في أحكام، أحكام الجهاد، أحكام البيع والشراء، أحكام النكاح، أحكام الطلاق، أحكام المداينات، وابن عمر t تعلم، تعلم الأحكام من البقرة، كان الصحابة-رضوان الله عليهم- يتعلم عشر آيات لا يتجاوزها حتى يتعلم معانيها والعمل بها.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثني الذين كانوا يقرئون القرآن، عبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي r عشر آيات لا يتجاوزوها حتى يتعلموا معانيها والعمل بها.
هذا الكتاب العظيم جاءنا من من؟ من الله U، كلام الله تكلم الله به، أفضل الكلام، لا يمس المصحف إلا طاهر، كما في الكتاب الذي كتبه النبي r لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر، قال الشيخ بن تيمية-رحمه الله تعالى- أخذ به الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، لا يجوز للإنسان أن يمس المصحف إلا طاهراً، هكذا.
ولو عليه جن، إذا كان ليس متوضأ يكون من وراء حائل أو كيس يمس المصحف به، وينبغي أن يُعلم الصبيان الصغار أن يتوضئوا، كتب التفسير يجوز للإنسان أن يمسه، إذا كان في كلمة وتفسيرها، مثل التفسير هذا القرآن موجود كاملاً، وهل يُقال أن هذا كتاب تفسير أم قرآن وتفسير؟ القرآن كاملاً الآن التفسير موجود الآن لكن القرآن كامل من أول القرآن إلى آخره، والتفسير في الحاشية.
الأحكام كلها من القرآن، ولله المثل الأعلى، لو جاءنا خطاب من رئيس أو ملك، ماذا يعمل بالخطاب، يفخمونه ويوظفونه ويفسرونه ويسألون عنه، ويحللون نصوصه كلمة كلمة، وهو محل خطأ ونقصان.
وفي هذا كلام الله، كلام الله ، تفسير من حكيم حميد، { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ }، ثم يمضي العمر ولا نمر على كلام الله، ولا على تفسيره، ينبغي العناية بالتفسير، وترون الدروس في تفسير القرآن قليلة، أكثر الدروس في الفقه، أو في الحديث، لكن الدروس في التفسير قليلة، لذا ينبغي الدفع بدروس التفسير للقرآن العظيم تفسير كلام الله U.
لأن هذا كلام الله، كيف لا يتفهم نصوص كلام الله، كيف لا يعتني بكلام الله؟ والقرآن سبب السعادة والنجاة، من هنا يكون الدرس تفسير، وهذا التفسير من أخصر التفاسير وهو تفسير مختصر فيه تفسير الكلمات، التفسير لا يزيد عن كلام الله.
هو في الجملة يعني إشارة كلمات تدل على غيرها، فالكلمة تُقرأ وتفسر بكلمات، وعليه بعض الملحوظات في العقيدة، قد يؤول...من قوله تعالى: { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا }، يقول: وجاء أمره، هذا على طريقة الأشاعرة، تأويل، والصواب أن يُقال فيه إثبات المجيء لله، وأن الله يجيء، يجيء كما يليق بجلاله وعظمته، لا نعلم كيفية المجيء، خصائص لله U، كذلك البصر والسمع، فيُنبه على مثل هذا.
وهذا التفسير الآن، التفسير فيه حاشية أو وضع على الحاشية تفسير آيات فسرها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى- له تفسير على بعض الآيات، ليس على كل الآيات بل على بعض الآيات.
في أول سورة البقرة انتقل إلى قوله تعالى: { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ }، ونحن الآن نبدأ الآن في تفسير هذا، ونقرأ من سورة الفاتحة للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، ثم نقرأ كلام المفسر الآن.
(المتن)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، اللهم اغفر لشيخنا وارفع درجته في عليين، وبارك له في وقته وعلمه وذريته، أهلاً بكم أيها الحضور طلاب العلم في مجلسٍ من مجالس العلم ونسأل الله U أن يسلك بنا سبيل الجنة.
(الشرح)
قبل أن تبدأ لو في أحد من الإخوان يريد أن يسأل سؤال يسأل، له تعلق، هو يقول هل عم النبي r أهون عذاباً من المؤمنين الموحدين الذين يعذبون في النار؟ لا، المؤمن الموحد الذي يعذب في النار عذابهم مؤقت، وأخف من عذاب الناس جميعاً.
لأن النار تلهبهم ولا ...ولا تأكلهم، بخلاف الكفار، فعذابهم دائم، ولكن أبو طالب أهون أهل النار عذاباً من الكفار، أهون عذاباً من الكفار وهو مخلد في النار، ولكنه أهونهم.
لما دافع النبي r خف كفره، فشفع له النبي r فخف عذابه بالنسبة للكفرة، أما الموحدون فإن عذابهم أخف من عذاب الكفرة، لأنه لا يكون من جميع الجهات لا تغمرهم من جميع الجهات، وعذابهم المؤقت، وهم في الطبقة العليا، لأن النار درجات كل دركة سفلى أشد عذاب من الدركة التي فوقها، فهم في الطبقة الأولى في أخف المعذبين.
وهذا يُحمل عليه كلام من قال من بعض السلف. (09:10) ، وبقيت الطبقات الأخرى.
والخلاصة أن عم النبي r أهون من الكفرة عذاباً، وأما الموحدون فليس كالكفرة فهم عذابهم أخف، وليس مستمراً.
(المتن)
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- وروي عنه بمنه وكرمه: اعلم أرشدك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة، أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} 2 ففسر السهو بالسهو عن وقتها - أي إضاعته -، والسهو عمّا يجب فيها، والسهو عن حضور القلب، ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ».
فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: " يرقب الشمس " وبإضاعة الأركان بذكره النقر، وبإضاعه حضور القلب بقوله: " لا يذكر الله فيها إلا قليلا ".
إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة، وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
(الشرح)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
هذه الكلمات كلماتٌ عظيمة ذكرها الإمام المجدد يفوح منها رائحة الإخلاص والصدق، ومحبة الخير للناس جميعاً، وهكذا أهل العلم، فإن أهل العلم أنصح الناس للناس، وفي مقدمتهم الأنبياء، الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنصح الناس للناس، وأنصحهم نبينا r، وأهل العلم أنصح الناس بالناس.
كما قال الإمام –رحمه الله- في خطبة: قال: ما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم، ما أحسن أثرهم على الناس ينصحون ويبينون ويصبرون على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، كم من تائهٍ عن الحق أحيوه، وكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه هدوه.
ثم قال: ما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم، لأنهم يحسنون أثر الناس ينصحون ويرشدون ويعلمون، وينقذون الناس من الغواية، والناس يسبونهم ويقتلونهم، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم.
فالعلماء ورثة الأنبياء، وهم أنصح الناس على الناس، ومن ذلك الإمام المجدد الشيخ-رحمه الله- إمام الدعوة السلفية اسمع هذا الكلام كلامٌ عظيم، انظر إلى الصدق والإخلاص ومحبة الخير، يقول: اعلم، كلمة اعلم أي افهم تنبيه لطالب العلم، فلا تشك ولا تتوهم ولا تظن.
لأن مدارك التي تلقي بالإنسان: العلم، والشك، والظن، والوهم أربعة، أربعة أشياء، العلم والشك والظن والوهم، العلم هو يقين القلب، العلم أن يعلمه الإنسان ويتيقن به، هذا يُسمى علم ثم يقين، والشيء الذي يتردد فيه الإنسان بين شيئين إن كان هناك غلبة ظن يتردد بين شيئين أحدهما أرجح من الآخر، أو لا ترجيح لأحدهم على الآخر.
إن كان يتردد على شيئين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى ظن، والمرجوح يسمى وهم، وإن لم يكن بينهما ترجيح فهو شك، فإذا كنت شاك بين شيئين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يُسمى ظن، والمرجوح يسمى وهم، وإذا كان لا ترجيح لأحد على أحد يسمى شك، وإذا كنت تجزم بالشيء يسمى علم.
فالمؤلف يقول:اعلم، أي: تيقن، لا تشك، ولا تظن ولا تتوهم، اعلم تعلم، علم اليقين أرشدك الله لطاعته، هذا من النصح، يُعلمك ويدعو لك، أرشدك الله لطاعته يعني خبر بمعنى الدعاء والمعنى: أسأل الله أن يرشدك لطاعته، هذا من النصح، يُعلمك ويدعو لك.
وأحاطك بحياطته، يعني دعاء يدعو لك، أسأل الله أن يحيطك بحياطته، حتى لا تزل في الشبهات والشهوات، وحتى لا تتولاك الشياطين أحاطك الله بحياطته، دعاء ثالث: وتولاك في الدنيا والآخرة.
يعني أسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة، ومن تولاه الله في الدنيا والآخرة فهو السعيد، أرأيت نصح هذا الإمام؟ هكذا أهل العلم.
اعلم يعلمك ويدعو لك بدعوات عظيمة ليتقبلها الله صرت من السعداء، الدعاء الأول: أرشدك الله لطاعته، والدعاء الثاني: أحاطك بحياطته، والدعاء الثالث: تولاك في الدنيا والآخرة.
إذا تقبل الله هذه الدعوات صرت من السعداء، ما هو الشيء الذي تعلمه أيها الإمام، ما هو الذي تعلمنا به؟ قال: أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، اجعل في ذهنك هذا، افهم واعلم أن مقصود الصلاة وروحها ولبها ما هو؟ إقبال الله على الله، حضور القلب، فهمتهم هذا، حضور القلب في الصلاة ما هو؟ هو مقصود الصلاة، وهو لبها وروحها.
إذا خرجت الروح من الإنسان ماذا يكون؟ لا يتكلم ولا يسمع ولا يرد الكلام، بل إنه لو تأخر عند أهله يوم أو يومين شق عليهم يُبادرون لماذا؟ لإواءه بحفرة، خلاص انتهى ما في روح، كذلك الصلاة بلا حضور قلب مثل جسد بلا روح، ما فيها فائدة.
فحضور القلب هو روح الصلاة، وهو اللب، إذا أخذ اللباب وبقي القشر هل يُستفاد من القشر؟ الصلاة تحضر القلب قشور بلا لباب، اللب هو روح الصلاة، روح الجسد هو حضورها، المقصود من الصلاة حضورها، فهمتم التنبيه هذا العظيم، أن مقصود الصلاة وروحه ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى.
إذاً علينا أن نجاهد أنفسنا، إذا دخل الإنسان في صلاة أقبل عليه الشيطان، حتى يذكره الأشياء التي نسيها، وهذا ثبت في الحديث الصحيح أن النبي r قال: «أن الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله ضراط»، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التأذين رجع.
فإذا ثوب في الصلاة ولى، فإذا قيل التثويب رجل حتى يقع يبن العبد وقلبه يقول يا فلان اذكر كذا، اذكر كذا، فلا يزال يذكره الأشياء التي نسيها حتى يخرج من الصلاة ولم يصليِ.
إذا لابد من جهاد النفس لابد، الإنسان يجاهد لابد من جهاد الناس والمغالبة والمدافعة، لا تستسلم للوساوس، كلنا ذلك.
لكن الإنسان يدافع ويجاهد، ويغالب قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:69]، الإنسان يجاهد ويغالب، يغالب الوساوس حتى يحصل على مقصود الصلاة ولبها وروحها، ولهذا قال المؤلف-رحمه الله تعالى-: فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، إذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه.
إذا صليت وليس عندك حضور قلب صليت بلى قلب، صليت بقشر، فكأنك جسدٌ بلا روح، الصلاة التي ليس فيها حضور قلب كالجسد الذي ليس فيه روح، ثم ذكر دليلاً، ما هو الدليل على هذا.
الشيخ-رحمه الله- قال: الصلاة بلا حضور قلب كالجسد بلا ورح، ما هو الدليل؟ قال: ويدل على هذا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}، الشيء الذي يدعم بالدليل يُقبل، والشيء الذي لا دليل عليه لا يُقبل، يدل عليه قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}.
والويل هو شدة العذاب والهلاك، فويل شدة العذاب والهلاك للمصلين من هم المصلين؟ الذين هم عن صلاتهم ساهون، فلذلك لا تقف على قول المصلين وتقف لا كمل، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}.
فالكلام لا يفصل بعضه عن بعض لأنه يتعلق بعضه ببعض، لأنك لو قلت ويل للمصلين، صار المصلي متوعد بالويل وهذا باطل، الله تعالى وعد المصلي بالثواب العظيم، {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:3]، يعني المصلين من هم الذين لهم الويل؟ الموصوفين بهذا الوصف.
من هم الذين لهم ويل من المصلين هل كل المصلين أم بعض المصلين؟ بعض المصلين، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}، ما المراد بالسهو؟ قال المؤلف-رحمه الله-: ففسر السهو بالسهو عن وقتها - أي إضاعته -، والسهو عمّا يجب فيها، والسهو عن حضور القلب، إذاً فسر السهو بكم تفسير؟ بثلاث تفسيرات:
التفسير الأول: فسر السهو بالسهو عن وقتها أي إضاعتها، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} يسهون عن الصلاة فيؤخرونها عن وقتها، لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس، أو لا يصلي العصر إلا عند غروب الشمس، لا يصلي المغرب إلا بعد الشفق الأحمر، هذا سهو عن الوقت، لهذا متوعد بالويل.
فويلٌ للمصلين هذا وعيد، لذلك لا يعرفه إلا القلوب الحية، الذي لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس من المتوعدين، الذي لا يصلي الفجر إلا بعد الإشراق متعمد، حتى إنه لا يركب الساعة، هذا عبل، هذا متوعد، فأفتى جمعٌ من أهل العلم أنه كافر واستدلوا بما ثبت في صحيح البخاري أن النبي r قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»، والذي يحبط عمله هو الكافر، وكل الصلاة، قال تعالى: ومن يكفر بذلك فقد حبط عمله.
الله تعالى قال: { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا }، وكما أن الصلاة لا تصح قبل دخول الوقت فلا تصح بعد خروج الوقت إلا بالعذر وهذا لا عذر له فلا تصح صلاته ويكون كافراً، أفتى بهذا جمعٌ من أهل العلم ومنهم الشيخ بن باز-رحمه الله – وجمعٌ من أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: لا يكون كافر لأنه صلى ولو بعد الوقت لكن يكون واقع في..، إذا فسر السهو بالسهو عن وقتها فأضاع الوقت، وفسر السهو بالسهو عما يجري فيها، من الطمأنينة، والتكبير، وقراءة الفاتحة وغيرها.
وفسر السهو بالسهو عن حضور القلب، يعني سها سيطرت عليه الوساوس، إذاً فسر السهو بالسهو عن وقتها بإضاعة الوقت، والسهو عما يجب فيها، من التسبيح والذكر والقراءة، والسهو عن حضور القلب.
واستدل المؤلف-رحمه الله- على تفسير السهو بهذه الأمور الثلاثة بالحديث الذي رواه الإمام مسلم، قال: ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق»، ثلاث مرات، تلك اسم إشارة ما هي صلاة المنافق، « يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ». هذا صلاة المنافق يرقب الشمس حتى تغيب فإذا قربت الغروب وصارت بين قرني شيطان فصلها أربع ركعات نقرها لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
كيف تكون بين قرني شيطان، هل الشيطان له قرن؟ ما هو قرن الشيطان؟ قرن الشيطان قيل ناحية رأسه، يعني هذا قرن وهذا قرن، إذا طلعت الشمس أو غربت يصير الكفار الذين يعبدون الشمس، والشيطان عند غروبها وعند شروقها، يقرب رأسه فيجعل الشمس تغيب بين قرنيه حتى تكون العبادة له، حتى تكون عبادة الكفار له.
الحرص على عبادة الناس له عند غروبها وعند شروقها يجعل الشمس كأنها غربت بين قرني رأسه، حتى تكون العبادة له، هذا المنافق ماذا يعمل؟ يؤخر الصلاة، حتى إذا كادت الشمس أن تغرب بين قرني شيطان ويسجد مع الكفار شابه الكفار، فقام فنقر أربع ركعات العصر.
لا يذكر الله فيها إلا قليلا، كم وصفه الرسول r؟ قال: فوصفه بإضاعة الوقت، ضيع الوقت، متى صلى؟ الصلاة متى تكون العصر؟ إذا صار ظل كل شيءٍ مثله إلى اصفرار الشمس، هذا وقت الاختيار وقت الضرورة إذا اصفرت الشمس إلى غروبها.
إذاً خرج وقت الاختيار وأضاع الوقت، لأنه قام متى يصلي؟ لما كانت بين قرني الشيطان فضاع الوقت، فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: " يرقب الشمس " وبإضاعة الأركان بذكره النقر، لكن بعض الناس تجده يصلي يركع الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ليست هكذا الصلاة، لابد فيها من الطمأنينة النبي r علم المسيء صلاته، علمه لما جاء رجل إلى النبي r والنبي r جالس في المسجد قام وصلى ركعتين ونقرها نقراً فجاء فسلم على النبي r قال: ارجع فصلي فإنك لم تصلي.
صلى أم لا؟ صلى، لكن الرسول قال: فإنك لم تصلي، هو صلى الصلاة السورية، ولكنه لم يصلي الصلاة الشرعية، فلهذا قال النبي: فإنك لم تصلي، لم تصلي الصلاة الشرعية وإن كنت صليت الصلاة السورية، فرجع الرجل وصلى، ثم جاء فسلم على النبي، مازال أنه صلى ثم سلم، فقال له ارجع فصلي فإنك لم تصلي، ثم رجع الرجل ما يعرف نقرها نقراً، فقال ارجع فصلي فلم تصلي، فقال في المرة الرابعة، قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني.
فعلمه النبي r فقال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمأن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمأن ساجدا، ثم ارفع حتى تعدل جالساً»، هذا لابد منها، لذلك قال العلماء: الطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، إذا فقدت الطمأنينة بطلت الصلاة.
بعض الناس خصوصاً إذا كان يصلي وحده، ترى بعض الناس إذا انتهت الصلاة إذا دخل ينقر الصلاة نقراً، حتى تحس بأنه لم يقرأ الفاتحة، الله أكبر سمع الله لمن حمدا الله أكبر، لا هذا نقراً، يرفع الرأس ويسجد.
لذلك ينبغي التعليم، إذا رأيت أحداً هكذا علمه يا أخي، باللين والرفق يا أخي بارك الله فيك أنت الآن لست مطمئن في صلاتك، الصلاة ما تصح ولا تجزئ إذا لم تطمئن فيها، الرسول أمر الرجل أن يعيد الصلاة ثلاث مرات بعض الناس لا يدري.
بعض الناس يقول يا أخي مستعجل أنا عندي عمل وعندي كذا، أو معه سيارة، كما يقول: أنا خلاص صغاري ينتظروني، يا أخي هذه صلاة لابد من الطمأنينة لابد أن تؤدي الصلاة هذا فرض أوجبه الله عليك، لابد أن تصلي كما أمرك الله.
كذلك بعض الناس في الصلاة، وأنت تصلي إلى الإمام ننظر إلى من يقف، أحياناً تسلم التسليمة الثانية وبعض الناس يركع هذا كيف؟ قام والإمام يسلم التسليمة الأولى ولما سلم التسليمة الثانية وهو يركع، ألا ترون بعض الناس هكذا؟
أين الطمأنينة أين قراءة الفاتحة؟ كيف قرأ حتى لو قرأها في نفسٍ واحد قرأ سبع آيات ممكن قرأها والإمام يسلم التسليمة الثانية، أليست هذه نقرها نقراً، أين التنبيه، أين التعليم؟
كذلك بعض الناس مثلاً مسافر إذا كان مسافر تجده ينقر نقراً، يقول نحن مسافرين، طيب مسافر ما تطمئن في صلاتك، المسافر تسقط عنه الطمأنينة؟ لا، المسافر خفف الله عنه الرباعية تقصر لكن لابد من الطمأنينة، صحيح أنك تقصر بالقراءات الصغار، مثلاً في الفجر ..لكن لابد من الطمأنينة في الركوع، في السجود في قراءة الفاتحة، لابد في هذه المواضع الثلاثة تطمئن فيها.
إذا كان يصلي وحده أو يقضي ما فاته مع الإمام، أو كان في سفر، فيقول المؤلف هنا: فوصفه بإضاعة الوقت بقوله ينقر الصلاة، بإضاعة الأركان بذكر النقر، وبإضاعة حضور القلب بقوله: " لا يذكر الله فيها إلا قليلا ".
إذاً هذا الحديث وصفه بأي شيء؟ وصفه بإضاعة الوقت وقوله يرقب الشمس، أضاع الوقت لا يصلي إلا عند الغروب، وإضاعة الأركان بنقرها أربعاً، وبإضاعة حضور القلب، هذا دليل من المؤلف استدل به على أي شيء؟ استدل به على السهو في الصلاة، بأن {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} بأنه فسر بالسهو عن وقتها، وبالسهو عما يجب فيها من الأركان، وبالسهو عن حضور القلب، هذا السهو.
ثم قال المؤلف: إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة، إذا فهمت هذا وهو أن الصلاة بلا حضور قلب كالجسد بلا روح، وأنه لابد من حضور القلب، ولابد من الطمأنينة، ولابد من أداء الواجبات ولابد من العناية بالوقت، قال: فإذا فهمت ذلك تفهم نوعاً واحداً من الصلاة وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
هو قال أنا سأبين لك هذا هو نوع واحد وهي قراءة الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة، فانتبه لعل الله يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة التي قبلها، التي يضاعف الله بها الثواب ويكفر بها الذنوب.
فالمؤلف-رحمه الله- قال: سأبين لك نوعاً واحداً من الصلاة وهو قراءة الفاتحة، قال لعل الله، أي: أرجو الله هذا أيضاً من النصح، قال أرجوا الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة، المضاعفة والمكفرة للذنوب، ثم بدأ في شرح هذه السورة العظيمة وهي سورة الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن، أعظم سورة في القرآن هي الفاتحة، وهي سر الخليقة.
الفاتحة كما سيبين المؤلف وكما سيأتي أعظم سورة في القرآن، كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي r قال: «لأعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ثم قال: الحمد لله رب العالمين»، فهي من السبع المثاني من القرآن العظيمِ.
وكما سبق أن الله تعالى جمع ما في الكتب السابقة من العلوم والمعارف والحكم في القرآن، وجُمع ما في القرآن في الفاتحة، وجُمع ما في الفاتحة في آية واحدة إياك نعبد، هي سر الخليقة، السر الذي خلق الله الخليقة إياك نعبد، وهو معنى لا إله إلا الله، لا معبود حق إلا الله، إياك نعبد يعني نعبد ولا نعبد غيرك، وهذا معنى لا إله إلا الله.
لأن تقديم الظرف يفيد الحصر والاختصاص، إياك نعبد نعبدك ولا نعبد غيرك، هذا هو معنى لا إله إلا الله قيل معناها: لا معبود حقٌ إلا الله. سيأتي إن شاء الله الكلام على الفاتحة من كلام المؤلف، نعم.
(المتن)
ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي. فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل » انتهى الحديث.
فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه، وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى، وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب، تبين له ما أضاع أكثر الناس.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له * فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
(الشرح)
المؤلف-رحمه الله تعالى- يقول: من أحسن ما يفتح الله لك في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة، من أحسن ما يفتح الباب في فهم الفاتحة حديث أبو هريرة، وحديث أبي هريرة حديث قدسي من كلام الله U.
الحديث القدسي هو الذي يرويه الرسول r عن ربه U، هذا يُقال له حديث قدسي، هذا من كلام الله نصاً ومعنىً تكلم الله مثل القرآن، القرآن كلام الله، لفظه ومعناه، حروفه ومعانيه،هذا هو الصواب الذي عليه أهل الحق الصحابة والتابعون وأهل السنة والجماعة.
أن القرآن كلام الله ألفاظا ومعانيه، حروفه ومعانيه، خلافاً لأهل البدع، هو كلام الله صفة من صفاته، لفظه ومعناه، حرف ومعنى، أما أهل البدع كالمعتزلة يرون أن القرآن صحيح لفظٌ ومعنى لكنه مخلوق، كلام الله مخلوق، وهذا كفرٌ وضلال.
والأشاعرة يقولون: كلام الله المعنى دون اللفظ، المعاني دون الألفاظ، يقولون كلام الله معنى قائم بنفسه، ما يُسمع منه، كالعلم، كما أن العلم في نفسه لا يُسمع فكذلك الكلام معنى في نفسه.
ويقولون: أن القرآن هذا الذي نقرأه بين أيدينا ليس هو القرآن، وإنما هذا بما تأدى به كلام الله، تأدى به كلام الله، وأما كلام الله في نفسه لا يُسمع، كيف؟ قال بعضهم: اضطر الله جبريل القراءة ففهم المعنى القائم في نفسه فعبر بهذا.
جعلوا الرب أبكم، لا يستطيع أن يتكلم نعوذ بالله، لو كان يتكلم قالوا للزم في ذلك تشبيه المخلوقين فإذاً قالوا: لا يتكلم، كيف يتكلم؟ قالوا: يتكلم في نفسه، كيف أنزل القرآن قال: اضطره جبريل ففهم المعنى القائم في نفسه فعبر عنه.
وقالت طائفة أخرى: الذي عبر به محمد، وقالت طائفة ثالثة من الأشاعرة جبريل أخذه من اللوح المحفوظ ولم يسمع من الله.
وهم يقولون: القرآن يسمى كلام الله مجازاً، كيف يسمى كلام الله مجازاً، قالوا: لأنه تأدى به كلام الله فجاز، ولهذا بعض الأشاعرة لا يُبالي بالقرآن ولا يحترم القرآن يقول هذا كلام الله لا يُبالي، حتى لو داسه بقدميه نعوذ بالله قال: كلام الله في نفسه، هذا تأدى به كلام الله نسأل الله السلامة والعافية، وهذا من أبطل الباطل.
قال بعضهم: الكلام هو الحروف، والصواب الذي لا عدول للمسلم عنه وهو قول أهل الحق أن كلام الله هو الحروف والمعاني ألفاظ ومعاني،كما قال الشيخ بن العثمين-رحمه الله- في العقيدة الواسطية، عقيدة عظيمة ينبغي لطالب العلم أن يحفظها.
قال: والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف الجملة هذه عظيمة احفظها، والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.
فإذاً القرآن كلام الله لفظاً ومعنى، كذلك الحديث القدسي من كلام الله لفظ ومعنى، لكن الحديث غير القدسي هو من الرسول r لفظاً ومن الله معنىً، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم3 :4].
مثل قول النبي r: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، هذا من كلام الرسول لكن معناه من الله.
لكن مثل الحديث القدسي مثل حديث أبي ذر: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا»،حديث:«أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»، « قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين»، هذا من كلام الله لفظاً ومعنى مثل القرآن، إلا أن كلام الله يتفاوت، بعضه أفضل من بعض يختلف عن القرآن.
القرآن متعبد بتلاوته، والحديث القدسي ليس متعبدٌ بتلاوته، القرآن لا يمسه إلا متوضأ، والحديث القدسي يمسه غير المتوضأ، القرآن معجز، والحديث القدسي ليس بمعجز، نعم، فإذا انتهى الوقت فأمرنا إلى الله.
نقف على هذا، وفق الله الجميع لطاعته وثبت الله الجميع.
(المتن)
السلام عليكم ورحمة الله بارك الله في شيخنا على هذا الدرس المبارك وأرجوا الله لنا وله التوفيق، تنبيهات بسيطة الآن سيكون عندنا عشر دقائق راحة ويوجد شيء يسير، ثم سيكون الدرس إن شاء الله لفضيلة الشيخ الدكتور.