قصد في تفريق جماعتهم فأهل السنة يلزمهم البعد عن هؤلاء الذين يخالفون عقيدة أهل السنة و الجماعة و ينكثون عهدهم و يقدحون في دينهم و يقصدون تفريق جماعتهم .

( متن )

ثم على أثر ذلك شرح السنة من إجماع الأئمة و اتفاق الأئمة و تطابق أهل الملة فجمعت من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله و لا يعذر الله تبارك اسمه من أضاعه و لا ينظر إلى من خالفه و طعن عليه ممن دحضت حجته لما استهزئ بالدين و زلت قدمه لما ثلب أئمة المسلمين و عمي عن رشده حين خالف سنة المصطفى و الراشدين المهديين صلى الله على نبيه و آله الطاهرين الطيبين و على أصحابه المنتخبين و أزواجه أمهات المؤمنين و على التابعين بإحسان و تابعي التابعين من الأولين و الآخرين إلى يوم الدين و بالله نستعين .

( شرح )

هذا هو القسم الثاني بعد أن ذكر المؤلف -رحمه الله- الأدلة و النصوص من كتاب الله و سنة رسول الله ﷺ في الأمر بلزوم الجماعة و البعد عن البدع و المحدثات في الدين و الأدلة و النصوص في تولي الصحابة و الترضي عنهم و البعد عمن خالف منهجهم قال: ثم على إثر ذلك شرح السنة بعد ذلك شرح السنة من إجماع الأئمة في بيان ما لا يسع المسلمين جهله , لما ذكر المؤلف النصوص ذكر بعد ذلك مسائل الاعتقاد و مسائل الاعتقاد استدل عليه بالنصوص شرح السنة فيها و لهذا قال ثم على إثر ذلك يعني بعد النصوص هذا القسم الثاني بعد النصوص التي ذكرها في الأمر بلزوم الجماعة و التحذير من البدع على إثر ذلك أردف ذلك بشرح السنة مما أجمع عليه الأئمة و اتفقت عليه الأمة و تتطابق أهل الملة يعني أهل الدين و أهل الإسلام فجمعت من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله و هي مسائل الاعتقاد.

 مسائل الاعتقاد ما يجب على الإنسان أن يؤمن به في الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره و مسائل الصفات و الملائكة و الكتب و الرسل و الإيمان باليوم الآخر و الشفاعة و الميزان و الصراط و الحوض و الجنة و النار جمع من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله لا بد من المسلم أن يؤمن بهذا ما يصح الإيمان إلا بهذا , الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسوله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره، و يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالشفاعة و الإيمان بالحساب  بالجزاء في الجنة في  النار في الصراط في الميزان هذا لا يسع الإنسان جهله و لا يعذر فيه أحد.

و لهذا قال المؤلف: ثم على إثر ذلك شرح السنة من إجماع الأئمة و اتفاق الأئمة و تطابق أهل الملة فجمعت من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله و لا يعذر الله تبارك اسمه من أضاعه لأن أصول الدين و أصول الإيمان لا يعذر بها أحد هذه الأصول الإيمان بالله و الإيمان بالملائكة و الإيمان بالكتب و الإيمان بالرسل و الإيمان باليوم الآخر و الإيمان بالقدر هذه أركان الإيمان و أصول الدين لا بد من الإيمان بها من أنكر شيئا منها خرج عن دائرة الإسلام و صار من الكافرين بإجماع المسلمين.

 و لهذا قال المؤلف: أن هذه الأمور لا يسع الإنسان جهلها و لا يعذر الله تبارك اسمه من أضاعها من أضاع دينه من أضاع إيمانه من ضيع أصول الإيمان و أصول الاعتقاد و أركان الإيمان لا يعذره الله، و لا ينظر إلى من خالفه و طعن عليه، يعني لا ينظر إلى من خالف ذلك و طعن على أهل السنة و الجماعة ممن دحضت حجته و استهزأ بالدين، فلا ينظر إلى المخالف الذي يخالف أهل السنة و الجماعة و يخالف أهل الحق و يخرج عن دائرة المسلمين و يطعن على أهل الحق ممن دحضت حجته لما  استهزأ بالدين.

 من استهزأ بالدين فهذا ردة عن الإسلام بنص القرآن قال الله تعال قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ  و زلت قدمه لما أثلب أئمة المسلمين الذي يثلب أئمة السلمين و يتنقصهم لا شك أن قدمه زالة و عمي عن رشده حين خالف سنة المصطفى والراشدين المهديين، لاشك أن من خالف سنة نبينا ﷺ لأن المصطفى هو رسول الله ﷺ اصطفاه الله بالرسالة و الراشدين المهديين وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر و عمر و عثمان و علي

 فمن خالف سنة الرسول ﷺ و خالف سنة الخلفاء الراشدين فلا شك أنه ممن أعماه الله ممن أعمى الله بصيرته، و لهذا قال المؤلف: عمي عن رشده عمى الله قلبه و إن كان يستطيع أن يبصر بعينيه-نسأل الله السلامة و العافية-.

صلى الله على نبيه سبق الكلام عن الصلاة، و آله , (آله)  أصح ما قيل في الآل أنها تشمل أتباعه على دينه و يدخل في ذلك الصحابة دخولا أوليا و آله هم أهل البيت تشمل أتباعه على دينه من أهل البيت و من الصحابة و آله الطاهرين الطيبين و على أصحابه المنتخبين عطف الأصحاب على الآل تخصيص بعد تعميم، وإلا هم داخلون في الآل، هم من آله أصحابه هم من آله من أتباعه على دينه، لكن هذا لتخصيص، فصلى عليهم مرتين المرة لأولى في قوله و على آله بالعموم و المرة الثانية بالخصوص، أصحابه و الصحابة داخلون في الآل فصلى عليهم مرتين مرة بالعموم و مرة بالخصوص.

و على أصحابه المنتخبين الذين انتخبهم الله و اجتباهم و اصطفاهم لصحبة نبيه لا كان و لا يكون من بعدهم هم أفضل الناس و خير الناس بعد الأنبياء و الصحابة، لا كان و لا يكون اجتباهم الله و اصطفاهم و انتخبهم لصحبة نبيه ﷺ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ  

و أزواجه أمهات المؤمنين كذلك أزواجه الطاهرات المطهرات و هن زوجاته في الآخرة رضي الله عنهن و أرضاهن، قال: و أزواجه أمهات المؤمنين يعني سأل الله أن يثني على نبيه و على آله أتباعه على دينه عموما ثم خص أصحابه و خصَّ أزواجه.

 و على التابعين بإحسان من تبعهم بإحسان لا بإساءة، من تبعهم بإحسان فعليه الصلاة يصلى عليه و تابع التابعين أيضا من الأولين و الآخرين إلى يوم القيامة إلى يوم الدين و هو يوم الحساب و الجزاء.

 ثم قال و بالله نستعين : نستعين يعني: نطلب العون و نتوكل عليه في أمورنا كلها فيما نقول و فيما نعمل و فيما نكتب و فيما نؤلف، إذا أعانك الله فأنت موفق و إذا لم يعن الله العبد فلا يستطع أن يعمل.

إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

الاستعانة التوكل عليه و الاعتماد عليه و لهذا في سورة الفاتحة جاء إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ نخص الله بالعبادة و ونخصه بالاستعانة , و الاستعانة هي التوكل و الاعتماد على الله قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ  فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ  وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

فالتوكل شرط في صحة الإيمان و الاعتماد على الله و تفويض الأمر إليه بعد فعل الأسباب النافعة هذا هو الاستعانة.

و التوكل يجمع أمرين الأمر الأول فعل الأسباب النافعة المشروعة و ثانيا الاعتماد و تفويض الأمر إلى الله ثم تأتي النتيجة بعد ذلك، فالإنسان يعتمد على الله و يتوكل عليه في أمور دينه و دنياه في أمور الدنيا يبذر و يزرع و يبيع و يشتري هذه أسباب ثم يتوكل على الله في حصول النتيجة، أنت تحرث الأرض و وتبذرها و تسقيها و تزيل عنها الآفات ثم تتوكل على الله في حصول النتيجة، و كذلك أيضا في بيعك و شرائك تتوكل على الله في أمور دينك فأنت تفعل الأسباب و تؤمن بالله و رسوله ﷺ و تؤدي الواجبات و تنتهي عن المحرمات و تستقيم على دين الله و تقف عند حدود الله ثم بعد ذلك النتيجة على الله ، تفوض الأمر عليه

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد