بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى-:وأما قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل. وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا كمال الطاعة; والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول التبرؤ من الشرك، والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحدا، لا ملكا ولا نبيا ولا غيرهما، كما قال للصحابة: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى "تاج" و"محمد بن شمسان" فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟
وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا فيه أمران: أحدهما سؤال الإعانة من الله، وهو التوكل والتبري من الحول والقوة. وأيضا طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في تفسير سورة الفاتحة: وأما قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل. فسر المؤلف-رحمه الله- العبادة بكمال المحبة، وكمال الخضوع والخوف من الذل، يعني العبادة التي يصرفها المسلم لله هي التي يتقرب بها على هذه الحالة، الصلاة تُصلي مع كمال المحبة، وكمال الخضوع، والخوف والذل لله.
العبادة لابد فيها من كمال المحبة غاية المحبة، العبادة لها خصائص، في الأول كمال المحبة، والقطب الثاني كمال الذل والخضوع، والعبادة تدور على هذين القطبين، ويدير هذين القطبين أمر الله وأمر رسوله، كما قال العلامة ..عبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عامله، ومداره بالأمر أمر رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان.
هذه العبادة غاية الذل لله وغاية الحب، حب الطاعة محبة الطاعة، محبة العبادة، أما المحبة الطبيعية كمحبة الناس محبة الزوجة محبة الأولاد هذه محبة طبيعية، محبة الطعام محبة الماء، لكن محبة العبادة هذه كمال المحبة وكمال الذل والخضوع.
وعبادة الرحمن غاية حبٍ مع ذل عابدٍ وعليهما قطبي العبادة دائرٌ ما دار حتى قام القطبان، محبة الله وأمر الله وأمر رسوله، هو الذي يدير العبادة، فإذا جاء أمر الله أقيموا الصلاة، أو النهي لا تقربوا الزنى، وأمر الرسول r، «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، هذا الأمر تفعله مع غاية المحبة.
فالعبادة المؤلف كما قال: كمال المحبة وكمال الخضوع والخوف والذل، وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر، إياك نعبد، إياك، ولم يقل نعبد، لماذا قدم المفعول لإفادة الحصر والاهتمام والاختصاص، والمعنى نخصك يا ألله بالعبادة ونحصر العبادة فيك فأنت المستحق لها.
فإذاً قدم الظرف أفاد الاختصاص والحصر، أي لا نعبد إلا إياك، وبذلك يكون المسلم هنا وحد الله وأخلص لله العبادة، ويكون معنى إياك نعبد هو معنى لا إله إلا الله يكون فيه نفي وإثبات، إثبات نعبدك يا ألله، والنفي ولا نعبد سواك، لكن لو لم يقدم الظرف ما أفاد الاختصاص فتقديم المفعول.
أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا كمال الطاعة; والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، العبادة هي الطاعة، الدين كله يرجع إلى هذين المعنيين:
المعنى الأول : التبرؤ من الشرك، والثاني تخصيص الله بالتوكل والاستعانة، والتبرؤ من الحول والقوة، فالدين لابد من هذين الأمرين، إلى العبادة والتوكل، تخصيص الله بالعبادة، والتوكل.
قد جمع الله بينهما فأعبده وتوكل عليه، هذه العبادة والتوكل، السر في خلق المخلوقات، المخلوقات إنما خُلقت لعبادة الله،إياك نعبد هي السر، فقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}،أي إياك نوحد، يعني نوحدك يا ألله بالعبادة ولا نعبد غيرك، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحدا، إياك نعبد يعني نعبدك يا ألله، ( 08:9) ال المشركين، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحدا لا ملكا ولا نبيا ولا غيرهما، كما قال الله تعالى للصحابة: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
يعني أن الله تعالى يأمر عباده بالتوحيد، وينهاهم عن الشرك، قال المؤلف فتأمل هذه الآية أي: إياك نعبد وإياك نستعين، واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، الحمد لله رب العالمين، الربوبية هي ..الرب بالتصرف والتربية، ويختص الله بالإلوهية والعبادة، الرب هو المتصرف وهو المعبود دون من سواه.
وأعرف ما ذكرت لك في الربوبية أنها التي نسبت إلى "تاج" و"محمد بن شمسان" كان في زمن الإمام، ..فجعلها إله عبدها وذبح لها ونذر لها جعلها إله، جعلها إلهاً وجعلها رباً، ولذلك قال:وأعرف ما ذكرت لك في الربوبية وأن الربوبية مختصة بالله وهو الرب دون ما سواه وأن الله هو المعبود دون ما سواه تعرف حينئذٍ أن...إنما عبدوه من دون الله جعلوه إله، جعلوه رب.
قال المؤلف: فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن لها في تاج وأمثاله؟ الآية، {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، الخطاب لمن؟ للصحابة، يقول الله تعالى لهم: الله لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، لأن الله لا يأمر بالكفر، ومعناها أنكم لو اتخذت الملائكة والنبيين أرباباً لكفرتم، فإذا كان الذي يتخذ النبي أرباب يكفر، فكيف من يتخذ شمسان وغيره رباً أعظم كفراً.
فإذا كان الصحابة لا يفعلونها مع الرسل، يفعلون أي شيء؟ يتخذونهم أربابا يعبدونهم من دون الله، إذا كان الصحابة...فكيف بمن فعلها..،
وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا فيه أمران: أحدهما سؤال الإعانة من الله، وهو التوكل والتبرأ من الحول والقوة. أن تقول إياك نستعين أي أتوكل عليك يا ألله، وأيضا طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
الفتحة نصفان: نصفٌ لله ونصفٌ للعبد، نصف لله لقول: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد انتهى النصف، وإياك نستعين ابتدأ النصف الثاني للعبد، هذا هو معنى قوله: وأيضاً طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد. نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، وأما قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فهذا هو الدعاء الصريح الذي
هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه، كما من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح قوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} والهداية ها هنا التوفيق والإرشاد. وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
والصراط الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه، والمراد بذلك الطريق الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم; وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم، وكلّ ما خالفه من طريق أو علم أو عبادة، فليس بمستقيم، بل معوج.
وهذه أول الواجبات من هذه الآية، وهو اعتقاد ذلك بالقلب. وليحذر المؤمن من خداع الشيطان، وهو اعتقاد ذلك مجملا وتركه مفصلا، فإن أكفر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإنّ ما خالفه باطل، فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}.
(الشرح)
هذه الآية اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، قال المؤلف-رحمه الله: فهذا هو الدعاء الصريح، دعاء يعني طلب وسؤال الله، والدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه.
إذاً هذا السؤال اهدنا الصراط المستقيم هذا دعاء صريح وهو حظ العبد من ربه، وهو التضرع إلى الله والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لا يوجد شيء في الدنيا والآخرة أفضل منه، وهو أن يرزقه الصراط المستقيم، الهداية إلى الصراط المستقيم.
كما من الله على رسوله بعد الفتح بقوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} ويقول المؤلف: والهداية ها هنا التوفيق والإرشاد. قال المؤلف: وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، العبد مضطر إلى هذه المسألة وهي الهداية إلى الصراط المستقيم وضرورته إلى الصراط المستقيم أعظم من ضرورته إلى الطعام والشراب، بل أعظم من ضرورته للهواء والنفس الذي يتردد بين جنبي الإنسان، كيف ذلك؟
الهداية إلى الصراط المستقيم حياة القلوب والأرواح، والطعام حياة الأبدان، وأيهما أهم حياة الأرواح والقلوب أم حياة الأبدان؟ لاشك حياة القلوب والأرواح أهم من حياة البدن، حياة البدن بأي شيء؟ بالأكل والشرب كسائر الحيوانات.
فإذا فقد البدن الطعام والشراب أو الهواء مات، كل الحيوانات والآدميين وغيرهم كلهم إذا فقدوا الهواء والشراب يموتوا، والموت لابد منه الموت نهاية كل حياة، وإذا فقد الهداية مات الروح والقلب، وإذا مات الجسد ومات على طاعته لا يضره، ينتقل إلى الجنة في الآخرة، وتنتقل الروح إلى الجسد، وإذا فقد الهداية، نُقلت الروح إلى النار ولعياذ بالله، ومن هنا يبين أن ضرورة العبد إلى هذا الدعاء وهو الهداية أعظم من ضرورته إلى الطعام والشراب بل إلى الهواء الذي يتردد بين جنبيه.
ومن لطف الله على عباده وإحسانه أنه أوجب على العبد أنه يدعوا بهذا الدعاء في اليوم والليلة كم؟ سبعة عشرة مرة، غير النوافل، تصلي في الليل مائة ركعة، إذا صليت ثلاثين تقرأ ثلاثين، إذا تصلى الضحى والسنن الرواتب وتصلي تحية المسجد كذلك.
الهداية هنا التوفيق والإرشاد، الهداية أنواع، الهداية أربعة أنواع:
الهداية الأولى: هداية عامة لجميع المخلوقات من آدميين وحيوانا ووحوش وغيرها، قال تعالى: { قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }، هدى الطيور إلى أوكارها، هدى الطفل إلى ثدي أمه، هدى الناس ألهمهم يعرفون كيف يأكلون ويشربون، وكيف يزرعون ويبيعون ويشترون هذه هداية عامة للمؤمن والكافر، واللآدمي والحيوان.
النوع الثاني: هداية خاصة بالمكلفين، وهي هداية الإرشاد والدلالة والإيضاح، هذه يملكها الرسل والدعاة، قال سبحانه: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ }، يعني دللناهم وأرشدناهم، { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }، هذه خاصة بالمكلفين.
الهداية الثالثة: وهي هداية التوفيق والتسديد وهذه خاصة بالمؤمنين، هداية التوفيق والتسديد، ما أحد يستطيعها إلى الله حتى الرسل، كون الإنسان ينتقي الخير ويقبل الخير ويختاره ويرضها، وهذه تنطبق على الرسول r، قال تعالى: { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ }، يعني لا توفق ولا تلهم.
لما مات عم النبي r أبو طالب، وأما هداية الإرشاد يملكها الرسل، قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
الرابع: الهداية في الآخرة، هداية المؤمن إلى بيته في الجنة، وهداية الكافر إلى النار، قال تعالى: { سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ }، جاء في الحديث أن المؤمن أهدى إلى بيته في الجنة من بيته في الدنيا، وأهل النار تهدوهم إلى صراط الجحيم نسأل الله السلامة والعافية.
وهذه الهداية من أيها التي في النهاية من النوع الثالث، هداية التوفيق والتسليم، اهدنا الصراط المستقيم، قال المؤلف-رحمه الله-: الهداية هاهنا التوفيق والإرشاد، وليتأمل العبد ضرورته من هذه المسألة يعني إلى الهداية فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
إذاً الإنسان مضطر إلى هذه المسألة اهدنا الصراط المستقيم تتضمن العلم والعمل الصالح، على وجه الاستقامة، الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، أنعم بأي شيء؟ بالعلم والعمل، علموا ثم عملوا، وهذا هو الرشد.
قال المؤلف: والصراط الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه، هذا الصراط، الصراط في اللغة الطريق الواضح الذي لا عوج فيه، قال: أمير المؤمنين على صراطٍ إذا اعوج الموارد مستقيم، يعني على الطريق الواضح، هذا الصراط المستقيم الطريق الواضح.
والمراد به هنا يقول المؤلف: والمراد بذلك الطريق الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، والعلماء يقولون: الصراط المستقيم فُسر بالإسلام، وفُسر بالرسول r وفسر بالقرآن، وكله حق.
قيل هو الرسول، وقيل الإسلام، وقيل الإسلام، فدين الإسلام مستقيم، والرسول r يدل على الصراط المستقيم، والقرآن هو الصراط المستقيم، الصراط الطريق الواضح المستقيم الذي لا عوج فيه والمراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله r وهو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}.
من هم الذين أنعم الله عليهم؟ أنعمت عليهم بأي شيء؟ بالعلم والعمل، أنعمت عليهم بالعلم، وفقتهم بالعلم ثم وفقتهم بالعمل، من هم، قال: الرسول والصحابة، وهذا مثال، وكذلك التابعين والأئمة ومن بعدهم إلى يوم القيامة كلهم أنعم الله عليهم بالعلم والعمل.
قال المؤلف: وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم; كل ركعة تقرأ الفاتحة تقول: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم.
قال المؤلف-رحمه الله-: وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم، وكلّ ما خالفه من طريق أو علم أو عبادة، فليس بمستقيم، بل معوج. الله يقول اهدنا الصراط المستقيم صدق الله أن الدين مستقيم. وعليك أن تعلم أن كل ما خالفه من طريقٍ أو علم أو عبادة من الطريق المعوج.
وأول الواجبات أن تصدق الله بأن الصراط المستقيم بأن الدين هو الصراط المستقيم، وأن ما خالفه من طريقٍ أو علمٍ أو عبادة ليس مستقيمٍ، هذه أول واحدة، تصدق الله بأن الدين الذي أنزله على رسوله هو الطريق الواضح الذي لا عوج فيه، وهو الحق.
وهذه أول الواجبات من هذه الآية، وهو اعتقاد ذلك بالقلب. تعتقد بذلك بالقلب أن الصراط المستقيم هو الدين الذي أنزله الله على رسوله، وليحذر المؤمن من خداع الشيطان، وهو اعتقاد ذلك مجملا وتركه مفصلا.
قال: فإن أكفر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإنّ ما خالفه باطل، فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}. يعني يقول: أن المسلم أن يعتقد أن الصراط المستقيم هو الدين الذي أنزله الله على رسوله، ويعتقد ذلك بقلبه، ويحذر المؤمن من اعتقاد ذلك مجملاً.
لأن أكفر الناس من المرتدين يؤمنون بأن الرسول على الحق، وأن ما خالفه باطل، لكن عند التطبيق والعمل، لا، إذا جاءهم شيء استهوى أنفسهم قبلوه، وإذا جاءهم شيءٌ ما لا ترضى أنفسهم كذبوه، كما قال الله عن اليهود: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، وأما قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون العاملون بلا علم، فالأول صفه اليهود والثاني صفة النصارى وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى. ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم.
وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات، فيا سبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائما مع ظنه أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله، هذا من ظن السوء بالله. والله أعلم، هذا آخر الفاتحة.
أما آمين فليست من الفاتحة، ولكنها تأمين على الدعاء، معناها: "اللهم استجب"، فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله; والله أعلم.
(الشرح)
وأما قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}، هذه تكملة للدعاء، الدعاء: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، هذا الدعاء، كم آية، اهدنا الصراط المستقيم هذه آية، صراط الذين أنعمت عليهم هذه الآية السادسة، غير المغضوب عليهم ولا الضالين السابعة، ثلاثة آيات كلها دعاء.
اهدنا وثبتنا ودلنا يا ألله على الصراط المستقيم، الدين الحق، صراط الذين أنعمت عليهم بالعلم والعمل، أنعمت عليهم بالعلم والعمل،علموا ثم عملوا، ومن هم الذين أنعم الله عليهم؟
أربع طبقات ذكرهم الله، الطبقة الأولى: الأنبياء.
الطبقة الثانية: الصديقين.
الطبقة الثالثة: الشهداء.
والطبقة الرابعة: الصالحون، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69].
ما أحسن مرافقة هؤلاء الناس، فالأنبياء هم أفضل الناس، هو أفضل الناس علماً وعملاً، وهم أكمل الناس تمسكاً بالصراط المستقيم، ثم يليهم الصديقين، الصديق فعيل صيغة مبالغة، وهو الذي قوي التصديق وإيمانه بالله ورسوله، حتى أحرق الشبهات والشهوات، وفي مقدمة الصديقين الصديق الأكبر وهو أبو بكر.
والطبقة الثانية هم الشهداء، الذين بذلوا أغلى ما يملكون، أغلى ما يملكون هي الروح التي بين جنبيه، بذلها لله حتى ينصر هذا الدين، بذلها أي قتل ومات شهيداً، قتل في سبيل الله فعوض الله أرواحهم في الجنة طير تتنعم، قال r: «إن أرواح الشهداء في حواصل من الطير تسرح في الجنة ترد من أنهارها وتأكل من ثمارها وتغدوا إلى ..معلقة في العرش»، أما المؤمن غير الشهيد فإن روحه تتنعم وحدها.
من هنا تبين أن المؤمن إذا مات تُنقل روحه إلى الجنة تتنعم، إن كان شهيد تتنعم، وإذا كان غير شهيد تتنعم في الجنة، والكافر روحه في النار ولعياذ بالله.
فهؤلاء المنعم عليهم، الأنبياء والصديقين والشهداء ثم الصالحون، والصالحون ثلاث طبقات، السابقون المقربون الذين تقربوا إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ويتركون المكروهات والمحرمات، والطائفة الثانية: الذين يقتصرون على فعل الواجبات ولا يفعلون المستحبات، ويقتصرون على ترك المحرمات، ولكن يفعلون بعض المكروهات. وكلٌ من الصنفين يدخل الجنة من أول وهلة، والصنف الثالث: الظالمون لأنفسهم، الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة لكن ظلموا أنفسهم بالإصرار على بعض المعاصي.
أو قصروا في فعل الواجبات، وفعلوا المحرمات، هؤلاء على خطر منهم من يُعفى عنه ومنهم من يعذب في قبره أو في النار ويطهر ثم يدخل الجنة.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، يعني غير صراط المغضوب عليهم وغير صراط الضالين، ففي هذه السورة تقسيم الناس إلى كم قسم؟ ثلاثة أقسام:
منعم عليهم.
ومغضوب عليهم.
وضالون.
قال المؤلف-رحمه الله-: وأما قوله غير المغضوب عليهم فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، عندهم علم ولكنهم لا يعملون، ويدخل في ذلك اليهود، والضالون العاملون بلا علم، ويدخل في ذلك النصارى العاملون بلا علم، كالنصارى وبعض الصوفية والزهاد ما عندهم علم، يعملون لكن على جهل وضلال، قال المؤلف-رحمه الله-: فالأول صفه اليهود المغضوب عليهم، لأنهم يعلمون ولا يعملون، ومن كان مثلهم في هذه الأمة انطبقت عليهم صفة اليهود هم مغضوب عليهم.
والثاني صفة النصارى، ويدخل في ذلك النصارى، ومن فسد من العباد والزهاد فله نصيب من الضلال، قال المؤلف-رحمه الله-: وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى. ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم.
وهذا من الجهل، من بعض العلماء يقول: غير المغضوب عليهم اليهود، ولا الضالين، النصارى، فيقولون هذه خاصة في اليهود والنصارى، لا، ليست خاصة، من لم يعمل بعلمه مغضوب عليهم تبعاً لهم مثل اليهود، والذي يعمل بجهل، يلحق بالنصارى كالنصارى.
وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى. ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم. وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات، بعض الناس يظن أنها خاصة باليهود والنصارى، وهو يعلم أن الله فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، أي أن الله فرض عليه ووجب عليه أن يدعو بهذا الدعاء دائماً.
مع أنه لا حذر منه، ولا يتصور أنه يفعله، لأنه يقول بعض الناس كثير من بعض المفسرين يقول: غير المغضوب عليهم اليهود، ولا الضالين النصارى، فإذا رأى أن بعض العلماء يفسر المغضوب عليهم باليهود ويفسر الضالون بالنصارى، ظن الجاهل أن هذا مخصوص باليهود والنصارى خاصٌ بهم، المغضوب عليهم هم اليهود، والنصارى ضالون، فقط، ويظن أن ذلك خاصٌ باليهود والنصارى.
وهو يعلم أن الله فرض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، لو كان خاصاً بهم، كيف يأمرك الله أن تقول اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، إذا كان خاصاً باليهود والنصارى، لماذا تدعوا ربك أن يجنبك غير المغضوب عليهم، لو كان خاصاً بهم كان الإنسان ليس عليه خوف، لكنه ليس خاصاً.
بل هذه الأمة من فسد من علماءها ولا يعمل بعلمه فهو من المغضوب عليهم، ومن فسد من عبادها وعبد الله على جهل، فهو ضال.
هذا معنى قوله-رحمه الله-: وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى. ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم. وهو يقول أنه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، أي أنه يعترف بأن الله فرض عليه أن يدعو من هذا الدعاء.
ثم قال المؤلف-رحمه الله-: فيا سبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائما مع ظنه أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله، هذا من ظن السوء بالله. والله أعلم.
يعني يقول المؤلف: عجباً لبعض الجهال اللي يظن أن الله يعلمه هذا الدعاء، اهدنا الصراط المستقيم يعلمه وهو يجيب عليه أن يقول هذا الدعاء ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائماً في كل ركعة، كل هذا يظن أنه لا حذر عليه ولا يدخل في هذا.
كيف يجب الله عليك شيء وأنه لا يتصور أنك لا تفعله، هذا من ظن السوء بالله، من ظن السوء بالله أن تظن أنه لا خطر عليك ولا حذر عليك من مخالفة الصراط المستقيم، هذا من ظن السوء، والنبي r يقول: «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن»، وكان النبي r كثيراً ما يدعو في دعائه: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت عائشة: يا رسول الله كثيراً ما تدعو بهذا الدعاء، فهل تخاف؟ فقال النبي: «وما يؤمنني يا عائشة وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا أراد أن يقذف في قلب عبدٍ»، خلاص.
وبعض الجهال يظن أنه لا خطر عليه، ولا حذر عليه، ولا يتصور أنه يفعل، وأنه يخالف الصراط المستقيم، لكن هذا من ظن السوء بالله، كيف يفرض الله عليك ويوجب عليك أن تدعو بهذا الدعاء في كل يوم وليلة سبعة عشر مرة، ويقول أنه لا حذر عليك ولا خوف عليك، كيف لا حذر عليه ولا خوف؟ هذا من ظن السوء بالله.
من ظن السوء بالله أن تظن أن الله يوجب عليك أن تدعو بدعاء وليس هناك خطر، وأنك لست بحاجة إلى الهداية، هذا من ظن السوء بالله، هذا من الظن السيء، وويل للذين كفروا من ظنهم السوء بالله.
قال المؤلف-رحمه الله-: هذا آخر الفاتحة. أما آمين فليست من الفاتحة، بل يشرع للمسلم إذا قرأ الفاتحة أن يقول آمين، ومعناها اللهم استجب، كل ما قرأت الفاتحة تقول آمين، ما معنى آمين؟ اللهم استجب يا ألله هذا الدعاء، في الصلاة السرية والجهرية والقراءة خارج الصلاة، كل ما قرأت الفاتحة تقول آمين، يعني اللهم استجب، لأنها هي دعاء اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، هذا دعاء، أن تسأل الله قبول هذا الدعاء آمين اللهم استجب.
قال المؤلف-رحمه الله-: فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله; والله أعلم. لأن بعض الجهال يظن أن آمين من كلام الله، لأنه منذ نشأ وهو يقرأ الفاتحة ثم يقول آمين، فيظن أنها من الفاتحة، هذه ليست من الفاتحة انتهت الفاتحة بقول: ولا الضالين، لكنها آمين دعاء تدعو الله أن يستجيب لهذا الدعاء، تقول: اللهم أجب.
(المتن)
وهذه مسائل مستنبطة من سورة الفاتحة; استنبطها شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
الأولى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيها التوحيد.
(الشرح)
نعم هذه مسائل استنبطها الإمام المجدد –رحمه الله- شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من سورة الفاتحة، مسائل وقواعد، استنبط من الفاتحة مسائل:
المسألة الأولى: قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيها التوحيد، أين التوحيد؟ إياك نعبد، كيف حصل التوحيد، حصل من تقديم الظرف إياك، لأن تقديم الظرف يفيد الحصر والاختصاص، حصر العبادة في الله، واختصاص الله بالعبادة، إياك نعبد، أي نعبدك ولا نعبد غيرك، من أين جئنا بهذا؟ من تقديم الظرف، لولا أن يقدم الظرف وقال: ما أعبد إياك يا ألله ما أخذ الحصر، قال: ما نعبد إياك لأنه يعبد الله ويعبد غيره كالمشركين، فإذاً هذه الآية فيها التوحيد، والتوحيد إفراد الله بالعبادة، هذا التوحيد في إياك نعبد، مأخوذ من تقديم الظرف، نعم.
(المتن)
الثانية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فيها المتابعة.
(الشرح)
نعم الثانية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فيها المتابعة، المتابعة للرسول r، لذلك كيف نعرف الصراط المستقيم؟ لا نعرف إلا عن طريق النبي r، هو الذي يعلمنا يفسر القرآن يعلمنا أن الله تعالى فرض علينا أقيموا الصلاة، ما في القرآن كيفية الصلوات الخمس، ولا في القرآن بيان أن صلاة المغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات والعصر أربع ركعات، والفجر ركعتين، لكن من أين أخذنا هذا؟ من الرسول هو الذي علمنا وهو الذي خص.
قال تعالى: { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }، لتبين للناس بين هذا، الزكاة أمرنا الله بها في القرآن، لكن ما في القرآن اشتراط النصاب، اشتراط الحول، لأن الله ذكر الحج لكن ما ذكره بالتفصيل ما فيه الوقوف بعرفة والطواف بالبيت، ورمي الجمار والمبيت بمزدلفة هذا كله في السنة.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} يعني دلنا يا ألله على الصراط المستقيم وهو إتباع الرسول بما جاء به، إذاً فيه متابعة، إياك نعبد هي التوحيد، وإياك نستعين فيما المتابعة وهما ركنان، ركنا العبادة، العبادة لا تصح إلا بأمرين إلا بركنين إلا بشرطين ما هما؟ الإخلاص والمتابعة، { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:110].
فالآية إياك نعبد هذه الآية الأولى إياك نعبد وإياك نستعين فيها التوحيد اهدنا الصراط المستقيم فيها متابعة للنبي r، نعم.
(المتن)
الثالثة: أركان الدين: الحب والرجاء والخوف، فالحب في الأولى، والرجاء في الثانية، والخوف في الثالثة.
(الشرح)
الثالثة: أركان الدين: الحب والرجاء والخوف، أركان الدين، والدين العبادة يعني أركان العبادة، العبادة الصلاة عبادة، والزكاة عبادة، والحج عبادة، ما هي أركان العبادة؟ الحب، والخوف ، والرجاء، وكلها موجودة في الفاتحة، أين هي؟ المحبة: الحمد لله رب العالمين، الرجاء: الرحمن الرحيم، الخوف: مالك يوم الدين.
فالآية الأولى فيها إثبات ركن من أركان العبادة وهي المحبة، والآية الثانية: تذكر الركن الثاني وهو الرجاء، الرحمن الرحيم رجاء، مالك يوم الدين تخويف، لهذا تبين أن أركان الدين ثلاثة: وهي: الحب والخوف والرجاء، وهذا موجود في آيات الفاتحة، الأولى فيها المحبة، والثانية فيها الرجاء، والثالثة فيها الخوف.
فمن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو المؤمن الموحد، ومن عبد الله بدون هذه الأركان هل يكون موحد؟ ما يكون موحد، الموحد هو الذي عبد الله بالحب والخوف والرجاء، وإذا عبد الله بالحب وحده دون الخوف والرجاء فهذا زنديق من الزنادقة، الزنادقة الصوفية يزعمون أنهم يعبدون الله بالحب وحده دون خوفٍ ولا رجاء، ولهذا قال العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق.
فالصوفية يقولون: نعبد لله بالحب، لا نعبده خوفاً ولا رجاءً، لكن نعبده حباً لذاته وشوقاً إليه دون الخوف والرجاء لماذا؟ قالوا: لو كنا نعبد الله بالرجاء يعني بالنفع، ما نعبد الله إلا لحادث النفع، لكن يتضرع، أنا يهمني أن أعبد الله حباً لذاته وشوقاً له، ولا أعبده خوفاً ولا رجاءً، فأنا أريد ما يريده الله، حتى لو عذبني أرى أن التعذيب هذا لذة، لأن هذا مراد الله بزعمه.
ومن ذلك ما يذكره الصوفية، ويوجد في كتب البعض مثل الحافظ بن رجب في التبصرة وغيرها، يذكر عن رابعة العدوية أنها قالت: ما عبدت الله خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته فأكون كأثير السوء ولكن عبدته حباً لذاته وشوكاً إليه.
يذكر في كتب الصوفية أني ما عبدت الله خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته فأكون كأثير السوء ما يعمل إلا للنفع نفسه، الذي يعبد الله خوف ورجاء معناها هذا أثير السوء ما يشتغل ولا يعمل إلا بمقابل، لكن أنا أعبد الله حباً لذاته وشوقاً إليه.
هذه زندقة، الله تعالى أخبر عن عباده المؤمنين أنهم يعبدونه بالخوف والرجاء، { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }، ولما ذكر الله الأنبياء موسى وهارون وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوط، وداود وسليمان، وأيوب وإسماعيل واليسع وذا الكفل وذا النون وزكريا، قال: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا }، رغبا هذا الرجاء ورهباً هذا الخوف.
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء:57]، فكيف تقول رابعة: ما أعبد الله خوفاً ورجاءً والأنبياء يعبدون الله خوفاً ورجاءً، هذه زندقة العلماء من عبد الله بالحب وحده هو زنديق كالصوفية، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، فهو خارجي من الخوارج، الخوارج يبعدون الله بالخوف لذلك كفروا المسلمين بالمعاصي وقتلوهم، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، من المرجئة.
ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء، فهو مؤمن وموحد، فالمؤلف-رحمه الله- أشار إلى ماذا؟ إلى أركان العبادة والدين في الآيات الثالث نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك: الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين.
(الشرح)
الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، وهي الحمد لله رب العالمين، قال: أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين، كيف يكون هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، فسرها بالاستغراق في الحمد، والاستغراق ربوبية العالمين، كيف يكون هلاكهم؟ هلاك أكثر الناس في الجهل بالآية الأولى، كاستغراق الحمد، واستغراق ربوبية العالمين، كيف يكون ذلك؟
يستغرق الحمد، ويستغرق ربوبية العالمين، الله تعالى قال:الحمد لله رب العالمين، يعني استغراق جميع أنواع المحامد كلها لله ملكاً واستحقاقاً، قال: رب العالمين الربوبية ربوبية العالمين لله، ربوبية الله بجميع ما سواه، كل ما سوى الله عبد، فكيف يكون هذا هلاكهم؟ استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين.
استغراق ربوبية العالمين، هلك بعض الناس فجعل نفسه رباً، أي رضي أن يعبد من دون الله، نصب نفسه رباً، وصار يُشرع للناس فنصب نفسه رباً، ورضي أن يُعبد من دون الله وحكم بالطاغوت حكماً جائراً فكان بهذا رب فهلك.
وكذلك استغراق الحمد، بعض الناس هلكوا فجعلوا لهم حق الله من استغراق الحمد، كفرعون وغيره استغرق الحمد وادعا الربوبية وأنه رب العالمين وأن له الحمد كله، وأنه استغرق أنواع المحامد التي هي لله فهلك بهذا.
يقول المؤلف: هلاك أكثر الناس في الجهل بالآية الأولى، الآية فيها استغراق الحمد بالله، فجهل بعض الناس ونصب نفسه رباً وأمر الناس أن يحمدوه بجميع أنواع المحامد، جميع أنواع المحامد كلها لله، لكنه كفر بالله، ونصب نفسه إلهاً، وأمرهم بأن يحمدوه بجميع أنواع المحامد.
كما أن استغراق ربوبية الله للعالمين أيضاً هلك بعض الناس فنصب نفسه رباً وإلهاً يعني شرع من دون الله، أو حكم بغير ما أنزل الله، أو رضي بأن يعبد من دون الله فهلك بذلك، الطواغيت ثلاثة طواغيت:
الطواغيت: الذين نصبوا أنفسهم أرباباً من دون الله، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:64].
فثبت في الحديث أن النبي r كان يقرأ هذه الآية: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }، فقال عدي بن حاتم وكان نصراني فأسلم، يا رسول الله لسنا نعبدهم، اتخذوا يعني اليهود والنصارى، أحبارهم علماؤهم، قال: يا رسول الله ما نعبدهم، قال النبي r: «أليسوا يحلون ما حرم الله وتحلونه، ويحرمون ما أحل الله وتحرمونه»، قال: بلى، قال: «فتلك عبادتهم».
فأكثر الناس هلكوا في هذا في التحليل والتحريم، قال: يحللون ويحرمون فجعلوا أنفسهم أرباباً للناس من دون الله، وكذلك بعض الناس صار أيضاً يأمر الناس بعبادته، فنصب نفسه رباً فهلك، وبعض الناس صار يحكم بغير ما أنزل الله فهلك، كما أن بعض الناس نصبوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله، وأمروا الناس أن يحمدوهم بجميع أنواع المحامد، وأن جميع أنواع المحامد لا تكون إلا لله، هذا ما ذكره المؤلف: الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين.
(المتن)
الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين.
(الشرح)
الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين، أول المنعم عليهم هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأول المنعم عليهم بعد النبي r هم الصحابة، ثم بعدهم كل من منّ الله عليه بالعلم والعمل، وأول المغضوب عليهم هم اليهود، لأنهم علموا ولم يعملوا ثم يتبعهم علماء السوء من هذه الأمة، الذين يعلمون ولا يعملون فهم مغضوب عليهم، وأول الضالين النصارى الذين عبدوا الله على جهل، ثم يُتبعهم الجهال من هذه الأمة من الصوفية والمعتزلة وغيرهم الذي يعبدون الله على ضلال.
مغضوب عليهم ليست خاصة باليهود ولا النصارى، وكذلك المنعم عليهم تشمل الأنبياء والمؤمنين من السابقين من آدم من زمن آدم وأولاده في زمن نوح وإن كانوا قلة وما آمن معه إلا قليل، والذين آمنوا بهود وصالح وشعيب، ثم حتى نبينا r هو أول المنعم عليه من هذه الأمة والصحابة أول من أنعم عليهم ثم سائر المؤمنين.
وغير المغضوب عليهم من اليهود ثم يليهم علماء السوء من هذه الأمة، ولا الضالين من النصارى ثم يليهم الضلال والجهال من هذه الأمة، نعم.
(المتن)
السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم.
(الشرح)
السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم.، يعني الكرم لله، وأن الله محمودٌ بذلك، من كرمه سبحانه ومما يُحمد عليه سبحانه أنه أنعم على المؤمنين وخصهم بالعلم والعمل، وهداهم ووفقهم، نعم.
(المتن)
السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين.
(الشرح)
نعم الفائدة السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين، وهو قدرة الله، قدرة الله على تقليب القلوب يقلب القلوب كيف يشاء، فوفق المؤمنين فأنعم عليهم بالعلم والعمل، وخبل اليهود فصاروا يعلمون ولا يعملون، وخبل النصارى فعبدوا الله على ضلالة، فظهرت قدرة الله في ذكر المغضوب عليهم ولا الضالين، وأنه مستحق المدح والتوسل بالحمد والثناء، حيث أنه سبحانه وتعالى له حكمة بالغة، حيث وفق هؤلاء وخذل هؤلاء، فظهرت قدرة الله في وجود المتقابلات، فالليل يقابله النهار، والحلو يقابله المر، والكافر يقابله المؤمن، والمطيع يقابله العاصي، والمغضوب عليهم ولا الضالين يقابلهم المنعم عليهم.
فظهرت قدرة الله وفضله في ذكر المغضوب عليهم ولا الضالين، وأنهم يقابلون المنعم عليهم والمهتدين، نعم.
(المتن)
الثامنة: دعاء الفاتحة مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل.
(الشرح)
الثامنة: دعاء الفاتحة، وهو أنفع دعاء وأعظم دعاء وهو سؤال الله الهداية للصراط المستقيم، وسؤال الله الهداية تجنيب طريق المغضوب عليهم وتجنيب طريق الضالين، مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل، المعنى:أن عليك وأنت تدعو بهذا الدعاء الفاتحة وأنت قلبك حاضر، قلبك حي، لا يستجاب الدعاء من قلبٍ غافل، فأحضر قلبك عند قراءتك اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، أن الله هو الهادي، وأن بيده الهداية.
تذكر معنى الصراط المستقيم وأنه دين الإسلام، والنعم عليهم، تذكر غير المغضوب عليهم بأنهم اليهود ومن فسد من العلماء فعلموا ولم يعملوا، وتذكر وأنت تقول ولا الضالين، أنهم النصارى ومن فسد من العباد أنهم يعبدون الله على جهلٍ وضلال.
(المتن)
التاسعة: قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيه حجة الإجماع..
(الشرح)
التاسعة: قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيه حجة الإجماع.يعني إجماع المؤمنين وأن المؤمنين حجة، قال: صراط الذين أنعمت عليهم، اهدنا الصراط المستقيم من هم؟ صراط الذين أنعمت عليهم، من الذي أمرنا بهذا؟ هو الله، فهذا يدل على حجة الإسلام، ولا يمكن أن تجتمع هذه الأمة على ضلالة، وفي الحديث: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، تقول: صراط الذين أنعمت عليهم دليل على حجة الإجماع، وأن المؤمنين إذا أجمعوا على شيء فهو حق، لماذا؟ لأن الله أنعم عليهم، أنعم عليهم بالعلم والعمل، فلا يمكن أن يجتمعوا على باطل.
(المتن)
أحسن الله إليك، العاشرة: ما في الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه.
(الشرح)
العاشرة: ما في الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه، وهذا مفهوم من قوله: إياك نستعين، نستعين بك ونتوكل عليك يا ألله، لأننا لو وكلتنا على أنفسنا هلكنا، ولكننا نتوكل عليك ونستعين بك حتى توفقنا وترشدنا وتدلنا.
(المتن)
الحادية عشرة: ما فيها من النص على التوكل.
(الشرح)
الحادية عشرة: ما فيها من النص على التوكل، في إياك نستعين نتوكل عليك ونستعين بك ولا نتوكل على غيرك، والتي قبلها تدل على هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه، أيضاً كذلك إذا وكله الله لنفسه ولم يوفقه إلى الهداية هلك، اهدنا الصراط المستقيم، إذاً إذا وكل الإنسان إلى نفسه هلك، والثانية: وإياك نستعين.
(المتن)
الثانية عشرة: ما فيها من التنبيه على بطلان الشرك.
(الشرح)
نعم الثانية عشرة: ما فيها من التنبيه على بطلان الشرك، وهذا من قول: صراط الذين أنعمت عليهم، لأن الذين تنكبوا صراط المنعم عليهم وهم اليهود الضالون مشركون وقعوا في الشرك، أما من أنعم الله عليه فهو على التوحيد، ومن ...الصراط المستقيم فهو على الشرك، نعم.
(المتن)
الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع.
(الشرح)
الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع، وهذا من قول: صراط الذين أنعمت عليهم، الذين أنعم الله عليهم على السنة وعلى الطريق المستقيم، نعم.
(المتن)
الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيها، وكل آية أفرد معناها بالتصانيف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(الشرح)
الرابعة عشرة: من الفوائد، أن آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيها، ذكر آية الفاتحة الحمد لله رب العالمين عرفت معنى الحمد، وأنوع الحمد والفرق بينها وبين الشكر لله، الإلوهية ومعنى الإلوهية والرب أن يعلم الربوبية وصفة الله بالربوبية في العالمين وفي أنواع العالمين، لو تدبرتها وفسرتها يمكن تأتي أكثر من مجلد، تكون فقيه، كذلك الرحمن الرحيم، لما فيها من المحبة وهي ركن من أركان العبادة، الرحمن الرحيم فيها إثبات الأسماء والصفات لله، الرحمن الرحيم، وفيها الرجاء، فلو فسرتها وتأملتها لجاءت أيضاً مجلد، تكون فقيه.
مالك يوم الدين،إثبات الملك له، إثبات الدين والجزاء والحساب على الأعمال، وما يكون في القيامة من ثواب وعقاب، إذا تأمل هذه الإنسان وفسرها جاءت مجلد وصار فقيهاً، إياك نعبد وإياك نستعين هذه سر المخلوقات إياك نعبد وإياك نستعين، تخصيص العبادة وتخصيص الاستعانة لله، تأتي بمجلدات يكون الإنسان فقيه، اهدنا الصراط المستقيم، معنى الهداية والصراط والمستقيم وتفصيل ذلك أنه الإسلام أو الرسول أو القرآن، لو فصلها لجاءت مجلد وصار فقيهاً.
صراط الذين أنعمت عليهم، كذلك المنعم عليهم، وبيان لماذا أنعم الله عليهم، أنعم عليهم بالإسلام، وأنعم عليهم بالسنة فليسوا أهل بدع، وليسوا أهل شرك لو فصل ذلك لجاء مجلد.
غير المغضوب عليهم ولا الضالين، أيضاً هذه فيها بيان الفرقتان المنحرفتان المغضوب عليهم وهم اليهود، الذين انحرفوا علموا ولم يعملوا، والثانية الذين ضلوا، عملوا بغير علم، وتفصيل ذلك وبيان وجوب العمل بالعلم، والتحريم من الجهل والضلال، لو فصلت ذلك لجاءت مجلدات وصرت فقيهاً.
والمؤلف-رحمه الله تعالى- يقول: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعرفها الإنسان صار فقيه من الفقهاء، لو علمها حق علمها، وكل آية أفرد معناها بالتصانيف، كل آية معنها أفرد بالتصانيف، يعني الحمد لله رب العالمين لو أفردت جاءت مجلد أو مصنف، الرحمن الرحيم لو أفردت جاءت مجلد، مالك يوم الدين لو أفردت جاء مجلد، إياك نعبد وإياك نستعين لو أفردت لجاءت مصنف، اهدنا الصراط المستقيم تأتي مصنف مستقل، صراط الذين أنعمت عليهم كذلك تأتي مصنف، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، تأتي مصنف.
فصدق المؤلف-رحمه الله- في قوله: الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيها، وكل آية أفرد معناها بالتصانيف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصبحه وسلم، وهذا آخر تفسير الفاتحة إن شاء الله وغداً سورة الفجر يكون آخر الدروس في هذه الدورة في تفسير سورة الإخلاص.
حفظك الله عندنا بعض الأسئلة أحسن الله إليك.